Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 29 Issue 2 of Al-Idah

الشيخ علي الطنطاوي وخدماته العلمية والأدبية |
Al-Idah
Al-Idah

Article Info
Authors

Volume

29

Issue

2

Year

2014

ARI Id

1682060034497_462

Pages

251-269

PDF URL

http://www.al-idah.pk/index.php/al-idah/article/download/236/224

Chapter URL

http://al-idah.szic.pk/index.php/al-idah/article/view/236

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

ممالاشك فيه أن الشيخ علي الطنطاوي يعد من أبرز الكتاب والأدباء والدعاة المعاصرين الذين قدموا خدماتهم الجليلة لاصلاح المجتمع واهتموا بالجيل الناشئ في عصر العولمة والتيارات الفكرية والثقافية والحضارية والعلمية ، فهومن أولئك الموهوبين المصلحلين المخلصين الذين جمعوا بين الدعوة الإسلامية والأدب وجعل الأدب ذا أهداف سامية، وتتسم حياته بالعطاء العلمي والأدبي والفكري والدعوي ،وحاولنا في هذا المقال إبراز جهود هذه الشخصية العظيمة في مجال الدعوة والأدب والتاريخ واصلاح المجتمع في السطور التالية:

1- مولده ،نشأته، وحياته:

1-مولودہ:

هو "علي بن مصطفى بن أحمد بن علي بن مصطفى الطنطاوي" من مواليد عام 1327هـ الموافق 1908م. يتبادر إلى الذهن أن أصله من "طنطا" في مصر، والأمر بالفعل كذلك، فقد نزح جده أحمد بن علي بن مصطفى إلى دمشق سنة 1255هـ[1]، وبها تلقبت أسرته بهذا اللقب[2]، وأما أبوه الشيخ مصطفى الطنطاوي فقد كان من العلماء المعدودين في الشام، انتهت إليه أمانة الفتوى في دمشق[3]. كان أبوه مديرا للمدرسة التجارية التي درس فيها "الشيخ علي" أول الأمر، ثم ولي منصب رئيس ديوان محكمة النقض عام 1918م إلى أن توفي سنة 1925م. وأما أسرة أمه فكانت هي كذلك: من الأسر العلمية في الشام حيث كان كثير من أفرادها من العلماء المعدودين، ولهم تراجم في كتب الرجال. نرى "الشيخ علي" يقول عنها" أما أسرة أمي فهي أجدى الأسر العلمية في الشام، حدثني خالي محب الدين الخطيب[4] أن أصلها من بغداد ثم نزلت حَماة[5]، ونزح فرع منها إلى قرية عذراء[6]، والذي انتقل منهم إلى دمشق الشيخ عبدالرحيم بن محمد الخطيب المتوفى سنة 1199هـ، وبلغت ذريته اليوم بعد مائتي سنة من انتقاله إليها الآلاف فصارت من أكبر الأسر الدمشقية"[7].

2-نشأته:

بدأ دراسته الابتدائية على العهد العثماني فكان طالبا في المدرسة التجارية التي سبق ذكرها اسمها الأصلي"اتحاد وترقي مكتبي إعدادي سي" اختصر الناس هذا الاسم وعربوه فصار "المدرسة التجارية" لأن الذي فتحها جماعة من التجار في سنة 1918م[8]، ثم في المدرسة السلطانية الثانية ومن ثم في المدرسة الجقمقمية، واستمر على هذا الدأب إلى سنة 1933م حتى التحق بـ"مكتب عنبر" الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق وقتئذ.

كان رحمه الله من أوائل الذين تلقوا دروسهم عبر طريق مزدوج أي الجمع بين القديم والجديد. نجده قائلا" كنت أول من جمع في دمشق بين أسلوبي الدراسة، وكان العلماء يومئذ بين(شيخ) لا يعرف من علوم الدنيا الحديثة شيئا، وبين (أفندي) لا يفقه من علوم الدين شيئا إلا قليلا- لا يغني ولا يجزي".[9] فكان يتعلم في المدارس إلى أن تخرج في الجامعة، بالإضافة إلى ذلك كان يتقدم إلى حلقات المشايخ لينال منهم علوم العربية والدينية على الأسلوب القديم ويرتوي من نميرهم.

واندرج في سلك التدريس بعد حصوله على درجة ليسانس في الحقوق وعمل في مدارس مختلفة كالمدرسة الأمينية التي هي أقدم المدارس الشافعية في دمشق، والمدرسة الجوهرية ومن ثم المدرسة التجارية (الأهلية).

2-حياته العملية والعلمية

أ-اتصاله بالصحافة:

أول اتصاله بالصحافة كان في أوائل سنة 1344هـ الموافق 1926م. الناس يبدؤون باللين حين يكتبون في الصحف، وهو بدأ الكتابة بالعنف، وهم يكتبون للفن والأدب، وهو بدأ للنقد والإصلاح، فهاج على نفسه حربا لا طاقة له بها. بدأ يبعث روحا ليصلح المجتمع، فأمسك القلم وبدأ بالرسائل كانت تسمى "رسائل الإصلاح، حاول فيها قمع الضلالات الشائعة في الشعب وخاصة في حلقات الصوفية[10].

رسائل سيف الإسلام: انقطعت سلسلة رسائل الإصلاح لأسباب فبدأ بسلسة أخرى وهي رسائل سيف الإسلام، منها ما نشرت باسم "لما ذا أنا مسلم"، وأخرى " قضية التجهيز"، والثالثة باسم"الشيوعية أكبر خطر على البشرية"، ثم تلتها رسالة "الأدب القومي"[11].

لازم جريدة "فتى العرب" خمسة أشهر،كان يكتب فيها تحت عنوان "أحاديث ومشاهدات"، ومقالات أخرى حول الأدب والفن، وإن كانت المقالة ملتهبة فيبعث بها إلى "القبس"، وإن كانت هادئة فنشرها في"ألف باء". كتب في "الشرق الأوسط" أيضا كما لم يدع القلم عن جريدة "المسلمون". وكان يكتب في جريدة "الأيام"، وأمرها كل يوم إلى ازدياد، حتى صارت لسان الأمة، المعبر عن أمانيها، المصرح بمطالبها، المدافع عن حقها، إلى أن ضاق بها الفرنسيون، فمنعوا صدورها، وكانت هي تتوقع المنع عليها، لذلك حصلت على ترخيص بإصدار جريدة أخرى باسم "اليوم"، وانتهجت "اليوم" نهج "الأيام" فمنعوها بتاتا، وأخذوا رئيس تحريرها، فأغلقت الجريدة، وهكذا سدت الطرق التي كان يستمد منها ما ينفقه على أسرته، ومارس في شتى المجالات من قبل، مارس التجارة والمحاسبة والتدريس في مدارس أهلية، لقد صار له اسم في الناس وذكر في أهل الأدب ولكن هذا الاسم وذاك الذكر لا يشترى به رطل من الخبز، كان بين تلك الهموم والأحزان حتى جاءه رفيق اسمه غضنفر سنجقدار، ودعاه إلى الوظيفة في الحكومة، فتردد في استجابة هذه الدعوة، لأنه كان ممن ينكر على الوظيفة الحكومية، وأنه كان من سياسة الفرنسيين حيث كانوا يقطعون بالوظائف الألسنة، ويكفون عنهم بها الأقلام.

ب-الشيخ علي قاضيا:

دخول "الشيخ علي" في سلك القضاء كان أمرا مصادفا، وكم من مصادفة يكون لها أثر في حياة الإنسان كبير، هي مصادفة بالنسبة إلينا، ولكن هذا الكون الذي وضعه الله لكل شئ فيه أسبابا، وربطه بنظام محكم، وقَدَرَ كل ما فيه تقديرا دقيقا، ليس فيه مصادفات، هي تكون مصادفة بالنسبة لنا،ولكنها عند الله خطة مرسومة ومدونة في اللوح المحفوظ. فيبدو أن مصير الشيخ علي كقاض كان من إحدى المصادفات، ولكن ما أراده الله به عظيم بل أعظم من أعظم المصادفات.

كان الشيخ علي في يوم من تلك الأيام (أيام تمرين المحاماة)، ينتظر وصول الترام في ساحة المرجة التي هي ملتقى خطوط الترام، ليصعد به إلى بيته في جبل قاسيون، طال وقوفه، وجعل ينظر حوله فوجد إعلانا على عمود الكهرباء فإذا هو دعوة للدخول في القضاء لمن يحمل إجازة الحقوق. نظر الشيخ علي في التاريخ فرأى أنه لم يبق على آخر موعد لتقديم الطلب إلا يومان، فترك الترام وركب عربة وذهب إلى رفيقه محمد الجيرودي: رفيقه في المحاماة، وطلب منه الكتب والمراجع، واستعلم منه طريق الاستعداد، فأعطاه رفيقه ما كان يحتاج إليه من كتب معترضا على أن من جملة شروط التقدم مدة التمرين في المحاماة التي لم يكتملها الشيخ، على كل حال حمل الكتب، وذهب إلى داره. إذا أراد الله أمرا هيأ له أسبابا، ذلك أن وزارة العدل رفعت شرط التمرين بناءا على قلة المتقدمين لمسابقة تعيين القضاة، وسمحت بالمشاركة لكل من كان لديه إجازة الحقوق .[12]

"كأن الله أراد لي دخولها، فأزال كل عائق أمامي، فقدمت الطلب، وقبلت في المسابقة، وكان بيني وبينها أمد، فذهبت إلى بيتي، وأَغلَقتُ علي بابي، وانقطعت عن الناس، فلم أتصل بأحد، وكنت قد تزوجت فحالت زوجتي بين الناس وبيني أن يشغلوني، فعكفت على هذه الكتب، وتلك القوانين، وفرغت عقلي ووقتي لها، فلم أشتغل بغيرها، حتى أنني أحطت بمواد "المجلة"[13] كلها، حفظا عن ظهر قلب، وهي 1800مادة ،وكذلك بقوانين الأصول، وقرار حقوق العائلة، الذي كان قانون الأحوال الشخصية في تلك الأيام..... وجاء يوم الامتحان، ولم أكمل استعدادي له، فأتم الله نعمته علي، فأجل الامتحان لأن المتقدمين كانوا أقل من العدد المطلوب، فجددت استعدادي وعكفت مرة أخرى على هذه القوانين وهذه النظم، حتى ظننت أنني استكملتها حفظا وفهما، ودخلت الامتحان، وكنت من أوائل الناجحين .[14]

عين "الشيخ علي" قاضيا في منطقة النبك[15]، ولكنه لم يسارع إلى استلام العمل، بل طلب من وزارة العدل أن تمهله شهرا، لا ليستريح ويلعب فيها بل ليواظب في المحكمة الشرعية في دمشق حتى يعرف المعاملات كلها، ابتداءا من عقد الزواج. وحصر الإرث، وتنظيم الوصية، إلى الحكم في قضايا الإرث والزواج والوقف.يقول عن تلك المشاغل، "لم أدع معاملة ولا قضية يمكن أن ترد المحكمة إلا بعد أن عرفت طريقة تقديمها، وأصول النظر فيها، ذلك أن القاضي الذي يتسلم عمله وهو غير مطلع على ذلك، فيتحكم فيه رئيس الكتاب، ويصرفه كما يشاء، وأنا لا أريد أن يتحكم بي من هو دوني، ولا أريد أن أشمخ بأنفي على من هو دوني".[16]

أمضى في النبك قاضيا لها نحو أحد عشر شهرا، ثم كانت تَنَقُلاتُه في وزارة العدل بين القضاة فنقل قاضيا إلى دوما وهي قرية من القرى المحيطة بدمشق، وكان من ولي قضاءها انتقل منها فصار قاضيا في المحكمة الكبرى في دمشق، فانتدب الشيخ أول الأمر أياما معدودة إلى محكمة دمشق، فكان ذلك انتدابه إليها،وعمله الرسمي في دوما، ثم صار قاضيا رسميا في دمشق، ثم القاضي الأول في المحكمة الذي كانوا يدعونه "القاضي الممتاز".[17]

لقد صار قاضي دمشق الممتاز فما ذا صنع في هذا الموقع، الذي شغله عشر سنوات كاملة، من سنة 1943م إلى سنة 1953م، حين نقل مستشارا لمحكمة النقض؟. نورد هنا ما ينصه هو،" كان عنوان أول مطبوعة صدرت لي سنة 1347هـ هو "في سبيل الإصلاح،" ولقد حرصت عمري كله أن أسلك هذا السبيل، وكنت أوفق –بحمد الله أحيانا، وتعترضني العقبات فأتنكبها حينا، فتصوروا حالي! ولقد لبثت سنين، أرى الرشوة والظلم والفساد، ولا أقدر على إزالته ولا على تقليله، كانت عيني بصيرة بالمعايب، ولكن يدي كانت قصيرة عن محوها، كنت أرى السيارة على غير الطريق، ولكن مقودها بيد غيري، كنت أعرف المرض وعندي دواءه، ولكن لا سبيل إلى إيصاله إلى المريض، فالآن طالت يدي القصيرة، وتسلمت أنا مقود السيارة، وفتح لي الباب أن أحمل إلى المريض العلاج، إنها لذة من أكبر اللذاذات، أن ترى الباطل غالبا والحق مغلوبا، وترى نفسك عاجزا، ثم تعطى القوة على دحر الباطل وعلى نصرة الحق".[18]

ونستعرض في الصفحات التالية بشيء من هذه الكتب ونتعرف إليها عن كثب، ولسوف نجد فيها البيان لما وصفت والبرهان على ما ذُكرت من صفات ومزايا قل اجتماعها في كتابات واحد فرد من المؤلفين والكتاب.

3- مؤلفاته الأدبية والعلمية

أ-المؤلفات الأدبية

  1. فكر ومباحث[19]: يضم خمسا وعشرين مقالة، نحو نصفها مما نشر في الثلاثينيات، أي أنها من أوائل ما نشر "علي الطنطاوي" في الصحف. أقدم مقالات هذا الكتاب مقالة عنوانها "كيف تكون كاتبا"، نشرت سنة 1932م، أي أن صاحبها كان- لما نشرها- في الثالثة والعشرين من عمره! كتب هذه المقالة للطلاب الذين حرموا لسبب ما من دروس الإنشاء، والذين يكلفون بكتابة المقالة في الموضوع الثقيل الذي لا يألفونه ولا يفهمونه من غير أن يكون أمامهم ما ينسجون على منواله ويقتفون أثره. هناك أمثال لمثل هذه الأبحاث العميقة في هذا الكتاب، منها : "بين العلم والأدب" و" الملكة والثقافة" و"في النقد" و" الأدب العربي في مدارس العراق"، وفيه مقالات في وصف الأدب وواقعه (أضحت اليوم ذات قيمة تاريخية فضلا عن قيمتها العلمية والأدبية)، منها "الحياة الأدبية في دمشق" و "أدب إقليمي" و"الترجمة والتأليف". كما أن فيه دراستين نفسيتين، واحدة عن "الأبيوردي" الشاعر نشرها في مجلة الرسالة عام 1936م، فيها تحليل لنفسية الشاعر وشعره ودراسة لزمانه، أما الدراسة الثانية فهي وصف وتلخيص لنسخة ثمينة من كتاب مفقود هو "تعبير الرؤيا لابن قتيبة" نشرت عام 1935م[20].
  2. صور وخواطر[21]: يضم ثمانيا وثلاثين مقالة بين عامي 1935م-1966م، وهو جامع لأطرف وأظرف المقالات التي كتبها، لا يملك أحد أن يقرأها بغير أن يقهقه ضاحكا منها، وفيه مقالات فلسفية اجتماعية[22].
  3. مع الناس[23]: يضم هذا الكتاب أربعين مقالة، تهتم معظم مقالات الكتاب –كما يوحي اسمه-بقضايا الناس وهمومهم ومشكلاتهم، فهي مقالات اجتماعية واقعية. فمن مشكلاتنا-على سبيل المثال-الاستهتار بالوقت وإخلاف المواعيد وكان ذلك من أكثر ما يؤذيه من الناس، ولأن "الشيخ علي" أدرك مدى انتشار هذه العلة في المجتمع وتمكنها من أفراده، فقد خصها بعدد من أحاديثه ومقالاته التي جمعها في هذا الكتاب ومنها "لصوص الوقت" و"لا تؤجل" و"الوعد الشرقي"[24].
  4. هتاف المجد[25]: في هذا الكتاب خمس وثلاثون مقالة، منها ما نشر أصلا مقالات في الصحف والمجلات، ومنها ما كان أحاديث أذيعت في الإذاعات أو خطبا ألقيت في الاحتفالات والمهرجانات، وتبدو فيها عاطفته الدينية في أظهر صورها وأعنف حالاتها[26].
  5. مقالات في كلمات: مقالات صغيرة موجزة[27]، تعالج مشكلات اجتماعية أو يدافع عن الفقراء والضعفاء، ومنها مقالات تهتم بالمشكلة الأخلاقية والدعوة إلى الفضيلة[28].
  6. قصص من الحياة: سماه كذلك لأن الحياة ألفته[29]. ومما يلاحظ في هذه الأقاصيص أن أكثرها قصير، فهي لا تكاد تتجاوز الصفحات العشر طولا، هذا من حيث الشكل، أما من حيث المحتوى فيجمع أكثرها أنها تعالج مشكلات اجتماعية أو أخلاقية[30].

تحقيق الكتاب "صيد الخاطر"[31] لابن الجوزي: قد راجع الشيخ علي الطنطاوي الكتاب وعلق عليه مئات من التعليقات المفيدة ووضع له مقدمة طويلة-في أربعين صفحة-تكاد تكون كتابا أو كتيبا قائما بذاته عن الكاتب والكتاب[32].

ب-مؤلفاته العلمية

1-الإسلاميات:

قد يواجه الباحث صعوبة فصل كتابات الشيخ علي الطنطاوي الأدبية-دون غيرها- من كتاباته لتكون هي الكتابات الإسلامية، فالفكرة الإسلامية تكاد تكون قاسما مشتركا وجامعا عاما لكل ما كتب، لقد عاش الإسلام في قلبه حيًا نابضًا، وفي روحه ظافرا منتصرا، ومضى يدعو إلى الله سبحانه على بصيرة بجرأة وعزم وصبر طويل. والجدير بالذكر أن معظم هذا القسم هو ما بثه خلال الإذاعات (السمعية منها والمرئية) من أحاديث من هذا الباب، من فتاوى في برنامجيه "مسائل ومشكلات" و"نور وهداية" أو أحاديث إسلامية عامة في أكثر السنين) في برنامج رمضان باسم "على مائدة الإفطار"[33].

فصول إسلامية: يضم هذا الكتاب[34] اثنتين وثلاثين مقالة نشرت في أزمنة متباعدة. وفي الكتاب كثير من المقالات الممتعة المفيدة، ففي مقالة "كلمة في الاجتهاد والتقليد" على سبيل المثال لا الحصر بحث نفيس ممتع في هذا الموضوع[35].

في سبيل الإصلاح: كتاب[36] يضم ثلاثا وثلاثين مقالة يعود أكثرها إلى عشر الأربعينات. كان الإصلاح واحدا من المقاصد الكلية العظمى لمسيرة "علي الطنطاوي" العلمية والأدبية، وكان السعي إليه والعمل في سبيله واحدا من أهم معالم سيرته، لقد كتب وخطب في سبيل الإصلاح، وحاضر وسافر في سبيل الإصلاح، فكيف لا يحمل واحد من كتبه- فنجد الانتصار للفقراء والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، ونجد تشخيصا وعلاجا لمشكلات اجتماعية كالغش والمماطلة والتطفل والاستهتار والفردية والأنانية والنفاق وضياع الأمانة). ونجد دعوة إلى إصلاح التعليم وإحياء اللغة، ويدافع عن الأزهر ويدعو إلى إصلاحه في مقالتي " إن هذا العلم دين" و" إلى علماء الأزهر"[37].

تعريف عام بدين الإسلام[38]: يتألف هذا الكتاب من اثني عشر فصلا ومقدمة وخاتمة. فأما المقدمة ففيها تصوير جميل لمعاني الفطرة والتكليف وطريقي الجنة والنار وحقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، وأما الفصول الاثنا عشر فتعرض أبواب الإيمان جميعا عرضا واضحا موجزا يفهمه الكبير والصغير ويستمتع به العلماء والمثقفون وعامة الناس جميعا[39].

الفتاوى[40]: يضم هذا الكتاب طائفة من الفتاوى التي كانت قد نشرت في جريدة "الشرق الأوسط" بين أواخر سنة 1982م وأوائل سنة 1984م، وقد نحا فيها "الشيخ علي" نحوا جديدا مبتكرا في تبسيط جواب كل مسألة وتبويبه في فقرات مرقمة يسهل فهمها ويمكن لكل واحد من الناس استيعابها. فلما اجتمع لديه قدر منها قرر أن ينشرها في كتاب منفرد. يضم الكتاب مائة وستا وسبعين مسألة رتبت في اثنين وعشرين بابا[41].

2-التاريخيات:

كان "الشيخ علي رحمه الله" أكثر ما يحب قراءته كتب الأدب، وفي المقام الثاني-بعدها-كتب التاريخ. ولقد قرأ-من شبابه-كتب التاريخ الطوال، كتاريخ الطبري والكامل لابن الأثير، والبداية والنهاية لابن كثير، وأمثالها، فلم يكن غريبا-إذن-أن يتجه للكتابة في التاريخ مبكرا، ولئن كان قد قرأ في التاريخ كل هذه الكتب الطويلة، فإن أكثر ما كان يحب أن يظهره منه للناس هو سِيَر عباقرة الإسلام ومواقف المجد والعظمة في تاريخه[42]. منها:

أبو بكر الصديق[43]: تأليفٌ ألفه الشيخ علي الطنطاوي وهو في السادسة والعشرين من عمره[44]، وقد ألفه-كما يقول في مقدمته-استجابة لطلب من أحد الناشرين:"انتدبتني المكتبة العربية في دمشق لكتابة هذه السيرة الجليلة (وهي تقصد إلى نشر التاريخ الإسلامي ليعرف الشبان المسلمون أبطالهم وعظماءهم، وجلال ماضيهم وسمو تاريخهم)، فأجبت-على عجزي وضعفي-آملا أن أكون عاملا صغيرا في هذا العمل الكبير"[45].

أخبار عمر وعبدالله بن عمر رضي الله عنهما[46]: تضمنها سبعة أبواب تتفرع عنها فصول وعناوين، ويبدأ الكتاب ببابٍ موجزٍ عن عمر في الجاهلية، ثم باب عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ختم الكتاب بجزء عن عبدالله بن عمر، كتبه أخوه ناجي الطنطاوي ويقع في بضع وثلاثين صفحة، وفيه فصول عن شخصيته وعبادته وزهده وورعه وموقفه في الفتنة وأقواله وكلماته وأسرته وأولاده وأخبار متفرقة عنه[47].

رجال من التاريخ[48]: فصول هذا الكتاب كانت-في الأصل-أحاديث دأب علي الطنطاوي على إذاعتها حينا من إذاعة دمشق منذ نحو نصف قرن- تضم ترجمات لبعض الأعلام المشهورين (كعمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وصلاح الدين ونور الدين زنكي)[49].

أعلام التاريخ[50]: هذه السلسلة تتألف من سبعة كتيبات وهي عن حياة: عبدالرحمن بن عوف، وعبدالله ابن المبارك، والقاضي شُرَيك، والإمام النووي، وأحمد بن عرفان الشهيد، والإمام محمد بن عبدالوهاب، لا يحشد فيها الأخبار والمرويات بل يقدمها لنا بصورة أدبية جميلة هي وسط بين القصة الأدبية والرواية التاريخية[51].

قصص من التاريخ[52]: في هذا الكتاب ثلاث وعشرون قصة نشر أكثرها في الثلاثينيات، نشر هذا الكتاب أول مرة سنة 1939م باسم (من التاريخ الإسلامي). لقد كتبها بأسلوب بث فيها الحياة حتى ليستدر-أحيانا-الدمع من عين قارئها، وحتى ليخال المرء أنه واحد من أبطالها وشخصياتها، يروح معهم ويجيء، ويألم معهم ويفرح، بل ليكاد يحيا معهم ويموت[53].

حكايات من التاريخ: سلسلة تتألف من سبع حكايات صغيرة يقع كل منها في بضع وأربعين صفحة، وقد ظهرت الطبعة الأولى منها في سنة 1960م. هذه الحكايات مشابهة في فكرتها ومنهج كتابتها للقصص التي تكلمنا عنها قبل قليل، غير أن تلك كانت "قصصا" للكبار وهذه "حكايات" للصغار. وهي سبع: "جابر عثرات الكرام" و "المجرم ومدير الشرطة" و" التاجر والقائد" و "التاجر الخراساني" و "قصة الأخوين" و" وزارة بعنقود عنب" و" ابن الوزير"[54].

دمشق: صور من جمالها وعبر من نضالها[55]: يضم تسع عشرة مقالة كتبت بين عامي 1931م و1964م، وفي الكتاب بعض الصور القديمة لمدينة دمشق، والاسم يوحي بأن مقالات الكتاب وصفية أو تاريخية، وفي بعض المقالات صور أدبية تاريخية نكاد نحس،ونحن نقرؤها، أننا نعيش في دمشق في بعض أيامها القديمة[56].

الجامع الأموي[57]:هو أصغر كتاب من كتب الشيخ علي الطنطاوي. على أن في هذا الكتاب-على قصره-وصفا وافيا وتاريخا شافيا لمن أراد أن يقف على أموي وصفا وتاريخا، وسبعة فصول تستعرض تاريخ الجامع من يوم أنشئ إلى زماننا الحاضر، وهي "عمارة الأموي" وفيه أخبار بنائه الأول، و"أطوار الأموي وأحداثه" و"من أخبار الأموي" وفيهما ذكر ما مر بالأموي من حرائق وزلازل وما أجري عليه من إصلاحات في القبة والمآذن[58].

من حديث النفس[59]: في هذا الكتاب ست وثلاثون مقالة، وقد نشر عام 1960م، منها ما يصف فيها الشيخ نفسه أو يعبر عن عواطفه وانفعالاته، وأشتات من الذكريات، من ذكريات الطفولة المبكرة أو من ذكريات الشباب[60].

من نفحات الحرم[61]:يضم الكتاب نوعين من المقالات، الأول تلك التي كتبها "علي الطنطاوي" ونشرها بعد عودته من رحلة الحجاز الشهيرة، والنوع الثاني مقالات ذات علاقة بالحرم أو الحج. وهذه الرحلة كانت الرحلة الأولى لكشف طريق الحج البري بين دمشق ومكة[62].

بغداد[63]؛ ذكريات ومشاهدات: ذهب الشيخ علي الطنطاوي إلى العراق في عام 1936م، معلما، وقد تركت تلك الفترةُ في نفسه ذكريات لم ينسها، وأحب بغداد حبا كبيرا يتجلى في كثير من سطور وفقرات هذا الكتاب[64].

صور من الشرق في أندونيسيا: أول ما نشر هذا الكتاب[65] في سنة 1960م، وفيه مقالات وأحاديث نشرها علي الطنطاوي أو أذاعها بعد عودته من رحلته في سنة 1954م أو السنوات القليلة اللاحقة. يكاد المرء يصنف هذا الكتاب في زمرة الكتب التاريخية حين يقرأ فيه تلك المقالات التي تسرد تاريخ أندونيسيا وتاريخ الإسلام فيها، ثم يعدل به إلى الذكريات وهو يقرأ ما فيه من أخبار مر بها المؤلف وما وقع له في رحلته تلك من قصص وأحداث.

عقد في القدس سنة 1954م مؤتمر إسلامي كبير لنصرة فلسطين، وقد تمخض هذا المؤتمر عن لجان عدة كان من أبرزها لجنة للدعاية لفلسطين، وكان "الشيخ علي الطنطاوي" من أعضاء هذه اللجنة التي قدر لها أن تطوف في الأرض في سبيل الدعاية لفلسطين وجمع التبرعات لها.

وأمضى الوفد في هذه الرحلة ثمانية أشهر طوف فيها ربع المعمور من الأرض: الباكستان والهند وماليزيا وأندونيسيا، ثم عاد ليحدث بما رآه ووعاه في أحاديثه الإذاعية الأسبوعية من دمشق، وكان أولها حديث بعنوان "أعود".

وهناك فصول في هذا الكتاب فيها تلخيص لتاريخ أندونيسيا وتاريخ الإسلام فيها، وهي فصول عظيمة القِيمة جليلة المنفعة، وهذه الفصول هي: "إسلام أندونيسيا" و "الحركة الإسلامية في أندونيسيا" و "استقلال أندونيسيا". وهناك ملحق طويل أكثره ليس من إنشاءه بل هو قد اقتطفه من مصادر كثيرة وترك عبارته وجعل عنوانه: "لمحات من تاريخ الدين والوطنية"[66].

الذكريات: تتألف مجموعة الذكريات من ثمانية أجزاء فيها نحو ألفين وخمس مائة صفحة، وتضم مائتين وأربعا وأربعين حلقة مما نشر. كان تدوين الذكريات ونشرها حلما حمله "علي الطنطاوي" في قلبه وأملا ظل يراوده سنين طوالا، حتى قال-في بعض سطور مقدمته لكتاب "تعريف عام بدين الإسلام"-إنه يرضى أن يتنازل عن كل ما كتبه ويوفق الله إلى إكمال ذلك الكتاب (تعريف عام بدين الإسلام) وكتاب (ذكريات نصف قرن)[67].

لقد كانت كتابتها أملا من آمال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، وها هو ذا يحدثنا عنها في مقدمتها في الجزء الأول: " هذه ذكرياتي؛ حملتها طول حياتي، وكنت أعدها أغلى مقتنياتي، لأجد فيها-يوما-نفسي وأسترجع أمسي، كما يحمل قربة الماء سالك المفازة لترد عنه الموت عطشا. ولكن طال الطريق وانبثقت القربة، فكلما خطوت خطوة قطرت منها قطرة، حتى إذا قارب ماؤها النفاد،وثقل علي الحمل، وكل مني الساعد، جاء من يرتق خرقها، ويحمل عني ثقلها، ويحفظ لي ما بقي فيها من مائها؛ وكان اسمه زهير الأيوبي، جاءني يطلب مني أن أدون ذكرياتي.... وكان نشر هذه الذكريات إحدى أماني الكبار في الحياة، ولطالما عزمت عليها ثم شغلت عنها، وأعلنت عنها لأربط نفسي بها فلا أهرب منها ثم لم أكتبها، بل أنا لم أشرع بها؛ لأني لا أكتب إلا للمطبعة. لذلك لم أجد عندي شيئا مكتوبا أرجع-عند تدوين هذه الذكريات-إليه وأعتمد عليه، وما استودعت الذاكرة ضعفت الذاكرة عن حفظه وعجزت عن تذكره. لذلك أجلت وماطلت، وحاولت الهرب من غير إبداء السبب، وهو يحاصرني ويسد المهارب علي، ويمسك-بأدبه ولطفه وحسن مدخله-لساني عن التصريح بالرفض. ثم اتفقنا على أن أحدث بها واحدا من إخواننا الأدباء وهو يكتبها بقلمه. واخترنا الأخ العالم الأديب إبراهيم سرسيق، فسمع مني ونقل عني، وكتب حلقتين أحسن فيهما وأجمل، ولكن لا يحك جسمك مثل ظفرك؛ فكان من فضله علي أن أعاد بعض نشاطي إلي فبدأت أكتب"[68].

ولكنه بدأ-كما قال-على غير خطة أو نظام: إذ يقول هو : " بدأت كتابة الذكريات وليس في ذهني خطة أسير عليها لا طريقة أسلكها، وأصدق القارئ أني شرعت فيها شبه المكره عليها؛ أكتب الحلقة ولا أعرف ما يأتي بعدها"[69]، لذلك يصرح بهذه الغرابة في مقدمة الجزء الأول من الذكريات: " هذه ذكريات وليست مذكرات؛ فالمذكرات تكون متسلسلة مرتبة، تمدها وثائق معدة أو أوراق مكتوبة، وذاكرة غضة قوية. وأنا رجل قد أدركه الكِبَرُ؛ فكلت الذاكرة وتسرب إلى مكامنها النسيان"[70].

 

الخاتمة:

والآن نظرة طائرة على أجزاء هذه الذكريات في أوجز صورة، لقد أوشك هذا الفصل يطول مما سبق من الفصول.

الجزء الأول:

يتحدث الشيخ علي الطنطاوي في الجزء الأول عن طفولته المبكرة-عن أيام دراسته الابتدائية-بل عن "الكُتاب" قبلها، وفيه ذكر للحرب العالمية الأولى وتَذَكُرٌ لنمط الحياة في الشام في تلك الأيام. ونحن نمضي فيه مع "علي الطنطاوي الصغير" وهو ينتقل من مدرسة إلى مدرسة، ومن عهد إلى عهد-من العهد التركي إلى العربي ثم إلى الاستعمار الفرنسي، ونقرأ عن أيامه في "مكتب عنبر"، وعن شيوخه وأساتذته، ثم نجد والده قد توفي فاضطرب أمره، فانصرف إلى التجارة أمدا يسيرا ثم عاد إلى الدراسة، ونجده قد سافر-بعد النجاح في الثانوية-إلى مصر للدراسة بدار العلوم، ولكنه يقطع السنة قبل تمامها ويعود إلى الشام. وهو يحدثنا-في مواطن متفرقة من هذا الجزء-عن أصل أسرته وعن أبيه وجده وعن أمه وأسرة أمه. ونجد في أواخر هذا الجزء ذكرا عن الثورة على الفرنسيين.

الجزء الثاني:

وأما الجزء الثاني فيحكي عن "علي الطنطاوي الشاب"-في أوج شبابه- ابن السابعة عشرة، يَرِدُ في أوله ذكرٌ لأول مقالة له في الصحف، وتبدأ –بذلك- مرحلة العمل في الصحافة، حيث نقرأ عن الصحف التي عمل بها والصحافيين الذين عمل معهم، ثم نقرأ عن صدور أول مجموعة من مؤلفاته وهي رسائل الإصلاح ورسائل سيف الإسلام، ولا نلبث أن ننتقل معه من هذا الجو إلى التعليم الذي بدأ به مبكرا، فيتنقل من مدرسة إلى أخرى، ونقرأ بعضا من تفاصيل سيرته في التعليم. وهذا الجزء يتحدث بتفصيل عن بعض أساتذته ومشايخه.

أما أكثر الفصول تأثيرا فهي التي يحدثنا فيها عن أمه وأبيه، وخاصة حين يمضي بنا مثيرا عواطفنا إلى غايتها في الحلقة السابعة والأربعين : "يوم ماتت أمي".

الجزء الثالث:

في الجزء الثالث ننتقل مرة أخرى، من حيث انتهينا في الجزء الثاني في سقبا بالغوطة، إلى رنكوس، فإلى زاكية في مسيرة "الشيخ علي الطنطاوي" التعليمية. نقرأ بعد ذلك عن ظهور مجلة "الرسالة". ثم لا نلبث أن نمضي معه رحالةً في واحدة من أعجب الرحلات؛ الرحلة إلى الحجاز لاكتشاف طريق الحج البري. وفي هذا الجزء نقرأ عن-محدث الشام-الشيخ بدرالدين الحسني، وبعد هذا كله نجده يترك الشام لبغداد، فلقد كانت النقلات السابقة في التعليم من قرية إلى قرية، وها هي الآن نقلة من بلد إلى بلد، من الشام إلى العراق!.

الجزء الرابع:

الجزء الرابع حافل بالأحداث والتغيرات الحاسمة، نبدؤه بدروس الأدب في بغداد، ثم نمضي مع ذكريات طنطاوية عن بغداد والعراق؛ عن رمضان في بغداد، ثم عن إيوان كسرى وسر من رأى، وننتقل معه من بغداد إلى البصرة، ثم نترك العراق ونأخذ طريقنا إلى بيروت لِنُمضِيَ هناك سنة 1937م، في كليتها الشرعية، ولكنا لا نلبث أن نعود إلى العراق لنعيش حينا في المدرسة المغربية في بغداد قبل أن ننتقل إلى كركوك. وأخيرا يعود إلى سورية فيعين مدرسا في دير الزور ولا يمكث فيها غير أمد يسير، حيث تبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من حياة "القاضي علي الطنطاوي" في دوما ثم في محكمة دمشق. ولا يخلو هذا الجزء-كالعادة-من استطرادات، كرواية ذكريات عن الحرب العالمية الثانية، وتخصيص حلقتين للأطباء؛ واحدة للهجوم عليهم والثانية للدفاع عنهم، وأخيرا حديث عن الحياة الأدبية قبل نصف قرن.

الجزء الخامس:

يبدأ هذا الجزء باستكمال الحديث عن الحياة الأدبية قبل نصف قرن إذ هو منقطع في الجزء الرابع، وهو حديث يجرنا إلى ذكريات أدبية متنوعة. ثم ننتقل-فجأة-إلى ذكريات جزائرية، ثم إلى ذكريات فلسطينية. وهذه الذكريات تنقلنا إلى قضية فلسطين، فنجدنا وقد انتقلنا مع "علي الطنطاي" إلى القدس لنحضر "مؤتمر القدس الإسلامي"، ثم لا نلبث أن نجد أنفسنا في وسط الرحلة دون أن ندري؛ ننتقل من القدس إلى بغداد، ونَمُرُ بالموصل وإربل، ثم نتوقف طويلا في كراتشي. وهذه الوقفة الطويلة تنقلنا-بلا تكلف-إلى الاستماع لعلي الطنطاوي وهو يروي لنا "قصة باكستان" الممتعة ثم يحدثنا الحديث الشيق عن دهلي ‘الفردوس الإسلامي المفقود’. ومن ثم نعود إلى دمشق فنجد يوم الجلاء وإذا بسلسلة جديدة من الموضوعات يولد بعضها بعضا: الجلاء يذكر بالاستعمار وأساليبه، وهذا يذكر بإفساد التعليم والأخلاق على الطريقة الفرنسية، وهذه تذكر بمعركة دروس الديانة في مدارس الشام، وهذه جرت إلى الحديث عن الدعوة إلى الاشتراكية والعبث بالمناهج .

الجزء السادس:

يبدأ الجزء السادس من الخطبة التي هزت دمشق، أو التي هز بها "علي الطنطاوي" دمشق بعبارة أصح، ويسطرد الحديث-في عدد من الحلقات اللاحقة-إلى قصة الوحدة[71] وقصة الانفصال، ووقفة عند أسباب الانفصال، بعد ذلك نعود إلى سلك الذكريات ونستأنف رحلة الشرق التي قطعناها في الجزء الخامس، فننطلق إلى أندونيسيا وننتقل بين جزائرها ومدائنها. ثم نتوقف-مرة أخرى-لنسمع حديثا تاريخيا عن قصة أندونيسيا؛ مع الإسلام ومع اليابانيين والهولنديين والبريطانيين. ولكن لا يسلم هذا الجزء-أيضا-من استطرادات، فنجد الحلقة عن صلاة الاستسقاء المشهورة ونقرأ عن واحدة من معارك الشيخ علي الطنطاوي الأدبية، وفي آخر الجزء ذكرياتٌ عن التعليم والمدارس، ثم حلقتان عن القضاة والمحامين. أما الحلقة الأشد تأثيرا فالتي بدأها برثاء شكري فيصل[72] ثم ابنته الشهيدة ‘‘بنان الطنطاوي’’، وإذا به يأتي بواحدة من أعظم مقطوعات الرثاء في تاريخ الأدب الحديث.

الجزء السابع:

يبدأ هذا الجزء بمزيد من ذكريات وصور القضاء. ثم ينتقل بسرعة بين موضوعات متباينة، من أسبوع التسلح بالشام، إلى أخبار عن العلم والعلماء في دمشق قبل نصف قرن، ثم إلى الكلية الشرعية في دمشق، نقرأ بعد ذلك حلقة علمية في تصنيف العلوم وأخرى في الفقه والأحوال الشخصية، ويقودنا هذا الموضوع إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي اشتغل به "علي الطنطاوي" ونسافر معه إلى مصر في رحلته من أجله. وبعد وقفات صغيرة وبعض الاستطرادات نبدأ في قراءة تفصيلات الرحلة التي قام بها إلى أوروبا في سنة 1970م، فنسافر معه إلى ألمانيا وبلجيكا وهولندا، ونقرأ عن الدعوة الإسلامية في هذه البلاد، ونعيش معه أياما في آخن وبروكسل وفي سواهما من مدن ومناطق تلك البلدان الأوروبية.

الجزء الثامن:

الجزء الثامن وهو آخر الأجزاء ، نعود فيه-بعد انقطاع طويل واستطرادات نقلته إلى أقاصي الأرض-فإلى القضاء، وندخل معه إلى محكمة النقض بعدما صحبناه وهو يودع المحكمة الشرعية. ومن هنا ننعطف فننتقل معه –هذه المرة-في آخر وأهم انتقال له، إلى المملكة العربية السعودية. نُمضي معه أولًا سنةً في الرياض، ثم إلى مكة المكرمة، ونعرج قليلا على موضوعات متفرقة؛ كتفسير بعض الآيات، وحديث عن تعليم البنات، ووقفة مع الشيخ أبي الحسن الندوي ومذكراته.

وهكذا ينتهي الجزء الثامن من مجموعة "الذكريات"، وبه تنتهي الذكريات.

اتضح مماسبق أن الشيخ علي الطنطاوي قد عاش في العصر المليئ بالتوتر السياسي والعلمي والفكري وقد شمر عن ساعد جده منذ أول وهلة لاصلاح الممجتمع وفك أغلال الأفكار الفاسدة ولعب دوره الفعال في جميع مجالات حياته الاجتماعية والأدبية والعلمية والدعوية وترك تراثا ضخما علميا وأدبيا يسترشدبه كل من له صلة بالأدب والتعليم والدعوة .

 

حوالہ جات

  1. ا. الذكريات، الطنطاوي علي، ج-1، ص-133، الطبعة الأولى، 1985م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  2. . نفس المصدر، صفحة-29.
  3. . نفس المصدر، ج-1 ص-199.
  4. . محب الدين بن أبي الفتح محمد الخطيب، من كبار الكتاب الإسلاميين، ولد في دمشق ونعلم بها وبالآستانة وشارك في العديد من الجمعيات منها "النهضة العربية"، وجميعة الشبان المسلمين" مناضلا للاستعمار الأوروبي،هذا وقد ساهم في التحرير الصحفي فعمل في جريدة"القبلة"، و"المؤيد"، كما تولى إدارة جريدة العاصمة، بالإضافة إلى إصدار مجلة"الزهراء"، و"الفتح"، اعتقلته الإنكليز اثناء الحرب العالمية الأولى لمدة سبعة أشهر، توفي سنة 1969م بعد أن ترك آثارا جديرة بالثناء.(انظر-- الأعلام للزركلي م-5، ص-282).
  5. . بفتح الحاء،مدينة كثيرة الخيرات واسعة الرقعة حفلة الأسواق وفي طرف المدينة قلعة عظيمة عجيبة في حصنها وإتقان عمارتها،هي مدينة قديمة جاهلية.(معجم البلدان لياقوت الحموي، ج-2، صفحة-300).
  6. . (عذراء وعدراء مستعمل كلاهما)هي قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة، وبها قتل حجر ابن عدي الكندي وبها قبره(معجم البلدان لياقوت الحموي الجزء الرابع، صفحة-91).
  7. . الذكريات، االطنطاوي علي، ج-1، ص- 201.
  8. . نفس المصدر، ص-29.
  9. . مقدمة كتاب تعريف عام بدين الإسلام، الطنطاوي علي، صفحة،6، الطبعة الأولى، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  10. الذكريات، الطنطاوي علي، ج-1، ص-282.
  11. الذكريات، الطنطاوي علي، ج-2، ص-45.
  12. . نفس المصدر، ص-162.
  13. . كانت المجلة هي مدونة القانون المدني. }الباحث{
  14. . الذكريات، الطنطاوي علي، ج-4، ص-165.
  15. . النبك جمع النبكة أرض فيها صعود وهبوط، وسميت النبك ما بين حمص ودمشق لأنها مرتفعة.(انظر معجم البلدان، ج-5، ص-258).
  16. . الذكريات، الطنطاوي علي، ج-4، ص-166.
  17. . علي الطنطاوي، أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-24.
  18. . الذكريات، الطنطاوي علي، ج-4، ص-270.
  19. . فكر ومباحث، الطنطاوي علي، الطبعة الأولى-2005م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  20. . علي الطنطاوي، أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-44. الطبعة الأولى-1421هـ/2001م، دار القلم-دمشق.
  21. . صور وخواطر، الطنطاوي علي، الطبعة الأولى-2005م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  22. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-47.
  23. . مع الناس، الطنطاوي علي، الطبعة السادسة-2008م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  24. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-51.
  25. . هتاف المجد، الطنطاوي علي، الطبعة الخامسة-2005، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.(تعد المقالات في هذا الكتاب من سمعيات ومرئيات الشيخ علي الطنطاوي التي بُثَت عبر الإذاعات السورية والسعودية)
  26. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-54.
  27. . مقالات في كلمات، الطنطاوي علي، جـ-1، ص-3، الطبعة الثالثة-2004، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  28. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-57.
  29. . قصص من الحياة، الطنطاوي علي، ص-93، الطبعة الخامسة-2003م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  30. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-61.
  31. . صيد الخاطر لابن الجوزي، تحقيق، الطنطاوي علي، دارالمنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  32. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-65 وما بعدها.
  33. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-68 وما بعدها.
  34. . فصول إسلامية، الطنطاوي علي، ص-5، الطبعة الرابعة-2005، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  35. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-70.
  36. . في سبيل الإصلاح، الطنطاوي علي، الطبعة السادسة-2006م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  37. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-73 وما بعدها.
  38. . تعريف عام بدين الإسلام، الطنطاوي علي، الطبعة الأولى-1989م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  39. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-76.
  40. . فتاوى علي الطنطاوي، جمع وترتيب- مجاهد مأمون ديرانية، 1405هـ/1985م، دار المنارة- جدة.
  41. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-80.
  42. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-83 .
  43. . أبوبكر الصديق، الطنطاوي علي، الطبعة الثالثة-1406هـ/1986م، دار المنارة- جدة.
  44. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-85.
  45. . مقدمة الطبعة الأولى لكتاب "أبو بكر الصديق"، الطنطاوي علي، ص-22، الطبعة الثالثة-1986م، دارالمنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  46. . أخبار عمر وأخبار عبدالله بن عمر، علي الطنطاوي وناجي الطنطاوي، الطبعة الثامنة-1983م، المكتب الإسلامي-بيروت-لبنان.
  47. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-89.
  48. . رجال من التاريخ، الطنطاوي علي، الطبعة الثامنة-1411هـ/1990م، دار المنارة- جدة.
  49. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-92.
  50. . أعلام التاريخ- سلسلة تراجم الأعلام، الطبعة الأولى- 1960م، دار الفكر-دمشق.
  51. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-95 وما بعدها.
  52. . قصص من التاريخ، الطنطاوي علي، د- ت، المكتب الإسلامي-بيروت
  53. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-98.
  54. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-102.
  55. . دمشق؛ صور من جمالها وعبر من نضالها، الطنطاوي علي، الطبعة الثانية- 1997م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  56. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-104.
  57. . الجامع الأموي في دمشق، الطنطاوي علي، د- ت، مطبعة الحكومة-دمشق.
  58. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-107.
  59. . من حديث النفس، الطنطاوي علي، التعليق- مجاهد مأمون ديرانية، الطبعة الثانية- 1424هـ/2003م، منتدى المعالي-فريق مكتبة المقروء.
  60. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-113.
  61. . من نفحات الحرم، الطنطاوي علي، ط-1400هـ/1980، دار الفكر-دمشق.
  62. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-117.
  63. . بغداد؛ذكريات ومشاهدات، الطنطاوي علي، الطبعة الخامسة-2007م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  64. . علي الطنطاوي-أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مأمون مجاهد، ص-120.
  65. . صور من الشرق في أندونيسيا، الطنطاوي علي، الطبعة الأولى-1992م، دار المنارة-جدة-المملكة العربية السعودية.
  66. . نفس المصدر، ص-131.
  67. . تعريف عام بدين الإسلام، الطنطاوي علي، ص-11.
  68. . الذكريات، الطنطاوي علي، جـ-1، ص-5.
  69. . نفس المصدر والصفحة.
  70. . نفس المصدر، ص-9.
  71. . إشارة إلى الوحدة التي تمت بين مصر والشام فكانت هناك حكومة واحدة تحكم الدولتين.
  72. . شكري بن عمر فيصل (1918م-1985م)، عالم أديب بحاثة، ولد بدمشق، ونشأ برعاية خاله الشيخ محمود ياسين وفي مدرسته ‘‘مدرسة التهذيب الإسلامي’’ وغيرها، وتخرج في مكتب عنبر وانتفع بدروس علماء دمشق. انتسب لعصبة العمل الوطني، وكتب في جريدتها-جريدة "العمل القومي"، موقعا بأسماء مستعارة، اختير عضوا في لجنة تعديل البرامج التعليمية، ثم عين مدرسا بكلية الآداب التي أوفدته إلى القاهرة لتحضير الدكتوراه، وعاد= =فعين أستاذا مساعدا بكلية الآداب، فأوفدته الجامعة إلى ألمانيا للاطلاع فعني هناك بمخطوطات عربية . كان عضوا في مجمع القاهرة والهند واتحاد الكتاب، اختارته مؤسسة الملك فيصل عضوا محكما في قسم الأدب العربي، وفي أواخر عمره عين أستاذا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ورفض-حبا بالبقاء في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عرضا مغريا للعمل في إحدى كليات الآداب بالخليج، كان شخصية محببة دمث الأخلاق قوي الحجة وواسع العلم، له تصانيف عدة ما لا حصر لها هنا، أصيب بقصور في وظائف القلب فاضطر إلى إجراء عملية جراحية في جنيف، لم يحتمل مضاعفاتها فتوفي هناك، ونقل جثمانه إلى المدينة المنورة فدفن فيها.(إتمام الأعلام الدكتور نزار أباظة ومحمد رياض المالح، ص-123).
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...