Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 32 Issue 1 of Al-Idah

الجملة المعترضة فى القرآن الكريم: دراسة بلاغية |
Al-Idah
Al-Idah

Article Info
Authors

Volume

32

Issue

1

Year

2016

ARI Id

1682060034497_451

Pages

269-275

PDF URL

http://www.al-idah.pk/index.php/al-idah/article/download/150/142

Chapter URL

http://al-idah.szic.pk/index.php/al-idah/article/view/150

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

إن الجملة المعترضة في القرآن الكريم ليست وسيلة لتحسين الكلام فحسب، وليس حشوا يمكن الإستغناء عنه، بل إنه إذا وقع موقعه المناسب كان من مقتضيات النظم، ومن متطلبات المقام، ولو أسقط من السياق سقط معه جزء أصيل من المعنى، فهو يحمل بجانب كونه جزءا من المعنى الأصلي معاني فرعية أخرى، تلتحم جميعا في تكوين معنى كلي. وأن الجملة القرآنية عموما قد اختيرت بعناية، ثم نسقت في سلك واحد، فلا ضعف في تأليف، ولا تعقيد في نظم، ولكن حسن تنسيق، ودقة ترتيب.

ان الجملة المعترضة فی القرآن الکریم وردت لأغراض بلاغية متعددة ولمعانی شتی تستخدم فی کل مقام وموضع لمقصدٍ وغرضٍ يقتضى ذالک المحل ولوأهملت مراعاة الجملة المعترضة فی تلک المواضع یستلزم ضعف التالیف والتعقید فی النظم.

وثراثنا الاسلامی الذی تفتخر به الأمة الاسلامية مليئة بذخائر علمية من علم النحو والصرف والبلاغة والعلوم الاسلامية الاخری یجد کل باحث متخصص فی فنه ومادته ما یحتاج اليه شفاء کاملاً۔

وبذل علماء النحو والصرف والبلاغة جهودهم المضنية فی دراسة نظم القرآن الکریم وکلماته وآیاته وجُمله من حیث الاشتتقاق والاعراب والبلاغة فی جمیع انواعها من المعانی والبیان والبدیع۔

ومع ذالك لم تحظى الجملة المعترضة اهتماماً بالغا حیث توجد هذه الجملة مبعثرة فی کتب الفسیر والبلاغة مع بعض الاشارات والتعریفات لها۔ لذا أحسست ان أجمع تراث العلماء المنتشرة فی الکتب والرسائل وأرتب ترتیباً یستهدف القاری والباحث بفهم الجملة المعترضة من جميع نواحيها وأغراضها البلاغية الموجودة في آيات القرآن الكريم في صورة الجمل الاعتراضية.

تعريف الجملة المعترضة:

  1. الاعتراض لغة: - المنع، يقال: (اعترض الشيئ، صار عارضا، كالخشبة المعترضة في النهر، يقال: اعترض الشيئ دون الشيئ، أي: حال دونه).[1]

قال ابن فارس (395هـ): (إن من سنن العرب أن يعترض بين الكلام وتمامه، كلام لا يكون إلا مفيدا) [2]وهذا المعترض هو ما اصطلح على تسميته بالجملة الإعتراضية.

  1. وحدالجملة الاعتراضية في الاصطلاح:[أنها تأتي في أثناء الكلام – وليس المراد بالكلام هنا: المسند والمسند إليه فقط، بل جميع ما يتعلق به من الفضلات والتوابع – فاصلة بين متلازمين، سواء أكانا مفردين، أو كانا جملتين متصلتين معنى، وذلك لإفادة الكلام تقوية، أو إيضاحا وبيانا، لنكتة سوى دفع الإيهام][3]. وعرفها الزركشي بقوله: [هو أن يؤتى في أثناء الكلام، أو كلامين متصلين معنى، بشيئ يتم الغرض الأصلي بدونه، ولا يفوت بفواته، فيكون فاصلا بين الكلام أو الكلامين لنكتة.. ثم يقول: وقال الشيخ عز الدين في أماليه: (الجملة المعترضة تارة تكون مؤكدة، وتارة تكون مشددة، لأنها إما ألا تدل على معنى زائد على ما دل عليه الكلام، بل دلت عليه فقط، فهي مؤكدة، وإما أن تدل عليه وعلى معنى زائد، فهي مشددة][4]

الأغراض البلاغية للجملة الإعتراضية:

يأتي الإعتراض - إضافة إلى أنه مؤكد لمفهوم الكلام الذي وقع فيه، ومقرر له في نفوس السامعين - لأغراض بلاغية كثيرة منها:

  1. التنزيه: كقوله سبحانه: (ويجعلون لله البنات- سبحانه- ولهم ما يشتهون)[5] فقوله: (سبحانه): معترضة، للمبادرة إلى تنزيه الله عن اتخاذ البنات، و – سبحانه -: واقعة موقع المصدر الذي هو التنزيه، فكأنه قيل: أنزهه تنزيها، عما يقوله أولئك الخراصون.

وهم: خزاعة وكنانة، كانوا يقولون: الملائكة بنات الله تعالى، وكأنهم لجهلهم زعموا تأنيثها وبنوتها. وسبحانه): تنزيه وتقديس له تعالى شأنه عن مضمون قولهم ذلك، أو تعجيب من جراءتهم على التفوه بمثل تلك العظيمة، وهو في المعنى الأول حقيقة، وفي الثاني مجاز[6] ووقوع التنزيه قبل تمام الكلام، فيه إشارة إلى شناعة هذا الكلام وفظاعته.

  1. للتسديد: كقوله سبحانه: (وإذا بدلناآية مكان آية – والله أعلم بما ينزل – قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون)[7] فقوله تعالى - والله أعلم بما ينزل -: [جملة معترضة بين الشرط وجوابه، للمسارعة إلى توبيخ المشركين، وتجهيلهم ][8].

وأفادت جملة الإعتراض: أن تبديل آية مكان آية، كان لحكمةيعلمها الله، فالله عليم بما ينزل من الآيات، وما سيبدل منها، ولو حذفت جملة الإعتراض، لم يكن في الآية إشارة إلى أن تبديل الآيات يتم بعلم الله، ومن هنا كانت جملة الإعتراض مسددة للمعنى تسديدا تاما. قال الآلوسي: (والجملة إما معترضة لتوبيخ الكفرة، والتنبيه على فساد رأيهم، وفي الالتفات إلى الغيبة، مع الاسناد إلى الاسم الجليل، ما لا يخفى من تربية المهابة، وتحقيق معنى الاعتراض. أو حالية، كما قال أبو البقاء وغيره)[9]

  1. لتنبيه على أمر هام: نحو قوله تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم – ومن يغفر الذنوب إلا الله – ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)[10]

أفاد الإعتراض: الحث على الإستغفار، والتنبيه على أن الله سبحانه هو الغفور لعباده، فالمغفرة لا تكون إلا منه سبحانه، وفي ذلك ترغيب للمذنبين وتنشيط لهم أن يقفوا في مواقف الخضوع والتذلل، غير يائسين من عفوه تعالى، ورحمته الواسعة.[11]

وورود هذا التركيب – ومن يغفر الذنوب إلا الله – على هذا النحو، يدل على أمور عدة منها:

أولا:- دلالة اسم الذات بحسب ما يقتضيه المقام من معنى الغفران الواسع، وإيراد التركيب على صيغة الإنشاء دون الإخبار، فلم يقل: (وما يغفر الذنوب إلا الله)، تقرير لذلك المعنى، وتأكيد له، كأنه قيل: هل تعرفون أحدا يقدر على غفران الذنوب كلها صغيرها وكبيرها، وسالفها، وغابرها، غير من وسعت رحمته كل شيء..؟

ثانيا:- الإتيان بالجمع المحلى باللام في قوله: (الذنوب)، إعلام بأن التائب إذا تقدم بالاستغفار، يتلقى بغفران ذنوبه كلها، فيصير كمن لا ذنب له.

ثالثا:- دلالة النفي بالحصر والإثبات، على أنه لا مفزع للمذنبين إلا كرمه وفضله، وذلك أن من وسعت رحمته كل شيئ، لا يشاركه أحد في نشرها كرما وفضلا.

رابعا:- في إبداء سعة الرحمة، واستعجال المغفرة، بشارة عظيمة، وتطييبا للنفوس، فإذا نظر العبد إلى هذه العناية الشديدة، والإهتمام العظيم في شأن التوبة، يتحرك نشاطه، ويهتز عطفه، فلا يتقاعس عنها[12].

  1. لدفع الإيهام: وذلك كما في قوله تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسوله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون).[13]

عد المفسرون قوله تعالى: (والله يعلم إنك لرسوله) جملة معترضة، مقررة لمضمون ما قبلها من كونه صلى الله عليه وسلم – رسول من عند الله تعالى حقا.

وفائدة الاعتراض: أنه لو اتصل التكذيب بقولهم، لربما توهم أن قولهم في حد ذاته كذب، فأتبع بالاعتراض لدفع هذا الإيهام[14]

  1. لتخصيص أحد المذكورين بزيادة التأكيد في أمر يتعلق بهما:

كما في قوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه – حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين – أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)[15]. فقوله سبحانه: (حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين)، إعتراض بين قوله (ووصينا الإنسان بوالديه) وبين الموصى به (أن اشكر لي ولوالديك)، وفائدة هذا الإعتراض: هو توجيه نظر الأبناء إلى الإهتمام بالأم أكثر من الإهتمام بالأب لضعفها، فذكر ما تكابده الأم، وتعانيه من المشاق والمتاعب، في حمله وفصاله، هذه المدة المتطاولة، إيجابا للتوصية بالوالدة خصوصا[16].

  1. للتعجيز والتحدي: كقوله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم تفعلوا - ولن تفعلوا - فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين)[17]

فقوله تعالى، (ولن تفعلوا) جملة معترضة بين الشرط وهو قوله: (فإن لم تفعلوا) وبين جوابه، وهو قوله: (فاتقوا النار ، لا محل لها من الإعراب، جيء بها لتأكيد عجزهم عن معارضته، وأن ذلك غير متاح لهم، ولو تظافرت هممهم عليه.

كما نبه بالاعتراض على عجز المخاطبين في المستقبل، عن الإتيان بسورة من مثل سور القرآن، حتى لا يتوهم المخاطبون أنهم قادرون على ذلك في المستقبل، وإن لم يكونوا قادرين عليه في الماضي، أو الحاضر.

قال الدكتور تمام حسان: إن قوله: - ولن تفعلوا -: (اعتراض للتعجيز والتحدي، بواسطة تأبيد النفي مستقبلا)[18]

وقال الآلوسي: (والجملة _ ولن تفعلوا - اعتراض بين جزأي الشرطية، مقرر لمضمون مقدمها، ومؤكد لإيجاب العمل بتاليها، وهذه معجزة باهرة، حيثأخبر بالغيب الخاص علمه به سبحانه، وقد وقع الأمر كذلك، كيف لا، ولو عارضوه بشيء يدانيه، لتناقلته الرواة، لتوفر الدواعي. وما أتى به مسيلمة لم يقصد به المعارضة، وإنما ادعاه وحيا.)[19]

والمعنى: إن ارتبتم أيها المشركون في شأن القرآن الذي أنزلنا على عبدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فأتوا بسورة من مثله في سمو الرتبة، وعلو الطبقة، [وادعوا آلهتكم، وبلغاءكم، وجميع البشر ليعينوكم، أو ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بما يماثله، في حكمة معانيه،وحسن بيانه. وفي هذه الآية الكريمة إثارة لحماستهم، إذ عرض بعدم صدقهم، فتتوفر دواعيهم على المعارضة التي زعموا أنهم أهل لها. ][20]

هذه نماذج مما ذكره البيانيون، والمفسرون، من أغراض بلاغية للجملة المعترضة، وليس غرضي الإستقصاء، فذلك أمر بعيد المنال، لا يتسع له هذا البحث، وأكتفي من القلادة ما يحيط بالعنق.

الخاتمة

على ضوء من الدراسة السابقة، يمكنني تسجيل النتائج التالية:

  1. إن الإعتراض ليس وسيلة للتحسين فحسب، وليس حشوا يمكن الإستغناء عنه، بل إذا وقع موقعه المناسب، كان من مقتضيات النظم، ومتطلبات المقام، ولو أسقط من السياق سقط معه جزء أصيل من المعنى.
  2. لم يكن من العبث صياغة الجملة في اللغة العربية بأشكال مختلفة، فلكل صورة هدف، ولكل تركيب غاية، وفي ذلك توسع في الأساليب، ودقة في الأداء والتعبير.
  3. إن توظيف الجملة الإعتراضية لتحقيق بعض المعاني التي يريد الأديب التعبير عنها ليس بالأمر الجديد، فقد عرف تراثنا الأدبي هذه الظاهرة الأسلوبية، وترددت في أرقى نماذجه وهو القرآن الكريم، كما تكررت في كلام بلغاء العرب وفصحائهم، خلافا لمن ادعى قلته، أو حاول حصره في دائرة الجمل الدعائية.
  4. بينت من خلال الأمثلة المضروبة، أن الإعتراض يقع في أثناء الكلام، بين جملتين متصلتين لفظا أو معنى، لا بعد تمامه كما تصور بعض البيانيين والمفسرين.
  5. وفي وجود الجملة المعترضة فى القرآن الكريم إشارة الى إعجاز كلام الله تعالى من حيث النظم والأسلوب وليس فى القرآن جملة أو كلمة زائدة التى لا فائدة فيها.

حوالہ جات

  1. . محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي: مختار الصحاح، ( مادة عرض ) ص 425.
  2. . أحمد بن فارس: الصاحبي. ص 209.
  3. . - انظر: ابن جني: الخصائص ( مرجع سلبق ) ج1/ ص 335. ؛ ابن هشام الأنصاري: المغني (مرجع سابق ) ص 506.
  4. . الزركشي: بدر الدين محمد بن عبد الله ( 794هـ): البرهان في علوم القرآن. ج3/ ص 62.
  5. . سورة النحل: آية / 57.
  6. . الآلوسي: روح المعاني ( مرجع سابق ) ج14/ ص 167. ؛ دز عبد الفتاح لاشين: المعاني في ضوء أساليب القرآن، ص 363.
  7. . سورة النحل: آية / 101.
  8. . د. محمد السيد طنطاوي: التفسير الوسيط، ج14/ ص 188.
  9. . الآلوسي: روح المعاني ( مرجع سابق) ج14/ ص 231.
  10. . سورة آل عمران: آية / 135.
  11. . الزمخشري: الكشاف ( مرجع سابق) ج1/ ص 217-218، ومحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي: تفسير البحر المحيط. ج3/ ص 59.
  12. . أبو حيان: البحر المحيط ( مرجع سابق ) ج3/ ص 260. والآلوسي: روح المعاني ( مرجع سابق ) ج3/ ص 60.
  13. . سورة المنافقون: آية / 1.
  14. . الزمخشري: الكشاف، ج4 / ص 107. ومحمد الطاهر بن عاشور: تفسير التحرير والتنوير ج28/ ص 235، وشهاب الدين الآلوسي: روح المعاني: ج28/ ص108.
  15. . د. فضل حسن عباس: البلاغة فنونها وأفنانها ( مرجع سابق ) ص 503. والزمخشري: الكشاف (مرجع سابق ) ج3/ ص 493.
  16. . سورة البقرة: الآيتان / 23، 24.
  17. . د. تمام حسان: البيان في روائع القرآن: ص 184.
  18. . شهاب الدين محمود الآلوسي: روح المعاني: ج1/ ص 198
  19. . أيضا
  20. . د. محمد السيد طنطاوي: التفسير الوسيط، ج1/ ص 96.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...