Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Journal of Islamic and Religious Studies > Volume 3 Issue 1 of Journal of Islamic and Religious Studies

مراعاة الفروق الفردية في التوجيهات النبويّة للصحابة رضي الله تعالى عنهم |
Journal of Islamic and Religious Studies
Journal of Islamic and Religious Studies

Article Info
Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

مقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد، فقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يربّي جيلا من الصحابة نقلوا قومهم من جفاء الصحراء وبداوتها إلى أوج الحضارة وسؤددها في سنوات قلائل؛ فتعلّقت عقول الباحثين في علوم التربية والنهضة الحضارية بهذه التربية النبوية، وأكبّوا عليها يدرسونها ويستلهمون من عبرها قواعد التربية وأصول النهضة سعيا إلى نهضة إسلامية معاصرة تحاكي النهضة النبوية في تربية الإنسان؛ لتنجو هذه الأمة من كبوتها، وتعود تلك الأمة القائدة التي تسوس البشرية بالوحي، وتنقذهم من شريعة الغاب التي سادت بعد غياب شمس الإسلام عن الأرض.

وقد تنوعت الدراسات التربوية التي تبحث في تربية النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة، وأبرزت كثيرا من القواعد النبوية في صناعة الإنسان، ومن هذه الدراسات تلك التي اعتنت بمراعاة الفروق الفردية بين الصحابة في التربية والتعليم، وقد ربطت هذه الدراسات بين النصوص الشرعية وتطبيقاتها النبوية من جهة والنظريات التربوية المعاصرة من جهة أخرى، فأثبتت السبق الحضاري للإسلام في التربية النبوية على الأسس العلمية، وبيّنت جانبا من جوانب عظمة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق الوحي الرباني في علاقته مع الأمة، وأضافت دليلا جديدا على ربانية المصدر الذي تستقي منه التربية الإسلامية أصولها.

ومن هذه الدراسات؛ بحث بعنوان الفروق الفردية في ضوء التربية النبوية، أعده نعيم الصفدي وعبد اللطيف الأسطل[1]. وبحث بعنوان مراعاة الفروق الفردية في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعده ريان بياندا وهو طالب أندونيسي[2]. وكلا البحثين عالجا الموضوع من الجانب التعليمي والتربوي.

أما هذا البحث الذي أُعِدُّه فهو خاص بجانب آخر من جوانب التربية النبوية للصحابة، وهو جانب توجيه طاقات الصحابة لخدمة الإسلام في جوانب الحياة المختلفة؛ كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار من يكلّفه بالأعمال المختلفة من جهاد ودعوة وتعليم وإمارة وإمامة إلخ... من الوظائف المختلفة؟ هل كان يراعي الفروق الفردية بين الصحابة في اختيار الأشخاص للمهمات المختلفة؟ وكيف تراعى الفروق الفردية في إدارة الأزمات ومواجهة الظروف الطارئة؟ وكيف يمكننا الإفادة من هذا التأصيل في واقعنا المعاصر في مجال خدمة الإسلام والدعوة إليه؟ والإجابة عن هذه التساؤلات تقدم رؤية تربوية نبوية تساهم في تقويم المسيرة الإسلامية المعاصرة.

وقد قام هذا البحث على عدة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم الفروق الفردية والطاقات البشرية.

المطلب الثاني: الاعتداد بالفروق الفردية في النصوص الشرعية.

المطلب الثالث: مراعاة الفروق الفردية بين الإسلام والجاهلية.

المطلب الرابع: علاقة الفروق الفردية بالتوجيه النبوي لطاقات الصحابة.

المطلب الخامس: مراعاة الفروق الفردية في إدارة الأزمات.

الخاتمة: أهم النتائج والتوصيات.

المطلب الأول:مفهوم الفروق الفردية والطاقات البشرية

أولا: مفهوم الفروق الفردية

شاع هذا المصطلح في الدراسات التربوية الحديثة، ويقصد الباحثون به أن الأفراد يختلفون بينهم في صفاتهم الجسمية والنفسية والعقلية[3]؛ وبناء على هذه الاختلافات في الشخصية فإنهم يختلفون في قابليتهم للتربية والتعلّم؛ فأوصى التربويون باتباع أساليب ووسائل متنوعة في التربية والتعليم لإحداث التأثير المرغوب في الأفراد؛ فكل شخصية لها مؤثرات تستجيب لها ولا تستجيب لغيرها؛ وبتنوع الأساليب والوسائل يتحقق أكبر تأثير ممكن في الأفراد. وهناك اتجاه آخر في تعريف الفروق الفردية يميل إلى لزوم وجود صفة مشتركة بين الأفراد، لكنهم يتفاوتون في نسبة وجودها بينهم[4].

ويبدو أن التعريف الأول يوضح مفهوم الفروق الجماعية، أما التعريف الثاني فيوضح مفهوم الفروق الفردية.

وأقصد بالفروق الجماعية: الفروق التي صنّفت الناس إلى جماعات مختلفة، وهذه الفروق ظاهرة للعيان لا تحتاج إلى استدلال وتفكّر لشدة وضوحها؛ كالفروق بين الرجال والنساء وبين الصغار والكبار وبين الأغنياء والفقراء والأصحّاء والمرضى والمسلمين والكفار، إلخ.. فهذه الفروق بدهية لا تخفى؛ لذلك فإن الاعتراف بهذه الفروق والتنوع في أساليب تربيتها وتعليمها أمر لا نقاش فيه، وهو من الوضوح لدرجة أنه لا يدعو التربويين والقادة إلى الاختلاف فيه، أما طرق التعامل معه فسيتم الكلام عليها في المطلب الثالث.

أما الفروق الفردية: فهي أدق وأخفى من الفروق الجماعية؛ لأنها تلك الاختلافات والتباينات الجسمية والنفسية والعقلية بين أفراد المجموعة الواحدة. أي أنه لا بد من وجود معيار ما يشترك فيه عدة أفراد، وأي انحراف عن هذا المعيار في أي فرد يعدّ فرقا فرديا بين أفراد المجموعة، وقد يشترك بعض الأفراد بفروق متقاربة ليشكلوا مجموعة صغيرة داخل المجموعة الكبيرة؛ فمثلا: طلاب الصف الأول يشكلون مجموعة منفصلة عن طلاب الصف الثاني والثالث وهكذا، فالمعيار الذي جمعهم هو السن، والتقارب في السن يقلّص الفوارق بين الطلاب؛ وبناء عليه فإن قابليتهم للتربية والتعلم متقاربة، ويتم جمعهم في مجموعة واحدة لاتفاقهم في الاستعدادات والصفات بشكل عام فتسهل مخاطبتهم والتأثير فيهم، أي أن الفروق بينهم ليست معدومة؛ فبعضهم أسرع في الحفظ، وبعضهم أسرع في الفهم، وبعضهم يميل إلى العمليات الحركية أو العقلية، وهكذا. وبناء على هذه الفروقات الدقيقة يمكن تشكيل مجموعات أصغر داخل المجموعة الكبيرة وتخاطب كل مجموعة متقاربة في مستوى معين بما يناسبها من الأساليب.

ونخلص إلى أن مفهوم الفروق الفردية يتحقق بالضوابط الآتية:

(1) تتوافر الفروق الفردية بين أفراد المجموعة الواحدة المتفقة في الخصائص العامة، وليس بين المجموعات المختلفة فيما بينها اختلافا واضحا في خصائصها العامة.

(2) وجود الأفراد في الجماعة الواحدة المتفقة في الخصائص العامة لا يعني اتفاقهم في جميع الخصائص بلا تفاوت بينهم.

(3) وجود الفروق الفردية بين أفراد المجموعة الواحدة لا يعني انعدام هذه الفروق في بعض الأفراد ووجودها في أفراد آخرين في المجموعة نفسها، وإنما الاختلاف في درجة وجودها بين الأفراد، فهم جميعا يتفقون في وجود الخاصية مما جعلهم مجموعة واحدة، لكنهم يختلفون في درجة وجودها، فبعضهم تتوافر فيه هذه الخصيصة بنسبة 90% وآخرون بنسبة 60% وهكذا. ولعل هذا الفرق الأهم بين الفروق الفردية والفروق الجماعية.

ثانيا: مفهوم الطاقات البشرية

الطاقة البشرية[5]: هي الاستعداد لبذل الجهد في عمل ما والنجاح فيه، وهذا الاستعداد يشمل الاستعداد النفسي بوجود الرغبة في العمل، والاستعداد العقلي بوجود القدرات العقلية الكافية لأداء العمل، والاستعداد الجسدي بأن يكون الجسم ملائما للقيام بهذا العمل.

وبهذا المعنى تدخل الطاقات البشرية في المفهوم العام للفروق الجماعية والفروق الفردية؛ فجماعة الرجال وجماعة النساء وجماعة الكبار وجماعة الصغار يختلفون في طاقاتهم بسبب الفروق الجسدية والعقلية والنفسية الظاهرة بينهم. وفي المجموعة الواحدة توجد الفروقات الفردية بين فرد وفرد آخر في مدى الاستعداد للقيام بعمل ما من حيث الكفايات الجسدية والنفسية والعقلية؛ فأفراد المجموعة الواحدة يتفاوتون في نسبة الاستعداد للقيام بعمل ما، أي أن بعض الأفراد مستعدون للقيام بعمل ما أكثر من غيرهم؛ مما يجعلهم أكثر كفاءة فيه، وانخراطهم في هذا العمل يسهم في إنجاحه أكثر مما لو انخرط غيرهم فيه.

وما قيل عن أثر الفروق الفردية والجماعية على أسلوب الخطاب وأهداف التربية ووسائلها يقال هنا؛ لأن البشر مختلفون في طاقاتهم على المستوى الجماعي والفردي.

المطلب الثاني:الاعتداد بالفروق الفردية في النصوص الشرعية

بيّنت النصوص الشرعية أن التفاوت في صفات الناس والمخلوقات وقدراتهم سنة كونية اقتضتها حكمة الله تعالى في خلق الكون؛ لذلك جاءت بعض النصوص الشرعية تبيّن هذه الفروق في سياق بيان عظمة الله تعالى في الخلق والامتنان على خلقة بذلك، ولو خلقهم متشابهين لفقدت الحياة معناها ولذتها وهدفها؛ قال الله تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ "[6]، وقال تعالى:" انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا "[7]، وقال تعالى:" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ "[8]، والآيات في هذا كثيرة.

إذن فاختلاف الناس والمخلوقات الأخرى أمر محسوس مشاهد لا يحتاج إلى تنصيص الوحي عليه، لكنه مذكور في الوحي في سياق تحقيق أهداف أخرى بالغة الأهمية[9]؛ كالامتنان على الإنسان بيانا لنعم الله عليه وإشارة إلى واجب شكر المنعم بإفراده بالعبادة، وبيان الأدلة الحسّيّة على عظمة الخالق لدفع القلب إلى السجود لهذا الخلق العظيم الذي ذلت لعظمته القلوب والعقول قبل الرؤوس والجباه.

ومن الآيات ما جاءت لبيان الأثر التكليفي لهذه الاختلافات بين الناس، فالاختلاف في الوصف يؤدي إلى الاختلاف في الحكم، قال تعالى:" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ "[10]، وقال:" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا "[11]، وقال:" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ "[12].

وقد اقتفى النبي صلى الله عليه وسلم أثر القرآن في توجيه أصحابه وتربيتهم، فكان مراعيا للفروق بينهم في علاقته بهم في جوانب حياتهم المختلفة، ومن مظاهر هذا الاقتفاء:

  1. كان صلى الله عليه وسلم إذا كلّم أصحابه أعاد كلامه ثلاثا ليُفهم عنه[13]، وفائدة التكرار هنا مراعاة تفاوت حدة أذهان السامعين واختلاف قدراتهم على الفهم.
  2. وفي مراعاة تفاوت قدرات الناس، قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لمَ يَسْتَطِعْ فَبلِسانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ اْلإِيمَانِ"[14]، وهو صريح في تفاوت قدرات الناس في النهي عن المنكرات ومراعاة الشرع لهم وعدم تكليفهم بما لا يستطيعون.
  3. وقد نص القرآن والسنة على اختلاف نوع الكفارات حسب قدرة الإنسان، ومن أمثلته كفارة من جامع نهار رمضان، فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة، فلما عجز أمره بصيام شهرين، فلما عجز أمره بإطعام ستين مسكينا، فلما وجده فقيرا تصدّق عليه[15].
  4. ومن مظاهر مراعاة الفروق النفسية بين الناس المراوحة بين الترغيب والترهيب[16] في وعظهم وإرشادهم؛ لأن من الناس من لا يرتدع إلا بالترهيب، ومنهم من يلين للترغيب، فكان التنويع في الخطاب لإحداث الأثر المطلوب في الناس كل حسب ما يناسب نفسيته وشخصيته.
  5. وقد نصّ النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حديثه على ما يتمتع به بعض الصحابة من فروق فردية، فقال:"أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"[17].

ولا يعني هذا الحديث أن الصفة الموجودة في أحدهم غير موجودة في غيره مطلقا، وإنما المقصود -كما قال ابن حجر[18]- أن هذه الصفات موجودة في الجميع، لكنهم يتفاوتون في الاتصاف بها وكل واحد منهم في شخصيته مزيد اعتناء بواحدة منها. وهو المعنى الدقيق لمفهوم الفروق الفردية كما سبق بيانه.

  1. ومن هذا الباب أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةَ، لا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ : أَيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ، فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ"[19].

وقد اعترض عليه بعض الطاعنين في السنة بحجة أن هذا الحديث يقلل من شأن باقي العبادات، فيقرر استحقاق دخول الجنة بالصوم وحده أو بالصلاة وحدها ولو قصّر صاحبها بباقي العقائد والفروض[20]، لكن من الواضح أن الطاعن أساء فهم الحديث بسبب غفلته عن اعتداد الشرع الحكيم بالفروق الفردية بين الناس؛ فهذا الحديث أصل في تفاوت الثواب على الأعمال الصالحة بتفاوت الاجتهاد فيها؛ فالذين يدخلون من باب الريان هم الذين عرفوا بمزيد اعتناء بالصوم فريضة ونفلا وأحسنوا التأدب بآداب الصوم وأحكامه، هذا هو القصد من الحديث فهو ترغيب بهذه العبادة العظيمة وليس تقليلا من شأن باقي العبادات.

المطلب الثالث:مراعاة الفروق الفردية بين الإسلام والجاهلية

الجاهلية[21] هي كل النظم والقوانين والأفكار والعادات والتقاليد التي تستمد وجودها من غير الإسلام وتتناقض معه، فالجاهلية ليست مرحلة زمنية سبقت الإسلام وبادت، وإنما هي أوضاع إنسانية تسود حين تغيب المفاهيم الشرعية أو تنحسر من حياة الناس.

وبما أن خالق البشر أعلم بما يصلحهم فلا مجال للحيرة والمقارنة بين الشرع المنزّل من الخالق والتشريعات التي وضعها البشر بأهوائهم، قال الله تعالى:" أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"؟![22].

والاختلاف بين الإسلام والجاهلية ليس في الاعتراف بالفروق الفردية والجماعية بين الناس؛ فهي ظاهرة بشرية وسنة كونية لا يسع أحدا إنكارها، ولكن الخلاف نشأ من جهة الاعتداد ببعض الفروق أو عدم الاعتداد بها عند توجيه الخطاب لأفراد هذه الجماعات بناء على اختلاف المرجعية الفكرية للموجّهين؛ فبعضهم ينظر إلى هذا الفرق إلى أنه فرق مؤثر يدعو إلى تغيير أساليب الخطاب وأهدافه، والبعض الآخر يرى أنه غير مؤثر فلا ينبغي أن تتأثر أهداف الخطاب ووسائله به.

ومن أمثلة هذا الخلاف أثر الفروق بين الذكر والأنثى على أهداف التربية ووسائلها؛ فقد اقتضى هذا الاختلاف بين الذكر والأنثى أن تختلف بعض الحقوق والواجبات وأسلوب التوجيه والتربية وأهدافها في الإسلام. لكن النظرة الغربية الحديثة لا ترى هذا الاختلاف مؤثرا في التربية والتعليم والحقوق والواجبات؛ فسعت المنظمات الغربية إلى نشر ثقافة " الجندر"[23] التي تقوم على عدم الاعتداد بالفروق بين الذكر والأنثى، ولزوم المساواة التامة بينهما في كل مجالات الحياة في الحقوق والواجبات ووصل الأمر إلى الحياة الجنسية فقالوا بحرية الفاحشة بين الذكور والإناث[24].

وبالمقابل فقد أهمل الإسلام فارق العرق والقبيلة والأرض فساوى بين الناس جميعا في الحقوق والواجبات وجعل الدين فارقا مؤثرا في بناء الدولة وتوزيع الحقوق والواجبات. أما النظم الفكرية المعاصرة فقد قلبت الميزان وأهملت فارق الدين في توزيع الحقوق والواجبات واعتدّت بمفهوم المواطنة القائمة على رابطة التراب.

إلا أننا ينبغي أن ننتبه إلى أمرين مهمين في هذا السياق:

الأمر الأول: إن المنظومة القيمية المعاصرة منظومة نظرية فقط؛ فكل ما يسوق للمسلمين من حقوق الإنسان والمساواة بين البشر وضمان الحريات إلخ .... هو تنظير فقط، أما عند التطبيق فليس له أثر في التعامل مع قضايا المسلمين العادلة التي كان أصحاب هذه النظريات السبب الرئيس في إيجاد أزماتنا وتفاقمها، فهم مثاليون جدا إلى حد الخيال المجافي للواقع في نظرياتهم، لكنهم عند التطبيق يتحولون إلى نيران تأكل الأخضر واليابس تحقيقا لمصالحهم على حسابنا.

وبناء عليه فينبغي على المختصين بالتربية من المسلمين إبراز هذا التباين بين التربية الإسلامية وغير الإسلامية في النظر إلى الفروق الجماعية وأثرها في التربية، وإقامة الدلائل على نجاعة الحلول الإسلامية للمشكلات البشرية كونها ربانية المصدر ونبوية التطبيق؛ فلا يجوز بحال أن تُقدَّم نظرة الغرب على نظرة الإسلام في التربية تنظيرا وتطبيقا. لكن الانبهار بما عند الغرب أفضى إلى العكس؛ مما جعل أجيال المسلمين فريسة لنظريات تخالف دينهم وتخالف واقعهم الاجتماعي.

الأمر الثاني: إن تعامل الغرب مع الفروق الفردية مخالف تماما لتعاملهم مع الفروق الجماعية التي سبق الكلام عليها، وهو تناقض صارخ؛ فهم لا يهملون الفروق الفردية الدقيقة في المجموعات المتشابهة، ويعتدون بها من أجل ابتكار الأساليب والوسائل والأهداف التي تتلاءم معها، وفي هذا المضمار أشار التربويُّون المسلمون إلى السبق الحضاري للإسلام في مراعاة الفروق الفردية وابتكار الخطاب المناسب لها.

المطلب الرابع:علاقة الفروق الفردية بالتوجيه النبوي لطاقات الصحابة

سنة النبي وسيرته صلى الله عليه وسلم هي التطبيق العملي للقرآن، وهي تمثل الواقع التطبيقي للإسلام في مرحلتي الاستضعاف والتمكين؛ والتطبيق العلمي لا يقل أهمية عن التأصيل النظري؛ فبهما معا تتكامل الصورة، وتتضح المسيرة، وبالنظر فيهما يمكن للمسلمين أن يحسنوا بعث النهضة الإسلامية من جديد مقتدين بخير من فهم القرآن وطبٌقه واقعا عمليا في سيره الحثيث للتمكين لهذا الدين في الحياة.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان رأس الهرم في الكيان الإسلامي الناشئ، فهو النبي الذي يبلغ الوحي من الله تعالى، وهو القائد الذي يشرف على تطبيق هذا الوحي في حياة الناس؛ فهو على تماس مباشر بجميع مجالات الحياة، وهو معني بتوجيه حياة أصحابه على أساس الوحي سواء في مرحلة الاستضعاف في مكة أو في مرحلة التمكين في المدينة.

ولم يكن الإسلام في كل مراحله مسؤولية النبي صلى الله عليه وسلم وحده، وإنما هو مسؤولية الجميع، فمنذ اللحظة التي يدخل فيها الإنسان في الإسلام يستشعر مسؤوليته تجاه هذا الدين؛ فيجنّد كل طاقاته لخدمة هذا الدين.

وبما أن الله تعالى اختار نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقد كان القائد والمرشد والموجّه لطاقات أصحابه في خدمة الدين والدعوة إليه؛ فقد زخرت السنة والسيرة بكثير من المواقف النبوية التي تبيّن منهجا نبويا فريدا في تربية أصحابه على الإسلام وخدمته والدعوة إليه، ومن هذه المواقف التربوية الكثيرة يعنينا أن نلقي الضوء على مراعاة الفروق الفردية بين الصحابة في توجيه طاقاتهم لخدمة الإسلام والدعوة إليه، وهذه بعض النماذج:

أولا: الإسرار بالإسلام أو الجهر به في مرحلة الاستضعاف

الفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع المكي كانت ظاهرة تتحكم في حياتهم؛ فمنهم المُهاب في قومه لشرف عشيرته أو كثرة ماله أو سطوته الذاتية، ومنهم الضعيف الذي لا يؤبه له كونه من العبيد أو الفقراء أو ليس له عشيرة تحميه. ومجتمع كهذا لا بد أن تكون القوة فيه حكما بين الناس فيضيع حق الضعيف ويستأثر القوي بكل شيء. ولما جاء الإسلام انجذبت إليه قلوب الضعفاء؛ لأنه يؤسس للعدالة واحترام الحقوق فكان أكثر من أسلم منهم. وقد أسلم من الأشراف والأغنياء والأقوياء عدد انشرحت صدورهم للإسلام؛ لأنه حق يتوافق مع الفطرة السليمة والعقل الرجيح والقلب الحي.

وقد جنح أكثر المسلمين إلى الإسرار بدينهم والاستخفاء عن عيون كفار قريش خوفا من أذاهم وبطشهم، فقد ساموا من أسلم سوء العذاب ووصل الأمر إلى القتل كما في قصة سمية بن خياط وزوجها ياسر. ولم يخف بعض المسلمين إسلامهم بل جهروا به وتحدوا قريشا أن يمسوهم بسوء فما استطاعت قريش أن تفعل شيئا تجاههم بسبب منزلتهم وقوتهم في مكة مثل حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، وقد سبق أبو بكر الصديق الجميع في إشهار إسلامه فلم يجرؤ أحد على إيذائه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الاستخفاء عندما يجتمع بأصحابه؛ فاختار دار الأرقم بن أبي الأرقم وكتم خبرها عن قريش محافظة على سلامة أصحابه.

لكن اللافت للنظر أن بعض الصحابة خرجوا على هذا الواقع وقرروا أن يتحدوا قريشا بإعلان إسلامهم وتلاوة القرآن علنا على مسامعهم من باب الإغاظة والتحدي لا غير على الرغم من أنهم لا يتمتعون بأي حماية تمنع قريشا من الفتك بهم، فتحدوا قريشا بلا أي خط دفاع عن حياتهم.

ومن دلائل هذه الظاهرة قصة إسلام أبي ذر الغفاري والجهر بالقرآن لأول مرة على يد عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعا.

المثال الأول: قصة إسلام أبي ذر: فقد تجشّم أبو ذر رضي الله عنه عناء السفر إلى مكة؛ ليعرف حقيقة الدين الجديد الذي ظهر فيها، وهو على علم بأن أهل مكة يحاربون هذا الدين، فدخل على حذر وبقي ثلاثة أيام حتى دله علي بن أبي طالب رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم بين يديه، "فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي» قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ، فَأَكَبَّ العَبَّاسُ عَلَيْهِ فَأَنْقَذَهُ"[25].

المثال الثاني: أول من جهر بالقرآن في مكة: قال عروة بن الزبير: "كان أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا، قالوا: إنا نخشاهم عليك إنما نريد رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن آذوه، فقال: دعوني فإن الله عز وجل سيمنعني، فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام فقال رافعاً صوته: بسم الله الرحمن الرحيم "الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ" فاستقبلها فقرأها، فتأملوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن أم عبد، ثم قالوا: إنه يتلو بعض ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه، فقالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا، قالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون"[26].

من الملاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك المجال واسعا للصحابة في اختيار ما يناسبهم من الأحوال في المواجهة بين الإسلام وكفار قريش مدة الاستضعاف في مكة، ولم يلزم أحدا منهم بموقف لا يرى نفسه قادرا عليه؛ فمن أراد الإسرار بدينه فعل، ومن أراد الجهر فعل، ومن أراد تحدي الكفار فعل، ومن كان قادرا على تقديم خدمة ما للمعذَّبين من المسلمين فعل. حتى المستضعفين الذين خاطروا بحياتهم فاختاروا موقف الجهر والتحدي على الرغم من خطورة هذا الموقف على حياتهم لم يمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم منه، فقد تركهم يعبرون عن مدى قوة إيمانهم وصدق اعتقادهم ويتحملون في سبيل شجاعتهم الأذى ويحتسبونه في سبيل الله.

وهكذا يفهم موقف أبي ذر رضي الله عنه فقد علم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالرجوع ليس على الوجوب وإنما هو من رحمته به وشفقته عليه من أذى الكفار إذا جهر بإسلامه وهو الغريب البعيد عن قومه. وكذا موقف عبد الله ابن مسعود الذي يدل على عمق إيمانه وتعلقه بالله وحده، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم هذا منه، فقال عندما ضحك الصحابة من ضعف جسده ودقة ساقيه:" مَا تَضحكُوْنَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ"[27].

إذن ليس كل الصحابة متشابهين في ظروفهم وقدراتهم، ولم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم جميعا أن يكونوا مثل عبد الله بن مسعود أو أبي ذر، ولم ينه عبد الله بن مسعود أو أبا ذر عن مواقفهم الفدائية، وهذا يدل على مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم استعدادات الصحابة وطاقاتهم وظروفهم في تحقيق أهداف الدعوة الإسلامية؛ فمن المهم أن يوجد من يجهر بالتوحيد في مجتمع الشرك، ومن المهم أن يوجد من يستتر بإيمانه ليحقق مكاسب للدعوة من حيث لا ينتبه الأعداء، وعبقرية القيادة تقتضي أن توجه القيادة للمهمات المختلفة من عنده استعداد لها وقدرة على تنفيذها بنجاح.

ثانيا: الهجرة إلى الحبشة أو البقاء في مكة

لم يبق أحد ممن ظهر إسلامه في مكة إلا وأوذي إما إيذاء بدنيا أو معنويا؛ فمن لم يستطع الكفار حبسه وتعذيبه كانوا يسيئون إليه بالاتهام والسخرية، حتى بلغت الشدة بالمسلمين حدا عظيما فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يهاجر إلى الحبشة ليأمن على نفسه من الأذى[28]، فخرج من استطاع منهم أن يخرج وبقي الآخرون، وإذا علمنا أن أبا بكر رضي الله عنه حاول الهجرة[29] فرارا من الأذى النفسي وهو من هو مكانة وشرفا في مكة فكيف كان حال العبيد والضعفاء ممن لا حول لهم ولا طول؟!

وقد ذكر ابن إسحق[30] في السيرة أسماء من هاجر إلى الحبشة، وأكثرهم ممن لا يستطيع حماية نفسه من الأذى. ومنهم عثمان بن عفان وجعفر بن أبي طالب وهما من العشائر القوية مما لا يتصور معه وقوع الأذى البدني عليهما، لكنه الأذى المعنوي الذي يجرح نفس الحر فيكون أشد ألما من جرح الجسد.

ولعل هجرة هؤلاء الذين يتمتعون بحماية عشائرهم كان بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا بد أن يوجد مع المهاجرين شخصيات قادرة على إدارة شؤون الجماعة المهاجرة والحفاظ عليها من أخطار الغربة؛ غربة اللسان والمعتقد والوطن والأهل، وقد كان لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أثر كبير في المحافظة على جماعة المهاجرين في أخطر المواقف التي تعرضوا لها عندما استدعاهم النجاشي للدفاع عن أنفسهم ضد وفد قريش الذي أراد منه طردهم وإرجاعهم إلى مكة؛ فقد كان جعفر رضي الله عنه خطيبا مفوها استطاع أن يقنع النجاشي بحمايتهم من بطش قريش ويردّ حجّة وفد قريش المعتمدة على الهدايا المغرضة والصداقة القديمة بالنجاشي.

لكن جعفر بن أبي طالب كان بين خيارين قاسيين: الأول: أن يجهر بعقيدة الإسلام في المسيح فيخاطر بأمن الجماعة ويتعرّض لخطر الطرد من بلاد النجاشي وتسليمهم لقريش حيث يسومونهم سوء العذاب. والثاني: أن يداهن النجاشي ويخفي اعتقاده في المسيح ويوافق النصارى بلسانه طمعا في الأمن الذي يقدمه لهم النجاشي. فلم يجد جعفر ومن معه بدا من الجهر بعقيدتهم الحقيقية في المسيح عليه السلام ولو غضب النجاشي؛ فقد ضحوا بوطنهم وأهلهم من أجل هذا الدين فلا يجوز التخلي عنه الآن، ولو جازت المداهنة في أصول الدين وثوابته لكانت مداهنة قومهم أولى من مداهنة النجاشي. وهذا الموقف يحتاج إلى إيمان راسخ وتوكل كامل على الله تعالى، ويحتاج إلى علم بالفرق بين الثوابت الدينية التي لا يجوز المداهنة فيها وبين المتغيرات التي يجوز فيها دفع المفاسد الكبرى بارتكاب المفاسد الصغرى؛ إذن لا مفسدة أعظم من مفسدة الشرك، ولا مصلحة أعظم من مصلحة التوحيد. وهذا الفهم يحتاج إلى نوع من الرجال لا يتوافر كثيرا، وبهذا الموقف ثبت أن جعفر بن أبي طالب كان الأصلح حقا ليكون خطيب المسلمين وصاحب كلمتهم في الحبشة[31].

ثالثا: مصعب بن عمير[32] سفير الإسلام في المدينة

النجاح منقطع النظير الذي حققه مصعب بن عمير في الدعوة إلى الإسلام في المدينة يدعونا بإلحاح إلى التأمل في شخصية هذا الداعية الذي استطاع في شهور معدودات أن يُدخل الإسلام في كل بيت من بيوت المدينة ويجمع قلوب قبيلتين عاشتا العداوة والبغضاء والحرب والثارات ردحا طويلا من الزمن، وهذا يقودنا إلى الشخصية القيادية التي اختارته دون سواه لهذه المهمة الجليلة.

لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم لحظ في شخصية مصعب ما يؤهله ليكون نائبه في المدينة يعلّم المسلمين ويدعو غيرهم إلى الإسلام، ولعل الظروف التي كان يعيشها مصعب إضافة إلى مزاياه الشخصية قد ساهمت في ترشيحه للسفر إلى المدينة معلما للقرآن وداعيا إلى الله تعالى فيها.

فمن مزاياه الشخصية: تقدّمه في تعلم القرآن مما يؤهله لتعليم غيره، لكن قسوة أهله عليه وحرمانه من الترف الذي كان يعيشه معهم ومنعه حتى الطعام والشراب وأخيرا حبسه في البيت لمنعه من لقاء النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذه الظروف جعلت من مصعب رضي الله عنه طاقة دعوية وتعليمية معطّلة لا تجد طريقا للإفادة منها؛ فكان أن أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة فاستطاع أن يغافل أهله ويتسلل من حبسه في البيت ويهاجر مع إخوانه، ولما رجع إلى مكة بعد شائعة دخول أهل مكة في الإسلام وجد النبي صلى الله عليه وسلم قد اختار له مهمة جليلة وهو الدعوة إلى الإسلام في يثرب؛ فكان خير سفير لخير سفارة رضي الله عنه.

رابعا: حسن اختيار المؤذن

على الرغم من أن عبد الله بن زيد رضي الله عنه هو الذي رأى صيغة الأذان في منامه[33] إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يلقنه بلال بن رباح رضي الله عنه، فقال:" فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك"، أي أحسن وأعذب. وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه للأذان أيضا بعد أن أجرى مسابقة لعدد من المؤذنين فاختاره من بينهم لحسن صوته[34].

ولا شك أن مراعاة حسن الصوت وقوة تأثيره فضلا عن جهوريته من صفات المؤذن الناجح الذي يدخل صوته القلوب قبل الآذان؛ فيحرك فيها الشوق إلى مناجاة الله تعالى والوقوف بين يديه.

خامسا: اختيار الولاة والإداريين

ثبت أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله واليا، فقال: " ألا تستعملني؟!"، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن طلب الإمارة، وعلل ذلك فقال: يا أبا ذرٍّ، إنِّي أراك ضعيفًا، وإنِّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تأمَّرنَّ على اثنين، ولا تولَّينَّ مال يتيم"[35].

يتبيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم حقيقة شخصية أبي ذر، وأنها ليست شخصية قيادية؛ فلا يصلح للإمارة، وتنقصه المهارات الإدارية فلا يصلح للولاية على مال اليتيم، وهذا مكمن الضعف الذي قصده النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يظنّنّ ظانّ أن ضعف أبي ذر رضي الله عنه في تقواه وعدالته، كلا ثم كلا، فهو الرجل الذي تشربت روحه الإسلام من أول يوم وكان مستعدا للتضحية بحياته من أجل الجهر بالتوحيد كما مر في قصة إسلامه، وهو الزاهد الذي قضى حياته بعيدا عن زينة الدنيا وشهواتها الحلال، حتى مات وحيدا غريبا في سبيل دعوته للزهد وترك زينة الدنيا. إن نفسا كهذه النفس لهي نفس عظيمة لا تضعف أمام مغريات الدنيا وشهواتها. لكن الإمارة والإدارة فن وموهبة تحتاج إلى صفات قيادية في شخصية صاحبها تؤهله ليكون رئيسا ناجحا يستحق أن يكون في مكانه. وليس عيبا ألا تتوافر هذه الصفات القيادية في رجل ما لكن العيب أن يتصدر لها غير المؤهل لها فيهلك ويهلك غيره. وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم هذه النصيحة لأبي ذر في صورة المحبّ المشفق الذي لا يريد لحبيبه أن يقع في مزالق هو في غنى عنها.

وهذا درس نبوي ثمين في فن قيادة الجماعات؛ فالتقوى وحدها شرط لازم للوظائف القيادية لكنه ليس كافيا؛ فلا بد لكل وظيفة من مؤهلات تتناسب مع طبيعتها الخاصة إضافة إلى الشروط العامة اللازمة لكل وظيفة من التقوى والعلم إلخ... ولعل خفاء هذا الدرس سبب من أسباب الإخفاقات الكثيرة التي أصابت العمل الإسلامي المعاصر؛ فعلى القيادة أن تدرك أن العمل الإسلامي يحتاج إلى الكوادر المؤهلة في جميع المجالات فتحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لإمكاناته.

المطلب الخامس:مراعاة الفروق الفردية في الإدارة النبوية للأزمات

الأزمات هي الظروف الطارئة التي تجعل المجتمع يعيش مشكلات جديدة لم يكن يعانيها من قبل، وعلى القيادة أن تجد الحلول الكفيلة بتجاوز هذه المشكلات بأقل الخسائر الممكنة وألا تسمح لهذه المشكلات بالإضرار بالمجتمع.

والناظر في السيرة النبوية يجد أن أكثرها أزمات متتابعة ومحن متنوعة؛ فلم تمر الدعوة في مكة برخاء أو يسر، وإنما عاشت أصعب أيامها، وكذا المدة المدنية أكثرها غزوات، ومشكلات مع اليهود والمنافقين، ومع ذلك فقد كانت مراعاة الفروق بين الناس سمة بارزة في إدارة الأزمة في القيادة النبوية؛ وهذا يدل على ان مراعاة الفروق الفردية ليس خاصا بزمن الرخاء دون زمن الشدة.

ومن الأزمات التي مرّت بالمجتمع المسلم الناشئ غزوة تبوك، وتتمثل الأزمة في عدة مظاهر:

  1. طبيعة العدو، فهم يشتبكون مع دولة الروم أكبر دولة في ذلك الوقت.
  2. بعد المسافة بين المدينة والشام ولزوم قطع صحراء شاسعة للوصول إلى العدو.
  3. وقت الصيف حيث حان وقت جني الزرع بعد جهد عام كامل، وأهل المدينة أهل زرع، وهذا وقتهم الذي ينتظرونه طوال السنة.
  4. غزوة مثل هذه تحتاج إلى عدد كبير من المقاتلين وعدة لا يملكها المسلمون في ذلك الوقت.

وقد استنفر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ودعاهم إلى الصدقة لتجهيز الجيش فجهّز عثمان بن عفان رضي الله عنه ثلث الجيش من ماله، وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله، وجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه بكل ماله، ولما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عما أبقاه لأهله فقال: أبقيت لهم الله ورسوله[36].

وإجازة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه أن يتصدّق بكل ماله تحتاج إلى بعض التأمل؛ إذ لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم من كعب ابن مالك رضي الله عنه أن يتصدق بكل ماله عندما تاب الله عليه بعد تخلّفه عن غزوة تبوك[37]، ولم يقبل من سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه أن يتصدق بكل ماله عندما مرض[38].

ولعل التوجيه النبوي العام في الصدقة قائم على عدم التصدّق بكل المال لحكم منها مراعاة لحاجات الإنسان التي يقضيها المال، فإذا تصدق بكل ماله فمن أين ينفق؟ ومنها مراعاة لحق الأسرة في مال معيلهم " إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَن تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ "[39].

لكن قبول النبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر صدقته بكل ماله قائم على ركيزتين أساسيتين:

الأولى: مراعاة الحالات الاستثنائية والظروف الطارئة التي كان يعيشها المسلمون في ذلك الوقت، فقد جاءت غزوة تبوك في وقت شدة وعسرة مما يوجب أن يكون لإدارة هذه المرحلة أحكام تختلف عن الأحكام الضابطة للظروف العادية. لكن أحكام الظروف الطارئة أيضا لا تخلو من مراعاة الفروق الفردية في قبول الصدقة من الصحابة، وبيانه في الفقرة الآتية.

الثانية: مراعاة تفاوت الصحابة في عمق الإيمان وقوة التوكل وحجم التضحية، فهم وإن كانوا جميعا من أهل الإيمان والتوكل والتضحية إلا أنهم متفاوتون فيها، وقد قدم كل منهم ما يستطيع لجيش العسرة، وقد كان تميز أبي بكر عن غيره من الصجابة ظاهرا في كثير من مواقفه؛ لذلك لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

أما كعب بن مالك فقد تخلّف عن الغزوة بعد أن رأى بساتينه قد أثمرت وحان وقت جنيها، وظل يؤجّل حتى خرج الجيش من المدينة وهو لم يجهز نفسه للغزوة بعد، وقد ندم ندما شديدا وقسا على نفسه حتى تاب الله عليه، ومن شدة فرحه أراد أن ينخلع من ماله كله توبة إلى الله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز ذلك؛ لأن القرارات التي يتخذها الإنسان في حال الفرح الشديد أو الغضب الشديد يعتورها التسرع الذي قد يندم عليه صاحبه، وقرار التخلي عن كل المال يتعارض مع التوجيه النبوي العام للصدقات فكيف لرجل تخلف عن الغزوة بسب المال؟! إذن هو قرار يحتاج إلى تهذيب؛ لذلك طلب النبي صلى الله عليه وسلم منه أن يبقي له شيئا من ماله.

أما سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقد أراد أن يتصدق بكل ماله عندما ظن أنه في مرض الموت، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك، وبين له أن لأسرته حقا في ماله أيضا، فالقرار هنا ليس له وحده، وأجاز له الثلث، وقال: والثلث كثير.

إذن لا تعارض بين مراعاة الفروق الفردية وحشد طاقات الجميع من أجل حل الأزمات الطارئة، بل إن من أهم عوامل النجاح في إدارة الأزمة مراعاة الفروق الفردية بين العاملين؛ ليعمل كل منهم فيما يحسنه مما يؤهله للنجاح فيه.

الخاتمة وأهم التوصيات

بعد هذه الجولة يمكن تسجيل الفوائد والتوصيات الآتية:

1- التفريق بين الفروق الفردية والفروق الجماعية، وأن الأولى تقتضي اشتراك الأفراد في صفة ما لكنهم يتفاوتون في نسبة وجودها، أما الثانية فهي الاختلافات الظاهرة بين الجماعات المتقاربة في صفة ما.

2- ثمرة إدراك الفروق الفردية والجماعية هي البحث عن الأساليب الأنجع في التأثير في أصحابها وضبط حياتهم. وهنا يكمن الاختلاف بين الإسلام والنظرة الغربية المعاصرة، وعلى الباحثين المسلمين أن يوضحوا هذا الخلاف وينتصروا لدينهم لا أن يتجاهلوه ليفتعلوا اتفاقا بين الإسلام والجاهلية في العلاجات التربوية.

3- حفلت النصوص القرآنية بالإشارة إلى الفروق بين الناس في سياق إظهار عظمة الخالق أو في مقام الشكر والامتنان للخالق العظيم أو للإشارة إلى ما يترتب على هذه الفروق من أحكام.

4- اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالفروق بين الناس في خطابهم وتربيتهم وتكليفهم بالأعمال الشرعية، وفي توجيههم لخدمة الإسلام واستثمار طاقاتهم المختلفة لخيرهم وخير الأمة.

5- كانت مراعاة الفروق بين الناس حاضرة في إدارة الأزمات، وكانت عاملا من عوامل نجاحه صلى الله عليه وسلم في إدارة الأزمة وحل معضلاتها.

6- لزوم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في مراعاة الفروق بين الناس في توجيه طاقاتهم لخدمة الإسلام، وجوانب خدمة الإسلام في الواقع المعاصر كثيرة متنوعة والإسلام بشموله يستوعبها كلها؛ فعلى القيادة المسلمة أن توجه طاقات المسلمين إلى المجالات التي يحسنونها ويجدون في أنفسهم الأهلية للعمل فيها حسب استعداداتهم وطاقاتهم. وكون المسلمين الآن في أزمة تتمثل في ضياع الكيان الجامع للمسلمين في الأرض – لا ينفي لزوم مراعاة الفروق بين المسلمين في طاقاتهم واستعداداتهم؛ لأن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب عامل مهم من عوامل النجاح في إدارة الأزمة.

7- يتبين أنه من الخطأ حصر خدمة الإسلام في الواقع المعاصر في مجال واحد وإلزام المسلمين جميعا بالعمل فيه وحده؛ لأن العمل للإسلام شامل لمجالات الحياة كلها شمول الإسلام نفسه، وعودة الإسلام ثانية لا يمر من مجال واحد فقط، وإنما بتفعيل كافة الأنشطة الإنسانية لخدمة هذا الهدف العظيم. ومن جهة أخرى فإن إلزام جميع المسلمين بسلوك طريق واحد للإصلاح فضلا عن أنه يتنافى مع شمول الإسلام فهو يتنافى مع طبيعة الإنسان الذي يختلف في طاقاته واستعداداته. ويتعارض مع المنهج النبوي في الدعوة وتربية الأفراد والجماعات. والإدارة الناجحة هي التي تحسن استثمار الطاقات المختلفة في ميادينها المتنوعة لخدمة الهدف الأم وهو تمكين هذا الدين في الحياة من جديد.

8- تزخر نصوص القرآن والسنة بأصول العلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد أفاد منها علماؤنا السابقون في تأصيل هذه العلوم أمثال الغزالي وابن الجوزي وابن القيم وابن خلدون وغيرهم، فعلى الباحثين الآن استلهام النصوص الشرعية والسير على منوال هؤلاء العلماء في أسلمة المعرفة في حقل الدراسات الإنسانية المعاصرة التي كان روادها من غير المسلمين للأسف. فعلينا اليوم كل في حقل اختصاصه أن ينقي هذه العلوم مما علق بها من المؤثرات الفكرية والمذاهب الفلسفية المخالفة للإسلام، وإعادة تأصيلها على ضوء الوحي الإلهي وتراث الحضارة الإسلامية.

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.

 

حوالہ جات

  1. الهوامش(References) - نشر في مجلة جامعة الأزهر بغزة، سلسلة العلوم الإنسانية عام 2010م العدد الأول. Published In Journal of Al Azhar University in Ghazza, 2010, vol:1.
  2. - بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية أشرف عليه أساتذة قسم التربية الإسلامية في كلية القدوة للعلوم الإسلامية في أندونيسيا عام 2011م.
  3. - انظر، فرج عبد القادر ورفاقه، معجم علم النفس والتحليل النفسي، دار النهضة، بيروت، ط1، ص: 347. بوساطة كتاب مراعاة الفروق الفردية في التربية، رينان بياندا، مرجع ساب. Faraj ‘Abdul Qadir, Mu‘jam ‘Ilm al Nafs wal Taḥliyl al Nafsi, Beurit: Dar al Nahḍah, 1st Edition, p:347.
  4. - انظر، رجاء أبو علام ونادية شريف، الفروق الفردية تطبيقاتها، دار القلم، دمشق،ط1، 1983م، ص: 25. Raja’ Abu ‘Allam & Nadiah Sharif, Al Furuwq al Fardiyyah Taṭbiyqatuha, Damascus: Dar al Qalam, 1st Edition, 1983, p:25.
  5. - انظر، أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، باب طوق، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008م، ص: 1424-1425. Aḥmad Mukhtar ‘Umar, Mu‘jam al Lughah al ‘Arabiyyah al Mu‘aṣirah, Cairo: ‘Alam al Kutub, 1st Edition, 2008, p:1424-1425.
  6. - سورة الروم، 22. Surah Al Ruwm;22.
  7. - سورة الإسراء، 21. Surah Al I’sra’;21.
  8. - سورة البقرة، 269. Surah Al Baqarah;269.
  9. انظر بعض هذه الحكم عند الشنقيطي في أضواء البيان، دار الفكر، بيروت، 1425هـ، 1995م, 2:342. A’ḍwa’ al Bayan, Al Shanqiyti, Beurit: Dar al Fikar, 1995/1425, 2:342.
  10. -سورة البقرة، 286. Surah Al Baqarah;286.
  11. - سورة الطلاق، 7. Surah Al Talaq;7.
  12. - سورة التغابن، 16. Surah Al Taghabun;16.
  13. - انظر، البخاري، الجامع الصحيح، كتاب العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثا ليُفهم 1:30، تعليق مصطفى البغا، دار طوق النجاة، دمشق، ط1،1422هـ.Al Bukhari, Al Jami‘ al Ṣaḥiḥ, Damascus: Dar Tawq al Najah, 1422, 1:30.
  14. - رواه مسلم في الصحيح، كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان 1:69، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.Ṣaḥiḥ Muslim, Beirut: Dār Iḥyaʼ al Turath al ‘Arabi, 1:69.
  15. - متفق عليه، انظر، صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان 3:32 وصحيح مسلم، كتاب الصيام، باب تغليظ الجماع في نهار رمضان 2:781.Ṣaḥiḥ al Bukhari, 2:32; Ṣaḥiḥ Muslim, 2:781.
  16. - ألف الإمام المنذري كتابا جمع فيه أحاديث الترغيب والترهيب في جميع أبواب الدين.
  17. - رواه أحمد في المسند 20:252، طبعة مكتبة الرسالة، بيروت، وصححه الشيخ شعيب الأرنؤوط المشرف على التخريج ورواه الترمذي،أبواب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل 5:665 تحقيق أحمد شاكر، مكتبة البابي الحلبي، مصر، ط2،1975م ورواه ابن ماجة في السنن، كتاب الإيمان وفضائل الصحابة، باب فضل زيد بن ثابت 1:55، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، مصر. Musnad Imam Aḥmad, 20:252; Al Tirmadhi, Egypt: Maktabah al Baby al Ḥalbiy, 2nd Edition, 1975, 5:665; Al Sunan li Ibn Majah, Egypt: Dār Iḥyaʼ al Kutub al ‘Arabiyyah, 1:55.
  18. - انظر، ابن حجر، فتح الباري 7:93، تحقيق محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت،1379هـ. Ibn Ḥajar, Fatḥ al Bari, Dar al Ma‘rifah, 1379, 7:93.
  19. - أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الريان للصائمين 3:25، وأخرجه مسلم في الصحيح،كتاب الصيام ، باب فضل الصوم 2:808.Ṣaḥiḥ al Bukhari, 3:25; Ṣaḥiḥ Muslim, 2:808.
  20. - انظر، السيد صالح أبو بكر، الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية، بلا معلومات ص: 194. Al Sayyid Ṣalih Abu Bakar, Al A’ḍwa’ al Qur’āniyyah fi Iktisaḥ al Aḥadith al Isra’iliyyah, p:194.
  21. - انظر، محمد قطب، جاهلية القرن العشرين، ص:5، بلا معلومات طبع . Muḥammad Qutb, Jahiliyyah al Qarn al ‘Ishriyn, p:5.
  22. - سورة الملك ، 14 . Surah Al Mulk;14.
  23. - انظر، مسرد مصطلحات ومفاهيم النوع الاجتماعي، نشر المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، رام الله، فلسطين، 2006م. Musarrad Muṣtalaḥat wa Mafahiym al Naw‘ al Ijtami‘, 2006.
  24. - انظر، وثيقة منع العنف ضد المرأة، التي وضعتها لجنة المرأة في الأمم المتحدة عام 2013م، نشر منبر المرأة الليبية من أجل السلام، موقع إلكتروني.
  25. - رواه البخاري في الصحيح، كتاب مناقب الأنصار، باب إسلام أبي ذر5:47، ورواه مسلم في الصحيح، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي ذر4:1923. Ṣaḥiḥ al Bukhari, 5:47; Ṣaḥiḥ Muslim 4:1923.
  26. - رواه ابن إسحق في المغازي، ص:186، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط1،1978م. وهو من مراسيل عروة. Ibn Isḥaq, Al Maghaziy, Beurit: Dar al Fikar, 1st Edition, 1978, p:186.
  27. - رواه أحمد في المسند، وحسّن الشيخ شعيب إسناده2:244. Al Misnad lil Imam Aḥmad, 2:244.
  28. - انظر، البيهقي، السنن الكبرى، كتاب السير، باب الإذن بالهجرة1:16، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 2003م,ورواه أحمد في المسند دون القسم المرفوع منه 3:263وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية، ص:170، المكتبة الإسلامية، عمان، ط1. Al Bayhaqiy,Al Sunan al Kubra,Beurit:Dar al Kutub ‘Ilmiyyah,3rd Edition, 2003, 1:61; Al Musnad lil Imam Aḥmad, 3:263; Al Albani, Ṣaḥiḥ al Siyrah al Nabawiyyah, Oman: al Maktabah al Islamiyyah, 1st Edition, p:170.
  29. - انظر، البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الكفالة، باب جوار أبي بكر3:98. Ṣaḥiḥ al Bukhari, 3:98.
  30. - انظر، ابن إسحق، السير والمغازي، ص:223. Ibn Ishaq, Al Siyar wal Maghazi, p:223.
  31. - انظر قصة المناظرة مخرجة عند البيهقي، السنن الكبرى، كتاب السير، باب الإذن بالهجرة1:16، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 2003م،ورواه أحمد في المسند دون القسم المرفوع منه 3:263 وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية، ص:170، المكتبة الإسلامية، عمان، ط1. Al Bayhaqiy, Al Sunan al Kubra, Beurit: Dar al Kutub ‘Ilmiyyah, 3rd Edition, 2003, 1:61; Al Musnad lil Imam Aḥmad, 3:263; Al Albani,Ṣaḥiḥ al Siyrah al Nabawiyyah,Oman:Al Maktabah al Islamiyyah,1st Edition, p:170.
  32. - انظر قصة مقدمه ودعوته عند ابن هشام في السيرة النبوية1:435،مطبعة البابي الحلبي، مصر، ط2، 1955م وفي دلائل النبوة للبيهقي2:437، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ.وهي ثلاث روايات مرسلة، قال الشيخ إبراهيم العلي: حسنة بمجموع الطرق، انظر كتابه صحيح السيرة النبوية، ص:107، دار النفائس، عمان، ط1، 1995م. Ibn Hisham, Al Siyrah al Nabwiyyah, Egypt: Maṭba‘a al Babiy al Ḥalabiy, 2nd Edition, 1955, 1:453; Al Bayhaqi, Dala’il Al Nabuwwah, Beurit: Dar al Kutub ‘Ilmiyyah, 1st Edition, 1405, 2:437; Al Shqykh Ibrahiym al ‘Aliy, Al Siyrah al Nabwiyyah, Oman: Dar al Nafa’is, 1st Edition, 1995, p:107.
  33. - رواه أحمد في المسند26:402,وأبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب كيف الأذان 1:135، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت .والترمذي ي السنن وقال حسن صحيح، أبواب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان 1:358، تحقيق أحمد شاكر، مطبعة البابي الحلبي، مصر، ط2، 1975م.وابن ماجه في السنن، أبواب الأذان، باب بدء الأذان 1:453، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين، دار الرسالة العالمية، ط1،2009م. وغيرهم. Al Musnad lil Imam Aḥmad, 26:402; Al Sunan li Abu Dawud, Beurit: Al Maktabah al ‘Aṣariyyah, 1:135; Al Sunan lil Tirmadhiy, Egypt: Maṭba‘a al Babiy al Ḥalabiy, 2nd Edition, 1975, 1:358; Al Sunan li Ibn Majah, Dar al Beirut: Mua’ssasat al Risalah al ‘Alamiyyah, 1st Edition, 2009, 1:453.
  34. - انظر، أحمد بن حنبل، المسند 24:91، وصححه لطرقه شعيب الأرنؤوط وفريق العمل. Al Musnan lil Imam Aḥmad, 24:91.
  35. - رواه مسلم في الصحيح، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة 3:1457. Ṣaḥiḥ Muslim, 3:1457.
  36. - أبو داود في السنن، كتاب الزكاة، باب الرخصة في ذلك خروج الرجل من ماله، 2:129، ورواه الترمذي في السنن وقال: حسن صحيح، أبواب المناقب، باب في مناقب أبي بكر 5:614. Al Sunan li Abi Dawud, 2:129; Al Sunan lil Tirmadhiy, 5:614.
  37. - انظر، البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى 2:112، ومسلم في الصحيح، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب 4/2120. Ṣaḥiḥ al Bukhari, 2:112; Ṣaḥiḥ Muslim, 4:2120.
  38. - متفق عليه انظر، البخاري، الصحيح، كتاب الجنائز، باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة 2:81،ومسلم في الصحيح، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث 3:1250 Ṣaḥiḥ al Bukhari, 2:81; Ṣaḥiḥ Muslim, 3:1250.
  39. - متفق عليه، انظر الهامش التعليق السابق.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...