Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 37 Issue 1 of Al-Idah

الرّسم العثماني وأثره على المعاني القرآنية |
Al-Idah
Al-Idah

Article Info
Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

مُلخص البحث:

إن القرآن الكريم معجزٌ في ألفاظه وأسلوبه ونظمه وبيانه وكذلك في رسمه وكتابته حسب ما ترجَّح للباحثين، ونهدف من خلال هذا البحث إلى: تعريف الرسم العثماني لغةً واصطلاحًا، وبيان فوائده، وحكم الالتزام به والتَّرجيح بين الأقوال، وبيان قواعده السِّتَّة، وبيان المعنى من خلال اختلاف رسم الكلمات القرآنية، ومناقشة ذلك، وذكر نماذج متعددة عليها، ومن أهمِّ نتائج هذا البحث:

  1. أن الرأي الذي تطمئن له النفس هو وجوب الالتزام بالرسم العثماني، وعدم جواز كتابته بالطرق الإملائية الحديثة.
  2. للرسم العثماني فوائد ومزايا كثيرة لا تتوفر في غيره تدعو إلى التَّمسك به والمحافظة عليه، وعدم العدول إلى غيره.
  3. أن هناك علاقة وطيدة بين رسم المصحف وبيان المعنى المُراد من الكلمات والآيات القرآنية.
  4. أن رسم الكلمة القرآنية يعزز المعنى ويعطيه أبعاده الكاملة؛ ليحقق صدق قول الله تعالى: "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا"[1].
  5. إن تجاور الحروف في الكلمات القرآنية والعلم بصفاتها يُجسِّد المعاني في أحسن صورة.
  6. القول بإعجاز الرسم العثماني مسألةٌ مُحدثةٌ، كان أشهر وأقدم من صرَّح بها عبد العزيز الدباغ.

ومن أهمِّ توصياته:

  1. العمل على مزيد من البحث في موضوع الرسم العثماني وفوائده ولطائفه، فهو لا زال بحاجةٍ لدراسات أكثر، وإلى مزيد فكرٍ وتأملٍ وتدبرٍ.
  2. نشر ثقافة الالتزام بالرسم العثماني بين معلمي القرآن الكريم ومُتعلميه.
  3. إلزام جميع المؤسسات القرآنية التي تتبنى كتابة المصحب كتابته بالرسم العثماني، ومنع كتابته بالرسم الإملائي.
  4. إلزام الطلبة والدارسين لاعتماد الرسم العثماني خلال أبحاثهم ودراساتهم؛ مما يُؤسس ثقافة نشره.
  5. توجيه الباحثين إلى مزيد بحث في هذا الموضوع، من خلال دراسات مركزة وخطط علمية واضحة.

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الأكرمين، أما بعد:

إن القرآن الكريم كتاب له قدرٌ عظيمٌ نزل من لدن عليٍّ عظيمِ، نزل به ملكٌ عظيم القدر على نبيٍّ عظيم القدر، في ليلة عظيمة القدر.

إن معجزة القرآن تظهر لأهل العلم في كل مجال من مجالاته، فهي ظاهرة في نظمه، وفي لغته، وفي بلاغته في عدده، وفي إخباره عن الأولين، وفي إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع وغيرها.

وقد حاولنا بكل جهدنا أن نتلمس الحكمة واللطائف والأسرار في كتابة الكلمة القرآنية ورسمها وبيانها، وهذا الموضوع يحتاج إلى دراسات وأبحاث مستفيضة؛ فهو وجهٌ عظيمٌ من أوجه معجزات القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه، لا يمكن لأهل العلم -ولا حتى الراسخين منهم- أن يُحيطوا بعلمه، ولكن يجب على أهل العلم التواصل والاستمرار والمحاولة والتدبر والتَّفقه من أجل الوقوف على أسرار القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه.

إن هذا البحث الموجز يعتبر مقدمة أو مدخلًا لهذا الموضوع؛ وهو بيان معاني القرآن الكريم من خلال رسمه وخطِّه.

وسنقوم بدراسة الرسم العثماني وأثره على المعاني القرآنية من خلال ما يلي:

أولًا: أهمية الموضوع:

تكمن أهمية هذا البحث فيما يلي:

  1. حاجة هذا الموضوع لمزيد من الدراسة؛ لاستيفاء جوانبه قدر المستطاع.
  2. تعتبر هذه الدراسة الموجزة مهمة؛ لبيان أن قراءة القرآن الكريم وتلاوته طبقًا لما أنزل تظهر لنا المعاني الحقيقية للنص القرآني بآفاقها الواسعة، بل يمكن لنا أن نستنتج منها أحكامًا في قضايا ومسائل كثيرة.
  3. إظهار نتيجة تغير رسم الكلمات القرآنية ومبناها في الآيات المختلفة؛ لتعطي آفاقًا جديدةً للمعاني لم يكن من الممكن إدراكها لو لم يكن هناك تغيير في الكلمات وشكلها.
  4. الاطلاع على موقف العلماء من مسألة الالتزام بالرسم العثماني، وبيان الراجح منها وفق الدراسة والبحث والتحليل.
  5. الاطلاع على موقف العلماء من مسألة إعجاز الرسم، وبيان ما يميل إليه الباحثان وفق الدراسة والبحث والتحليل.

ثانيًا: أسباب اختيار الموضوع:

  1. خدمة القرآن الكريم، ونيل شرف ذلك من خلال دراسة رسم كتابه العظيم.
  2. الرغبة في بيان حكم الالتزام بالرسم العثماني في القرآن الكريم، وبيان فوائده ومزاياه.
  3. بيان أن رسم القرآن الكريم له قواعد محكمة وحِكم بالغة.

ثالثًا: أهداف البحث:

  1. التعريف بالرسم العثماني، وبيان فوائده، وحكم الالتزام به والترجيح بين الأقوال، وبيان قواعده الستة.
  2. إثبات أن الرسم القرآني الذي أراد الله تعالى بقاءه هو الذي كتبه الصحابة الكرام رضي الله عنهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ورَضِي به، فهي أدلة إن لم تكن براهين لإثبات إعجاز الرسم، فهي أدلة على كمال القرآن وعظمته وجماله وبهائه، وهي تكاد تُبرهن على وجهٍ من وجوه إعجاز الرسم في القرآن.
  3. بيان أن لرسم بعض الكلمات القرآنية ومخالفتها للمنطوق حكمًا وأسرارًا بالغة.

رابعًا: الدراسات السابقة:

لا شكَّ أن عناية العلماء برسم القرآن الكريم كبيرة، وكتاباتهم في ذلك كثيرة، ومن أبرز الذين كتبوا في هذا الموضوع –تمثيلًا لا حصرًا:

  1. الإمام أبو عمر الداني المتوفى سنة: (444هـ) له كتاب: "المقنع في رسم المصاحف العثمانية".
  2. الإمام محمد بن يوسف الجهني المتوفى سنة: (442هـ) له كتاب: "البديع في معرفة ما رُسم في مصحف عثمان رضي الله عنه".
  3. الإمام الشاطبي المتوفى سنة: (590هـ) له قصيدة "عقيلة أتراب القصائد".
  4. الإمام المراكشي المتوفى سنة: (721هـ) له كتاب: "عنوان الدليل في مرسوم التنزيل".
  5. الدكتور غانم قدوري الحمد، له كتاب: "رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية".
  6. الدكتور شعبان محمد إسماعيل، له كتاب: "رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة".

ولا زالت جهود العلماء في هذا المجال متواصلة تكميلًا وتحقيقًا، وقد تميز بحثنا بما يلي:

  1. دراسة ومعالجة موضوع الرسم العثماني وفوائده وأسراره بصورة متكاملة، بعيدة عن اللبس والغموض.
  2. السهولة واليسر في معالجة هذا الموضوع ومناقشته مناقشة تحليلية دقيقة، ومناقشة الآراء والأقوال مناقشة علميَّة جادَّة.
  3. اعتمدنا كثيرًا في بحثنا على أقوال السادة العلماء السابقين في الرد والمناقشة والتحليل.

خامسًا: منهجية البحث:

اعتمد الباحثان المنهج الاستقرائي، ثم المنهج التحليلي للأقوال والآراء والأدلة ذات الصلة بالموضوع، وما كتبه العلماء في هذا الفن قديمًا وحديثًا؛ بغية الوصول إلى أهداف البحث، وفق ما يلي:

  1. القراءة الكبيرة والمتواصلة لمعظم الكتب التي تناولت موضوع الرسم العثماني وما يتعلق بها؛ لتحقيق مسائل هذا البحث.
  2. دراسة الأقوال المتعددة في مسائل البحث والترجيح بينها وفق الدراسة والتحليل.
  3. دراسة بعض الكلمات القرآنية التي خالفت الرسم الإملائي وتأملها واستنباط الحِكم والهدايات منها.
  4. كتابة الآيات والكلمات القرآنية برواية الإمام حفص بالرسم العثماني، مع ذكر اسم السورة ورقم الآيات في الحواشي السفلية.

سادسًا: خطة البحث:

يتكون هذا البحث من مقدمة وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وهي على النحو الآتي:* المقدمة: وفيها أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهدافه، والدراسات السابقة، ومنهجية البحث، وخطته.

  • المبحث الأول/ مقدمات في الرسم العثماني، وفيه ثلاثة مطالب، وهي:
  • المطلب الأول: تعريف الرسم العثماني لغةً واصطلاحًا.
  • المطلب الثاني: فوائد وأسرار الرسم العثماني.
  • المطلب الثالث: حكم الالتزام بالرسم العثماني.
  • المبحث الثاني/ قواعد الرسم العثماني، وفيه ستة مطالب، وهي:
  • المطلب الأول: قاعدة الحذف.
  • المطلب الثاني: قاعدة الزيادة.
  • المطلب الثالث: قاعدة الهمز.
  • المطلب الرابع: قاعدة الإبدال.
  • المطلب الخامس: قاعدة الوصل والفصل.
  • المطلب السادس: قاعدة ما فيه قراءتان وكتب على إحداها.
  • المبحث الثالث/ بيان المعنى من خلال اختلاف رسم الكلمات القرآنية، وفيها ثلاثة مطالب، وهي:

المطلب الأول: نشأة القول بإعجاز رسم القرآن.

المطلب الثاني: مذاهب العلماء في إعجاز الرسم القرآني.

المطلب الثالث: نماذج على إعجاز الرسم القرآني.

  • الخاتمة: النتائج، والتوصيات.

تمهيد:

لا شكَّ أن القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز، يجب أن يقرأ بالوجه المخصوص الذي أنزله الله به، قال تعالى: ”فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ"[2]، وقال تعالى: ”أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا"[3]، ولأنه المعجزة التي لا تنقضي ولا تنتهي عجائبها، لذا فقد ظل كل جيل يكتشف الغرائب والعجائب عبر العصور والأزمان، ولقد حاول العلماء الأفذاذ تفسير العلاقة بين رسم القرآن وبين معاني الألفاظ والآيات في سياقها ودلالات ذلك، إلا أن فريقًا كذلك توقف عن الحديث في هذا الباب كما سنرى في محاور هذا البحث.

المبحث الأول/ مقدمات في الرسم العثماني، وفيه ثلاثة مطالب، وهي:

  • المطلب الأول: تعريف الرسم العثماني لغةً واصطلاحًا.
  • المطلب الثاني: فوائد وأسرار الرسم العثماني.
  • المطلب الثالث: حكم الالتزام بالرسم العثماني.

المطلب الأول: تعريف الرسم العثماني:

الرسم في اللغة: أثر الشيء، ويقال: ترسَّمت الدار، أي نظرت إلى رسومها، وناقة رسوم تؤثر في الأرض من شدة الوطء، والثوب المرسم: المخطط[4].

واصطلاحًا: هو أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطية الذي ارتضاه عثمان رضي الله عنه على ملأٍ من الصحابة في كتابة كلمات القرآن وحروفه[5]، وقيل: هو الطريقة التي ارتضاها عثمان رضي الله عنه في كتابة كلمات القرآن الكريم، ورسم حروفه في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار الإسلامية[6].

ويرى الباحثان أن الرسم العثماني: هو هيئة الخط العثماني التي حظيت بإجماع الصحابة رضي الله عنهم ومن كتَّاب الوحي الذين أُمِنوا على رسمه وكتابته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم المُوجَّه من أمين الوحي جبريل عليه السلام والتي أرسلها إلى الأمصار، وحسمت الخلاف وحظيت برضى الصحابة رضي عنهم وإجماع الأمة في جميع طبقاتها إلى يومنا هذا.

المطلب الثاني: فوائد وأسرار الرسم العثماني:

للرسم العثماني فوائد وأسرار كثيرة[7]، منها:* الدلالة على الأصل في الشكل والحروف، ككتابة الحركات حروفًا باعتبار أصلها، نحو كتابة الكسرة ياءً في قوله تعالى: "وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى"، "سَأُوْرِيكُم"، وككتابة: "الزَّكٰوةَ"، "الحَيَوٰةُ" بالواو بدل الألف؛ ليُفهم أن الألف فيها منقلبة عن واوٍ.

  • والنص على بعض اللغات الفصيحة، ككتابة هاء التأنيث بتاء مجرورة على لغة طيء، وكحذف ياء الفعل المضارع لغير جازم في قوله تعالى: "يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ"[8] على لغة هذيل.
  • ومنها أخذ القراءات المختلفة من اللفظ المرسوم برسمٍ واحدٍ، نحو: ”وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ"[9]، فلو كُتبت الأولى: "وَمَا يَخْدَعُونَ”لفاتت قراءة: "يَخْدَعُون"ولو كُتبت الثانية ألف على قراءة الجمع لفاتت قراءة الإفراد.
  • حمل الناس على أن يتلقوا القرآن الكريم من صدور الثقات، ولا يتكلوا على هذا الرسم الذي جاء غير مطابق للنطق الصحيح في الجملة، وهذا بدوره يؤدي إلى التوثق من ألفاظ القرآن وكيفية أدائها وتجويدها.

المطلب الثالث: حكم الالتزام بالرسم العثماني:

اختلف العلماء في حكم الالتزام بالرسم العثماني إلى ثلاثة آراءٍ، وهي:

  1. المذهب الأول: وهو مذهب جماهير السلف والخلف هو وجوب الالتزام بالرسم العثماني، فقد نقل الإمام الجعبري وغيره إجماع الأئمة الأربعة على وجوب اتّباع مرسوم المصحف العثماني[10]، حيث إن الرسم العثماني:
  • الرسم العثماني توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كتب بين يديه بموافقته وتقريره لكُتَّاب الوحي.
  • وجُعِل معيارًا لقبول القراءة الصحيحة وردّ الشاذة التي لا تقبل العبادة بها ولا تصحّ[11]، فهو ركنٌ للقراءة الصحيحة ومعيار على قرآنيتها، وما خرج عنه فليس بقرآن[12].

قال الدكتور طه عابدين: "الذي تطمئن إليه النفوس أنّ رسم القرآن سنة توقيفية من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كتب القرآن بين يديه، وأقرّ كتاب الوحي على ذلك[13]".* وهو سنّةٌ سنّها الخلفاء الراشدون ابتداء بأبي بكر وعمر ثمّ عثمان وبإقرار وموافقة علي الفعلية والقولية رضى الله عنهم أجمعين.

  • وكذلك فإن قواعد الإملاء عرضة للتغيير والتبديل من جيلٍ إلى جيلٍ، ومن بلدٍ إلى آخر، وربما يكون ذلك مدعاة لتغيير بعض الكلمات والألفاظ القرآنية من أعداء الإسلام، فالأصل سد هذا الباب، والمحافظة على قدسية القرآن وبقاء رسمه العثماني كما هو[14].

وقد سئل الإمام مالك[15]: هل يُكتب المصحفُ على ما أحْدَثَه النّاسُ من الهجاءِ؟ فقال: "لا، إلاّ على الكَتْبَةِ الأولى"[16]، وقال الإمام أبو عمرو الداني[17] بعد أن حكى كلام الإمام مالك: "ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة[18]".

وقال الإمام الجعبري مُعقِّبًا على قول الإمام مالك رحمه الله تعالى: "وهذا مذهب الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وخصَّ مالكًا؛ لأنه حكى فُتياه، ومستندهم مستند الخلفاء الأربعة[19]".

وقال الإمام أحمد بن حنبل: "يحرُمُ مخالفةُ (خطّ) مصحف عثمان في واوٍ أو ياءٍ أو ألفٍ أو غير ذلك[20]".

وقال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى: "والذي ذهب إليه مالكٌ هو الحق، إذ فيه بقاء الحالة الأولى إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى، ولا شكَّ أن هذا هو الأحرى بعد الطبقة الأخرى؛ إذ في خلال ذلك تجهيل الناس بأولية الطبقة[21]".

وقال الإمام البيهقي[22]: "منْ كتب مصحفًا فينبغي أن يُحافظَ على الهجاءِ الذي كتبوا به تلك المصاحفَ ولا يخالفهم فيه، ولا يُغيّرَ ممّا كتبوه شيئًا؛ فإنّهم كانوا أكثر علمًا، وأصدق قلبًا ولسانًا، وأعظم أمانةً منّا، فلا ينبغي أن نظُنَّ بأنفسنا استدراكًا عليهم[23]".

  1. المذهب الثاني: جواز الكتابة بالرسم الإملائي الحديث؛ لأن الرسم عندهم ليس توقيفيًّا، بل هو مما اصطلح عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن ذهب إلى هذا القول: عبد الرحمن بن خلدون[24] في مقدمته، وأبو بكر الباقلاني[25] في كتابه الانتصار، وعدد من العلماء المعاصرين[26]، واستدلوا بما يلي:
  2. لا يوجد توقيفٌ للإبقاء على الرسم العثماني، ولا دليلٌ صريحٌ على وجوب التزام رسمٍ معينٍ في القرآن الكريم.
  3. إن هذه الخطوط والرسوم ليست إلا علامات وإشارات تدل على هيئة الكلمة، فكل رسم يدل عليها.
  4. أن الكتابة بالرسم الإملائي تُزيل الحرج والمشقة على الناس، وتُزيل الصعوبة الموجودة في الرسم العثماني.
  5. أن الخط العربي عند ظهور الإسلام وكتابة المصاحف، كان في دور الطفولة والتكوين، ولم يكن الكُتَّاب –حينئذٍ- قد حَذِقوا الكتابة، فكتبوا على نحو ما تيسر لهم، أمَا وقد استقرَّت قواعد الكتابة وأصول الخط، فلا مانع من كتابة "المصحف" بالخط المعروف للناس اليوم؛ تسهيلًا عليهم[27].
  6. المذهب الثالث: جواز كتابته بالرسم الحديث لعامة الناس حسب قواعد الخط في كل عصر، مع الإبقاء على الرسم العثماني للعلماء والخاصة، كأثرٍ من الآثار النفسية التي حافظت عليها الأجيال المتعاقبة، وممن ناصر هذا المذهب: الشيخ عز الدين بن عبد السلام[28]، وتابعه الإمام بدر الدين الزركشي[29]، ورجَّحه الإمام الزرقاني[30].

الرأي الراجح:

يرى الباحثان من خلال استعراض آراء المذاهب الثلاثة وحججهم السابقة أن الراجح في هذ المسألة والذي يميل إليه القلب: هو مذهب جماهير العلماء من وجوب الالتزام بالرسم العثماني وأنه ليس فعلًا اجتهاديًّا؛ للأسباب الآتية[31]:

  1. أن الدعوى أنه ليس هناك دليلٌ على التوقيف؛ فذلك مردودٌ بالأدلة التي سقناها لمذهب الجمهور.
  2. أن الرسم العثماني هو ما توارثته الأمة من العهد الأول، ولم يعترض عليه أحدٌ بزيادة أو نقصان، بل نص بعضهم على حرمة مخالفته، وهو ثابتٌ بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لكُتَّاب الوحي الذين يكتبون ما يُوحى إليه، وهم الذين كتبوه وجمعوه في عهد الخليفة الأول "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه، ثم نسخوا منه هذه المصاحف، وقد جعل أئمة القراءة موافقة الرسم العثماني شرطًا من شروط قبول القراءة.
  3. الحفاظ عليه ضمان لصيانة القرآن من التبديل والتحريف، ولو أبيح تغييره، لتغير من عصرٍ لآخر، ولا يخفى ما في هذا الأمر من إشكالاتٍ كبيرةٍ.
  4. الحفاظ عليه يحقق فوائد وملح ولطائف لا تتحقق فيما سواه، ومن خلاله يكون سلامة النطق ومعرفة التلاوة وأوجه القراءات.
  5. إن القول بأن يُرسم القرآن كيفما كان، وبأي طريقةٍ، قولٌ باطلٌ، يُخالف ما جاء عليه سلف الأمة وخلفها، بالنقل الصحيح، والتَّلقي عن أهل الرواية[32].
  6. إن العلماء الذين اعترضوا على الرسم وقالوا بكتابته بالرسم الإملائي ليسوا من القراء، في حين من دعا إلى التمسك بالبقاء على الرسم العثماني هم علماء السلف، وجماهير العلماء.
  7. إن القول بأن الخط العربي عند ظهور الإسلام وكتابة المصاحف، كان في دور الطفولة والتكوين، ولم يكن الكُتَّاب –حينئذٍ- قد حذقوا الكتابة، فكتبوا على نحو ما تيسر لهم، مبنيٌ على اتجاهٍ يرى خطأ الصحابة الكرام رضي الله عنهم في كتابة القرآن الكريم، وسيأتي معنا[33] أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتبون بناءً على قواعد صحيحة؛ ولذلك فقد فرَّقوا بين الكلمات المتشابهة، فألحقوا الواو بكلمة: "أولئك"؛ للفرق بينها وبين كلمة: "إليك" باعتبار أن المصاحف كانت خاليةً من النقط والشكل، وكذلك فإن دعوى خطأ الصحابة رضي الله عنهم في كتابة المصحف يتعارض مع وعد الله تعالى بحفظ كتابه العظيم في قوله: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [34].

قال الإمام ابن الجزري: "إن كتابة الصحابة للمصحف مما يدلُّ على عظيم فضلهم في علم الهجاء خاصة، وثُقوب فهمهم من تحقيق كل علمٍ[35]".

  1. إن القول بأن الالتزام بالرسم العثماني يجلب المشقة، فإنها تزول –إن وجدت- بالممارسة والتَّعلم وإن جهل الجاهلين لا يعتبر مُسوِّغًا لتغيير ما أجمعت عليه الأمة منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم[36].
  2. إن القراءات القرآنية الصحيحة تتفق مع الرسم العثماني –تحقيقًا أو احتمالًا- ولو كُتب بغير الرسم لاختلَّ ذلك.
  3. إن القول الذي ذهب إليه أصحاب المذهب الثالث بجواز كتابته بالرسم الحديث لعامة الناس حسب قواعد الخط في كل عصر، مع الإبقاء على الرسم العثماني للعلماء والخاصة، هو قولٌ يفتح مجالًا للشكِّ في القرآن الكريم، حيث يكون هناك رسمان متمايزان، فأيهما الصواب، وأيهما الخطأ؟ وفي هذا مفاسد كثيرةً لا تخفى، وقد تقدم ردودًا كثيرةً على هذا.

وبناء على ما سبق ذكره يجب على كاتب المصحف وطابعه وناشره أن يتحرَّى كلٌّ منهم كتابته على قواعد الرسم العثماني، ولا يخل بشيء منها ولا يغير شيئًا ما، بزيادة أو نقصٍ أو إثباتٍ أو حذفٍ؛ حفظًا لهذا التراث الخالد، واقتداءً بالصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وأعلام الإسلام في سائر الأمصار[37]..".

المبحث الثاني

/ قواعد الرسم العثماني، وفيه ستة مطالب، وهي:* المطلب الأول: قاعدة الحذف.

  • المطلب الثاني: قاعدة الزيادة.
  • المطلب الثالث: قاعدة الهمزة.
  • المطلب الرابع: قاعدة الإبدال.
  • المطلب الخامس: قاعدة الوصل والفصل.
  • المطلب السادس: قاعدة ما فيه قراءتان وكتب على إحداها.

إنَّ الأصل في المكتوب أن يكون موافقًا للمنطوق، من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، ولا تغييرٍ ولا تبديلٍ، مع مراعاة الابتداء به والوقف عليه، والفصل والوصل، وتنحصر قواعد الرسم العثماني في ستة قواعد، وهي موضحة في المطالب الآتية:

المطلب الأول: قاعدة الحذف[38]:

  1. تُحذف الألف من ياء النداء في: ”يَاأَيُّهَا النَّاسُ"، ومن هاء التنبيه مثل: "هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ" ومن (نا الفاعلين إذا وليها ضمير نحو: "فَأَنْجَيْنَاكُمْ"، ومن كل جمع تصحيح لمذكر أو مؤنث مثل: "سَمَّاعُونَ"، "وَالْمُؤْمِنَاتُ"، ومن كل جمع على وزن مفاعل وشبهه نحو: "مَسَاجِدَ"، "وَالنَّصَارَى"، إلا ما استُثني.
  2. وتُحذف الياء؛ للتخفيف والاكتفاء بالكسرة[39] من كل منقوصٍ منونٍ رفعًا وجرًّا مثل: "غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}، والمضاف إلي الياء إذا نودي، مثل: "يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ"، باستثناء: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا”[40]، و"يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا"[41]، ومن مثل: "وَأَطِيعُونِ"، "وَاتَّقُونِ"، إلا في سورة يس، وكذلك: "وَاخْشَوْنِ"إلا في سورة البقرة، و"كِيدُونِ" إلا: "فَكِيدُونِي جَمِيعًا".
  3. وتُحذف الواو إذا وقعت مع واوٍ أخرى، نحو: "لَا يَسْتَوُنَ"، "فَأْوُا"، وكذلك حذفت من الأفعال الأربعة، وهي: "وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ"في سورة الإسراء، "وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ" في سورة الشورى، "يَدْعُ الدَّاعِ" في سورة القمر، "سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"في سورة العلق[42]، والسر في حذفها من هذه الأربعة: التنبيه على سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة وقوع الفعل المنفعل المتأثر به في الوجود.

المطلب الثاني: قاعدة الزيادة[43]:

  1. تُزاد الألف بعد كل آخر اسم مجموع أو ما في حكمه مثل نحو: "مُّلٰقُوا رَبِّهِمْ"، "بَنُوا إِسْرَائِيلَ"، "مِائَةَ".
  2. وتُزاد الياء في نحو: "نَبَإِي الْمُرْسَلِينَ، ”بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ"، "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ".
  3. وتُزاد الواو في نحو: "وَأُولُوا"، "أُولَئِكَ"، "سَأُورِيكُمْ"، فقد كانت صورة الفتحة في الخطوط قبل الخط العربي ألفًا، وصورة الضمة واوًا، وصورة الكسرة ياءً، فكتبت: "وَلَأَوْضَعُوا"، ونحوه بالألف مكان الفتحة "وَإِيتَائِ ذِي الْقُرْبَى "بالياء مكان الكسرة، "وأُولَئِكَ"، ونحوه بالواو مكان الضمة؛ لقرب عهدهم بالخط الأول[44].

تنبيهات:* زيدت الألف في كلمة: "مِائَةَ" للفرق بينها وبين كلمة: "منه" باعتبار أن المصاحف كانت خالية من النقط والشكل والهمز، وأُلحق بها كلمة: "مائتين" حيث وقعتا.

  • وزيدت الياء في كلمة: "بِأَييدٍ "للفرق بين "الأيد" بمعنى القوة، وبين: "الأيدي" جمع يدٍ، ولا شكَّ أن القوة التي بنى الله تعالى بها السماء هي أحق بالثبوت في الوجود من "الأيدي[45]".
  • وزيدت الواو في كلمة: "وأُولَئِكَ"، للفرق بينها وبين كلمة: "إليك"، واطردت زيادتها في "أولوا، وأولات، وأولئكم"؛ حملًا على أخواتها[46].

المطلب الثالث:

قاعدة الهمز[47]: 
  1. الأصل في الهمزة الساكنة أن تكتب بحرف حركة ما قبلها أولًا، أو وسطًا، أو آخرًا نحو: "اؤْتُمِنَ"، "وَهَيِّئْ"، إلا ما استثني نحو: "فَادَّرَأْتُمْ"، "وَرِءيًا "فحذف الحرف فيهما، وكتبت الهمزة مفردة.
  2. وأما الهمزة المتحركة فإن كانت في أول الكلمة أو اتصل بها حرف زائد كتبت بالألف مطلقًا أي سواء كان فتحًا، أو ضمًّا، أو كسرًا، نحو: أَيُّوبَ"، "إِذَا"، "سَأَصْرِفُ"، بعض مواضع نحو: "أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ" في فصلت، "أَئِنَّ لَنَا "في الشعراء فكتبت فيها بالياء، "هَؤُلَاءِ" فكتبت بالواو.
  3. وإن كانت الهمزة وسطًا فإنها تكتب بحرف من جنس حركتها نحو: "سَأَلَ"، "سُئِلَ"، "نَقْرَؤُهُ" إلا ما استُثني.
  4. وإن كانت طرفًا تكتب بحرف حركة ما قبلها نحو: "سَبَإٍ"، "شَاطِئِ"، "وَلُؤْلُؤًا"، وقد وردت في مواضع من القرآن مخالفة لهذا الأصل نحو: "تَفْتَؤا"، "يَتَفَيَّؤا"، "أَتَوَكَّؤا"، فإنها رسمت في المصحف بالواو، وزيدت بعدها ألف، فإن سكن ما قبل الهمزة حذف الحرف نحو: "مِلْءُ الْأَرْضِ"، "دِفْءٌ".

المطلب الرابع: قاعدة الإبدال[48]:

  1. كتبت في الرسم الألف واوًا؛ للتفخيم، أو التهويل، والتفظيع، نحو: "الصَّلَوَة"، ”الرِّبَواباستثناء قوله تعالى: "وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ[49]،" وقوله تعالى: "إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي"[50]، وقوله: "إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا"[51]، وقوله: "وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ"[52] فقد كتبت بالألف.
  2. وكُتبت ياءً كل ألف منقلبة عنها نحو: "كَمِشْكٰوةٍ" في اسم أو فعل اتصل به ضمير، أم لا، وسواء بقي ساكنًا، أم لا، نحو: "يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ"، إلا ما استُثنى نحو: "تَتْرَا"، ”كِلْتَا، "هَدَانِي"، "وَمَنْ عَصَانِي"، وتكتب ألفًا نون التوكيد الخفيفة ونون "إِذًا"، ويكتب بالنون نحو: "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ"، وكتبت هاء التأنيث على خلاف الأصل تاء في مواضع محددة من القرآن، نحو: "رَحْمَتَ" في البقرة وآل عمران وغيرهما، و"نِعْمَتَ" في البقرة وآل عمران والمائدة وغيرها، و"سُنَّتُ"في الأنفال وفاطر، وامْرَأَتُ" ولَعْنَتَ" في قوله تعالى: "فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" في آل عمران، "وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} في النور، ووَمَعْصِيَتِفي: "قَدْ سَمِعَ"، "شَجَرَتَ" في"إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ"و"قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ"، وبَقِيَّتُ"، في قوله تعالى: "بَقِيَّتُ اللَّهِ"، ووَجَنَّتُ" في قوله: ”وَجَنَّتُ نَعِيمٍ"إلى غير ذلك.

وبذلك يتبين أن الصحابة رضي الله عنهم فرَّقوا بين بعض الكلمات، فرسموا بعضها بالهاء وبعضها بالتاء؛ لتحتمل المرسومة بالتاء قراءتين، بخلاف المرسومة بالهاء، فلا تحتمل إلا وجهًا واحدًا[53].

المطلب الخامس: قاعدة الوصل والفصل[54]:

وردت بعض الألفاظ في رسم المصحف تارة موصولة، وتارة مفصولة وورد بعضها في الرسم على حالة واحدة وذلك مثل وصل إِلَّا بفتح الهمزة وتشديد اللام وفصلها في عشرة مواضع منها: "أَنْ لَا يَقُولُوا" في الأعراف، و أَنْ لَا تَعْبُدُوا" في هود ويس، "وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ" في الدخان ووصل "مما"، إلا "فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْفي النساء والروم، "مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ" في المنافقين، ووصل: "مِمَّنْ" مطلقًا، ووصل”عَمَّا" إلا في: "عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ"، ووصل "عمن" إلا قوله: "وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ" في النور، "عَنْ مَنْ تَوَلَّى" في النجم، ووصل"كُلَّمَا"، إلا "كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا"، "مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ"، ووصل: ”أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا" في النساء، ”أَمْ مَنْ أَسَّسَ"في التوبة، ”أَمْ مَنْ خَلَقْنَا في الصافات، "أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا"، و"أَمَّا" بكسر الهمزة والتشديد إلا في: ”وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ ”في الرعد، ”إِنَّمَا بفتح الهمزة مطلقًا، إلى غير ذلك مما جاء في الرسم تارة موصولًا وتارة مفصولًا مثل: ”إِنَّمَا، "فَإِنْ لَمْ"بالفتح والكسر و"أَنْ لَنْ"، "أَيْنَ مَا"، ”كَيْ لَا"، ”فِي مَا".

المطلب السادس: قاعدة ما فيه قراءتان متواترتان وكتب على إحداها[55]:

  1. مرادنا في القراءات المتواترة والغير شاذة، نحو: "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ"، "يُخَدِعُونَ"، "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ" إلى غير ذلك، فقد كتبت كلها في المصاحف العثمانية بلا ألف، وقد قرئت بالألف وبحذفها ونحو: "وَهُمْ فِي الْغُرُفَتِ آمِنُونَ" فقد كتبت كلها بالتاء المفتوحة وبلا ألف وقد قرئت بالجمع والإفراد، ونحو: "الصِّرَاطَ"كيف وقع، "بَصْطَةً"، "الْمُصَيْطِرُونَ"، "بِمُصَيْطِرٍ" فقد كُتبت بالصاد لا غير، وقد قُرئت بالصاد والسين؛ حيث إن السين هي الأصل، فكُتبت بالصاد؛ ليدل الأصل على قراءة السين، و يدل الرسم والخط على قراءة الصاد[56].
  2. وأما القراءات المختلفة المتواترة بزيادة لا يحتملها الرسم نحو: "وَأَوْصَانِي"، "وَصَّى" في البقرة، ”تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ”، ”مِنْ تَحْتِهَافي التوبة، فقد كانت تُكتب في بعض المصاحف دون بعض.

المبحث الثالث/ بيان المعنى من خلال اختلاف رسم الكلمات القرآنية، وفيها ثلاثة مطالب، وهي:

المطلب الأول: نشأة القول بإعجاز رسم القرآن.

المطلب الثاني: مذاهب العلماء في إعجاز الرسم القرآني.

المطلب الثالث: نماذج على إعجاز الرسم القرآني.

المطلب الأول: نشأة القول بإعجاز رسم القرآن الكريم:

يُنسب القول بإعجاز الرسم القرآني للإمام الكسائي[57] حيث قال: "في خط المصحف عجائب وغرائب تحيرت عنها آراء الرجال البلغاء، وكما أن لفظ القرآن معجز فكذلك رسمه خارج عن طوق البشر[58]"، وكذلك ينسب للإمام ابن البنا المراكشي[59] الذي فسر ظواهر الرسم المخالفة لقواعد الرسم الإملائي[60]، وكذلك الإمام الدباغ[61].

المطلب الثاني: مذاهب العلماء والدارسين في إعجاز الرسم القرآني:

أولًا: المثبتون لإعجاز الرسم القرآني وأدلتهم:

  1. الإعجاز لغة: مصدر من العجز وفعله أعجز، والعجز في اللغة: الضعف، يقال: عجز عن شيء يعجز عجزًا فهو عاجز، أي ضعيف والعجز نقيض الحزم والتعجيز هو التثبيط.
  2. الإعجاز في الاصطلاح: تعددت تعاريف العلماء في ذلك فعرفه الفيروز آبادي بأنه: زوال القدرة عن الإتيان بالشيء من عمل أو رأي أو تدبير[62]، وعرفه الجرجاني[63] بأنه: ما يؤدي المعنى بطريق هو أبلغ من جميع ما عداه من الطرق[64].

ولم يستعمل مصطلح الإعجاز في القرآن ولا في السنة النبوية، بل أول استخدام لهذا المصطلح كان في نهاية القرن الثاني وأوائل الثالث[65].

المثبتون لإعجاز الرسم القرآني ومؤلفاتهم:

لعل أشهر من صرح بإعجاز الرسم القرآني عبد العزيز الدباغ حين سُئل عن رسم المصحف فقال: "ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم المصحف ولا شعرة واحدة، وإنما هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الأحرف ونقصانها؛ لأسرار لا تهتدي إليها العقول، وما كانت العرب في جاهليتها ولا أهل الإيمان من سائر الأمم في أديانهم يعرفون ذلك، ولا يهتدون بعقولهم إلى شيء منه، وهو سر من الأسرار خصَّ الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فلا يوجد شبه ذلك الرسم لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في غيرهما من الكتب السماوية، وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضا معجز، وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الياء في كلمة: "بِأَييْدٍ" من قوله تعالى: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"[66]؟ أم كيف تتوصل لسر زيادة الألف في كلمة: "سَعَوْا" من قوله تعالى: ”وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"[67] وعدم زيادتها في كلمة: من قوله تعالى: ”وَالَّذِينَ سَعَوْ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ[68] إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصر، وكلُّ ذلك لأسرارٍ إلهيةٍ، وأغراضٍ نبويةٍ، وإنما خفيت على الناس؛ لأنها أسرارٌ باطنةٌ لا تُدرك إلا بالفتح الرباني، فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة من أوائل السور[69]..."

وممَّن صرَّح بإعجاز الرسم أيضًا:

  1. محمد العاقب بن سيدي عبد الله بن مايابي اليوسفي الجكني في منظومته: "كشف العمى في رسم المصحف".
  2. محمد بن علي بن خلف الحسيني في كتابه: "إرشاد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه في رسم القرآن".
  3. محمد حبيب الله بن عبد الله الشنقيطي في كتابه: "إيقاظ الأعلام لوجوب اتباع رسم المصحف الإمام عثمان".
  4. علي بن محمد الضباع في كتابه: "سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين".
  5. عبد العظيم المطعني في سلسلة بعنوان: "خصوصيات الرسم العثماني للمصحف الشريف".
  6. علي جمعة محمد مفتي الديار المصرية في تقديمه لكتاب: "إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة" لمحمد شملول.
  7. عاطف أمين قاسم المليجي في كتابه: "رسم القرآن المعجز بخصائصه وظواهره وأسراره".
  8. عبد المنعم كامل شعير في كتابه: "الإعجاز القرآني في الرسم العثماني".
  9. سامح القليني في كتابه" "الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن".
  10. محمد سامر النص في كتابه: "رسم القرآن معجز كلفظه ولا يمكن تغييره".
  11. محمد شملول في كتابه: إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة".

ثانيًا: أدلة المثبتين لإعجاز الرسم القرآني:

  1. يعتبر الإمام المطعني رحمه الله تعالى: "أن هذه الخصوصيات للرسم هي وجه جديد من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم، وهو الإعجاز الخطي في رسم الكلمات: إنه منهج مبتكرٌ في رسم المصحف، ولا وجود إلا فيه، هدى الله إليه كتبة الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حين كان ينزل القرآن؛ لأن هذا الرسم مأخوذٌ عن الوثائق النبوية التي كانت محفوظة في بيته يوم انتقل إلى الرفيق الأعلى، وهي التي نسخها عثمان رضي الله عنه في المصحف الإمام، وعنه صدرت كل المصاحف[70]".
  2. قول الإمام عبد العزيز الدباغ رحمه الله تعالى: "رسم القرآن سر من أسرار المشاهدة، وكمال الرفعة، وهو صادر من النبي صلى الله عليه وسلم..، وهو سر من الأسرار خص الله تعالى به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضا معجز[71]"، وفي هذا ربطٌ واضحٌ لبعض أهل العلم بين إعجاز النظم وإعجاز الرسم.
  3. اختلاف رسم القرآن الكريم عما كان يُرسم في غير القرآن، كرسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والعظماء، وكرسم أسماء السور، وفي هذا يقول الدكتور محمد شملول: "إن خير ما نستدل به على كتابة القرآن الكريم ورسمه هي كتابة فريدة خاصة بالقرآن الكريم وحده هو ما لاحظناه في قراءتنا لرسائل الرسول صلى الله عليه وسلم للملوك والعظماء التي بأيدينا، فإن رسم الكلمات في هذه الرسائل هو الرسم العادي ولا يشبه الرسم الذي اختصت به كلمات القرآن الكريم، خاصة وأن هذه الرسائل كتبت في نفس الفترة التي كان ينزل فيها القرآن الكريم، ويكتبه كتبة الوحي بإملاء الرسول صلى الله عليه وسلم.."، وهذا يدلل أن هذه الكتابة الفريدة جاءت لأغراض سامية وجليلة، بحيث تعطي للكلمة القرآنية معني أعمق[72].

ثالثًا: النافون لإعجاز الرسم القرآني:

ممن صرح من العلماء بنفي إعجاز الرسم القرآني:

  1. صبحي الصالح في كتابه: "مباحث في علوم القرآن".
  2. غانم قدوري الحمد في كتابه: "رسم المصحف دراسة تاريخية لغوية".
  3. محمد بن سيد بن مولاي في كتابه: "رشف اللمى".
  4. محمد طاهر كردي في كتابه: "تاريخ القرآن".
  5. حمد خالد الشكري في بحثه: "حكم الالتزام بقواعد رسم المصحف وضبطه".

رابعًا: أدلة النافين لإعجاز الرسم القرآني:

يستدل النافون لإعجاز الرسم القرآني بما يلي:

  1. عدم ثبوث دليل صريح على أن الرسم العثماني كان بوحي.
  2. عدم التسليم بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم للكتابة، وإنما الإقرار كان للمكتوب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستوثق من اللفظ لا الرسم.
  3. كون النبي صلى الله عليه وسلم أميّ لا يعرف الكتابة ولا القراءة، فكيف يقر الصحابة على كيفية كتابتهم.

خامسًا: الترجيح بين الآراء:

يتبين من خلال هذه الدراسة اختلاف أهل العلم في قضية إعجاز الرسم العثماني، والذي تميل إليه النفس أنها إما أحد أوجه الإعجاز في القرآن الكريم، أو دليل من أدلة الجمال والكمال والبيان لكلماته، وفي كلٍّ خير؛ لأن ذلك يتماشى مع عظمة القرآن وقدسيته وعلو شأنه، ولا بدَّ للعلماء من وقفات مع هذا الخط للمصاحف العثمانية المُجمع عليها من كافة الصحابة رضي الله عنهم، والتي حسمت الخلاف الذي نشأ من تعدد الأحرف، والتي وُزعت على أمصار المسلمين، وأن ينبروا للوقوف على أسرار المعاني القرآنية التي يُضفيها رسم القرآن على البيان القرآني.

المطلب الثالث: نماذج من إعجاز الرسم القرآني:

  • بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "ويَعْفُوا"، "يَعْفُوَ":

في قوله تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ"[73] زيدت الألف بعد الفعل: "وَيَعْفُوا"؛ للإشارة إلى كثرة عفو الله تعالى واستمراره[74]، وجاءت في قوله تعالى: "إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا"[75] منكمشة من غير ألفٍ؛ لتوحي أن هذا العفو خاصٌّ ومحددٌ لفئةٍ محددةٍ، وهم: المستضعفون في الأرض من الرجال والنساء، والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلًا كما جاء في سياق الآية الكريمة[76].

  • بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "سَعَوْ"، "سَعَوْا":

في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ سَعَوْ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ"[77] حُذفت الألف من كلمة: "سَعَوْ"؛ للإشارة إلى أنه سعيٌ في الباطل لا يصح له ثباتٌ في الوجود، ولن يحصلوا منه على طائل، وللدلالة على سرعة هذا السعي (عذاب الدنيا)، وجاءت في باقي المواضع بزيادة الألف بعد الواو؛ ليفيد معنى التراخي (عذاب الآخرة)؛ لأنه مؤجل[78].* بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "وَعَتَوْ"، "عَتَوْا":

في قوله تعالى: "لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا"[79] حُذفت الألف من كلمة: "وَعَتَوْ"؛ للدلالة على أنه باطلٌ، ولا أثرٌ يذكر له في الوجود[80] وللدلالة على الإسراع في تنفيذ هذا العتو، بينما جاءت في باقي المواضع بزيادة ألف بعد الواو، نحو قوله تعالى: ”فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ[81]؛ للدلالة على زيادة في الاستكبار والتجبر في الأرض[82].* بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "وَجَاءُو"[83]:

في نحو قوله تعالى: "فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ"[84] حُذفت الألف من كلمة: وَجَاءُو للدلالة على أن مجيئهم على وجهٍ غير صحيح، ويغلب عليه الكذب والتزوير[85].* بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "وَالْعَكِفِينَ"، "لِلطَّائِفِينَ":

في قوله تعالى: "وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعٰكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ"[86] حُذفت الألف في كلمة: "وَالْعٰكِفِينَ"؛ لتدلنا على انكماش الفعل، وأن الاعتكاف هو الاستقرار في مكانٍ محددٍ، وعدم التحرك منه أو خارجه، بخلاف كلمة: "لِلطَّائِفِينَ "فقد جاءت بالألف القائمة؛ لتدلنا على الحركة الدائمة للطائفين[87].* بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "وَالْكَظِمِينَ"، "وَالْعَافِينَ":

في قوله تعالى: "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ"[88] يُلاحظ حذف الألف في كلمة: "وَالْكَظِمِينَ"؛ لتدلنا على انكماش الفعل وكظمه، وجاءت كلمة: "وَالْعَافِينَ"؛ لتوحي بسعة هذا العفو وقدره[89].* بيان المعني من خلال بيان الفرق بين رسم: "أَعْدَاءً"، "إِخْوَانًا":

في قوله تعالى: "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا"[90] جاءت كلمة: "إِخْوَانًا" بهذا الرسم والتصقت حروفها؛ للدلالة على مدى التلاحم والقرب بين الإخوة، وجاءت كلمة: "أَعْدَاءً" بالألف القائمة؛ للدلالة على أن الأعداء ليس بينهم علاقات والمسافات بينهم بعيدة كما بعدت حروف الكلمة[91].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق بين رسم: "وَالصَّاحِبِ"، "لِصٰحِبِهِ"، "صٰحِبَةٌ":

جاءت كلمة: "صَاحِبُهُ" بالألف الوسطية مثبتة الكتابة "8" مرات في القرآن الكريم، ولم ترد كلمة: "صَحِبَةٌ": بالألف الصريحة.

ويوحي ورود كلمة: "صَاحِبُهُ"، "صَحِبَةٌ" بدون ألف وسطية فارقة بنوع من القرب والالتصاق، نحو قوله تعالى: "وَصَحِبَتِهِ وَبَنِيهِ" بمعنى زوجته فقد جاءت كلها بدون ألف في القرآن الكريم؛ لتوحي بالمعنى المطلوب من الزواج وهو القرب والالتصاق والسكن، وجاءت في قوله تعالى: "وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍبالألف القائمة؛ لتوحي بالبعد بين النبي صلى الله عليه وسلم وقومه في الإيمان بالرغم من مصاحبته لهم في الزمان والمكان[92].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق بين رسم: "الْحَسَنٰتِ"، "السَّيِّئَاتِ":

جاءت كلمة: "الْحَسَنٰتِ”في جميع القرآن الكريم بدون ألف وسطية فارقة، وجاءت كلمة: "السَّيِّئَاتِ”في جميع القرآن بالألف الوسطية الفارقة.

ويوحي ورود: "الْحَسَنٰتِ" بدون ألف أنها مهما كانت قليلة فإنها ملتصقة بالإنسان لا تنفصل عنه، وأنها تكتب للإنسان فور عملها، بينما يوحي ورود كلمة: "السَّيِّئَاتِ"بالألف الصريحة أن هذه السيئات يمكن أن تنفصل وتتبدل حسنات إذا تاب الإنسان[93].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق بين رسم: "أَحْيَاءٌ"، "أَمْوَتٌ":

الحياة حركة ونشاط، والموت سكينة وخمود، ورسم الكلمة القرآنية يعطي امتدادًا للمعنى وتصويرًا له، وقد جاءت كلمة: "أَحْيَاءٌ" في كل القرآن بالألف الصريحة القائمة وجاءت كلمة: "أَمْوَتٌبدون ألف؛ ليوحي بالموت والسكينة والهدوء"[94].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق بين رسم: ” الرِّيَاحَ"، “الرِّيحِ":

جاءت كلمة: ”الرِّيحِفي القرآن الكريم بدون ألف صريحة؛ وذلك لأن حذف الألف يجعل الكلمة منكمشة وسريعة مما يتناسب مع سرعة الرياح[95].

غير أن هذه الكلمة وردت مرة واحدة في القرآن الكريم كله برسم: ”الرِّيَاحَبالألف الصريحة، وذلك في قوله تعالى: ”وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[96]، ومن خلال تدبرنا لهذه الآية الكريمة يتضح لنا سبب ورود كلمة: "الرِّيَاحَ" كاملة الحروف بدون أي نقصٍ؛ لتتناسب ما وصفه الله لنا من كثرة فوائد الرياح، فهي مبشرات، وهي رحمة، وهي تسيّر الفلك، وهي فضل من الله حتى نشكر الله على ذلك[97].

بيان المعنى من خلال رسم: ” السَّلَمَ":

وردت كلمة: "السَّلَمَفي القرآن الكريم كله بدون ألف وسطية[98]، ويوحي عدم وجود الألف الفاصلة في وسط الكلمة بالقرب، والألفة، والحب، والرعاية، والطمأنينة، والمودة[99].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق بين رسم: ” الْغَمَامَ"، ﱡﱠﱠ:

وردت كلمة: "الْغَمَامَ”مرتين في القرآن الكريم إحداهما: بالألف الوسطية، والأخرى، بدون ألف وسطية، وحين نتدبر السياق في الحالتين يتبين الأسباب التالية:

الموضع الأول: ”وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ. ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ"[100] جاءت كلمة: "الْغَمَامَ"بألف وسطية في سورة البقرة مما يوحي بأن الغمام لم يكن مضمومًا إلى بعض -أي أنه كان متفرقًا-؛ بسبب ما جاء في مقدمة الآيات أن بني إسرائيل كانوا في شك من الإيمان بموسى عليه السلام حتى يروا الله جهرة.

الموضع الثاني: "وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمٰمَ"[101] جاءت كلمة: "الْغَمٰمَ"بدون ألف وسطية (في سورة الأعراف) مما يوحي بأن الغمام كان قريبًا من بعضه مُتجمعًا، وبذلك كان الظل وارفًا كبيرًا وكان هذا جزاء للأمة التي ذكرها الله تعالى من قوم موسى يهدون بالحق وبه يعدلون[102].

بيان المعنى من خلال بيان الفرق من خلال رسم: "سَمَوَاتٍ":

وردت كلمة: "َمَوَاتٍ”بهذا الرسم بدون ألفي المد في القرآن الكريم كله عدا مرة واحدة فقط بألف صريحة: "سَمَوَاتٍ" وذلك في قوله تعالى: "فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ"[103].

وحين نتدبر هذه الآية الكريمة وما قبلها من آيات نجد أن القرآن الكريم يتعرض لقضية كبرى هي خلق السماوات والأرض، وتفصيلاته وترتيب هذا الخلق ومدته وتقدير الأقوات في الأرض، لذا فإن القضية مهمة جدًّا وتحتاج إلى تدبرٍ وتفكرٍ؛ وعليه فقد جاءت كلمة: "سَمَوَاتٍ"؛ بالرسم غير العادي هذه المرة بوجود ألف صريحة؛ لتلفت النظر إلى تفصيلات خلق السماوات والأرض، فجاءت الألف فاصلة للسماوات محددة؛ لأن لكل سماء أمرها الخاص به[104].

الخاتمة:

إن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد بحث ودراسة وتدبر؛ للكشف عن معاني جليلة القدر للقرآن الكريم، سائلًا المولى عز وجل أن يوفقنا لتدبر كتابه العظيم الذي لا تنقضي عجائبه..

أولًا: النتائج:

توصل الباحثان إلى نتائج عدة، أهمها:

  1. الرأي الذي تطمئن له النفس هو وجوب الالتزام بالرسم العثماني، وعدم جواز كتابته بالطرق الإملائية الحديثة؛ للأسباب التي ذكرنا سابقًا.
  2. للرسم العثماني فوائد ومزايا كثيرة لا تتوفر في غيره تدعو إلى التمسك به والمحافظة عليه، وعدم العدول إلى غيره.
  3. هناك علاقة وطيدة بين رسم المصحف وبيان المعنى المراد من الكلمات والآيات القرآنية.
  4. إن رسم الكلمة القرآنية يعزز المعنى ويعطيه أبعاده الكاملة؛ ليحقق صدق قول الله تعالى: "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا".
  5. إن تجاور الحروف في الكلمات القرآنية والعلم بصفاتها يجسد المعاني في أحسن صورة، وقد سبق بيان ذلك.
  6. القول بإعجاز الرسم العثماني مسألة محدثة، كان أشهر وأقدم من صرح بها عبد العزيز الدباغ.
  7. وجود علاقة وطيدة بين أسرار النظم وإسرار الرسم.
  8. وجود علاقة وطيدة بين أسرار الرسم العثماني وأثر أحكام التلاوة على المعنى التفسيري.

ثانيًا: التوصيات:

  1. العمل على مزيد من البحث في موضوع الرسم العثماني وفوائده ولطائفه، فهو لا زال بحاجةٍ لدراسات أكثر، وإلى مزيد فكر وتأمل وتدبر.
  2. نشر ثقافة الالتزام بالرسم العثماني بين معلمي القرآن الكريم ومتعلميه.
  3. إلزام جميع المؤسسات القرآنية التي تتبنى كتابة المصحب كتابته بالرسم العثماني، ومنع كتابته بالرسم الإملائي.
  4. إلزام الطلبة والدارسين لاعتماد الرسم العثماني خلال أبحاثهم ودراساتهم؛ مما يُؤسس ثقافة نشره.
  5. توجيه الباحثين إلى مزيد بحث في هذا الموضوع، من خلال دراسات مركزة وخطط علمية واضحة.
  6. توسيع مجالات التدبر وتعميقه في ميدان الرسم العثماني وإشراقاته على المعنى التفسيري.

قائمة المراجع والمصادر:

  1. دلائل الإعجاز في علم المعاني، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471هـ)، المحقق: محمود محمد شاكر أبو فهر، دار المدني بجدة، الطبعة: الثالثة 1413هـ - 1992م.
  2. دراسات في علوم القرآن، المؤلف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ)، دار المنار، الطبعة: الثانية 1419هـ-1999م.
  3. المدخل إلى علوم القرآن الكريم، المؤلف: محمد فاروق النبهان، دار عالم القرآن– حلب الطبعة: الأولى، 1426 هـ - 2005 م.
  4. الكتاب: دراسات في علوم القرآن الكريم، المؤلف: أ. د. فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي، الطبعة: الثانية عشرة 1424هـ - 2003م.
  5. صفحات في علوم القراءات، أبو طاهر عبد القيوم عبد الغفور السندي، المكتبة الأمدادية، الطبعة: الأولى- 1415هـ.
  6. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزُّرْقاني (المتوفى: 1367هـ)، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، الطبعة: الطبعة الثالثة.
  7. دراسات في علوم القرآن، المؤلف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ)، دار المنار- الطبعة: الثانية 1419هـ-1999م.
  8. مباحث في علوم القرآن، مناع بن خليل القطان (المتوفى: 1420هـ)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- الطبعة: الطبعة الثالثة 1421هـ- 2000م.
  9. قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير- دراسة تأصيلية تطبيقية، عبير بنت عبد الله النعيم، دار التدمرية، الرياض- المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1436هـ- 2015 م.
  10. معجم مقاييس اللغة / ابن فارس، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1979م.
  11. الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، دار الكتب العلمية، 2006م.
  12. إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة، لمحمد شملول، دار السلام، الطبعة الأولى، 2006م.
  13. دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم والضبط، إبراهيم بن أحمد المارغني، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1994م.
  14. رسم المصحف بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، لشعبان محمد إسماعيل، دار السلام، الطبعة الأولى، 1419ه.
  15. المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار، لأبي عمرو الداني، تحقيق: نورة حسن الحميد، دار التدمرية، الطبعة الأولى، 1431ه.
  16. مختصر التبيين لهجاء التنزيل، لأبي داود سليمان بن نجاح، تحقيق: أحمد بن معمر شرشال، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف- 1421ه.
  17. مناهج العلماء في دراسة إعجاز القرآن، لغانم قدوري الحمد، كتاب إلكتروني.
  18. لطائف البيان في رسم القرآن، شرح مورد الظمآن، أحمد محمد زيتحار، الجزء الأول.
  19. رشف اللمى على كشف العمى في رسم القرآن وضبطه، محمد العقب بن ما يأبي.
  20. الجلال والجمال في رسم الكلمة القرآنية، سامح القليبي، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، 2008م.
  21. البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي، الطبعة الأولى، دار إحياء العلوم العربية- مصر، 1957م.
  22. كتب منوعة في علم التجويد، أهمها، المغني في علم التجويد، لعبد الرحمن الجمل، مكتبة منصور، 2013م.
  23. رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، دار السلام، مصر، الطبعة الثانية 2001م
  24. النشر في القراءات العشر للإمام محمد بن محمد بن محمد بن الجزري.
  25. الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، للإمام مكي بن أبي طالب القيسي، الطبعة الثالثة، مؤسسة الرسالة 1984م.
  26. تاريخ المصحف الشريف، عبد الفتاح القاضي، مكتبة القاهرة، الطبعة الأولى، 2010م.
  27. جميلة أرباب المراصد، برهان الدين الجعبري، الطبعة الأولى، دار الغوثاني 2010م.
  28. الإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، مكتبة المهتدين.
  29. المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، دار اللواء، الطبعة الثالثة، 1987م.

حوالہ جات

  1. .النساء: 122.
  2. . القيامة: 18.
  3. . المزمل: 4.
  4. .انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، ص: 383، وقواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير ص: 653.
  5. . انظر: مناهل العرفان، للإمام الزرقاني، 1، 300، والمدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد بن محمد أبو شُهبة 1/337، وقواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير، ص: 653.
  6. . انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد بن محمد أبو شُهبة، 1/337.
  7. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، للإمام الزُّرْقاني 1/373، وجامع البيان في رسم القرآن للإمام الهنداوي ص10.
  8. . هود: 105.
  9. . البقرة: 9.
  10. .انظر: جميلة أرباب المراصد، برهان الدين الجعبري، ص 39، ومناهل العرفان في علوم القرآن، للإمام الزُّرْقاني 1/377، الطبعة: الطبعة الثالثة، ودليل الحيران: ص 26، وسمير الطالبين، علي محمد الضباع، ص15.
  11. .انظر: الإتقان في علوم القرآن، للإمام السيوطي 1/164.
  12. .انظر: رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، 1/62.
  13. . انظر: مزايا الرسم العثماني وفوائده، د. طه عابدين، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، 2006م ص59.
  14. . انظر: تاريخ المصحف الشريف، للدكتور عبد الفتاح القاضي، ص 86.
  15. .هو الإمام مالك بن أنس، ثاني أئمة الفقه الأربعة المشهورين، ولد سنة: 93هـ، وتوفي سنة: 179هـ.
  16. .انظر: المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار للإمام الداني، ص 9، والبرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي 3/13، والإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي 2/ 470.
  17. . هو الإمام أبو عمرو، عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، ولد سنة 371هـ، وهو عالمٌ في القراءات ومُحدّث ومُفسّر أندلسي، وتوفي سنة: 444 هـ.
  18. . انظر: المرجع السابق، والإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي: 1/146.
  19. . انظر: جميلة أرباب المراصد، برهان الدين الجعبري، ص 39.
  20. . انظر: المقنع 1/19، ومناهل العرفان للإمام الزرقاني، 1/167.
  21. . انظر: البرهان 1/ 1154، والسخاوي هو: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي –نسبة إلى سخا شمال مصر– رضي الله عنه الشافعي 83ه 902. 1428ھ وهو مؤرخ كبير وعالم حديث وتفسير وأدب شهير من أعلام مؤرخي عصر المماليك.
  22. . هو أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراساني البيهقي المشهور بالبيهقي، ولد في بيهق: 384 45ه، وهو أحد أقطاب الفقه الشافعي ومراجعه.
  23. . انظر: الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي، 6\ 2199.2200، والبرهان في علوم القرآن للزركشي 2/ 14.
  24. . هو عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي، ولد سنة: 1332هـ، ويعتبر من البارعين في الاقتصاد والتاريخ، وتوفي سنة: 1406.
  25. . هو أبو بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم القاضي الباقلاني البصري، ولد سنة: 338هـ، وتوفي سنة: 402هـ.
  26. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، للإمام الزرقاني 3/373، والإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي 2/ 470.
  27. ۔انظر: رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، ص 7.
  28. . هو أبو محمد، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن السُّلَمي، ولد سنة: 557هـ، وهو من البارعين في التفسير والفقه واللغة، وتوفي سنة: 660هـ.
  29. . هو أبو عبد الله، بدر الدين، محمد بن بهادر بن عبد الله الزَّرْكَشِيِّ المصري، فقيهٌ شافعيٌّ، وأصوليٌّ ومُحدِّث، ولد سنة: 745هـ، وتوفي سنة: 794هـ.
  30. . انظر: البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي، 1/ 379.
  31. . انظر: لطائف البيان في رسم القرآن، شرح مورد الظمآن، أحمد بن محمد أبو زيتحار 1/ 6.7.
  32. . انظر: رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، ص 75.
  33. . في مبحث قواعد الرسم العثماني/ في قاعدة الزيادة.
  34. . الحجر: ٩، وانظر: المرجع السابق: ص 76.
  35. . انظر: النشر في القراءات العشر، للإمام ابن الجزري، 1/12.
  36. . انظر: دراسات في علوم القرآن، الرومي، ص 351، وانظر: رشف اللمى على كشف العمى في رسم القرآن وضبطه، محمد العقب بن ما يأبي، ص 1.
  37. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن للإمام الزرقاني، 1/377، وتاريخ المصحف الشريف، عبد الفتاح القاضي، ص 104.
  38. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزُّرْقاني 1/370، وصفحات في علوم القراءات، عبد القيوم عبد الغفور السندي 1/169.
  39. . انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع، للإمام مكي بن أبي طالب القيسي، 1/331.
  40. . الزمر: ٥٣.
  41. . سورة العنكبوت: 56.
  42. . انظر: المدخل إلى علوم القرآن الكريم، محمد فاروق النبهان، ص: 165، ودراسات في علوم القرآن الكريم، فهد بن عبد الرحمن الرومي، ص: 342.
  43. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزُّرْقاني، 1/371، وصفحات في علوم القراءات، عبد القيوم عبد الغفور السندي، ص: 1/170.
  44. . انظر: المدخل إلى علوم القرآن الكريم، محمد فاروق النبهان، ص 166، ودراسات في علوم القرآن الكريم، فهد بن عبد الرحمن الرومي، ص: 343.
  45. . انظر: البرهان في علوم القرآن، للإمام الزركشي، 1/387، ورسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، ص 43.
  46. . انظر: النشر في القراءات العشر للإمام ابن الجزري 1/92، ورسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، ص43.
  47. .انظر: دراسات في علوم القرآن الكريم، فهد بن عبد الرحمن الرومي، ص: 363.
  48. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزُّرْقاني 1/370، وصفحات في علوم القراءات، عبد القيوم عبد الغفور السندي، 1/169.
  49. . الأنفال: 35.
  50. . الأنعام: 162.
  51. . الأنعام: 29.
  52. . الروم: 39.
  53. . انظر: النشر في القراءات العشر، للإمام ابن الجزري 2/ 128.
  54. . انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزُّرْقاني 1/372، وصفحات في علوم القراءات، عبد القيوم عبد الغفور السندي، 1/171.
  55. . انظر: المرجعين السابقين.
  56. . انظر: جميلة أرباب المراصد، برهان الدين الجعبري، ص 42.
  57. . هو أبو الحسن، علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الكسائي 119هـ..189 هـ وكان إمام الكوفة في اللغة والنحو، وسابع القراء السبعة.
  58. .انظر: رسم المصحف، دراسة لغوية تأريخية، ص 203.
  59. . هو أبو أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي المعروف بابن البناء المراكشي 654هـ1321.ه عالم مغربي برز بصفة خاصة في الرياضيات والفلك والطب.
  60. . انظر: رسم المصحف، دراسة لغوية تأريخية، ص 228. 231.
  61. . هو عبد العزيز الدباغ، من علماء الرسم المشهورين، توفي سنة: 1131هـ.
  62. . انظر: بصائر ذوي التمييز، فيروز أبادي، 1/ 65.
  63. . هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، ولد سنة: 400هـ، وهو من أهل النحو والأدب والعربية، وتوفي سنة: 471هـ.
  64. . انظر: كتاب التعريفات، للإمام الجرجاني، ص 47.
  65. . انظر: مناهل العرفان، للإمام الزرقاني، 2/ 331.
  66. . الذاريات: 47.
  67. . الحج: 51.
  68. . سبأ: 5.
  69. .انظر: الإبريز، عبد العزيز الدباغ، ص356.
  70. . انظر: مقال "خصوصيات الرسم العثماني للمصحف الشريف"، مجلة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، ص 15، للعام 1423 هـ.
  71. . انظر: مناهل العرفان، للإمام الزرقاني، 1/389، وسمير الطالبين، للضبَّاع، ص18.
  72. . انظر: إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة، محمد شملول، ص 52. 53.
  73. . الشورى: 30.
  74. . انظر: رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، شعبان محمد إسماعيل، ص72.
  75. . النساء: 98.99.
  76. . انظر: الإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص77، والجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص219.
  77. . سبأ: 5.
  78. . انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، ص357، والإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص75، والجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص213.
  79. . الفرقان: 5.
  80. . انظر: المرجع السابق ص 73.
  81. . الأعراف: 166.
  82. . انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، ص357، والإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص 47.
  83. . يوسف: 16، يوسف: 18، الفرقان: 4.
  84. . الأعراف: 116.
  85. . يوسف: 16، يوسف: 18، الفرقان: 4، وانظر: المرجع السابق، والمدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، ص357، والجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص212.
  86. . البقرة: 125.
  87. . انظر: الإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص32.
  88. . آل عمران: 134.
  89. . انظر: الإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص35.
  90. . آل عمران: 103.
  91. . انظر: المرجع السابق، ص37.
  92. . انظر: الإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص49، والجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص535.
  93. . انظر: الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص502.
  94. . انظر: المرجع السابق، ص507.
  95. . انظر: الآيات: 164: البقرة، 57:الأعراف، 22: الحجر، 45: الكهف، 48: الفرقان، 63: النمل، 48: الروم، 9: فاطر، 5: الجاثية.
  96. . الروم: 46.
  97. . الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص411.
  98. . انظر: الآيات: النساء: 94، 16: المائدة، 127: الأنعام، 25: يونس، 33: مريم، 47: طه، 23: الحشر.
  99. . انظر: الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص396.
  100. - البقرة: 55- 57.
  101. -الأعراف: 159- 160.
  102. - انظر: الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص671.
  103. . فصلت: 12.
  104. . انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، ص362، والإعجاز القرآني في الرسم العثماني، عبد المنعم كامل شعير، ص31، والجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن الكريم، سامح القليني، ص14.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...