Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 36 Issue 1 of Al-Idah

الأعمال السياسية والإصلاحية للشيخ ولي أحمد في إقليم سوات خيبر پختونخوا |
Al-Idah
Al-Idah

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

فاتحة البحث

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام علي أشرف الأنبياء محمد وعلي آله ومن والاه وبعد! فعندما انتشر الفساد والضعف العقائدي في منطقة سوات، وأخذ البدع والتقاليد مكان السنة وآثار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم. وترك الناس ما آتي به الرسول صلى الله عليه وسلم من أمور في العقيدة والعبادة والسياسة، أرسل الله تعالى ببعض عباده المخلصين الذين قاموا بإحياء السنة ومحو الكفر والبدع. وأحد هؤلاء المخلصين هو الشيخ ولي أحمد المعروف بـ سنڈاكي بابا الذي عاش حياة دعوة وكفاح وجهد نيل هذا الغرض النبيل وهو نشر العقيدة الإسلامية الصحيحة وإحياء السنة النبوية والأحكام الشرعية على كافة المستويات، على مستوى الحكومة ومستوى المجتمع والفرد.

الشيخ سنڈاكي بابا، ولد في قرية صغيرة اسمها سنڈاكي من قرى جكيسر، والمعلومات المفصلة حوله في وقت مبكر من نشأة حياته غير متوفرة، بل كل ما قيل عنه أو كتب عنه من حياته المبكرة يعتمد على ما قاله الناس الذين عاشوا عصره.[1]

وقد عرف الشيخ " بـ سنڈاكي بابا "حتى لايعرف الناس اسمه الأصلي، بناءً على هذا يوجد اختلاف بين المؤرخين في تعيين اسمه فبعضهم ذكروا أن اسمه "ملا أحمد جان"، ويسميه بعض الناس بـ "كوهستان ملا". [2]

ولد الشيخ ولى أحمد في عائلة دينية فتح عينيىه في أسرة تهتم بتعليم الدين وتعلمه، فبدأ حياته التعلمية من بيته على الخطوط التقليدية. لكن المشكلة التي واجهها الشيخ في هذه المرحلة المبكرة من حياته هو أنه كان يعيش مع زوجة أبيه التي كانت قاسية في حقه.

فبدأ الشيخ حياته العلمية من بيته ثم سافر إلى مناطق أخرى في تحصيل العلوم الشرعية [3]، وتابع رحلاته على نطاق واسع حتى وصل إلى الهند ودرس هناك على أيدي الشيوخ الكبار الحديث الشريف وعلومه والتفسير و علوم القرآن و الفقه وأصوله والكتب النقلية والعقلية، ثم زار بغداد وسوريا ومراكز الحضارة الإسلامية الأخرى.

بعد ما فشلت ثورة 1857م /1274هـ الشهيرة ضد الاحتلال الإنجليزي في شبه القارة الهندية التي قام بها جميع الشعب الهندي، وتناهت الحالة السوداء؛حيث لفظت الدولة المغولية الإسلامية القائمة اسما في دهلي أنفاسها الأخيرة ؛ إذ فشلت الثورة بمؤامرات من داخل الصف، وبقوة الجنود والبنود وكثرة العَدد و العُدد من قبل الاستعمار، وعلى ذلك فتم استيلاء الإنجليز على الهند كلها شرقا وغربا، فوضعوا السيف في المسلمين في دهلي وفي أرجاء البلاد، وكثر القتلى والجرحى، وامتلأت الشوارع والطرقات بجثث الشهداء، وتعرض العلماء ورجال الفكر والدعوة خصيصا لغضب الإنجليز فقتّلوا تقتيلا وشُرّدوا تشريدًا، وأُعدموا شنقا بعدد لا يحصى، ومن تخلص منهم من ذلك كله نُفوا إلى جزيرة إندومان التي كانت منفى سياسيّا على عهد الإنجليز، لكونها غير ملائمة طبيعيّا وجغرافيا للحياة الإنسانية والصحة الجسمانية .

وبعد ما فشلت محاولات صدام مكشوف مرات كثيرة مع الاستعمار الإنجليزي الذي كان قد قضى نهائيا على الدولة المغولية الإسلامية، وأحكم قبضته على الهند من أقصاها إلى أقصاها. كانت آخر هذه المحاولة الجرئية معركة الجهاد التي خاضها الإمام محمد قاسم النانوتوي [4]وزملاؤه وشيوخه العظام في قرية "شاملي" بمديرية "مظفر نكر" بولاية "أتربرديش" الهند، تلك التي سقط فيها أحد العلماء الربانيين الكبار أمثال الحافظ ضامن على[5] وغيرهم شهداء على أرض المعركة[6] .

ثم خُيّم الظلام على الهند كلها؛ حيث صادر الإنجليز الأوقاف والعقارات والإقطاعات جميعاً التي كانت تُمدّ المدارسَ الإسلامية بالحياة، وعملوا علي تجفيف منابع الإشعاع والإصلاح والفكر والدعوة والتعليم والتربية، حتى يتحول المسلمون مع الأيام جُهّالا يسهل صوغهم في بوتقة المسيحية المحرفة.

وبعد ما اشتدت وطأة التبشير المسيحي على الدين الإسلامي الذي كانت تُمدُّ دولة الاستعمار الإنجليزي الموطدة الأركان، الشامخة البنيان، الممتدة الأطراف التي كانت لا تغرب عنها الشمس . وبعد ما كثرت هجمات الدعوة الهندوكية على الإسلام التي كانت تضم صوتَها مع صوت التبشير المسيحي في أغلب الأحيان؛ فالباطل يلتقي دائما مع الباطل على النقطة المركزية.

وبعد ما حصل كل ذلك، وأصبح المسلمون بالنسبة إلى الاحتفاظ بدينهم وعقيدتهم كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، فكر علماء الإسلام وقادة سفينة الإسلام والمسلمين في الهند في جميع الطرق التي كان من شأنها أن تساعدهم على عملية الإبقاء على الكيان الإسلامي في هذه البلاد والحفاظ على التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية وعقيدة الدين الإسلامي الأصلية؛ فألقى الله في روعهم أن يبدؤوا بسلسلة إقامة الكتاتيب الدينية والمدارس الإسلامية الأهلية السائرة بتبرعات الشعب المسلم، وأراهم الله تعالى أن ذلك هو وحده الطريق الأنجع الأسلم إلى بقاء الإسلام والمسلمين في هذه الديار في هذه الظروف؛ حيث ستنتشر بذلك علوم الكتاب والسنة والتعاليم الإسلامية ويستمر بقاء المسلمين على دينهم رغم قساوة الظروف واشتداد المحن.[7]

ولا سبيل لذلك إلا مدارس دينية مستقلة في كل شيء عن الحكومة، وكل من ليس له صلة بها من الأمراء، والأغنياء، وقام بعض العلماء الذين اشتركوا اشتراكاً فعلياً في حرب الإنجليز وحمل السلاح ضدهم، قاموا للجهاد في هذا الميدان العلمي، بعد أن فشلوا في ميدان السلاح والحرب، منها دار العلوم ديوبند.[8]

لكن علماء المسلمين ثاروا على تلك الأوضاع الظالمة وعلى الاستعمار الإنجليزي؛ فحاولوا الحفاظ على العلوم الشرعية؛ ومحاربة انتشار النصرانية؛ دافعوا عن الإسلام وعقائده، ونشأ لديهم حس معاد للغة الإنجليزية، ونما لديهم الإحساس بأهمية الحرية والاستقلال.وكان من بين أولئك العلماء الثائرين الشيخ محمد قاسم النانوتوي؛ فقد ناظر النصارى والهندوس عدة مرات كانت أشهرها المناظرة التي وقعت في بلدة تشاندبور بمديرية شاه جهانبور بولاية أتربرديش، والمناظرة التي وقعت مع الأسقف تاراجند، فغلبهم[9].

جهود علماء إقليم " سرحد قديما" خيبر بختوانخواه حاليا

بعد هذا الاستعراض نأتي الآن إلى جهود علماء إقليم " سرحد قديما" خيبر بختونخواه حاليا، ففي تلك الأيام حاجي صاحب ترنكزئ [10]كان يعمل صد البريطانية في إقليم سرحد والمناطق المجاورة . ومن فطانة الشيخ وذكائه كان يعمل ضد البريطانية في ميادين مختلفة و مجالات متعددة، فكان يقاتلهم فعلا في مواضع عديدة، وفي الوقت نفسه كان يفتح المدارس الكتاتيب، ويكثر عدد المدارس الدينية في مناطق إقليم سرحد، وله مؤيدوه من العلماء في المناطق المجاورة لبشاور، وكان لديهم تلاميذ مستعدون لأي تضحية حفاظا على الدين الإسلامي النقي ولأجل ذلك حاجي صاحب فتح العديد من المدارس المستقلة لتثقيف الجيل الجديد حسب تعاليم الإسلام لمواجهة دوافع المدارس التبشيرية التابعة للحكومة الإنجليزية البريطانية آنذك. والشيخ ولي أحمد سنڈاكي بابا كان إلى حد كبير مستوحاة من حاجي صاحب. ففتح مدرسة في كالوخان في صوابي . وبدأ يساعد حاجي صاحب ترنكزي في نشاطاته السياسية والجهادية والعلمية . ثم جاء إلى سوات لأن هذه المنطقة كانت تعد قاعدة عسكرية للمتطوعين المشاركين في المعارك ضد الحكومة البريطانية الخاضعة لها. والشيخ ولى أحمد سنڈاكي بابا قد بذل جهودا في سبيل مواجهة الإنجليز وكان له روابط قوية وعلاقة متينة بحاجي صاحب ترنكزئي.

الجهود السياسية للشيخ سنڈاكي بابا

الشيخ انتقل إلى سوات بعد أن شارك مع حاجي صاحب ترنكزي في حركته ونشاطاته ضد الاحتلال البريطاني، وأنه لم يكتف على المشاركة فقط بل أنه أخذ الفكرة التي كانت تدور في ذهن حاجي صاحب ترنكزئي، والخطة التي كان يريد تنفيذها في إقليم خيبر بختونخواه، وهي مقاومة الاحتلال وجها لوجه عن طريق الجهاد العلمي، وإقامة المعاهد والمدارس لنشر العلوم الشرعية .و الشيخ فتح مدرسة دينية في منطقة تهكال بيشاور وثانية في صوابي، وهذه كانت البداية لتنفيذ الخطة التي تعلّمها من حاجي صاحب ترنكزي.

ثم قرر الشيخ البقاء في منطقة سوات بشكل دائم، حيث شرعت المشروع إلى تنظيف المجتمع من البدع والرسومات التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الحنيف، إلى تبرير ذلك ادعي أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه صلى الله عليه وسلم أمره بقيام العمل الإصلاحي في سوات. اختار لتمويل مخططاته التجارة من الأخشاب من خلال النهر سوات من قبل الطريقة التقليدية في نقل الخشب التي تسمى ( Heer) فيبيع هذه الأخشاب في المناطق المستقرة المالية وينفق تلك الأموال على قيام المدارس الدينية ويصرفها على طلابها،وقد تصرف هذه الأموال في شراء الأسلحة للمقاومة.[11]

بدأ الشيخ ولي أحمد بتطهير العادات السيئة المروجة التي ترسخت في المجتمع البشتوني في منطقة سوات، وإلى جانب هذا ركز على تخطيط تشكيل الحكومة الإسلامية في المنطقة ذاتها، حيث تطبق فيها الشريعة الإسلامية كاملة. ولأجل هذا شكّل الشيخ مجلسًا يتكون من اثني عشر عضواً واختار الشيخ للعضوية من أوثق الناس وأبرزهم سيادة في منطقة سوات . والظروف السياسية آنذاك متزعزعة وغير مستقرة في منطقة سوات،والحكومة أصبحت لعبة بين أيدي الخوانين[12]، ثم الخطر المزمع من "نواب دير" يهدد استقرار الأوضاع . واستفاد الشيخ من هذه الظروف فكون مجموعة من تلاميذه مجهزة بأسلحة جديدة تناسب الوضع والوقت نفسه[13] . إلى جانب هذا، بدأ جهوده السياسية للمصالحة بين قيادات متكونة من قبائل متعددة في سوات للوصول إلى حل سياسي سلمي يرجع الأوضاع إلى أصلها ويؤكد الأمن للسكان المنطقة. وبعد مضى ثلاث سنوات تقريبا نجح الشيخ بإقامة دولة إسلامية أعطى زمامها إلى ابن شيخه وأستاذه المسمّي مياں گل عبد الودود[14].

مياں گل عبد الودود ملك سوات، شخصية مهمة جدا في تاريخ سوات في الوقت الذي كانت منطقة سوات فيه دولة مستقلة منفصلة من باكستان.تولى زمام الحكومة سنة 1914م بعد أن غلب على جنود سيد عبد الجبار شاه وحليفه نواب دولة دير[15]. ووضع الشيخ ولى أحمد تاج الحكومة على رأسه، وتمت مراسم تولى زمام الحكومة في منطقة" كبل" في سوات في حضور شيوخ القبائل المتعددة والخوانين .

و مياں گل عبد الودود الذي لقب فيما بعدبـ "بادشاه صاحب " لعب دورا مهما جدا في توحيد شمل القبائل تحت أمر واحد وحكومة واحدة،كما لعب دورا كبيرا في بناء دولة سوات على كافة المستويات، علي سبيل المثال ؛على مستوى التعليم :ففتح مدارس وكليات تعلم أبناء الشعب مجانا، وعلى مستوى القضاء والعدالة، فعين قاضيا في كل قرية ثم عين قاضي القضاة في عاصمة الدولة، ترفع إليه أهم القضايا.والمحاكم كلها في وقته تخدم الشعب مجانا، حتى الأوراق التي تكتب عليها الدعاوي تدفع من قبل الدولة بدون دفع أي رسوم. خدم اللغة البشتو فترجم بعض الكتب الأدبية والتاريخية من اللغة العربية والأردية والفارسية والإنجليزية إلى البشتو مثل كـتاب" كلية ودمنة" باسم " أنوار سهيلي" وطبعها على نفقة الحكومة ووزعها بين الناس مجانا.[16]،. كان مؤسس دولة سوات التي لازال الناس يحبونها ويذكرون أيام حكومته بالجميل.

ولم يمض وقت طويل على توليه زمام الحكومة أن أصدر بعض الأحكام التي أثارت غضبا عند رجال الدين المتمسكين بالشريعة الإسلامية تمسكاً تامًّا، خاصة غضب الشيخ ولى أحمد غضباً شديداً تسبب في براءته من حاكم سوات وما يقوم به من أوامر وأحكام ولم يكتف الشيخ على هذا بل خرج ثائرا ضد الحكومة[17].

وعند ما عرف حاكم سوات الخطر الذي يهدد عرشه، أمر بسجن الشيخ ولى أحمد لكنه لم يستطع أن يحبسه لشهرته بين الناس وأثر نفوذه في قلوب الناس، مع ذلك حاول قتله بطريقة وأخرى ليتخلص من الشيخ وتلاميذه لكنه فشل فيه، ثم أرسل إليه بعض مؤيديه من الخوانين ليتكلم معه، وأخيراً عندما ضاقت أرض سوات على الشيخ وشعر أن الحاكم يريد قلته فترك سوات سنة 1920م وانتقل إلى قرية من قرى مديرية دير اسمها "كوهان" حيث بقي هناك إلى وفاته وتوفي هذا العالم الجليل والداعية الكبير في عام 1939م/1356هـ ودفن هناك.[18]

جهوده الإصلاحية

نادى الشيخ ولى أحمد المعروف بسنڈاكي بابا بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات من زيادات باعتبارها بدعا خرافية غريبة عن الإسلام الصحيح فخلع على دين محمد رونقا جديدا وبدد الخرافات التي زالت مع الزمن فأظهر الإسلام خاليا من جميع ما عزى إليه من الشوائب. وما لبثت النفوس التي أرهقتها الشروح المطولة الغامضة أن رجعت إلى بعض مبادئ عامة بسيطة واضحة وقبلت الشيخ ولى أحمد الإصلاحية بقبول حسن.

كان المسلمون في منطقة سوات يومئذ "أي منذ ظهور ولى أحمد " يمارسون أشكالا غريبة من العبادات بحيث لو عاد " محمد " صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا، لظن أن الإسلام زال منها، ولرأي شيأ عجبا، فعلى القبور تقام القباب والمباني، ويزعم أن لأصحابها كرامات ومعجزات، وهناك وسطاء بين الله والناس يقبلون الرشوة، وهم مجانين (مجذوبين) ينتقلون في البلاد حُرّاً، ولا يجرؤ أحد على مقاومتهم لأنهم – حسب زعمهم- من أصحاب " السرّ"، وأما التعامل مع القرآن الكريم فقد فسّروه تفاسير مذهلة غابت فيها حقيقته فجاء الشيخ ولى أحمد وأعاد الإسلام على سيرته الأولى.

طريقة الشيخ ولى أحمد في الإصلاح بسيطة جدا، فهو يدعو إلى عبادة إله واحد، وهو يقول: إن أحدا لا يستطيع أن يتوسط بين العبد وخالقه، وإن الموتى لا يضرون ولا ينفعون، وتوجيه الأدعية إليهم، والبناء على قبورهم عبث بل شرك، لأن النصارى مثل ذلك بدؤوا تقديسه وانتهوا إلى جعل المسيح إلها يعبدونه.

إضافة إلى ذلك كان في زمن الشيخ ولى أحمد كانت توجد العقائد الباطلة والأعمال الفاسدة بين الناس، فكانوا يمارسون حيلة الإسقاط بطريقة فاسدة تماما عند جمهور الفقهاء. كذلك يسهرون ليلة في شهر شعبان المعظم، يصلون فيها إلى الصباح جماعة وفرادى، ويسمون هذا العمل " بقضاء عمري" أي صلاة هذه الليلة الواحدة تكفي لجميع ما فات من العبادات عامة والصلوات خاصة في حياة الإنسان.

وكانت تعاليم هذا المصلح مؤسسة على مبادئ أخلاقية سليمة، تدعوا إلى عبادة الله وحده، والتوجه إليه وحده بالسؤال والدعاء وكل شيء دعا إليه الشيخ ولى أحمد هو من الدين، أي مما أمر به الله ورسوله ولكن المسلمين نسوه أو تناسوه وأهملوه، فقام هذا الشيخ يدعوهم إليه وحملهم عليه أعظم قيام.

بالإضافة إلى هذه الجهود الإصلاحية الخالصة الصادقة، التي تحدثنا عنها آنفا، قام الشيخ بإنشاء المدارس الدينية في أنحاء منطقة سوات. كان يعيش فيها تلاميذ الشيخ يدرسون ويقومون بالأعمال الإصلاحية الإيجابية. فقد يصلحون الطرقات والجسور على مياه نهر سوات، كما يقومون بنشاطات أخرى تسهل الحياة على سكان منطقة سوات. وقد لعب دورا كبيرا ما يقوم به تلاميذ الشيخ من إصلاح الطرقات والجسور وأعمال أخرى في نفوذ الشيخ إلى قلوب أهالي سوات.

والأمر الذي تسبب في إنشاء نزاع بنيه وبين ملك سوات هو أنه كان يطبق الأحكام الشرعية أحيانا بنفسه لأن ملك سوات كان أسلوبه في تطبيق القوانين أنه عندما يستولى على قرية أو منطقة يجمع كبارها في موضع، ويسألهم حول القوانين التي تطبق في منطقتهم، فمثلا كان يسأل عن خان أورئيس القبيلة أن ما هي جزاء القاتل أو ما ذا يكون جزاء السرقة وما ذا يكون جزاء الزنا، فما يوافق عليها خان [19]أو رئيس القبيلة كان يصبح قانونا موثوقا بختم الملك لتلك القرية وتلك القبيلة سواء أكان هذا موافقا للشريعة الإسلامية أم غير موافق. وكان هذا في البداية عندما لم تستقر الأوضاع في دولة سوات، وأما إذا استقرت الأوضاع وساد الأمن في المنطقة كلها طبق الملك القوانين الإسلامية، ولو بعد ذلك انحرف الملك من تطبيق الشريعة [20]، والشيخ قام بإصلاح الملك ولكن الملك لم يأخذ نصحه بعين الاعتبار وأخيراً الملك كان يريد قتله، لما الشيخ عرف مؤامرته فانتقل الشيخ[21]من سوات إلي منطقة دير وتوفي فيها.

وبهذه الجهود الإصلاحية للشيخ بدأ الناس يحترمونه ويقدسونه ويأخذون برأيه، ومن ثم ظهر الحسد والحقد عند بعض العلماء فقاموا ضد الشيخ يقللون من شأنه أمام الناس بالخطب في المساجد، والمجالس العلمية، ينسبون إليه من كلام في العقيدة والرسالة وكرامة الأولياء ما لم يعتقده الشيخ أبدا. ورغم كل هذه الضغوط والعوائق تابع الشيخ دعوته وواصل جهده في سبيل إحياء السنة النبوية ومحو الكفر والبدع والطقوس والتقاليد غير الشرعية.

نتائج البحث

1: الشيخ ولى أحمد المعروف بسنڈاكي باباجي كان داعياً ومصلحاً كبيراً لعب دوراً مهما في مجالات مختلفة في مجال السياسة ومجال الدعوة والإصلاح والتربية ومجال نشر العلوم الإسلامية ومجال الحفاظ على الروح الإسلامي الأصلي الصحيح والعقيدة الإسلامية الصحيحة .

2: يتضح من تاريخ سوات خاصة من تاريخ الشيخ ولى أحمد أن ما نشاهد اليوم من معاهد ومدارس دينية تخدم الجيل بعد الجيل خدمة علمية دينية، كان في إقامتها دورا بارزا للشيخ وتلاميذه وتعليماته.

3: كان الشيخ صوفياً وزاهداً في الدنيا ولم يكن محباً لأي جاهٍ أو منصبٍ، ولم يرغب إطلاقاً في جمع المال والثروة لذاته بل كل ما في يده كان ينفق على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى. وأنه لم يطلب أبدا أي منصب مقابل جهوده التي قدمها لإقامة دولة سوات رغم أنه كان يستطيع ولكنه لم يفعل وهذا خير شاهد وأكبر دليل على زهده في الدنيا ورغبته في الآخرة.

4: كان الشيخ مشغولا في نشاطاته العلمية والعملية إلى حد لم يجد فرصة أن يتزوج فيها فعاش عزبا وآثر العلم والجهاد على الزواج.

5: وأعتقد أن من يكتب تاريخ سوات يذكر شخصيته لأن تاريخ لهذه المنطقة لا يكتمل أبدا بدون تسجيل جهوده.

والله ولي التوفيق

 

حوالہ جات

  1. sandaki mulla career and role in the Formation of Swat state, Pakistan :Khurshid khan , valleyswat net.
  2. روشن خان يوسف زاي قوم كي سرگ‌زشت ( أردو) قصة قبيلة يوسف زاي ، ص/ 237، روشن خان وشركته ،ط/ الأولى 1986م
  3. Fredrick Bath, The Last Wali of Swat, Norway: Norwegian University Press, Oslo, 1985, p. 29
  4. : الشيخ محمد قاسم نانوتوي ولد بنانوتة سنة 1248هـ الموافق لعام 1831م موسس مدرسة دار العلوم بديوبند وقد لخص هدفها في رده على اللورد ميكالي الإنجليزي بقوله: "إن غرضنا من التعليم هو إيجاد جيل يكون بلونه وعنصره هنديا، يتنور قلبه وعقله بنور الإسلام، وتموج نفسه بالعواطف الإسلامية، ثقافة وحضارة وسياسة.وذلك رداً على قول اللورد ميكالي "إن الغرض من خطتنا التعليمية هو إنشاء جيل من الهند، يكون هندي النسل واللون، وأوربي الفكر والذهن" مؤلفاته القيمة: 1- تقرير دلبذير ( علي أصول الإسلام) 2- قبلة نما 3- أجوبةأربعين (ازالة الشبهات عن كتاب تحذير الناس4 - تحذير الناس (علي ختم النبوة )5- هدية الشيعة 6- مباحثة شاه جهان بور7- آب حيات ( علي حيات النبي صلي الله عليه وسلم البرزخية)
  5. الشيخ حاقظ محمد ضامن أحد ثوار في منطقة الشاملي الهند و استشهد في الإشتباك ضد الإنجليز تحت قيادة الشيخ النانوتوي في عام 1274هـ ، انظر ماہنامہ دارالعلوم ‏، شمارہ10-11، جلد: 91 ‏، رمضان-ذی قعد 1428 ہجری مطابق اکتوبر -نومبر2007ء
  6. موج كوثر (الأردية) للشيخ محمد اكرام ص: 80 ط ادارة ثقافت اسلامية لاهور
  7. . تاريخ إسلام لأكبرشاه بخاري دارالإشاعت كراتشي ص: 3/180، بدون تاريخ الطبع ، سوانح قاسمي لمولانا مناظر أحسن كيلاني: 2/228. و مكمل تاريخ دارالعلوم ديوبند لمحبوب رضوي ص: 52
  8. وهي بلدة تقع شمال دهلي، بنحو تسعين (90) ميلاً من بلاد مديرية "سهارنبور".، انظر: مجلة الرشيد عدد ديوبند نمبر، صفر، ربيع الأول 1396هـ، ص 287،، سوانح قاسمي لمولانا مناظر أحسن كيلاني: 2/228. و مكمل تاريخ دارالعلوم ديوبند لمحبوب رضوي ص: 52
  9. . بيس بري مسلمان (عشرون عظماء الإسلام) لعبدالرشيد راشد ص: 111 ط مكتبة رشيدية لاهور 1983م
  10. اسمه الحقيقي فضل واحد (1858-1930م) أحد قادة لتحرير البلاد من الإستعمار البريطاني و شارك في الثورة الهندية الشهيرة في عام 1897م، وله جهود علمية و تعليمية في خيبر بختونخواه و أسس كثير من المؤسسات التعليمية منها أشهر المعهد في بيشاور" اسلامية كالج بيشاور" في عام 1913م.
  11. تاريخ رياست سوات : لمحمد آصف خان ، ص/ 26، شعيب سنز ببليشر
  12. الخوانين كلمة من لغة بشتو تطلق علي أهل الثروة في المناطق البشتونية يسمونه خان جمع الخانات او الخوانين
  13. Charles Lindholm, "Contemporary Politics in Tribal Society: Swat District, Pakistan", Asian Survey, vol. XIX, No. 5, May 1979, p. 437
  14. تاريخ رياست سوات ، ص:176
  15. Fredrik Barth, Political Leadership among Su-at Pathans, London: The Athlone Press, 1959, p. 128.
  16. تاريخ رياست سوات ، ص:176
  17. Fredrik Barth, Political Leadership among Swat Pathans, p. 128
  18. Sandaki Mullah career and role in the formation of swat sate ,pakistan :khurshid khan
  19. Cite error: Invalid tag; no text was provided for refs named ftn20
  20. تاريخ رياست سوات، محمد أصف خان ص: 244
  21. sandaki mulla career and role in the Formation of Swat state, Pakistan :Khurshid khan ,p.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...