Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Bannu University Research Journal in Islamic Studies > Volume 4 Issue 1 of Bannu University Research Journal in Islamic Studies

التربية الإسلامية وميادينها في ضوء الآية من سورة الجمعة |
Bannu University Research Journal in Islamic Studies
Bannu University Research Journal in Islamic Studies

Article Info
Authors

Volume

4

Issue

1

Year

2017

ARI Id

1682060029336_537

Pages

134-145

PDF URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/120/111

Chapter URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/view/120

Subjects

Training Islam Teachings Education

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه ما لم يعلم وأوضح له سبيل الخير وأرشده إليه وبيّن له سبل الشر وحذره منها، والصلاة والسلام على معلم البشرية المربي الأعظم المبعوث بالرحمة سيدنا محمد الذي غرس في نفوس الناس حب الخير وكره الشرور إلى قلوبهم، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار ومن سلك مسلكهم إلى يوم الدين.وبعد!

فالتربية الإسلامية موضوع هام في مجال العلوم الإسلامية لأن بها تنشئة الأجيال سليمة الفكر وجيدة السلوك وبها تسمو الأمة إلى مقاصدها وغايتها.

كتبت هذا البحث بعنوان "ميادين التربية الإسلامية في ضوء الآية من سورة الجمعة". وذلك لإبراز اهتمام القرآن الكريم بموضوع التربية ومكانته في الإسلام. وقسمت البحث إلى مقدمة وخاتمة وصلب الموضوع. فأما صلب الموضوع فقسمته إلى ثلاثة مباحث.

المبحث الأول: ذكرت فيه ميادين التربية في الإسلام والدليل على ذلك والميدان الأول.

المبحث الثاني: ذكرت فيه الميدان الثاني.

المبحث الثالث: ذكرت فيه الميدان الثالث والرابع.

وحاولت الإيجاز والاختصار خشية الإطالة، وجعلت للبحث فهرسين، فهرس المصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات. وحاولت قدر المستطاع تحقيق الموضوع، فإن أصبت فذلك من فضل الله تعالى وإن أخطأت فذلك مني ومن الشيطان، والكمال لله تعالى.

وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم

المبحث الأول

قال الله تبارك وتعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ([1]).

من خلال هذه الآية الكريمة نستطيع أن نحدد ميادين في التربية الإسلامية ومناهجها:

الميدان الأول:

{يتلو عليهم آياته}: وهذه أول خطوة بدأ بها المربي الأعظم المعلم للبشرية محمد صلى الله عليه وسلم لأن تلاة الآيات تغسل القلوب الوسخة بأدران الشرك والإلحاد. كما قال الشيخ صبحي طه:

"القرآن يربي الإنسان على الحياة المستقيمة والأخلاق القويمة لما فيه من العبر والحكم والتشريع وكفى به أنه من لدن حكيم عليم، حكيم: يصنع التشاريع والعبـر في مواضعهـا، عليم: بطبائع الناس وما يصلحهم، ويربي الإنسان أيضا على أعمال عقله وتدريب ذهنه على التأمل والاستنتاج والقياس والاستقراء كما يربي فكر الطالب على عدم قبول شيء بغير حجة أو برهان أو علم"([2]).

قال الله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا([3]). وتلاوة القرآن تفرق بين القلوب الميتة والقلوب اليقظة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند استماع القرآن وفي مجالس الذكر وفي أوقات الخلوة فإن لم تجده في هذه المواطن فاسأل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك"([4]).

واستماع الآيات يجذب إليه نفس السامع ويشغل فكره ويبدأ يتلذذ بالأسلوب القرآني الرفيع الجميل وهذا صحابي جليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يسلم بعد ويريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قصة خروجه لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت للإسلام مباعدا، وكنت صاحب خمر في الجاهلة أحبها وأسر بها كان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش عند دور آل عمر بن عبد، قال: فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك فلم أجد منهم أحد، فقلت لو أني جئت فلانا الخمار، وكان بمكة يبيع الخمر فجئته فلم أجده، فقلت: لو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين، فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين قال: فقلت: حين رأيته والله لو أني استمعت إلى محمد صلى الله عليه وسلم حتى أسمع ما يقول فجعلت أمشي رويدا رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام"([5]).

وهذا تأثير القرآن والأمثلة في ذلك كثيرة لا تحصى في هذه العجالة.

وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد»، قالوا: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: «تلاوة القرآن"([6]).

ثم إن الاستماع إلى القرآن وتلاوته يرشد الإنسان إلى التفكير في آيات الله وفي الكون مما يجعل الإنسان يتأمل في خلق الله من رفع السماوات بغير عمد، من مد الأرض على الماء، من الذي يأتي بالشمس من المشرق، من بيده تصريف الرياح، ومن ينـزل من السماء ماء، من خلق هذا الكون وزينه ومن يدبر أموره، لا بد أن يكون هناك مدبرا وخالقا الذي يجري نظام الكون، ففكر الإنسان في مثل هذه الأمور يؤدبه إلى الاعتراف بأن هناك خالق ومالك ورازق ومدبر ومصرف في الكون قال الخلاوي:

"إن دروس القرآن لو حققت غاياتها هي أفضل الوسائل لتحقيق الهدف الأسمى للتربية الإسلامية"([7]).

فلما غسل هذا الداعي العظيم الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم قلوب الناس وطهرها بدأ يغرس فيها عقيدة التوحيد التي هي أساس هذا الدين ولذلك يكون موضوع هذا الميدان هو "العقيدة الإسلامية" وهو الإيمان بالله والعبادة له وحده، كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المعروف بحديث جبريل عليه السلام وفيه قال:

"ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال: ما الإسلام؟ قال: أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وإن لم تكن فإنه يراك"([8]).

ولأن الإيمان أساس كل سلوك ويتصل اتصالا وثيقا بالأعمال الصادرة من الإنسان فإن التربية الإسلامية تربط دائما بين العقيدة والسلوك، ولذلك قال "جون ديوي":

"إن التربية تعمل على تنمية المعتقدات الدينية ولأن التربية الإسلامية تربط بين العقيدة والعمل باعتبار العمل مظهرا للإيمان وترجمة له فإن الله سبحانه وتعالى جعل العمل معيارا حقيقيا لصدق الإيمان فربط دائما بين الإيمان والعمل، وذم الذين لا يربطون بينهما قال تعالى: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ([9]).

إذاً العقيدة هي أساس من أسس التربية الإسلامية([10]).

الميدان الثاني

{ويزكيهم}: موضوع هذا الميدان هو تعديل السلوك وإصلاح الأعمال.

والتزكيه في اللغة: الإصلاح والتطهير والتنمية، يقال: يزكي من يشاء، أي يصلح من يشاء، قوله تعالى: {وتزكيهم}([11]) أي تطهرهم، وزكاة المال تطهيره وتثميره وإنماؤه.

والزكاة: الطهارة والنماء والبركة([12]).

قال الدوسري: "{ويزكيهم} يعني يطهر نفوسهم من الأخلاق الذميمة وينـزع منها كل عادة رديئة ويقودها للأعمال الحسنة التي تطبع في النفوس ملكات الخير ويبغض إليه كل قبيح وكل ما يغري على فعله"([13]). لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس لأن يضع عنهم إصر الكفر والشرك والأغلال التي كانت عليهم. قال تعالى: ﴿ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم﴾([14]).

قال سيد قطب: "{ويزكيهم} وإنها لتزكية وإنها لتطهير ذلك الذي كان يأخذهم به الرسول صلى الله عليه وسلم تطهير للضمير والشعور وتطهير للعمل والسلوك، وتطهير للحياة الزوجية وتطهير للحياة الاجتماعية، تطهير ترتفع به النفوس من عقائد الشرك إلى عقيدة التوحيد ومن التصورات الباطلة إلى العقائد الصحيحة من الأساطير الغامضة إلى اليقين الواضح وترتفع به من رجس الفوضى الأخلاقية إلى نظافة الخلق الإيماني ومن دنس الربا والسحت إلى طهارة الكسب الحلال"([15]).

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "فكانوا بعد هذا التعليم والتزكية من أعلم الخلق بل كانوا أئمة أهل العلم والدين وأكمل الخلق أخلاقا وأحسنهم هديا وسمتا اهتدوا بأنفسهم وهدوا غيرهم فصاروا أئمة المهتدين وقادة المتقين"([16]).

فهؤلاء الذين وصفهم الشيخ السعدي، هم الذين زكى نفوسهم وطهرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كانوا يحسون لذة الحسنة ومرارة السوء في قلوبهم بالشدة فلذلك نجد أن الشخص المذنب إذا صدرت منه الجريمة يتضايق صدره ويحس مرارتها في قلبه ويأتي إلى المرب المحسن سيد الأنبياء عليه السلام لكي يطهره من هذا الذنب.

فهذا صحابي رضي الله عنه عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني سرقت حملا لبني فلان فطهرني فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا افتقدنا جملين، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده، قال ثعلبه، أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول: الحمد لله الذي طهرني منك أردت أن تدخلي جسدي النار([17]).

وهذا الحديث يدل على غاية تزكيتهم وإصلاح قلوبهم حيث أن الرجل يعرف أن يده ستقطع ولكنه يصبر لأن قلبه قد تطهر وارتفع عن مثل هذه الأمورة.

وهذا ماعز بن مالك رضي الله عنه قد يقع في الاثم يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني زنيت، فأعرض عنه، ثم قال: إني زنيت، فأعرض عنه، ثم قال: إني زنيت، فأعرض عنه، ثم قال: إني زنيت، فأعرض عنه، حتى أقر أربع مرات، فأمر به أن يرجم([18]).

المبحث الثالث:

فلما رقت قلوب الناس باستماع الآيات وبدأوا يفكرون في خلق الله واهتدى من هداه الله بدأ العمل في الميدان الثالث.

الميدان الثالث:

{ويعلمهم الكتاب والحكمة}: لأنه لما كانت ظلمات الجهل قد أسدلت أستارها على البشرية لابد من أن يكون هناك ضوء العلم يزيل هذه الظلمات حتى يكون الناس على البصيرة ويمكن لهم الوصول إلى غايتهم العالية ومنـزلتهم الحقيقية، وقال الدكتور عباس محجوب:

"العلم وسيلة البشرية إلى التأمل في ملكوت الله ونواميس الحياة وأحوال الأمم والحضارات والسيطرة على موارد الحياة ومقدراتها والسمو إلى درجة الاستحقاق للخلافة في الأرض والعلم هو وسيلة البشرية إلى تكوين تصور صحيح للقيم والحياة والوجود ويتلائم مع الحياة ويتسم بالواقعية ويصل بالإنسان إلى إدراك سر وجوده في الحياة"([19]).

ولأجل ذلك اهتم الدين الإسلامي بالتعليم والتعلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول معلم في الإسلام حيث تنـزل عليه أول آيات الوحي تدعو إلى العلم والتعلم، قال سبحانه وتعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ([20]).

وقد حث القرآن على التعلم حيث قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ([21]).

وقال تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ([22]).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"([23]).

ونصوص كثيرة وردت في فضل العلم والتعلم تدل على مكانة العلم في الدين الإسلامي.

وذكر الغزالي عن بعض السلف قائلا: "تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد وتعليمه من لا يعلم صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، والدليل على الدين، والصبر على السراء والضراء، والوزير عند الاخلاء، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة، ويرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وسادة هداة يهتدي بهم أدلة في الخير تقتص آثارهم وترمق أفعالهم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسها وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها لأن العلم حياة القلوب من العمى ونور الأبصار من الظلم وقوة الأبدان من الضعف يبلغ به العبد منازل الأبرار والدرجات العلى ومدارسة العلم يعدل بالقيام وبه يطاع الله عز وجل وبه يعبد وبه يوجد وبه يمجد وبه يتورع وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال والحرام وهو إمام والعمل تابعه يهلمه السعداء ويحرمه الأشقياء"([24]).

ولأجل ذلك اهتم الإسلام بالعلم اهتماما بالغا وكان الصحابة رضي الله عنهم يتعلمون الكتاب والسنة ويحرصون عليهما حتى أن أباهريرة رضي الله عنه يقول: كنت ألزم رسول الله على شبع بطني". وقالت عائشة رضي الله عنها: "نعم نساء الأنصار لن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"([25]).

فلذلك قال محمد قطب: "إن الأصل في الأخلاق الإسلامية على مذهب أهل السنة يرجع إلى سلطة خارجية قاهرة وهي سلطة الدين وأساس هذا الدين القرآن الواجب تعليمه وتعلمه والصلة بين الدين الإسلامي والأخلاق عظيمة تبلغ حد التوحيد بينهما"([26]).

وقال الدكتور أحمد فؤاد الأهواني: "فإذا بدأ الصبي الصغير في حفظ القرآن ومعرفة تعاليم الدين اختلطت هذه التعاليم بشخصيته كل ما نما وبلغ مبلغ الرجولة فتتحد البواعث الدينية في نفسه مع الزمن مع البواعث"([27]).

وتبدو العلاقة بين هذا الميدان وسابقه علاقة وثيقة محددة ففي ميدان التزكية يتحرر المتعلم من النـزعات والقيود التي تعيق التعليم أو تحول دون الموضوعية ودقة البحث والجد فيه. ويدور منهاج هذا الميدان حول امتداد المتعلم بثقافة عامة منها توضيح دور الأمة المسلمة كقوة تسلمت أمر القيام على الرسالة الإلهية وتشاهد خلال ذلك خطوطا عريضية لتنظيمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي تطبقها في الداخل وخطوطا أخرى تبين طبيعة العلاقات المنطلقات التي تعتمدها في سياستها في الخارج"([28]).

وإذا نظرنا إلى معاني "الحكمة" يتبين لنا أن هناك ميدان رابع يقتضي أن يتحول فيه المتعلم لانه يحتاج إلى أن يتزود بالمهارات الفكرية التي تمكن في تخطيط حياته وإدارتها بأشكال تنجسم مع وجود القائم.

الميدان الرابع:

الحكمة: في اللغة، معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، والعلم: التفقه([29]).

ويقول الإمام الرازي: إن الحكمة لا يمكن خروجها عن معنيين هما:

1- العلم، 2- وفعل الصواب.

وتنقسم الحكمة إلى قسمين: 1- حكمة نظرية، 2- وحكمة عملية، ولابد من اجتماعهما في السلوك الكامل.

فقوله تعالى: {رب هب لي حكما} هو الحكمة النظرية، {وألحقني بالصالحين} الحكمة العملية"([30]).

وهذا نظرا إلى معنى الحكمة في اللغة. وأما المراد بها في الآية هي سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام كما قال ابن كثير: {ويعلمهم الكتاب والحكمة} يعني القرآن والسنة([31]). لأنهما أساسان لهذا الدين.

فإذاً ميادين التربية الإسلامية في هذه الآيات تشير إلى الاعقتاد كما في التعبير بقوله {يتلو عليهم آياته} وإلى العمل كما في قوله تعالى {يزكيهم ويعلمهم}.

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبتوفيقه تتم الأمور والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم. وبعد؛

فإن هذه الوريقات تحمل ما يأتي:

إن قوله سبحانه وتعالى {هو الذي بعث في الأميين رسولا ....} يورد ميادين التربية الإسلامية.

الميدان الأول- هو إصلاح العقائد.

الميدان الثاني- هو تزكية النفوس.

الميدان الثالث- هو العلم بالمعارف العامة.

وهو العلم بما يشكل به الإنسان حياته المستقبلة، وهو الحكمة وتنقسم إلى قسمين: النظرية والعملية.

هذا، وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

 

حوالہ جات

  1. ()القرآن،الجمعة: 2
  2. ()التربية الإسلامية وأساليب تدريسها، ص 194
  3. ()القرآن، محمد: 24
  4. ()الفوائد، للإمام ابن القيم، ص 198
  5. ()سيرة ابن هشام: 1/ 342
  6. ()انظر: شعب الإيمان 3/312 رقم: 1859
  7. ()أصول التربية الإسلامية أساليبها، ص 115
  8. ()صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الإيمان: 1/ 114
  9. ()القرآن،الصف: 3
  10. ()أصول الفكر التربوي للإسلام، ص 91- 99
  11. ()القرآن،التوبة: 103
  12. ()لسان العرب لابن منظور: مادة "زكا"
  13. ()صفوة الآثار والمفاهيم في تفسير القرآن العظيم: 2/ 361
  14. ()القرآن،الأعراف : 157.
  15. ()تفسیرفي ظلال القرآن: 6/ 3565
  16. ()تيسير الكريم الرحمن: 7/ 378
  17. ()سنن ابن ماجه: 2/ 863 رقم الحديث 2588
  18. ()نفس المصدر السابق: 2/ 854 رقم 2554
  19. ()أصول الفكر التربوي في الإسلام، ص 33
  20. ()القرآن،العلق: 1- 5
  21. ()القرآن،المجادلة: 11
  22. ()القرآن،التوبة: 122
  23. ()صحيح البخاري 4/85 رقم: 3116 وصحيح مسلم 2/719 رقم: 100.
  24. ()إحياء علوم الدين – باب فضيلة التعليم – 1/11.
  25. ()صحيح البخاري مع الفتح: 1/ 228 باب رقم 50
  26. ()التربية في الإسلام، ص 119
  27. ()نفس المصدر السابق، ص 125
  28. ()التربية النموذجية للطفل، ص 56
  29. ()المعجم الوسيط: 1/ 190
  30. ()تفسير الرازي: 7/ 23- 24
  31. ()تفسير ابن كثير: 1/ 190 ___________________________________ فهرس المصادر والمراجع
    1. القرآن الكريم
    2. أصول التربية الإسلامية وأساليبها، للشيخ عبدالرحمن الخلاوي، ط: دار الفكر
    3. أصول الفكر التربوي للإسلام، الدكتور عباس محجوب، ط: دار ابن كثير دمشق
    4. إحياء علوم الدين، للإمام أبي حامد الغزالي، ط: دار الكتاب العربي
    5. البحوث والدراسات الإسلامية، لجماعة من العلماء
    6. البخاري مع فتح الباري، للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ط: دار المعرفة
    7. التربية الإسلامية وأساليب تدريسها، للشيخ صبحي طه رشيد إبراهيم، ط: دار الأرقم، عمان
    8. التربية في الإسلام، الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ط: دار المعارف، مصر
    9. تيسير الكريم الرحمن، للشيخ السعدي عبدالرحمن
    10. سنن ابن ماجه، للإم أبي عبدالله محمد بن يزيد ابن ماجه، : دار الريان
    11. سيرة ابن هشام، للإمام ابن هشام، ط: مصرية
    12. الفوائد، للإمام ابن القيم، ط: مكتبة القاهرة
    13. في ظلال القرآن، شيخ سيد قطب، ط: دار العلم جدة
    14. لسان العرب، للإمام ابن منظور الإفريقي، ط: دار صادر بيروت
    15. التفسير الكبير، للإمام فخر الدين الرازي، ط: دار الفكر
    16. صفوة الآثار، للشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...