Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Idah > Volume 30 Issue 1 of Al-Idah

مميزات التشريع الجنائي في الفقه الإسلامي: دراسة تحليلية |
Al-Idah
Al-Idah

Article Info
Authors

Volume

30

Issue

1

Year

2015

ARI Id

1682060034497_1132

Pages

347-358

PDF URL

http://www.al-idah.pk/index.php/al-idah/article/download/213/203

Chapter URL

http://al-idah.szic.pk/index.php/al-idah/article/view/213

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

تمہید:

الحمد لله العلي القادر القوي القاهر الرحيم الغافر الكريم الساتر، خلق فأحسن، وصنع فأتقن، وقدر فغفر، وأبصر فستر، وكرم فعفا، والصلاة، والسلام على المبعوث بشيرا، ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فأوضح الدلالة، وأزاح الجهالة، وفل السفه، وثل الشبه: محمد سيد المرسلين، وعلى آله الأبرار، وأصحابه المصطفين الأخيار.

(وبعد) فقد أثار أهل الغرب في هذه القرون الأخيرةشغبا ضد التشريع الجنائي الإسلامي، بأن أحكامه قاسية أشد القساوة، والعياذبالله، فإنها توجب رجم إنسان حي حتى يموت، وقطع يده ورجله، وصلبه على الخشبة، وقدتأثر بهذابعض المنتمين إلى الإسلام، فشرعوا يحرفون أحكام الشريعةالخالدة، ويتأولون في النصوص الواردةفي هذا الشان تأويلات باردة يمجها المذاق العلمي السليم، كأن أحكامها الجنائية وصمة في جبين الإسلام يريد هؤ لاء أن يغسلوها أو يمحوها بهذه التأويلات الباردة.

والحق أن الشريعة الإسلامية من أكثرالتشريعات مرونة في أحكام الجنايات، فإنهالم تحدد العقوبات، كتشريع أبدي خالد، إلافي جرائم مخصوصة لا يجاوز عددها السبعة، وهي جرائم القتل، والسرقة، والخرابة، والزنا، والقذف، وشرب الخمر، والردة، وتركت تحديد العقوبات في الجرائم سواها، وهي أكثرمن أن تحصى إلى حاكم كل زمان ومكان، فيجوزللحاكم بعدالنظرفي أحوال القضية المعروضةلديه، أن يترك الجاني بعد نظرة شذرة، أوتهديد وتبكيت، ويجوزله أن يحكم عليه بمايناسبه من عقوبة أخرى، تصلح لزجره وردعه عن ارتكاب الجريمة مرة أخرى، حتى لوبدا للحاكم أن الجاني ممن لايرجى صلاحه، ويخشى منه، أن يسرى فساده إلى أعضاء المجتمع الأخرين، جاز أن يحكم عليه بالموت والإعدام.

وبعد هذا التمهيد أذكرنبذة من ميزات التشريع الجنائي في الإسلام وخصائصه التى لاتوجد في تشريع سواه.

1: تقسيم العقوبات إلى حدوتعزير:

إن الشريعة الإسلامية قد قسمت العقوبات الجنائية إلى حد وتعزير.

الألف:

فالحد هو ماقدرت الشريعة مقداره وكيفيته بأحكام القرآن، والسنة[1]، وتقدير أبدي خالد، لا يسع لأحد من الحكام، أو القضاة، أو الجماعة من مجلس النواب وغيره أن يحدث فيه تغيرا بالزيادة أو النقصان، وهي عقوبة الجرائم الستة التى ذكرتها لكم، وذكر الإمام ولي الله الدهلوي [2]ذلك في كتابه حجة الله البالغة[3].

ب:

ما لم يقدر الشريعة مقداره، وكيفيته، وإنما فوضت تقديره إلى حاكم كل زمان ومكان، فيختارللجاني مابدا له من العقوبات المناسبة لزجره، وردعه، وإن الزجر والردع في مثل هذه الجنايات يختلف باختلاف الجاني، واختلاف أحوال الجناية، واختلاف البيئات التي ترتكب فيهاالجناية، فكان من حكمة التشريع الإسلامي أن لايقدر فيها عقوبة مستقرة لاتقبل أي تغير، لئلا يضيق الأمر على الحاكم، ويلجأ إلى التشديد في موضع التخفيف، أو على العكس، ولذلك ذكر الفقهاء أن التعزير لايختص بالضرب، بل قد يكون به، وقديكون بالصفح، وبفرك الأذن، وقديكون بالكلام العنيف، وقديكون بنظرالقاضي إليه بوجه عبوس[4].

قال الكاساني[5]:ومن مشائخنا من رتب التعزير على مراتب الناس، فقال: التعازير على أربعة مراتب:

1- الأشراف، وهم الدهاقون والقواد. 2 - وتعزيرأشراف الأشراف، وهم العلماء والفقهاء.

3- وتعزير الأوساط، وهم السوقية. 4 - وتعزير الأخساء، وهم السفلة.

فتعزير أشراف الأشراف بالإعلام المجرد، وهو أن يبعث القاضي أمينه إليه، فيقول له: بلغني أنك تفعل كذاوكذا.

وتعزير الأشراف بالإعلام والجر إلي القاضي، والمواجهة وتعزير الأوساط: الإعلام، والجرإلى القاضي، والحبس.

وتعزير السفلة:الإعلام، والجر، والحبس، والضرب، لأن المقصود من التعزير هو الزجر، وأحوال الناس في الانزجار على هذه المراتب[6].

وليس المراد من ذلك أن هذه المراتب معينة لا يجوز للقاضي أن يعدوها، فلايجوزأن يعزر الأشراف بالضرب، والحبس، كما فهم بعض الناس، وإنما هذا تمثيل لتفاوت الناس في الانزجار، والمقصود أن يعزر كل جان بما يناسب حاله، فإن حصل الانزجار بعقوبة أدنى، لايتجاوزإلى الأعلى، ولكن القاضي إن رأى أن الجاني على كونه من الأشراف لاينزجر إلا بالضرب والحبس، أو لا يحصل العبرة والنكال إلابعقوبة أشد، فله أن يختار ماشاء من تعزير[7].

هل يجوز للقاضي أن يعزر بأكثرمن جلدات الحدود؟

اختلف الفقهاء في هذه المسئلة:

فقال الإمام أحمد[8] في رواية، وإسحاق بن راهويه[9]، والليث بن سعد[10]:لايجوز التعزير بأكثر من عشرة أسواط[11]، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله[12]، وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعزروا فوق عشرة أسواط[13].

وقال الحافظ العسقلاني:الحديث الأول محمول على التأديب الصادرمن غير الولاة، كالسيد بضرب عبده، والزوج إمرأته، والأب ولده[14]، واختاره الشيخ التهانوي[15].

وأماحديث ابن ماجة: ففي سنده عباد بن كثير الثقفي، وهوضعيف لأن ابن معين يقول:عباد بن كثير ليس حديثه بشيئ[16].وقال البخاري:عباد بن كثير الثقفي البصري سكن مكة، تركوه[17].وقال أبوداؤد:هو متروك الحديث[18].

وقال أبوحنيفة[19]، ومالك[20]، والشافعي[21]، تجوزالزيادة على العشر في التعزير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي! فاضربوه عشرين، وإذا قال: يا مخنث! فاضربوه عشرين[22].

ويقول الطحاوي:إن ضرب شارب الخمر كان تعزيرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب الشارب أربعين بنعلين[23].

وأخرج أصحاب السنن الأربعة:أن رجلا يقال له: عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير، وهو أمير على الكوفة، فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له، فجلده مائة.

ويقول الشيخ محمد تقي العثماني: ولاشك أن هذه الجلدات كانت تعزيرا، لأن المحصن حده الرجم، فإذاسقط الحد لشبهة الإحلال جلد تعزيرا، وبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مئة، وكذلك ثبت عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم، أنهم عزروا بأكثر من عشرة أسواط[24]، فعلم من هذه أن الزيادة على العشرة مشروعة في باب التعزير.

هل يجوز تحديد التعزير بتقنين من الحكومة ؟

ثم إن تعيين العقوبة ومقدارها مفوض في التعزير إلى رأي القاضي، ولم يزل عليه العمل طوال القرون في البلاد الإسلامية، ولكن تشعر الحكومات اليوم بحاجة إلى تحديد قدر العقوبات في جرائم التعزير، وذلك لظهور الفساد في الزمان، وتغير أحوال القضاة، قإن هذه الفسحة الواسعة في اختيار القاضي ربما يشجعه على الرشوة، والجناية، وعدم التسوية، قهل يجوز للحكومة أن تضيق دائرة اختيار القاضي؟ وتعين من قبلها العقوبات في جرئم ليس فيها حد معين ؟

قد اختلفت في ذلك أنظار علماءعصر الحاضر:

فمن العلماء من يقول: لا خيار للحكومة أن تضيق من اختيار القاضي في التعزير، أو تعين العقوبات في جرائم التعزير بتقنين من قبلها، لأنه لايبقى حينئذ فرق بين الحدود والتعزير، ولأن ذلك يفوت المصلحة التي فوض من أجلها التعزير إلى رأي القاضي[25].

ولكن الراجح أنه لا مانع للحكومة من تضيق اختيار القاضي إذارأت المصلحة في ذلك، فيجوزلها أن تعين العقوبات في جرائم ليس فيها حد شرعي معين، والأحسن أن تترك للقاضي دائرة يعمل إختياره في نطاقها، مثل أن تقول :من دخل دار غيره بغير إذنه السابق، أو اللاحق، يعاقب بالحبس إلى مدة لا تقل من شهر، ولا تكثر على سنة وحينئذ تضيق دائرة إختيارالقاضي من حيث أنه يلزمه أن يعاقب الجاني بحبس لا تقل مدته من شهر، ولا تجاوز سنة واحدة، ولكن يكون له الخيار فيما بين شهر، وسنة، فيعاقب الجناة فيما بين ذلك حسب اختلاف أحوال القضية، واختلاف خطورة الجناية.

ويثبت الجوازمن دلائل تالية:

1:أن النبي صلى الله عليه وسلم عين العقوبات في بعض الجرائم التي ليس فيها حد شرعي معين، مثل ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي، فاضربوه عشرين، وإذا قال: يا مخنث، فاضربوه عشرين[26].

وأعله الترمذي بضعف إسماعيل بن إبراهيم ابن أبي حبيبة، ولكنه أخرج عنه أبو داود[27]، وابن ماجة[28]، ووثقه أحمد والعجلي والحربي وابن عدي[29]، وقال ابن معين مرة: صالح الحديث[30]. و أيضا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بتغريب الزاني[31]، وأن هذا التغريب لم يكن حدا عند الحنفية، وإنما كان تعزيرا، ولكنها كانت عقوبة معينة من قبل الإمام، لجناة نوع واحد.

وكذلك ثبت في حديث عبادة بن الصامت، [32]أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر بالجلد مع الرجم للزاني المحصن[33].وأما الجلد في المحصن تعزير عند بعض الففهاء، وأنها عقوبة معينة من قبل الإمام.

2: إن تعيين العقوبة في التعزير مفوض في الأصل إلى رأي الإمام، دون القاضي، كما صرح به غير واحد من الفقهاء، [34]وإنما يفوض ذلك إلى القاضي كنائب عن الإمام، فلما كان الخيار الأصل للإمام، وهو الذي يفوضه إلى القاضي جاز له أن يفوض قدرا معينا من ذلك ويمسك قدرا.

3: قد ثبت عن الحنفية أن عقوبة اللوطي ليست حدا، ولكنهم مع ذلك عينوا له بعض العقوبات، مثل: أن يرمى من الجبل، أو يحبس في بيت مظلم منتن حتى يموت.

وظاهر أنه تعين العقوبة في جريمة، ليست فيها حد شرعي معين عندهم.

وأما من قال من أنه لايبقى بعد التعين فرق بين الحد والتعزير فممنوع، لأن تعيين عقوبة التعزير بالتقنين الحكومي لا يجعل التعزير حدا فإنه ليس تقديرا شرعيا أبديا، وإنما هو تقدير لمملكة مخصوصة في زمان مخصوص وتبقى الفسحة بيد كل حكومة، أن تغير هذا التقدير متى شاءت إلى ما شاءت، وهذا بخلاف الحدود الشرعية المقدرة من قبل الشارع، فإنها تقديرات أبدية خالدة لا مجال لأية حكومة أن تغيرها بتقنين من عندها، هذا الرأي اختاره المفتي محمد شفيع رحمه الله[35].

2: العقوبات للتنكيل:

ثم إن العقوبات التي شرعها الإسلام في الحدود والقصاص، لا يقصد بها جزاء الجاني فحسب، لم يقصد بها أيضا أن تكون نكالا وعبرة لغيره، قال الله عز وجل: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله، [36]ومن أجل ذلك جعلت عقوبات الحدود شديدة، لتقشعر بها جلود المجرمين الآخرين، ومن أجل ذلك استحبت الشريعة الإسلامية أن تكون إقامة الحدود بمرأى من الناس، وبمشهد من العامة، قال الله تعالى: وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين[37]، فلا تستحب الشريعة الإسلامية أن تقام هذه العقوبات في زوايا السجون بمعزل عن الناس، كما يفعل ذلك في نظام انكليز، وإنما تريد أن تشاهد العامة بأعينهم، فتكون عبرة لهم، وسببا لتقليل الجرائم في المجتمع.

وكذلك لا تحسن الشريعة الإسلامية الإكثار من عقوبة الحبس في السجن، فإن الإكثار من هذه العقوبة يؤدي إلى مفاسد أخرى، ويجعل السجون مأوى للمجرمين، يتلقى فيها المجرمون أساليب الجرائم، بعضهم من بعض وتكون نفقات هذه السجون عبأ ثقيلا على بيت مال المسلمين، ومن ثم لم يجعل الحبس والسجن جزاء لأحد من الذي يعاقب بالحدود.

وإنما تستحسن الشريعة الإسلامية أن تكون العقوبات جسمانية، إما ألمية وإما مذلة، فقطع الأيدي والأرجل، والرجم، والسلب عقوبات ألمية رادعة، عقوبة أسواط في الحدود مذلة، وإن لم يكن أليما بمثابة القطع والرجم.

ومن أجل ذلك اشترطوا في الجلدة أن لا تكون فيها عقد، وأن لا يرفع الجلاد يده فوق رأسه، وأن يفرق الضرب على سائر جسده، وأن يجتنب الوجه والفرج، وأن يضربه بقوة متسوطة.

وهذا كله لأن المقصود الأصلي بهذه العقوبة هو إذلال الجاني أمام الناس، وأن يكون نكالا لمن بين يديه، والإيلام والإيذاء تابع لهذا المقصود، ولا تقصد الشريعة إعدامه بهذه العقوبة.

3: الحدود تندرئ بالشبهات:

وكما أن الإسلام شرع في الحدود عقوبات شديدة، فإنه جعل لإقامتها شروطا شديدة كذلك، فلا يقام الحد على أحد من الناس حتى تثبت جريمته أمام القاضي، كضوء النهار دون أية شبهة، فلا يجوز إقامة الحد ما دامت هناك شبهة، كما دلت عليه الأحاديث التالية:

  1. عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ادرؤا الحدود ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة[38].
  2. عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرؤا الحدود بالشبهات[39].
  3. وقال سيدنا عمر رضي الله عنه: لأن أعطل الحدود بالشبهات، أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات[40].

وإن هذا المبدأ أعظم قد أقره الإسلام في حين كان يقضى فيه على الناس بالعقوبات بمجرد القرعة، والتوهمات الأخرى، وكان سخط الحاكم على رجل كافيا للحكم بإعدامه، وسلخ جلده، وقطع أعضائه، ولعل الإسلام أول من أقر مبدأ درء العقوبات بالشبهة في المحل وفي الفعل، ثم أخذ بهذا المبدأ قوانين أخرى، حتى ثبت اليوم في قوانين كل بلد أن فائدة الشبهة ترجع إلى المتهم بالجريمة.

4: الفرق بين الحد والتعزير في الشبهة:

قد ذكر الفقهاء أن الشبهة تسقط الحد، دون التعزير، فالتعزير يثبت مع الشبهات، [41]ولا يفهم بعض الناس مراد ذلك فيزعمون أن التعزير جائز، وإن كان هناك شبهة في ثبوت ارتكاب الجريمة، والأمر ليس كذلك، لأن الشبهة على قسمين:

  1. ما كان مانعا من غلبة الظن بأن المتهم قد ارتكب ما لا يحل له
  2. ما لم يكن مانعا من ذلك، فالقسم الأول يستوي فيه الحد والتعزير، وإن هذا النوع من الشبهة يسقط الحد والتعزير كليهما، مثل أن يشهد شاهدان على رجل بأنه قبل إمرأة أجنبية في كذا، ومكان كذا، ويشهد الشاهدان الآخران بأنه كان في ذلك الوقت في بلد آخر، بحيث لم يمكن له أن يلاقي تلك المرأة، ولا يرجح عن القاضي صدق إحدى البينتين على الأخرى، ويستوي عنده الاحتمالان بما يورث شبهة قوية في أن المتهم ارتكب هذه الجريمة، فإن هذه الشبهة تسقط التعزير، ولا يسع للقاضي حينئذ، أن يعاقب المتهم بعقوبة التعزير، بل يخلى سبيله، حتى يظهر عنده ما يغلب به الظن أن المتهم قد ارتكب الجريمة.

وأما النوع الثاني من الشبهة فهي شبهة فنية تعرض في صدق تعريف ما يوجب الحد، وهي الشبهة التي ذكرها الفقهاء باسم الشبهة في المحل، والشبهة في الفعل، مثل من وطئ جارية ابنه، أو جارية زوجته على ظن أنها حلال له، أو نكح محرمة على ظن أنها حلال له، فإنه وإن ثبت قطعا أنه ارتكب ما لا يحل له، غير أن هناك شبهة فنية في صدق تعريف الزنا الموجب للحد، فإن هذه الشبهة تسقط الحد ولا تسقط التعزير، وكذلك لو سرق رجل متاعا من آخر، وقد وقعت الشبهة في كون المتاع محرزا، فإن هذه الشبهة تسقط الحد ولكن لا تسقط بها التعزير، لأنه قد ثبت منه ارتكاب ما لا يحل له.

فكلما يقول الفقهاء: أن الشبهة لا بسقط التعزير، فإن مرادهم هذا النوع من الشبهة دون الأول، لأن قوله عليه السلام : فإن الإمام أن يخطئ في العفو خيرله من من أن يخطئ في العقوبة[42]، عام لعقوبة الحد والتعزير جميعا.

وصلى الله تعالى على محمدواله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.

حوالہ جات

  1. وعرف السرخسي الحد، وقال:وفي الشرع، الحد: اسم لعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى ولهذا لا يسمى به التعزير؛ لأنه غير مقدر ولا يسمى به القصاص؛ لأنه حق العباد ۔راجع: السرخسي: محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة(المتوفى: 483هـ) المبسوط، کتاب الحدود:9/36، الناشر: دار المعرفة - بيروت: بدون طبعة تاريخ النشر: 1414هـ-1993م۔وكذاذكره صاحب الهداية، أنظر: المرغيناني: علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني، أبو الحسن برهان الدين (المتوفى: 593هـ) الهداية في شرح بداية المبتدي کتاب الحدود:2/392، دار احياء التراث العربي - بيروت – لبنان
  2. هوأحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي الهندي، أبو عبد العزيز، الملقب شاه ولي الله: فقيه حنفي من المحدثين. من أهل دهلي بالهند. زار الحجاز سنة 1143 - 1145 هـ. قال صاحب فهرس الفهارس: (أحيا الله به وبأولاده وأولاد بنته وتلاميذهم الحديث والسنة بالهند بعد مواتهما، وعلى كتبه وأسانيده المدار في تلك الديار) وسماه صاحب اليانع الجنى (ولي الله بن عبد الرحيم)توفی 1176 هـ- 1762 م)وقيل في وفاته: سنة 1179 هـ من كتبه (الفوز الكبير في أصول التفسير وفتح الخبير بما لابد من حفظه في علم التفسيروحجة الله البالغة وإزالة الخفاء.راجع:الزركلي خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الدمشقي (المتوفى: 1396هـ) الأعلام:1/149: دار العلم للملايين الطبعة: الخامسة عشر - أيار / مايو 2002 م
  3. حجة الله البالغة:2/158، دار الجيل، بيروت الطبعة: الأولى، سنة : 1426
  4. ابن نجيم زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المصري المتوفى:970هـ البحر الرائق شرح كنز الدقائق "كتاب الحدود,فصل في التعزير:5/40، دار الكتاب الإسلامي الطبعة:الثانية بدون تاريخ
  5. الكاساني: أبو بكر بن مسعود بن أحمد علاء الدين: فقيه حنفي، من أهل حلب.له بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، في الفقه. توفي587 هـ في حلب.راجع:الأعلام:2/70.
  6. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: كتاب الحدود,فصل في صفة التعزير:7/64، دار الكتب العلميةالطبعة: الثانية، 1406هـ - 1986م
  7. العثماني، محمد تقي، تكملة فتح الملهم:2/263، مكتبةدارالعلوم كراتشي، طبع جديد 1420ه.
  8. أحمد محمد بن بن حنبل، أبو عبد الله، الشيباني الوائلي: إمام المذهب الحنبلي، وأحد الأئمة الأربعة. أصله من مرو، . وولد ببغداد سنة:164ه.فنشأ منكبا على طلب العلم، وتوفي سنة242ه.راجع:الأعلام:1/203.
  9. ابن راهويه :هوإسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي ابن راهويه: عالم خراسان فأحد كبار الحفاظ.ولد سنة:161ه طاف البلاد لجمع الحديث وأخذ عنه الإمام أحمد ابن حنبل والبخاري ومسلم والترمذي . وقيل في سبب تلقيبه (ابن راهويه) أن أباه ولد في طريق مكة فقال أهل مرو: راهويه! أي ولد في الطريق. وكان إسحاق ثقة في الحديث، . استوطن نيسابور، وتوفي بهاسنة:238ه.الأعلام:1/292.
  10. الليث بن سعد عبد الرحمن الفهمي: إمام أهل مصر في عصره، حديثا وفقها. أصله من خراسان، ومولده في قلقشندة، سنة:94ه ووفاته في القاهرة سنة:175ه.وكان من الكرماء الأجواد.وقال الإمام الشافعي: الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.الأعلام:5/248.
  11. ابن قدامةأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي (المتوفى: 620ه المغني:9ـ177.مكتبة القاهر: بدون طبعة.
  12. مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري المتوفى: 261 ه صحيح مسلم كتاب الحدود باب قدر أسواط التعزير:3/1332، دار إحياء التراث العربي - بيروت
  13. ابن ماجة: أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، المتوفى: (273هـ) سنن ابن ماجه:كتاب الحدود,باب التعزير:2/867.دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي
  14. العسقلاني :أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجرالمتوفى: 852هـالتلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، باب التعزير:4/217، دار الكتب العلمية, الطبعة الأولى 1419هـ.
  15. التهانوي، ظفرأحمد، المتوفى:1394ه، إعلاء السنن:11/38، إدارة العلوم كراتشي.
  16. أبو زكريا يحيى بن معين بن عون البغدادي المتوفى: 233هـ معرفة الرجال:1/53.مجمع اللغة العربية – دمشق الطبعة: الأولى، 1405هـ، 1985م.
  17. البخاري محمد بن إسماعيل، أبو عبد الله (المتوفى: 256هـ) التاريخ الكبير:6/43.دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد – الدكن.
  18. السِّجِسْتاني أبو داود سليمان بن الأشعث المتوفى: 275هـ) سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني في الجرح والتعديل:2/25، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1403هـ/1983م
  19. أبو حنيفة النعمان بن ثابت زوطي.من أهل كابل، ولدسنة:80ه، أحدأئمةالأعلام وتوفي سنة 150ه.أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن أحمد (المتوفى: 550هـ) منازل الأئمة الأربعة:1/163: مكتبة الملك فهد الوطنية الطبعة: الأولى، 1422هـ/2002م.
  20. الإمام مالك بن أنس الحميري، أبو عبد الله: إمام دار الهجرة، وأحدالأئمةلأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية، مولده ووفاته في المدينة.سنة179.الأعلام:5/257.
  21. محمد بن إدريس الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله: وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة (بفلسطين)سنة150ه حمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين. وزار بغداد مرتين. وقصد مصر سنة 199 فتوفي بها، سنة204، الأعلام:6/26.
  22. الترمذي: محمد بن عيسى بن سَوْرة المتوفى: 279هـ) سنن الترمذي :أبواب الحدود، باب ما جاء فيمن يقول لآخر يا مخنث:4/92، لناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م.
  23. الطحاوي: أبو جعفر أحمد بن محمد المتوفى: 321هـ) : شرح مشكل الآثار:6/242، مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م.
  24. تكملة فتح الملهم، كتاب الحدود، باب قدر الأوسواط في التعزير:2/211.
  25. تكملة فتح الملهم، كتاب القسامة:4/226.
  26. سنن الترمذي :أبواب الحدود باب ما جاء فيمن يقول لآخر يا مخنث:4/62.
  27. السِّجِسْتاني: أبو داود سليمان بن الأشعث المتوفى: 275هـ) سنن أبي داود, كتاب الطهارة,باب في المذي:1/54.
  28. سنن ابن ماجه: كتاب الأدب, باب حق اليتيم:2/2131.
  29. العسقلاني :أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر المتوفى: 852هـ تهذيب التهذيب:1/104، مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند الطبعة الأولى، 1326هـ
  30. العسقلاني :أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر المتوفى: 852هـ تهذيب التهذيب:1/104، مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند الطبعة الأولى، 1326هـ
  31. البخاري: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجعفي المتوفى:256ه صحيح البخاري كتَابُ الشَّهَادَاتِ,بابُ شَهَادَةِ القَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي:3/171، دار طوق النجاة,الطبعة الأولى، 1422هـ
  32. هوعبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي.شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وهو أحد النقباء الاثني عشر. وكان عقبيا نقيبا بدريا أنصاريا. ومات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.أنظر: ابن سعد أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي المتوفى: 230هـ الطبقات الكبرى:3/412، دار الكتب العلمية بيروت الطبعة:الأولى، 1410 هـ - 1990 م
  33. سنن أبي داود,كتاب الحدود, باب في الرجم:4/144.
  34. فتح الباري لابن حجر:12/73، دار المعرفة - بيروت، 1379
  35. المفتي، محمد شفيع، المتوفى1396ه، معارف القرآن:3/116، إدارة المعارف كراتشي.
  36. المائدة:38:5.
  37. النور:2:24.
  38. سنن الترمذي, أبواب الحدود, باب ما جاء في درء الحدود:4/33.
  39. ابن كثير أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي المتوفى: 774هـ تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب:1/421، دار ابن حزم الطبعة الثانية 1416هـ - 1996
  40. ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمدالمتوفى: 235هـ المصنف لابن أبي شيبة:5/511، مكتبة الرشد الرياض الطبعة:الأولى، 1409
  41. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين المتوفى: 911هـ الأشباه والنظائر:1/122، دار الكتب العلمية الطبعة:الأولى، 1411هـ - 1990م
  42. سنن الترمذي, أبواب الحدود, باب ما جاء في درء الحدود:4/33.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...