Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Basirah > Volume 8 Issue 1 of Al-Basirah

الحبك النصي وعلاقته بالنص القرآنيدراسة نظرية في ضوء التراث النقدي والبلاغي |
Al-Basirah
Al-Basirah

Article Info
Authors

Volume

8

Issue

1

Year

2019

ARI Id

1682060032214_378

Pages

21-39

PDF URL

https://www.numl.edu.pk/journals/subjects/156775321008-02-119-ARB-V8-1-19-Formatted.pdf

Chapter URL

https://numl.edu.pk/journals/subjects/156775321008-02-119-ARB-V8-1-19-Formatted.pdf

Subjects

Concept of Coherence aspacts of coherence Types of coherence Devices conclusion and results

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

مصطلح "الحبك النصي" نوع مهم من أنواع التماسك النصي. ويعدّ الحبك النصي جوهر العلاقات النصية؛ لأنه بمثابة العلاقة الكبرى التي تضم سائر العلاقات المعنوية داخل نص ما، فهو من أهم خصائص النص يعنى به تماسك مكوّنات الخطاب/الكلام، بحيث تتحقق علاقة الترابط بين أبنية الخطاب وبقية مكوّناته؛ ليكون نسيجاً واحداً، مضافا إلى ذلك تتحقق فيه علاقات الخلفية، والقصد والمعرفية وعلاقات مستعملي النص. فالحبك في ضوء علم اللغة النصي "هو الترابط المعنوي بين عناصر نص ما، بحيث يبدو الموضوع في صورته النهائية نظاماً متكاملاً، وبناءً متعاضداً، حيث ترتبط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات، ويعتمد المبدع أو الكاتب على الدليل الذي يدعم به الحقائق ويؤيّدها، ويربط بينها لتكون في النهاية موضوعا تسلسلت أفكاره، وترابطت في شكل منطقي مقنع أسلمت فيه الفكرة إلى ما بعدها، وصار النص على مستوى المعنى كالبناء المنطقي الواحد"([1]). فمصطلح "الحبك" ليست له خاصية لغوية فحسب، بل له في نفس الوقت جوانب متعددة من الدلالة والتداولية التي تتعلق بموضوع الخطاب ونتائجه([2]). من هنا تظهر أهمية الحبك بآراء علماء النحاة، والنقاد، والبلاغيين، والمفسرين الذين اعتنوا بهذه النظرية قديماً وحديثاً، واهتموا بها في مجالات متعددة، فنجد أهمية هذه النظرية عند النحاة بإهتمامهم من خلال إنسجام مفاهيم الجمل النحوية؛ لأنه مشترك بين نحو الجملة ونحو النص، فلذا اهتم بهذه النظرية علماء النحاة في مراعات حبك الجمل النحوية تحت نظام الربط، والإرتباط، أو الترابط في أجزاء الجملة ومفاهيمها، ثم ترابط مفاهيم الجمل فيما بينها([3]).كما تظهر أهمية "الحبك النصي"بكتابات علماء المحدثين وبآرائهم العلمية، فقد قام عدد كبير من علماء العرب المحدثين الذين تتلمذوا على أيدي العلماء الغربيين، فكتبوا عن هذه النظرية، وأثبتوا لها قيمتها الجمالية في نص ما؛ فالذي سلك هذا المسلك كثير من العلماء المحدثين في التراث العربي الحديث،([4]) وبجهودهم العلمية بلغت هذه النظرية ذروتها حتى فاقت كل النظريات النصية وأصبحت للنص الأدبي كمظلة رئيسة، بمعنى عدمها في الملفوظ عدم النص ووجودها يدل على أن يكون الملفوظ نصا.

 

مفهوم الحبك

 

كلمة "الحبك " مصطلح جديد يدل على المستوى الدلالي أو المعاني المتماسكة، وقد كانت لهذه الكلمة عدّة استعمالات في التراث العربي عند أصحاب المعاجم، والشعراء قديماً، لكن يعنى بها في مجال علم اللغة النصي"الإستمرار الدلالي في عالم النص، أو العمل على إيجاد الترابط المفهومي بالإستمرارية الدلالية التي تتجلى في منظومة المفاهيم والعلاقات الرابطة بين هذه المفاهيم".([5])فهو إذن يعدّ من أهم المعايير النصية التي يتماسك بها النص على المستوى المعنوي والاستعمالي،كما يقصد به العلاقات المنطقية التصورية، والعلاقات الدلالية المعنوية، أو العلاقات غير المنظورة، التي تجعل النص منسجما في صورة وحدة متكاملة.([6])

 

العلاقة بين المعاني اللغوية والإصلاحية

 

إذا كان مصطلح "الحبك" يقصد به: القصد، والإحكام، والإتقان، وشدّ الإزار؛ فإن هذه المعانى أقرب إلى المفهوم الذي يعني به "دلالة الأدوات والإشارات على الإنجازات المترابطة التي أجيد عملها".([7])وكما عبّر الطبري بأنه "عملية النساج إذا نسج الثوب فأحسن ما حبكه". وكلام من قال" إنها ذات ترابط محكم شديد في كل جزئية من جزئياتها". فعلماء علم اللغة النصي يعنون به "الكلام الذي أجيد عمله"؛ فيقوم الناص – مبدع النص- مقام النساج لينسج النص، ويقوم النص مقام الثوب الذي ما أحسن حبكه من داخله.

 

 

 

 

 

 

 

 

تطور الحبك النصي

 

نجد ظهور هذا المصطلح في التراث العربي عند الجاهليين في قصائدهم.([8]) وفي النص القرآني.([9])والحديث النبوي الشريف.([10]) لكن نشأ هذا المصطلح في القرن الخامس وما بعده على يد كثير من العلماء المفسرين، والنقّاد حين حدّدوا مفهومه بشكل واضح، فها هو أبو الوليد([11])وصفه بعض أبيات أبي عامر بن مسلمة بصفة الحبك قائلا: " وللوزير أبي عامر بن مسلمة فيه أبيات حسنة السبك، جيدة الحبك ".([12]) وفي مقام آخر يشير إلى أبيات أبي جعفر بن الأبار قائلا: "ولأبي جعفر بن الأبار فيه قطعة جيدة الحبك حسنة السبك موصولة بمدح الحاجب لا أعد الله منا جاهه كما أعد منا أشباهه".([13])يقول أبو عبد الله القيرواني عن أبي ذؤيب: "وأما أبو ذؤيبٌ فشديد، أمير الشعر حكيمهُ، شغله فيه التجريبُ حديثه وقديمه؛ وله المرثية النقية السبك، المتينة الحبك؛ بكى فيها بنيه السبعة، ووصف الحمار فطوَّل، وهي التي أولها: أمِنَ المَنونِ وَرَيْبها تتوجّع".([14])كما يصف عماد الدين الكاتب الأصبهاني نشوان الحميري بكلام جميل يدل على أن نشوان الحميري كان من أهم رواد نظرية الحبك النصي في التراث العربي، إذ يقول: "ونشوان الحميري من شعراء الجبال ذكر أنه فحل الكلام قوي الحبك، حسن السبك".([15]) وفي ضمن ما قام به علماء العرب من البلاغيين والنقاد من انجازات، واسهامات، وإشارات النصية، تدل على معرفتهم ووعيهم لمثل هذه المعايير وخصائص النصية والخطابية في كلام ما.

 

أما اهتمامه في العالم العربي الحديث فهو نتيجة لما سبق من الجهود العلمية في هذا المجال. كما أنه ظهر كترجمة أو مقابل مصطلح غربي “Coherence” على أيدي علماء علم اللغة النصي في القرن العشرين، وعلى رأسهم الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح، والدكتور أحمد عفيفي، خلال ترجمتهما لمصطلح“Coherence” إلى العربية بمصطلح "الحبك([16]).من هنا أصبح هذا المصطلح من أهم المعايير النصية التي تتعلق بالمستوى العميق. ويرتبط بالعلاقات المعنوية أو الدلالية التي تتحقق بين مكوّنات النص الجزئية والكلية لتكون مجموعات الأبنية الخطابية العلياء لنص ما.

 

مظاهر الحبك النصي

 

الحديث عن مظاهر الحبك النصي عند العرب يطول، لكن لا علينا أن نقدم بعض ما يهمنا في هذا البحث، فهي في الشكل الآتي:

 

 

 

مفهوم التقارن

 

من مظاهر الحبك النصي عند العرب "التقارن" الذي يعنى به "بأنه تشكيلة من المعرفة يمكن استرجاعها أو استثارتها بقدر ما من الحبك والوحدة النصية على المستوى الدلالي".([17]) كما " هو علاقة يتألف منها الترابط الذي يفرض قيوداً على استعمال كل مفهوم النص الشعري والنثري من جانب خيالي باعتبار التقارن في الخيال".([18]) فوظيفة التقارن في الدراسات النصية هي نفس الوظيفة التي يقوم بها الحبك النصي عند المحدثين، لكن اشتهر هذا المصطلح في التراث العربي والنقدي عند مشاهير القدامى، وخير مثال لذلك ما ذكره الجاحظ، وابن قتيبة عن ابن رؤبة إذ قال "عبد الله بن سالم" لرؤبة: "مت يا أبا الجحّاف إذا شئت، فقال رؤبة: وكيف ذلك؟ قال: رأيت اليوم ابنك عقبة ينشد شعرا له أعجبني، قال رؤبة: نعم، ولكن ليس لشعره قِران يريد أنه لايقارن البيت بشبهه".([19])وقد أورد الجاحظ في كتابه البيان والتبيين " قال بعض الشعراء لصاحبه أنا أشعر منك، قال: ولم؟ قال: لأني أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمه".([20])وفي هذا يقول ابن قتيبة: "وأن ترى البيت مقرونا بغير جاره، ومضموما على غير لفقه".([21]) وأوضح مثال ذلك مصطلح "المؤاخاة بين المعاني" عند صاحب المثل السائر حيث يقول: "وأما المؤاخاة بين المعاني، فهو أن يذكر المعنى مع أخيه لا مع أجنبي، ومثاله أن تذكر وصفا من الأوصاف، وتقرنه بما يقرب منه ويلتئم به، فإن ذكرته مع ما يبعد منه كان ذلك قدحا في الصناعة".([22])

 

فمن هنا يمكن أن يعدّ "التقارن" من مظاهر الحبك النصي الذي يسهم في الترابط المعنوي بين أجزاء الخطاب في الدراسات النصية عند العرب قديماً وحديثاً. وقد ذهب علماء العرب المحدثين إلى هذا المصطلح خلال بحوثهم النصية،وأثبتوا أن "التقارن" من المصطلحات التي ترادف الحبك النصي في الدراسات الحديثة.([23])

 

الانسجام مفهومه وعلاقته بالحبك النصي

 

الانسجام مظهر من مظاهر الحبك النصي في التراث العربي، ويعنى به التماسك المعنوي الذي يتحقق وفق وسائل البنية العميقة لنص أو خطاب ما، وذلك بإتحاد المضامين أو كون بعضها يؤدي إلى بعض الآخر، أو يتوافق معها من حيث المضمون الكلي له. وهذا ما أطلق عليه القدماء "الانسجام الداخلي أو الوحدة النصية".([24]) وخير مثال لتعريف الانسجام قول أبي المظفر: "الانسجام هو أن يأتي كلام شعراً من غير أن يقصد إليه المتكلم، وهو يدل على قوة الطبع والغريزة".([25]) وعرّفه بعض بالبلاغيين: "بأنه أن يأتي الكلام متحدرا كتحدر الماء المنسجم، سهولة سبك، وعذوبة ألفاظ، حتى يكون للجملة من المنثور والبيت من الموزون وقع في النفوس وتأثير في القلوب ما ليس لغيره، مع خلوه من البديع، وبُعده عن التصنيع. وأكثر ما يقع الانسجام غير مقصود، كمثل الكلام المتزن الذي تأتى به الفصاحة في ضمن النثر عفواً كمثال أشطار، وأنصاف، وأبيات وقعت في أثناء الكتاب العزيز، ورويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن وقع من ذلك في غير القرآن بيتان فصاعداً سمّى ذلك شعراً وإن لم يقصد، وأما القرآن العزيز فلم يقع فيه إلا مثال النصف، أو البيت الواحد، والبيت المفرد لا يسمّى شعراً".([26]) وعرّفه ابن حجة الحموي، وقسّمه إلى انسجام شعري، وانسجام نثري. فالمراد من هذه الخاصية أن تأتي لا لعبارة منسجما التركيب، عذوبة الألفاظ تسيل فيها المعاني، وتتناسق كانسجام الماء في انحداره.

 

الانسجام في النثر

 

يقصد بانسجام النثر بأن تكون كلماته، وجمله، وفقراته منسجمة الأوزان بدون إرادة لقوة انسجامه، وأفضل مثال لذلك ما ورد في النص القرآني.([27]) يقول ابن معصوم: "الانسجام هو أن يكون الكلام عذب الألفاظ، سهل التركيب؛ حسن السبك، خالياً من التكلف والعقادة؛ يكاد يسيل من رقته؛ وينحدر انحدار الماء في انسجامه، لا يتكلف فيه بشيء من أنواع البديع إلا ما جاء عفواً من غير قصد. وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة من غير قصد، كما وقع في كثير من آيات القرآن العظيم؛ لأن الآيات القرآنية بجملتها منسجمة كالماء الجاري في السلاسة، حتى وقع فيه من جميع البحور المشهورة أبيات، وأشطار أبيات".([28])وللخطاب المقدس خصائص متعددة، ونواح مختلفة من الانسجام، فقد ورد عدّة أنواع هذه الخاصية في قول الله تعالى:﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾([29])وتتكوّن هذه الآية من 27 لفظة فيجب علينا أن نذكر منها ما يهمنا هنا، وهي:

 

 

1 المناسبة التامة بين ابلعي وأقلعي
2 الاستعارة فيهما ابلعي وأقلعي
3 الطباق بين السماء والأرض
4 المجاز النداء للسماء، من المناسب أن يقال في الحقيقة يا مطر.
5 الإشارة في قوله: وغيض الماء، فإنه عبّر به عن معان متعددة؛ لأن الماء لايغيض حتى يقلع مطر السماء، كما تبلع الأرض ما يخرج منها من العيون والأنهار.
6 الارداف بقوله: واستوت على الجودي، فإنه عبّر استقرارها بلفظ قريب من المعنى.
7 التمثيل وقضي الأمر، فإنه عبّر عن هلاك الهالكين، ونجاة الناجين بلفظ بعيد عن الموضوع.
8 التعليل فإن غيض الماء علة الاستواء.
9 التقسيم فإنه استوفى أقسام الماء حال نقصه.
10 الاحتراس في قوله: وقيل بُعدًا...... إذ الدعاء يشعر بأنهم مستحقوا الهلاك، احتراسا من ضعيف يتوهم أن الغرق لعمومه ربما يشمل غير المستحق.
11 الابداع كما هو ظاهر من صناعة الآية الكريمة، وهو أن طاقة البشر عاجز عن الإتيان.
12 حسن التنسيق إن القصص القرآنية كلها مرتبة بعضها خلف بعض بحسن ترتيب العطف.
13 ملائمة اللفظ بالمعنى أن يكون اللفظ حامل المعنى والمعنى به قائم، ورباط لهما ناظم.
14 الإيجاز فإن هذه الآية الكريمة تشمل الأمر والنهى، والخبر والنداء، والموصوفة والصفة، والهلاك والبقاء، والسعداء والأشقياء، فإنه تعالى قصّ من الأخبار والأنباء ما لو شح لجفت الأقلام.
15 التسهيم يدل بداية الآية على نهايتها.
16 التهذيب فإن المباني التي تكون الخطاب في هذه الآية سهلة المخارج، سليمة من التنافر، بعيد عن التعقيد والتكلف.
17 حسن البيان لايشكل على السامع فهم المعاني والمفاهيم.
18 الاعتراض في قوله: وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي.
19 الكناية فإنه لم يوضّح عن القوة التي أغاض الماء، وقضى الأمر - وسوى السفينة - كما لم يصرّح بقائل، قيل، و"يا أرض ابلعي ماءك ويسماء أقلعي" في بداية الآية.
20 التعريض وقد عرض سبحانه وتعالى مسالكهم في تكذيب الرسل ظلما، فإن الغرق وتلك الصور الهائلة ما كانت إلا بظلمهم.
21 التمكين لأن الفاصلة تارة متمكنة.
22 الحبكة هذه الآية متماسكة الأجزاء بعضها ببعض.

وقد دُرست هذه الآية بدراسات متعددة ومختلفة الجوانب بما فيها من المعاني والمفاهيم حتى تجاوزت مائة خاصية من خصائص التماسك النصي؛ وعلى ذلك يقول الجرجاني مبيّنا الأسرار البلاغية لهذه الآية الكريمة: "وهل وجدت أحدا يقول: هذا اللفظ فصيح، إلّا وهو يعتبر مكانه من النظم، وحسن ملائمة معناه لمعاني جاراته، وفضل مؤانسته لأخواته؟ وهل قالوا لفظ متمكن ومقبول، وفي خلافه: قلق ونابي، ومستكره، إلّا وعرضهم أن يعبروا بالتمكن عن حسن الاتفاق وبين هذا وذاك من جهة معناه، وبالقلق والنبوّ عن سوء التلاؤم، وأن الأول لم يلق بالثاني في معناه، وأن السابق لم يصلح أن يكون لفقا للتالي في موادّه؟ وهل تشك إذا فكرت في قوله تعالى:﴿وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. فتجلّى لك منها الإعجاز، وبهرك الذي ترى وتسمع، أنك لم تجد ما وجدت من المزية الظاهرة والفضيلة القاهرة، إلّا لأمر يرجع إلى ارتباط هذه الكلم بعضها ببعض، وأن لم يعرض لها الحسن والشرف إلّا من حيث لاقت الأولى بالثانية والثالثة بالرابعة؟ وهكذا إلى أن تستقريها إلى آخرها، وأن الفضل تناتج ما بينها، وحصل من مجموعها. إن شككت فتأمل! هل ترى لفظة منها بحيث لو أخذت من بين أخواتها وأفردت من الفصاحة ما تؤديه وهي في مكانها من الآية، قل "ابلعي" واعتبرها وحدها من غير أن تنظر إلى ما قبلها وإلى ما بعدها، وكذلك فاعتبرها سائر ما يليها. وكيف بالشك في ذلك ومعلوم أن مبدأ العظمة في أن نوديت الأرض، ثم أمرت، ثم في أن كان النداء بيا دون أي، نحو يا أيتها الأرض، ثم إضافة الماء إلى الكاف دون أن يقال: ابلعي الماء، فجاء على صيغة "فُعل" الدالة على أنه لم يغض إلّا بأمر آمر وقدرة قادر، ثم تأكيد ذلك وتقريره بقوله تعالى: "وقضي الأمر"، ثم ذكر ما هو فائدة هذه الأمور وهو: "استوت على الجودي"، ثم إضمار السفينة قبل الذكر كما هو شرط الفخامة والدلالة على عظم الشأن، ثم مقابلة "قيل" في الخاتمة ب"قيل" في الفاتحة، أفترى لشيء من هذه الخصائص التي تملؤك بالإعجاز روعة، وتحضرك عندها هيبة تحيط بالنفس في أقطارها تعليقا باللفظ من حيث هو صوت مسموع، وحروف تتوالي في النطق؟ أم كل ذلك لما بين معاني الألفاظ من الاتساق العجيب؟ فقد اتضح إذن اتضاحا لايدع للشك مجالا أن الألفاظ لاتتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة، ولا من حيث هي كلمة مفردة، وأن الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها أو ما أشبه ذلك مما لاتعلق له بصريح اللفظ).([30])

 

ولقد عبّر السيوطي عن تلاحم هذه الآية في "تناسق الدرر وتناسب السور"([31])بتعبيره عن تلاحم النص القرآني المقدس بقوله: "ومن حسن النسق أن يأتي المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات، متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا،بحيث إذا أفردت كل جملة منه فاقت بنفسها واستقل معناها بلفظها، ومنه قوله تعالى:﴿وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾"([32]). فإن جمله معطوف بعضها على بعض بواو النسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة: من الإبتداء بالشئ الذي هو انحسار الماء عن الأرض، المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها، ثم انقطاع مادّة السماء المتوقف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج، ومنه اختلاف ما كان بالأرض، ثم الإخبار بذهاب الماء بعد انقطاع المادّتين الذي هو متأخر عنه قطعا، ثم بقضاء الأمر الذي هو هلاك من قدّر هلاكه، ونجاة من سبق نجاته، وأخّر عما قبله؛ لأن علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها، وخروجهم موقوف على ما تقدّم، ثم أخبر باستواء السفينة واستقرارها المفيد ذهاب الخوف وحصول الأمن من الاضطراب، ثم ختم بالدعاء على الظالمين، لإفادة أن الغرق وإن عمّ الأرض فلم يشمل إلا من استحق العذاب لظلمه)([33]).

 

فمن هنا قربت نظرية الحبك النصي بنظرية النظم، واندمجت فصول إحداهما بالأخرى، وتداخلت معاييرهما في العصر الحديث حتى صعب على القاري أو الباحث أن يفرّق بينهما، فأطلق على مثل هذه الوظائف مصطلح الحبك أو الانسجام أو النظم. فالحبك في أنظار الباحثين المحدثين: "هو أن يأتي الناص بكلام خالي عن كل عيوب اللفظية والمعنوية يدل على المعاني والمفاهيم الجليلة بدون تكلف ولاتعسف، ولايكون ذلك إلّا بانسجام أجزاء الكلام، وسهولة التراكيب، وعذوبة الألفاظ، وسلامة ذوق الشاعر أو الناثر/ المبدع، وبراعة الإنشاء وحسن الأساليب".([34])

 

مفهوم التصوير وعلاقتها بحبكة النص

 

من مظاهر حبكة الخطاب "التصوير" الذي تناوله خيال المؤلف/المبدع فحدّده وأعطاه شكله، وحوّله إلى تجسده.([35]) ولعل أول النصوص التي لامست في التراث العربي القديم ما ورد فيه قول الجاحظ حيث يقول:"وإنما الشعر صناعة وضرب من النسج،وجنس من التصوير".([36]) وكأنه أراد بكلمة "التصوير" هنا عملية الذهن التي تصنع الشعر، وتقدم المعنى بطريقة حسية.([37])

 

وقد تطورت هذه الدراسة، وتنوّعت جوانبها في حضن النص القرآني المقدس عند علماء العرب من اللغويين، والكلاميين، والنقاد، والبلاغيين الذين اعتنوا بإعجاز القرآن الكريم، وفي ضمن هذا سارت دراساتهم مسارات عديدة، من أهمها تلك الدراسات التي ركزت على الأساليب البلاغية للتصوير البياني، وطرائق التعبير، وتأتي في مقدمتها كتب الجاحظ، والزمخشري، والخطابي، والرماني، والباقلاني. وقد اكتملت هذه الدراسة على يد عبد القاهر الجرجاني في النظم النصي بمفهوم وجد فيه "حلا لإشكاليتين واجههما النقد العربي قبله، وهاتان الإشكاليتان هما المفاضلة بين اللفظ والمعنى، وتكرار المعاني عند مبدع النص. فهو لايرى في الصورة النصية اختيار للألفاظ، بل هو اختيار ونظم للمعاني كما يختار الرجل الأصباغ ويمزجها ويرتبها".([38])

 

وقد تأثّر علماء العرب في هذا الاتجاه من فلاسفة اليونان بنظرية المحاكاة والوحدة الموضوعية في حبكة الأحداث في المسرحيات، غير أن العرب نظروا إلى هذا الاتجاه في النص الشعري وكيفية بنائه؛ لذلك نرى أن الصورة النصية شغلت أفكار النقاد قديماً وحديثاً، وشاع هذا المصطلح في مؤلفاتهم بعدة مفاهيم فلا يوجد تعريف واحد تم الاتفاق عليه. لكن الصورة النصية في نص ما، هو تعبير عن الأحداث المتماسكة المترتبة بترتيب سليم، حيث تتشكل الصورة الذهنية عند مبدع النص.([39]) أما علماء العرب المحدثين فسلكوا مسلك القدامى في بناء "التصوير البياني".([40]) بالإضافة إلى ذلك تأثّروا أيضا بنظريات علماء نحو النص.([41])فعلماء العرب المحدثين ينظرون إلى التصوير النصي مثل صورة رؤية العالم لنص ما، وهذه الرؤية صورة كاملة لأحداث منسجمة من البداية إلى النهاية.([42])

 

علاقة القرائن المعنوية بالحبكة النصية

 

ظهرت "نظرية تضافر القرائن المعنوية"كنظرية عربية خالصة في العالم العربي الحديث على يد الدكتور تمام حسان نتيجة قراءاته العميقة لمصادر اللغة العربية التراثية واللغات الأوربية الحديثة، فقد تأثر هذا العالم الجليل ببناء هذه النظرية بعلماء المعنويين العرب([43]) والغربيين أمثال "فيرثFirth"، و"بيوجراند Beau Grande" وغيرهما. إذ بنى نظريته الجديدة المشتملة على عدّة القرآئن الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية، ثم قسّم كل هذه القرآئن إلى القسمين وهما: " القرآئن المعنوية، والقرآئن اللفظية.([44])فالقرائن المعنوية هي التي تتعلق بارتباط معاني النص ومفاهيمه، وأطلق عليها تلامذته مصطلح "تضافر القرآئن المعنوية" فهي أتم صورة نقدمها بمقابل الحبك النصي"Textual Coherence" التي أسسها تمام حسان على عدّة وسائل دلالية أو البلاغية يذكرها البحث في وسائل المعنوية إن شاء الله.

 

أقسام الحبك النصي

 

ينقسم الحبك النصي إلى النوعين المتميزين وهما: الحبك الدلالي، أي الإستمرار في معاني النص. والحبك التداولي بمعنى علاقة تفاعل المبدع والمتلقي بالنص.([45])

 

الحبك الدلالي

 

الحبك المعنوي من أهم المقومات النصية التي وقف عندها علم اللغة النصي، وعلى رأسهم الدكتور تمام حسان في نظريته الجديدة في النحو العربي "تضافر القرائن" بعامة، وفي القرائن المعنوية بصفة خاصة. حيث حدّد لهذا المستوى وظيفته المعنوية في النص؛ لأن أجزاء النص تنسجم بعلاقات دلالية وصولا إلى البنية الكلية الكبرى داخل نص ما.([46])

 

وسائل الحبك الدلالي

 

وإذا كان مفهوم الحبك واضحاً عند علماء العرب المحدثين، فإنهم حدّدوا له عدد وسائل دلالية التي يتحقق بها الالتحام بين معاني النص. ونقدم بعض ما يهمّنا هنا، ومنها:

 

 

 

هذه هي أهم وسائل تضافر القرائن المعنوية في التراث العربي القديم والحديث، وبها يتماسك النص على المستوى المعنوي أو الداخلي، وبها تحدث حبكة مفاهيم النصوص أو الفقرات أو الجمل المتعددة حيث تنسجم أجزاء النص بعلاقات دلالية وصولا إلى البنية الكلية الكبرى داخل نص ما. وقد كان اهتمام العرب بصفة عامة وعلى رأسهم حازم القرطاجني، بالبنية الدلالية للتماسك النصي بين فصول القصيدة. ونرى ذلك في تقسيم العلاقات بين الفصول إلى أقسام آتية: # إنتقال النص من الجزء إلى الكل أو الكل إلى الجزء.

  1. أن يكون رأس النص دالا على بقية النص. أى أن يكون بداية النص دالا على نهاية النص.
  1. أن يكون نهاية النص أو القصيدة استدلالا على ما تقدم منها في بداية النص([47]).

 

 

 

وهذا التقسيم أقرب تقسيم عند علماء لغة النص الذين قسموا النص إلى بداية النص، ووسط النص ونهاية النص، فلابد لبداية النص أن تدل على وسط النص، ومن الضروري أن يدل وسط النص على نهايته، كما تكون نهاية النص نتيجة لوسط النص، ووسط نتيجة لبداية النص.وهناك عدد التقسيمات النصية عند أبي حازم القرطاجني في بناء البنية الكبرى للقصيدة التي تسمحها الدراسات النصية الحديثة([48]). ومن هذا القبيل "الدلالة الجامعة" عند سيد قطب، وقد أثبتها في النص القرآني قائلا: "إذ هي الأصل والأساس الذي تنبثق منه سائر التصورات والمبادئ والمناهج، وهي المحور الذي تشد إليه جميع الفروع والجزئيات، وهي الموضوع الأساسي في القرآن الكريم الذي يربط سائر موضوعاته ومعانيه. حياته الطويلة التي قضاها في ظلال النص القرآني، ومداومة إمعان النظر فيه، وتدبر معانيه،والتعمق في فهم أسراره ومراميه، والخوض إلى حقائقه وأغراضه، والوقوف على النظام الدقيق المتين الذي يشد آياته وسوره، فكل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميّزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبيرة. إنّها كلها تتجمع على الموضوع والغاية، ثمّ تأخذ بعد ذلك سماتها المستقلة، وطرائقها المتميزة ومجالها المتخصص في علاج هذا الموضوع، وتحقيق هذه الغاية إنّ الشأن في سور القرآن كالشأن في نماذج البشر التي جعلها الله متميزة : كلهم إنسان، وكلهم له خصائص الإنسانية، وكلهم له التكوين العضوي والوظيفي والإنساني...ولكنهم بعد ذلك نماذج منوعة أشدّ التنويع، نماذج فيها الأشباه القريبة الملامح، وفيها الأغيار التي لا تجمعها إلاّ الخصائص الإنسانية العامّة. هكذا عُدْتُ أتصور سور القرآن، وهكذا عدت أحسّها، وهكذا عدت أتعامل معها، بعد طول الصحبة، وطول الألفة، وطول التعامل مع كل منها وفق طباعه واتّجاهاته،وملامحه وسماته"([49]). فالسورة القرآنية وحدة دلالية كبرى بأنها نص مستقل، ووحدة جزئية بحيث أنها جزء من النص القرآني الذي هو أبنية دلالية كبرى([50]).

 

وعلى هذا فيبدأ التحليل النصي أو تحليل الخطاب ضمن ترتيب صعودي أو نزولي. فأما الترتيب الصعودي فهو بداية التحليل من الموضوع، وبدية النص، بوعده وسط النص، ثم نهاية النص، ففي هذا النوع من التحليل نراعي للأبنية الصغرى التي تتسم بدرجة قصوى من الحبكة فيما بينها؛ فكل فونيم في مورفيماته، وكل مورفيم في أداء المعنى في الجملة، وكل جملة في بناء الفقرة، وكل فقرة في مجموعة الخطاب، وكل خطاب بنتائجه ومستعمليه يقدم إعلامية.

 

أما الترتيب النزولي فهو يركّز على الأبنية الدلالية، بمعنى أن محلل النص أو الخطاب يبدأ بمجموعات الخطاب العليا؛ فهو يفسره أو يؤوله فى محيط أبنية دلالية دون أن يتطرق إلى الأصوات والكلمات.

 

النوع الثاني: الحبك التداولي

 

يعدّ الحبك التداولي من أقسام التماسك النصي عند علماء العرب المحدثين، ويعنى به قراءة النص و تحليله حسب ما يقتضيه السياق الذي أنجز فيه مع مراعات قصد المبدع وقبول المتلقي. فمن هنا وصلنا إلى أن دراسة النص/الخطاب على المستوى الأبنية الصغرى من خلال وصف بنيته الصوتية والصرفية والنحوية،ثم الدلالية لاتعد كافية، وإنما لابد من دراسته على المستوى الخطاب المتداول بين مستعملي الكلام في ضوء السياق وما يتطلبه من قيود ومعايير؛ لتحقيق التواصل، وترتب النتائج. فإذا كان السبك النصي بأنواعه: الصوتي ،والصرفي، والنحوي على مستوى الجملة والنص بشكل أوسع، فإن الحبك النصي يهتم بما في يعبر عن داخل النص وخارجه في الاستعمال، فإذا لم يكن في حالة الاستعمال فإنهم لايهتمون به ولايدخلونه في دراستهم التداولية.

 

وعرّفه بعض الباحثين بأنه "مجموعة المبادئ الأساسية لاستعمال اللغة، والعلم بكل ما يقدر الإنسان لأدوات التواصل، وكيفية استعمالاتها، فمن هنا سمّي هذا النوع من الحبك: "علم الاستعمال اللغوي"([51]) يقصد به كيفية استعمال الكل في ضوء السياق أو المقام الذي قيل فيه. فالحبك التداولي/ السياقي ليست له خاصية لغوية فحسب، بل هو معيار من معايير التواصل بين مكوّنات الخطاب من ناحية، بين مستعملي النص من ناحية .

 

فدراسة الأبنية النصية في قيد الاستعمال، بأن متلقي النص يستفيد تماما برسالة النص الذي تلقاه المتلقي من المرسل؛ لذلك اصطلح على هذا العلم "نظرية الأفعال اللغوية" أى أن التداولية تدرس النص بثلاثة عناصر، وهي أفعال القول، وأفعال الانجاز، وأفعال التأثير بالقول.

 

وعندما ننظر إلى الوراء نجد أن جذور هذا النوع من التماسك في كتب "الجاحظ" الذي قسّم البيان إلى ثلاثة أقسام، وركّز على الوظائف التأثيرية التي تتعلق وترتبط بالبراجماتية النقدية الحديثة. فمن هنا يعدّ هذا العالم النبيل من مؤسسي التداولية في التراث العربي والنقد في وقت مبكر؛ لأنه حدّد مبادئه الأساسية، وقسّمه اعتماداً على كل ما سبق إلى وظائف أساسية، وهي:‏# الوظيفة الإخبارية المعرفية التعليمية "حالة حياد، إظهار الأمر على وجه الإخبار قصد الإفهام".‏

  1. الوظيفة التأثيرية "حالة الاختلاف" تقديم الأمر على وجه الاستعمالة وجلب القلوب.‏
  1. الوظيفة الحجاجية: "حالة الخصام" إظهار الأمر على وجه الاحتجاج والاضطرار".‏

 

 

 

هذه هي المبادئ الأساسية التي تكوّن هذا النوع من التماسك النصي في الدراسات الحديثة باعتبارها مقاربة تركّز على مهارة التواصل في الدرجة الأولى، والإقناع في الدرجة الثانية، والتأثير في الدرحة الثالثة، وإيصال المعنى في الدرجة الرابعة، وتقديم الفائدة في الدرجة الخامسة، ومنه فإن غايتها منفعية بحتة.‏

 

وينص على ذلك قول عمر بن البحر الجاحظ: "المعاني القائمة في صدور الناس، المتصورة في أذهانهم، والمتغلغلة في نفوسهم... مستورة خفية، وبعيدة وحسية، ومحجوبة مكبوتة... لا يعرف الإنسان ضمير صاحبه، ولا حاجة أخيه وخليطه.. إلا بغيره، وإنما يحي تلك المعاني ذكرهم لها، وإخبارهم عنها، واستعمالهم إياها، وهذه الخصال هي التي تعود بها إلى الفهم وتجليها للعقل... وتجعل المهمل معبداً، والمقيد مطلقاً... وكلما كانت الدلالة أوضح وأفصح، وكانت الإشارة أبين وأنور، كان أنفع وأنجح..."([52]).‏ففي هذا النص تظهر معالم المقاربة التداولية جليّة حيث ركّز هذا الناقد في كلامه على ضرورة استخدام المعاني بين مستعمليها من المخاطب والمخاطَب، بشرط أن يكون استخدام المعنى للفائدة التامة التي تبلّغ قصد المرسل وأغراضه في أذهان الملقيين/ المخاطَبين.

 

وأسّس ابن قتيبة الدينوري في "الشعر والشعراء" معايير نظرية التلقي مضافا إلى نظرية استعمال الكلام في السياق الذي قيل، فهو من الأوائل الذين أرسوا دعائم التداولية والتواصلية ضمن نظرية التلقي. فقد بيّن العلاقة النفسية بين المتكلم والمخاطب حسب درجاتهم ومنازلهم، وشروط التأثير والقبول، فقد وصل هذا الناقد العظيم إلى أن يوضح علاقة اللفظ بالمعنى، وعلاقة المعاني بالرسالة أو الغرض، وعلاقة الغرض بالسياق، وعلاقة المبدع والمتلقي بهذه الرسالة. يقول ابن سنان الخفاجي: "والكلام يتعلق بالمعاني والفوائد بالمواضعة، لا لشيء من أحواله"([53]).‏ نلاحظ في هذه العبارة أنه يحدّد المبادئ الأساسية للبراجماتية التي نجدها في العصر المعاصر، فهو أيضا من الأوائل الذين أشاروا إلى فوائد الخطاب، والمقام الذي قيل فيه، والقصد، وسلامة الشفرة اللغوية، ومراعات المتكلم للمخاطب/ المتلقي، وقبول المتلقي حسب درجاته.

 

من هنا وصل البحث إلى أن علماء العرب القدامى كانوا على وعي تمام لمثل هذه النظريات، بل أسّسوا المعايير لهذه النظريات بإشارات عابرة ضمن كلامهم عن المبدع، والمخاطب، والغرض، والتأثير والتأثر، والقصد، ونوايا المتكلم، والفائدة من الكلام، والفهم ودرجاته، وعلاقات الأبنية اللغوية فيما بينها، فكل هذه الإشارات تعد جوهر، وملامح الأساسية التي نجدها في وقت مبكر في التراث العربي والنقدي القديم.

 

أما جهود علماء العرب المحدثين في هذا المجال فقد ‏تطوّرت التداولية على يد مجموعة من الدارسين المحدثين الذين اهتموا بتداوليات النص والخطاب الأدبي، ومعظم هذه الدراسات أنجزها باحثون مغاربة وجزائريون وتونسيون، ومن بينهم محمد مفتاح([54]) الذي تحدّث عن بعض مفاهيم التداولية كالمقصدية، والمعاني الجمهورية والوضوح، واحترام العقد بين المبدع والمتلقي، وهي ما يصطلح عليه البراجماتيون الإعلامية من حيث الكم والكيف.([55]) وذهب إليه ابن عاشور مبيّناً أهمية معاني النص ومطابقتها بالحقائق خارجا النص حيث يقول: "ولاشك أن الكلام الصادر لاتبنى معانيه على فهم طائفة واحدة، ولكنها تبنى على الحقائق، وكل ما كان من الحقيقة في علم من العلوم وكانت الآية لها اعتلاق بذلك، فالحقيقة العلمية مرادة بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر، وبمقدار ما ستبلغ، وذلك يختلف باختلاف المقامات، ويبنى على توفر الفهم، وشرطه أن لايخرج عما يصلح له اللفظ العربي، ولايبعد عن الظاهر إلا بدليل، ولايكون تكلفاً بيناً ولاخروجا عن المعنى الأصلي".([56]) فكلام الجاحظ هذا نص واضح على أن العرب قديماً وحديثاً بالتعامل مع التداولية في النص القرآني خاصة والنصوص العربية عامة؛ لذلك عدّه علماء علم اللغة من رواد التداولية في العصر الحديث. بعد عرض هذه مقولات متعددة بتيّن لنا أن اللغويين العرب أسهموا في تكوين الأصول والقواعد، ووقفوا في الإهتداء إلى المقام الذي يقال فيه الكلام، وما يقتضيه من الخلفية الزمانية والمكانية لمستعملي الكلام بوصفها أسس متميزة في التراث العربي.

 

أما جهود علماء لغة النص المحدثين من الشرق والغرب في هذا المجال فتقترب من العلماء العرب القدامى، فالمعاصرون يتعاملون بالخطاب حسب ما يتطلبه السياق بأنواعه لهدف المعنى المقصود. يقول الدكتور عزة شبل مبيّناً أهمية السياق: "إن اللغة في المقام الأول جزء من نشاط تواصلي اجتماعي، ومن ثم فإن معرفة السياق الذي تستخدم فيه اللغة يوضح المعنى الوظيفي للغة، ويفرض عليها قيمة حضورية معينة. وتبدو أهمية السياق في الكشف عملية إنتاج النص، كما تلعب دوراً هاماً في عمليات فهم النص وتفسيره؛ على اعتبار أن النص واقعة اتصالية يشترك فيها المتكلم والمستمع في زمان معين، ومكان محدّد؛ لذلك فمعنى النص يكون متميزا سياقيا، فما يعنيه النص يعتمد على من يتلفظ به، ولماذا، ومتى، ومن هو المستمع؟ وما موضوع التواصل؟ وبأية وسيلة تم التواصل-مكتوبة/ منطوقة- وما وظيفة التواصل – الإخبار؟ التعليم، الإقناع_ فالعلاقة متبادلة بين النص والسياق. إذ يكونان معا شبكة عمل تداولي "([57]). فالعرب المحدثين وعلى رأسهم محمد الخطابي ناقش قضية السياق النصي قائلا: " إن المبادئ الأساسية التي تسهم في خلفية الخطاب/النص، هي: "المتكلم، والمتلقي، والموضوع، والمقام، والسنن، وجنس الرسالة، والحدث، والمقصد"([58]). من هنا وصلنا إلى أن عناصر سياق الموقف الاتصالي، عند علماء لغة النص في التراث العربي: الحدث، الزمان، المكان، هذه هي العناصر التي تحدد قبول المنطوقات اللغوية خارج الأبنية النصية لنص/خطاب ما.

 

خلاصة البحث ونتائجه

 

تشتمل البحث على عدّة نتائج علمية نوجزها في النقاط الآتية# الحبك النصي عنصر هام من مكوّنات النص في التراث العربي القديم،ويعنى به في النص الاستمرارية المعنوية خلال وحدات نص/خطاب ما.

  1. مصطلح الحبك النصي مصطلح جديد في الدراسات النصية اهتم به علماء الغرب، ثم تأثر منهم علماء العرب المحدثين، وتعاملوا به في الدراسات النصية الحديثة، وبحثوا عنه في التراث العربي حتى وجدوا له عدّة مدلولات ومظاهر عند القدامى.
  2. الحبك النصي من أهم العناصر التي يصبح بها مفاهيم النص القرآني كوحدة متماسكة ومتناسقة.
  3. اهتم به علماء العرب قديما تحت حضن إعجاز القرآني، ووصلوا إلى أن "حبك النص القرآني" أهم معيار للإعجاز القرآني.
  4. نجد في التراث العربي عدّة مظاهر الحبك النصي من أهمها: "التقارن " و"النظم"و"الانسجام" و"التصوير" و"تضافر القرائن المعنوية "وغيرها.
  5. الوحدة النصية من أهم مظاهر الحبك النصي التي بها ربط المفسرون النص القرآني من أوله بآخره، وقالوا إن النص القرآن من "بسم الله الرحمن الرحيم" إلى "من الجنّة والناس" كجسد متلاحم بعضه ببعض، هكذا النص القرآني متماسك بكل سوره، وكل سورة بأجزائه، وكل جزء بآياته وكل آية بكلماته.
  6. وقد عبّر بعض القدامى من أصحاب المعنى "الحبك" بنظرية النظم القرآني، ووضعوا لهذه النظرية نظاما كاملا، وبعضهم ركزوا على النظم اللفظي، وبعض الآخرين ركزوا على النظم المعنوي، لكن الذي ذهب إلى الجمع بين اللفظ والمعنى هو عبد القاهر الجرجاني، ثم أبو حازم القرطاجني، والبقاعي، والسيوطي وغيرهم عدد كبير من المعاصرين.
  7. وفي الأخير وصل البحث إلى أن "الحبك" له جذور عميقة وراسخة في التراث العربي البلاغي والنقدي، ثم تأثر هذا المصطلح من الاتجاهات الفلسفية، والكلامية، والفقهية، حتى اكتمل هذا المصطلح في العصر الحديث في رحاب عدّة الدراسات الحديثة عامة، وفي حضن الدراسات النصية خاصة.
  8. وصل البحث إلى أن مثل هذه الدراسات تسهم في فهم النصوص فهما صحيحا خلال تحليل هذه النصوص، وخاصة في التحليل النصي للنص القرآني.
  9. الحبك النصي يؤتي القارئ الجادّ فكرة كاملة عن النص وعن المضمون الذي يريد المرسل إصاله إلى المتلقي، فلابد من الحبك في النص حتى يستفيد منه المتلقي، ويفهم منه قصد المرسل.
  10. وصل البحث إلى أن الحبك النصي ينقسم إلى القسمين الرئيسين وهما: الحبك الدلالي المعنوي والحبك التداولي الذي يشمل الظروف والملابسات البيئية، وخلفية المرسل والمتلقي كليهما.

 

 

حوالہ جات

  1. ()حسان،د.تمام،الأصول دراسة أستيمولوجية للفكر اللغوي،الهيئة المصرية العامة للكتاب،1986م،ص:15
  2. ()بحيري،د.سعيد حسن،علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات،مؤسسة المختار للنشر والتوزيع،ص:131-132
  3. ()بحيري،د.سعيد حسن،اسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة،مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، ص:271-72
  4. ()منهم د.تمام حسان في كتبه وخاصة في نظريته الخاصة "تضافر القرائن النحوية" في اللسانيات الحديثة، والدكتور عبد المنعم عبد الله محمد،البحث اللغوي أصوله ومناهجه،ومن أهمها:علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات، واسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة،والأستاذ الأزهر الزناد في نسيج النص،ومحمد الخطابي في لسانيات النص،وبدوي،د. أحمد في كتبه النقدية،والدكتور منذر عياشي في اللسانيات والدلالة.
  5. ()مصلوح،د.سعد،في البلاغة العربية والأسلوبية اللسانية آفاق جديدة،مجلس النشر العلمي،جامعة الكويت،2003م، ص:228؛فرج،د.أحمد،نظرية علم النصرؤية منهجية في بناء النص النثري،تحقيق وتقديم:د.فهميح جازيو سليمان العطار،مكتبة الآداب،ص:127؛ والبستاني،د.حميدي،مفهوم النص ومعايير نصية للقرآن الكريم دراسة نظرية،مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، العدد:1،11/184
  6. ()عفيفي،د.أحمد،نحو النص اتجاه جديد في الدرس النحوي،مكتبة زهراء،الشرق،2001م،ص:90
  7. ()شاكر،تارا فرهاد،بين التراث والغرب،مجلة جامعة بابل،العلوم الإنسانية،المجلد:22،العدد:6،2014،ص:1330
  8. ()كما قال أبو دواد:" كأن الغضون من الفهدتين إلى طرف الزور حبك العقد". أبو دواد هو جارية بن الحجاج الإيادي،شاعر جاهلي قديم،فوصف الخيل بعدة أبيات، وكان على خيل المنذر بن ماء السماء، وكما قال زهير بن أبي سلمى: "مكلل بأصول النبت تنسجه،ريح خريق لضاحي مائه حبك" يصف ماء مرت عليه الريح،فأنشأت غضونا،وللمزيد ينظر:فراهي،حميد الدين،مفردات القرآن،تحقيق:د.محمد أجمل أيوب الإصلاحي،دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 2002م،ص:162-165
  9. ()﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾،سورة الذاريات،الآية:7
  10. ()نجد في الحديث الشريف عن الدجال:"إن رأسه حبك حبك" قال حميد الدين الفراهي: "والسحاب يوصف بذلك،فإن الحبك فيه تجعد قطعاته مثل الموج المزبد المتراكم أو كسائب القطن" ينظر في مفردات القرآن،ص:64
  11. ()هو إسماعيل بن عامر بن حبيب الحميري
  12. ()الحميري،إسماعيل بن محمد بن عامر،البديع في وصف الربيع،تحقيق:عبد الله عبد الرحيم عسيلان،مكتبة لسان العرب، 1987،1/41
  13. ()المصدر السابق،1/30
  14. ()القيرواني،محمد بن سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي،مسائل الانتقاد-أبكار الأبكار- أعلام الكلام،مكتبةالخانجي، القاهرة،الطبعة الأولى:1344، 1/3
  15. ()الأصبهاني،عماد الدين الكاتب،محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين،خريدة القصر وجريدة العصر،أقسام أخرى،تحقيق: آذرتاش آذرنوش،الدار التونسية للنشر،1971م،2/558
  16. ()مصلوح،في البلاغة العربية والأسلوبية،ص:228،عفيفي،نحو النص،ص:90
  17. ()أبو غزالة،د.إلهام،وعلي خليل أحمد،مدخل إلى علم لغة النص،الهيئة المصرية العامة للكتاب،1999م،ص:120-121
  18. ()خفاجي،د.محمد عبد المنعم،تحقيق الإيضاح لخطيب القزويني،دارالجيل،بيروت،الطبعة الثالثة،3/134؛شاهين،عبد الخالق فرحان،أصول المعايير النصية في التراث،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،جامعة الكوفة،الطبعة الأولى: 2012م،ص:107-110
  19. ()الجاحظ،البيان والتبيين،دار ومكتبة الهلال،بيروت،2010م،1/228؛وابن قتيبة،عبد الله بن مسلم،الشعر والشعراء، دارالحديث،القاهرة،2010م،1/34
  20. ()الجاحظ،البيان والتبيين،1/68
  21. ()ابن قتيبة،الشعر والشعراء،1/34
  22. ()ابن الأثير،ضياء الدين،نصر الله بن محمد،المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر،دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع،القاهرة،2010م،2/292
  23. ()علاوي،العيد،المركز الجامعي الطارف،التماسك النحوي وأشكاله والياته،مجلة قراءات جامعة بسكرة،عدد 2011، ص:126
  24. ()ناعوس،د.يحي،قراءة لسانية في البناء النصي للقرآن الكريم،التجديد في الدراسات القرآنية،المركز الجامعي،غليزان، الجزائر،بدون سنة الطباعة،ص:511-513
  25. ()مجد الدين،أبو المظفر،البديع في نقد الشعر،الجمهورية العربية المتحدة،وزارة الثقافة والإرشاد القومي،الإقليم الجنوبي، الإدارة العامة للثقافة،بدون سنة الطباعة،ص:131
  26. ()ابن أبي الإصبع،تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن،لجنة إحياء التراث الإسلامي،ص:429
  27. ()الحموي،ابن حجة،خزانة الأدب وغاية الأرب،دار مكتبة الهلال،بيروت،2004م،1/417-421
  28. ()ابن معصوم،أنوار الربيع في أنواع البديع،مطبعة النعمان،النجف الاشرف،الطبعة الأولى:1968م،1/261-430
  29. ()سورة هود،الآية:44
  30. ()الجرجاني،عبد القاهر،دلائل الإعجاز،دار المعرفة،بيروت،الطبعة الثالثة،ص:47-48
  31. ()تحدث السيوطي عن التناسق والتناسب السور في القرآن الكريم،وإن كان السيوطي يعنيه بمعنى التناسب،فيمكن لنا أن نقول أراد السيوطي ب"التناسق" السبك النصي،وب"التناسب" الحبك النصي
  32. ()سورة هود،الآية:44
  33. ()السيوطي،الإتقان في علوم القرآن،تحقيق:طه عبد الرؤوف سعد،المكتبة التوقيفية،الطبعة الثانية:2014م، 3/219
  34. ()هاشمي،أحمد بن إبراهيم بن مصطفى،جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب،مؤسسة المعارف،بيروت،بدون سنة الطباعة،1/32-33
  35. ()خفاجي،د.محمد عبد المنعم،مدارس النقد الأدبي الحديث،مكتبة العامة،ص:55؛وعصفور،جابر،الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب،المركز الثقافي العربي،بيروت،الطبعة الثانية:1992م،ص:10
  36. ()الجاحظ،الحيوان ،تحقيق:يحي الشافي،دار مكتبة الهلال،الطبعة الثالثة:1990، 1/49
  37. ()ذباب،محمد على،الصورة الفنية في شعر الشماخ،وزارة الثقافة،عمان،2003م،ص:13
  38. ()راغب،عبد السلام أحمد،وظيفة الصورة الفنية في القرآن الكريم،فصلت للدراسات والترجمة والنشر،حلب،الطبعة الأولى:2001م،ص:7؛أبو موسى،د.محمد،التصوير البياني،مكتبة وهبة،الطبعة الخامسة:2004م،ص:1-85-86
  39. ()حسان،د.عبد الحكيم،مذاهب الأدب في الأوربا،مكتبة وهبة،ص:24-25؛عصفور،جابر،الصورة الفنية،ص:391
  40. ()عشري،د.علي زائد،عن بناء القصيدة العربية الحديثة،مكتبة وهبة،مصر،2002م،ص:65- 103
  41. ()فضل،د.صلاح،مناهج النقد المعاصر،ميريت للنشر والمعلومات،2002م،ص:52-53
  42. ()عباس،د.فضل حسن،إعجاز القرآن الكريم،مكتبة فلسطين للكتب المصورة،ص:120-128؛والجاجي،د.محمد ديب،النسق القرآني،مؤسسة علوم القرآن،المملكة العربية،السعودية،الطبعة الأولى:2010م،ص:497-498
  43. ()أمثال عبد القاهر الجرجاني وغيره من أصحاب المعنى في التراث العربي القديم
  44. ()فالقرائن التي تتعلق بظاهر النص أطلق عليها تلامذته مصطلح "تضافر القرآئن اللفظية/ تضافر القرآئن النحوية" فهي أتم صورة نقدمها في مقابل السبك النصي"surface textual cohesion" التي أسسها تمام حسان على ثمانية وسائل لغوية في العصر الحديث
  45. ()شبل،د.عزة ،علم لغة النص،ص:181-182؛عبد الخالق فرحان،أصول المعايير النصية في التراث العربي،ص:107
  46. ()د.تمام عمر حسان،اللغة العربية معناها ومبناها،ص:191
  47. ()لمياء،قروحي،انسجام الخطاب في رواية الجازية والراويش،الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية،وزارة التعاليم العالي والبحث العلمي،2011،ص:80-82
  48. ()د.أبو موسى،تقريب منهاج البلغاء لحازم القرطاجني،مكتبة وهبة،الطبعة الأولى:2006،ص:168-169
  49. ()سيد قطب،في ظلال القرآن،دار الشروق،2003م،3 /1243
  50. ()فضل،د.صلاح،بلاغة الخطاب وعلم النص،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الطبعة الأولى:1992،ص: 266؛ والزناد،أ.الأزهر،نسيج النص،مكتبة النور،ص:79-107-126
  51. ()صحراوي،د.مسعود،التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية،في التراث اللساني العربي،دار الطليعة للطباعة والنشر،بيروت،الطبعة الأولى:2005م،ص:16-17
  52. ()الجاحظ،البيان والتبيين،1/ 75
  53. ()الخفاجي،ابن سنان الحلبي،سر الفصاحة،دار الكتب العلمية،بيروت،الطبعة الأولى:1976م،ص:43
  54. ()هو صاحب كتاب:في سيمياء الشعر القديم،دار الثقافة،دار البيضاء،المغرب،الطبعة الأولى:1989م
  55. ()حمداوي،د.جميل،التداوليات وتحليل الخطاب،مكتبة المثقف،الطبعة الأولى:2015م،ص:54-56
  56. ()ابن عاشور،د.طاهر،تفسير التحرير والتنوير،الدار التونسية للنشر،تونس،1986م،1/66
  57. ()شبل،د.عزة،علم لغة النص،مكتبة الآداب والنشر والتوزيع،مصر،الطبعة الأولى،بدون سنة الطباعة،ص:16
  58. ()الخطابي،محمد،لسانيات النص،المركز الثقافي العربي،الطبعة الأولى:1991م،ص:297
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...