Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Journal of Islamic and Religious Studies > Volume 1 Issue 1 of Journal of Islamic and Religious Studies

وسائل تشكيل الصورة للموت والحياة عند جبران خليل جبران |
Journal of Islamic and Religious Studies
Journal of Islamic and Religious Studies

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

نبذة عن حياة جبران خليل جبران:

حداثته:

ولد جبران في السادس من كانون الثاني سنة 1883م في بلدة "بشري" المجاورة لأرز الرب، والده "خليل" كان جابيا للرسوم على الماشية في جرود شمالي لبنان. أمه "كاملة رحمة" كانت ذات ثقافة محدودة غير أنها كانت تتحلى بإرادة قوية ساعدتها على تدبير شؤون المنزل ورعاية أولادها الأربعة، "بطرس" من زوجها الأول و"جبران" ومريانا" و"سلطانة" من زوجها الثاني "الخليل".

هجرته إلى أمريكة:

لم ينعم جبران طويلا في حداثته، إذ ضاقت أسباب الحياة أمام عائلته، لأن الأب اُتهم باختلاس ما كان يجبيه من الرسوم، وسُجن وحجزت أملاكه. فما كان من الأم إلا غادرت الوطن، ومعها أولادها الأربعة قاصدة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نزلت في حيّ الصينيين في بوسطن، وكان ذلك سنة 1895م.

رحلته التعليمية:

في سنة 1898م أُرسل جبران إلى لبنان ليدرس اللغتين العربية والفرنسية، فالتحق بمعهد " الحكمة " في بيروت حتى تعلم اللغة العربية وأتقنها. ثم عاد إلى بوسطن 1901م، ومنها إلى باريس للتخصص في الرسم. وبعد سنوات ثلاث عاد إلى "بوسطن" فإلى "نيويورك" وأقام هناك يكتب ويرسم.

حياته الأدبية:

في سنة 1920م أنشئت الرابطة القلمية فانتخب رئيسا لها وكان عميدا لها حتى توفي سنة 1931م.

مؤلفاته باللغة العربية:

الموسيقى: كتاب وضعه جبران في شبابه ونشره سنة 1905م في نيويورك. قد ألقى جبران نظرة سريعة من خلال هذا الكتاب على منزلة الموسيقى عند الشعوب المختلفة.

عرائس المروج: كتاب ظهر سنة 1906م يحتوي على أربع قصص: رماد الأجيال، النار الخالدة ، مرتا البانية، يوحنا المجنون.

الأرواح المتمردة: كتاب نشره سنة 1908م يحكي قصة أرواح تمردت على التقاليد والشرائع. وفي الكتاب ثلاث قصص وهي: صراخ القبور، مضجع العروس ، خليل الكافر. وقد رسم الكاتب من خلالها أفكاره وآرائه تجاه الحياة الاجتماعية والحياة المدنية.

الأجنحة المتكسرة: كتاب نشره سنة 1912م، يحكي قصة جبران نفسه في حبه الأول مع فتاة كانت تسكن في لبنان.

دمعة وابتسامة: مجموعة مقالات نشرها سنة 1914م، احتوت على مواعظ في شتى شؤون الحياة البشرية.

المواكب: قصيدة طويلة ظهرت سنة 1919م، وفيها نظرات فلسفية في أهم شؤون الحياة البشرية كالخير والشر والحق والعدل والموت والحياة وما إلى ذلك.

العواصف: مجموعة مقالات نشرت له سنة 1920م، وفيها من ثورة وتمرد عنيف على الشرائع المقدسة والتقاليد الإنسانية.

مؤلفاته باللغة الإنجليزية:

المجنون: كتاب نشره سنة 1918م، ويحتوي على أمثال وتأملات في موضوعات شتى، وجبران يشعر فيه بالوحدة والانفراد.

السابق: كتاب نشره سن1920م، واتخذ فيه أسلوب الأمثال والحكم.

النبي: كتاب ظهر سنة 1923م، ويحتوي على 28 فصلا في موضوعات مختلفة. وقد عبر الكاتب عن وجهة نظره في ظواهر إنسانية مختلفة من المحبة والزواج والأبناء والموت وما إلى ذلك.

حديقة النبي: حاول الكاتب فيه أن يعالج علاقة الإنسان بالطبيعة.

رمل وزبد: كتاب نشره سنة 1926م، فيه مجموعة من الحكم والأراء المنثورة في غير نظام وترتيب.

يسوع ابن الإنسان: كتاب ظهر سنة 1928م يقدم صورة حياة المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.[1]

وفاته:

توفي جبران خليل جبران في نيويورك في10 أبريل 1931وهو في الـ 48 من عمره. كان سبب الوفاة هو مرض الكبد والسل. وكانت أمنية جبران أن يُدفن في لبنان وقد تحققت له ذلك في.1932م دُفن جبران في صومعته القديمة في لبنان، فيما عُرف لاحقًا باسم متحف جبران.

المدخل:

طبيعة الصورة الفنية:

الصورة الأدبية حسب "قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية" ما ترسمه لذهن المتلقي كلمات اللغة شعرا ونثرا، من ملامح الأفكار والأشياء والمشاهد والأحاسيس والأخيلة، وتكون إما فكرة نقلية تقريرية ترسم معادلها الحقيقي في أخص خصائصه الواقعية، وإما معادلا فنيا جماليا يوحي بالواقع ويومئ إليه بأشباهه من الرسوم واللوحات عن طريق الحشد الإيقاعي وسائر ضروب الإيماء البلاغي والبديعي والصياغات التشكيلية والتقنيات الأسلوبية واللغوية المختلفة.[2]

ويتجلى من هذا التعريف أن مصطلح الصورة لم يبق متقوقعا في إطار ضيق يعتمد على الاستعارة والتشبيه فقط، ويخضع للألوان والأشكال البلاغية القديمة،كما كان شأنها لدى القدماء. وهذا ماصرح به "جابرعصفور"[3] في دراسته للصورة الفنية حيث يقول:

" إن "الرماني" و"ابن جني" و "العسكري" وغير هم من البلاغيين القدماء تعاملوا مع فكرة التصوير بشكل جزئي ضيق. حيث يقصرون التصوير على أنماط الاستعارة والتشبيه فحسب مع أن الفكرة يمكن أن تكون أعم من ذلك وأشمل لو نظرنا إلى الأسلوب القرآني كله على أنه أسلوب تصويري."[4]

إن الصورة إذن هي عبارة عن تجسيم إما لأشياء حسية أو مشاهد خيالية تتخذ اللغة أداة لها، وترتكز على عوامل شتى من اللون والظلال والإيحاءات والأطر، لها وزنها وقيمتها في تشكيل الصورة.

وما يُلاحظُ هنا أن معظم النقاد العرب المحدثين درسوا مصطلح الصورة من منطلق الخلفية الفكرية، فهناك من ركز على مادتها في تعريفها، وآخر اعتمد على طريقة تشكيلها وصياغتها أو وظيفتها، بينما حاول البعض الجمع والتوفيق بين هذه الأشياء.

ولعل رأي "عبد القادر القط" في تحديد الصورة عند النقاد المحدثين يشفي غليلنا ويعطينا مفهوما واسعا كافيا لشرح مدلول الصورة وتوضيحه، حيث جعل الصورة كلاما متكاملا من أساليب اللغة ووسائلها، وطاقاتها التعبيرية والإيقاعية. يقول:

" الصورة هي الشكل الفني الذي تتخذه الألفاظ والعبارات بعد أن ينظمها الشاعر في سياق القصيدة مستخدما طاقات اللغة وإمكاناتها في الدلالة والتركيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والتذوق والتضاد والمقابلة والتجانس وغيرها من وسائل التعبير الفني، والألفاظ والعبارات هي مادة الشاعر الأولى ليصوغ منها ذلك الشكل الفني، أو يرسم بها صوره الشعرية."[5]

وبناءً على هذا يمكن أن نخلص إلى أن الصورة هي بناء له وسائله ومواده وأهميته، وطريقة تشكيله. والصورة الأدبية تفرض على الأديب أن يقف أمامها طويلا وقت بنائها، فيؤثر لفظة على لفظة، ويفضل كلمة على كلمة، ويضع كل شيئ في الأسلوب موضعه، فيضع الجزالة في موضعها، والرقة والعذوبة في موضعها، ويضع كل من التقديم والتأخير والحذف والذكر والفصل والوصل في موضعه الملائم، كما يعمل الرسام والفنان وقت رسم الصورة المحسوسة، للواقع أو المشهد حيث يتخذ كل من الأدوات لتكون صورتها أدق وأروع من الأصل، وأبعد من المألوف في التعبير عن مشاعره وأحساسيه.

عرفنا مما ذكرنا في المدخل أن الصورة الفنية لاتكتمل ولاتزهر لتثمر إلا بعد مراعاة عدة الوسائل والتكنيكات التي تتطلبها الصورة لتستمد منها وجودها وإفادتها. ومن الطبيعي أن يظل الأديب يلجأ إلى مجموعة من الوسائل الفنية لتشكيل صورته على نحو يكسبها قيمة إيحائية وتعبيرية أغنى، وتجعلها أقدر على الإيحاء بتلك المعاني النفسية التي يحاول الشاعر أن يعبر عنها في أدبه.

ومن هذه الوسائل التي يلجأ إليها الأديب ويتخذه أداة له في تشكيل الصورة الفنية، التشخيص والتشبيه والاستعارة وتراسل الحواس ومزج المتناقضات وغيرها. وسيدرس هذا المقال بعض هذه الوسائل التي اتخذها جبران وساطة لتصوير الموت والحياة في نثره.

التشخيص الفني للموت:

التشخيص وسيلة فنية قديمة عرفها الشعراء والأدباء، واتخذوه سبيلا لبث الأفكار والمشاعر. وهذه الوسيلة تقوم على أساس تشخيص المعاني المجردة، ومظاهر الطبيعة الجامدة في صورة كائنات حية تحس وتتحرك وتنبض بالحياة. وقد أكثر "الرومانتيكيون"[6] منها. وكان طابعها في أدبهم أصدق وأكثر تنوعا وأوسع مدى، ولذا عدّ ذلك خاصة من خصائصهم، وذلك لرهف إحساسهم ورقة مشاعرهم.[7]

وكان جبران من بين الأدباء الذين وصلت الرومانتكية على يدهم إلى حقول الأدب العربي. فلاشك في تعوله على هذه الوسيلة في بناء الصور لأفكاره ومشاعره وأحاسيسه.

يقول جبران وهو يصور الموت:

"في ظلام الليل نصرخ ونستغيث وخيال الموت منتصب في وسطنا، وأجنحته السوداء تخيم علينا، ويده الهائلة تجرف إلى الهاوية أرواحنا، وأما عيناه الملتهبتان فمحدقتان إلى الشفق البعيد."[8]

نلاحظ في هذه الصورة الرائعة للموت أن جبران اعتمد في تكوين الصورة وتشكيلها على وسيلة فنية ألا وهي التشخيص. فإنه شخص الموت وهو معنى من المعاني الذهنية العقلية في صورة كائن حي منتصب وسط الأحياء مسيطر عليهم بكل قواه. فأجنحته السوداء مخيمة عليهم، ويده الهائلة لاتتوقف عن جرف أرواحهم إلى الهاوية، وعيناه يتحدقان إلى الشرق البعيد، فكأنه يريد المزيد من أرواح الإنسان، ولايبدو منه أنه سيتوقف عن عمله.

ومن حسن هذا التصوير وروعته أنه يتماشى في أتم وجه مع روح الفكرة التي حاول الكاتب أن يعبر عنها، وهي إظهار قوة الموت وسيطرته على الناس وعجزهم أمام بطشه وهوله. وقد تمكن الكاتب من إثارة حس المتلقي وشعوره بفضل هذا التجسيد والتشخيص ليشعر ما يشعره هو. ويلمس المتأمل في هذا التشخيص أن الموت تحول سريعا من الخيال إلى كائن حي واقف بين الأحياء، خيم عليهم بأجنحته السوداء، بحيث لايستطيع أحد منهم أن يخرج عن تلك الخيمة المكونة من أجنحته. وظلام الليل وسواد الأجنحة كوّنا المنظر مخوفا ومروعا. وأكدت الجملة الأخيرة إحساسا بأن الموت مسيطر على الإنسان ولايستطيع أحد منا أن يفر منه.

ولاينبغي أن نغفل شأن الخيال بعنصره الرئيسي وهو الاستعارة المكنية في تشخيص الموت هنا في هذا النص. وللاستعارة لها دور هام في تشخيص المعاني المجردة كما قال "الإمام عبد القاهر الجرجاني" في كتابه أسرار البلاغة:

"إنك لترى بها(الاستعارة) الجماد ناطقا والأعجم فصيحا....إن شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خبايا العقل كأنها قد جسمت حتى رأتها العيون."[9]

وقد لاحظنا في نص جبران أنه جسم الموت وهو من المعاني اللطيفة حتى رأيناه شاخصا حاضرا. وللتعبير عن الحالة النفسية الآخرى وهي الحب والولع بالموت نجد الكاتب يصور الموت وقدومه في صورة يتجرد فيها الموت عن الأبعاد المخيفة الرهيبة. حيث يقول:

" امسحوا الدموع، يارفاقي، ثم ارفعوا رؤوسكم مثلما ترفع الأزهار تيجانها عند قدوم الفجر، وانظروا عروسة الموت منتصبة كعمود النور بين مضجعي والفضاء، أمسكوا أنفاسكم، واصغوا هنيهة، واسمعوا معي "حفيف"[10] أجنحتها البيضاء."[11]

ونلاحظ في هذه الفقرة التي عبر فيها جبران عن عاطفة الولع واللهف تجاه الموت أنه قد أكسبه الحياة فأصبح مشخصا حاضرا أمامه في كيان العروسة وتنتصب أمامه فتثير الفرحة والطمأنية. وهكذا يستحيل الموت اللطيف كائناحيا بلمسة واحدة في لحظة واحدة فيصبح ذا أجنحة بيضاء يسمع الكاتب حفيفها.

كما نلاحظ هنا أنه منح بحسه المرهف لهذه الصورة حياة شاخصة تتحرك وتتجدد. فإذا الحالة النفسية أصبحت لوحة أو مشهدا حاضرا أمامنا. والصورة تعتمد هنا على وسيلة التشخيص لأنه كما قال سيد قطب:

" يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة، والظواهر الطبيعية، والانفعالات الوجدانية."[12]

وهنا خلع جبران الحياة على الانفعال الوجداني وهو قدوم الموت. ومن الملاحظ أيضا أن الكلمات والصور الجزئية التي اختارها الكاتب لرسم هذه الصورة بهذا النمط تساعده في التعبير عن تلك الحالة النفسية. حيث "كلمة الأزهار والفجر وقدومه والعروسة والنور والأجنحة البيضاء" ساعدته في تجريد الموت عن التجربة المخيفة المرهبة. وهذه الصورة تعكس ما ذكرنا من النماذج لتصوير الموت سابقا.

التشخيص الفني للحياة عند جبران خليل جبران:

يقول جبران في مقاله" قبل الانتحار":

"في هذه الغرفة المنفردة الهادئة قد جلست بالأمس المرأة التي أحبها قلبي. إلى هذه المساند الوردية الناعمة قد ألقت رأسها الجميل، ومن هذه الكأس البلورية قد شربت جرعة من الخمر، ممزوجة بقطرة من العطر. كل ذلك قد كان بالأمس والأمس حلم لايعود، أما اليوم فقد ذهبت المرأة التي أحبها قلبي إلى أرض بعيدة خالية مقفرة باردة تُدعى بلاد الخلو والنسيان."[13]

لو لم يصرح جبران في آخر هذا المقال بأن المرأة التي أحبها قلبه هي الحياة، لربما توهم القارئ أنه يتحدث في هذا النص عن امرأة حقيقة، وعن حبها وذكرياتها بعد غيابها وفراقها. لكن بعد تصريحه يتضح أنه مضى في هذا النص يشخص كل المعاني والمشاعر والخواطر تجاه الحياة في صورة حية مشخصة مما يعطي إحساسا عميقا لدى المتلقي بمدى قوة إحساس الكاتب بهذه المشاعر والأحساسيس حتى ليكاد يلمسها بيديه.

فالحياة اكتسبت عدة صفات إنسانية – من الجلوس واتكاء الرأس إلى المساند والشرب والذهاب- وكل صفة لها دلالة متميزة تعبر عن عاطفة خاصة وعن حالة نفسية غريبة. فجلوسها في غرفة منفردة، وإلقاء رأسها على المساند الوردية، وشرب الخمر، توحي هذه الأوصاف بإحساس عميق بأن الحياة كانت أليفة به حيث كانت تجلس معه وتمكث لديه وتحفل به وتحمل له الهدوء والإطمئنان وتشارك في أفراحه، فتشرب معه الخمر ووفرت له بكل أفراحها ونعمها.

ثم في لمحة عكس الاحساس وأصبح كل هذا المنظر حلما لايعود مهما حاول الإنسان إرجاعه، فذهبت المرأة التي أحبها قلبه إلى أرض بعيدة خالية مقفرة باردة تدعى بلاد الخلو و"النسيان".

لقد استطاع الكاتب بهذا التشخيص البارع والتجسيد الرائع لهذه المعاني والأحاسيس المجردة أن يجعلها شاخصة أمام الأبصار وأن يقوي في الوقت ذاته من فداحة الإحساس بالمفارقة الأليمة بين هذه الحال الكئيبة التي وصل إليها الحياة وبينما كانت في السابق. فما أبعد ما بين هذه الحالة التي تركته الحياة بعد هجرتها إلى "أرض بعيدة مقفرة باردة تدعى بلاد الخلو والنسيان" وبين تلك الحالة التي "كانت الحياة تجلس معه وتشاركه في أفراحه".

وفي التصوير الثاني المفارق نجد أن توالي الصفات قد أكمل الصورة وجعلها أقوى تأثيرا في نفس المتلقي. فإنه وصف الأرض بأنها بعيدة مقفرة باردة. وكذلك بناء الفعل( تُدعى ) على المجهول كوَّن المشهد يائسا إلى أقصى المدى حيث فقد الأمل تماما، لأنها ذهبت بعيدة وإلى بلاد لايعرفها الكاتب ولاغيره بل تُدعى بلاد الخلو والنسيان أي من ذهب إليها أصبح نسيا منسيا ولايرجى رجوعه منها. وهذا يوحي بشدة وطأة اليأس والقنوط على قلب الكاتب الراسم لمشاعر إنسان مقبل على الانتحار.

ولاحظنا في هذا النص أن الكاتب تحول بغير المرئي(الحياة) إلى مرئي بفضل التشخيص المنتج للصورة المتكاملة، وجعلها واضحة كاملة من شأنها أن تؤثر في نفوس قارئيها تأثيرا وجدانيا.

ومن الصور المركبة للحياة، والتي اعتمد جبران في بنائها على التشخيص والتجسيد هذه الصورة الجميلة للحياة، حيث يقول فيها:

"إنما الحياة موكب يسير إلى الأمام، فالفيلسوف يستطيع أن يوقفها دقيقة بفكرة، أو بتعليم جديد، ولكنه لايقدر أن يصدها عن متابعة السير إلى حيث لاندري. أما الشاعر فيسير معها مترنما، "متشببا"[14] راثيا، واصفا فاخرا، فإذا ما تنحى عن سبيلها ضحكت منه، وإن ظل متبعا آثار قدميها قادته إلى هيكلها الأقدس، وكللته بالغار."[15]

إن الكاتب حين رسم هذه الصورة عمد إلى إنشاء العلاقة بين المعنى(الحياة) وبين المحسوس(الموكب). وبفضل التشخيص أصبحت الحياة موكبا، أي جماعة ركبان يسير برفق. ويهيئ للذهن أن يعمل عمله بتخييل العلاقة بين صورة الحياة غير المرئية المعنوية وبين صورة الموكب السائر إلى الأمام بكل عزم ومواظبة، مما دلت عليه كلمة موكب. ولايلتف هذا الموكب إلى الوراء ولايستوقفه أحد إلا الفيلسوف، فهو يستطيع أن يوقفه بفكرة مبتكرة لدقيقة دون أن يصدها عن سيره المتواصل.

ومن حسن هذه الصورة أن المناظر فيها تتوالى والحركات فيها تتجدد، فننتقل من منظر إلى منظر أو لنكاد نحسب أنفسنا أمام مسرح متكامل يتلو فيه المشهد المشهد في الاستعراض فتتم لنا صورة شاخصة في الخيال.

فلننظر المشهد الأول وهو الذي يبدأ بقول الكاتب: إنما الحياة موكب.....ونشعر بأن الستار قد رفع ونرى الحياة سائرة في هيئة موكب بكل عزم ووقار تتحرك إلى الأمام لاتلتفت يمينا ولا شمالا، ولايوقف موكبها أحد إلا الفيلسوف فهو الذي يستطيع أن يوقفه لدقيقة بأفكاره القيمة، ولكنه لايستطيع أن يمنعه عن السير إلى حيث لاندري. وينتهي المشهد الأول ويسدل الستار.

مرة أخرى يرفع الستار ونحن أمام المشهد الثاني نرى موكب الحياة لايزال يسير ويتحرك إلى الأمام ونرى مشهد الشاعر يتبع الموكب متغنيا مترنما واصفا مفاخرا. وفجأة نرى أن الشاعر المتابع قطع عن سيره ومتابعته، فضحكت منه الحياة. وينتهي المشهد الثاني ناشأً لإحساس عميق ويائس، بأن الحياة لاتعتني بأحد بل هي تطلب منا تواصل السير ومتابعة الحركة مع موكبها. وإذا تنحى أحد منا عن موكبها أو تأخر برهة ضحكت عليه.

والمشهد الثالث نرى الحياة وكأنها وصلت إلى مقرها وأخذت تُكرم من تابع سيره مع موكبها، وبدأت تُّتوجُهم وتُكلّلهم بالغار بعد أن أدخلهم إلى هيكلها الأقدس. وينتهي هذا المشهد معبرا عن شعور مطمئن ومفرح بأن الحياة لاتحرم من المكافاة والجزاء بالجميل من حاول وكافح وجاهد.

ولايخفى على المتأمل في هذه الصورة أنها مأخوذة من واقع الإنسان الحقيقي. فهي تنطبق على حاله، فالوصول إلى الأهداف في حياة كل إنسان لا يمكن إلا بالجهد المتواصل والكفاح المستمر الذي عبر عنه جبران بمتابعة موكب الحياة متواصلا مستمرا بلا انقطاع.

التشبيه:

"التشبيه هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى بإحدى أدوات التشبيه أو بوجه ينبىء عنه"[16] وقد أدرك الأدباء قديما عظم التشبيه ومنزلته في التصوير البياني، ودوره الهام في إبراز المعاني الدقيقة، فعدّوه من أشرف كلام العرب، وجعلوه من أبين دليل على الشاعرية، ومقياسا لمعرفة البلاغة والبراعة.

وبسبب هذا الاهتمام البالغ والعناية الكاملة تعددت تعريفات التشبيه عند البلاغيين. ولكن لانتعرض لهذه التعريفات بل يكفي لنا أن نقف هنا على بلاغته وغايته كصورة من صور البيان. وفي ذلك يقول" ابن الأثير[17]: إنك إذا مثلت الشيء بالشيء فإنما تقصد به إثبات الخيال في النفس بصورة المشبه به أو بمعناه، وذلك أوكد في طريق الترغيب فيه، أو التنفير عنه، ألا ترى أنك إذا شبهت صورة بصورة هي أحسن منها كان ذلك مثبتا في النفس خيالا حسنا يدعو إلى الترغيب، وكذلك إذا شبهتها بصورة شيء أقبح منها كان ذلك مثبتا في النفس خيالا قبيحا يدعو إلى التنفير.[18]

وهذا يدل على أن التشبيه ليس دلالة مجردة ولكنه دلالة فنية. وذلك أن تقول: ذاك الرجل لاينتفع بعلمه، ليس فيما تقول سوى خبر مجرد عن شعورك نحو قبح هذا الرجل، فإذا قلت إنه كالحمار يحمل أسفاره فقد وصفت لنا شعورك نحوه، ودللت على احتقارك له وسخريتك منه.[19]

يُستدل بهذا الكلام بأن غاية التشبيه ليست مجرد بيان لصفة، وإنما هي إثارة الوجدان والمشاعر تجاه المشبه بصورة مؤكدة. لذلك يحرص الأديب المجيد على أن يلتمس من أوجه الشبه بين الأشياء ماله قدرة على إثارة الإحساس حتى يبرز المشبه في صورة قوية معبرة.

والآن أدرس إلى أي مدى يصل التشبيه عند جبران في تصوير الموت والحياة من البلاغة والروعة، وإلى أي مدى يبلغ إلى فائدته ووظيفته.

يقول جبران:

" الحياة امرأة ساحرة حسناء تستهوي قلوبنا، وتستغوي أرواحنا، وتغمر وجداننا بالوعود، فإن مطلت أماتت فينا الصبر، وإن برت أيقظت فينا الملل."[20]

شبه حال الحياة في حسنها وبهجتها واستيلائها على قلوب الناس ومشاعرهم، وما فيها من مسارح الأمل ومسالك اليأس والملل، وكذلك ما فيها من لحظات السرور التي تجذب الإنسان إليها، وساعات الحزن التى تمله وتبعده عنها بحال امرأة بلغ حسنها في التأثير إلى مدى تأثير السحر في نفوس الناس حتى استهوت قلوبهم بجمالها واستولت على مشاعرهم بسحرها.

ومن بلاغة هذا التشبيه أنه لم يقف عند مجرد تسجيل وجوه التشبيه بين الحياة والمرأة بل تجاوز المماثلة النفسية، وانقلبت تلك المشاعر والأحاسيس تجاه الحياة إلى هيئة وحركة، وتجسمت الحالة النفسية في لوحة أو مشهد.

وهذا من أنبل غايات التشبيه وأبعدها تأثيرا حينما يُبنى التشبيه على أساس تكوين العلاقة النفسية بين المشبه والمشبه به. وقد أكد "العقاد"[21] على هذه الغاية من التشبيه في قوله:

" ما ابتدع التشبيه لرسم الأشكال والألوان، فإن الناس جميعا يعرفون الأشكال والألوان محسوسة بذاتها كما تراها، وإنما ابتدع لنقل الشعور بهذه الأشكال والألوان من نفس إلى نفس، وبقوة الشعور وعمقه واتساع مداه ونفاذه إلى صميم الأشياء التى يمتاز الشاعر على سواه."[22]

وما أكثر ماشبه جبران الحياة بالمرأة حيث يقول في عبارة أخرى:

"الحياة امرأة ترتدي الأيام البيضاء المبطنة باليالي السوداء."[23]

وكذلك يقول:

" الحياة امرأة ترضى بالقلب البشري خليلا وتأباه حليلا."[24] يقول: "لقد انتدبتك الحياة فأطعها، فهي حسناء تسقي مطيعيها من كوثر اللذة كؤوسا مفعمة."[25]

والملاحظ هنا أن هذه التشبيهات كلها تعبر عن شعور كامل بأن الحياة تحمل من الصفات ما تحملها المرأة الحسناء. وتربط العلاقة النفسية بين الحياة والمرأة ثم تبرز تفاعل الحياة مع الإنسان، وتثير فينا من إحساس ببهجة الحياة وغلبتها على قلوبنا ومدى علاقتنا بها ثم عدم وفائها وعدم بقائها على حالة واحدة.

ومما يكثر عند جبران من أسلوب التشبيه هو التشبيه التمثيلي. وإذا كان للتشبيه المفرد روعته وجماله، وبساطته ووضوحه فإن التمثيل أحفل منظرا وأوسع مدى من التشبيه المفرد.

وقد أشاد بالتمثيل كثيرا عبد القاهر الجرجاني، حيث يقول:

" واعلم أن مما اتفق عليه العقلاء أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أبرزت هي باختصار في معرضه، ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته، كساها أبهة، ورفع من أقدارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها واستثار لها من أقاصي الأفئدة صبابة وكلفة...الخ."[26]

يقول جبران:

" هكذا ذهبت أيامي وليالي متسارعة متتابعة متساقطة من حياتي مثلما تتناثر أوراق الشجر أمام رياح الخريف."[27]

هنا نجد الصورة ترسم الليالي والأيام وقد بدأت تتسارع وتتابع وتتساقط، مثلما تتساقط وتتناثر أوراق الشجر في موسم الخريف. ومن الواضح أن الصورة تعتمد في بنائها على التمثيل، وبفضله رأينا الأيام والليالي شاخصة تتساقط من حياة الإنسان مثلما تتساقط الأوراق من الشجر.

ولا يفوتنا في هذا التمثيل الرائع ما في كلمات مثل: " تتابع- تتسارع- تتساقط- تتناثر"من صور متحركة لمد لولاتها، ومن تناسق لفظي ومعنوي لاختيار باب التفاعل الذي يدل على حصول الشيء تدريجيا. وحقق هذا التمثيل أن ينتقل بالنفس من المدركات العقلية المجردة إلى مدركات الحواس الظاهرة.

ونرى الإمام عبد القاهر الجرجاني لايرضى بهذا بل يأخذ بأيدينا ليوقفنا على أكثر من ذلك في أسرار التمثيل وروعته. وهو:

" أنه يتيح الفرصة للنفس حتى تتصور الشبه من الشيء في غير جنسه وشكله، وهو يريك المعاني الممثلة بالأوهام شبها في الأشخاص الماثلة والأشباح القائمة، ويريك الحياة في الجماد، ويأتيك بالحياة والموت مجموعين، والنار والماء مجموعتين."[28]

والنوع الآخر من التشبيه الذي يكون المشبه به متبوعا بأمثال هذه الأحوال والأوصاف التي تصف صورة متكاملة الملامح محددة السمات، يأتي في ضرب آخر من ضروب التشبيه الذي يسميه البلاغييون: التشبيه الضمني.

" وهو ما لا يكون فيه نصا في التشبيه، وإنما بنيت العبارة عليه وطوته وراء صياغتها، فأنت تراه هناك مضمرا مكتوما كما تقول: ليس البدر أبهى من طلعته تكون قد طويت تشبيها في داخل العبارة ولكنك لم تجر الكلام على التشبيه، ولم تقل هو كالبدر في بهائه وجلاله، وإنما أوهمت أنك بصدد المقارنة بينه وبين البدر في بهاء الطلعة."[29]

يقول جبران:

"إن الموت تحت أغصان العواصف، لأشرف منه بين ذراعي الشيخوخة."[30]

الموت تحت أغصان العواصف هي صورة رمزية تعني أن الموت في ساحة النضال والقتال لأفضل وأنبل منه بين ذراعي الشيخوخة، وهذا أيضا تصوير يعتمد على الاستعارة يعني به جبران الموت الطبيعي في عمر الشيخوخة. هذا هو فحوى العبارة، لكنه كما قلنا تشبيه ضمني لأنها تتضمن تشبيه حال الموت في ساحة القتال بحال الموت الذي يدرك الإنسان وهو في آخر عمره ويموت موتا طبيعيا. وقد أبرز لنا هذا التشبيه بشدة شرف الأول وقلة شأن الثاني. وكذلك من هذا النوع، قوله:

" إن الموت في سبيل الحرية لأشرف من الحياة في ظلام الاستسلام."[31]

واضح أن المشبه به هنا هو الحياة في ظلام الاستسلام وهي صورة رمزية يعني بها الكاتب، الحياة تحت الظلم والاضطهاد، وقيود العبودية وكأن الاستسلام خيّم على الحياة بظلامه مثلما يخيم الليل على الكون بظلامه والمشبه هو الموت في سبيل الحرية. لكن العبارة لا تصرح على هذا التشبيه بل تتضمنه.

ولابد أن ننبه هنا إلى أن التشبيه عند جبران ينبني على عنصر التفصيل والتحليل، وهذا العنصر جعله البلاغيون أساسا لجودة التشبيه:

" فالتشبيهات التي تبنى على هذا الأساس من النظر المستقصى، وتحليل الشيء الذي يكون الشاعر بصدد بيانه سواء في ذلك ما كان أوصافا لأشياء حسية أو كان تحليلا لأفكار وأحوال ومشاعر... تشبيهات جيدة."[32]

وقد وجدت لهذا العنصر في تشبيهات جبران حضورا متميزا، خلال الأمثلة التي أوردتها في هذا المقال. وهذا يدل على جودة أسلوبه، وكمال مهارته في بناء التشبيهات والصور الفنية الأدبية.

الاستعارة:

ومن الصور الرائعة للموت والحياة عند جبران خليل جبرن ما جاء على سبيل الاستعارة، وهي تلك التي تعبر عن الغرض في تصوير بارع بلفظ قليل له أثره في نفس السامع من غير إطالة ولا إطناب.

والاستعارة هي:" تشبيه حذف منه جميع أركانه إلا المشبه أو المشبه به. وألحقت به قرينة تدل على أن المقصود هو المعنى المستعار لا الحقيقي."[33]

والاستعارة تُعد أبعد خطوة من التشبيه في التخيّل الذي يعبر عن تأثرنا بمظاهر الحياة والأحياء تعبيرا حافلا بمختلف المشاعر والأحاسيس، لأنها من نوع التصوير الذي يجعل المتلقي يحس بالمعنى أكمل إحساس وأوفاه، وتشخص المنظر للعين، وتنقل الصوت للأذن، وتجعل الأمر المعنوي ملموسا محسوسا.[34]

ومن الملاحظ هنا أن الأمثلة التي ذكرناها في التشخيص معظمها تعتمد على الاستعارة، ولكن سوف نذكر هنا نماذج أخرى تكميلا لمكونات الصورة حتي نعرف مدى استفادة الكاتب من تلك الوسائل، واستخدامها في طريق تصوير الموت والحياة في نثره.

ومن الصورة المستمدة من الاستعارة عند جبران قوله في تصوير الحياة حيث يقول:

"يجيئك الدهر على حين غفلة ويحدق بك بأعين مستديرة مخيفة وتقبض عنقك بأظافر محددة، ويطرحك بقساوة على التراب ويدوسك بأقدامه الحديدية ويذهب ضاحكا، ثم لايلبث أن يعود إليك نادما مستغفرا فينتشلك بأكفه الحريرية ويغني لك نشيد الأمل."[35]

من الواضح أن جبران اعتمد في تصوير الحياة على الاستعارة المكنية، حيث شبه الدهر بكائن حي قوي ذى بُعدين، بُعد شخص بلغ إلى أقصى درجة في القساوة والشدة، فإنه يقبض على عنق الإنسان، ويطرحه بقساوة على التراب، ويدوسه بأقدام حديدية، ثم يذهب ضاحكا، لكنه في نفس الوقت يكتسب بُعد شخص أنيس أليف رحيم، فيرفع الإنسان بأكفه الحريرية بعد ما طرحه وداسه بأقدام حديدية.

ومن حسن هذا التصوير أن المتلقي قد يخيل نفسه أمام مشهد من مشاهد صراع الدهر مع الإنسان المستسلم أمامه، وهو مشهد شاخص ذو منظرين، منظر يصارع الدهر فيه الإنسان، و يطول هذا الصراع، فيبدأ بنظرة الدهر المخيفة والمروعة إلى الإنسان، ثم يستمر الصراع، ونشاهد فيه كل أعمال العنف – القبض- الطرح- الدوس- وينتهى بضحك مؤلم، جعل المنظر مأسويا تماما، ليوقع في النفس ما يوقع من أثر عميق.

وفي المنظر الثاني نرى أن الدهر تراجع من قساوته، وشدة بطشه، وتجسد أمامنا في هيئة شخص ندم على الأفعال المسيئة، وبدأ يستغفر على ما فعله بالإنسان. إن الشعور من هذا النوع بالحياة وتفاعلها مع الإنسان، لايوجد إلا في حس الكاتب المرهف مثل جبران خليل جبران.

وينبغي أن لانغفل عن دور الاستعارة في تكوين هذه الصورة الرائعة، وتوصيل غرضها إلى المتلقي، لأن الاستعارة على حد قول عبد القاهر الجرجاني:" تعطيك الكثير من المعاني باليسير من اللفظ، حتى تخرج من الصدفة الواحدة عدة من الدرر، وتجني من الغصن الواحد أنواعا من الثمر، فإنك لترى بها الجماد ناطقا، والأعجم فصيحا، إن شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خفايا العقل، كأنها جسمت حتى رأتها العيون، وإن شئت لطفت الأوصاف الجسمانية حتى تعود روحانية لا تنالها إلا الظنون."[36]

تراسل الحواس:

تراسل الحواس وسيلة من وسائل تشكيل الصورة الفنية التي عنى بها جبران خليل جبران في نثره. وتراسل الحواس معناه:

"وصف مدركات حاسة من الحواس بصفات مدركات حاسة أخرى، فنعطى الأشياء التي ندركها بحاسة السمع صفات الأشياء التي ندركها بحاسة الذوق بصفات الأشياءالتي ندركها بحاسة الشم، وهكذا تصبح الأصوات ألوانا والطعوم عطورا"...الخ.[37]

والشاعر المحدث يستخدم هذا التكنيك[38] للتعبير عن حالة نفسية شديدة الوطء على مشاعره وعواطفه، حتى يبدو يصف المشمومات – مثلا- بصفات المسموعات ويصف المرئيات بصفات المشمومات..الخ. ولهذا التراسل والنقل من حاسة إلى حاسة في تصوير المشاعر دور هام بالغ في إبراز الأثر النفسي والإحساس العميق.[39]

ومن أمثلة التصوير الفني التي يحتوي على هذه الوسيلة من أدب جبران خليل جبران قوله في الموت والحياة:

"كانت العروس تتكلم وفي صوتها نغمة أعذب من همس الحياة، وأمر من عويل الموت."[40]

نلحظ أن التراسل قائم بين معطيات الحواس في هذه العبارة، ففي الجملة الأولى" وفي صوتها نغمة أعذب من همس الحياة" يصف الصوت ونغمته الذي هو من مدركات السمع بأنه عذب. والعذوبة هي تدرك بحاسة الذوق، وكذلك نرى التراسل بين الهمس والحياة، لأن الحياة هي من مدركات العقل، وهي شيئ معنوي لا نراه إلافي مظاهر متنوعة. أما الهمس فهو من مدركات حاسة السمع. فالتراسل هنا قائم بين المعنوي اللطيف المجرد من مدركات العقل، وبين الأشياء المحسوسة من مدركات الحس.

وفي الجملة الثانية "وأمَرُّ من عويل الموت" يصف تلك النغمة وهي من معطيات حاسة السمع بالمرارة، وهي من معطيات حاسة الذوق. وكذلك نجد التراسل القائم بين الموت، وهو المعنى المجرد من معطيات العقل، وبين العويل وهو من معطيات حاسة السمع.

يقول في موقف آخر:" أيتها المنية الجميلة، قد اشتاقتك نفسي، تعالي إليّ يأيتها المنية الحلوة،... تعالي أيتها المنية العذبة، وخذيني، ضُميني إلى صدرك المملوء محبة،... أسرعي وعانقيني، يا حبيبتي المنيّة."

من الواضح جدا أن التصوير هنا، إذا اعتمد في بنائه على التشخيص والتجسيم الفني، كذلك اعتمد على تراسل الحواس الذي زاد في روعه، وإيقاعه على نفس المتلقي، كما ساعد الكاتب في نقل الأثر النفسي، ومشاعره الخاصة.

والتراسل في هذه العبارة بين مدركات الحواس المتنوعة، شديد الوضوح، فإنه وصف المنية وهي من مدركات العقل بأنها جميلة، والجمال من مدركات حاسة البصر، ثم وصفها بأنها حلوة وعذبة، وكلاهما من مدركات حاسة الذوق. وكذلك خلع على الموت أكثر من صفة من صفات الإنسان الحبيب الذي اشتاق الكاتب إلى تعانقه ولقائه. وبهذا أصبح الموت مجسدا يمكن أن ندركه بحاسة البصر.

ومن الملاحظ هنا أن الكاتب لم يرض بتراسل جزئي، فيكتفي بإحالة الشيء من مدرك إلى مدرك آخر مرة، بل وجدنا لديه أن الموت اكتسب أكثر من خاصية، وقت إحالته من معنى مجرد لطيف إلى جميل وحلو وعذب وحبيب.

ومن روعة هذه الصور القائمة عل أساس تراسل الحواس أن الأشياء المتباعدة فيها تتعانق على هذا النحو الغريب، لتوحي بهذه الأحاسيس الغريبة والمشاعر الغامضة، وعن طريقها تتجرد هذه المحسوسات عن حسيتها وماديتها، وتتحول إلى مشاعر وأحاسيس خاصة. وبذا تكمل أداة التعبير بنفوذها إلى نقل الأحاسيس الدقيقة، وفي هذا النقل يتجرد العالم المادي عن بعض خواصه المعهودة ليصير فكرة أو شعورا.[41]

مزج المتناقضات:

هذه أيضا من أبرز الوسائل التي يلجأ إليها الأديب بالإضافة إلى الوسائل السابقة في بناء صوره. وتعني أن الأديب يمزج التناقضات في كيان واحد يعانق في إطاره الشيء نقيضه، ويمتزج به مستمدا منه بعض خصائصه ومضيفا عليه بعض سماته، تعبر عن الحالات النفسية والأحاسيس الغامضة المبهمة التي تتعانق فيها المشاعر المتضادة وتتفاعل.[42]

من هذه الصور الأدبية التي تخضع لمزج المتناقضات في بناءها الفني،تصوير جبران خليل جبران للحياة الغابرة، والحياة الراهنة في مقاله"أبناء الآلهة وأحفاد القرود" حيث يقول:

" وكم سهرنا الليالي متوسدين التراب، ملتحفين الثلوج، باكين على إلف أضعناه ورزق فقدناه. وكم صرفنا الأيام رابضين كنعاج لا راعي لها، نقضم أفكارنا، ونلكم[43] عواطفنا، ونظل جائعين ظامئين. وكم وقفنا بين نهار زائل ومساء آت، محدقين إلى فضاء خال مظلم، مصغين إلى أنة السكون والعدم."[44]

التصوير هنا يعتمد على مزج المتناقضات، بالإضافة إلى الوسائل التصويرية الأخرى، حيث جعل من التراب وسادة، ومن الثلج لحافا، والوسادة كما نعرف توحي بالراحة والنعومة، بينما التراب يوحي بالخشونة والصلابة، وكذلك الثلج يوحي بالبرودة القاسية، بينما اللحاف يوحي بالدفء والحرارة، ثم مزج بين القضم والأفكار، وبين اللكم والعواطف، ونراه يمضي على هذا النمط حتى جعل للسكون والعدم أنينا. وقد عبر هذا التناقض القائم بين السكون والعدم والأنين، بإحساسه بأن للسكون أنينا خاصا يسمعه الأديب المرهف ويحس به.

ومن الواضح أن هذا التصوير الرائع القائم بمزج المتناقضات، فيه إيحاء قوي وإحساس بالغ العمق بمرارة الحياة الماضية، وقساوتها لدى الكاتب. فكم كانت تلك الحياة صعبة عديمة الراحة والسكون، وكم كانت خالية عن أسباب الإلف والعيش، وإلى أي مدى كانت مستوحشة حتى يسمع فيها للسكون والعدم أنين. ويتجلى هذا الشعور المحزن والإحساس المرير في أوضح صورة من هذا عند ما نقرأ له تصوير الحياة الراهنة، وهو أيضا يعتمد في بنائه على هذه الوسيلة.

يقول جبران في نفس المقال:

" تلك أجيال مرت مرور الذئاب الخاطفة بين المدافن، أما اليوم وقد صحا الفضاء وصحونا، فصرنا نقضي الليالي البيضاء على أسرَّة علوية، مساهرين الخيال مسامرين الفكر، معانقين الميول."[45]

سار الكاتب في هذه الصورة على أسلوب مزج النقيضين، إذن ففي الصورة مجموعة من المتناقضات المتعانقة، حيث نجد الفضاء يمتزج بالصحوة، كما نجد البياض يمتزج بالسواد( الليالي). وهذا المزج يوحي بحالة نفسية خاصة يمتزج فيها سواد الليل بالضياء، أوبعبارة أخرى تتحول في إطارها الظلمة إلى البياض. وكذلك ما نلمس من المزج بين الخيال والسهر، والمسامرة والفكر، والمعانقة والميول.

وقد أوحى هذا التصوير بشدة الوضوح أن إحساس الكاتب وشعوره تحول من المرارة القاسية بالحياة الماضية، إلى حلاوتها وألفتها بالحياة الراهنة، ويرتفع مدى هذا الإحساس حتى يرى الفضاء وهو يصحو، ويتراء له البياض في ظلمة الليالي، وبدأ يسهرالخيال، ويسامرالفكر، ويعانق الميول.

ومن هذا النوع قوله في تصوير حياة الفقراء وحياة الأغنياء، يقول:" نحن نراكم لأنكم واقفون في النور المظلم، أما أنتم فلاتروننا لأننا جالسون في الظلمة المنيرة."[46]

يمزج الكاتب بين الأشياء المتناقضة، فهو يمزج النور بالظلام، حين يصف النور بأنه مظلم، وكذلك يقوم بالمزج بينهما مرة أخرى، حين يصف الظلمة بأنها منيرة. وهذا المزج يوحي بشعور الكاتب وإحساسه بأن حياة الغني المترف، في ظلام وهو يحسبه نورا، وفي المقابل حياة الفقير يحسبه الغني ظلمة، وهي في الحقيقة نور. ولاشك أن المزج بين النقيضين هنا قام بدور أساسي في تصوير تلك الحالة النفسية الخاصة، كما أكدها عند المتلقي.

هذا من أبرز وسائل تشكيل الصورة التى وظفها جبران خليل جبران في تشكيل صورة الموت والحياة.

النتائج:

من خلال هذا البحث قد عرفنا أن الصورة الفنية لاتكتمل ولاتزهر لتثمر إلا بعد مراعاة عدة الوسائل والتكنيكات التي تتطلبها الصورة لتستمد منها وجودها وإفادتها. ومن الطبيعي أن يظل الأديب يلجأ إلى مجموعة من الوسائل الفنية لتشكيل صورته على نحو يكسبها قيمة إيحائية وتعبيرية أغنى، وتجعلها أقدر على الإيحاء بتلك المعاني النفسية التي يحاول الشاعر أن يعبر عنها في أدبه.
  • من هذه الوسائل التي يلجأ إليها الأديب ويتخذه أداة له في تشكيل الصورة الفنية، التشخيص والتشبيه والاستعارة وتراسل الحواس ومزج المتناقضات وغيرها. وتناول هذا المقال بعض هذه الوسائل التي اتخذها جبران وساطة لتصوير الموت والحياة في نثره.
  • الأديب كما ذكرنا آنفا يلجأ في تشكيل الصورة الفنية إلى عدة وسائل، منها التشخيص والاستعارة وتراسل الحواس ومزج المتناقضات، وبالطبع اتخذ جبران جميع هذه الوسائل آداة لتشكيل الصورة الفنية للوت والحياة في أدبه.
  • الصور الفنية تكثر عند جبران خليل جبران، لكن البحث اكتفى على دراسة الصور التي تناولت فكرة الموت والحياة فقط تماشيا مع موضوع البحث.
  • قد أطال جبران النظر والتأمل في الموت والحياة، ونجد مزاجه يتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، كأنه عاش بين شاطئي اليأس والأمل، ولكن تشاؤمه الذي يتمثل في اليأس والكآبة والعزلة والانفراد والتمرد والثورة كان تشاؤما إيجابيا يريد به العزم والقوة والبناء لا الهدم.
  • نجد جبران من خلال تصويره للموت، متخذا مواقف متعاكسة، فقد نراه يحب الموت ويلهف به، ويناديه بأعذب مالديه من الكلمات والعبارات، ويصوره في أحسن صورة، وقد نراه يكره الموت إلى أقصى مدى الكره ويصوره في أبشع صورة. والعامل في ذلك نظرته تجاه الحياة والموت من زاوية العمل والجهد، ومن ناحية الفقر والغناء، فإنه يحب حياة العمل والجهد ويكره حياة الفراغ والكسل، كما يحب موت الفقير ويكره موت الغني الذي جمع ثرواته ولم يعط قط حق الفقراء منها.

 

حوالہ جات

  1. المصادر والمراجع (Refrences) - الجامع في التاريخ الأدب العربي الحديث، ص/218 ومابعدها. وكذلك أنظر المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران ص/ 15 ومابعدها.
  2. -: "قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية": إيميل يعقوب – بسام حركة – مي شيخاني ، عربي/انجليزي /فرنسي/ ،. ط: الأولى لعام 1987م ، دارالعلم للملايين مؤسسة القاهرة للتأليف والترجمة والنشر، بيروت- لبنان، ص/247
  3. -د/ جابر أحمد العصفور، وزير ثقافة مصر الأسبق، ولد في المحلة الكبرى سنة 1939م،كاتب ومفكر، مصري ورئيس المجلس القومي للترجمة وكان أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة. من أعماله: "الصورة الفنية في التراث النقدى والأدبي" و " مفهوم الشعر دراسة في التراث النقدي" ويكبيديا الموسوعة الحرة.
  4. -:" الصورة الفنية" :جابرعصفور، ط/ الثالثة لعام 1992م المركز الثقافي العربي بيروت- لبنان، ص/ 321
  5. -" الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي": محمد الولي، ط/ الأولي 1990م المركز الثقافي بيروت- لبنان ص/19
  6. - مجموعة من الأدباء ينتمون إلى الحركة الرومانتيكيية أو الرومانسية، وقد ظهرت هذه الحركة في الربع الأول من القرن التاسع عشر واتسمت الرومانتيكية بتجسيد الإنفعالات المتوهجة في النفس البشرية وتأكيد الجوانب الجمالية وإطلاق الحرية الكاملة في التعبير عن العواطف الجياشة في أسلوب جديد وجميل. ولهذا كانت ا لرومانتيكية في الفن التشكيلي أتجاها ملائماً للتعبير عن مشاكل الطبقة الوسطى التي ظل يتزايد شأنها بعد الثورة بحيث أصبحت إحداثها مصدر إيحاء للفنانين ومادة للتعبير الفني ،ولقد استهوت أعمال الفن الرومانتيكي أفئدة الناس لما حوى من ألوان قوية جذابة. المدارس والأنواع الأدبية، ص/60.
  7. - "عن بناء القصيدة العربية الحديثة" الناشر مكتبة الشباب – القاهرة لعام 1995م ، ص/85
  8. - "العواصف" جبران خليل جبران، ط/ الأولى سنة 2005م، دار الجيل بيروت – لبنان، ص/164.
  9. - " أسرارالبلاغة ": الإمام عبد القاهر الجرجاني، حققه وعلق عليه محمود محمد شاكر، الناشر دار المدني بجدة، د.ت.ص/102
  10. - والحَفيفُ صوت الشيء تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطائر أَو الرَّمْيةِ أَو التهاب النار ونحو ذلك حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً وحَفْحَفَ وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ طار والحَفِيفُ صوت جناحَيْه لسان العرب لابن منظور ج/9، ص/49.
  11. - " دمعة وابتسامة " جبران خليل جبران، ط/ الأولى سنة 2005م، دار الجيل بيروت – :ص/280
  12. -:" التصويرالفني في القرآن الكريم ": سيد قطب، ط/ السادسة عشر لعام 2002م دارالشروق القاهرة –مصر. ص/ 73
  13. - "دمعة وابتسامة" ص/99
  14. - شبب بفلانة تشبيبا: قال فيها الغزل وعرض بحبها. المصباح المنير ج/1، ص/302. شبب الشاعر: ذكر أيام اللهو والشباب، المعجم الوسيط ج/1 ص/470.
  15. - "المجموعة الكاملة": أنطوان القوال، ط/ الأولى سنة 1994م دار الجيل، بيروت-لبنان، ص/45
  16. - البلاغة والبيان والبديع، ج/ ص/33.
  17. - ابن الأثير(652 - 699 هـ = 1254 - 1299 م)إسماعيل بن أحمد بن سعيد، عماد الدين ابن تاج الدين ابن الأثير: كاتب، من العلماء بالادب، شافعي، حلبي الاصل. ولي كتابة الدرج بالديار المصرية، بعد أبيه، مدة وتركها تورعا. وقتل بظاهر حمص في وقعة مع التتار. الأعلام للزركلي، ج/1، ص/309.
  18. - " المثل السائر" : ضياء الدين بن الأثير، حققه محمد محيي الدين عبد الحميد، طبع بمطبعة مصطفى بابي الحلبي سنة 1939، ج/1 ص/394
  19. - "الصورة الأدبية في القرآن الكريم": د/ صلاح الدين عبد التواب، ط/ الأولى لعام 1995م، الشركة المصرية العالمية للنشر-لونجمان ص/45.
  20. - "العواصف" ص/102
  21. - العقاد(1306 - 1383 هـ = 1889 - 1964 م)عباس بن محمود بن إبراهيم بن مصطفى العقاد: إمام في الادب، مصري، من المكثرين كتابة وتصنيفا مع الابداع. تعلم الانكليزية في صباه وأجادها ثم ألم بالالمانية والفرنسية وظل اسمه لامعا مدة نصف قرن أخرج في خلالها من تصنيفه 83 كتابا، في أنواع مختلفة من الأدب الرفيع. منها كتاب (عن الله) و (عبقرية محمد) و (عبقرية خالد) و (عبقرية عمر) وغيرها. الأعلام للزركلي ج/3، ص/266.
  22. عن بناء القصيدة الحديثة، د/ على عشري زايد، الناشر مكتبة الشباب – القاهرة، لعام 1995م. ص/65.
  23. - "العواصف" ص/102
  24. - نفس المصدر، ص/103
  25. - " دمعة وابتسامة "ص/173
  26. -" أسرارالبلاغة" ص/86
  27. - "دمعة وابتسامة "ص/241
  28. - "الصورة لاأدبية في القرآن الكريم: " د/ صلاح الدين عبد التواب، ص/56
  29. - "التصويرالبياني": د/ محمد محمد أبوموسى ، ط: الخامسة لعام 2004م، مكتبة وهبة القاهرة- مصر، ص/90-91
  30. - "العوا صف" ص/193
  31. - نفس المصدر، ص/193
  32. -: "التصويرالبياني": د/محمد أبوموسى، ص/152
  33. - إيميل يعقوب – بسام حركة – مي: " قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية "ص/35
  34. - "النقد والبلاغة" :شكري عباد، ط/الأولى 1994م، دار النثر: دار المعارف السلسلة: موسوعة الحضارة العربية الإسلامية.ص/154
  35. -"الأرواح المتمردة ": جبران خليل جبران، دار العرب للبستاني، الفجالة – القاهرة، د.ت ص/17
  36. -" أسرارالبلاغة" ص/32-33
  37. - "عن بناء القصيدة العربية الحديثة" ص/87
  38. - التكنيك: فن ومهارة أداء في مجال ما، والتكنيك كلمة يوناني الأصل، معناها: التخطيط أو إبداع في التخطيط.
  39. - " التصويرالفني في شعرمحمد حسن اسماعيل": د/مصطفى السعدني، الناشر- منشأة المعارف بالأسكندريه، د.ت ص/95
  40. -" الأرواح المتمردة" ص/69
  41. -”عن بناء القصيدة الحديثة"ص/90
  42. - ”عن بناء القصيدة الحديثة"ص/91
  43. - اللَّكْمُ : الضَّرْبُ باليَدِ مَجْموعةً أو اللَّكْزُ والدَّفْعُ . لسان العرب ج/1، ص/1495.
  44. - "العواصف" ص/122
  45. - "نفس المصدر" ص/122
  46. - نفس المصدر، ص/111
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...