Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Journal of Islamic and Religious Studies > Volume 4 Issue 2 of Journal of Islamic and Religious Studies

دعوى رد الإمام مالك خبر الآحاد الصحيح: دراسة تطبيقية |
Journal of Islamic and Religious Studies
Journal of Islamic and Religious Studies

Article Info
Authors

Volume

4

Issue

2

Year

2019

ARI Id

1682060030498_797

Pages

69-86

DOI

10.36476/JIRS.4:2.12.2019.16

Chapter URL

http://jirs.uoh.edu.pk/index.php/JIRS/article/view/111

Subjects

Imam Malik the News of Atheism Suit Reply

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

المقدِّمة

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الخلق والمُرسلين أّما بعد:

فإنَّ عمل أهل المدينة من الأصول الّتي اعتمد عليها الإمام مالك رحمه الله (179ه) في بناء مذهبه، ولا يزال يكتنف هذا الأصل شيئاً من الغموض في دلالاته وحجيّته، الأمر الذي ولّد دعوى ردّ الإمام مالك(179ه) زعيم مدرسة الأثر الخبر لمخالفته عمل أهل المدينة، هذا إلى جانب ندرة الدّراسات التّطبيقية في التّحقق من درجة خبر الآحاد الذي رُدّ للعمل، والملابسات المُحيطة به كالنّسخ أو إمكانية الجمع أو التّرجيح؛ لذلك جاءت هذه الدّراسة تهدف إلى تجلية ذلك وبيانه.

تساؤلات الدّراسة

في وسط هذه المُلابسات، شنّع المخالفون على مسالة رد الخبر للعمل ؛والأسئلة المطروحة:

  1. هل هذه الدّعوى يؤيدها واقع التّطبيق أم هي مجرد أقوال قيلت ثمّ استقرت؟
  2. مالمقصود بعمل أهل المدينة الذي يرقى إلى أن يردّ به الخبر؟
  3. هل جميع الأخبار التي رُدّت للعمل كان الخبر فيها صريحا بحيث لا يُصار للجمع ولا للتّرجيح ولا القول بالنّسخ؟
  4. هل هناك خبرٌ آخر يوافق العمل ويعضِده؟

وللإجابة عن بهذه الأسئلة؛ نهَج المهتمّون بهذه القضية منهج تتبّع مسائل العمل من المصادر الأساسيّة ثمّ دراستها دراسة مُقارنة.

ومن أهمّ هذه الدّراسات:

ما قدّمه فلمبْان[1] من دراسة متميِّزة لمسائل العمل، تتمثل في انتقاء سبع وثلاثون مسألة، منها سبع وعشرون فيها شُبهة مخالفة أو أوهمت المُخالفة، وعشرة لا تُخالف الأخبار أصلا، وقد بذل فلمبان جهداً واسعاً في التّتبع ولكنه ركّز في استنتاجاته على قضية تمييز نوع العمل في المسألة؛ هل هو متصل أم اجتهاديّ، فما كان متّصلا يقول بردّ الخبر له، وما كان اجتهاديا فلا، إلا أنّه كثيرا ما ينتهي بعد ذلك بقوله "ويُردّ الخبر للعمل"، وهذه الطريقة التي اتّبعها فلمبان في التّدليل على القضية حكيمةً مسلكا في مجال التحقق من الدعوى التي وقف حيالها الباحثون، إلاّ أنّه لم يستثمر ما عرضه في التحققّ من دعوى ردّ الخبر.

أمّا بوساق[2] فقد نهَج مَنهج سابقه؛ حيث عرض مئة مسالة تتبعتُ ثلثها تقريبا ، ولم يكن كتابه خاصّا بذكر مسائل العمل التي يردّ بها الخبر، بل أغلب مسائل كتابه لم يرد فيها دعوى في الأصل، وخرج بنفس نتائج سابقه.

أّمّا سيف[3] فلم يعتمد في المسائل الّتي استخرجها على التّحقيق في الدّعوى بل اقتصر على تِبْيان العلاقة بين العمل ومُصطلحات مالك؛ من خلال الاستعانة بموقف مالك نفسه من العمل، وذلك بدراسة عدد من قضايا الموطأ ليتعرّف على المصطلحات، ومقارنتها مع أقوال العلماء، وتعرّض لموضوع ردّ الخبر بصورة موجزة دون أن يسلك منهج الدّراسة التّطبيقية والتّحليلية.

منهج الدّراسة

إنّ المنهج الذي تقوم عليه هذه الدّراسة؛ هو اختيار نماذجاً من مسائل العمل ودراستها دراسة نقدية تحليلة للوقوف على دعوى رد الإمام مالك لخبر الآحاد لمخالفته العمل والتحقق منها.

خطّة الدّراسة:

  • وقسّمت الدِّراسة إلى مبحثين وخاتمة:

أمّا المبحث الأول فهو بعنوان:(عمل أهل المدينة؛ مفهومه، وحجيّته بين الأخبار ) عرضت فيه عرضا موجزاً لمفهوم العمل وحجيّته، وحقيقة التّعارض بينهما.

والمبحث الثّاني بعنوان (نماذج من مسائل العمل التي أوهمت الرّد للخبر، "عرضا وتحقيقا")، عرضت فيه مطلبين، الأول؛ خصّصته لنماذج من مسائل العمل التي اعتُضدت بالخبر الصّحيح، والثاني؛ عرض نماذج من مسائل العمل التي يُصار فيها للجمع أو النسخ أو التّرجيح.

هذا وأسأل الله التّوفيق والمعُونة والعصمة من الزّلل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

المبحث الأول

عمل أهل المدينة؛ مفهومه، وحجيّته بين الأخبار

يندرج تحت هذا المبحث مطْلبان:

المطلب الأوّل: مفهوم عمل أهل المدينة الّذي يُردّ لأجله الخبر؛ ويُناقش هذا المطلب مفهوم عمل أهل المدينة الّذي يُردّ لأجله الخبر عند المالكية وعند غيرهم.

المطلب الثّاني: حجيّة العمل الّذي يُردّ لأجله الخبر، وحقيقة دعوى التّعارض بينهما.

المطلب الأوّل

مفهوم عمل أهل المدينة الذي يردّ لأجله الخبر

يُعتبر هذا المُصطلح من الموضوعات الشَّائكة فقد اختلفت وِجهات العلماء في تفسيره؛ فمنْهم من حمَله على الإجماع، ومنهم من حمَله على التّواتر، وعبّر الباحثون في هذا الميدان قديماً وحديثاً عن غموض هذا المُصطلح؛ فالشّافعيّ(204ه) مع علمه وصحبته لمالك(179ه) يقول مُخاطباً له:" ماعَرفْنا ما تُريد بالعلم إلى يومنا هذا وما أرانا نعرفه-ويمضي قائلاً- وما كلّمت منكم أحدا قطّ فرأيته يعرف معنى "الأمر عندنا"[4]، ولعل ذلك الاختلاف راجع لتقديراتٍ واعتبارات عدِّة.[5]

أوّلا مفهوم عمل أهل المدينة عند غير المالكية

أدرج البعض عمل أهل المدينة في باب الإِجْماع، وهذا ظنٌ فاسدٌ مبنيٌ على فهم خاطئ لمراد الإمام مالك(179ه)، فانصبّت الردود على إبطال حجيّة إجماع بعض الأمّة من خلال التّعليل بامتناع مالك(179ه) إلزام النّاس بالموطأ عندما طلب الرشيد منه ذلك، وأنكر المالكية أن يكون إجماعا، ولم يستعمل مالك كلمة الإجماع مُطلقا في الموطأ، وإنما كان يستعمل مصطلح:" الأمر المجتمع عليه"، و"الأمر الذي لا اختلاف فيه" في العمل الذي تناقله أهل المدينة، واختلفوا في مفهومه؛ فبعضهم عدّه من قبيل المتواتر، أو مشاهدة الأحوال الدالة على مقاصد الشرع، كما أنهم قالوا بأن المراد به هو المنقولات المستمِّرة ، وبهذا تكون روايتهم أولى من رواية غيرهم وإجماعهم أولى من إجماع غيرهم ولا تمتنع مخالفته، وبعضهم قال ترجيح اجتهادهم على اجتهاد غيرهم، وقيل اجماع أهل المدينة من الصحابة دون غيرهم، وقيل اجماع الصحابة والتابعين وزاد البعض أتباع التابعين؛وهكذا اختلفت الأقوال في مصطلح العمل.[6]

ثانيا: تعريف العمل عند محققي المالكية[7]

ينقسم العمل عند محققي المالكية إلى قسمين :

الأول:ما كان من طريق النَّقل والحكاية مما اتّصل بنقل الكافّة عن الكافّة وعملت به عملا لا يخفى، ونقله الجمهور عن الجمهور عن زمن النّبي -صلّى الله عليه وسلم ، وهذا الذي عناه مالك بعمل أهل المدينة ، وهو يشتمل على أربعة أنواع:

نقْل شرعٍ مبتدأ من قول النّبي صلّى الله عليه وسلم، و نقْل شرعٍ مبتدأ من فعله وإقراره لِما شاهده من أصحابه ولم يُنقل عنه إنكار، ونقْل تركه لأمرٍ وأحكام لم يلْزمهم إياها مع شُهرتها لديهم وظهورها فيهم،وعدّوا هذا القسم هو المعني بعمل أهل المدينة عند الإمام مالك.

الثاني: إجماع الصحابة من أهل المدينة بطريق الاجتهاد والاستدلال.

وبناءً على ما سبق خرج المعاصرون الباحثون في هذا الميدان ببعض التعريفات التي لا تختلف عن بعضها منها:

"أن العمل ما نقله أهل المدينة من سننٍ نقلاً مستمرّا عن زمن النّبي ﷺ أو ما كان رأيا واستدلالا".[8]

وبهذا يرى الدكتور سيف ان هذا العمل يتمثّل في:

نقلِهم متواتر السّنن، وما اشْتهر من العمل، كما أنه يتناول السنن المنقولة عن زمن النّبي صلّى الله عليه وسلم، أو كان استدلالا ورأيا لمن بعده من الصحابة.

المطلب الثاني

حُجيّة العمل الّذي يردّ لأجله الخبر، وحقيقة التّعارض بينهما

أوّلا: حجيّة عمل أهل المدينة كأصل من أصول المذهب المالكي

لم ينفرد الإمام مالك( 179ه) بالقول بعمل أهل المدينة؛ فقد ظهر الاستدلال به من قبله في عصر الّتابعين، وإنما نُسب هذا الأصل للإمام مالك(179ه) لكثرة ما أفتى به، ولأنّه كان أشهر من أخذه فنُسب إليه، ولقد اختلف العُلماء في حجيّة عمل أهل المدينة على مذهبين؛ فالمالكية يرونه حجّة شرعية، ومذهب الجمهور على خلاف ذلك وانْصبّت أدلتهم على رفض حجية إجماع بعض الأمّة، و استدلّ القائلون بحجيّة عمل أهل المدينة على الأحاديث الواردة في فضل المدينة وشرف أهلها وهي كثيرة ولا تنفي الفضْل عن غيرها، كما أنّ المدينة مهْبِط العلم ومستقرّ الإسلام، وفيها من الصّحابة الَّذين شهدوا التَّنزيل وعرفوا التَّأويل، ولم تنتشر بينهم البدع، ولم يقع بينهم الخلف، فروايتهم مقدَّمة على رواية غيرهم، فقال بعضهم بأنّ عمل أهل المدينة يعدّ إجماعا، فشنّع المخالف عليه بذلك.[9]

أمّا المحقّقون من المالكيّة فإنّ منهم من يقول بأن إجماع أهل المدينة النّقلي متِّفق على حجيّته بل يرونه ملزما لغيرهم، أما الاجتهاديّ فقد اختلف في حجيته المتقدمون والمتأخرون من المالكية.[10]

ولم ينفرد المالكية بقولهم في حجيِّة عمل أهل المدينة :

فابن تيْمية( 652ه) يذكر أن إجماع أهل المدينة على أربع مراتب؛ الأولى:مايجري مجرى النّقل عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم مثل نقلهم الصّاع، وترك صدقة الخضراوات والأحباس؛ فهذا حجّة عندهم بلا نزاع وهو مذهب أبي حنيفة، والمرتبة الثانية: العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان رضي الله عنه؛ وهذا حجّة في مذهب الإمام مالك( 179ه) وهو ظاهر مذهب أحمد( 241ه)، والثّالثة: إذا تعارض في المسألة دليلان جُهل أحدهما أيهما أرجح عمل فيه خلاف، حيث مذهب مالك والشّافعي أنّه يرجح بالعمل، والمرتبة الرابعة: وهو العمل المتأخّر الذي عليه الناس أنّه ليس بحجة شرعيّة ولم يُر في كلام الإمام مالك( 179ه) ما يُوجبه وإنما يَذكر الإمام مالك ( 179ه ) الأصل المُجتمع عندهم، حاكياً مذهبهم أو ما عليه أهل العلم بالبلد، وقد أشار ابن تيمية إلى أنّه ما يعلم بأهل المدينة عمل قديم على عهد الخلفاء الراشدين مخالفٌ لسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[11]

وألحق ابن القيِّم العمل القديم بالعمل النقليّ، واعتبره حُجّة، وبيّن أن لا تعارض بينه وبين السُّنن الصّحيحة الثّابتة.[12]

وعلى هذا فمعيار العمل المقدّم على الأخبار عند محققي المالكية وغيرهم هو العلم المستند إلى دليل شرعيّ وطريقه النّقل والتقرير، كافّة عن الكافّة، وسُميَّ أيضا ب"العمل المتّصل".

ثانيا :خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة[13]

ظاهر قول مالك رحمه الله أنّه إذا وُجد العمل على خلاف الخبر فإنّه يُردّ، وهذا ما أشار إليه:" فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهراٌ، معمولا به، لم أر لأحد خلافه ؛ للّذي في أيديهم من تلك الوِراثة التي لا يحوز انتحالها ولا ادّعاؤها".[14]

ولذلك فإنّ المالكيّة يروْن تقديم إجماع أهل المدينة النّقلي وعملهم المتِّصل على أخبار الآحاد تخريجاً منهم على أنه من النّقل المتواتر، وحجّتهم في ذلك أنّ العمل المتّصل المُستفيض بمنزلة الخبر المتواتر؛ قال ابن القصّار(379ه) :" وأخبار أهل المدينة أخبارُ تواترٍ فكانت أوْلى من أخبار الآحاد ".[15]

واحتّجوا أيضاّ بأنّ أهل المدينة لو ثبت أنّهم عملوا بخلاف الخبر مع علمهم به كان ذلك دليلاً على أّنهم تركوا الخبر لدليل ناسخ، يقول ابن رُشد(450ه):"هذا معلومٌ من مذهب مالك(179ه) أنّ العمل المتّصل بالمدينة مقدَّم على أخبار الآحاد العُدول ، لأنّ المدينة دار النّبي -عليه السّلام- وبها مات وأصحابه متوافرون، فيبعُد أن يخفى الحديث عنهم ولا يمكن أن يتّصل العمل به من الصّحابة إلى من بعده على خلافة إلاّ وقد علموا النّسخ فيه".[16]

وقد لخصّ القاضي عبد الوهاب (422ه) في المعونة هذه المسألة بقوله:" إذا روي خبر من آخبار الآحاد في مقابلة عملهم المتصل، وجب المصير إلى عملهم لأن هذا العمل طريقه طريق النقل المتواتر، فكان إذن أولى من أخبار الآحاد....، وحمل ذلك على غلط راويه أو نسخه أو غير ذلك مما يجب اطراحه لأجله".[17]

ثالثا:وجْه التّرابط بين عمل أهل المدينة والخبر

تنقسم الأخبار بعمومها إلى آحاد ومتواترة، وعلى اعتبار ما تقرّر في مفهوم عمل أهل المدينة فإنّه يعدّ من قبيل المتواتر المُفيد للعلم،يقول ابن القصّار(379ه) :" ومذهب مالك (197ه) قبول الخبر الذي اشتُهر واستُغني عن ذكر عدد ناقليه لكثرتهم... وهذا هو خبر المتواتر الذي يُوجب العلم، ويقطع العذر، ويشهد على مخبره بالصّدق، ويرتفع معه الرّيب".[18]

و بعد هذا التّقرير؛ هل يمكن أن يقع التّعارض حقيقة بين عمل أهل المدينة الّتي هي من قبيل المتواتر وبين خبر الآحاد الصّحيح الّذي تلقته الأمة بالقبول؟.

والإجابة أنّه لايُمكن التّعارض إلاّ إذا كان أحدهما غير صحيح أو غير صريح أو أحدهما ناسخ لآخر،يقول الشّاطبي(790ه):"كل من تحقّق بأصول الشريعة فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض".[19]فما هو منهج التّعامل مع عمل أهل المدينة والخبر الصحيح في حال التّعارض الظّاهري؟

رابعاً: منهج التّعامل مع الأخبار في حال التّعارض الظاهريّ.

يقول القُرافي مفصِّلا المنهج المسلوك في حال التّعارض الظاهري بين الأخبار الصّحيحة على وجه العموم:" إذا تعارض دليلان فالعلم بكل واحد منهما من وجه أولى من العمل بأحدهما دون الآخر، وهما إن كان عاميْن معلومين والتّاريخ معلوم، نسخ المتأخّر المتقدّم,وإن كان مجهولا سقطا ، وإن عُلمت المقارنة خُيِّر بينهما".[20]

وعليه فإنّ المنهج المتّبع ؛ إمّا عملٌ بالخبرين بالجمع بينهما،أو الصيرورة إلى أنّ الأمر فيه تخيير، وإذا تعذّر الجمع يُصار للقول بالنّسخ مع الدّليل وعمل أهل المدينة بخلاف الحديث دليلٌ على نسخة بناء على ما تقرر فيما سبق، وفي حال انتقاء الحالين يُصار إلى التّرجيح؛ فإذا علمنا أنّ خبر المتواتر أقوى في الحجّة من الآحاد لا لضعف خبر الآحاد الصّحيح أو عدم إفادة العلم النّظري بل لأنه في المرجِّحات يقدّم الأصّح والأشهر والأكثر طُرقا.[21]

وتخلُص الباحثة بهذه المقدّمة النّظرية إلى أنّ عمل أهل المدينة من قبيل المتواتر الذي لايُردّ به خبر الآحاد حقيقة؛ وإنما قد يُردّ لوجود تعارض ظاهري وبالتّالي يتّبع في مثل هذه الأحوال مسلك العلماء في الجمع والتّرجيح أو القول بالنّسخ، ولزيادة الإيضاح جاء المبحث الثّاني بنماذج توضحيّة تطبيقيّة على مسائل العمل التي أُوهم ردّ فيها الخبر للتّعارض الظاهري، وسيتناول هذا المبحث مسائل العمل التّي اعتضدت بخبر آخر صحيح، وتلك التي يُصار فيها للجمع أو القول بالنّسخ أو الترجيح

المبحث الثاني

نماذج من مسائل العمل التي أوهمت الرّد للخبر "عرضاً وتحقيقاً"

يتناول هذا المبحث نماذجاً من مسائل العمل التي أَوْهمت الرّد للخبر وذلك بعرضها ودراستها؛ على مطلبين:

المطلب الاول: مسائل العمل التي تعضدها الأخبار الصّحيحة.

المطلب الثاني: مسائل العمل التي يُصار فيها للجمع أو الترجيح أو القول بالنّسخ.

المطلب الأول

نماذج من مسائل العمل التي تعضِدها الأخبار الصّحيحة"

المسألة الأولى: الوُقوف والأحْباس[22]

هذه المسألة في إجازة الإمام مالك الوقْف والأحْباس؛ حيث استدلَّ بنقل أهل المدينة خلفاً عن سلف لأوقاف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكِرام، وقال بشُهرتها عنهم[23]، وقد استدلَّ المالكيّة بذلك، ووردت أخبار خالفت عمل أهل المدينة في هذه المسألة تُفيد أنّ الوقف غير جائز؛ومنها حديث ابن عباس: الذي ورد فيه"أنّ الأحباس منهيّ عنها غير جائزة"،[24] وغيرها من الأحاديث،وهذا الحديث فيه ابن لهيعة( 174ه)لا يسلم من النّقد، قال ابن حجر(852ه) :"صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه،... وله في مسلم بعض شيء مقرون، احترقت كتبه فاختلط".[25]وصححّه أحمد بن صالح قال:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِهِ أَقُولُ"،[26] فعلى فرض صحتّه فقد خالف أخرى صحيحة، وكذلك خالفها فعل بعض الصّحابة؛ منها:

ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه:" أنّ عمرَ بن الخطّاب أصاب أرضاً بخيْبر، فأتى النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- يَسْتأْمِره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أَصبْتُ أرْضاً بخيْبر لم أصب مالاً قطّ أنْفس عنْدي منه، فما تأمُر به؟ قال: "إنْ شِئْت حبسْت أصْلها، وتصدقت بها" ......[27]

وقد جمع الطحاوي(321ه)[28] بين أحاديث النّهي وما يعارضها على فرض صحتّها باختياراته الآتية:

فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَبِيلُهُ إِذَا وَقَفَ فِي الصِّحَّةِ لا في حال المرض فَيَكُونُ نَافِذًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ بَعْدَ ذَلِكَ قِيَاسًا على الهبات وغيرها .

أَنَّ النّهي عن الأحباس أُرِيدَ بِهِ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ مِنَ الْبُحَيْرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ . فَكَانُوا يَحْبِسُونَ مَا يَجْعَلُونَهُ كَذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يُوَرِّثُونَهُ أَحَدًا فَلَمَّا أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْفَرَائِضِ وَبَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا الْمَوَارِيثَ وَقَسَمَ الْأَمْوَالَ عَلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:" لَا حَبْسَ".

تقول الباحثة: فعلى ذلك يكون عمل المدينة أُيِّد بأخبار صِحاح يستقيم بها الاستدلال، مع ثبوت أوقاف الصّحابة، وأنّ حديث ابن عباس رضي الله عنه على فرض صحتّه وإفادته أمرا مخالفا فإنّه عند المخالفة يرجّح عليه حديث ابن عمر رضي الله عنه فهو الأصح، مع العلم بأنّه يمكن الجمع بينهما على النّحو الذي ذكره الطحاوي (321ه)، فلا يثبت ردّ الإمام مالك الخبر لمخالفته العمل والله أعلم.

المسألة الثانية: القضاء بالشّاهد واليمين[29]

والقضاء بالشّاهد واليمين عمل نقليّ متّصل عمل به الخلفاء وأيّدته أحاديث صحيحة، وإنْ خالفت بعض عموم الأخبار؛ فقد رُدّ على المُخالف أن ّالاستدلال بها لا يسلّم، ولا يلزم التّنصيص على الشّيء نفي ماعداه، كما أنّ الاحاديث المُخالفة عارضتها أخرى أثبتت القضاء بشاهد ويمين ولم ينكر أحدا، واختلف الفقهاء في مسالة كفاية الشاهد واليمين لإثبات الحقوق المالية، أمّا مالك فقال:" مَضت السُّنة في القضاء باليمين مع الشّاهد الواحد، وخصّه في الأموال".[30]

واستدلّ الأتباع بالعمل وعدّوا ذلك من تواتر الآثار عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، و أنّ أهل المدينة عملوا به قرْناً بعد قرن، وقد جاءت أخبار مخالفة في عمومها العمل، منها ؛ حديث ابن عباس-رضي الله عنه – قال :" قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

"لو يُعْطى النّاس بدْعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم....اليمين على المدّعى عليه".[31]

و يرُدّ على الأخبار المُخالفة أنّه لا يسلّم الاستدلال بها، ولا يلزم من التّنصيص على الشّيء نفيه عمّ اعداه؛ لكنْ مُقتضاه أنْ لا يُقضى باليمين مع الشّاهد الواحد إلاّ عند فقد الشّاهديْن، وأنّه لا مُنافاة فيه وبعضها ضعيف، و أنّ هذه الأحاديث عارَضتها أُخرى أثْبتت القضاء بشاهد ويمين كما رواية ابن عباس رضي الله عنه:" أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضى بيمينٍ وشاهد"[32]

وترى الباحثة بناءاً على ما أوُرد من الأمثلة السابقة أنهّ لم يخالف الإمام مالك الخبر، والأمر فيه سَعة. والله أعلم.

المسألة الثّالثة:زكاة الخضراوات [33]

وهذه المسألة من العمل النقليّ الّذي خصّص عموم الأخبار المخالفة .

قال الإمام مالك( 179ه):" السُّنة التي لا اختلاف فيها عندنا والذي سمعتُ من أهل العلم أنّه ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة...ولا في القضْب".[34]

ولقد استمرّ أهل المدينة على ذلك ولم يطالبهم النّبي صلّى الله عليه وسلّم بزكاة الخضروات وهو من الأمور التي تمسّ الحاجة لعلمها، ولو أخذها منهم ما خفي عليهم، ولكنْ وردت أخبارٌ عامّة يعارض ظاهرها العمل منها؛ حديث ابن عمر رضي الله عنه:

" فيما سَقَت السّماء والعيون أوْ كان عثْريّا[35] العُشر، وما سقى بالنّضح نصُف العُشر".[36]

فدلّت الأحاديث بعمومها على وجوب العُشْر، وقد رُدّ على هذه الأحاديث المُوهمة للمُخالِفة بأنّه؛ وردت أحاديث تؤيّد العمل تبيّن أنّ الخضروات لا زكاة فيها؛ وهو : حديث " .. وليس فيما دون خمسة أوْسق[37] صدقة"[38]، وهذا دليلٌ على أنّ الزكاة لا تجب في الفواكه ولا في الخُضر وإنّما تُوجب فيما يُوسق ويدهر قوتا، فبذلك تخرج الخُضر من العموم.[39]

تقول الباحثة :فعلى ذلك نستطيع القول أن هناك خصوص وعموم ولا يخالف العمل الخبر والله أعلم.

المسألة الرابعة: خَيار المجلس[40]

لم يُثبت الإمام مالك(179ه) خيار المجلِس، وقال في حديث ابن عمر رضي الله عنه:

"المُتبايِعان كلّ واحد منهما بالخَيار على صاحبه مالَم يتفرّقا إلا بيع الخَيار".[41]

ليس لهذا عندنا حدّ معروف ولا معمول به فيه، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يحدّث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

"أيّما بيِّعين تبايعا فالقوْل ما قال البائع أو يترادّان"[42]. [43]

وقد قُوبل اختيار مالك في هذه المسألة بعض النّقد من الأئمة ، يقول الخطّابي نقلاً عن الشّافعي:"رَحم الله مالكاً لستُ أدْري من اتَّهم في إسناده هذا الحديث،اتّهم نفسه أو نافعاً وأعظِّم أن أقول اتّهم ابن عمر، فأما قوله ليس للتفرّق حدّ يُعلم، فليس الأمر على ما توهمه، والأصل في هذا ونظائره أن يُرجع إلى عادة النّاس وعرفهم ويَعتبر حال المكان الذي هما فيه مُجتمعان......والعرف أمرٌ لا ينكره مالكٌ بل يقول به وربّما ترقّى في استعماله إلى أشياء لا يقول بها غيره، وذلك من مذهبه معروف فكيف صار إلى تركه في أحقّ المواضع به حتى يًترك له الحديث الصّحيح والله يغفر لنا وله ".[44]

وقد جاءت أدلة تدّل دلالة غير صريحة تدلّ على عدم مخالفة مالك الخبر ولا العُرف الذي هو أصلا من مذهبه ألا وهي النّسخ ودليله:

أوّلا: ما ورد في الحديث الصّحيح من قول ابن عمر رضي الله عنه ،قَالَ :

"بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالاً بِالْوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي الْبَيْعَ وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا قَالَ عَبْدُ اللهِ فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِي وَبَيْعُهُ رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّي سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودٍ بِثَلاَثِ لَيَالٍ وَسَاقَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ لَيَالٍ"[45]

فقول ابن عمر :"وكانت السّنة" دليلٌ على أنّ ذلك كان في أول الأمر فأّما في الزمن الذي فعل ابن عمر ذلك فكان التّفرق بالأبدان متروكا فلذلك فعله بن عمر لأنّه كان شديد الأتباع، وليس في قوله "وكانت السّنة ما ينفي استمرارها".[46]

ثانياً:حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي أورده مالك بعد اختياره في المسألة.

حيث ابن عبد البرّ (463ه) أن إيراد مالك لحديث ابن مسعودرضي الله عنه عقِب حديث مالك جعله كالمفَّسر إذ قد يختلف المتبايعيْن قبل الافتراق فلو كان الخيار لم تجب على البائع يمين ولا تراد، فكأنه منسوخ عنده،وهو مُنقطع وإن عمل به الفقهاء ، وعدم معرفة حدّ الخيار عندما قال:" وليس لهذا عندنا حد معروف"، لأنه على حسب حال المبيع.[47]

تقول الباحثة: يُبنى على كلام ابن عبد البرّ(463ه ) أنْ يكون الخبر قد تناوله النّسخ ولم يعلمه الجميع ،أو يكون الإمام مالك قد منعه لاحتمال حدوث الجَهالة والله أعلم والأمر فيه سَعة، والله أعلم.

النتيجة: أنّه لم يظهر في هذه النماذج ما يؤكد رد الخبر بشكل صريح، وما كان فهو من قبيل أن الأمر فيه سعة، أو من قبيل الجمع، أو وجود النسخ والله أعلم.

المطلب الثّاني

نماذج من مسائل العمل التي يُصار فيها للجمع أو القول بالنّسخ أو الترجيح

المسألة الأولى:الصَّلاة وقت الزوال[48]

وهنا مثال على العمل المتّصل، فقد أشار ابن عبد البرّ(463ه)[49] إلى أنّه كان على زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنّه توقيفي.

حيث يرى الإمام مالك أنّه لا تكره الصّلاة نصف النّهار اذا اسْتوت الشمس على الإطلاق وقال: "لا أعرف هذا النهي.. وما أدركت أهل الفضل والعباد إلا وهُم يهجّرون ويصلّون في نصف النهار".[50] وورد عنه أنه قال:" وقد جاء في بعض الحديث نهيٌ عن ذلك فأنا لا أنْهى عنه للّذي أدركت النّاس عليه ، ولا أُحبّه للنّهي عنه"[51].

تقول الباحثة: وكأنّي بالإمام مالك رحمه الله مع علمه بحديث النّهي وإيراده في ما شاهد عليه النّاس، وهو يعقّب بقوله:" وقد جاء في بعض الحديث نهيٌ عن ذلك فأنا لا أنْهى عنه للّذي أدركت النّاس عليه ، ولا أُحبّه للنّهي عنه". قد أخذ بالأحوط لنفسه مع جواز الأمرين إذا لم يكن هناك التحرّي المنهي عنه، والله أعلم.

فمن الأخبار التي أشار إليها الإمام مالك أنها جاءت نتهى عن ذلك، وذكرها في موطأه؛ ما جاء عن حيث الصُّنَابِحِيِّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :" إنّ الشّمس تطْلِع ومعها قرن الشيطان،فإذا ارْتفعَت فارَقها، ثمّ إذا اسْتوت قارَنها، فإذا زالت فارَقها، فإذا دَنت للغروب قارَنها، فإذا غَرَبت فارقها، ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الصّلاة في تلك الساعات " .[52]

وقد حمل الباجيّ( 474ه ) [53]هذا النْهي محملاً قويّا على أنّه متوجّه إلى تحرّي تلك الأوقات بالنّافلة، وأيّد احتجاجه بقول ابن عمر رضي الله عنه:

"أصلّي كما رأيت أصحابي يُصلّون: لا أنْهى أحدا يصلّي بليل ولا نهار ما شاء، غير أنْ لا تحرّوا طلوع الشّمس ولا غُروبها"[54].

تقول الباحثة: وبالحمْل على القوْل بالجْمع وأنّه يُراد بالكراهة هو الفعل الذي فيه تحرّي تلك الأوقات بالنّافلة، أو العمل بالأحوط فإنّه لا يكون الإمام مالك قد ردّ خبراً للعمل والله أعلم.

المسألة الثانية:الواجب فيما يُستخرج من المعادن[55]

هذه المسألة في قضية الزّكاة، فهل ما يُستخرج من المعادن من قبيل الرِّكاز[56] وفيها الخُمس؟، أم تأخُذ حُكم النَّقديْن؟.

قال مالك:" سمعت أهل العلم يقولون في الرِّكاز إنّما هو دفن الجاهليّة ما لم يُطلب بمال ولم يُتكلّف فيه كبيرُ عمل، فأمّا ما طُلب بمال أو تُكلِّف فيه كبيرُ عمل فأُصيب مرّة وأُخطئ مرّة، فليس هو بركاز وهو الأمر عندنا".[57]

وقد تأيّد هذا العمل المُتّصل بأحاديث، منها حديث ربيعة بن أبي عبد الرحمنرضي الله عنه :" أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم أقْطع بلال بن الحارث الْمُزَنِيَّ الْقَبَلِيَّةِ، وهي من ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يُؤْخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم".[58]

وعبارة :" وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن .....".هي زيادة كما أشار ابن حجر (852ه) في التلخيص.[59]

وقال ابن عبد البرّ(463ه) بانقطاع اسناده وأنّه لا يَحتجّ بمثله أهل الحديث ولكن يَعمل به أهل المدينة [60].

وقد يُتَوّهم أنّ مسألة العمل هذه تُخالف الحديث الصّحيح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ :

"الْعَجْمَاءُ جُبَار، وَالْبِئْرُ ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ،[61] وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ".[62]

والحقيقة أنّ المتأمل في مسألة العمل وقول مالك والحديث الصّحيح لا بدّ وأن تنتفي شُبهة المخالفة عنده، فالإمام مالك استثنى المعادن من الرّكاز على وجه فهم سديد ينطلق من مقصد النّص؛ وهو أنّ الّذي يُتكلّف فيه كبيرُ عمل، أو يُطلب بمال ليس بركاز،وذلك فهم ٌلا يُخالف الحديث، ويؤيد مالكا أيضا صنيع الإمام البخاري(256ه) في صحيحه،كتاب الزّكاة ، باب في الرِّكَازِ الْخُمُسُ،ومن خلال صنْعته الفقهيّة التي بثّها في ترجمة هذا الباب، إذ تراه يقدِّم مذهب الإمام مالك في أول الباب مُشعرا بذلك أنه يؤيده، معقّبا بعد ذلك بقوله:

"وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِئَتينِ خَمْسَةً،وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ سِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ،وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ ".[63]

وبهذا الجمع فإنّه لا يُسلّم من مخالفة العمل أخبارا صحاحا، والله أعلم .

المسألة الثالثة:الآذان والإقامة[64]

ورد للآذان ألفاظ مختلفة ، واستقلّ كل مِصر من الأمصار الإسلاميّة بلفظ، فلم ينْفرد مالك باستقلاله بلفظ ممّا يدل على أنّ الأمر فيه سّعة مستدِلاّ بعمل أهل المدينة حيث قال :" لم يْبلغني في النِّداء والإقامة إلاّ ما أدركتُ الّناس عليه؛ فأمّا الإقامة فإنّها لا تثنّى،وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا،وأما قيام النّاس حين تُقام الصَّلاة فإنِّي لم أسمع في ذلك بحدٍّ يُقام له إلا أني أرى ذلك على قدر طاقة النّاس فإنّ منهم الثَّقيل والخفيف، ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد".[65]

ولقد جاءت أخبارٌ مخالفة لما عليه أهل المدينة من عمل ، منها حديث أنس رضي الله عنه قال:

"أمر بلال أن يشْفع الأذان، وأنْ يُوتر الإقامة إلى الإقامة"[66]

بل إنّ العمل هنا وإنْ كان متّصلا ونقله مستفيضاً إلاّ أنّه وُجد له مُعارض بمثله من عمل أهل مكة والكوفة، وقد يُرجّح أنّ عمل المدينة أخر الفعلين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والذي مات عليه بالمدينة.

وتقول الباحثة: وتصريح الإمام مالك أنّه لم يبلغه في النِّداء إلا ما أدرك النّاس عليه فإنه بهذا ينقل ما بلغه عن أهل المدينة، وقد أكّد ذلك عندما قال:" ببلدنا"[67] يُشير بذلك إلى اختلاف الأمر في الأمصار الأخرى وأنّه آخر الأمر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو ما كان في المدينة ، وهذا والله أعلم لا يفيد النّسخ وإنّما يفيد أنّ الأمر فيه سّعة -والله أعلم- .

ورأي فلمبان أنّه يُردّ العمل هنا لمعارضة عمل الأمصار الأخرى حتى لو كان العمل متّصلا لا وجْه له؛ فمنعه فلمبان ردّ العمل للخبر وتجويزه إياه لعمل الأمصار الأخرى حجّة في غير دليل المحجّة والله أعلم.

المسألة الرابعة: خراج الحجّام وكسْبه[68]

لم ير الإمام مالك بأساً في أخذ الأُجرة على الحِجامة، ولكنْ هنالك أخبارٌ صحيحة مخالفة للعمل ؛مثل حديث رافع بن خديج:" ثمنُ الكلب ومهر البْغي وكسب الحجَّام خبيث".[69] وغيره من الأحاديث.

ولقد رُدّ على الأحاديث بردود منها: أنّ "الخبيث" يُحمل النّهي فيه على جِهة التّنزه عن الكسب الدنيء، قال ابن حجر:" فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بهذا الحديث وقالوا هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم فحملوا الزجر عنه على التنزيه ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حراما ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي والنسخ لا يثبت بالاحتمال".[70]

تقول الباحثة: يُجمع بين الأحاديث أن الأمر للتنزّه وبذلك لاتثبت دعوى الرّد للعمل .

المسألة الخامسة: الوصيّة للوارث.[71]

هذه المسألة من مسائل الإمام مالك لا يثْبت فيها ردّ الخبر، بل جاء العمل مخصِّصا لها، بمعنى أنه فسّر وأفاد في الفهم.

يقول الإمام مالك:" السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصّية لوارث إلا أن يُجيز له ذلك ورثة الميّت، وأنّه إن أجاز له بعضهم وأبى بعضهم جاز له حقّ من أجاز منهم، ومن آلى أخذ حقه من ذلك".[72]

ووردت أخبار ظاهرها يُخالف ما قاله مالك ،منها حديث :" إنّ الله أعطى كل ذي حقّ حقّه، فلا وصيّة لوارث".[73]

ويردّ على الحديث بأنّ المراد بعدم صحة وصية الوارث عدم اللزوم لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة.[74]

وبذلك يثبت أن تقديم العمل هنا ليس فيه ردٌّ للخبر، بل هو مفسّر ومقيِّد والله أعلم.

الخاتمة والنَّتائج

وفي الختام لا يسعني إلا أنْ أسجّل النتائج التي أسفرت عنها هذه الدِّراسة من خلال المسائل المدروسة، والتي تعدّ ثمرة المبحث وخُلاصته:

أولًا: تبيَّن من خلال المسائل المدروسة أنّ دعوى ردّ الإمام مالك خبر الآحاد الصّحيح للعمل دعوة مردودة

ثانيا: أنّه لا تعارض بين عمل أهل المدينة والخبر الصّحيح، إلا في حال النّسخ الذي لا يُحتاج لإثباته عادة بناءا على قاعدة التّرجيح التي تقضي بترجيح المتواتر على الآحاد الصّحيح ، ولا يعني ذلك الردّ وإنما توقف العمل بالخبر المرجوح.

ثالثاً: كثيرا من مسائل العمل التي أوهمت الردّ للخبر الصّحيح يعضدها أخبارا صحاحا.

رابعاً: أنّ المخالفة المتوّهمة في مخالفة العمل لخبر الآحاد الصّحيح، هي مخالفة ظاهرية ترجع لأسباب متعددة، وهي إّما أنّ تكون الأخبار منسوخة، أو يُصار فيها للجمع كالتخصيص والتقييد والسّعة.

التّوصيات

تُوصي الباحثة بضرورة التّوسع في هذه الدّراسة وحصر جميع مسائل العمل التي تدخل في نطاق هذا البحث، للحصول على نتائج دقيقة تقوم على الاستقراء ولا سيما أن هذه الدّراسة تناولت نماذج معدودة .

وفي النِّهاية، فإنْ أحسنت فبتوفيق الله وفضله، وإن جانبْت الصّواب ، فأسال الله المعفو والمغفرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.

 

حوالہ جات

  1. الهوامش (References) فلمبان، حسان بن محمد حسين،خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة"دراسة وتطبيقا"، دار البحوث الإسلامية، الإمارات، ط1، 2001م Falimbān, Ḥassān bin Muḥammad Ḥusayn, Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, (UAE: Dār al Baḥūth al Islāmiyyah, 1st Edition, 2001)
  2. بوساق، محمد المدني، المسائل التي بناها الإمام مالك على عمل أهل المدينة"توثيقا ودراسة"، دار البحوث الإسلامية، دبي،ط1، 2000م Bawsāq, Muḥammad al Madanī, Al Masā’il al Latī Banāhā al Imām Mālik ‘Ala ‘Amal Ahl al Madīnah: Tawthīqan wa Dirāsatan, (UAE: Dār al Baḥūth al Islāmiyyah, 1st Edition, 2000)
  3. سيف، أحمد محمد نور، عمل أهل المدينة بين مصطلحات ومالك وآراء الأصولييين، دار البحوث الإسلامية، دبي، ط1، 2001 م Sayf, Aḥmad Muḥammad Nūr, ‘Amal Ahl al Madīnah Bayn Muṣṭalaḥāt Wa Mālik wa Ār ā ‘ al Uṣūliyyīn, (UAE: Dār al Baḥūth al Islāmiyyah, 1st Edition, 2001)
  4. الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس، الأم، دار المعرفة، بيروت،1410ه، 7:231 Al Shafa’ī, Muḥammad bin Idrīs, Al Umm, (Beirut: Dār al Ma’rifah, 1410), 7:231
  5. عمل أهل المدينة، ص27,28, 136,137، المسائل التي بناها مالك على عمل أهل المدينة، 1:67,72، خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص55-58 ‘Amal Ahl al Madīnah Bayn Muṣṭalaḥāt Wa Mālik wa Ār ā ‘ al Uṣūliyyīn, p:27,28, 136,137. Al Masā’il al Latī Banāhā al Imām Mālik ‘Ala ‘Amal Ahl al Madīnah: Tawthīqan wa Dirāsatan, 1:67,72. Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:55-58
  6. المسائل التي بناها مالك،1:67,72، خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص55-58، عمل أهل المدينة، ص27،442 Al Masā’il al Latī Banāhā al Imām Mālik ‘Ala ‘Amal Ahl al Madīnah: Tawthīqan wa Dirāsatan, 1:67,72. Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:55-58. ‘Amal Ahl al Madīnah Bayn Muṣṭalaḥāt Wa Mālik wa Ār ā ‘ al Uṣūliyyīn, p:27,442
  7. قاضي عياض،أبو الفضل بن موسى اليحصبي، ترتيب المدارك وتقريب المسالك، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب،1:47 Qāḍī ‘Ayāḍ, Abū al Faḍal bin Mūsa, Tartīb al Madārik wa Taqrīb al Masālik, (Al Maghrib: Maṭba’ah Faḍalah al Muḥammadiyyah), 1:47
  8. عمل أهل المدينة،ص317 ‘Amal Ahl al Madīnah Bayn Muṣṭalaḥāt Wa Mālik wa Ār ā ‘ al Uṣūliyyīn, p:317
  9. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص75-85 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:75-85
  10. قاضی، عبد الوهاب بغدادي، المعونة على مذهب مالك عالم المدينة، تحقيق: عبد الحق حميش، مكتبة نزار الباز، مكة المكرمة، 3:1744-1746 Qāḍī, ‘Abd al Wahhāb al Baghdādī, Al Ma’ūnah ‘Ala Madhab Mālik ‘Ālim al Madīnah, (Makka: Maktabah Nazzār al Bāz), 3:1744-1746
  11. عمل أهل المدينة، عن كتاب ابن تيمية المسمى" صحة أصول أهل المدينة"، ص 118-120 Ibn Taymiyyah, Ṣeḥah Uṣūl Ahl al Madīnah, p: 118-120
  12. أبو بكر، عبد الوهاب البغدادي، منهج القاضي عبد الوهاب في الاستدلال بعمل أهل المدينة، المنعقد بالامارات، نشرته دار البحوث للدراسات الإسلاميّة، دبي، 5:13،14 Abū Bakr, ‘Abd al Wahhāb, Manhaj al Qāḍī ‘Abd al Wahhāb fil Istadlāl B ‘Amal Ahl al Madīnah, (Dubai: Dār al Baḥuth lil Dirāsāt al Islāmiyyah, 5:13,14
  13. 13خبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص118، مولاي الحسين بن الحسن، منهج الاستدلال بالسنّة في المذهب المالكي،دار البحوث للدِّراسات الإسلامية والتراث،الإمارات العربية،دبي،ط1،2003م، ص878 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:118. Mawlāī al Ḥusayn bin al Ḥasan, Manhaj al Istadlāl Bil Sunnah fil Madhab al Mālikī, (UAE: Dār al Baḥuth lil Dirāsāt al Islāmiyyah, 1st Edition, 2003), p:878
  14. أبو يوسف يعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ، الفسوي، تحقيق: خليل المنصور، اعتنى به أبو عبد الرحمن الشامي ،دار الكتب العلمية، بيروت،،1:392 Abū Yūsuf Ya’qūb bin Sufyān, Al Ma’rifah wal Tārīkh, (Beirut: Dār al Kutub al ‘Ilmiyyah), 1:392
  15. القصار، أبو الحسن علي بن عمر المالكي، المقدمة في الأصول، وهي مقدمة كتابه "عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار"،دار الغرب الإسلامي ، ط1 ، 1996م، ص77 Al Qaṣār, ‘Alī bin ‘Umar, Al Muqaddimah fil Uṣūl, From his Book Titled: ‘Uyūn al Adillah fī Masā‘il al Khilāf Bayn Fuqaha’ al Amṣār, (Dār al Gharb al Islāmī, 1st Edition, 1996), p:77
  16. ابن رشد، القرطبي أبو الوليد محمد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة، تحقيق: محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان،ط2 ، 1408 هـ،17:604 Ibn Rushd, Abū al Walīd Muḥammad, Al Bayān wal Taḥṣīl wal Sharḥ wal Tawjīh wal Ta’līl Li Masā‘il al Mustakhrajah, (Beirut: Dār al Gharb al Islāmī, 2nd Edition, 1408), 17:604
  17. المعونة على مذهب مالك عالم المدينة، 3:1746 Al Ma’ūnah ‘Ala Madhab Mālik ‘Ālim al Madīnah, 3:1746
  18. المقدّمة في الأصول، ص65 Al Muqaddimah fil Uṣūl, p: 65
  19. الشّاطبي،إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، الموافقات، تحقيق ،أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، ط1، 1417هـ،5:341 Al Shāṭibī, Ibrāhīm bin Mūsa, Al Muwāfaqāt, (Dār Ibn ‘Affān, 1st Edition, 1417), 5:341
  20. القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، تحقيق: عبد الرؤوف سعد، دار الفكر ، بيروت،1973ه، ص734 Al Qarāfī, Aḥmad bin Idrīs, Sharḥ Tanqīḥ al Fuṣūl fī Ikhtiṣār al Maḥṣūl fil Uṣūl, (Beirut: Dār al Fikr, 1973), p:734
  21. منهج الاستدلال بالسنة، ص778, 806 Manhaj al Istadlāl Bil Sunnah fil Madhab al Mālikī, p:778, 806
  22. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص315, 325 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:315, 325
  23. ابن رشد القرطبي، أبو الوليد محمد بن أحمد، المقدِّمات الممهّدات، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1408ه،2:418 Ibn Rushd, Abū al Walīd Muḥammad, Al Muqaddimāt al Mumahhadāt, (Beirut: Dār al Gharb al Islāmī, 1st Edition, 1408), 2:418
  24. أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة، شرح معاني الآثار، من طريق ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عِيسَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه به، تحقيق: محمد زهري النجار، محمد سيد جاد الحق، عالم الكتب، ط1‘ 1414 هـ، 4:97 Abū Ja’far, Aḥmad bin Muḥammad bin Salamah, Sharḥ Ma’ānī al Āthār, (‘Ālam al Kutub, 1st Edition, 1414), 4:97
  25. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب، تحقيق: محمد عوامة، طبعة دار الرشيد، بحلب، ط1، 1406ه، 2:319، رقم 3563 Ibn Ḥajar, Aḥmad bin ‘Alī, Taqrīb al Tahdhīb, (Aleppo: Dār al Rashīd, 1st Edition, 1406), 2:319
  26. شرح معاني الآثار، 4:96 Sharḥ Ma’ānī al Āthār, 4:96
  27. البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، الصحيح البخاری، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، تحقيق:مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، الطبعة الثالثة، اليمامة، بيروت، 1407ه، رقم2586 Al Bukhārī, Muḥammad bin Ismā‘īl, Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, (Beirut: Dār Ibn Kathīr, 3rd Edition, 1407), Ḥadīth
    1. 2586
  28. شرح معاني الآثار، 4:97،98 Sharḥ Ma’ānī al Āthār, 4:97,98
  29. خبر الواحد إذا خالفه عمل أهل المدينة، 308, 314 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:308, 314
  30. مالك بن أنس، موطأه، كتاب الأقضية، باب اليمين مع الشاهد، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار تحقيق التراث، مصر، 2:722 Mālik bin Anas, Al Muw’aṭā‘, (Egypt: Dār Taḥqīq al Turāth), 2:722
  31. الصحيح البخاري، كتاب التفسير، باب "إن الذين يشترون بعهد الله وأيْمانهم"، رقم4277 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 4277
  32. مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري، الصحيح المسلم، كتاب الحدود ، باب القضاء باليمين والشاهد، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء التراث العربي، بيروت، رقم1712 Muslim bin Ḥajjāj, Ṣaḥīḥ Muslim, (Beirut: Dār Iḥyā’ al Turath al ‘Arabī), Ḥadīth
    1. 1712
  33. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة،ص251, 256 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:251, 256
  34. موطأ، كتاب الزكاة، باب ما لازكاة فيه من الفواكه والقضب،2:392 Al Muw’aṭā‘, 2:392
  35. هو ما سقته السماء من النخل والثمار لأنه يصنع له شبه الساقية تجمع ماء المطر إلى أصوله، العيني، أبو محمد محمود الحنفى بدر الدين، عمدة القاري شرح صحيح البخاري،دار إحياء التراث العربي، بيروت،9:72 Al ‘Aynī, Badr al Dīn Maḥmūd, ‘Umdah al Qārī, (Beirut: Dār Iḥyā’ al Turath al ‘Arabī), 9:72
  36. الصحیح البخاري، كتاب الزكاة، باب العشر مما يسقى من ماء السماء، رقم1412 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 1412
  37. قوله :"أوسق" جمع وسق بفتح الواو ويجوز كسرها ،واستُدل به على أن الزروع لا زكاة فيها حتى تبلغ خمسة أوسق، ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، بيروت، 1379،3:311 Ibn Ḥajar, Aḥmad bin ‘Alī, Fatḥ al Bārī, (Beirut: Dār al Ma’rifah, 1379), 3:311
  38. الصحیح البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الورق، رقم1447 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 1447
  39. فتح الباري شرح صحيح البخاري، 3:349 Fatḥ al Bārī, 3:349
  40. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة،ص272, 286 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:272, 286
  41. الصحيح البخاري، كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار مالم يفترقا، رقم2005 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 2005
  42. الترمذي، محمد بن عيسى،السنن الترمذی، باب ما جاء إذا اختلف البيِّعان، بلفظ "إذا اختلف البيِّعان فالقولُ قول البائع والمُبتاع بالخَيار" وقال: " هذا حديث مرسل، ... قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا اختلف البيِّعان ولم تكن بيِّنة، قال: القول ما قال ربّ السِّلعة، أو يتراّدان، قال إسحاق: كما قال وكل من كان القول قوله فعليه اليمين، هكذا رُوي عن بعض أهل العلم من التّابعين منهم شُريح، وغيره ونحو هذا، تحقيق أحمد محمد شاكر ،مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر،ط2، 1395ه، رقم1270 Al Tirmadhī, Muḥammad bin ‘Eīsa, Al Sunan, (Egypt: Maṭba’ah Muṣṭafa al Bābī al Ḥalabī, 2nd Edition, 1395), Ḥadīth
    1. 1279
  43. موطأ، كتاب البيوع، باب الخيار، 2:671 Al Muw’aṭā‘, 2:671
  44. الخطابي،أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم،معالم السنن،المطبعة العلمية،حلب،ط1،1351ه، 3:121 Al Khiṭābī, Ḥamd bin Muḥammad bin Ibrāhīm, Ma’ālim al Sunan, (Aleppo: Al Maṭba’ah al ‘Ilmiyyah, 1st Edition, 1351), 3:121
  45. الصحيح البخاري،كتاب البيوع،باب إذا اشترى شيئا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا، رقم 2010 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 2010
  46. فتح الباري شرح صحيح البخاري، 4:336 Fatḥ al Bārī, 4:336
  47. ابن عبد البر، ابو عمر يوسف بن عبد الله، الاستذكار، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421 ه،6:471 Ibn ‘Abdl al Barr, Yūsuf bin ‘Abdullah, Al Istadhkār, (Beirut: Dār al Kutub al ‘Ilmiyyah, 1st Edition, 1421), 6:471
  48. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة،ص 159, 165 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:159, 165
  49. ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي, محمد عبد الكبير البكري،وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية،المغرب،1387هـ، 4:17 Ibn ‘Abdl al Barr, Yūsuf bin ‘Abdullah, Al Tamhīd limā fil Muw’ṭā‘ min al Ma’ānī wal Asānīd, (Al Maghrib: Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, 1387), 4:17
  50. المرجع نفسه، 4:18 Ibid., 4:18
  51. أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي، المنتقى شرح الموطأ،مطبعة السعادة ،ط1، 1332 هـ،1:302 Al Andulusī, Sulaymān bin Khalf, Al Muntaqa Sharḥ Al Muw’aṭā‘, (Maṭba’ah al Sa’ādah, 1st Edition, 1332), 1:302
  52. الموطأ،باب النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر،1:219، ابن خزيمة، محمد بن إسحاق، في صحيحه، وقال المحقق" الأعظمي:" إسناده صحيح"، تحقيق: محمد الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1390، رقم1264 Al Muw’aṭā‘, 1:219. Ibn Khuzaymah, Muḥammad bin Isḥāq, Ṣaḥīḥ Ibn Khuzaymah, (Beirut: Al Maktab al Islāmī, 1390), Ḥadīth 1264
  53. المنتقى شرح الموطأ، 1:303 Al Muntaqa Sharḥ Al Muw’aṭā‘, 1:303
  54. الصحيح البخاري،كتاب مواقيت الصلاة،باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر، رقم564 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 564
  55. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص244, 250 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, 244, 250
  56. الرِّكاز بكسر الراء وتخفيف الكاف، وآخره زاي: المال المدفون؛ مأخوذ من الرَكز بفتح الراء، يقال رَكزه يركِزه ركْزاً؛ إذا دفنه فهو مركوز،ُ وهذا متفق عليه واختلف في المعدن،فتح الباري شرح صحيح البخاري، 3:364 Fatḥ al Bārī, 3:364
  57. موطأ، كتاب الزكاة، باب زكاة الركاز، 2:249 Al Muw’aṭā‘, 2:249
  58. موطأ، كتاب الزكاة، باب الزكاة في المعادن،2:349، السجستاني، أبو داود سليمان بن الأشعث، سنن أبو داود، كتاب الخراج، باب في إقطاع الأرضين، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد،المكتبة العصرية، صيدا،بيروت، رقم3061 Al Muw’aṭā‘, 2:349. Abū Dawūd, Sulaymān bin Asha’th, Al Sunan, (Beirut: Al Maktabah al ‘Aṣariyyah), Ḥadīth
    1. 3061
  59. ابن حجر، أحمد بن علي، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وقال :" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا وَلَيْسَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ مَالِكٍ:" لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُثْبِتُوهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا إقْطَاعُهُ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فِي الْمَعَادِنِ دُونَ الْخُمُسِ فَلَيْسَتْ مَرْوِيَّةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،...... وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو سَبْرَةَ الْمَدِينِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالٍ مَوْصُولًا لَكِنْ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ .."، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419هـ، 2:393 Ibn Ḥajar, Aḥmad bin ‘Alī, Talkhīṣ al Ḥabiir fī Takhrīj Aḥādīth Al Rāfi’ī al Kabīr, (Beirut: Dār al Kutub al ‘Ilmiyyah, 1st Edition, 1419), 2:393
  60. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، 3:237 Al Tamhīd limā fil Muw’ṭā‘ min al Ma’ānī wal Asānīd, 3:237
  61. المعدن جبار، لا زكاة فيما يستخرج منه ، صحيح البخاري للبغا، 2:545 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, 2:545
  62. الصحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس، رقم 1428 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 1428
  63. المرجع السابق، 2:545 Ibid., 2:545
  64. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص166, 174 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:166, 174
  65. موطأ، كتاب الصلاة، باب ما جاء في النداء للصلاة، 2:96 Al Muw’aṭā‘, 2:96
  66. الصحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الآذان مثنى مثنى، رقم502 Ṣaḥīḥ Al Bukhārī, Ḥadīth
    1. 504
  67. ويرى الدكتور سيف أنّ هذا المُصطلح:" الأمر الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا" يُستعمل في قضايا العمل الاجتهاديّ لينقل رتبة العمل بأنه لا يُعرف فيه مُخالف من أهل المدينة، وبهذا يخالف الدكتور سيف ما قال به فلمبان بأنّ هذه المسألة من العمل المستمر ،عمل أهل المدينة، ص412،خبر الواحد، ص166، وبهذا يخالف الدكتور سيف فلمبان في عدّه هذه المسألة من العمل المستمرّ ‘Amal Ahl al Madīnah Bayn Muṣṭalaḥāt Wa Mālik wa Ārā‘ al Uṣūliyyīn, p:412. Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:166
  68. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة،ص298, 301 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:298, 301
  69. الصحیح المسلم، كتاب البيوع، باب تحريم ثمن الكلب، رقم1568 Ṣaḥīḥ Muslim, Ḥadīth
    1. 1568
  70. فتح الباري شرح صحيح البخاري، 4:459 Fatḥ al Bārī, 4:459
  71. خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، ص335, 339 Khabar al Wāḥid idhā Khālafa ‘Amal Ahl al Madīnah: Dirasatn wa Taṭbīqan, p:335, 339
  72. موطأ، كتاب الوصية، الوصية للوارث، 2:765 Al Muw’aṭā‘, 2:765
  73. السنن الترمذي، أبواب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، رقم2120، "والمراد بعدم صحة وصية الوارث عدم اللزوم لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة"،فتح الباري شرح صحيح البخاري،5:372 Al Tirmidhī, Al Sunan, Ḥadīth
    1. 2120. Fatḥ al Bārī, 5:372
  74. فتح الباري شرح صحيح البخاري، 5:372 Fatḥ al Bārī, 5:372
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...