Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Journal of Islamic and Religious Studies > Volume 1 Issue 2 of Journal of Islamic and Religious Studies

التماسك النصي وعلاقته بالنص القرآني دراسة نظرية في ضوء التراث النقدي والبلاغي |
Journal of Islamic and Religious Studies
Journal of Islamic and Religious Studies

التمهيد

إن الدراسات النصية بعامة، ونحو النص بخاصة قد أصبح علما مستقلا له أصوله وقواعده وأساليبه وطرائقه تعنى به الأمم المختلفة خدمة لنصوصها وعملا على فهمها فهما صحيحا وتيسيرا على أبنائها عند تعاملهم مع النصوص الأدبية، والنصوص المقدسة الدينية عندهم، كما أصبحت هذه الدراسات مجالا متميّزا للبحث في التقدم العلمى في الأوساط الأكاديمية في دول العالم عامة، و في العالم العربي والإسلامي خاصة.

فكثير من علماء العرب المحدثين لجأوا إلى هذا المجال ردا قادحا على من أنكر وجود هذه الدراسات في النحو العربى، ومن اتهم النحاة القدماء على أنهم كانوا نحاة الجملة، فبدأ علماء المحدثين العرب يترجمون كتب الغربيين والأروبيين في هذا المجال لمعرفة أصولهم النصية، فانكشف لهم أن غير العرب كانوا يتعاملون مع نصوصهم بأساليب ومعايير العرب التي كانت تستعمل في الأحكام النقدية لنصوصهم العربية من حيث الجودة والرداءة، ومن حيث البلاغة والفصاحة ومن حيث الفصل والوصل والنظم، ومنها مصطلح "التماسك" مرادف لمصطلح (Textual Cohesion) في الإنجليزية.

يعد التماسك النصي جوهر العلاقات النصية لأنه بمثابة العلاقة الكبرى التي تضم سائر العلاقات الأخرى، فهو من أهم خصائص النص يعنى به التلاحم بين أجزاء النص الواحد، بحيث توجد علاقة بين كل مكون من مكونات النص وبقية أجزائه، فيصبح نسيجا واحدا، تتحق فيه علاقات القصد والخلفية المعرفية بالمبدع والمتلقي.

فالتماسك في ضوء علم اللغة النصي "هو الترابط العضوي بين عناصر نص ما، بحيث يبدو الموضوع في صورته النهائية نظاما متكاملا، وبناء متعاضدا، حيث ترتبط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات، ويعتمد المبدع أو الكاتب على الدليل الذي يدعم به الحقائق ويؤيدها، ويربط بينها لتكون في النهاية موضوعا تسلسلت أفكاره، وترابطت في شكل منطقي مقنع أسلمت فيه الفكرة إلى ما بعدها وصار النص كالبناء المنطقي"[1].

فمصطلح "التماسك" ليست له طبيعة نحوية فحسب، بل يتضمن في الوقت نفسه عدّة جوانب تتعلق بموضوع النص وجوانب دلالية وتداولية[2].

من هنا تظهر أهمية التماسك بآراء علماء النحاة والنقاد والبلاغيين والمفسرين الذين اعتنوا بهذه النظرية واهتموا بها في مجالات متعددة، فنجد أهمية التماسك عند النحاة بإهتمامهم من خلال تماسك الجمل النحوية، لأن التماسك مشترك بين نحو الجملة ونحو النص، فلذا اهتم بهذه النظرية علماء النحاة في مراعات تماسك الجمل النحوية تحت نظام الربط، والإرتباط، أو الترابط في أجزاء الجملة وتراكيبها، ثم ترابط الجمل فيما بينها[3].

كما تظهر أهمية "التماسك النصي" بكتابات كثيرة من علماء المحدثين وبآرائهم العلمية التي تقرر لنا قيمة هذه النظرية، فقد قام عدد كبير من علماء العرب المحدثين الذين تتلمذوا على أيدي العلماء الغربيين، فكتبوا عن هذه النظرية وأثبتولها قيمتها الجمالية في نص ما؛ فالذي سلك هذا المسلك كثير من العلماء المحدثين في التراث العربي الحديث،[4] وبجهودهم العلمية بلغت هذه النظرية ذروتها حتى فاقت كل نظريات النصية وأصبحت للنص الأدبي كمظلة رئيسة، بمعنى عدمها في الملفوظ عدم النص ووجودها يدل على أن يكون الملفوظ نصا، وخلاصة الكلام الذي قدّم هؤلاء العلماء في كتبهم عن أهمية التماسك نستطيع أن نحصره في أمور منها :

  1. الإفادة التامة والوضوح في فهم النص.
  2. أمن اللبس وعدم الخلط أو ثبات عناصر الجملة والنص.

إذ من خلال ذلك يمكننا أن نعد التماسك النصي داخل الخطاب من عوامل استقرار النص ورسوخه ومن ثم تتضح أهميته في تحقيق استقرار النص بمعنى عدم تشبث الدلالات الواردة في الجمل المكونة للنص، وعليه يمكن الاستناد إلى أن أغلب التعابير العربية يحكمه هذا المبدأ إذ نجد الكلمات ترتبط الواحدة بالأخرى وتدعوها إليها.

إننا ندرك مدى ترابط النص و تماسكه عبر عوامل داخلية وأخرى خارجية (تتمثل بالمتكلم والمخاطب والبيئة المحيطة بالكلام)، فالرسالة التي يطلقها شخص ما تحمل كل خبراته الماضية والحاضرة فضلاً عن بنائها القواعدي المتماسك إذ تحتوي كل جملة من جمل هذه الرسالة على رابطة أو أكثر يربطها بما يسبقها أو ما يلحقها، ولذا يجب أن تكون هذه الجمل مترابطة فيما بينها لكي تكوِّن نصاً متماسكاً، وهي تنشأ وسط حدث تواصلي خاص يؤثر في تحديد دلالة النص إذ أن كثيراً ما يؤدي ظهور قول واحد في سياقين مختلفين إلى تأويلين مختلفين.

والمتلقي بوصفه مشاركاً في إنتاج دلالة النص - لأنه في الأساس لم يكتب إلا لمتلقٍ سواء أكان حقيقة أم خيالاً - يؤدي دوره أيضا في بيان المعنى لأن النص لا يتحقق وجوده إلا من خلال القارئ، فهو الذي يميز طبيعة المتكلم وطبيعة النص والوسائل المستعلمة في الخطاب وسياق التأليف[5].كما تظهر لنا قيمة التماسك النصي للقرآن الكريم بإهتمام علماء المفسرين تحت ظل "علم المناسبات" ولذا قيل:

"واعلم أن علم المناسبة علم شريف، تحرز به العقول ويعرف به قدر القائل فيما يقول، وقد قلّ اعتناء المفسرين بهذا النوع لدقته، أول من أظهر ببغداد علم المناسبة، ولم نكن سمعناه من عيره هو الشيخ الإمام أبو بكر النيسابوري[6]، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام[7]: المناسبة علم حسن ولكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بأخره، والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيئ عن كونها مكملة لما قبلها او مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جم وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له[8].

وقد ألف علماؤنا في أسراره تواليف كثيرة وممن أكثر منهم فيه من أبو جعفر بن الزبير شيخ أبي حيان، حتى سعيد حوى، ودكتور وليد منير[9]. واستخدموا مصطلحات حديثة من مثل:" الوحدة الموضوعية في السورة، أو الوحدة العضوية، وكذا التماسك، والوحدة البنائية، وعمارة السورة، والتفسير البنائي، فضلاً عن النظام والتناسق والترابط والتناسب والنظم". فالتناسب بين كل آية وجارتها يقتضي أن السورة القرآنية وحدة واحدة، كما تصبح السورة أو القرآن الكريم كالبناء الواحد، أو الجسم الواحد، وحتى ككلمة الواحدة.

وقبل أن أذهب إلى مظاهر التماسك لابد أن أعرّف مصطلح "التماسك" لغة واصطلاحا، لتيسير قراء البحوث في هذا المجال؛ لأن مصطلح "التماسك" مصطلح جديد في الدراسات النصية، فمن الضروري أن نقدّم تعريف التماسك لغة واصطلاحا والعلاقة بينهما في صلب الدراسات النصية.

التماسك لغة:

تحصر المعاجم العربية مصطلح ( التماسك ) في عدّة معانٍ، فقد ورد في الأصل ( م س ك ) : تماسك ، وتمسَّكَ واستمسك ، ومَسَّكَ تَمْسِيكًا ، كلُّه بمعنى: احتبس، واعتصم، ومعتدل، ومرتبط. فقد ورد في الأساس: "أمسك الحبل وغيره، وأمسك بالشيء ومسك وتمسك واستمسك وامتسك. و (أمسك عليك زوجك)[10]

وأمسكت عليه ماله: حبسته، وأمسك عن الأمر: كفّ عنه.[11] وفي المعجم الوجيز: " مَسَكَ بالشيء مَسْكًا : أَخَذَ به وتعلَّق واعتصم. ويُقال : تماسَكَ البناءُ : قَوِيَ واشتدَّ . والتماسُكُ : ترابطُ أجزاءِ الشيء حسيًّا أو معنويًّا. ومنه : التماسُكُ الاجتماعيّ ، وهو ترابطُ أجزاء المجتمع الواحد ".وقيل : إنّه لذو مَسَكَةٍ وتماسك ، أي : ذو عقل.[12]

ويقال تماسكتِ الأشياءُ ترابطت أجزاؤها بعضها ببعض ، قويت واشتدّت ومسك بعضُها بعضًا : بنيان متماسك الأجزاء ، لم يتماسكِ العجينُ بعد ، عائلة متماسكة . و تماسك الشَّخصُ عند الشِّدّة : ملك نفسَه وضبطها، اشتدّ وثبت : تماسك حين سمع نبأ وفاة والده، لم يتماسك عن الضَّحك ، ما تماسك أن قال كذا، وقيل: ما به تماسُكٌ إذا لم يكن فيه خيرٌ .[13]

كما جاء في تاج العروس: "ومن صِفاَتِه صَلّى اللّهُ عليهِ وسَلّمَ بادِنٌ مُتَماسِكٌ أَرادَ أَنّه مَعَ بدانَتِه مُتَماسِكُ اللَّحْم ليس مُستَرخِيَه ولا مُنْفَضِجَه، أي أَنَّه مُعْتَدِلُ الخَلْقِ كأَن أَعْضاءهُ يمْسِكُ بعضُها بعضًا"[14]. وعرّف مجمع اللغة العربية بالقاهرة مصطلح "التَّمَاسُكُ" : تَرَابُط أجزاءِ الشيءِ حسِّيًّا أو معنويًّا ، ومنه : التماسك الاجتماعي ، وهو ترابط أجزاءِ المجتمع الواحد[15]

وعلى هذا فمصطلح "التماسك" يتوجه في سائر المعاجم إلى الدلالة على الصلابة والمتانة، وترابط الأجزاء بعضها ببعض، ولم ترد في المعجمات اللغوية العربية إشارةٌ ارتباط هذا المصطلح بالنصّ اللغوي، سواء أكان منطوقًا أم مكتوبًا. وهذا لا يعني إهمال الدراسات العربية مبدأ التماسك في النصوص، وارتباط أجزائها مكوّنةً كُلًّا متكاملًا.

التماسك اصطلاحا

هو نظام كلي للجمل أو الكليات والوحدات النصية، بمعنى أنها تتماسك وتترابط بعضها بعضا حتى يتكوّن منها النص، فهو متشكل من جمل أو كليات يمكن فهم أجزائها انطلاقا من أجزاء النص الأخرى، وتفهم على أحسن وجه انطلاقا من بنية المجموعة[16]. وعلى هذا فالتماسك له طريقتان مهمتان في تكوين نص ما، ليكون النص متماسكا ومنسجما كا الجسد الوحد[17]. وهاتان الطريقتان كما في التالي:

التصنيف

والمقصود بالتصنيف هو ترابط تام لأجزاء النص في الفهم، وتجاوز النظر المهلهل إلى المفردات، ولجوء إلى النظم المنهجي إلى ما بين هذه المفردات من علاقات وفاقية تعين على إنشاء صنف ما، وعلاقات خلافية تعين على أمن التباس هذا الصنف مع بقية الأصناف.

عدم التناقض

أما المقصود بعدم التناقض فهو إنسجام النص بأوله إلى آخره، فلا تطعن إحدى النتائج في النتيجة الأخرى وفكرة أخرى بأفكارالنص.

وفي تعبير الدكتور محمد محمد يونس "يقصد بالتماسك النتاج من جهة الصورة "الشكل" والمعنى "المضمون"، وهو أيضا متلق بدوره بطريقة تفكير المتحدّث والكاتب حول الحقيقة. وبناء على هذا فالتماسك بمعناه العام هو عبارة عن تحقيق النص لنوع الادراك في العالم الذي يحدد الانتاج لنص/ خطاب ما؛ لذلك يقوم التماسك النصي على بعض أسس الأسلوبية وهي: المؤلف، اختيار المادة، وتأليفها، إبراز المضمون [18].كما هو واضح في الشكل الآتي:

والواقع أن التماسك في الثقافة العربية ارتبط بقضية اللفظ والمعنى، أي الشكل والمضمون، ولم تكن بمنأى عن مفهوم التماسك ، لكن المصطلحات المستخدمة فيها والدالّة على التماسك تحتاج إلى بعض التحديد ، إذ لم تكن مستقرّة استقرار المصطلحات المعروفة في التراث العربي القديم؛ [19]من أجل ذلك احتيج إلى مصطلح يكون مظلة على غيره من المصطلحات، كما يكون جامعًا ودالًّا على الإفادة من الدراسات اللسانية الحديثة ، وخاصة في ميدان علم اللغة النصي وتحليل الخطاب ، فكان ذلك المصطلح هو مصطلح ( التماسك ) الذي ورد في الثقافة العربية بكُتّاب وعلماء المحدثين المتأدبين بأداب الغرب والمتفلسفيين بفلسفة غربية حديثة في مجالات علمية متعددة، ومن أهم هذه المجالات فلسفة لغوية أو فلسفة جديدة في اللسانيات الحديثة بعامة وعلم اللغة النصي بخاصة.

العلاقة بين المعاني اللغوية والاصطلاحية

بالتأمل فيما أورده أصحابُ المعاجم العربيّة من معانٍ يدلُّ عليها أصل مصطلح "التماسك" ( م س ك) الذي لانجدله أية علاقة بالنص سواء أكانت العلاقة علاقة قريبة أو بعيدة من معاني "الجذر"، فيمكننا أن نبحث العلاقة بينه وبين المعنى الاصطلاحي أو نقول بين المعاني المعجمية والمعنى الاصطلاحي كما هو واضح من الشكل على النحو الآتي :

أثبت الدكتور أنس محمود فجال وأمثاله العلاقة الوثيقة التي قائمة بين المعاني المعجمية ، والمعاني الاصطلاحية: فـ(الاحتباس) في النص ، يعني أن يكون للنص بداية ونهاية ، والرسالة محبوسة بينهما.فالاعتدال: في النص ، يعني أن يكون للنص معنى وهدف. أما الارتباط في النص، يعني أن تكون الأفكارُ فيه والمعاني متعلّقًا بعضها ببعض تعلُّقًا منطقيًّا. ويستعمل في معنى"إنّه ذو مَسَكَةٍ وتماسُك " أي : ذو عَقْل ، فإذا كان التماسك هو العقل ، فإنّ من معاني العقل الربطَ والإيثاقَ. والربط هو من أبرز خصائص النصّ.

ويعنى ب"تماسك البناء" : قَوِيَ واشتدّ ، والتماسك : ترابط أجزاء الشيء حسيًّا أو معنويًّا، وفي صفة جسد النبي – صلى الله عليه وسلم - أنّه كان ( بادِنًا متماسكً)، فلو أننا شبّهنا النصّ بالجسد الذي أورده صاحب اللسان لرأينا أنّ التماسك فيه يعني أن يكون النصّ مشدودًا بعضه إلى بعض ، فلا ينفك منه جزء عن الآخر ، حتى كأنّ أجزاءه يمسك بعضُها بعضًا ، كأجزاء الجسد التي تعمل في تكامل عضويّ واعتمادٍ متبادلٍ بينها ، فلا يستغني عضوٌ فيه عن الآخر ، وهكذا في النصّ، إذ تعمل جمله وقضاياه في تكاملٍ عضويّ ، تعتمد الجملة اللاحقة على السابقة ، ولا تستغني عنها[20].

من خلال هذه المعاني التي أقرّها مجمع اللغة العربية في معجميه : الوسيط، والوجيز ، رأى علماء علم اللغة المحدثين صحّة استعمال مصطلح ( التماسك النصي ) ؛ ليكون النصّ بناء له أجزاءه وعناصره، يحتاج إلى دعائم وروابط تقوّيه وتشدّ بعضه إلى بعض ليكون كالشيء الواحد. ويمكننا حملُ الترابط الحسّي على "السبك" عن طريق الأدوات الشكلية : الصوتية والمعجمية والنحوية ، وحمل الترابط المعنوي على"الحبك" عن طريق الدلالة والتداولية, وغيرها من الوسائل[21] .كما يمكننا أن نخرج من ذلك بتعريف للتماسك النصّي فنقول : إنّه تعلّق عناصر النصّ بعضها ببعض ، بوساطة أدواتٍ شكلية ، تسهم في الربط بين عناصرِ النص الداخلية ، والنصِّ والبيئة المحيطة من ناحية أخرى ، لتكون في النهاية رسالة يتلقّاها متلقٍّ فيفهمها ويتفاعل معها سلبًا وإيجابًا. ​د- مظاهر التماسك عند العرب : هنا نقف على إثبات هذا المصطلح واستعماله في الدراسات اللغوية العربية القديمة أو الدراسات الأدبية النقدية ، فقد استُعملت مصطلحات متعددة تدلّ على وظيفة "التماسك" في النصوص العربية ، ومن أهمها ، مصطلح "الترابط " و"النظم" و"التلاؤم" و"التلاحم" و"التلازم " و"التناسب" و"الاتساق" وغيرها من المصطلحات المختلفة، بيد أنّ دوران تلك المصطلحات كان محصورًا في كتب اللغة، والتفسير والنقد، وشروح الحديث، وشروح كلام العرب من شعر ونثر،وكذلك البلاغة، يقول الدكتور أحمد محمد عبد الراضي " فالبلاغيون ، فإنهم أشد اتصالا بالتماسك النصي في الدراسات البلاغية .[22] فقد تطورت هذه الدراسات على يد كثير من العلماء والمفسرين المشتغلين بالنصوص القرآنية، من أهمهم عبد القاهر الجرجاني، وابراهيم بن عمر البقاعي، وسعيد حوي. يقول الدكتور عمر أبوخرمة " علاقة التراث العربي بنحو النص، خلال عدّة حقب تاريخية متباعدة، كما نجد مظاهر التماسك عند اتجاهات متعددة تحت ظل نص قرآني مقدس[23].

و قد أجمع علماء العرب على أن مظاهر التماسك كانت مستمرة منذ أن بدأ إهتمام علماء العرب بالنص القرآني، وهذا واضح تماما من عبارة الإمام السيوطي[24]، بقوله "وعند ما وصل الأمر إلى التابعين، قامت كل طائفة من علماء العرب بفن من فنونه، فاعتنى قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته، ومعرفة مخارج حروفه، وعد كلماته وآياته وسوره، وأجزاءه، وأنصافه وأرباعه، وعدد سجداته، والتعليم عند كل عشر آيات؛ إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة، والآيات المتماثلة، من غير تعرض لمعانيه، فسُمُوا القراء، واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال، والحروف العاملة وغيرها، وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها، وضروب الأفعال واللازم والمتعدي، ورسوم خط الكلمات وجميع ما تتعلق به؛ حتى إن بعضهم أعرب مشكلة، وبعضهم أعربه كلمة كلمة. واعتنى المفسرون بألفاظه، فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد، ولفظا يدل على معنيين، ولفظا يدل على أكثر، فأجروا الأول على حكمه، وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضعوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني، وأعمل كل فكره، وقال بمقتضى نظره، ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ، وبديع النظم، وحسن السياق والمبادي والمقاطع، والمخالص، والتلوين في الخطاب، والإطناب والإيجاز، وغير ذلك؛ فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع، ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق وجعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها، مثل الفناء والبقاء والحضور، والخوف، والهيبة، والأنس والوحشة، والقبض والبسط، وما أشبه ذلك"[25].

وظهر جليا من النص الذي أوردته أن اهتمام علماء العرب بالنص القرآني كان بأوجه متعددة، فمنهم من يهتم بالتماسك الصوتي بتنظيم الأصوات العربية، فهو ترتيب الألفاظ في النطق حسب المعاني في النفس، ومنهم من يهتم بالتماسك المعجمي بصياغة الصيغ الصرفية وترابط بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض، ومنهم من يهتم بالتماسك النحوي بتركيب وتأليف هذه الكلمات في الجمل متسقة المباني منتظمة المعاني، حتى وصل الأمر إلى التماسك الدلالي، فاهتم علماء العرب الجادين في البلاغة العربية، وعلم الكلام بهذا النوع من التماسك لتكوين النص الذي يمكن أن نسمي "ما فوق الجملة العربية من الجمل الكبرى أو وحدات نص ما"، فيكون التماسك بينها على غير هذا السبيل، ولاتكون صلاتها من هذا القبيل، فلا يزيد الأمر فيها على أن اجتمعت حول غرض واحد، والتقت في جهة قصد إليها النظم، كتنسيق أوصاف أو ترتيب قصص، فيكون عمل المؤلف حينئذ في ترتيب المعاني، ورعاية التناسب بين الأول منها والثاني، وأن يجمع كلا إلى شكله، ويضعه في مكانه. وقد ذكر بعض علماء المحدثين مظاهر التماسك النصي في التراث العربي، لكن لم ييستوعبوا إلا قليلا منها، فهذه محاولة لنقدم في البحث جميع ما نجد من مظاهر التماسك في التراث العربي القديم في الشكل الآتي:

الترابط

وهو مصطلح قديم يستعمل في نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية بخاصة، والنص العربي بعامة[26]. ويتناول بالدرس من الناحية التركيبة؛ إذ يتضمن وصفا وتحليلا للنظام الذي يجري عليه الائتلاف بين مكوّنات الجملة من ناحية، وبين الجمل بعضها ببعض من ناحية أخرى، حتى ينشأ منها المعنى الدلالي العام المستفاد. فالترابط ينشأ بين المعنيين داخل الجملة الواحدة أو بين الجملتين، إذكانت العلاقة بينهما وثيقة، تشبه علاقة الشئ بنفسه، فلاحاجة للربط بأداة[27]. ويجري نظام الترابط وفق ظاهرتين تركيبيتين، هما: "الارتباط" و "الربط". والمقصود بالارتباط: نشوء علاقة نحوية سياقية وثيقة بين معنيين دون واسطة لفظية، وأطلق عبد القاهر الجرجاني وغيره من البلاغيين على هذا النوع من الترابط "كمال الاتصال" [28]. أما المقصود بالربط: فهو اصطناع علاقة نحوية سياقية بين معنيين باستعمال واسطة تتمثل في أداة رابطة تدل على تلك العلاقة بين جمل أو نص ما[29]. كما عبر عنه بعض علماء المحدثين باسم السبك[30]، وبعضهم بمصطلح "الترابط"[31]، ويعنون بهذين المصطلحين التماسك التام بين أجزاء الجملة والنص من ناحية اللفظ والمضمون؛ لذلك يقول الدكتور تمام حسان عن "الربط والترابط " وهناك ظاهرة أخرى تسمى "الربط" لاتقل خطرا عن التضام والرتبة في إحكام الجمل لأنها تؤدي إلى ما عبر عنه عبد القاهر الجرجاني بقوله في ترابط الكلم : "يأخذ بعضه بحجز بعض"[32].

فمن هنا وصلنا إلى أن الترابط يكوّن جملة عناصر النص بتوفر الروابط التركيبية والروابط الزمانية وكذلك الروابط الاحالية، فلايخلو من ضمير عائد أو اسم إشارة أو اسم موصوف أو غيرها من المعوضات؛ وهذا أمر يسّرته وظيفة الذاكرة البشرية، التي يمكنها أن تختزن آثار الألفاظ السابقة وتقرن بينها وبين العناصر الإحالية الواردة بعدها أو قبلها، فتحللها بنجاح دون ضمير بالتواصل. وعلى هذا الأساس، تقوم شبكة من العلاقات الإحالية بين العناصر المتباعدة في فضاء النص، فتجتمع في كل واحد عناصره متناغمة، وهذا مدخل الاقتصاد في نظام المعوضات، في اللغة، إذ تخصر هذه الوحدات لاحالة العناصر الإشارية وتجنب مستعمِلها إعادتها وتكرارها[33]. وقد لجاء عدد كبير من علماء شبه القارة الباكستانية والهندية إلى هذه الظاهرة في النص القرآني ليثبتوا أن القرآن مترابط بعضه ببعض، وأثبتوا أن الترابط النصي من أهم خصائص النص القرآني ولذا نجد في هذا المجال مؤلفات متعددة لخدمة النص القرآني[34].

الاتساق

ورد مصطلح "الإتساق" في المعاجم العربية بمعنى الضم، والجمع، وامتلاؤه، واستواء الشئ وانتظامه، وأصل هذه الكلمة "و س ق" فالوسق: هو ضم الشئ إلى الشئ .وقد أورد ابن منظور لهذا الجذر عدّة معاني اللغوية[35]، ومنه سائق إذا ساق قطيعا من الإبل يجمعها لئلا يتعذر عليه سوقها[36]. وكل هذه المعاني ذكرها مجمع اللغة العربية في القاهرة في المعجم الوسيط بغير أية إشارة لهذه المعاني ودورها في بناء النص.[37]

لكن نستنبط المعنى الاصطلاحي من المعنى اللغوي وهو"سائق إذا ساق قطيعا من الإبل يجمعها لئلا يتعذر علية سوقها" فنقول هكذا حال المبدع في ابداع نص ماء ، فهو يحرص على جمع أشتات الحقل اللغوي والدلالي تحت مظلة واحدة، ويرتبها ترتيبا متسقا منسجما حتى يكوّن منها نصا شعريا أو نثريا، ويصوغ أفكار النص بصياغة متميزة، باتساق أجزاء النص بعضها ببعض لئلا يتعذر على المتلقئ فهم النص. وعلى كل ما سبق نستطيع أن نعرف الاتساق، فهو ذلك التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص ما، كما أنه علاة جدلية تبادلية بين اللفظ والمعنى، ويهتم فيه بالوسائل اللغوية، والمعنوية[38].

وقد استعمل عدد كبير من علماء العرب هذا المصطلح في هذا المعنى في بيان خصائص النص القرآني، فقد تحدث ابن العربي، والزركشي عن "الاتساق" بقوله "المناسبة ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني، منتظمة المباني علم عظيم"[39].

ويري الدكتور تمام حسان: أن الاتساق " إحكام علاقات الأجزاء، ووسيلة ذلك إحسان استعمال المناسبة المعجمية من جهة، وقرينة الربط النحوي من جهة أخرى ، واستصحاب الرتب النحوية إلا حين تدعو دواعي الاختيار الأسلوبي، ورعاية الاختصاص والافتقار في تركيب الجمل"[40].

التلازم:

هو جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض، فيقوى بذلك الارتباط، ويصير التأليف حالته حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء، فالتلازم مقاربة نجدها بين المبتدأ والخبر والفعل والفاعل والصفة والموصوف والحال وصاحبها والصلة والموصول والجار والمجرور[41]. وقد أطلق بعض الباحثين على مصطلح "التلازم" مصطلح "علاقات التلازم الذهني" كالسبب والمسبب، والعلة والمعلول، والنظيرين والضدين ونحوه[42].

التلاحم :

فالتلاحم لغة: تلاحم أعضاء الجسد فيما بينها، وتَلاحُمُ الأفْكارِ وتَسَلْسُلُها وتَرابُطُها، وتماسك الصُّخور أو غيرها من الموادّ .[43] وتكررت هذه الكلمة في عدة كتب التراث العربي لغرض التماسك النصي وترابط أجزائه، وكذلك العلاقات بين الجمل وتشابكها وأثر ذلك في التحام أجزاء النص.

وقد عرّف بعض العرب[44]:" أن التلاحم هو التئام والتماسك بين أجزاء الكلام، وملائمة المعاني لملائمة المباني، فهو مكون من الركنين: الجسد والروح. فصناعة الجسد في قالب لغوي حسن،أما روح الجسد، فهو المعنى الكريم الذي يناسب الألفاظ من ناحية، والتحامه مع أخيه الذي يليه من المعاني، حتى يكون الكلام جسدا سويا فيحسن نسجه ونظمه لوضوح المعنى وملائمة السياق"[45].

يقول الدكتور محمد عبد المطلب: في تلاحم النص الشعري " ويلحظ ابن معصوم أهمية تلاحم الدلالة واتصالها واطاعة الألفاظ له، فإن معنى الشعر يرتبط ويتلاحم حتى كأن معنى البيتين أو الثلاثة معنى واحد"[46]. فمصطلح التلاحم مرادف لمصطلح التماسك في كل وظائفه وخصائصه اللفظية والمعنوية.

التلاؤم

هو دراسة الحالة التي يكون فيها الكلام، وعناصره، وأدواته وآلاته مناسبة ومتلاحمة فيما بينها. ويتم ذلك من خلال تصميم أو تحسين الآلات والأدوات والإجراءات المتعلقة بالعمل الأدبي، لإنقاص الأخطاء، و رفع مستوى السلامة، وتحسين الأداء، ليكون العمل الأدبي –النص- متماسكا و منتجا في ذاته[47].

كما جاء في قول الله تعالى: "لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار وَهُوَ اللطيف الخبير"[48]. فقوله تعالى: "وَهُوَ اللطيف الخبير" الذي هو ختام الآية يُلاَئِمُ ما جاء قبله، إذْ كلمة "اللّطِيف" تُلائم وصْفَهُ تعالى بأنّه لا تُدْركُه الأبصار، وكلمة "الخبير تُلائم وصفه بأنّه يُدْرِك الأبصار جميعها[49]. وقد ذهب أبو الحسن على بن عيسى الرماني[50] إلى أن التأليف على ثلاثة أضرب متنافر، ومتلائم في الطبقة الوسطى[51]، ومتلائم في الطبقة العليا. قال: والمتلائم في الطبقة العليا القرآن كله وذلك بين لمن تأمله والفرق بينه وبين غيره من الكلام في تلاوم الحروف على نحو الفرق بين المتنافر والمتلائم في الطبقة الوسطى[52].

وقد تنبه علماء العرب إلى هذا المقياس في النصوص الأدبية، عند ما تحدثوا عن المعنى الكريم، وأن من الواجب أن يلتمس له اللفظ الكريم[53]؛ و لحظوا أن للمدح ألفاظا خاصة به، لاينبغي أن نستعمل في الهجاء، وأن للهجاء ألفاظا خاصة به، لاينبغي أن نستعمل في المدح، ورأوا أ أن للجد ألفاظا، وللهزل أخرى، وربما أرادوا بمشاكلة اللفظ للمعنى، وحسن الملائة بينهما دقة اللفظ في أداء معناه، وحسن مقدرته على أن ينقل الفكرة إلى القارئ والسامع، وعلى هذا يكون من حسن الملائمة بين اللفظ والمعنى أن تكون الكلمة دقيقة، موحية، لينة، في موضع اللين، خشنة في موضع الخشونة[54]. وقد تحدّث علماء العرب عن سوء التلاؤم في النصوص ونقدوا الكلام الذي فقد هذا التلاؤم بين لفظه ومعناه[55]، وعابوا لذلك الأبيات الآتية، لما فيها استعمال الألفاظ في غير موضعها[56]، ومثال ذلك بعض أبيات أبي تمام:

مازال يهذي بالمكارم دائبا- حتى ظننا أنه محموم - وتشفي الحرب حين تغلي- مراجلها بشيطان رجيم.

ولي ولم يظلم وهل ظلم امرؤ- حثّ النجاء وخلفه التنّين. - يا أبا جعفر جعلت فداكا- فاق حسن الوجوه حسن قفاكا[57].

فالشاعر هنا يريد أن يمدح ممدوحه، لكن يستعمل الكلمات التي لاتلائم المدح، فقوله: يهذي، محموم، بشيطان رجيم، التنين، قفاكا، من الألفاظ التي تستعمل في الذمّ،ولم تجرّ العادة باستخدامها في المدح فلا تلاؤم فيها بين اللفظ والمعنى[58].

وتحدّث علماء العرب عن حسن التلاؤم في النص كما تحدّثوا فيه عن سوء التلاؤم، فقد أكثر ابن طباطبا العلوى[59] الكلام في هذا المقياس، بقوله: ملاءمة معاني الشعر لمبانيه، يقول: " وأحسن الشعر ما يوضع فيه كلّ كلمة موضعها حتى يطابق المعنى الذي أريدت له ويكون شاهدُها معها لاتحتاج إلى تفسير من غير ذاتها، وليست تخلو الأشعار من أن يُقتص فيها أشياء هي قائمة في النفوس والعقول، فيحسن العبارة عنها وإظهار ما يكمن في الضمائر منها فيبتهج السامع لما يرد عليه مما عرفه طبعه وقبله فهمه، فيثار بذلك ما كان دفينا ويبرز به ما كان مكنونا، فينكشف للفهم غطاؤه، فيتمكن من وجدانه بعد العناء في نشدانه، أو تودّع حكمة تألفها النفوس، وترتاح لصدق القول فيها وما أتت به التجارب منها، أو تضمن صفات صادقة وتشبيهات موافقة، وأمثالا مطابقة تصاب حقائقها، ويلطف في تقريب البعيد منها، فيؤنس النافر الوحشي حتى يعود مألوفا محبوبا، ويبعد المألوف المأنوس به حتى يصير وحشيا غريبا، فإن السمع إذا ورد عليه ما قد مله من المعاني المكررة ، والصفات المشهورة التي قد كثر ورودها عليه مجّة وثقل عليه رعية، فإذا لطّف الشاعر لشوب ذلك بما يلبسه عليه، فقرّب منه بعيدا أو بعّد منه قريبا، أو جلّل لطيفا، أو لطّف جليلا أصغى إليه ودعاه واستحسنه السامع واجتباه.

وهذا تطريق إلى تناول المعاني واستعارتها، والتلطف في استعمالها على اختلاف جهاتها التي تتناول منها، أو تضمن أشياء يوجبها أحوال الزمان على اختلافه وحوادثه على تصرفها، فيكون فيها غرائب مستحسنة وعجائب بديعة مستطرفة، من صفات وحكايات ومخاطبات في كل فن توجبه الحال التي ينشأ قول الشعر من أجها، فتدفع فيه العظائم وتسلّ به السخائم، وتخلب به العقول، وتسحر به الألباب لما يشتمل عليه من دقيق اللفظ ولطيف المعنى. وإذ قد قالت الحكماء إن للكلام الواحد جسدا وروحا. فجسده النطق وروحه المعنى. فواجب على صانع الشعر أن يصنعه صنعة متقنة، لطيفة مقبولة حسنة، مجتلبة لمحبة السامع له والناظر بعقله إليه، مستدعية لعشق المتأمل في محاسنه، والمفترس في بدائعه، فيحسه جسما ويحققه روحا، أي يتيقنه لفظا، بل يسوّي أعضاءه وزنا، ويعدّل أجزاءه تأليفا، ويحسّن صورته إصابة، ويكثر رونقه اختصارا، وينأى به إعجازا، ويعلم أنه نتيجة عقله، وثمرة لبه وصورة علمه، والحاكم عليه أولّه[60].

هكذا نستطيع أن نجد التلاؤم بين اللفظ والمعنى عند الموهوبين من الشعراء. ومما لحظه نقاد العرب كذلك أن قوّة اللفظ تدلّ على قوّة المعنى، نبّه على ذلك أبو الفتح عثمان بن جنى[61]، ونقل ذلك عنه ابن الأثير[62] بقوله هذا :

" اعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أكثر منه فلا بد من أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولاً لأن الألفاظ أدلة على المعانيِ وأمثلة للإبانة عنها فإذا زيد في الألفاظ أوجبت القسمة زيادة المعانيِ وهذا لا نزاع فيهِ لبيانهِ وهذا النوع لا يستعمل إلا في مقام المبالغة، وكذلك ورد قوله تعالى في سورة نوح عليه السلام ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً )[63] فإن غفاراً أبلغ في المغفرة من غافرِ لإن فعالاً يدل على كثرة صدور الفعلِ وفاعلاً لا يدل على الكثرة"[64]. وهذا التلاؤم من الطبقة العليا من طبقات الملائمة، أي في أعلى درجات التماسك النصي عند العرب.

التناسب:

هو حسن العلاقة القائمة بين الأجزاء المختلفة للأثر الأدبي حتى يتمع كل عنصر منه بنصيته من الاهتمام والإبراز مع مساهمته في انسجام الكل وتماسكه، كما عرّفه بعض الآخرين : "هو مطابقة وصحة التقييم وترتيب التغيير[65]. وقد عرّف السيوطي بقوله: "المناسبة في اللغة: المشاكلة والمقاربة، ومرجعها في الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينها، عام أو خاص، عقلي أو حسي أو خيالي أو غير ذلك من أنواع العلاقات.[66] ولقد حرص المفسرون والعلماء المهتمون بالتناسب والوحدة الموضوعية، على إبراز الروابط بين مطلع كل سورة وخاتمتها، لتتبلور فكرة الوحدة الموضوعية في السور القرآنية؛ ولمعرفة المناسبة فائدتها في إدراك تماسك المعاني وإعجاز النص البلاغي، وإحكام بيانه، وانتظام كلامه، وروعة أسلوبه. وقال بعض الأئمة: وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض، فيقوى بذلك الارتباط ، ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء، كما قال القاضي أبو بكر بن العربي: "ارتباط آي القرآن بعضها ببعض، حتى تكون كالكلمة الواحدة، متسقة المعاني، منتظمة المباني، علم عظيم"[67].

يقول عبد الله الدراز[68]: "القرآن في سورة سورة منه الكثرة والوحدة، وعلم المناسبة يدلّك على عظمة الثروة المعنوية في أسلوب القرآن على وجازة لفظه يضاف إليه أمر آخر هو زينة تلك الثروة وجمالها ذلك هو تناسق أوضاعها وائتلاف عناصرها وأخذ بعضها بحجز بعض حتى إنها لتنتظم منها وحدة محكمة لا انفصام لها وأنت قد تعرف أن الكلام في الشأن الواحد إذا ساء نظمه انحلت وحدة معناه فتفرق من أجزائها ما كان مجتمعا وانفصل ما كان متصلا كما تتبدد الصورة الواحدة على المرآة إذا لم يكن سطحها مستويا أليس الكلام هو مرآة المعنى؟ فلا بد إذا لإبراز تلك الوحدة الطبيعية المعنوية من إحكام هذه الوحدة الفنية البيانية وذلك بتمام التقريب بين أجزاء البيان والتأليف بين عناصره حتى تتماسك وتتعانق أشد التماسك والتعانق ليس ذلك بالأمر الهين كما قد يظنه الجاهل بهذه الصناعة بل هو مطلب كبير يحتاج مهارة وحذقا ولطف حس في اختيار أحسن المواقع لتلك الأجزاء أيها أحق أن يجعل أصلا أو تكميلا وأيها أحق أن يبدأ به أو يختم أو يتبوأ مكانا وسطا ثم يحتاج مثل ذلك في اختيار أحسن الطرق لمزجها بالإسناد أو بالتعليق أو بالعطف أو بغيرها هذا كله بعد التلطف في اختيار تلك الأجزاء أنفسها والاطمئنان على صلة كل منها بروح المعنى وأنها نقية من الحشو قليلة الاستطراد وأن أطرافها وأوساطها تستوي في تراميها إلى الغرض ويستوي هو في استهدافه لها كما تستوي أبعاد نقط الدائرة بالقياس إلى المركز"[69].

وقد اتفق العلماء من القدماء والمحدثين إلى أن أوجه "التناسب" تعددت وتنوعت في تماسك النص القرآني، ومن أبرز أوجه التناسب في النص القرآني،كما هو ظاهر من الشكل الآتي:

فالتناسب أو المناسبة من أروع مظاهر التماسك النصي عند العرب وأتمها، لأنه محيط لكل جوانب النص القرآني، حيث تتماسك وتترابط أجزاء النص القرآني من جملة إلى آية، ومن الآية إلى مقطع النص، ومن المقطع إلى السور حتى يربط النص أوله بآخره ككل موحد.

نظرية "النظم

هو من ناحية اللغوية من "نظم ينظم نظما" وهو التأليف، يقال: نظمت اللؤلؤ أى جمعته في السلك، ويقال النظام بمعنى النظم[70].

ومن ناحية الاصطلاحية يقصد به في مجال النص "الّضم والتأليف، فاللفظ الكريم والمعنى الشريف لهما فضل في بناء نظم الكلام وجمال التأليف في نص ما.وقد نشأت هذه النظرية في رحاب "نظرية الإعجاز القرآني" على يد كبار العلماء بدءا من المعتزلة[71] حتى أسهم فيها الفلسفي الكبير أبو حازم القرطاجنّى[72].

كما تحدّث العلماء عن كيفية الإعجاز القرآني، بأوجه متعددة، فمنهم من ذهب إلى الصرفة[73]، ومنهم من ذهب إلى الإعجاز لما فيها قصص أمم الماضين، والأخبار الصادقة عن أمور المستقبلة[74]، ومنهم من ذهب إلى أن القرآن معجز بأعلى بلاغته[75].

ثم اختلفوا في اللفظ والمعنى[76]: في أيهما تكمن البلاغة، وأيهما المقدم على الآخر، فمنهم من غالى في الألفاظ وتنظيمها وصياغتها صياغية ملائمة، فالنظم عندهم في الألفاظ في جودة السبك، والإعجاز القرآني محصور في الألفاظ[77].

قال أبو عثمان الجاحظ[78]: " وإنما الألفاظ على أقدار المعاني، فكثيرها لكثيرها، وقليلها لقليلها، وشريفها لشريفها، وسخيفها لسخيفها، والمعاني المصغرة البائنة بصورها وجهاتها تحتاج من الألفاظ إلى أقل ما تحتاج إليه المعاني المشتركة والجهات الملتبسة"[79].

ومنهم من يهتم بالمعنى ويرى أن المعاني المنظومة لها أهمية في فعالية الألفاظ وحياتها ، لأن المعنى روح واللفظ جسد، فيضعف اللفظ بضعف المعنى ويقوي بقوته، فالنظم عندهم نظم المعاني، والمفاهيم، والقرآن معجز بمعانيه[80].

ثم جاء فريق ثالث وفي مقدمته العلماء الذين حاولوا التوفيق المتوازن بين أنصار اللفظ والمعنى، وأسسوا لها بعض الأسس ومبادئ النظم[81]. فنظرية النظم ليست فقط نظرية النظم عند الجرجاني! كما هو موجود في أذهاننا، بل هو أول من عكف على تطوير نظرية لغوية شاملة حيث حدد مجموعة القوانين والقواعد التى ينبنى عليها موضوع النظم والتعليق. فهذه النظرية، نظرية ذات فروع متعددة و متشكلة بأشكال مختلفة، كما هو واضح من الشكل الآتي:

النظم عند الخطابي

هو عبارة عن الأسس الثلاثة،وهى: لفظ حامل، ومعنى به قائم، ورباط لهما ناظم[82].

  1. لفظ حامل: فبلاغة اللفظ وجماله في حمله للمعنى، وليس لأنه مجرد حروف مجتمعة جملية، وهذا إعتماد منه لدور اللفظ في النظم -التماسك النصي- لكنه جزء من كل، وليس كل شيئ، فاللفظ البليغ لابد أن يكون حاملا للمعنى.
  2. معنى به قائم: وبلاغة المعنى في قيامه باللفظ، وعدم إنفكاكه عنه، وليس لأنه مجرد معنى جميل، وفكرة رائعة، بل هو اعتماد منه لدور المعنى في النظم – التماسك – لكنه ليس كل شيئ، فالمعنى البليغ لابد أن يكون قائما باللفظ البليغ.
  3. رباط لهما ناظم: فبلاغة النظم في ربطه لكل من اللفظ والمعنى، ونظمها معا نظما بديعا رائعا، وهذا اعتماد منه للنظم بين اللفظ والمعنى[83] .

فالإمام الخطابي بهذا التحديد يقرر "عناصر التماسك النصي"، ويقصد بأن القرآن معجز بتماسك نصه،كما هو ظاهر بهذه الفقرة الجميلة الكاشفة: "وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور في غاية الشرف والفضيلة، حتى لاترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه. ولاترى نظما أحسن تاليفا وأشد تلاؤما وتشاكلا من نظمه. واعلم: إن القرآن إنما معجزا؛ لأنه جاء بأفصح الألفاظ، في أحسن نظوم التأليف، مضمنا أفصح المعاني[84].

النظم عند عبد القاهر الجرجاني

لم يكن عبد القاهر الجرجانى بديع أفكاره ، ذلك أنه لم ينشئ أفكاره من عدم "لكنه استطاع أن يطور إنجازات البلاغيين السابقين على مدى قرنين إلى نظرية متكاملة للنظم تقوم على تأكيد شبكة لعلاقات بين العلامات اللغوية أفقيا ورأسيا "[85] هذه النظرية تضاهي بحق ما وصل إليه علم اللغة الحديث في الغرب بل يمكن القول إن نظرية النظم تعد جذراً أو أساساً لنظرية "التماسك النصي"، ولكن من أين استقى الجرجانى مادة هذه النظرية؟، إن أقدم مصادر التي عثر عليها عبد القاهر، هي كتب الجاحظ، وابن المقفع [86]، والواسطي [87]، و الخطابي، وغيرهم كثيرون الذين استقى الجرجاني من مائدتهم العلمية، وبنى نظرية النظم في العربية. لكن الفرق الدقيق في "النظم" عند عبد القاهر وغيره، هو كل من سبق الجرجاني يقصد ب"النظم" بلاغة اللفظ والمعنى، فاللفظ الفصيح والمعنى البليغ من أهم أركان النظم عندهم[88]. لكن الجرجاني، يحدد "للنظم" درجات غير درجات البلاغة، وإن النظم الدقيق الصنع لايرجع في ميزان البلاغة عن النظم الساذج إذا حسن لفظه، واتسق معناه، وأصاب موضعه[89].

المبادئ الأساسية عنده:

بدا يحدّد الجرجاني المبادئ الأساسية للنظم، وقرر أن النظم لايأتي إلا بمستويات اللغة ، لأن المستويات اللغوية لها حظ وافر في بناء الظم، لذلك تحدث الجرجاني عن المستويات اللغوية [90].

فحدد للنظم معيارا صوتيا بقوله هو: "تواليها في النطق، وليس نظمها بمقتضى عن معنى"[91] فالنظم الصوتي لبنة أساسية من لبنات النظم عنده. وفصّل الكلام في المعيار الصرفي، وعرّفه بقوله: هو ترتيب الألفاظ في النطق على حسب ترتيب المعاني في النفس، فهو ترتيب مقتضى عن معنى: يجري أولا في المعاني، ثم ترتب الألفاظ في النطق على وفقها [92]، وحسن ترتيب الكلمات في النظم بأنه تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض، ويجعل أوجه التعليق ثلاثة: تعلق اسم بإسم،وتعلق اسم بفعل، وتعلق حرف بهما[93] ، وأن ترى أنه لابدّ منه من ترتب الألفاظ وتواليها على النظم الخاص[94].

وقد عرّف الجرجاني الجمل المنظومة بقوله: وينظر في الجمل التي تسرد فيعرف موضع الفصل فيما يأتي من موضع الوصل، ثم يعرف قيما حقه الوصل، ومما هو أصل في هذا الباب أنك قد ترى الجملة وحالها مع التي قبلها حال ما يعطف ويقرن إلى ما قبله، ثم تراها قد وجب فيها ترك العطف، لأمر عرض فيها صارت به أجنبية مما قبلها، ومثال ذلك قول الله تعالى: " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ"[95] "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ"[96] ، لما فيها من الجمل ، فحالها مع التي قبلها حال الصفة مع الموصوف، والتأكيد مع المؤكد، فلا يكون فيها العطف البتة[97] ، فيكون في الجمل ما تتصل من ذات نفسها بالتي قبلها وتستغنى برابط .

كما تحدث عن المقام الذي يوضع الكلام وحال المنظوم؛ لأن النظم عنده يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، وليس هو "النظم" الذي معناه ضمّ الشيئ إلى الشيئ كيف جاء واتفق، ولذلك كان عندهم نظيرا للنسيج والتأليف والصياغة والبناء والوشي والتحبير وما أشبه ذلك، مما يوجب اعتبار الأجزاء بعضها مع بعض، حتى يكون لوضع حيث وضع، علة تقتضي كونه هناك، وحتى لو وضع في مكان غيره لم يصلح[98]؛ لذلك نرى أن النظم عنده ليس محصور في اللفظ والمعنى، بل يتسع النظم عنده إلى عدّة أركان ومراحل كما يأتي في الشكل:

ويقول: وليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت فلاتزيغ عنها وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تُخل بشيئ منها[99]. وأن الألفاظ لاتتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة، ولا من حيث هي كلم مفردة، وأن الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى تليها[100].

فالنظم هو حسن ترتيب الكلمات في الجملة، بحيث تكون كل كلمة في محلها المناسب لها. وهو يقوم على معاني النحو والبلاغة[101].

ويخلص الجرجاني نظرية النظم وحقيقتها بقوله: واعلم أنك إذا رجعت إلى نفسك علمت علما لايعترضه الشك، أن لانظم في كلم ولاترتيب، حتى يعلّق بعضها على بعض، وتجعل هذه بسبب من ذلك، هذا ما لايجعله عاقل، ولايخفى على أحد من الناس[102].

النظم عند القرطاجنّي

[103]: ظهرت نظرية النظم على يد الجاظ، ونشاءت بجهود علماء متعددة المجال كأمثال الباقلاني، وابن رشيق، وأبي هلال العسكري، وابن سنان الخفاجي وغيرهم. وتطورت على يد جيل متميز من كبار العلماء كأمثال الخطابي، وعبد القاهر الجرجاني، ثم اكتملت هذه النظرية على يد عالم فلسفي الذي ورث تراث الفلاسفة المغرب الإسلامي، واستفاد من أعمال كبار فلاسفة المغرب أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد، وذلك أنه تلميذ لتلميذ ابن رشد، أبي على الشلوبين[104].

وإذا كان أبو حازم فلسفي الذهن، فمن ناحية أخرى كان عالما فقيها، تفقه على مذهب المالكي[105]، نرى أنه استفاد في تكميل "نظرية النظم" بكل العلوم اللغوية وفنونها صوتا، وصرفا، ونحوا، ودلالة، وبلاغة، حتى أدخل الفلسفة في خضنها[106]. فتتكوّن نظرية "النظم" عند حازم ببعض المبادئ الأساسية التي ذكرها أبو حازم بأوجه متعددة، ومن أهم هذه المبادئ كما نرى في الشكل الآتي:

تحدّث حازم القرطاجني عن الوسائل والعلاقات التي تؤسس التماسك النصي، حيث يشير إلى ما يسميه بتماسك الفصل، ويقصد بالفصل أربعة أبيات تتضافر لأجل إيصال معنى معين، وهو يبحث في قوانيين يسميها " طرق العلم بإحكام مباني الفصول وتحسين هيئاتها ووصل بعضها ببعض"ويمكن أن نميزه في هذه القوانين حالتين: الأولى منهما تتعلق بالفصل وما ينبغي أن يسلك فيه وقد خصه بثلاثة قوانين . والثانية تتعلق بماينبغي أن نتبع في ترتيب الفصول بعضها إلى بعض.

كما أن القرطاجني لم يكتف بالاهتمام بالعلاقات بين الفصل الواحد ولاعند العلاقة بين الفصول، وإنما تجاوز ذلك إلى بعض الشروط التي ينبغي أن تحترم في مطلع كل فصل وفي نهايته ويسميه بالتسويم والتحجيل . وقصد بالتسويم أن تتوافر في مبدأ الفصل وفي خاتمته أوصاف تلح على وجوب دلالة رأس الفصل على الفصل كله وتعضيد نهايته لمعناه، فوظيفة التسويم إذن الإنباء عن القصيدة وبمقصد المتكلم.

أما التحجيل: هو البيت الذي يختم به الفصل لايخلو من أن يكون متراميا إلى ما ترامت إليه جملة معاني الفصل، أو يكون متراميا إلى ما ترامى إليه بعضها، فوظيفة التحجيل تعزيز معنى أبيات الفصل بطريقة عقلية[107]. كما صنف حازم القرطاجني أقسام تماسك النصي في فصول قصيدة المتني،من هنا يمكن أن نصنف التماسك لدى حازم القرطاجنى إلى تماسك الفصل،وتماسك الفصول، والعلاقة بين الفصول كلها كما نرى فيما يلي[108]:

  1. تماسك الفصل : يشتمل هذا النوع من التماسك على فروع عدّة
  1. تماسك الفصول : وهذا النوع من التماسك يشتمل على أمور أخرى
  1. العلاقة بين الفصول
أن يكون الفصل متماسك النسج. استمرار غرض الفصل السابق في اللاحق. الانتقال من الجزء إلى الكل أو العكس.
أن يكون نمط النظم منسبا للغرض. أن تكون الفصول متصلة العبارة والغرض. أن يكون الفصل دالا على بقية الفصل.
تقديم الأهم فالمهم . أن تكون الفصول متصلة الغرض دون العبارة. أن يكون آخر فصل القصيدة استدلالا على ما تقدم منها.
أن تكون بين أبياته علاقة اقتضاء كالسببية والمحاكاة والتفسير. أن تكون الفصول متصلة دون الغرض.  

وعلى هذا سلك القرطاجني في هذه الصنعة الدقيقة التي تجعل الناظرة يعتبر القرطاجني من أهم نقاد العرب الذين قدموا وصفا مفصلا لكيفية تماسك النص الشعري، واستعمل مفهوما إجرائيا هو الفصل الذي يعتمد في تحديده على المعنى، وهذا لايقل عما يحاول علماء النص المحدثون أن يقدموه في هذا الشأن. هذه هي نظرية التماسك النص القرآني، مفهومها ومظاهرها واهتمام العلماء العرب بها ودورها في بناء النص الأدبي في اللغة العربية وعلاقتها بالنص القرآني المقدس وإعجازه، ودورها في فهم النصوص العربية عامة والنص القرآني خاصة، فقد أوجزنا كل هذه القضايا في هذا المبحث ونفصلها تفصيلا غير محِلّ خلال المسلسلات التي تأتي فيما بعد بعون الله تعالى.

نتائج البحث:

تشتمل البحث على عدّة نتائج علمية نوجزها في النقاط الآتية

  1. التماسك النصي عنصر هام من مكوّنات النص في التراث العربي القديم،ويعنى به في النص الاستمرارية اللفظية والمعنوية خلال وحدات نص ما أو خطاب ما.
  2. مصطلح التماسك مصطلح جديد في الدراسات النصية اهتم به علماء الغرب، ثم تأثر منهم علماء العرب المحدثين، وتعاملوا به في الدراسات النصية الحديثة ، وبحثوا عنه في التراث العربي حتى وجدوا له عدّة مدلولات عند القدامى.
  3. التماسك النصي من أهم العناصر التي يصبح بها النص القرآني كوحدة متماسكة ومتناسقة.
  4. اهتم به علماء العرب قديما تحت حضن إعجاز القرآني، ووضعوا "التماسك النص القرآني" أهم معيار للإعجاز القرآني، سواء هذا التماسك يكون لفظيا أو معنويا.
  5. نجد في التراث العربي عدّة مظاهر التماسك النصي من أهمها: "الترابط " و"النظم" و"التلاؤم" و"التلاحم" و"التلازم " و"التناسب" و"الاتساق" وغيرها.
  6. الوحدة النصية من أهم مظاهر التماسك النصي التي بها ربط المفسرون النص القرآني من أوله بآخره، وقالوا أن النص القرآن من "بسم الله الرحمن الرحيم" إلى "من الجنّة والناس" كجسد متلاحم بعضه ببعض، هكذا النص القرآني متماسك بكل سوره، وكل سورة بأجزائه، وكل جزء بآياته وكل آية بكلماته.
  7. وقد عبر بعض القدامى "التماسك" بنظرية النظم القرآني، ووضعوا لهذه النظرية نظاما كاملا، وبعضهم ركزوا على النظم اللفظي، وبعض الآخرين ركزوا على النظم المعنوي، لكن الذي ذهب إلى الجمع بين اللفظ والمعنى هو عبد القاهر الجرجاني، ثم أبو حازم القرطاجني، والبقاعي، والسيوطي وغيرهم عدد كبير من المعاصرين.
  8. وفي الآخير وصلنا إلى أن "التماسك" له جذور عميقة وراسخة في التراث العربي البلاغي والنقدي، ثم تأثر هذا المصطلح من الاتجاهات الفلسفية، والكلامية، والفقهية، حتى اكتمل هذا المصطلح في العصر الحديث في رحاب عدّة الدراسات الحديثة عامة، وفي حضن الدراسات النصية خاصة.
  9. وصلنا إلى أن مثل هذه الدراسات تسهم في فهم النصوص فهما صحيحا خلال تحليل هذه النصوص، وخاصة في التحليل النصي للنص القرآني.
  10. التماسك النصي يؤتي القراء فكرة كاملة عن النص وعن المضمون الذي يريد المرسل إصاله إلى المتلقي، فلابد من التماسك في النص حتى يستفيد منه المتلقي ويفهم منه قصد المرسل.

 

حوالہ جات

  1. الحواشي والمصادر (References) د. تمام حسان ، الأصول دراسة أبيستمولية للفكر اللغوي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب1982م ، ص 15. د. عبد المنعم عبد الله محمد ، البحث اللغوي أصوله ومناهجه ، ط. 2006 م ، ص 28
  2. أ. د. سعيد حسن بحيري ، علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات ، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ، ص 131-132 / واسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة ، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، ص 271-272
  3. د. مصطفى حميدة ، نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية ،ص 1.
  4. هو: الدكتور. تمام حسان ، الأصول دراسة أبيستمولية للفكر اللغوي ، وخاصة في نظريته الخاصة "تضافر القرائن النحوية" في اللسانيات الحديثة، والدكتور عبد المنعم عبد الله محمد ، البحث اللغوي أصوله ومناهجه ، والأستاذ. الدكتورسعيد حسن بحيري في عدّة كتبه ومن أهمها: علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات، واسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة، والأستاذ الأزهر الزناد في نسيج النص، ومحمد الخطابي في لسانيات النص، والدكتور أحمد أحمد بدوي في أسس النقد الأدبي عند العرب، والدكتور منذر عياشي في اللسانيات والدلالة، والدكتور أبوخرمة في نحو النص نقد النظرية وبناء أخرى، والدكتور أحمد عفيفي في كتبه ومنها: اتجاه جديد في نحو النص والإحالة النصية، والدكتور أحمد محمد عبد الراضي في كتابه نحو النص بين الأصلة والحداثة، والدكتور سعد مصلوح في النص الأدبي دراسة أسلوبية إحصائية.
  5. أ.محمد مراد حميد عبد الله ، من أنواع التماسك النصي ( التكرار، الضمير، العطف) ، ص 1-2
  6. هو محمد إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري. والإمام المجتهد، نزيل مكة. صنف كتبا لم يصنف مثلها في الفقه وغيره، منها: وكتاب التفسير . (طبقات المفسرين للسيوطي، ص1/91).
  7. هو عبد العزيز بن عبد السلام المشهور بالعز كان عالما ومجاهدا ورعا، توفي رحمه الله 660هجري
  8. الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، ص36—37---38---39
  9. منهم الإمام فخر الدين الرازي، والشيخ برهان الدين البقاعي، وبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، والإمام جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي، حتى وصل الأمر إلى من بعدهم، فقام تيار معاصر في أنحاء العالم الإسلامي، وبدأ دراسة المناسبات بكل النواحي المعاصرة، وأخذ يبحث عن الترابط، والتماسك النص القرآن بنواحيه العديدة، ومن أهم أعلام هذا التيار: الإمام حميد الدين الفراهي، وسيد قطب.
  10. الأحزاب/37
  11. أساس البلاغة: (م س ك). المعجم: الرائد (تماسك)
  12. المعجم :الوجيز (م س ك)
  13. المعجم: اللغة العربية المعاصر (م س ك)
  14. التاج: (مسك)
  15. المعجم: المعجم الوسيط (م س ك)
  16. أ. ابراهيم عبد العزيز السمري ، اتجاهات النقد الأدبي العربي في القرن العشرين ، ط.1، الأفاق العربية 2011م، ص 59-60 . أ. د. صلاح فضل ، مناهج النقد المعاصر، مطابع الهيئة المصرية للكتاب 1997م ، ص 51-55
  17. د. عبد المنعم عبد الله محمد ، البحث اللغوي أصوله ومناهجه ، ط. 2006 م ، ص 28. د. أحمد عفيفي ، نحو النص اتجاه جديد في الدرس النحوي، مكتبة زهراء الشرق 2001م ،ص 95-97 . مذاهب الأدب في أورباء دراسة تطبيقية مقارنة " الكلاسكية" ، الطبعة الثانية 1979م الناشر: دارالمعارف صفحة 22—23- 24
  18. د. محمد محمد يونس، أبو المعاني مرزا عبد القادر بيدل، مدخل إلى دراسته، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، ط.1 سنة 1989م، ص 306
  19. أمين الخولي، فن القول، دارالكتب المصرية بالقاهرة، سنة 1996م، ص 154
  20. ( ما به تماسُكٌ إذا لم يكن فيه خيرٌ ) هذا هو المجاز يمكن أن يشير إلى كون النصّ لا يعدّ نصًّا متماسِكًا ما لم يكن محتويًا على موضوع ، ولم تكن أفكارُهُ مترابطةً ترابُطًا منطقِيًّا معتدًّا به. (التفكك ولايتماسك( : فالمزاوجة بين التفكّكِ وعدم التماسُك دليلٌ على أنهما شيء واحِدٌ ، وإذا علمنا أنّ التفكك هو الانفصال وعدمُ التعلّق والارتباط تبيّن لنا أنّ الضدَّ هو التلاحم والتعلّق والترابط التام، والشدة والصلابة، وذلك من أبرز خصائص النصّ.
  21. د. أنس محمود فجال ، الإحالة وأثرها في تماسك النص في القصص القرآني ، من منشورات نادي الأحساء الأدبي ، المملكة العربية السعودية ، ط.1، 2013م ، ص 54-57
  22. دكتور أحمد محمد عبد الراضي، نحو النص بين الإصالة والحداثة، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى 1429هجري—2008، صفحة 149—150
  23. الدكتور عمر أبو خرمة، نحو النص( نقد النظرية وبناء أخرى) الناشر: عالم الكتب الحديثة، الطبعة الأولى 1425هجرى 2004م، صفحة 185---190 .أ. الأزهر الزناد ، نسيج النص بحث في ما يكون به الملفوظ نصا، الكركز الثقافي العربي 1993م ،ص 61
  24. هذا العالم الجليل بطل عظيم وبحر محيط في مجال " التماسك النصي" في التراث العربي القديم .
  25. جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي ، معترك الأقران في إعجاز القرآن ، تحقيق :أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ، ط.1، ص 15-17
  26. د. نوال بنت ابراهيم الحلوة، أثر التكرار في التماسك النصي مقاربة معجمية تطبيقية في ضوء خالد المنيف، العدد الثامن، مايو 2012م، ص 18-24. د. محمد حماسة عبد اللطيف ، منهج في التحليل النصي للقصيدة ، ج15، العدد2، صيف 1996.
  27. د. مصطفى حميدة ، نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية ، الشركة المصرية العالمية للنشر-لونجمان، ص 1. د- سعد عبد العرزيز مصلوح، في النص الأدبي دراسات أسلوبية إحصائية ، عاالم الكتب ، ص 26-32.
  28. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، حقيق : محمدو محمد شاكر، شركة القدس للنشر والتوزيع،ص227-231
  29. د. محمد عبد المطلب ، البلاغة والأسلوبية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984م ، ص 44-50
  30. د. تمام حسان ، الخلاصة النحوية ، عالم الكتب ، ط.1 سنة 2000م ، ص 88
  31. منهم عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز في عدّة صفحات،ص 45. ومحمد الخطابي ، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي ، ط.1991م ،ص 31-70-81. د- محمد ديب الجاجي، النسق الالقرآني دراسة أسلوبية ، شركة دار القبلة، و مؤسة علوم القرآن، ط.1، 2010م، ص 267
  32. د. تمام حسان، الخلاصة النحوية ، ص 88
  33. أ. الأزهر الزناد ، نسيج النص بحث في ما يكون به الملفوظ نصا، الكركز الثقافي العربي 1993م ،ص 121
  34. ومن أهم من ذهب إلى هذا المسلك هو : الإمام حميد الدين الفراهي في كتابه نظام القرآن، ودلائل نظم القرآن ومفردات القرآن . و الشيخ مولانا محمد على لاهوري في ترجمة القرآن الحكيم، والشيخ مولانا غلام الله خان في جواهر القرآن، و غيرهم من العلماء .
  35. اتساق القمر وامتلاؤه في ليلة ثلاثة عشرة، وأربع عشرة. وهذا المعنى مروي عن الفراء. وسق: اجتماع القمر أى وما جمع من الجبال والبحار والأشجار بأن طلع عليها كله. وهذا المعنى منسوب إلى أبي عبيدة معمربن مثنى. وقيل: استواء الشئ وانتظامه.
  36. ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر، بيروت ، ج10، ص379 . و الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، المؤسسة العربية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ج3، ص 299.
  37. المعجم الوسيط ، ص 1032
  38. صبحي إبراهيم الفقي ، علم اللغة النصي، دار قباء، القاهرة، د.ط، 2000م، 2/124
  39. بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، تحقيق : أبي الفضل الدمياطي، دار الحديث القاهرة، 2006م ص 36-37.
  40. د. تمام حسان، اللغة مبناها ومعناها، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1979م ص123
  41. د. منذر عياشي، اللسانيات والدلالة "الكلمة" دراسات لغوية، حلب: مركز الإنماءالحضاري1996، ص 57-58-59
  42. جلال الدين السيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن، ص 44-45 الزركشي ، البرهان في علوم القرآن، ص 36
  43. المعجم: اللغة العربية المعاصر
  44. د. محمد عمارة ، معركة المصطلحات بين الغرب والاسلام، نهضة مصر للطباعة والنشر، والتوزيع ، ص 140
  45. د. مصفى النحاس، نحو النص في ضوء التحليل اللساني للخطاب، ذات السلاسل الكويت، ط1/2001، ص5
  46. د. محمد عبد المطلب ، البلاغة والأسلوبية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984م ، ص 232 ومحمد الخطابي ، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب،ص 141-142.
  47. وهذا التعريف مأخوذ من المعاني المعجمية ، مثل: المعجم: المعجم الوسيط: (ل أ م) ، و المعجم: اللغة العربية المعاصر: (ل أ م)
  48. ألأنعام / الآية 103
  49. عبد الرحمن بن حسن حبسكة الميداني الدمشكي ، البلاغة العربية ، دارالقلم دمشق، ودار الشامية بيروت، ط.1، 1996م ،2/384
  50. هو علي بن عيسى بن علي بن عبد الله أبو الحسن الرماني باحث معتزلي مفسر.
  51. كقول الشاعر(لابن حية النميري): رمتني وستر الله بيني وبينها.- عشية آرام الكناس رميم- ألا رب يوم لو رمتني رميتها.. ولكن عهدي بالنضال قديم. فالكناس موضع في بلاد عبد الله بن كلاب ويقال له أيضا رمل الكناس.
  52. أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الحفاجي الحلبي، سر الفصاحة ، دارالكتب العلمية ، ط.1، 1982، 1/99.
  53. ابن رشيق، العمدة، ص285
  54. د. أحمد أحمد بدوي ، أسس النقد الأدبي عند العرب،نهضة مصر،1996م ص 477-478
  55. عبد القاهر الجرجاني ، دلائل الإعجاز،ص 45-57-59-60.
  56. وأطلق ابن طباطبا على مثل هذه الأبيات "الأشعار الغثة المتكلفة النسج"، يقول: ومن الأشعار الغثة الألفاظ، البادرة المعاني، المتكلفة النسج، القلقة القوافي.
  57. ابن سنان، سرّ الفصاحة، ص 161.
  58. د. أحمد أحمد بدوي، أسس النقد الأدبي عند العرب،ص 477-478.
  59. هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن بن محمد بن ابراهيم بن طباطبا العلوي، يرجع نسبه إلى الحسن بن على بن أبي طالب، كان من كبار شعراء عصره، وأحد المشاركين في النهضة الفكر والأدبية فيه، وقد توفي الرجل سنة 322ه.
  60. ابن طباطبا، عيار الشعر ، ص 125-126
  61. الخصائص ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط.4، ج3/268.
  62. هو أبو الفتح ضياء الدين نصرالله بن محمد بن محمد بن عبدالكريم الموصلي، الشهير بإبن الأثير
  63. نوح /10
  64. ابن الأثير ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، المكتبة العصرية - بيروت ، 1995م، ج/56-57.
  65. مجدي وهبة ، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، ط،2 ، ص 122
  66. جلال الدين السيوطي ، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق : طه عبد الرؤف سعد، المكتبة التوفيقية ، ط، الثانية 2014م ص ج3/ص262
  67. الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، ص 36-37 . السيوطي ، معترك الأقران في إعجاز القرآن، ص 43----45. والإتقان في علوم القرآن ، 3/262-263 مناع القطان ، مباحث في علوم القرآن ،مكتبة نعمانية كوئية، ص 98-99
  68. هو من خيرة العلماء الأزهريين، الذين أحسنوا تذوق الأسلوب القرآني، وأحسنوا الحديث عن التماسك القرآني وإعجازه، وقدّموا في ذلك نظرات جديدة مفيدة. (د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، إعجاز القرآن البياني ،ص97-98)
  69. محمد عبد الله دراز، النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن، الناشر : دار الثقافة ـ الدوحة، الطبعة 1: 1985م، 1/ص 142-143.
  70. ابن منظور : لسان العرب، (نظم) . معجم الموسيط ، (ن ظ م ) . المعجم : اللغة العربية المعاصر (ن ظ م)
  71. أول من تكلم عن أوجه الإعجاز القرآني هو إبراهيم بن سيّار بن هانئ النظّام 160-231 ، والنظام هو الشخصيّة الثالثة للمعتزلة ومن متخرّجي مدرسة البصرة للاعتزال. قال ابن النديم : يكنّى أبا إسحاق ، كان متكلّماً شاعراً أديباً . (الشيخ جعفر السبحاني، بحوث في الملل والنحل، مؤسسة المشر،ج3/249 . د. محمد عبد الهادي أبو ريدة، إبراهيم بن سيار النظام وأرآؤه الكلامية الفلسفية، الهيئة المصرية العامة للكتاب2010م .
  72. منهاج البلغاء وسرّ الأدباء ، مع تقديم وتحقيق محمد الجيب ابن الخوية، الدار العربية للكتاب، تونس ، ط.3سنة 2008م
  73. الصرفة : " أي، أن العرب كانوا على القدرة بان يأتوا مثل هذا القرآن، لكن الله صرف همم العرب . أعني: أخذ القدرة بأن يأتوا مثل هذا القرآن. والذي ذهب هذا الرأي هو إبراهيم النظام ، و الروماني والباقلاني والقاضي عبد الجبار والزمخشري في وجه من أوجه الإعجاز.
  74. ذهب هذا الرأي هو الروماني والباقلاني والقاضي عبد الجبار والزمخشري في وجه من أوجه الإعجاز.، والخطابي .
  75. وهم جمهور العلماء الذين يبحثون عن أوجه الإعجاز في في أعلى بلاغة الألفاظ حينا وفي المعاني حينا آخر.
  76. والذي ذهب هو بشر بن المعتمر إذ قال " من أراد معنى كريما فليتمس لفظا كريما فإن من حق المعنى الشريف اللفظ الشريف" (البيان والتبيين، الجاحظ 1/86) .
  77. وهم اللفظيون المغالين في بلاغة اللفظ على حساب المعنى ، ومن أهم هؤلاء: الجاحظ، وقدامة بن جعفر، وابن سنان الخفاجي، والقاضي عبد الجبار المعتزلي، وابن خلدون. ( د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، إعجاز القرآن البياني ،ص124). الحاجة ندر حياتي بنت الحاج عبد الكريم، قضايا النقد الأدبي في مقدمة ابن خلدون، برونائ دارالسلام 2009م ، ص 2005
  78. مصطفى صادق الرافعي ، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ، دار الكتاب العربي بيروت، ط.9 /1973م ،ص 144--150
  79. الجاحظ ، البيان والتبيين، دار مكتبة الهلال، بيروت،1423هجري ، ج1/18
  80. وهؤلاء الأسلوبيون المغالين في المعنى على اللفظ، ومن أهم من سلك هذا المسلك هو: ابن رشيق القيرواني، وابن الأثيرالجزري، والآمدي. ( د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، إعجاز القرآن البياني ،ص124).
  81. منهم أبو سليمان الخطابي (د. محمد خلف الله، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن،ص 27)
  82. ولم يشذ الباقلاني عن إعطاء النظم هذا المدلول المرادف للتأليف غير المستند إلى أساس لغوي أو نحوي، يقول معددا أوجه النظم ذاكرا هذا الوجه الثالث " وهو أن القرآن معجز بعجيب نظمه، وبديع تأليفه لايتفاوت ولايتباين ، على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها . ثم يفسر هذا المعنى في مترادفات كالرصف في مثل قوله: " وقد تأملنا نظم القرآن، فوجدنا جميع ما يتصرف فيه من الوجوه التي قدمنا ذكرها، على حدّ واحد ، في حسن النظم ، وبديع التأليف والرصف، لاتفاوت فيه ولاانحطاط عن المنزلة العلياء. (الباقلاني ،إعجاز القرآن، ص36-37)
  83. د. محمد خلف الله ، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ، ص26- 27 . د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، إعجاز القرآن البياني ،ص80- 126
  84. د. محمد خلف الله ، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ، ص27
  85. المرايا المقعرة 235
  86.  هو عبد الله بن المقفّع، وكان اسمه روزبه قبل أن يسلم. ولد في حور في فارس سنة 724م، لقِّب أبوه بالمقفّع لتشنّج أصابع يديه على اثر تنكيل الحجاج به بتهمة مدّ يده إلى أموال الدولة سنة 759 م. (أعلام للزركلي ، و جريدة الحياة الدولية - السبت، ١٢ أبريل/ ٢٠١٤م)
  87. هو أبوعبد الله محمد بن زيد الواسطى (306ھ) المسمى ( إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه )، فالعنوان يشير إلى أن موضوع الكتاب هو خصائص النظم القرآني التى تظهر جانب الإعجاز فيه.
  88. من أهم الفروق بين عبد القاهر الجرجاني وغيره، هو أن الجرجاني لايرى فصاحة اللفظ وبلاغة المعنى قبل أن تضعهما –اللفظ والمعنى- في النظم. ( دلائل الإعجاز، ص44-45)
  89. د. عبد المنعم خفاجي، ومحمد العدي فرهود، وعبد العزيز شرف، الأسلوبية والبيان العربي ، دار المصرية اللبنانية ، ص 56.
  90. ركز الجرجاني على النظم من ناحية لغوية ، فبدأ بعلم الأصوات العربية ، بمصطلح "حروف منظومة" (دلائل الإعجاز ، ص 49)
  91. دلائل الإعجاز ، ص 49
  92. دلائل الإعجاز ،ص 52
  93. دلائل الإعجاز ص 55
  94. دلائل الإعجاز 52
  95. البقرة 14
  96. البقرة 15
  97. دلائل الإعجاز، ص227- 243
  98. دلائل الإعجاز،ص 49
  99. دلائل الإعجاز، ص 81
  100. دلائل اعجاز، ص44-45
  101. دلائل الإعجاز ،ص 385--393
  102. دلائل الإعجاز ص 55--56
  103. القرطاجني، أبو الحسن حازم بن محمد بن حسن بن محمد بن حازم الأنصاري ولد "حازم القرطاجني" بقرطاجنة سنة (608هـ = 1211م) وإليها نسب.
  104. محمد الخطابي ، لسانيات النص مدخل إلى إنسجام الخطاب،ص 149-150.
  105. ولم يكن أبو حازم رجلا من غمار الناس ، وإنما كان يعيش في بيت علم ورياسة ، وكان أبوه فقيها قاضيا عالما ،. (د. أبو موسى، تقريب منهاج البلغاء ص3)
  106. "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" وهو كتاب في النقد والبلاغة تناول فيه حازم القول وأجزاءه، والأداء وطرقه، وأثر الكلام في السامعين، وتعمق في بحث المعاني والمباني والأسلوب>
  107. محمد الخطابي ، لسانيات النص مدخل إلى إنسجام الخطاب،ص 150-151-152-151-159
  108. د- محمد محمد أبو موسى، تقريب منهاج البلغاء لحازم القرطاجني ، مكتبة وهبة بالقاهرة، ط.1 /2006، ص 165—166-167-168
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...