Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Al-Milal: Journal of Religion and Thought > Volume 2 Issue 2 of Al-Milal: Journal of Religion and Thought

حديث أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا: دراسة في حرية الاعتقاد والفعل |
Al-Milal: Journal of Religion and Thought
Al-Milal: Journal of Religion and Thought

تمهيد

من أعظم الإنجازات المعرفية التي حققها العقل المسلم طوال تاريخه: إنشاء نظام دقيق ذي قواعد واضحة لاستنباط الأحكام من النصوص الشرعية، وهو المعروف لدينا بعلم أصول الفقه. ومن أدق مباحث هذا العلم: التعامل مع النصوص التي يبدو من ظاهرها تعارض بعضها مع بعض، بحيث يقول ظاهر أحد النصوص شيئا، ويقول الآخر خلافه، وكذلك التعارض بين ظاهر النص ومبدأ أو قاعدة كلية مستفادة من مجموعة من النصوص أو من الروح العام للدين كما تحدَّدَ لدى جمهرة علماء الشريعة.

ومن أسس حل هذه الإشكالات التي تعرض للفقيه والعالم في طريق استنباطه للأحكام وتفسيره للنصوص كما أوردها الأصوليون: البحث في صحة النصوص التي هذه حالها وإبعاد الضعيف منها لصالح الصحيح، فإن كانت كلها صحيحة – سواء تساوت في الصحة أو تفاوتت تفاوتا يسيرا – بحثوا في كون أحد النصين ناسخا للآخر، فإن لم يكن، نظروا في إمكان التوفيق بين النصوص المتعارضة ما دام ممكنا، وإلا أوّلوا أحد النصين لصالح الآخر، أو خرّجوا للنص الموهم - من خلال ملحظ شرعي ما – معنى يتفق مع الشريعة ونصوصها الأخرى؛ كما سيأتي معنا في الحديث موضوع هذه الدراسة وغيره.

وقد أدى تطبيق هذه القواعد إلى نشاط فقهي وعلمي واسع، وتنوعٍ في الآراء ووجوه الاجتهاد كبيرٍ؛ وهو ما نلحظ أثره جليا في كتب الفقه والتفسير وشروح الحديث بمختلف أبوابها ومدارسها. كما أدى تطبيق هذه الخطوات إلى حل كثير من الإشكالات التي وقفت في طريق العقل المسلم والحياة الإسلامية الفردية والجماعية، مستندا في ذلك إلى أصول وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.[1]

ولعل من أشهر النصوص التي لا تزال في حاجة إلى إزالة التعارض الموهوم بينها وبين غيرها من نصوص الشريعة وقواعدها المحكمة، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف الذي يقول في صدره: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله... الحديث"؛ ذلك الحديث الذي شغل العلماء قديما وحديثا، وألحت عليهم في سبيل فهمه مجموعة من الأسئلة؛ أهمها يدور حول جواز شن الحرب على الكفار في عمومهم بلا سبب منهم إلا مجرد الكفر، وهل جواز هذا – إن كان جائزا - يكون في حق جميع الناس، أو يستثنى فريق منهم؟ وهل من حقنا – سواء أقلنا بعموم أم خصوص لفظ "الناس" في الحديث – إكراه هؤلاء الناس على الإسلام بعد الانتصار عليهم؟

وهذه الدراسة هي محاولة للقيام بواجب الإجابة عن هذا من خلال المباحث التالية:

المبحث الأول: الصيغ الواردة للحديث.

الثاني: ما تعارض معه ظاهر الحديث من نصوص وقواعد.

المبحث الثالث: اتجاهات تفسير هذا الحديث.

المبحث الرابع: رأي في معنى الحديث.

الدراسات السابقة

أما الدراسات السابقة، فلم أعثر على دراسة مستقلة خاصة بهذا الحديث، وإن كان كثير من العلماء والمفكرين قديما وحديثا قد وقفوا أمامه، وهو ما سيظهر جليا في مصادري خلال البحث.

منهج البحث

وقد اخترت أن يكون منهجي هنا تحليليا نقديا يستفيد مما قيل من قبل في تفسير هذا الحديث، ثم يعرضه للاختبار ويناقش أدلة أصحابه، مستفيدا من عدة علوم، على رأسها أصول الفقه، ثم أصول التفسير، إضافة إلى علوم السنة رواية ودراية.

ولعل من أهم ما أوصي به هنا: الاستفادة من السياق التاريخي للنص الشرعي كتابا وسنة؛ وأعني به أسباب النزول وأسباب الورود الثابتة، في الوصول إلى الفهم الصحيح للنص، وإدراك المجال المعنوي الذي يتوجه إليه، دون أن نحصر تطبيقات الآية أو الحديث بالطبع في نطاق الحادث الذي ورد فيه؛ لأن العبرة – كما استقر عند الأصوليين – بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

المبحث الأول: الصيغ الواردة للحديث

من الأسس المهمة لفهم المقصود من النص الشرعي عموما: معرفة مختلف الصيغ التي ورد عليها إن تعددت صيغه، وهذا ينطبق على كثير من السنن النبوية؛ إذ قد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المعنى الشرعي بأكثر من صيغة، وقد يذكره في أكثر من سياق، وقد يختلف الرواة في لفظة من ألفاظ الحديث أو جملة من جمله، أو يذكر راوٍ دون آخر سببا لورود الحديث، أو حالا واكبته. ولا شك أنه يجب استصحاب هذا كله عند محاولة فهم النص أو استنباط الأحكام منه؛ إذ إن هذا أحرى بإصابة وجه الصواب.

وفيما يخص الحديث الذي معنا، فإنا نجده مرويا بصيغ مختلفة في الكتب الستة ومسند أحمد وصحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الأوسط وغيرها، وهي كبرى كتب السنة، عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي هريرة وأنس وأوس الثقفي وغيرهم رضوان الله عليهم.[2]

وتتلخص الصيغ التي جاء عليها الحديث فيما يلي:

أولا: روايته مجردا من السياق

فمن الرواة من ذكر الحديث قولا عاما غير مقرون بأي حدث أو مورد أو توظيف وظفه فيه صحابي أو تابعي، وقد يكون هذا الاختصار من فعل الصحابي، أو من تلاه من الرواة، أو من فعل المحدث صاحب الديوان الذي ورد فيه الحديث؛ على عادة بعضهم في تقطيع الحديث، أو الاكتفاء بجزء منه في هذا السياق أو ذاك. ومن أمثلة هذه الصيغة رواية البخاري في الإيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله".[3]

وفيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها، وصلّوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله".[4]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله، إلا بحقه، وحسابه على الله". رواه عمر وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم[5].

وعند مسلم عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه، وحسابه على الله".[6]

وفي رواية عند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله، فقد عصموا مني أموالهم وأنفسهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل".[7]

واختلاف الألفاظ وما يتبعه من ضيق واتساع المعاني في هذه الأحاديث واضح، مما يمكن إرجاعه بسهولة – في عموم روايات الحديث - إلى تعدد مرات نطق النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره لهذا الحكم. ويؤكده كثرة الرواة من الصحابة حتى بلغوا تسعة عشر راويا؛ منهم من بكّر بالإسلام – كالشيخين –، ومنهم من تأخر إسلامه إلى العام السابع والتاسع للهجرة؛ كأبي هريرة وأوس الثقفي رضي الله عنهم جميعا، ومنهم من كان كثير المرافقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم – كالسدوسي أبي هريرة -؛ ومنهم من كان قليلها – كالثقفي أوس.

وإن كان مجد الدين ابن الأثير قد لاحظ أن أبا عبد الرحمن النسائي قد أخرج الحديث بإسناد الإمام مسلم ولفظ الإمام البخاري[8]، فهذا لا ينفي تعدد موارد الحديث، وإن كان قد يقلل من عددها بحيث تنحصر كلها في أربع روايات أو ثلاث فقط.

والمجمل من هذه الروايات المختلفة – مهما تعددت مواردها - يُحمَل معناه على المفصل، والمبهم على المبيَّن، فمثلا يصبح قوله: "إلا بحقها" شاملا لكل حق كبير لله أو للناس من دم أو دِين أو عرض أو صلاة أو زكاة - كما سيأتي في فقه أبي بكر الصديق رضي الله عنه للحديث -؛ فهذا كله حق شهادة الإيمان مما لا يجوز للمسلم الفرد تركه، ولا يجوز لجماعة تدّعي الإسلام أن تجيش نفسها ضده كما فعل مانعو الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على قتالهم بعد نقاش بينهم - كما تجده مبينا في الفقرة التالية.

ثانيا: رواية الحديث في سياق الخلاف بين الصحابة في قتال مانعي الزكاة

فقد عزم أبو بكر رضي الله عنه على قتال مانعي الزكاة قتالَه للمرتدين؛ خوفا من أن تكون هذه سنة؛ أن ينتقصوا من الدين ما شاءوا فيُترَكوا هم وما أرادوا. إلا أن وزيره عمر رضي الله عنه لم ير التسوية بين مانعي الزكاة والمرتدين في المقاتلة، واستشهد على هذا بالحديث الذي معنا، فعن أبي هريرة قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، واستُخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه، وحسابه على الله"؟ قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق".[9]

وقد قال ابن الأثير في المقارنة بين اجتهادي الشيخين رضي الله عنهما في هذه المسألة: "فعمر نظر إلى أول الحديث، فاستدل به، ولم يعتبر آخره، وأبو بكر جمع بين أول الحديث وآخره؛ ولذلك سلّم إليه"عمر. وقد حسب الفاروق أن قوله "[10]إلا بحقه" مقصور فقط على عقوبة القتل وزنى الإحصان والردة، في حين توسع أبو بكر في المعنى، وقد ورد في رواية سابقة ذكر الزكاة على أنها "من حقه" تأييدا له.

وكلام الصدّيق يعني أن القتال مشروع ليس للردة فقط، وإنما لصاحب السلطة أن يقاتل كل من ينتقص من الدين، ويتخذ هذا موقفا فقهيا وفكريا. وهو؛ أي موقف أبي بكر موقف مبدئي مهم يحمي الدين – خاصة في عهده هذا المبكر – من أن يجور عليه الناس بالانتقاص منه.

ثالثا: رواية الحديث مقرونا بسبب الورود

وهذه الصيغة التي تفترض أن كثيرا من نصوص الشريعة قد ورد في سياقات اجتماعية استدعته، قد تكون هي نفس الحديث في صيغتيه السابقتين، أو هي حديث آخر مستقل، وفي كل الأحوال ستبقى هذه الصيغة التي معنا عمادا لمحاولة هذه الدراسة بيان مقصود الشارع بهذا النص الكريم؛ لأن تجريد النص من سياقه يجعل المستنبط يتوسع في فهمه له إلى أقصى درجة يسمح بها اللفظ واللغة، ما لم يجد مخصِّصا له من نص آخر، وفي حال وجود سبب لورود الحديث قد يستغني المستنبط عن أن ينظر في شيء خارج النص نفسه ليفهم مجال التطبيق الصحيح له.

ومما جاء من روايات هذا الحديث مقرونا بسبب الورود ما يلي:

روى الدارمي في السنن عن أوس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، قال: وكنت في أسفل القبة ليس فيها أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم نائم، إذ أتاه رجل فسارّه، فقال: اذهب فاقتله، ثم قال: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟" - قال شعبة: وأشهد أن محمدا رسول الله - قال: بلى، قال: "إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها، حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها"، قال: وهو الذي قتل أبا مسعود؛ قال: وما مات حتى قتل خير إنسان بالطائف".[11]

وروى أحمد عن أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فكنا في قبة، فقام من كان فيها غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فسارّه، فقال: "اذهب فاقتله". ثم قال: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟"، قال: بلى، ولكنه يقولها تعوذا. فقال: "ردَّه". ثم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها؛ حرمت علي دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها." [12]

وفي رواية أخرى لأحمد وابن ماجه عن أوس قال: إنا لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصُّفة، وهو يقص علينا ويذكّرنا، إذ جاءه رجل فسارّه، فقال: "اذهبوا فاقتلوه". قال: فلما ولى الرجل؛ دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أيشهد أن لا إله إلا الله؟"، قال الرجل: نعم يا رسول الله. فقال: "اذهبوا فخلوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها".[13]

وفي سنن النسائي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فسارّه، فقال: "اقتلوه"، ثم قال: "أيشهد أن لا إله إلا الله؟"، قال: نعم، ولكنما يقولها تعوذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتلوه، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله".[14]

والرواية هنا تدور على أوس الثقفي والنعمان بن بشير رضي الله عنهم، ويمكن إرجاع هذا إلى تعدد الحادثة التي ورد فيها الحديث على هذه الصورة بحيث روى كل من الصحابيين واحدة من هذه الحوادث، إلا أن ثمة رواية للنعمان من طريق أوس نفسه، مما يضعف احتمال التعدد؛ لذا ذهب العلماء إلى تخطئة الرواة في تحديد الصحابي في رواية النعمان بن بشير، فنقل ابن كثير عن شيخه المزي قوله: "ورواه أسود بن عامر عن إسرائيل عن سماك عن النعمان بن بشير، فأخطأ فيه"[15]، وقال الحافظ أبو بكر البزار من قبل: "وهذا الحديث إنما رواه سماك عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبيه، وقالوا: عن سماك عن النعمان بن سالم عن أوس بن أبي أوس، وأحسب أسود بن عامر أوهم في إسناده"[16]؛ أي في روايته عن إسرائيل عن سماك عن النعمان بن بشير.

وقد فطن الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي – الذي أورد رواية النعمان بن بشير - إلى هذا، فروى الحديث من عدة طرق أخرى ليس فيها أسود بن عامر، وليس في واحدة منها النعمان بن بشير كذلك.[17]

ويبدو أن منشأ الوهم هنا هو اشتباه اسم النعمان بن بشير بالنعمان بن سالم، وهذا الأخير طائفي له رواية عن أوس بن أبي أوس الثقي الطائفي أيضًا، ولسماك بن حرب رواية عن النعمان بن سالم كما في "تهذيب الكمال"[18]. ويؤكد أنه وهم كون النعمان بن بشير من صغار الصحابة وأولهم مولدا بعد الهجرة، وبعيدٌ لحدث مثله أن يشهد شيئا كهذا، وبعيد كذلك أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس به غلام صغير بقتل إنسان، وإن كان يستحق القتل.

مهما يكن، فإن رواية هذا الحديث مقرونا بهذا السبب للورود ثبت عن صحابي واحد فقط؛ هو أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه، وسيأتي مزيد كلام عنها وعن تأثير حال الصحابي في عدم اشتهارها - في حينه.

المبحث الثاني: ما تعارض معه ظاهر الحديث من نصوص وقواعد

إذن الحديث محل الدراسة هنا مما تواتر نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن رده من هذا الباب؛ أي باعتباره ضعيفا، وما صح ثبوته عن الشارع على العموم لا يمكن رده من أي باب، إلا أن يكون متأخرٌ قد نسخ متقدما، والبحث في النسخ تال على البحث في المعنى نفسه؛ أي أن اشتراك نصين في معنى على سبيل التعارض المظنون أو المتيقن هو الدافع إلى البحث في نسخ أحدهما للآخر، فيبقى أمامنا جانب المعنى الذي ينبغي أن نوجه الحديث إليه؛ ما عساه أن يكون؟

إن ظاهر الحديث؛ خاصة حين ننظر إلى لفظه مجردا من أي سياق: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا..." يفيد أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أمرا مطلقا بمقاتلة الناس – هكذا على العموم وبدون تخصيص – وعلة تلك المقاتلة هي كفرهم، والهدف هو أن يؤمنوا، فإن آمنوا توقف عن قتالهم؛ إذ صارت دماؤهم بهذا معصومة من سيفه. وبهذا يبقى مجال المعنى الذي يمكن توجيه الحديث إليه هو: أمر المسلمين بقتال الناس جميعا، وإكراه المغلوب أمامهم حينئذ على الإيمان؛ فهل هذا هو مراد الشارع حقا بهذا الحديث؟

إن جملة كبيرة من النصوص وبعض القواعد الشرعية العامة تناقض هذا الظاهر، فأما بالنسبة لمقاتلة الناس على العموم، فتخالفها نصوص المعاهدين وأهل الذمة، وأنهم لا يقاتَلون ما دام العهد بيننا وبينهم قائما وما داموا لم يخفروا الذمة. وأما الإكراه على الإيمان فتناقضه القاعدة الفقهية الجامعة: "الإكراه يسقط أثر التصرف فعلا كان أم قولا"، وترجع إلى مجموعة من النصوص أولها قول الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...﴾ [البقرة: 256]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه".[19]

وقد ذهب بعضهم إلى أن الإكراه ساقط في الأفعال وأكثر الأقوال لا كلها، وأنه يجوز إكراه الكافر المحارب على الإيمان،[20] اعتمادا على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل من بعض المشركين حين أمكنه الله منهم إلا أن يدخلوا في دين الله أو يقتلهم.

وتمسك كثير من غير المسلمين بمثل هذه الأحكام ليقولوا إن الإسلام يُكره الناس على اتباعه، وشاعت فكرة أن الإسلام انتشر بالسيف وحَدِّه. وكل هذا ناتج عن قراءات غير صحيحة لتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم؛ فما هذه التصرفات؟ وكيف نقرؤها؟

تتمثل هذه التصرفات فيمن لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم إلا الإسلام أو القتل، مثل بعض طلقاء الفتح وأمثالهم. والحقيقة أن ما جرى في هذه التصرفات ليس إكراها من أي وجه، بل هو نوع من المنّ على من حق عليه القتل بسبب جرم وقع منه، ومثاله: أبو سفيان صخر بن حرب الذي لم يُقبَل منه عند الفتح إلا الإسلام أو القتل؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال في حديث إسلام أبي سفيان: "غدوتُ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟! قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما والله لقد كاد يقع في نفسي أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئًا بعد! قال: ويلك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تشهد أني رسول الله؟! قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما والله هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئا! قال العباس: قلت: ويلك، أسلم، واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن تُضرب عنقك، قال: فشهد شهادة الحق وأسلم".[21]

وبيِّنٌ أن هذا ليس إكراها من أي وجه، بل قد استحق الرجل القتل أصلا بسبب نقضه عهدَ الحديبية وغيره من الأعمال المعادية للإسلام، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم العفو عنه مقابل إسلامه، فكان هذا استصلاحا نبويا عظيما للرجل حتى حسن إسلامه، ولو قتله النبي صلى الله عليه وسلم يومها لمات على الكفر.

ولو صح أن هذا إكراه، لكان القتل المحتمل لأبي سفيان عقوبة على عدم إسلامه، ولم يقل بهذا أحد، بل لو كان قتله النبي صلى الله عليه وسلم أو قتل غيره ممن أمكنه منهم من الكفار المحاربين له عند الفتح، لكان هذا عقوبة على نقضهم عهد الحديبية بمساعدة قريشٍ بَكرا على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولطول عداوتهم للإسلام وإخراجهم المؤمنين من ديارهم، وتحالفهم ضد المسلمين، وتدويخهم في الحرب والقتال حوالي ثماني سنوات، وهذا ظاهر تماما.

ويؤكد صحة هذا أن بعض كفار قريش أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه عند الفتح من أول مرة، ولم يعرض عليهم الإسلام أصلا؛ لضخامة جرائمهم في حق الإسلام والمسلمين، أو لمخالفتهم مقتضى المروءة في مخاصمتهم للإسلام؛ ومنهم: عبد الله بن سعد بن أبي السرح الذي كان كاتبا للوحي مؤتمنا عليه، ثم ارتد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على قتله – لا على إيمانه - حين شفع فيه بعض الناس عنده، ففي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يحكي أمر من أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمهم يوم الفتح: "وأما ابن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثا؛ كل ذلك يأبى عليه، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: "أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟!"، فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك! قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".[22]

ويؤيد هذا المعنى أيضًا حديث إسلام ثُمامة بن أُثال الحنفي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما عندك يا ثمامة؟". فقال: عندي خير يا محمد؛ إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فتُرك حتى كان الغد، ثم قال له: "ما عندك يا ثمامة؟". قال: ما قلت لك؛ إن تنعم تنعم على شاكر. فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: "ما عندك يا ثمامة؟". فقال: عندي ما قلت لك. فقال: "أطلقوا ثمامة". فانطلق إلى نجل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله... الحديث"[23]، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله، مع أنه لو قتله لقتل "ذا دم" مستحقا للقتل كما ذكر، ولم يكرهه على الإسلام كذلك، بل عفا عنه تماما، فأسلم الرجل من تلقاء نفسه.

ولا ينبغي أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه أملا في إسلامه، وإنه لم يكرهه على الإسلام مباشرة، وإنما أدخله عليه من باب رفيق دقيق، والنتيجة واحدة؛ أقول: لا ينبغي أن يقال هذا؛ لأن مجرد العدول عن الإكراه المزعوم يعني أنه لم يوجد أصلا باعتباره بديلا عن القتل، بل إن إسلام مَن حق عليه القتل من المحاربين هو باب لنجاته من القتل في الدنيا والنار في الآخرة.

مهما يكن، فإن مَن حكم بأن الإكراه جائز في الإيمان أو غيره، فعليه بالدليل، ولا نجد بابا يجوز فيه الإكراه إلا ما يقع فيه إهدار للحقوق مع القدرة على أدائها، فيُكرَه المدين مثلا على سداد دينه، والزوج على النفقة على أهله وعياله، وهكذا سائر الممتنعين عن أداء حق واجب من حقوق العباد وهم قادرون على أدائه.

يبقى إذن وجود التعارض بين ظاهر حديث "أمرت أن أقاتل الناس" وبين ثوابت وأصول ونصوص شرعية واضحة تتعلق بالمسالمة والموادعة، فهل وقع النسخ عليه بهذه النصوص؟ زعم بعض العلماء هذا[24]، إلا أنه ينقض قولهم استشهاد أبي بكر رضي الله عنه بالحديث حين أزمع قتال مانعي الزكاة، وقد وقع هذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يعني أنه لا يمكن أن يكون قد تجدد عليه النسخ.

فهل يمكن أن تكون هذه النصوص هي المنسوخة والحديث وما شابهه من نصوص الشرع محكما، وتنتهي المشكلة بالأخذ بظاهر الحديث؟ اتسع بعض العلماء فعلا في ادعاء نسخ أحكام القتال المتأخرة لما سبقها من أحكام خاصة بالصفح وعدم الاعتداء وعدم المبادرة بالقتال، خاصة بما سُمِّي آية السيف، وهو قول الله تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ...﴾ [التوبة: 5]، أو قوله سبحانه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]، لكن فريقًا آخر رأى أن المسألة مسألة تخصيص للعموم، خاصة أنه "متى لم يقع التنافي بين الناسخ والمنسوخ لم يكن نسخ"[25]، فالشريعة على أن الإحكام هو الأصل في نصوص الأحكام المتقدمة والمتأخرة على السواء، ما لم يقع التنافي بين حكم متقدم وآخر متأخر، فإن أمكن الجمع بينهما – كما سبق تقريره - فبها، وإن أمكن تخصيص المتقدم بالمتأخر كان ذلك أولى من القول بالنسخ، ولا يصار إلى النسخ إلا بعد العجز عن الجمع أو إثبات التخصيص، مع ثبوت شيء يدل على هذا النسخ من تقدم وتأخر برواية أو قرينة. ولهذا يجزم الإمام الطبري قائلا: "لم تصحّ حجةٌ بوجوب حكم الله في المشركين بالقتل بكل حال".[26]

وقد علق ابن رجب الحنبلي رحمه الله على بعض الأقوال المروية عن السلف في نسخ نصوص الرفق؛ خاصة ما روي عن سفيان بن عيينة رحمه الله أنه قال: "كان هذا (أي الرفق) في أول الإسلام قبل فرض الصلاة والصيام والزكاة والهجرة"؛ علق ابن رجب على هذا قائلا: "وهذا ضعيف جدا، وفي صحته عن سفيان نظر؛ فإن رواة هذه الأحاديث إنما صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وبعضهم تأخر إسلامه، ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم: "عصموا مني دماءهم وأموالهم" يدل على أنه كان عند هذا القول مأمورا بالقتال".[27]

وفي عصرنا هذا استخرج أحد العلماء شروط النسخ لكي يقع ويثبت ثبوتا صحيحا، منتفعا في هذا بما سجله أهل العلم خلال العصور، وهذه الشروط هي: أن يكون الناسخ والمنسوخ حُكمين شرعيين عمليين جزئيين، وأن يتأخر نزول الأول عن نزول الثاني، وأن يتمكن المكلَّفون من العمل بالمنسوخ قبل أن يُنسَخ، وأن النسخ لا يقع على الإجماع والقياس وإنما يقع فقط على نص الشارع، ولا يثبت النسخ إلا توقيفا لا باجتهاد ولا رأي.[28]

وبناء على هذا فإن منع الإكراه، بوصفه قاعدة أو حكما كليا، وبالنظر إلى نص الآية الكريمة: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...﴾ لا يقع على مثله النسخ، كما أننا لا نجد شيئا موقوفا يفيد أن الحديث محل الدراسة نسخه شيء، فهو ليس ناسخا لشيء من الأحكام، وكذلك ليس منسوخا بشيء منها؛ لذا أورد الإمام الشافعي رحمه الله بعض نصوص الشريعة، ومنها هذا الحديث، ونفى أن يكون بينها تناسخ على ما يبدو بينها من التعارض الظاهر.[29]

على أي حال، لقد استقر في القواعد الشرعية العامة أن "الإكراه يُسقط أثر التصرف" شرعا، وأن "الاضطرار لا يبطل حق الغير"، ومن حقوق الغير: البقاء على ملته أو الانتقال عنها حسب اختياره، ولا ينبغي إكراهه على اتباع ملة أو تركها؛ لا بالحرب ولا غيرها.

المبحث الثالث: اتجاهات تفسير هذا الحديث

كثر كلام العلماء قديما وحديثا في توجيه هذا الحديث، ويمكن أن نلاحظ اتجاها علميا عاما بينهم لمحاولة دفع الإيهام عنه بأن ظاهره هو المقصود؛ أي شن الحرب العامة على غير المسلمين بلا سبب غير الكفر حتى يدخلوا في دين الله مكرهين، في حين ظهر اتجاه آخر؛ خاصة في عصرنا هذا، يوجه الحديث إلى ظاهر معناه، وإن كان في أغلبه اتجاها غير علميا.

وممن خاض في بيان المقصود بهذا الحديث من علماء عصرنا: الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله؛ وذلك في سياق رده على من اعتبر أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو الحرب؛ اتكاء على مجموعة من النصوص منها حديثنا هذا، فذكر المطعني أن جمهور العلماء على أن الحديث خاص بمشركي العرب، وأضاف الباحث ما يعلل به ترجيح رأي الجمهور فقال: "وإنما خُص مشركو العرب بهذا التضييق؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب ، وعلى رجل منهم يعرفون فضله وشرفه منذ الطفوله، فلا عذر لهم في رفض الإسلام، ولا شبهة تحول بينهم وبينه؛ بدليل أن قريشا سارعت إلى الإسلام عام الفتح عن بكرة أبيها لما رأت دلائل الحق فيه أظهر من الشمس، إذن فمن بقي منهم على شركه بعد هذا الوضوح، فليس له إلا السيف؛ لأنه معاند مكابر".[30]

وفيما يلي أبين رأي هذين الاتجاهين؛ أي القائلين بالتخصيص والقائلين بالعموم:

الاتجاه الأول

هذا موقف جمهور العلماء قديما وحديثا، فقد ذهب بهم الرأي إلى القول بأن لفظ "الناس" في الحديث خرج مخرج العموم والمقصود به الخصوص مما يشبه الخروج من دلالة المطابقة إلى دلالة التضمن عند المنطقيين، لكنهم اختلفوا في تحديد هذا الخصوص والمقصود به على وجهين كما يلي:

  1. المخصوص بلفظ "الناس" هم المشركون وعبدة الأوثان دون أهل الكتاب: وممن ذهب إلى هذا من القدماء: الإمامُ الشافعي محمد بن إدريس رحمه الله؛ إذ يصف هذا الحديث وما شابهه بأنه "من الكلام الذي مخرجه عام يراد به الخاص، ومن المجمل الذي يدل عليه المفسَّر، فأَمْر الله بقتال المشركين حتى يؤمنوا - والله تعالى أعلم - (هو) أَمْرُه بقتال المشركين من أهل الأوثان، وهم أكثر من قاتل النبي صلى الله عليه وسلم"، وخلص من هذا إلى أن "حديث أبي هريرة (يعني حديث: أمرت أن أقاتل...) في أهل الأوثان خاصة".[31]

وقد حاول أتباع الشافعي دعم هذا الرأي بالنص، فقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله: "(أقاتل الناس) أي: المشركين؛ لخبر النسائي: "أمرت أن أقاتل المشركين"، والمراد بهم: من لا أمان له، فالحديث من العام المخصوص"[32]، فخصص لفظ "الناس" بلفظ "المشركين" في رواية النسائي، ثم خصص "المشركين" بمن لا عهد له مع المسلمين؛ بناء على إيجاب الشريعة الوفاء بالعهود.

وقد استشكل الحافظ ابن حجر على هذا بأن لفظ "المشركين" في هذه الرواية لا يستثني المعاهَدين، مع أنهم مستثنون من حكم المقاتلة بالفعل، وأجاب قائلا: "الممتنع في ترك المقاتلة رفعها لا تأخيرها مدة كما في الهدنة"[33]؛ أي أن المعاهدين لهم مدة ينتهون إليها، ثم يجوز بعدها قتالهم - كما يفهم من كلام الحافظ.

وبناء على هذا الرأي، وباعتبار أن مآل المعاهدين هو إلى انتهاء مدتهم، فإنه لا يخرج من عموم "الناس" في الحديث إلا أهل الكتاب؛ اعتمادا على أن لهم حكما خاصا، وهو أن عليهم – إن وقعت الحرب بيننا وبينهم وأمكننا الله منهم – الجزية، أو يلزمهم الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]، فالآية خصصت عموم هذا الحكم حسب هذا التوجيه للحديث.

  1. ذهب علماء آخرون إلى أن المخصوص بالناس في الحديث هم مشركو العرب وحدهم، لا عموم المشركين، وقد ذكر الحافظ العراقي هذا الرأي، وإن لم يوافقه وتابع إمامه.[34]

والحقيقة أن كثيرا من المعاصرين يرون هذا الرأي، ومنهم الدكتور المطعني – كما سبق – والشيخ محمد الغزالي رحمه الله، الذي ألح كثيرا على توجيه الحديث هذه الوجهة وفي عدة كتب له، ومن ذلك قوله: "كلمة "الناس" في الحديث تعني الوثنيين العرب وحدهم"، والتمس تعليلا لهذا التخصيص بقوله: "إن عبدة الأصنام وغيرهم لا يمكن حرمانهم من حرية التدين، وقد قال الله تعالى لهؤلاء الوثنيين - وهم أول من واجه الدعوة -... ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ [الأنعام: 104]. أما الحديث فهو يتناول ناسا معينين، نقضوا كل عهد، ورفضوا كل حرية، وكرسوا جهودهم وثرواتهم للقضاء على الإسلام ورجاله".[35]

وفي بيان أوسع لسياسة الإسلام مع مشركي العرب قال الشيخ في موضع آخر وفي سياقٍ تناول فيه هذا الحديث كذلك: "وقد مُنح هؤلاء أربعة شهور؛ يراجعون أنفسهم، ويصححون موقفهم، فإن أبوا إلا القضاء على الإسلام، وجب القضاء عليهم. وقد فصلت سورة براءة هذه القضية فى أوائلها: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 4]. أما من نصبوا أنفسهم لحرب الله ورسوله وعباده إلى آخر رمق، فلا يلومون إلا أنفسهم"، ثم تساءل الشيخ: "لماذا جاءت كلمة الناس عامة فى الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس"؟ وأجاب بأن هذا أسلوب معهود في القرآن الكريم؛ أن يُستخدَم اللفظ عاما ويراد به الخصوص، وذكر من ذلك قول الله تعالى، وفيه لفظ "الناس" تحديدا: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]، وقوله تعالى: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ [النصر: 2].[36]

ولم يقصد الشيخ التعليل بحرفيته هنا، وإنما فسر الأسلوب الوارد على أن "الــ" ترجع إلى معهود لدى السامع، وإلا فإنه يمكن تعليل استعمال لفظ "الناس" في آية آل عمران عاما مرادا به الخاص بأنه يريد القول بأنه مهما قال الناس؛ بعضهم أو كلهم، هذا الفريق منهم أو هذا الفريق، فإن المؤمن يرى أن مولاه تعالى كافيه وهو حسبه ونعم الوكيل.

وأما آية سورة النصر، فقد جاء لفظ "الناس" فيها كذلك عاما يُراد به الخاص كناية عن كثرة الداخلين في دين الله تعالى بعد فتح مكة، وأن هذا مدعاة لذكر الله تعالى وشكره على نعمائه وفضله شكرا وذكرا كثيرا، وهي كذلك إشارة لطيفة إلى أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم قد قاربت الانتهاء والوصول إلى الغاية.

وبناء على هذا الرأي، فإن الخارج من عموم لفظ "الناس" الوارد في الحديث هم كل الناس، إلا مشركي العهد الأول من العرب؛ بسبب ما فعلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من اضطهاد وتعذيب وحرب استئصالية لهم ولدينهم.

وتبعا لهذا، فقد توقف عمليا تطبيق هذا الحديث النبوي منذ انتصر الإسلام بحسم على الوثنية العربية في الجزيرة؛ إلا أن يقاس عليهم ما يمكن أن يجدّ من مشركين في الجزيرة لهم شوكة يمكن أن يقاتلوا بها أهل الإسلام – لا قدر الله.

الاتجاه الثاني

ويذهب أصحابه يرجحون القول بعموم لفظ "الناس" في الحديث، وأكثرهم من الهواة وغير المختصين بعلوم الشريعة عن كفاية وتمكن، وفيهم يقول الشيخ محمد الغزالي بحق: "رأيت فريقًا من الناس يخدعه الظاهر القريب في هذا الحديث، فيتوهم أن الرسول يشُنُّ حربًا شاملة على البشر، ولا يزال يحاربهم حتى ينطقوا بالشهادتين".[37]

وكل الاتجاهات المتشددة التي قدمت الإسلام على أنه دين مقاتل لا مبادئ ولا أخلاق له، لا دين سلام وجهاد بصير واع في سبيل الله لحماية الأرض والعرض والدعوة إلى دين الله تعالى – ممثلو هذه الاتجاهات هم من أصحاب هذا التفسير للحديث، واعتبار أن القتال موجه إلى عموم الناس بلا استثناء ولا شرط إلا كونهم كفارا في نظرهم.

ومن العلماء المعاصرين الذين قالوا بقريب فقط من هذا الرأي: الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وإن لم يطابق ما ذهب إليه أصحاب هذا الرأي تماما، فقد عقّب على الحديث النبوي الذي يشغلنا أمره في هذه الدراسة بقوله: "فهذا الحديث أصل وقاعدة في جواز مقاتلة الناس، وأنه لا يجوز مقاتلتهم إلا بهذا السبب"، ومن فوائد الحديث التي استخرجها منه: "وجوب مقاتلة الناس حتى يقوموا بهذه الأعمال".[38]

المبحث الرابع: رأيٌ في معنى الحديث

فرغنا فيما سبق من نفي جواز الإكراه في الدين بهذا الحديث أو غيره ومخالفة من قال بهذا، وبقي لنا فحص التخريجين الأخيرين لمعنى الحديث والمقصود بـ "الناس" فيه، ومعرفة ما اتفقا فيه وما اختلفا، وفي هذا السبيل نجد أن العجيب ليس في تضادهما في حمل لفظ "الناس" على العام مرة وعلى الخاص أخرى، فهذا خطبه يسير؛ ولكن في أنهما اتفقا على اعتبار أن الإشكالية التي احتاجت إلى حل في الحديث هي: هل يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أُمر بشن الحرب على الناس كافة، في ظل وجود نصوص صريحة تعارض ذلك؟ فمنهم من نفى، ومنهم من أثبت، دون أن تكون هذه هي المشكلة في الحقيقة.

وبعبارة أخرى: إن كلا الرأيين فيه نظر؛ لا لأن هناك حالة ثالثة للفظ "الناس" غير كونه عاما أو خاصا، ولكن لأنه لا علاقة للحديث بالإكراه على الإيمان من قريب ولا بعيد حتى نبحث عن تخصيص للفظ "الناس"، أو نأخذه على عمومه، مستثنين إكراه الكافر على الإيمان من المنع الشرعي. بل موضوعه الصحيح هو وجوب إيقاف الحرب حين يسلم الخصم الكافر، وسآتي بأدلة على هذا، ولكن بعد أن أورد بعض آراء من قال بما يشبه هذا المعنى من العلماء، مما يمثل اتجاها ثالثا في تفسير الحديث.

فقد أشار إلى هذا الرأي من بعيد إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى في ترجمته لأول ورود للحديث في صحيحه، وهو في كتاب الإيمان حيث ترجم للباب بقول الله تعالى كما سبق تخريجه: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ...﴾، فجعل أصل الدلالة في الحديث على منع المقاتلة حين يعلن الخصم الإسلام.

وحاول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن يبين العلاقة بين الآية والحديث، فقال في "الفتح": "إنما جُعل الحديث تفسيرا للآية؛ لأن المراد بالتوبة في الآية الرجوع عن الكفر إلى التوحيد، ففسره قوله صلى الله عليه وسلم: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"[39]، وهذا يعني أن الإيمان مانع من استمرار المقاتلة عند قيامها.

وقد ورد الحديث في مواضع أخرى من صحيح البخاري، يهمنا منها هنا إيراده إياه وحده في "باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة"، وهذا التوظيف يوافق رأي أبي بكر واجتهاده رضي الله عنه في أن الامتناع عن أركان الإسلام يوجب المقاتلة كما أوجبتها الردة العامة عن الملة، ولا علاقة له بالإكراه.

وكذلك وظف الإمام النسائي الحديث في سننه أكثر من عشرين مرة في أبواب: مانع الزكاة، ووجوب الجهاد، وتحريم الدم، وغيرها، وأكثر ما أورده منها كان في باب "تحريم الدم"، مما يشي بأنه أدرك أن الحديث ليس في المقاتلة العامة التي لا ضابط لها، ولكنه في العفو عمن استحق القتل أو المقاتلة فشهد شهادة الإسلام، وأن حكم الدين فيه هو وجوب التوقف عن قتله ومقاتلته.

ومن العلماء الآخرين الذين كانوا أكثر صراحة – ولكن بدون تفصيل أيضًا – في الوقوع على هذا المعنى للحديث: الشيخ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى، فهو يقول: "وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة"؛ مراده قتال المحاربين الذين أذن الله في قتالهم؛ لم يرد قتال المعاهدين الذين أمر الله بوفاء عهدهم"[40]، فوصف هؤلاء المحاربين بأن الله "أذن في قتالهم"؛ يعني أن لفظ الناس والحكم المذكور معه عام في كل من أتى فعلا يوجب قتاله، فإن أسلم وجب الكف عنه.

وقال الشيخ في موضع آخر بعد أن ذكر الحديث: "هو ذكر للغاية التي يُباح قتالهم إليها، بحيث إذا فعلوها حَرُم قتالهم. والمعنى أني لم أؤمر بالقتال إلا إلى هذه الغاية، ليس المراد أني أُمرت أن أقاتل كل أحد إلى هذه الغاية، فإن هذا خلاف النص والإجماع، فإنه لم يفعل هذا قط، بل كانت سيرته أن من سالمه لم يقاتله"[41]، فــ "حتى" في الحديث ليست للتعليل، وإنما هي لتحديد الغاية التي يجب أن يتوقف القتال عندها إذا حصلت، وهي أن يشهد هؤلاء الخصوم – الذين قاتلناهم لسبب مشروع كعدوان أو نقض عهد - شهادة الإسلام، فالقتال هنا ليس قتالا مفتوحا، بل هو بسبب من عدوان أو تحريض أو ما شابه ذلك، ويتوقف إن أسلم المحارب.

كما استدل ابن تيمية بقول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ...﴾ على أن غاية القتال لا أن يسلم الكافر، بل أن تنكسر شوكته، فلا يكون لهم قدرة على فتنة المسلمين في دينهم. وهذا يعني أن الحرب لا تُشَن في الإسلام لإرغام الناس على الإسلام، يقول: "الفتنة أن يُفتن المسلم عن دينه، كما كان المشركون يفتنون من أسلم عن دينه... وهذا إنما يكون إذا اعتدوا على المسلمين، وكان لهم سلطان، وحينئذ يجب قتالهم (حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ)؛ حتى لا يفتنوا مسلما، وهذا يحصل بعجزهم عن القتال، ولم يقل: وقاتولهم حتى يسلموا. وقوله: (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)، وهذا يحصل إذا ظهرت كلمة الإسلام، وكان حكم الله ورسوله غالبا، فإنه قد صار الدين لله. ويدل على ذلك أنا إذا قاتلنا أهل الكتاب، فإنا نقاتلهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله، وهذا المقصود يحصل إذا أدوا الجزية عن يد وهم صاغرون."[42]

والحقيقة أن هذا هو المعنى الدقيق للحديث؛ إذ لا علاقة له بالإكراه أبدا، ولا نحتاج معه إلى تأويل اللفظ النبوي أو القول بتخصيص "الناس" استنادا إلى قاعدة أو نص آخر، بل لفظ الناس في الحديث عام؛ على معنى أن أي فريق من الناس قاتلتموه لسبب أقرته الشريعة، ثم شهد بشهادة الإسلام، فعليكم أن تكفوا القتال عنه.

إلا أن الواضح هو أن الشيخ قد مس المعنى مسا خفيفا، ولم يسق عليه من الدليل إلا قوله بأن خلافه يناقض النص والإجماع، غير أن المسألة بحرها أوسع من هذا الإجمال بكثير، وهو ما أوضحه في النقاط التالية:

أولا: بيان معنى الحديث من خلال البحث في سبب وروده

اشتهر عند الأصوليين أن العبرة في فهم النص الشرعي هي بعموم لفظه لا بخصوص سببه. وحَسِب بعض الناس أن هذه القاعدة تلغي تأثير سبب النزول والورود في فهم النص وتوجيهه تماما. والقاعدة صحيحة لا غبار عليها، إلا أن الزعم بأنْ لا تأثير لسبب النزول والورود في توجيه النص ليس بصحيح، فكثيرا ما كان السلف الأولون أنفسهم يحتجون بسبب النزول والورود كي يحددوا المجال الذي يطبق فيه النص ويفهم على أساسه، فهذا التابعي الجليل عروة بن الزبير يقول لخالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - وهو حديث السن - عن قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا...﴾ [البقرة: 158]؛ يقول: "لا أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما! فقالت عائشة: كلا، لو كانت كما تقول كانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما. إنما أنزلت هذه الآية فى الأنصار؛ كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قُدَيد، وكانوا يتحرجون أن يطُوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ...﴾[43] الآية، فهنا صرف سببُ النزول العقلَ عن معنى غير مراد إلى معنى آخر هو المراد، أو حدد سبب النزول الجهة التي يتجه إليها العقل وهو يتبين معنى الآية.

فإطلاق معنى النص الشرعي من قيود النزول والورود تماما يؤدي إلى فهمه على غير وجهه أحيانا كما نرى هنا، وعلى النقيض من هذا فإن حبس النص في سبب نزوله ووروده وحده لا يتجاوزه يهدر طاقته المعنوية، ومن أمثلة هذا ما ذهب إليه بعض العلماء من قوله: "وأما قوله سبحانه وتعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، فإن حكم الآية مقصور على ما نزلت فيه من قصة اليهود، وأما إكراه الكافر على دين الحق فواجب، ولهذا قاتلناهم على أن يسلموا أو يؤدوا الجزية، ويرضوا بحكم الدين عليهم."[44]

وقد بحث بعض العلماء المعاصرين في موضوع فوائد أسباب النزول – ولا تختلف عنها في هذا أسباب ورود الحديث – وتأثيرها على فهم النص، ومما يهمنا من هذه الفوائد اعتباره منها: "الاستعانة (بالسبب) على فهم الآية ودفع الإشكال عنها،"[45] وساق على هذا عدة أمثلة؛ منها خبر عروة بن الزبير السابق، ولو شئنا أن نحدد كلام الشيخ أكثر، لقلنا: إن سبب النزول الثابت – ومثله سبب الورود – قد يحدد مجال تطبيق النص؛ أي أنه يخصص مجاله، ويرفع عنه العموم من هذه الناحية، دون أن يخصص لفظه ويقصره على الحادثة التي وقع فيها، فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس..." مجردا هكذا، ليس له – في حدود المعنى العام لألفاظه - مجال محدد يطبق فيه لو قلنا بعموم اللفظ عموما يشمل كل مجال يمكن أن يتعلق به، فيأتي هنا سبب الورود ليقول لنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الكلام في ظرف بعينه، والظرف لن يمنع عموم لفظ النص، ولكنه سيحدد مجال تطبيقه؛ أي سيخرجه عن حالة الشخص الذي ورد فيه إلى كل حال مشابهة إلى يوم الدين، وكأنه سينقلنا من نوع معنى إلى نفس نوع المعنى.

ولو شئنا أن نكون أكثر تحديدا، فإن الوقوف مع مجرد اللفظ في النص الشرعي عموما قد يوقعنا في إشكالية الفهم الخطأ له، ففي صحيح الإمام مسلم رحمه الله عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال (أي دعوة العدو إلى الإسلام)، قال: فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارّون وأنعامهم تسقي على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى سبيهم..."[46] الحديث، ففهم هذا الوصف لغزوة بني المصطلق من مجرد هذا اللفظ يوحي بأن النبي صلى الله عليه وسلم باغتهم بدون سبب إلا مخالفة عقيدتهم للإسلام، وأنه يجوز مباغتة أي أحد هذه صفته بالحرب. لكن حين نعلم أن هؤلاء القوم كانوا يجهزون لحرب النبي صلى الله عليه وسلم[47]، وأنهم من الأحابيش[48] حلفاء قريش في كيدها وحربها للإسلام، وكانوا يقطنون بقديد على طريق مكة نحو المدينة - حينها نعلم أن المباغتة كانت هي الخطة الحربية التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لمنع شر القوم وقتالهم وهم في ديارهم، وأنها لم تكن لكونهم كفارا.

فعدم استحضار المناخ العام للأحداث، وعدم استصحاب الظروف الكلية التي جرى فيها هذا الحدث الجزئي، هو الذي أدى إلى هذا التفسير الذي يحتاج إلى مزيد من الفحص والتقويم عند من يأخذ به.

وإذا رجع بنا الكلام إلى الحديث النبوي الذي خصصنا له هذه الدراسة، فإنه قد رُوي له سبب نزول بطريق صحيح، إلا أنني لم أجد من العلماء من استأنس به في حل الإشكال المتعلق به، ومع أنهم استعانوا برواية "أمرت أن أقاتل المشركين" - كما سبق - في تخصيص لفظ الناس، وانتبهوا إلى هذا الفرق في التعبير، إلا أنهم لم يستعينوا بسبب الورود في حل إشكالية هذا الحديث الشريف التي وقفوا أمامها.

ولعل أسباب الورود والنزول من أبواب العلم التي وقع لها شيء من الغبن في تفاسير القرآن وشروح السنة؛ أعني أنه لم يُستفد بها في بعض الأحيان في رفع الإشكال عن بعض النصوص. وقد يرجع هذا إلى قلة ما هو ثابت صحيح منها، وربما إلى تحرج بعض العلماء من القول بتخصيص القرآن بالسنة لو خصصناه بسبب نزولٍ مروي رواية السنن.

وهذه الإشكالية؛ أعني عدم توظيف سبب الورود في فهم الحديث ظاهرة فيما يخص حديث "أمرت أن أقاتل..."؛ فإن أهم رواية له مقرونا بسبب الورود جاءت في مسند أحمد، ومعروف إشكالية المسند وترتيبه وصعوبة التعامل معه، وقلة من حفظه من العلماء قياسا إلى الصحيحين وبقية الكتب الستة وكثرة من قلّب النظر فيها وأعاده، وشرحها، وألف في رجالها، وغير ذلك.

كما أن الصحابي الذي روى الحديث مقرونا بسبب وروده (أوس بن أبي أوس الثقفي) ليس مشهورا شهرة رواته الآخرين من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، كابن عمر وأبي هريرة وأنس، فمسنده يأتي ضمن مسند المقلين أصلا، وشهرته قليلة كذلك، والمشهور من الصحابة يلقى من الرواة عنه ما لا يلقاه قليل الشهرة، وسيأتي مزيد كلام عن هذا بعد سطور قليلة.

مهما يكن، فقد وثّق رواة السنة الظرف – أو على الأقل أحد الظروف – التي نطق فيها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، وجاء هذا في رواية أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه عند أحمد وابن ماجه والدارمي وغيرهم، ونعيد هنا إيراد رواية أحمد للحديث لحاجتنا إلى التأمل فيها بدقة، فعن أوس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف (أي حين أسلموا)، فكنا في قبة، فقام من كان فيها غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فسارّه، فقال: اذهب فاقتله. ثم قال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولكنه يقولها تعوذا. فقال: رده. ثم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها؛ حرمت علي دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها".

التعريف بالصحابي راوي الحديث

ولا شك أن معرفةً أكثر بالصحابي الراوي هنا تعين كثيرا على فهم أكبر قدر ممكن من الظروف التي أحاطت بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..."؛ فمن يكون أوس هذا؟

ثمة ثلاثة أسماء ترد في معاجم الصحابة وكتب الرواية اختلف العلماء في كونها لشخص واحد أو أكثر، وهم: أوس بن أوس، وأوس بن أبي أوس، وأوس بن حذيفة الثقفي. ورجح بعض العلماء - من خلال الروايات المسندة إلى أصحاب هذه الأسماء الثلاثة - أن يكون الثاني والثالث منهم شخصا واحدا، وأن حذيفة هو اسم أبي أوس، وذكروا أن له روايات في كتب السنة، منها حديثه أنه كان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني مالك الثقفيين، فأنزلهم في قبة بين المسجد وبين أهله، فكان يختلف إليهم فيحدثهم بعد العشاء الآخرة([49]، وهذا الوفد نفسه هو الذي وقع معه سبب ورود الحديث كما في رواية أحمد المذكورة.

ومن الواضح أن طبيعة شخصية أوس بن حذيفة (الذي كني أبوه به فقيل له: أبو أبوس) وحياته كان لهما تأثيرهما في عدم اشتهار روايته للحديث الذي معنا، فهو رجل مقلٌّ من الرواية، ولم تطل مرافقته أصلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لإسلامه متأخرا مع قومه كما سيأتي، ولملازمته الطائف بعد إسلامه كما يُفهَم من سيرة ابنه عمرو بن أوس الذي لزم هذه المدينة الحجازية القريبة من مكة.[50]

ويبدو كذلك أن أوسا رضي الله عنه لم يُعمَّر بعد إسلامه طويلا، فقد ذُكِر ابنه عمرو على أنه "تابعي كبير"[51]، وبعيد أن يكون الكبر هنا راجعا إلى كثرة مروياته؛ لأنها ليست كثيرة، أو بروزه – على جلالة قدره - بين التابعين بروزا خاصا، وإنما هو راجع إلى علو سنه كما هو مفهوم من مصطلح "تابعي كبير" عند المحدّثين[52]، وبالأولى علو سن أبيه أوس، حتى ذكر ابن حجر أن هناك من اعتبر عمرا من الصحابة، والصحيح كما جزم الحافظ في "الفتح" أنه ليس منهم.[53]

كما أن هناك عوامل أخرى تسهم في ذيوع رواية الصحابي أو التابعي غير المشهور، ومنها أن تُرزَق الرواية في طبقاتها المتقدمة راويةً ثقة مشهورا أو أكثر، ومن هذا ما جرى لرواية عمرو بن أوس نفسه لحديث إرداف عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما عائشة رضي الله عنها حتى أعمرها من التنعيم، فقد رواه عن ابن أوس التابعيُّ الثقة عمرُو بن دينار (المولود سنة خمس أو ست وأربعين كما ذكر الحافظ الذهبي[54]، وعن ابن دينار رواه فحل الرواية سفيان بن عيينة، وكفى بهما راويين حتى يذيع الحديث. في حين أن حديث هذه الدراسة رواه عن أوس ابنُه عمرو، وعن عمرو رواه النعمانُ بن سالم (والثلاثة طائفيون جمعتهم النسبة إلى الطائف والإقامة فيها فيما يظهر)، وعن النعمان رواه سماكُ بن حرب، وسماك على جلالته ليس مكثرا، فقد ذكر علي بن المديني أن "له نحو مئتي حديث"[55]، كما أن بعضهم – كما أورد الذهبي في سياق ترجمته هذه - تكلم فيه، ولم يرو له البخاري شيئا.

وأخيرا هناك عامل آخر يسهم في شهرة الرواية التي صحابيها أو تابعيها غير مشهور، وهو أن تكون الرواية في مسألة من مسائل الشريعة التي تمس الحاجة إليها، أو تعم بها البلوى، ولا يوجد عنها بديل من رواية أخرى أوزن منها. ولم يتحقق لرواية عمرو بن أوس عن أبيه هذا ولا ذاك؛ لأن الموضوع أولا ليس فيما تعم به البلوى، وثانيا لأن هناك روايات كثيرة مستفيضة لهذا الحديث من طرق كثر سلوكها في نقل سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.

وفد ثقيف

هذا عن الراوي من الصحابة، وأما ظرف الحديث الزماني - كما في رواية أحمد وغيره – فقد قيل إنه وقع في زمن قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ مسلمين، وقد كان وفودهم على هذه الحال في رمضان سنة تسع كما سجل ابن إسحاق.[56]

وثقيف قبيلة حجازية تسكن الطائف على مقربة من مكة، وكانت بينها وبين قريش صلات ومصاهرات وتحالفات خاصة، وأهم بطون ثقيف كما يذكر علماء الأنساب: "بنو مالك بن حُطيط بن جُشَم بن قَسِيّ بن منبه، والأحلاف، وهم بنو سعد وغِيرةَ ابني عوف بن قَسي بن منبه".[57]

ومن مشاهير المنتسبين إلى بني مالك الثقفيين: عروة بن مسعود، وهو خيرهم، وله علاقة مباشرة بحديثنا هنا، وابن أخيه المغيرة بن شعبة الصحابي الأمير، والحكم بن عمرو بن وهب الصحابي الوافد مع قومه عندما أسلموا، وهو الحدث الذي قيل فيه الحديث، وعمرو بن أمية بن وهب بن معتِّب باني مسجد الطائف في موضع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصرهم، والحجاج بن يوسف الأمير المشهور، ومحمد بن القاسم فاتح السند. وأما مشاهير الأحلاف الثقفيين؛ فمنهم: الحارث بن كلدة طبيب العرب، وأمية بن أبي الصلت ابن خالة عروة بن مسعود وشاعرهم المشهور، وأماهما أختان عبشميتان قرشيتان، وسعد بن مسعود بن عمرو بن عمير له صحبة، وأخوه أبو عبيد بن مسعود الثقفي قائد المسلمين في معركة الجسر بفارس زمن عمر بن الخطاب، وابنه المختار بن أبي عبيد مدعي النبوة، وابنته صفية بنت أبي عبيد زوج عبد الله بن عمر، وأبو محجن الثقفي بطل القادسية والشاعر المشهور.[58]

وكان من خبر ثقيف مع رسول الله أنهم عاندوا وامتنعوا عن الإسلام بعد حُنين، وحاربهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال من سنة ثمان دون أن يُدال عليهم، فانصرف عنهم[59] وقد ساح الإسلام في الحجاز والجزيرة، وبقوا هم بالطائف منفردين، فتبع عروة بن مسعود بن معتِّب الثقفي – وكان من سادات القوم محببا لهم مطاعا فيهم وأحد الوافدين إلى الحديبية ليفاوض المسلمين عن قريش –؛ تبع رسولَ الله ومن معه بعد أن غادروا أسوار الطائف، حتى لحقه قبل أن يدخل المدينة، وأسلم، ثم عزم على أن يعود إلى قومه فيدعوهم، وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بالقوم أنفة وامتناعا عن الخضوع، فقتلوا عروة رضي الله عنه حين دعاهم![60]

والحقيقة أن حادث قتل عروة يمثل مفصلا مهما في حياة هذه القبيلة وهذا الصحابي،[61] كما يحمل أهمية خاصة لهذه الدراسة؛ فعن الصحابي الكبير قال محمد بن إسحاق صاحب السيرة رحمه الله: "خرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف لهم على عِلّية له، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف، أخو بني سالم بن مالك، وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم، من بني عتاب بن مالك، يقال له وهب بن جابر..."[62]، ثم تشاورت ثقيف – كما في بقية رواية ابن إسحاق - بعد أشهر، حتى قرروا أن يفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وفعلوا هذا في رمضان من سنة تسع للهجرة.

هذا هو الظرف الذي يحكي فيه الصحابي أوس بن أبي أوس رضي الله عنه قصة ورود حديث "أمرت أن أقاتل الناس..."، فقد أبت ثقيف الدخول في الإسلام وامتنعت عنه، فأسلم زعيمهم عروة بن مسعود الملقب بأبي مسعود[63]، ولمنزلته عندهم طمع في إسلامهم، فذهب إليهم داعيا إلى الدين، فقتله جماعة منهم، إلا أن ثمة رجلين بادرا – فيما يبدو - برميه بالنبال، أو أحدهما بادره والآخر رماه الرمية التي قتلته، وهما: أوس بن عوف من بني عامر، ووهب بن جابر من الأحلاف، والحديث موضع هذه الدراسة يدور حول أحدهما، وأنه الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، وإن كان ابن حزم قد ذكر أن المتهم بقتل عروة هو بُشَير بن عمرو بن ربيعة بن أبان بن يسار.[64]

وثمة روايات تقدم لنا مزيدا من التفاصيل المهمة عن وفود ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي سنن ابن ماجه عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة (الذي ترجح فيما سبق أنه هو أوس بن أبي أوس نفسه، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فنزّلوا الأحلاف على المغيرة بن شعبة، وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له، فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء، فيحدثنا قائما على رجليه، حتى يراوح بين رجليه، وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش، ويقول: "ولا سواءَ؛ كنا مستضعفين مستذلين، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجالُ الحربِ بيننا وبينهم، نُدَال عليهم ويدالون علينا...".[65]

فهذا الحديث - إن صح - يفيد أن الذين نزلوا في قبة بالمسجد هم بنو مالك، و"الأحلاف" أي بنو سعد وغِيرةَ ابني عوف من الثقفيين، نزلوا على المغيرة (وهو من بني مالك!)، وهما البطنان اللذان زعما أن قاتل عروة منهما، وفي تلك الحال من نزول القوم بالمدينة وقع الحادث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس...".

إلا أن الروايات تختلف في سياق قصة الورود هذه، فرواية الدارمي – كما سبق ذكرها – يفهَم منها أن أحد الصحابة – من غير الثقفيين غالبا – جاء وسارّ النبي صلى الله عليه وسلم بوجود قاتل عروة بن مسعود في القوم، وربما أخبره بأنهم قبضوا عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله هذا القتلَ المستحَق، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرك واستوقف الصحابي فسأله: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله...؟"، فلما أجاب: بلى، نطق المعصوم صلى الله عليه وسلم بحديثه العظيم: "أمرت..."، فصار المعنى المفهوم من الحديث والفقه المأخوذ منه هو أن إسلام المحارب مانع لدمه، وأن سبب استحقاقه للقتل - إن قتله - هو غدره وقتله لرجل دعاهم إلى الله تعالى، فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل فداء لمثل هذا العمل من صاحبه أقل من الدخول في الإسلام، كما فعل مع كثير من زعماء قريش عند الفتح.

وقد تضمت رواية الدارمي في آخرها تصريح الصحابي بجريمة الرجل الذي أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، وهي أنه "قتل أبا مسعود... وما مات حتى قتل خير إنسان بالطائف"، والعبارة الأخيرة من كلام الراوي الذي هو الصحابي أو التابعي؛ أي ما مات هذا الرجل الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم به في أول الحديث حتى قتل عروة بن مسعود.

وقد وقع في بعض طبعات سنن ابن ماجه: "هل تشهد أن لا إله إلا الله؟"[66]، بتاء المخاطب، ومعناها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب القاتل وأنه حاضر في مجلسه، وهو تصحيف ظاهر؛ لأن الرواية نفسها فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اذهبوا فخلوا سبيله"، وهذا معناه أن القاتل لم يكن حاضرا في المجلس.

ونلاحظ أنه في رواية أحمد الثانية وابن ماجه ذكر "الصُّفة" بدلا من "القبة"، والمقصود تعريشة كانت في المسجد خص النبي صلى الله عليه وسلم القوم بالنزول فيها. وأفادت رواية "الصفة" أن منزل القوم يومئذ كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث التعريشات الخاصة بأهل الصفة رضي الله عنهم.

على أية حال، وبعد هذا البيان الطويل لسبب ورود الحديث، نجد أن المعنى المراد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجلى تجليا كافيا، فقوله: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله..."، أي أمرني ربي سبحانه وتعالى أمرا عاما لا مخصص له، وهو أنه إذا استحق على أحد من المحاربين القتل أو القتال لكونه محاربا معتديا أو محرضا على الإسلام وأهله أو ناقضا للعهد أو غير ذلك، ثم قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقد وجب علي الكف عنه، والامتناع عن قتله ومقاتلته.

وأما ما يتعلق بمن يقولها متعوذا، فيجب على المسلم أن يكف عن دمه، ويستعين بالله تعالى، ثم بفطنته على دفع الشر المحتمل منه إن كان يقصد الخداع والخيانة، وإن خدعه مرة لا يمهله الثانية.

ثانيا: أحاديث أخرى قررت نفس المعنى بألفاظ مشابهة مع ذكر أسباب ورودها:

ثمة أحاديث اشتملت على المعنى وكثير من الألفاظ التي ورد بها حديثنا الذي تدور عليه هذه الدراسة، مع الاختلاف التام في سبب الورود، ويمكن أن نثبت بهذه الأحاديث المعنى الذي سبق تقريره للحديث، وأنه لا علاقة له بالإكراه من قريب أو بعيد، ولا علاقة له بشن الحرب على الناس جميعا، ولا على فريق معين منهم، بل علاقته بالكف عن المحارب حين يُسلم؛ أي ينطق بشهادة الإسلام، ومن هذه الأحاديث التي وقعت لي ما يلي:

الحديث الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ! قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها. قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، فأعطاه إياها، وقال: "امش، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك". قال: فسار عليٌّ شيئا، ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل الناس؟ قال: "قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله."[67]

فالحديث ورد في حكاية غزوة خيبر التي وقعت عام سبعة للهجرة، وقد دفع النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى غزو القوم طولُ مؤامراتهم على الإسلام وخطورة كيدهم له. فقد قام السبب الذي يبيح للمسلمين غزو القوم إذن، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمدّ قائده الحصيف عليا رضي الله عنه حين سأله: على ماذا أقاتل الناس؟ أمده بذلك التشريع العظيم: "قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله"، فلا يمكن أن يكون المعنى: قاتلهم لأجل أن يقولوا لا إله إلا الله، ولكن قاتلهم على العموم للسبب الذي دعا إلى قتالهم، فإن هم شهدوا شهادة الحق وآمنوا بالله ورسوله، فكفَّ عن قتالهم؛ لأن إسلامهم يمنع قتالهم.

الحديث الثاني: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة، فبارز رجل من المشركين رجلا من المسلمين، فقتله المشرك، ثم برز له رجل من المسلمين، فقتله المشرك، ثم جاء فوقف على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علام تقاتلون؟ فقالوا: ديننا أن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن نفي لله بحقه. قال: والله إن هذا لحسن، آمنت بهذا، ثم تحول إلى المسلمين، فحمل على المشركين فقاتل حتى قتل، فوُضع مع صاحبيه اللذين قتلهما قبل ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هؤلاء أشد أهل الجنة تحاببا".[68]

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ديننا أن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن نفي لله بحقه"، لا يصلح أن يُحمَل على أن المقاتلة كانت لإكراه الناس على الدين، بل معناه أن حكم ديننا هو أن المقاتلة حين تقوم بيننا وبين غيرنا لسبب أو آخر، فيشهد هذا المقاتَل أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فيجب علينا التوقف عن قتاله.

الحديث الثالث: عن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقة من جهينة، قال: فصبَّحْنا القوم، فهزمناهم؛ قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم؛ قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟!"، قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال: "أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟!"، قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.[69]

وهذا الحديث صريح في هذا المعنى، وهو أن "لا إله إلا الله" كافة ومانعة وعاصمة لدم قائلها المحارب، وهو جزء من المعنى الذي تضمنه حديث أوس بن أبي أوس الذي معنا، وما غضب النبي صلى الله عليه وسلم من قتال أسامة للقوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل أصحابه لقتالهم، لكنه غضب لقتل أسامة الرجل بعد أن شهد شهادة الإسلام.

مهما يكن من أمر، فإن هذه الأحاديث تكاد تتواطأ كلها على معنى واحد واضح، وهو أن الإسلام مانع من المقاتلة الناشئة عن أسبابها المشروعة، ولا قتال عندنا بلا أسباب، فإذا شهد المقاتل أن لا إله إلا الله محمد رسول الله كففنا عنه وجوبا. وأما الإكراه وشن الحرب على الناس بسبب كفرهم، فهذا مما لا علاقة للحديث، بل للإسلام كله به.

نتائج

انتهى بنا المطاف مع هذه الدراسة عند هذا الحد، ولم يبق أمامنا إلا استخلاص نتائجها، وأهمها ما يلي:

  1. يجب توظيف السياق التاريخي الثابت للنصوص الشرعية (أسباب النزول والورود) في فهمها وتفسيرها، وذلك بتحديد المجال الذي يمكن تطبيق النص فيه.
  2. حديث "أمرت أن أقاتل الناس" حديث متواتر اشتهرت رواياته العارية من أسباب الورود، وقلت شهرته مقرونا بها، ويرجع كثير من هذا إلى حال الرواة؛ من قلة الرواية، والإقامة النائية عن أمصار العلم الكبرى في الإسلام، وغير ذلك.
  3. لا يجوز إكراه أحد على الدخول في الإسلام لأي سبب كان؛ اتكاء إلى هذا الحديث أو غيره، وما ورد من قصة إسلام أبي سفيان وأمثالها فهو من باب المن بالعفو عمن حق عليه القتل بسبب موجب؛ شرط أن يدخل في الإسلام.
  4. الاتجاه العام بين العلماء في فهم الحديث على تخصيص لفظ الناس بالمشركين غير المعاهَدين أو بمشركي جزيرة العرب أيام النبي صلى الله عليه وسلم. وثمة من عامة الناس من فهم الحديث على جواز شن الحرب على الناس جميعا وإكراههم على الإسلام، بدون دليل منهم على هذا.
  5. ترجح لدى الباحث أن لفظ "الناس" في الحديث يُفهَم على عمومه، ولا يخصصه شيء، ولكن على معنى أن كل من قاتلتموه ثم شهد أن لا إله إلا الله، فقد وجب عليكم الكف عنه، وفي الأصل لا تجوز المقاتلة في الإسلام إلا لسبب موجب.

التوصيات

أوصي الباحثين بالاهتمام بدراسة أسباب ورود الحديث والسياق التاريخي للوقائع والأحداث التي ورد فيها الحديث.

كما أحث الباحثين على الاهتمام بدراسة أصول التفسير والقواعد الفقهية المختلفة دراسة واقعية وشاملة.

زكما أوصي أيضا بالنظر في القضايا والمفاهيم الحديثة؛ لكي نقدم البحوث الواقعية التطبيقية التي تؤدي إلى تصحيح المفاهيم الشائعة، وقد يؤدي هذا الرصد البحثي العلمي إلى تطوير الأسس المنهجية التي تقوم بتوجيه الفكر الإسلامي المعاصر.

Bibliography

Abdul Malik bin Hasham. Al Seerah Al-Nabawiyyah. Bairut: Dar Ihya ul Turas, n.d.

Abi Hatim, Abdul Rehman. Kitab ul Jarh wal Tadeel. India: Matba Dairatul Maarif al-Usmaniyyah Haiderabad, 1952.

Al Ansari, Abu Yahya Zakria. Minha tul Bari fi sharhi Sahi Al Bukhari al Musamma Tohfa tul Bari. Riyaz: Maktaba tul Rushd, 2005.

Al Asbahani, Abdul Rehman bin Muhammad. Al Mustakhraj min Kutubinnas lil tazkira wal Mustatraf min Ahwalinnas lil Marifa. Bahrain: Wazara tul Adl Wal Shoon al Islamiyyah, n.d.

Al Asqlani, Ibn-e-Hajar. Fathul Bari bi Sharhi Sahi Bukhari. Cairo: Dar ul Ryan lil Turas, 1986.

Al Bazzar, Abu Bakar Ahmad bin Umar. Al Bahr ul Zukhar/Musnad Bazzar. Madinah: Maktabatul Ulum wal Hikam, 1996.

Al Ghazali, Muhammad. Al Dawah al Islamiyah fil Qarn al Hali. Cairo: Dar ul Shurooq, 1998.

Al Ghazali, Muhammad. Ilal wa Advia. Cairo: Dar ul Shurooq, n.d.

Al Ghazali, Muhammad. Miya Suwal anil Islam. Cairo: Al Maqtam li Nashr wal Tozee, 2004.

Al Ghazali, Muhammad. Mustaqbil ul Islam Kharij Ardihi kaif Nufakkir fihi. Cairo: Dar ul Shurooq, 1997.

Al Haisami, Ali bin Abi Bakr. Majma ul Zawair wa Mamba ul Fawaid. Jaddah: Dar ul Minhaj, 2015.

Al Kattani, Muhammad bin Jafar. Nazm ul Mutanasir min Al Hadith al Mutawatir. Cairo: Dar ul Kutub Al Salfiyyah, 1983.

Al Matani, Abdul Azeem. Samaha tul Islam fi al-Dawah ila Allah wal Alaqaat al Insaniyyah Minhajan wa seeratan. Cairo: Maktaba Wahba, 1993.

Al Undalasi, Saeed bin Hazam. Jamhara Ansab ul Arab. Egypt: Dar ul Maarif, 1982.

Al Yahsi, Ayaz bin Musa. Mashariq ul Anwar ala Sihah il Asaar. Cairo: Dar ul Turas, 1978.

Bukhari, Muhammad bin Ismail. Al Jamey Al Sahih. Bairut: Dar Tuq unnajah, 1422 A.H.

Darmi, Abdullah bin Abdul Rehman. Al Musnad Al Jamey. Riyaz: Dar ul Mugni li Nashr wal Tozee, 2000.

Hanbal, Ahmad bin. Al Musnad. Bairut: Moassisah tul Risalah, 1997.

Hanbali, Ibn e Rajjab. Jamey ul Uloom wal Hikam fi Sharhi Khamseen Hadisan min Jawamey Kalim. Bairut: Dar Ibn e Kathir, 2008.

Ibn e Kathir, Imaduddin Ismail. Jamey ul Masanid wal Sunan al Hadi li Aqwam Sunan. Makkah: Maktaba wa Matba Al Nahdah al Hadisa, 1998.

Ibn e Maja, Muhammad bin Yazeed. Sunan Ibne Maja. Damascus: Dar ul Risalah Al-Ilmiyyah, 2009.

Ibn-e-Asir, Muajdudin al Mubarik. Al Shafi fi Sharhi Musnad Shafii. Riyaz: Maktabatul Rushd, 2005.

Ibn-e-Jozi, Abul Faraj Abdul Rehman. Nawasik ul Quran. Bairut: Dar ul Kutub al-Ilmiyyah, n.d.

Ibn-e-Tamiyah, Ahmad bin Halim. Majmoo ul Fatawa. Madinah: Majma ul Malik Fahad li Tabaya al-Mushaf, 2004.

Ibn-e-Tamiyah, Ahmad bin Halim. Qaidah Mukhtasara fi qitaal il Kuffar wa mahadanatuhum wa tahreem qatlihim li mujarrid kufrihim. Riyaz: Maktaba ul Malik Fahad al Wataniyyah, 2004.

Iraqi, Zain uddin Abdul Raheem. Tarh ul Tasreeb fi Sharh il Taqreeb. Bairut: Dar Ihya ul Turas Al Arabi, n.d.

Maqdasi, Muhammad bin Abdul Wahid. Al Ahadith Al Mukharah. Makkah: Maktaba tul Nahdah al-Hadisa, 2000.

Mizzi, Jamal uddin. Tahzeeb ul Kamal fi Asma urrijal. Bairut: Moassisa tul Risalah, 1992.

Neshapuri, Abu Abdullah Al Hakim. Al Mustadrak ala Sahihain. Bairut: Dar ul Kutub al-Ilmiyyah, 2002.

Neshapuri, Muslim bin Hajjaj. Sahih Muslim. Riyaz: Dar ul Tayabah, 2006.

Nisai, Ahmad bin Shoaib. Sunan al-Nisai. Riyaz: Maktaba tul Maarif lil Nashr wal Tozee, n.d.

Sajastani, Suleman bin al Ashas. Sunan Abi Daud. Damascus: Dar ul Risala Al Almiyyah, 2009.

Sanani, Abdul Razaaq bin Hammam. Tafseer Abdul Razzaq. Bairut: Dar ul Kutub Al Ilmiyyah, 1999.

Shafi, Muhammad bin Idrees. Ikhtelaf ul Hadith. Egypt: Dar ul Wafa, 2001.

Siddiqi, Sharf ul Haq Al Azeem Abadi. Aon ul Mabood ala Sharh Sunan abi Daud. Bairut: Dar Ibn e Hazam, 2005.

Subki, Tajuddin. Al Ashba wal Nazair. Bairut: Dar ul Kutub al Ilmiyah, 1991.

Tabri, Muhammad bin Jarir. Jamey ul Bayan fi Tavil ul Quran. Bairut: Moassisah tul Risalah, 2000.

Uthamain, Muhammad Saley. Sharh ul Arbaeen al Navaviyyah. KSA: Dar ul Surayyah li Nashr wal Tozee, 2004.

Zahbi, Shamsuddin. Siar Alam unnabla. Bairut: Moassisah tul Risalah, 1982.

Zaid, Mustafa. Al Nasakh fil Quran. Egypt: Dar ul Wafa lil Tabaa wal Nashr, 1987.

Zurqani, Muhammad Abdul Azeem. Manahil ul Irfan fi Uloom Al Quran. Cairo: Dar Matba Isa al Babi al Halbi wa Shuraka, n.d.

حوالہ جات

  1. من ذلك مثلا حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نوقش الحساب عُذّب"، قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟؛ قال: "ذلك العرض"محمد بن اسماعیل بخاری، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب من نوقش الحساب عذب (القاهرة: الطبعة السلطانية، 1311- 1313هـ)، الحديث: 6536، 8: 111. ومن أمثلة ذلك أيضًا: النقاش الذي دار بين الشيخين رضي الله عنهما حول قتال مانعي الزكاة كما سيأتي في متن هذا البحث. Muhammad bin Ismail Bukhari, Al Jamey Al Sahih. Bairut: Dar Tuq unnajah, 1422 A.H, Hadith no. 6536, 8:111.
  2. أوصل أهل العلم بهذا الشأن عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة عشر راويا؛ انظر: محمد بن جعفر الكتاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر(القاهرة: دار الكتب السلفية للطباعة والنشر،1983م)، 39- 40. Muhammad bin Jafar Al Kattani, Nazm ul Mutanasir min Al Hadith al Mutawatir. Cairo: Dar ul Kutub Al Salfiyyah, 1983, 40-39.
  3. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب الإيمان، باب فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ،.الحديث:25، 1: 14. Al Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.25, 14:1.
  4. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب الصلاة، باب فضل استقبال القبلة، الحديث: 392، 1: 87. Al Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.392, 1:87.
  5. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب الجهاد، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة...، الحديث: 2946، 4: 48. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.2946, 4:48.
  6. مسلم بن حجاج القشیری، الجامع الصحیح، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، عناية أبي قتيبة نظر محمد الفريابي، (الرياض: الطبعة الأولى،2006م)، الحديث رقم 21، 1: 31. Muslim bin Hajjaj Al Qushaeri, Sahih Muslim. Riyaz: Dar ul Tayabah, 2006.21 Hadith no, 21, 1:31.
  7. أحمد ابن حنبل في مسنده، المسند، مسند أبي هريرة، وحسّن المحقق إسناده، تحقيق. شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد(بيروت: مؤسسة الرسالة، 1997م)، الحديث: 10254، 16: 179. Ahmad bin Hanbal, Al Musnad. Bairut: Moassisah tul Risalah, 1997, Hadith no, 10254, 16:179.
  8. مجد الدين المبارك بن محمد بن الأثير، الشافي في شرح مسند الشافعي، تحقيق. أحمد بن سليمان وأبي تمام ياسر بن إبراهيم(الرياض: مكتبة الرشد،2005م)، 5: 140. Muajdudin al Mubarik Ibn-e-Asir, Al Shafi fi Sharhi Musnad Shafii. Riyaz: Maktabatul Rushd, 2005, 5:140.
  9. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب استتابة المرتدين، باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نُسبوا إلى الردة، الحديث: 6924، 9: 15؛ القشیری، الجامع الصحیح، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، الحديث: 20، 1: 31. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.6924, 9:15, Al Qushaeri, Sahih Muslim. Hadith no, 20, 1:31.
  10. ابن الأثير: الشافي 5/ 145. Ibn Al Asir, Al Shafi, 5/145.
  11. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، المسند الجامع كتاب السير، باب القتال على قول لا إله إلا الله، تحقيق. حسين أسد سليم الداراني(الرياض، دار المغني للنشر والتوزيع، 2000م)، الحديث: 2490، 3: 1588- 1589. وقال المحقق: "إسناده صحيح". Abdullah bin Abdul Rehman Darmi, Al Musnad Al Jamey. Riyaz: Dar ul Mugni li Nashr wal Tozee, 2000, Hadith no. 2490, 3:1588-1589.
  12. أبن حنبل، المسند، وحكم عليه المحقق بالصحة. تحقيق: شعيب الأرنؤوط وإبراهيم الزيبق، الحديث:16160، 26: 81. Ahmad bin Hanbal, Al Musnad. Bairut: Moassisah tul Risalah, 1997, Hadith no., 16160. 26:81.
  13. رواه أحمد في مسنده، وهذا لفظه، الحديث رقم 16163، 26: 86- 87، وقال المحقق بصحته، وشفع هذه بطريق أخرى صححها كذلك اختلف فيها شيخ أحمد فقط۔ انظر ابن ماجه، السنن، تحقيق. شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل قرة بللي(دمشق: دار الرسالة العالمية، 2009م)، الحديث: 3929، 5: 82. وحكم المحقق بصحته. Hanbal, Masnd, Hadith no., 16163, 26:86-87., Muhammad bin Yazeed Ibn e Maja, Sunan Ibne Maja. Damascus: Dar ul Risalah Al-Ilmiyyah, 2009, Hadith no., 3929, 5:82.
  14. أحمد بن شعيب النسائي، السنن، كتاب تحريم الدم، تخريج. محمد ناصر الدين الألباني(الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ب. ت)، الحديث: 3979، 616. وصححه صاحب التخريج. Ahmad bin Shoaib Nisai, Sunan al-Nisai. Riyaz: Maktaba tul Maarif lil Nashr wal Tozee, n.d. Hadith no., 3979, 616.
  15. عماد الدين إسماعيل بن كثير، جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سَنن، تحقيق. عبد الملك دهيش(مكة المكرمة: مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة، 1998م)، 1: 335. Imaduddin Ismail Ibn e Kathir, Jamey ul Masanid wal Sunan al Hadi li Aqwam Sunan. Makkah: Maktaba wa Matba Al Nahdah al Hadisa, 1998, 1:335.
  16. أبو بكر أحمد بن عمرو العتكي البزار، البحر الزخار المعروف بمسند البزار،تحقيق. محفوظ الرحمن زين الله(مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة 1416هـ/ 1996م)، 8: 192- 193. Al Bazzar, Abu Bakar Ahmad bin Umar. Al Bahr ul Zukhar/Musnad Bazzar. Madinah: Maktabatul Ulum wal Hikam, 1996, 8:192-193.
  17. انظر النسائي، السنن، الأحاديث: 3980-3983، 616. Nisai, Hadith no, 3980-3983,616.
  18. جمال الدين المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق. بشار عواد معروف(بيروت: مؤسسة الرسالة، 1992م)، 29: 449. Jamal uddin Mizzi, Tahzeeb ul Kamal fi Asma urrijal. Bairut: Moassisa tul Risalah, 1992, 29:449.
  19. رواه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، كتاب الطلاق، تحقيق. مصطفى عبد القادر عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، 2002م)، الحديث رقم 2801، 2/ 216. ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. Abu Abdullah Al Hakim Neshapuri, Al Mustadrak ala Sahihain. (Bairut: Dar ul Kutub al-Ilmiyyah), 2002, Hadith no., 2801, 2/216.
  20. انظر: تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي، الأشباه والنظائر، تحقيق. عادل عبد الموجود وعلي محمد معوض(بيروت: دار الكتب العلمية،1991م)، 1: 150. Tajuddin Subki, Al Ashba wal Nazair (Bairut: Dar ul Kutub al Ilmiyah, 1991), 150:1.
  21. ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي، الأحاديث المختارة، أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، تحقيق. عبد الملك بن دهيش(مكة المكرمة: مكتبة النهضة الحديثة، 2000م)، 11: 156. Muhammad bin Abdul Wahid Maqdasi, Al Ahadith Al Mukharah. Makkah: Maktaba tul Nahdah al-Hadisa, 2000), 11:156.
  22. أبو داود سليمان بن الأشعث، السنن، كتاب الجهاد، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام. وحكم المحقق بحسنه، تحقيق. شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل قره بللي(دمشق: دار الرسالة العالمية، 2009م)، الحديث: 2683، 4: 318- 319. Suleman bin al Ashas Sajastani, Sunan Abi Daud. (Damascus: Dar ul Risala Al Almiyyah, 2009), Hadith no., 2683, 4:318-319.
  23. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، الحديث: 4372، 5: 170. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.4372, 5:170.
  24. انظر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق. محب الدين الخطيب ومحمد فؤاد عبد الباقي(القاهرة: دار الريان للتراث، 1986م)، 1: 97. وقد ذكره ضمن احتمالات واردة عنده لإثبات استثناء مؤدي الجزية والمعاهدين من عموم قوله "أمرت أن أقاتل الناس...". Ibn-e-Hajar Al Asqlani, Fathul Bari bi Sharhi Sahi Bukhari. Cairo: Dar ul Ryan lil Turas, 1986, 1:97.
  25. أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي،نواسخ القرآن ، تحقيق: محمد أشرف علي المليباري) الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: المجلس العلمي لإحياء التراث الإسلامي ، 1404هـ/ 1984م) رقم الصفحۃ.410 Abul Faraj Abdul Rehman Ibn-e-Jozi, Nawasik ul Quran. (Bairut: Dar ul Kutub al-Ilmiyyah, n.d., 410
  26. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد ومحمود شاكر، بيروت: مؤسسة الرسالة، 2000م)، 14: 140. Muhammad bin Jarir Tabri, Jamey ul Bayan fi Tavil ul Quran. (Bairut: Moassisah tul Risalah, 2000), 14:140.
  27. أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، تحقيق. ماهر ياسين الفحل( بيروت: دار ابن كثير، 2008م)، 207. من الطريف أن الأوربيين في القرن السابع عشر كانوا يتناطرون حول التسامح الديني، وذهب بعضهم إلى أن "التسامح أمر لا يقره الكتاب المقدس؛ لذلك فهو ليس مسيحيا" رونالد سترومبرج، تاريخ الفكر الأوربي الحديث 1601- 1977م، ترجمة. أحمد الشيباني(القاهرة: دار القارئ العربي، 1994م)، 109. Ibn e Rajjab Hanbali, Jamey ul Uloom wal Hikam fi Sharhi Khamseen Hadisan min Jawamey Kalim. Bairut: Dar Ibn e Kathir, 2008, 207.
  28. انظر: مصطفى زيد، النسخ في القرآن: دراسة تشريعية تاريخية نقدية )المنصورة: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 1987م)، 1: 166. Mustafa Zaid, Al Nasakh fil Quran, (Egypt: Dar ul Wafa lil Tabaa wal Nashr, 1987), 1:166.
  29. انظر: محمد بن إدريس الشافعي، اختلاف الحديث، تحقيق. رفعت فوزي عبد المطلب مع كتابي الرسالة والأم(المنصورة: دار الوفاء، 2001م)، 10: 117. Muhammad bin Idrees Shafi, Ikhtelaf ul Hadith, (Egypt: Dar ul Wafa, 2001), 10:117.
  30. عبد العظيم المطعني، سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله والعلاقات الإنسانية منهاجا وسيرة(القاهرة: مكتبة وهبة، 1993م)، 175. Abdul Azeem Al Matani, Samaha tul Islam fi al-Dawah ila Allah wal Alaqaat al Insaniyyah Minhajan wa seeratan (Cairo: Maktaba Wahba, 1993), 175.
  31. الشافعي، اختلاف الحديث، 10: 117.Al Shafi, Ikhtilaf al Hadith, 10:117.
  32. أبو يحيى زكريا الأنصاري، منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى تحفة الباري، تحقيق. سليمان بن دريع العازمي ومركز الفلاح للبحوث(الرياض: مكتبة الرشد، 2005م)، 1: 170؛ النسائي، السنن، كتاب تحريم الدم، وصححه الألباني، الحديث: 3966، 613. Abu Yahya Zakria Al Ansari, Minha tul Bari fi sharhi Sahi Al Bukhari al Musamma Tohfa tul Bari. Riyaz: Maktaba tul Rushd, 2005, 3966,613; Nisai, Hadith no, 3966,613.
  33. ابن حجر، فتح الباري، 1: 97. Ibn-e-Hajjar, Fathul Bari, 97:1.
  34. انظر: زين الدين عبد الرحيم وابنه ولي الدين العراقي، طرح التثريب في شرح التقريب(بيروت: دار إحياء التراث العربي، ب. ت)، 7/ 180- 181.
  35. محمد الغزالي، الدعوة الإسلامية في القرن الحالي(القاهرة: دار الشروق، 1998م)، 19؛ مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه؟( القاهرة: دار الشروق،1997م)، 83. Zain uddin Abdul Raheem Iraqi, Tarh ul Tasreeb fi Sharh il Taqreeb. (Bairut: Dar Ihya ul Turas Al Arabi), n.d., 19; Muhammad Al Ghazali, Mustaqbil ul Islam Kharij Ardihi kaif Nufakkir fihi. (Cairo: Dar ul Shurooq, 1997), 83
  36. علل وأدوية، دراسة في أمراض أمتنا ووسائل الاستشفاء منها مع تصحيح لما وجه إلى التاريخ الإسلامي من أخطاء(القاهرة: دار الشروق، ب. ت)، 208. Muhammad Al Ghazali, Ilal wa Advia. (Cairo: Dar ul Shurooq, n.d.), 208.
  37. محمد الغزالي، مائة سؤال عن الإسلام(المقطم للنشر والتوزيع – القاهرة، 2004م)، 36؛ يوسف القرضاوي، فقه الجهاد: دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة(القاهرة: مكتبة وهبة، 2014م)، 1: 347. Muhammad Al Ghazali, Miya Suwal anil Islam. (Cairo: Al Maqtam li Nashr wal Tozee, 2004, 36; Al-Qaradawi, Fiqh al Jihad (Qaira: Maktaba Wahba, 2014), 1:347.
  38. ابن عثيمين، شرح الأربعين النووية(عنيزة: دار الثريا للنشر والتوزيع، 2004م)، 149- 150. Muhammad Saley Uthamain, Sharh ul Arbaeen al Navaviyyah. (KSA: Dar ul Surayyah li Nashr wal Tozee, 2004), 149-50.
  39. ابن حجر، فتح الباري، 1: 95. Ibn-e- Hajjar, Fathul Bari, 1:95.
  40. أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، محموع الفتاوى، جمع وترتيب. عبد الرحمن بن محمد قاسم وابنه (المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 2004م)، 19: 20. Ahmad bin Halim Ibn-e-Tamiyah, Majmoo ul Fatawa. (Madinah: Majma ul Malik Fahad li Tabaya al-Mushaf, 2004), 19-20.
  41. ابن تيمية، قاعدة مختصرة في قتال الكفار ومهادنتهم وتحريم قنلهم لمجرد كفرهم،تحقيق. عبد العزيز بن عبد الله آل حمد(الرياض: بمكتبة الملك فهد الوطنية ، 2004م)، 94- 95. وقد استحسن الشيخ القرضاوي هذا الرأي، إلا أنه عاد ورجح القول بأن المقصود بالناس هم المحاربون من مشركي جزيرة العرب المذكورين في سورة التوبة؛ انظر: فقه الجهاد، 1: 356- 357. Ahmad bin Halim Ibn-e-Tamiyah, Qaidah Mukhtasara fi qitaal il Kuffar wa mahadanatuhum wa tahreem qatlihim li mujarrid kufrihim. (Riyaz: Maktaba ul Malik Fahad al Wataniyyah, 2004), 94-95; Al- Qaradawi, Fiqh al Jihad, 1;356-57.
  42. ابن تيمية، قاعدة مختصرة في قتال الكفار، 92- 95. Ahmad bin Halim Ibn-e-Tamiyah, Qaidah Mukhtasara fi qitaal il Kuffar, 92-95.
  43. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب العمرة، باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، الحديث: 1790، 3: 6. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no.1790, 6:3.
  44. شرف الحق العظيم آبادي الصديقي، عون المعبود على شرح سنن أبي داود، تحقيق. أبي عبد الله النعماني الأثري(بيروت: دار ابن حزم، 2005م)، 1212. ويقصد بقصة اليهود أبناء الأنصار الذين رباهم اليهود في الجاهلية، فنشأوا يهودا مثلهم، فأراد آباؤهم بعد الإسلام ردهم عن يهوديتهم، فنزلت الآية: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ). Sharf ul Haq Al Azeem Abadi Siddiqi, Aon ul Mabood ala Sharh Sunan abi Daud. (Bairut: Dar Ibn e Hazam, 2005), 1212.
  45. محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن(القاهرة:طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ب. ت)، 1:109. Muhammad Abdul Azeem Zurqani, Manahil ul Irfan fi Uloom Al Quran. (Cairo: Dar Matba Isa al Babi al Halbi wa Shuraka, n.d.), 109:1.
  46. القشیری، الجامع الصحیح، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم إعلان بالإغارة، الحديث: 4519، 2: 828. Al Qushaeri, Muslim bin Hajjaj. Sahih Muslim, Hadith no., 4519, 2:828.
  47. انظر: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق. حسين سليم أسد الداراني(جدة: دار،2015م)، الحديث: 10230، 5: 324. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات"، وقال المحقق: "هذا إسناد صحيح إلى شيوخ ابن إسحاق." Ali bin Abi Bakr Al Haisami, Majma ul Zawair wa Mamba ul Fawaid. (Jaddah: Dar ul Minhaj, 2015), 10230, 5:324.
  48. يقول القاضي عياض: "الأحابيش هم حلفاء قريش، وهم: الهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة" عياض بن موسى اليحصبي، مشارق الأنوار على صحاح الآثار، (القاهرة: المكتبة العتيقة بتونس ودار التراث، 1978م)، 1: 176. Ayaz bin Musa Al Yahsi, Mashariq ul Anwar ala Sihah il Asaar. (Cairo: Dar ul Turas, 1978), 1:176.
  49. انظر: ابن كثير، جامع المسانيد، 1: 328- 332. Ibn Kathir, Jamey al Masanid, 1: 328-332.
  50. انظر: عبد الرحمن بن محمد بن منده الأصبهاني، المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الناس للمعرفة،تحقيق. عامر حسن صبري التميمي(مملكة البحرين: وزارة العدل والشئون الإسلامية، ب.ت)، 12: 261؛ وعبد الرحمن ابن أبي حاتم، كتاب الجرح والتعديل(دكّن: مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد، 1952م)، 3/ 220. Abdul Rehman bin Muhammad Al Asbahani, Al Mustakhraj min Kutubinnas lil tazkira wal Mustatraf min Ahwalinnas lil Marifa. (Bahrain: Wazara tul Adl Wal Shoon al Islamiyyah, n.d), 12:261; Abdul Rehman Abi Hatim, Kitab ul Jarh wal Tadeel. (India: Matba Dairatul Maarif al-Usmaniyyah Haiderabad), 1952, 3/220.
  51. ابن حجر: فتح الباري، 3: 21. Ibn-e-Hajjar, Fathul bari, 3:21.
  52. انظر: تعليق الذهبي على وصف الحاكم لعمرو بن دينار بأنه من كبار التابعين۔ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق. شعيب الأرنؤوط، الطبعة الثانية(بيروت، مؤسسة الرسالة، 1982م)، 5: 301. Shamsuddin Zahbi, Siar Alam unnabla. (Bairut: Moassisah tul Risalah,1982), 5:301.
  53. ابن حجر، فتح الباري، 3: 21. Ibn-e-Hajjar, Fathul bari, 3:21.
  54. الذهبي، سير أعلام النبلاء، 5: 300. Zahbi, Siar Alam unnabla, 5:300.
  55. ایضا، 5: 246. Ibid., 5:246.
  56. انظر: أبو محمد عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق. مصطفى السقا وإبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي(بيروت: دار إحياء التراث العربي، ب. ت)، 4: 182. وقد حدس الشيخ الغزالي رحمه الله بزمن النطق بهذا الحديث فقال: "الحديث قيل مع نزول سورة براءة، قبل وفاة الرسول بنحو عام وبعد جهاد رهيب مع وثنيات أعطاها الإسلام حق الحياة، ولم تعطه إلا الموت" الغزالي، السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، 134. وقد نزلت براءة في موسم الحج من السنة التاسعة؛ أي بعد قدوم وفد ثقيف بقليل. Abdul Malik Ibn Hasham, Al Seerah Al-Nabawiyyah. (Bairut: Dar Ihya ul Turas, n.d.), 4:182; Al-Ghazali, Al Sanatal Nabawiyyah Baina Ahl alFiqh wa Ahl al Hadith, 134.
  57. علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، جمهرة أنساب، تحقيق. عبد السلام محمد هارون(مصر: دار المعارف، 1982م)، 2: 468. Saeed bin Hazam Al Undalasi, Jamhara Ansab ul Arab. (Egypt: Dar ul Maarif, 1982), 2:468.
  58. ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، 1: 267- 269. Ibn-e- Hazam, Jamhara Ansab ul Arab, 1:267-69.
  59. انظر: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف، 5: 156 وما بعدها. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, 5:156.
  60. انظر: ابن هشام، السيرة النبوية، 4: 182. Ibn-e-Hasham, Al Seerah Al-Nabawiyyah, 4:182.
  61. أغرب ابن حزم فقال وهو يذكر فروع ثقيف ومشاهيرها: "معتب بن مالك بن كعب الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه داعية إلى الإسلام، فقتلوه رحمه الله" جمهرة أنساب العرب، 1: 267؛ فهذا اسم جد عروة بن مسعود، وليس له صحبة ولا معاصرة لرسول الله أصلا، كما أن المشهور من الرواية – كما سبق هو أن عروة هو الذي عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى قومه داعيا إلى الإسلام، لا أن رسول الله أرسله لهذا. ومع هذا، فلعل سقطا حصل في المخطوطة من الناسخ، أو سهوا وقع لابن حزم نفسه؛ لأنه تكلم بعدها مصرحا باسم عروة بن مسعود، وذكر عقبه وذريته وبعض أقاربه من المشاهير كما سبق في المتن. Ibn-e- Hazam, Jamhara Ansab ul Arab, 1:267.
  62. ابن هشام، السيرة النبوية، 4: 182. Ibn Hasham,. Al Seerah Al-Nabawiyyah, 4:182.
  63. عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تفسير عبد الرزاق، تحقيق. محمود محمد عبده(بيروت: دار الكتب العلمية، 1999م)، 3: 168. Abdul Razaaq bin Hammam Sanani, Tafseer Abdul Razzaq. (Bairut: Dar ul Kutub Al Ilmiyyah, 1999), 3:168.
  64. ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، 266. Ibn-e- Hazam, Jamhara Ansab ul Arab, 1:266.
  65. ابن ماجه، السنن، الحديث: 1345، 2: 476- 477، وحكم المحقق بضعفه. Ibn e Maja, Sunan Ibne Maja, Hadith no, 1345, 2:476-77.
  66. محمد بن يزيد، ابن ماجه القزويني، تخريج. ناصر الدين الألباني(الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1417هـ)، الحديث: 3929، 648. Muhammad bin Yazeed Ibn e Maja, Ibne Maja al Qizwini. Riyad: Maktabah Al Muaarif Lil Nashar Wal Towzih, 1417 A.H).
  67. القشیری، الجامع الصحیح، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الحديث: 2405، 2: 1129. Al Qushaeri, Al Jameh al Sahih, Hadith no 2405. 2:1129.
  68. الهيثمي، مجمع الزوائد، الحديث: 9605، 5: 410. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وسماع ابن المبارك من المسعودي صحيح، فصح الحديث إن شاء الله؛ فإن رجاله ثقات"، وتعقبه المحقق حاكما بضعفه. Al Haisami, Majma ul Zawair wa Mamba ul Fawaid, Hadith no, 9605, 5:410.
  69. البخاري، الجامع الصحیح، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا...، الحديث: 6872، 9:4. Bukhari, Al Jamey Al Sahih, Hadith no, 6872, 4:9.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...