Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 37 Issue 1 of Al-Idah

التّناص الدّيني والأدبي في شعر ابن اللّبانة الدّاني (ت 507 هـ) القرآن الكريم والشّعر القديم أنموذجان |
Al-Idah
Al-Idah

ملخص:

ينصب اهتمام هذا البحث على معالجة قيمة التناص في شعر الشاعر الأندلسي ابن اللبانة الدّاني، وتناول مواطن تجليها، وكيفية إفادة الشاعر من الآيات القرآنية الكريمة؛ نظرًا لما يقدمه القرآن الكريم للمبدع من إمكانات لغوية رحبة، وكذا الموروث الشعريّ العربيّ القديم الزّاخر بالصور والمعاني السامية في جانبيها التعبيري والجمالي. وقد خلص البحث إلى أن شاعرنا كان دائم التواصل مع النص القرآني المعجز، ودائب الاتصال مع النصوص الشعرية السابقة عليه.

الكلمات الدالة: التناص، ابن اللبانة، القرآن الكريم، الشعر العربي القديم.

مقدمة:

يعدّ ابن اللبانة، أبو بكر، محمد بن عيسى بن محمد اللخمي الداني، واحدًا من شعراء الأندلس الكبار، الذين عاشوا ما بين القرنين الخامس والسادس الهجريين، ولد وتوفي بمدينة دانية[1]، نسب إلى أمه ؛لأنها كانت تبيع اللبن، تردد على ملوك الطوائف، وارتبط ببني عباد، لا سيما المعتمد، الذي كرّس له جلّ أشعاره فكان معدودًا في جملة شعرائه في أخر مدّته[2]

ولعل ما حدا بالباحث إلى تناول فكرة التناص – في شعر ابن اللبانة – أنها لم تحظ – في حدود اطلاعه – بدراسة مستقلة عالجت جماليات التناص وانسجامه في نصوصه الشعرية، وهو ما هدف إليه البحث وتغيّاه في نهاية المطاف، وذلك من خلال الإشكالية المفترضة، والمتمثلة في: هل تواصل ابن اللبانة بتراثه الروحي والأدبي؟، وما مدى هذا التوصل؟ وكيف أفاد منه؟ وقد اتخذ البحث المنهج الوصفي التحليلي سبيلًا إلى تحليل النصوص الشعرية والوصول إلى النتائج التي توصل إليها. أما الدراسات السابقة، فلم يعثر الباحث على دراسة نقدية خُصصت لتجلية التناص وأنواعه في شعر ابن اللبانة، ولكن ثمة دراسات – في إطار موضوعه – أفاد منها ورصدها في قائمة المصادر والمراجع.

وقد جاء البحث في: مقدمة، وتمهيد، وملحظين، عرضت المقدمة لهدف البحث، وإشكاليته، ومنهجه. وتمهيد أشار إشارة خاطفة إلى حياة الشاعر، ومفهوم التناص في النقد الغربي والعربي الحديثين. وملحظين: الأول؛ وسم (بالتناص الديني/ القرآن الكريم). وأما الملحظ الثاني: فقد عُنون (بالتناص الأدبي/ الشعر القديم)، عالجا الحضور القرآني، والشعر العربي القديم في شعر الشاعر، ثم خاتمة خَلُص البحث فيها إلى أهم النتائج التي توصل إليها، ثم أعقبها بقائمة المصادر والمراجع التي أفاد منها.

التمهيد:

يعد التناص تقنية من التقنيات اللغوية القديمة والحديثة في آن واحد، أشار إليه القدامى تحت مسميات عديدة، منها: السرقات، والتضمين، والأقتباس...، وإن لم يسموه بالتسمية التي اصطلح عليها الآن "التناص"أما حديثًا – وبعد التطورات الرحبة التي مست العلوم اللغوية بصورة عامة – وتبلور هذا المصطلح تنظيريًا وتطبيقًا، لا سيما في المدارس اللغوية والنقدية الغربية، اتخذ لدى النقاد العرب المحدثين أسماءً متباينة من حيث اللفظ، ومتفقة في الجوهر من حيث المعنى فعرف بالتناصية/ النصوصية / تداخل النصوص/ بينصيّة؛ نظرًا لتعدد الترجمات، وتباين فهم المترجمين، ولكن اللفظة التي شاعت دون غيرها هي "التناص"

وكانت جوليا كرستيفيا (Julia kristeva) أول من نبه إلى التناص بصورة جلية وواضحة حين نظرت إلى النص على أنه "لوحة فسيفسائية من الاقتباسات والتضمينات"[3] التي تتطلب تفاعل مجموعة كبيرة من النصوص السابقة أو المعاصرة التي تكوّن نسيج هذه اللوحة، بحيث يختفي النص الغائب، ويحل محله النص الحاضر بكل جلاء للوصول 0 في نهاية المطاف إلى نص جديد كل الجدة يجسد تجربة المبدع، ويحمل أسراره النفسية، ويوسع رولان بارت (Roland barthes) من هذه اللوحة فهي النسيج المتعدد من الاقتباسات والإحالات والأصداء من اللغات الثقافية السابقة أو المعاصرة التي تخترق النص بكامله[4]

والنص لدى جيرار جينيت (G.genette) ليس بذي بال إلا من حيث تعاليه النصي؛ أي ما يجعله في علاقة خفية أم جلية مع غيره من النصوص[5]، وهذا يعني أن جينيت يركز على العلاقة اللغوية بين المتلقي والنص، مما يجعل المتلقي منتجًا آخر للنص، إذ يُعنى بالكشف عن التعالقات أيًّا كانت بين النص الغائب والنص الحاضر، ومن ثم يبين أصالة النص الحاضر، وقدرة المبدع على الخلق والإبداع.

وعلى الرغم من تعدد تعريفات التناص في النقد العربي الحديث، إلا أنها تصب في نهاية الأمر في أن النصوص يؤثر بعضها ببعض، فتتلاقى وتتلاقح، لتشكل نصًا جديدًا. وإذا كان هذا المصطلح عصيًا على التعريف الجامع المانع، إلا أن له بعض من المقومات أشهرها: 1- التناص فسيفساء من نصوص أخرى مندمجة بنص بتقنيات مختلفة 2- ممتص لها ومنسجمة مع فضاء بنائه 3- محول لها بتمطيطيها، أو تكثيفها، قصد مناقضة خصائصها ودلالتها، أو بهدف تعضيدها 4- أمر لا مناص منه، ولا فكاك للإنسان من شروطه الزمانية والمكانية.[6] ويبقى التناص حاضرًا في الدارسات الأدبية، لا سيما في النصوص الشعرية، لا يستطيع الناقد تجاوزه، وهو يعالج النص وجمالياته الفنية.

واستئناسًا بما تقدم فإن الباحث سيتوقف عند ظاهرة التناص التي تجسدت في شعر ابن اللبانة الدّاني، وذلك من خلال ملحظين، الأول: التناص الديني (القرآن الكريم)، وأما الثاني فهو التناص الأبي (الشعر القديم).

الملحظ الأول التناص الديني:القرآن الكريم:

يعدّ القرآن الكريم مصدرًا خصبًا للشعراء منذ نزوله إلى يومنا هذا، فما زا لوا يفيؤون إليه؛ يستلهمون منه معانيهم، ويستدعون أفكاره بين الفينة والأخرى، فهو ملاذهم الروحي، وتراثهم الوجداني، والقمة السامقة في البلاغة، والذروة العالية في البيان والفصاحة، اختزنته ذاكرتهم فانعكس على إبداعاتهم، فكانت أكثر عمقًا، وأشد تأثيرًا، وأقرب من المتلقين؛ إذ تناثرت ألفاظه وتراكيبه في ثنايا أشعارهم، فضلاً عن صوره التي تعد الأداة "المفضلة في أسلوب القرآن الكريم، فهو يعبر بالصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية، وعن الحادث الملموس والمشهد المنظور، وعن النموذج الانساني، والطبيعة البشرية، ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة، او الحركة المتجددة."[7]

كما أنه نص مقدس له امتداد فاعل في الحاضر، وفي الماضي، ومنهل عذب ثري لمختلف أنواع التفاعلات النصية وتعالقاتها.[8] ومن هنا يصبح توظيف التراث الديني في الشعر تعزيزًا قويًا لشاعرية الشاعر، ودعمًا لاستمراره في حافظة الإنسان[9]

لقد استثمر ابن اللبانة – في شعره – كثيرًا من ألفاظ القرآن الكريم وتراكيبه، علاوة على معانيه وأفكاره وصوره، ووظفها في أشعاره بما يتناغم مع تجربته الشعرية والشعورية، ومن ذلك قوله: [10]من [الكامل]

يَتنفَّسُ الأصباحُ والرَّيحانُ مِن   حَركاتِ مِعطفهِ وحُسنِ رُوائِهِ

فالشاعر يستحضر – في هذا البيت – قوله تعالى: "وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" [التكوير:١٨] فقد أفاد الشاعر من هذه الصورة القرآنية الغاية في الروعة والمنتهى في الجمال، حيث الصبح وهو يتململ مؤذن بولادة يوم جديد كأنه إنسان قد أخذ نفسًا عميقًا. والتنفس في الأصل: خروج النسيم من الجوف، وتنفّس الصبح إقباله، لأنه يقبل بروح ونسيم، فجعل ذلك تنفسًا له مجازًا."[11] فاستعار الشاعر – مفيدًا من القرآن الكريم – عملية التنفس لورود الريحان، وهي تتمايل وتتثنى مع النسيم العليل ساعة ظهور الضياء مع بقايا الظلام. وذلك في وقت الربيع الذي كسا الأرض معطفًا حسن الهيئة والمنظر.

وقال نادبًا المعتمد بن عباد[12] وقد زاره في سجن أغمات[13]: [14]من [الطويل]

لِكُلِّ شيءٍ من الأشياءِ ميقاتٌ   وللِمُنى من منائيهنَّ غايات

ويلاحظ استدعائه لقوله تعالى في غير آية، ولا سيما الآيات التي تدل على الوقت المحدد والمعلوم، كما في قوله تعالى: "لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ" [الشعراء: ٣٨] أو قوله تعالى في سورة الواقعة: لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ  [الواقعة: ٥٠] وذلك ليسري عن نفس المعتمد بن عباد مما هو فيه من معاناة السجن وظلامه وقيوده، فيصبح حرًا طليقًا، وتتحقق الأمنيات، وتضحى واقعًا، فقد فكت عنه قيوده، ولكنه ما لبث أن أعيد إلى سجنه، وبقي مصفدًا حتى وفاته.[15]

ويستدعي في قوله: [16]من [السريع]

مغالقُ الأرزاقِ مِن كفِّه   قد آذنَ اللهُ لها بانفتاحْ

قوله تعالى: "مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ" [فاطر: ٢] ليصور كرم الممدوح وسخائه، حيث أفاض الله تعالى الأرزاق والعطايا من بين يديه على من حوله، ليوسع على الناس في يوم عيد النيروز، وما صاحبه من بهجة وسرور وملاه.

ويوظف معنى الطواف والتعبد به، والذي جاء في غير آية من القرآن الكريم، كما في قوله تعالى – مثلا -: "وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" [الحج: ٢٦] في قوله:[17] من [مجزوء البسيط]

يا شادِنًا حَلَّ في السَّوادِ   مِن لَحظِ عيني ومِن فُؤادي
وكعبةً للجمالِ طافتْ   مِن حَولِها أنفسُ العُبَّادِ

ليصور جمال محبوبته وفتنتها، إذ سبت عقله، وسلبت فؤاده، فتركته ذاهلًا خاشعًا منتشيًا كحال الطائفين والراكعين والساجدين في رحاب الله وفي ظل بيته. ويوظف هذا المعنى أيضًا في تصوير كرم الممدوح وجوده الذي يضرب به المثل، فيقصده ذوو الحاجات وباغو الهبات والأعطيات، فضلًا عن الطامعين من الشعراء والمداحين، وقد أضاف لفظة المشعر (المشعر الحرام) إلى لفظة (الكعبة) ليجمع بين مكانين يجل فيهما التقرب إلى الله والتزود من التقوى، فكأن التزلف من الممدوح فيه من الخير ما فيه، فالجامع بين التزلف إلى الله في هذين المكانين العظيمين، والتزلف إلى الممدوح ، الخير والفائدة، ولكن شتان بين التزود للدنيا والتزود للآخرة، فيقول:[18] من [الطويل]

وعَنهُ أفيضوا أنَّه مَشعر العُلا   وحَواليه طُوفوا أنَّه كعبةُ القَصدِ

فالشاعر نقل المعاني الإسلامية (المشعر/ الطواف حول الكعبة) إلى معنى آخر يتعلق بالممدوح من أجل استدرار نواله ، وما تسخو به يده.

وحينما ينقل المعتمد بن عباد أسيرًا إلى حيث سجنه يلتفت إلى قوله تعالى: "وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" [النبأ: ٧]، فيقول:[19] من [البسيط]

على الجبال التي هُدَّتْ قواعِدُها   وكانتِ الأرضُ مِنهم ذاتَ أوتادِ

حيث شبه أركان دولة المعتمد بالجبال / الأوتاد/ التي تثبت الأرض وتمنعها من الاضطراب والحركة القوية. وكيف كانت كعبة القصّاد قبل أن يودع في سجنه، وكيف أضحت حالته في مكان مظلم لا يؤنسه أحد، ولا يواسيه إنسان فغدا كالكعبة الخالية من العباد والزهاد، مفيدًا أيضاً من قوله تعالى: "وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" [الحج: ٢٥]، يقول:[20] من [البسيط]

وكعبةٌ كانتِ الآمالُ تَعمُرها   فاليومَ لا عاكفٌ فيها ولا بادِ

ويلوح أمام ناظريه قوله تعالى:  "أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ"  [هود: ٨٠]، وذلك حينما خاطب المعتمد مجيبًا له عن أبيات بعثها إليه مع هدية متواضعة، يقول:[21] من [الخفيف]

ليتَ لي قوةً أو آوي لركنٍ   فترى للوفاءِ منّي سرَّا

فهو يتمنى أن يكون على قدر كبير من الجاه، وفي حوزته المال الوفير ليكافئ المعتمد، ولكن هيهات له ذلك، فهو لا يعدو أن يكون شاعرًا متكسبًا فحسب.

ويحور معنى قوله تعالى: وَقِيلَ يَا أَرْضُ  ابْلَعِي  مَاءَكِ  وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدً الِلْقَوْمِ  الظَّالِمِينَ  [هود: ٤٤] فكان إقلاع السماء عن المطر، وابتلاع الأرض الماء إيذانًا بانتهاء الطوفان، رحمة بنوح عليه السلام وبمن معه من الطوفان. أما غيض الماء في قول ابن اللبانة فكان نعمة وانعدامًا للخير، ممثلًا بالسوء والشر الذي أُصيب به صاحب جزيرة ميورقة[22] ناصر الدولة[23]، والذي – ربما – يمنع ناصر الدولة من كل مكرمة وفضل سَبْق في المعالي والمراقي، يقول:[24] من [البسيط]

والماءُ غاضَ لنا غيضًا فما نبعتْ   عينُ ولا سالَ في بطائِحها نَهرُ

إذن تركيب "وغيض الماء" في الآية فأل سعد وخير، في حين تركيب "والماء غاض" في قول ابن اللبانة يوحي بالشر والسوء. ومع جمال تركيب ابن اللبانة المستوحى من الآية، إلا أن الفارق الجمالي بين التعبيرين ناجم عن صيغة التركيب، ففي البيت الشعري بني الفعل للمعلوم أما في الآية فمبني للمجهول، أي أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى الذي أمر الماءَ أن يغيض، وكذا في قوله تعالى "وقيل" فالفاعل معلوم بالضرورة أنه الله عز وجل[25] بينما ألجأت الضرورة الشعرية واتساق الوزن الشعري للبيت أن يقدم الشاعر الفاعل على الفعل ومن ثم أن يبني الفعل بناءً للمعلوم.

ويلمع إلى قوله تعالى: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ" [يوسف: ٢٣]، وذلك من خلال قوله:[26] من [الطويل]

تُراودْكَ الدُّنيا إلى ذات نَفْسِها   فلا دولةٌ إلاَّ تُناديكَ: هَيتَ لك

فقد استعار المراودة أو المخادعة للدنيا لا لتُوقع به، بل لتؤمره عليها؛ لأن كل الدول التي على ظهرها تتمنى أن يقود زمامها، ويتولى أمرها، وتريده لذاتها دون غيرها كما تمنت امرأة العزيز أن توقع يوسف عليه السلام وتستأثر به دون غيرها.

ويلمح إلى قوله تعالى: "ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا" [الفرقان: ٤٥]، من خلال قوله:[27] من [الكامل]

بَرْقُ السَّماءِ على الغَمامِ علامةٌ   وسنا الصَّباح على النَّهار دَليل’

فلفظة الصباح في بيت ابن اللبانة= لفظة الشمس في الآية، فكما أن الشمس دليل على الظل، لأنه لا يكون إلا نهارًا، وكذلك إشراقة الصباح دليل على النهار، حيث الحركة والنشاط، والإقبال والإدبار.

ويمتص قوله تعالى: "فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا" [البقرة: ٢٥٦]، فيشبه أبناء المعتمد بن عباد أيام انتظام عقدهم والتئام شملهم بالعروة التي أحكمت فكانت عصية على التفكك والضعف، ثم عدا عليهم الدهر فمزقهم شر ممزق، ونشر عقدهم فتساقطت منه حباته كلاً في اتجاه، وعضتهم الليالي بأنيابها فألجأتهم الحاجة إلى العمل عند الناس، يقول في أحد أبناء المعتمد حينما رآه ينفخ النار بدكان صائغ[28] من [البسيط]

أذكى القلوبَ أَسىً أبكى العيونَ دمًا   خَطبٌ وَجدناكَ فيه يُشبهُ العدما
أَفرادُ عِقدِ المُنى منَّا قد انتشرتْ   وعِقدُ عُروبتنا الوُثقى قد انفصَما
شكاتُنا فيكَ يا فخرَ العُلى عظُمتْ   والرُّزءُ يعظمُ فيمَنْ قدْرُهُ عَظُما

ويتقاطع في القصيدة عينها في قوله:[29]

واصبرْ فربَّتما أحمدتَ عاقبةً   مَن يلزمِ الصَّبرَ يحمَدُ غِبَّ ما لزما

مع غير آية لا سيما التي تتحدث عن الصبر وعقباه، كقوله تعالى – مثلاً -سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ  [الرعد: ٢٤]، أو قوله تعالى: "وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ " [النحل: ١٢٦]، فقد حض ابن المعتمد على الصبر؛ لأن الصابر سيأتيه الفرج يومًا ما، فليس لقضاء الحوائج من سبيل إلا بالتحلي بالصبر.

ويحسن التصرف بقوله تعالى: "وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ"  [سبأ: ١٠] فكما ألان الله تبارك وتعالى الحديد لداؤد عيه السلام ليشكله حيث يشاء دون أن يدخله النار أو يضربه بحديدة، كذلك ألان الله عز وجل قيود المعتمد بن عباد فأذابها، وشاء فك أسره وإطلاق حريته، وذلك في قوله:[30] من [الطويل]

قُيودُكَ ذابتْ فانطلقتَ لقد غدتْ   قُيودك مِنهم بالمكَارِمِ أرحما
عَجبتَ لأنْ لانَ الحديدُ وأنْ قَسَوا   لقد كانَ منهم بالسَّريرةِ أعلما

وعندما يفارق المتوكل[31] بطليوس[32] يشبه خروجه منها قسرًا رغم إرادته، بخروج سيدنا آدم – عليه السلام – عندما أطاع إبليس فأُخرج من الجنة حزينًا أَسِفًا، وقد كانت من قبل جنته التي لا يظمأ فيها ولا يضحى، وكذلك أُخرج المتوكل من بطليوس بعد أن كان منها في جنة، يقول:[33] من [المتقارب]

رِضَى المتوكِّلِ فارقتُه   فلم يُرضِني بَعدهُ العالمُ
وكانتْ بطليوسُ لي جنَّةً   فجئتُ بما جاءَهُ آدم

فعجز البيت الثاني يحيل بطريقة غير مباشرة إلى قوله تعالى: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ" [البقرة: ٣٥ – ٣٦]

ويقول في مادحًا ابن عباد، ومشيرًا بصورة غير مباشرة إلى قوله تعالى: "يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى" [الزمر: ٥]، يقول[34] من [الكامل]

يَجري النَّهارُ إلى رِضاكَ وليلُه   وكِلاهما مُتعاقِبٌ لا يسأمُ

ويصور هذا البيت ما كان يتمتع به المعتمد من قوة وعزة ونفوذ حتى كاد الليل والنهار يتعاقبان في رضاه. لا شك أن فيه مبالغة كبيرة رفعت الممدوح فوق الطاقة البشرية، ومنحته من الصفات ما لا تجوز في حق بني الإنسان، ولهذا يبدو أن الشاعر لم يحسن تحوير المعنى القرآني، فوقع في المبالغة التي قد يأنف منها الممدوح، لا سيما إذا كان مثل ابن عباد ذي الإحساس المرهف، والبيان الساحر.

ويستند إلى قوله تعالى: "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ " [مريم: ٢٥] ليدلل على أنه قد أخذ بالأسباب التي مكنته من نيل ذرى المجد، كما فعلت مريم عندما هزت جذع النخلة مستمدة القدرة والعزم من الله عز وجل، مع أن قدرة الله تعالى غير عاجزة عن إنزال الرطب دون هز أو تحريك، ولكنها فعلت ذلك من باب المبادرة مع إحسان الظن بقوة الله. فالشاعر تشرب هذا المعنى بقوله:[35] من [الطويل]

وكنتُ أَهزُّ المجدَ في حال حيرةٍ   كمَريمَ إذ هزَّت وقد حازتِ الجدعا

ليبرهن أنه ما تنسم العلياء إلا بالجد والعمل.

ويتبدى مما تقدم أن ابن اللبانة يتقاطع بصورة لافتة مع النص القرآني، ويستوحي معانيه، ويوظف ألفاظه وتراكيبه بما يخدم نصوصه الشعرية وتجربته الشعورية، فهو يبدي – من خلال النماذج التي قُدمت – احتفاء ظاهر بالنص القرآني، ويحفل بدلالاته وإيحاءاته مما يدلل بجلاء على اتصاله الوثيق بتراثه الديني والروحي شأنه شأن أبناء جلدته من الشعراء العرب، وإن كان استدعاؤه – في كثير من الأحيان – استدعاءً مباشرًا لا يكلف المتلقي عناء البحث عن النص القرآني وتتبع مواقعة في السور القرآنية الكريمة.

الملحظ الثاني التناص الأدبي:* الشعر

لا شك في أن الشاعر يتفاعل مع النصوص الشعرية السابقة عليه أو المعاصرة له؛ يستحضرها، ويستعيدها، ويحاكيها، ويشتبك معها، ويتشربها، وبالتالي تنعكس في شعره تصريحًا أو تلميحًا، معيدًا إنتاجها وتشكلها بصور مغايرة لا تفقد النص الجديد وأصالته، ولا يطغى النص الغائب على النص الحاضر فيفقد بريقه، ويمحي تجليات إبداعه، ولا تعني عودة الشاعر إلى مصادر تراثه الأدبي أن يتماهى معها، وأن يكون مجرد صدىً لها، بل يعمد إلى "إعادة صياغة المتناص وتفكيك بناه التركيبية والدلالية، وتوزيعها في فضاء النص الحاضر، فيزيح منها ما لا يتواءم مع التجربة المطروحة، ويُبقي منها جزءًا يسيرًا دالًا – مثلاً – أو جملة فقط، غير أن هذا الجزء المتبقي يحيل على الكل/ النص السابق و/أو سياقه ودلالاته."[36]

ولهذا فإن النص الأدبي بصورة عامة "إنما ينتج ضمن حركة معقدة من إزاحة نصوص من مكانها ومحاولة الإحلال محلها، مما يدخل النص الحال في صراع مع النص المزاح، فيحاول إبعاده وإزاحته، لكنه لا يستطيع نفيه كلية؛ بل يظل مترسبًا في كيانه وفي أجنته، وفي شتى طبقاته سواء وعى النص ذلك أم لم يعه، ويبقى دور السياق أساسيًا في تحقيق نوع من الاختلاف بين النص الحالّ والنص المُزاح."[37] فتفاعل النصوص فيما بينها أمر إيجابي، وانفتاح النص على فضاءات النصوص الأخرى غاية محمودة، لأن طبيعة النصوص غير حيادية، إذ هي امتداد لنصوص أخرى سابقة أو معاصرة.

ولا تتيسر دراسة نص شعري إلا من خلال دراسة نصوص شعرية أخرى، يومئ إليها هذا النص، ويفرضها على المتلقي؛ لأن "العمل الفني يدرك في علاقته بالأعمال الفنية الأخرى وبالاستناد إلى الترابطات التي نقيمها فيما بينها، وليس النص المعارض وحده الذي يُبدَع في توازٍ وتقابل مع نموذج معين، بل إن كل عمل فني يبدع على هذا النحو."[38]؛ لأن الأعمال الأدبية - في نهاية المطاف – تداخل من أنسجة شتى تفرضها ثقافة الشاعر وتواصله مع المنتج الشعري الذي لا غنى عنه – البتة – لأي مبدع.

وقد لاحظنا أثناء دراستنا لأشعار ابن اللبانة أنه يقيم علاقات وثيقة مع النصوص الشعرية التي سبقته، لا سيما أشعار المشرق العربي الذي أولع بهم الشاعر المغربي وكلف بإبداعاتها بصورة عامة، إذ "كانوا المثل التقليدي الذي يحتذى... على امتداد كل العصور، دون أي خلاف."[39]

ومن ذلك قوله في صاحب ميورقة:[40] من [الكامل]

وفيكَ جَرعتُ الذُّلَّ والعِزَّ عادتي   فلي سيمةُ المولى ولي شِيمةُ العَبدِ

وهذا يحيل إلى قول المقنع الكندي:[41] من [ الطويل]

وإنّي لعبدُ الضيفِ ما دامَ نازلًا   وما شيمةٌ لي غيرُها تشبهُ العبدا

فلم يرَ الكندي ضيرًا أن يكون بمثابة العبد لضيفه يرعاه، ويقوم على خدمته مع أنه يأنف من هذه الشيمة، ويرفض هذا الخلق الذي يربط بين السيد والعبد، إلا أنه استحسنها في مثل هذه الحالة؛ لما فيها من التواضع الجم، والكرم المنقطع النظير. في حين جعل ابن اللبانة العبودية من شيمه وأخلاقه الطارئة عليه رغم أن العز كان من عادته وسيمته؛ لأن الظروف التي أحاطت به يومًا ما جرعته الذل، وسامته الخسف والهوان، وسقته ما لم يرغب به ويطيقه، وبذلك حور معنى الكندي مما كان عليه من إيجابية وحسن في حالة مخصوصة، وقت معين إلى أمر مقبول وعادي في أحاين كثيرة، وقد يستمرؤها المرء، وإن كان كارهًا لها.

ويناص في قوله:[42] من [البسيط]

ويا مُؤملَ وادِ يهم ليسكنَهُ   خَفَّ القطينُ وجفَّ الزَّرعُ بالوادي

مع قول الأخطل:[43] من [البسيط]

خفَّ القطينُ فراحُوا منكَ أو أبكروا   وأزعجتهم نوىً في صرفها غِيرُ[44]

ويروى أن الأخطل لما أنشد (خف القطين) تطير الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فقال: لا بل منك، لا بل منك.[45] ولعله لم يحسن – في هذه القصيدة – مخاطبة الخلفاء، ولم يختر ما يدخل عليهم الفرح والسرور، ويدفع عنهم التشاؤم والتطير. وإذا كان الأخطل قد أظهر حزنه وأساه لرحيل محبوبته ومفارقتها إياه، ونأيها عنه، فأظهرت عينه بكاها[46] إثر نزوح الحي، فإن ابن اللبانة قد أبان عن حزنه وتفجعه عندما اقتيد المعتمد أسيرًا إلى حيث سجن أغمات. فشاعرنا انزاح بالمعنى المتضمن الحزن والأسى في عرض المدح لدى الأخطل إلى غرض آخر هو المواساة إن جازت التسمية فالشاعران يشتركان في العاطفة. ومما يختلفان فيه أن الأخطل أظهر حزنه مقرونًا بالبكاء. في حين أن ابن اللبانة أخفى حزنه وستره، وإن كان باديًا عليه ذلك.

ويبدو التعالق واضحًا في قوله:[47] من [البسيط]

لم تَمتْ إنَّما المكارِمُ ماتتْ   لا سقى الله بعدكَ الأرضَ قطرا

مع قول أبي فراس الحمداني:[48] من [الطويل]

مُعلّلتي بالوصلِ والموتُ دونَهُ   إذا مِتُّ ظمآنًا فلا نزلَ القَطرُ

ولعل ما يجمع ما بين التجربتين الأسى والحزن. وابن اللبانة كأنه يتشرف الغيب بما سيؤول إليه أمر المعتمد من سوء، وما سيمسه – في قابل الأيام – من شر وقد وقع في غياهب الأسر. وأما أبو فراس الحمداني فقد مر بتجربة حقيقية، إذ وجد نفسه بين عشية وضحاها في الأسر ومعاناته. وأما الفارق بين التجربتين فتجربة أبي فراس تجربة يتألق فيها الحس القومي، وتجربة عاشق للحرية أذله الحبس، فمنعه عن نصرة قومه. في حين أن تجربة ابن اللبانة تجربة مادح، وإن كان صادقًا، فهي ممزوجة بالطمع والعطايا ولهجة التكسب في نهاية المطاف.

ويلحظ استحضاره لقول العرجي ليفيد منه الاستهزاء ببعض إخوانه حينما عزم على الفرار من ميورقة، فيقول:[49] من [الوافر]

وأتركْ جيرةً جاروا واشدُو   (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعُوا)

فقد امتص قول العرجي، حيث يقول مفتخرًا بنفسه، ومنبهًا إلى مكانته:[50] من [الوافر]

أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا   ليومِ كريهةٍ وسَدادِ ثغْرِ

فانزاح بقول العرجي من غرض الفخر إلى غرض الهجاء، وباب السخرية والاستهزاء وعندما يمدح في شعره آل عباد، حيث يقول:[51] من [الكامل]

ضحكَ الرَّبيعُ بحيثُ تلكَ الأربَعُ   لمّا بَكى للغيثِ فيه مَدمَعُ

يستذكر قول البحتري حينما مدح الهيثم بن عدي الغَنوي[52]، ووصف الربيع، إذ يقول:[53] من [الطويل]

أتاكَ الرَّبيعُ الطَّلقُ يختالُ ضاحكًا   مِن الحُسن حتى كادَ أن يتكلما

وقد يستشف من كلا القولين ولاء الشاعرين لممدوحيهما، ولاءً مفعمًا بالبشر والفرح والسرور كفرح الأرض وسرورها عندما تكتسي ثوبًا قشيبًا في فصل الربيع، وليس الغرض منه وصف الربيع فحسب، فكلا الشاعرين انتقى من الألفاظ ما يتساوق وروح تجربته الشعرية والشعورية.

وحينما يخاطب ناصر الدولة مودعًا ومعاتبًا، يخرج إلى المدح مشيرًا إلى شجاعة ناصر الدولة وشدة بأسه، واستخفافه بأعتى الجيوش وأشدها قوة، يمتص معنى المتنبي في كثرة العدد والعدة. لينفذ إلى مدح ناصر الدولة كما مدح المتنبي سيف الدولة الحمداني؛ إذ كلا القائدين سخراء واستهزاء بجيش الأعداء الذين امتطوا خيولهم، وجاؤوا بقضهم وقضيضهم للقتال، يقول:[54] من [الكامل]

غُدر الخديدِ عليهم وكأنَّما   بأكفّهم للمرهفات جَداولُ
وأَتاكَ جيشُهم على الجَيش الذي   يختالُ بالمحمولِ منه الخاملُ
مَرَحتَ ففلتُ: قطا البِطاح وربَّما   رُفعت هوادِيها، فقلتُ مَطائل

يقول المتنبي:[55] من [الطويل]

أتوكَ يَجرونَ الحَديدَ كأنَّهم   سَرَوا بجيادِ ما لهنَّ قوائمُ
إذا بَرَقوا لم تُعرفِ البعضُ مِنهُمُ   ثِيابُهُمُ من مِثلها والغَمائمُ

ولا شك في أن وصف العدد بالكثرة والقوة والشجاعة، هو من قبيل المدح للقائد المسلم. ولعل قول ابن اللبانة أشد مضاضة وألمًا، وأقسى وقعًا للخصم عندما نعتهم بعد ما تخيل ردة فعل الناصر – بالهون والضعف/ القطا/- .

ولما أراد أن يصبر عمّا يكنه من حب ملأ قلبه للمعتمد بن عباد لجأ إلى تضمين صدر بيت أبي تمام، يقول:[56]

حبيبٌ إلى قلبي حبيبٌ لقولهِ   (عسى وطنٌ يدنو بِهم ولعلَّما)

يقول أبو تمام:[57] من [الطويل]

عسى وطنٌ يدنو بِهم ولعلَّما   وأنْ تُعتب الأيامُ فيهم فربّما

فأبو تمام يرجو أن يدنو وطن بهم، فيشفى بالقرب بالمنهم، فربما دنا البعيد وأعتب الساخط. وكذا ابن اللبانة الذي لا يجد نفسه إلا بالقرب من آل المعتمد.

وتتراءى أمام ناظريه صورة الجيش الذي تتعقبه الطيور؛ كالعقاب والنسر والصقر بانتظار القتلى من الأعداء؛ لتقع عليهم، فتراها، وهي تطلب طعامها تلحق بالجيش موقنة أنها ستشبع، يقول في مدح ابن عباد:[58] من [الكامل]

تَهوى قناك الطَّيرُ فَهي وراءَها   تَهوى لِتُبصَر حين تطعنُ تُطعَمُ

وهذه صورة من الصور القديمة في الشعر العربي التي اعتاد الشعراء القدامى على رسمها للطيور الجارحة التي تتبع الجيش، وهي موقنة أنها ستطعم من جثث القتلى في ميدان المعركة، وقد وردت عند غير شارع، فالنابغة الذبياني – مثلًا – بقول:[59] من [الطويل]

إذا ما غُزوا في الجيشِ حلَّق فَوقَهم   عصائب طَير تهتدي بعصائبِ

فاقتران الطير التلقائي بالموت، وبالقتل البشري منه خاصة، قد أوحى للشاعر لا سيما الجاهلي بمثل هذه الصور[60] فقد امتص شاعرنا هذه الصور من الصور التي تراءت له وأعاد توجيهها في مدح ابن عباد، وإبراز شجاعته وشجاعة جنده، وأن النصر حليفه أبدًا.

ويحيل قوله الذي يصف فيه مآثر ابن عباد، وأمجاده التي لا يمكن لمزيد أن يزيد فيها، يقول:[61] من [الكامل]

وكيفَ أزيدُ المجدَ صُحفَ محاسنٍ   سهرتُ لها والعالمونَ نِيامُ

إلى قول أبي الطيب المتنبي الذي افتخر بقصائده التي يختصم الناس ويسهرون ويتعبون من أجل فهم معانيها، بينما هو ينام ملء جفونه، لأنه مدركٌ معناها:[62] من [البسيط]

أنامُ ملئ جفوني عن شوارِدِها   ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصِمُ

وينفتح على قول زهير بن أبي سُلمى:[63] من [الطويل]

تداركتُما عَبسًا وذبيانَ بعدَ ما   تفانَوا ودقُّوا بينهم عِطرَ مَنشِمِ

حيث يقول:[64] من [الطويل]

يَزُفُّ إلى الأعداءِ من حومةِ الوغى   عروسَ خِمارٍ عِطرُها عِطرُ منشِمِ

وتلتقي التجربتان عند تصوير أثر الحرب وما تجره من قتل وفناء للجنس البشري وتتباينان في الصورة فهي منفرة وبشعة –لدى زهير –؛ لأنها شارفت على إفناء الإخوة، وأبناء العمومة، ومحبذة عند ابن اللبانة– عندما تدعو الحاجة – ، عندما تكون الحرب مع الأعداء، ومن أجل الدفاع عن الأرض والعرض...

وساعة يتغزل بعيني فتاة فتن بجمالها، وسحره بريقها في قوله:[65] من [مجزوء البسيط]

أعشى سنا ناظريكِ طرفي   فليسَ يلتذُّ بالرُّقادِ

يستدعي – مثلا – قول بشار بن برد؛ إذ يقول:[66] من [مجزوء الوافر]

سَقتكَ الخمرَ عيناها   وإنْ لم تشرب الخَمرا

ومثل هذه المعاني مطروقة لدى الشعراء على مرّ عصور الشعر العربي ؛ لأن حاسة العينين من الحواس المهمة لدى المحبين.

ونراه حينما يرسم صور لليل يلجأ إلى موروثه الشعري يلتمس منه بعضًا مما صُور به الليل ممن قبله من الشعراء، يقول:[67] من [الكامل]

واللَّيلُ قد سَدَّى وأَلحم ثوبَه   والفجرُ يُرسلْ فيهِ خيطًا أبيضَا

فالليل ألحم سدوله وأرسل أثوابه السوداء الحالكة على الأرض كأنه إنسان ألبس آخر ثوبًا أسود. كما أن الفجر قد أرسل خيوطه البيضاء مؤذنًا ببزوغ فجره الجديد. وقد جاء وصفه الليل في ثنايا غرض المدح، ضمن قصيدته التي مدح بها ناصر الدولة. ومما استدعاه من هذه الصور، قول المهلهل بن ربيعة عندما قُتل أخوه كليب، وتأثره بموته:[68] من [الوافر]

وصار اللَّيلُ مشتمِلًا عَلينا   كأنَّ اللَّيلَ ليسَ لهُ نهارُ

فالليل عند كلا الشاعرين يرمز إلى الهموم والأحزان، ولكن ابن اللبانة قابله بصورة أخرى، صور الفجر الذي يبعث على الأمل والتفاؤل، مشعرًا بانفراج المعاناة، وانقضاء الهموم.

ويتخذ من الصور القديمة مرجعًا ، مفيدًا منها في التعبير عن حزنه وألمه حينما نقل المعتمد بن عباد أسيرًا إلى حيث سجنه، يقول:[69] من [البسيط]

تبكي السماءُ بمزنٍ رائحٍ غادي   على البهاليلِ من أبناءِ عبَّادِ

حيث يتعالق مع قول حسان بن ثابت[70] من [الطويل]

يبكُّون من تبكي السّماواتُ يومَه   ومن قد بكته الأرضُ فالناسُ أكمَدُ

وربما قد يكون الاثنان أفادا من قوله تعالى: "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ" [الدخان: ٢٩]، وإذا كانت الآية تنحو منحى التهكم بالكفار والمشركين وحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فالمؤمنون مسرورون بهلاكهم.[71] لكن الشاعرين نحيا منحى آخر، إذ حوراء معنى الآية إلى معنى التعظيم والتبجيل، وإظهار الحزن على من هو قمن به؛ الرسول – صلى الله عليه وسلم – والمعتمد بن عباد عند ابن اللبانة.

ويفيد – أيضًا – من قول حسان عندما يصور مشاعره الجياشة بالحزن والأسى تجاه زوال ملك بني عباد، متمنيًا لو مات هو، ومات بنو عباد قبل أن تحل هذه الكارثة، يقول:[72] من [البسيط]

مَعاهدٌ ليتَ أنِّي قبلَ فُرقتها   قد مِتُّ والتَّاركوها ليتهُم ماتُوا
فُجعتُ منها بأُخوانٍ ذَوي ثقةٍ   فاتُوا...وللدّهرِ في الإخوانِ آفاتُ

وهكذا حسان – رضي الله عنه – تمنى وفاة البشر أجمعين؛ لأن الدنيا لا قيمة لها – كما يرى – بعد وفاة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، يقول:[73] من [البسيط]

فليتنا يومَ واروهُ بمَلحدهِ   وغيَّبوه وألقوا فوقه المَدَرا
لم يترُكِ اللهُ منا بعده أحدًا   ولم يُعش بعدهُ أنثى ولا ذَكَرا

ويتضح مما تقدم أن النماذج التي قدمها الباحث تدل دلالة واضحة على اتصال ابن اللبانة بموروثه الأدبي، ووعيه بهذا التراث، وإفادته منه بما يخدم تجاربه الفنية والنفسية، فجاء تطعيم شعره بالصور الشعرية السابقة عليه دليل على أن النصوص لا تحيا بعيدًا عن النصوص السابقة أو المعاصرة لها.

الخاتمة:

لقد شكلت تقنية التناص القرآني والشعري في شعر ابن اللبانة ظاهرة نصية، ومنطلقًا إبداعيًا تفاعل من خلالها مع النصوص القرآنية والشعرية، ومجالًا رحبًا لتخصيب نصوصه الشعرية. وقد تراوحت تناصاته مع هذه النصوص – التي تمتاز بمستوى فني عال – بين الإشارة المباشرة إلى النصوص الغائبة، وبين التلميح إليها من خلال لفظة أو معنى. كما تتراوح – أيضًا – استجابة المتلقي إلى هذه الإحالات بين السهولة في الوقوع عليها واقتناصها بسرعة، وبين الإجهاد والمشقة في تتبع مواطنها، وأماكن وجودها.

حوالہ جات

  1. .دَانِيَة: مدينة من شرق الأندلس، غربي بلنسية على البحر، عظيمة القدر، كثيرة الخيرات، لها عدة حصون. ينظر: القلقشندي، أبو العباس، أحمد القلقشندي (ت 821ه): صبح الأعشى، المطبعة الأميرية، القاهرة، ط1، 1915، ج5، ص232.
  2. .ينظر في ترجمة الشاعر: ابن خاقان أبو نصر، الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي (ت 529ه): قلائد العقيان ومحاسن الأعيان، تح: حسين يوسف خريوش، مكتبة المنار، الزرقاء، الأردن، ط1، 1989، ص776-790. الشنتريني، أبو الحسن علي بن بسام (ت 542ه): الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تح: إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، ط1، 1997، ق3، مج1، ص666-702. المراكشي، عبد الواحد بن علي (ت 647ه): المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تح: محمد زينهم محمد عزب، دار الفرجاني للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 1994، ص131-136. ابن خلكان، أبو العباس، أحمد بن محمد (ت 681ه): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تح: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط1، 1977، مج5، ص27-39. ابن سعيد المغربي، علي بن سعيد (ت 685ه): المغرب في حلى المغرب، تح: شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، ط1، 1964، ج2، ص409-416. الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت 696ه): الوافي بالوفيات، اعتنى به: س دريدرينغ، منشورات فرانز سشتايز بفيسبادن، ألمانيا، ط2، 1974، ج4، ص297-300.
  3. .كرستيفيا، جوليا: علم النص، تر: فريد الزاهي، مراجعة: عبد الجليل ناظم، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط2، 1997، ص79.
  4. .بارت، رولان: من الأثر الأدبي إلى النص، تر: عبد السلام بنعبد العالي، مجلة الفكر العربي المعاصر، بيروت، ع28، آذار، 1989، ص115.
  5. .جينيت، جيرار: مدخل لجامع النص، تر: عبد الرحمن أيوب، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، (د.ط)، (د.ت)، ص90.
  6. .ينظر: مفتاح، محمد: تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص)، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط3، 1992، ص121.
  7. .قطب، سيد: التصوير الفني في القرآن الكريم، دار الشروق، القاهرة، ط17، 2004، ص36.
  8. .ينظر: البادي، حصبة: التناص في الشعر العربي الحديث – البرغوثي نموذجًا -، دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 2009، ص41، 77.
  9. . ينظر: فضل، صلاح: إنتاج الدلالة الأدبية، مؤسسة مختار للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، (د.ت)، ص59.
  10. . ابن اللبانة، محمد بن عيسى (ت 507ه): مجموع شعره، تح: محمد مجيد السعيد، دار الراية للنشر والتوزيع، عمان ط2، 2008، ص21.
  11. .الشوكاني، محمد بن علي (ت 1250ه): فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، تح: عبد الرحمن عميرة، دار الوفاء لدنيا الطبع والنشر، القاهرة، ط1، 1992، ج5، ص520.
  12. .المعتمد بن عباد، هو: محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل، لقب بالمعتمد؛ لأنه كان كلفًا بجاريته اعتماد، ولد سنة (431 أو 432ه)، له ديوان شعري مطبوع، وتوفي سنة (488ه). ينظر ترجمته في :ابن دحية، عمر بن حسن (633ه): المغرب في أشعار أهل المغرب، تح: إبراهيم الأبياري وآخرين، مراجعة: طه حسين، دار العلم للجميع للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1954، ص7. لسان الدين بن الخطيب، محمد بن عبدالله بن سعيد (ت 776ه): الإحاطة في أخبار غرناطة، تح: محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1973، ج2، ص108-120، ابن عماد، عبد الحي بن أحمد بن محمد (ت 1089ه): شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تح: محمد الأرناؤوط، عبد القادر الأرناؤوط، دار ابن كثير، بيروت، ط1، 1989، ج5، ص383-389.
  13. .أغمات مدينة في المغرب، قرب مراكش. ينظر: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت 626ه)، معجم البلدان، تح: فريد عبد العزيز الجندي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1990، ج1، ص266.
  14. .ابن اللبانة: مجموع شعره، ص36. وينظر: قوله، ص57.
  15. .ينظر المعتمد بن عباد، محمد بن عباد بن محمد (ت 488ه): ديوانه، تح: حامد عبد المجيد، أحمد أحمد بدوي، راجعه: طه حسين، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط3، 2000ـ ص12
  16. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص41.
  17. .ابن اللبانة : مجموع شعره ، مصدر سابق، ص50.
  18. .المصد نفسه، ص41.
  19. .ابن اللبانة : مجموع شعره ، مصدر سابق، ص56.
  20. .المصدر نفسه، ص56: وينظر: ص94.
  21. .المصد نفسه، ص63.
  22. .مَيُورْقة: جزيرة في شرقي الأندلس. ينظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان، مصدر سابق، ج5، ص185.
  23. .ناصر الدولة، هو: مبشر بن سليمان، صاحب ميورقة حكمها سنة (486ه) ودام عهده فيها أثنين وعشرين عامًا، نهض بميورقة، وجعلها منتجعًا لكير من الشعراء والأدباء، لا سيما بعد تصدع بلاطات الأندلس إلى أن سقطت السقوط الأول سنة (508ه). ينظر: ابن سعيد المغربي: المغرب في حلى المغرب، مصدر سابق، ج2، ص467.
  24. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص67.
  25. .ينظر: ابن عاشور، محمد الطاهر: تفسير التحرير والتنوير، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، (د.ط)، (د.ت)، ج12، ص78-79.
  26. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص104.
  27. .المصدر نفسه، ص116.
  28. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص120.
  29. .المصدر نفسه، ص121.
  30. . المصدر نفسه، ص127.
  31. . هو: المتوكل ابن الأفطس، عمر (المتوكل) بن محمد (المظفر) بن عبد الله: آخر ملوك بني الأفطس أصحاب بطليوس، في الأندلس، توفي سنة (520ه). ينظر: الزركلي، خير الدين: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2000، ج5، ص60.
  32. .بَطَلْيُوس: مدينة أندلسية كبيرة، غربي قرطبة. ينظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان، مصدر سابق، ج1، ص530.
  33. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص128.
  34. . المصدر نفسه، ص129.
  35. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص85.
  36. .واصل، عصام حفظ الله: التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر، دار غيداء للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 2011، ص131.
  37. .بقشي، عبد القادر: التناص في الخطاب النقدي والبلاغي (دراسة نظرية وتطبيقية)، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، ط1، 2007، ص27.
  38. .تودوروف، تزفيتان: الشعرية، تر: شكري المبخوت، رجاء بن سلامة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط2، 1990، ص41.
  39. .غومث، إميليوغرسيه: مع شعراء الأندلس والمتنبي (سير ودراسات)، نقله إلى العربية: ظاهر أحمد مكي، دار الفكر العربي، القاهرة، ط7، 2004، ص48.
  40. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص55.
  41. .ينظر : أبو عمر، يوسف بن عبدالله القرطبي (463 ه) : بهجة المجَالس وأنس المجُالس ، تح : محمد الخولي ، دار الكتب العلمية (د . ط) ، (د. ت ) ، ج 2 ، ص 785.
  42. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص57.
  43. .الأخطل، غياث بن غوث (ت 92ه): شعره، تح: فخر الدين قباوة، دار الفكر، دمشق، ط1، 1971، ص143.
  44. .خف: أسرع. القطين: المجاورون. ازعجتهم: أشخصتهم. الصرف: التقلب. الغير: التغير. ينظر: المصدر نفسه، ص143.
  45. .ينظر: المصدر نفسه، ص143.
  46. .ينظر: المصدر نفسه، ص146.
  47. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص64.
  48. .أبو فراس الحمداني، الحارث بن أبي العلاء (ت 357ه): ديوانه، شرحه: خليل الدويهي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1994، ص162.
  49. .ابن اللبانة، مجموع شعره، مصدر سابق، ص85.
  50. .العرجي، عبد الله بن عمر (ت 120ه): ديوانه، تح: سجيع جميل الجبيلي، دار صادر، بيروت، ط1، 1998، ص249.
  51. .ابن اللبانة، مجموع شعره، مصدر سابق، ص87.
  52. .هو: أبو القاسم الهيثم بن عثمان الغنوي، اشترك في حرب بابك، أحد قادة المعتصم الخليفة العباسي، وتعود صلة البحتري به إلى سنة (255ه). ينظر: البحتري، أبو عبادة، الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي (ت 284ه): ديوانه، تح: حسن كامل الصيرفي، دار المعارف، القاهرة، ط3، (د.ت)، ج4، ص2081.
  53. .المصدر نفسه، ج4، ص2090.
  54. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص115.
  55. .المتنبي، أحمد بن الحسين (ت 354ه): ديوانه، وضعه: عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1986، ج4، ص99.
  56. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص123.
  57. .أبو تمام، حبيب بن أوس الطائي (ت 231ه): ديوانه، تح: محمد عبده عزام، دار المعارف، القاهرة، ط5، (د.ت)، ج4، ص150.
  58. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص129. وينظر: ص137.
  59. .النابغة الذبياني: ديوانه، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط2، (د.ت)، ص42.
  60. .ينظر: الرباعي، عبد القادر: الطير في الشعر الجاهلي، المركز العربي للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1998، ص70.
  61. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص131.
  62. .المتنبي: ديوانه، مصدر سابق، ج2، ص84.
  63. .ابن أبي سلمى، زهير: شعره، تح: فخر الدين قباوة، مكتبة هارون الرشيد للتوزيع، القاهرة، ط3، 2008، ص24.
  64. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص137.
  65. .المصدر نفسه، ص51.
  66. .ابن برد، بشار: ديوانه، تح: محمد الطاهر بن عاشور، منشورات وزارة الثقافة، الجزائر، ط1، 2007، ج2، ص238.
  67. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص82.
  68. .ينظر: البستاني، بطرس: أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام (حياتهم، آثارهم، نقد آثارهم)، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، ط1، 2014، ص87.
  69. .ابن اللبانة: مصدر سابق، ص56.
  70. .ابن ثابت، حسان (ت حوالي 50ه): ديوانه، شرحه: عبد أ مهنا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1994، ص62.
  71. .ينظر: الزمخشري، أبو القاسم، محمود بن عمر (ت 538ه): تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، اعتنى به: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، ط3، 2009، ص1001.
  72. .ابن اللبانة: مجموع شعره، مصدر سابق، ص40.
  73. .ابن ثابت، حسان: ديوانه، مصدر سابق، ص102.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...