Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Bannu University Research Journal in Islamic Studies > Volume 5 Issue 1 of Bannu University Research Journal in Islamic Studies

اتجاهات جديدة في نثر شوقي، دراسة موضوعية |
Bannu University Research Journal in Islamic Studies
Bannu University Research Journal in Islamic Studies

Article Info
Authors

Volume

5

Issue

1

Year

2018

ARI Id

1682060029336_519

Pages

87-96

PDF URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/139/131

Chapter URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/view/139

Subjects

Ahmad Shoqi Prose Features Thematic Analysis Impact

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

بين يدي البحث:

هذا يستحسن أن يمارس أديب فن له ملكة تامة فيه وكذا أن ينشد شاعر شعراً له شغف فيها لأن الأديب موهوب له بمواهب نثرية يرا يكتب ما يراه يطلب الكتابة عنه. كما أن الشاعر يقرض ويده على نبض الناس فيقول ما كان تقتضيه المجتمع. وبعض الفنانين يوهَبون مواهب كلا الفنين من النثر والشعر معاً وكذا يستخدمون فنيّهم ويمارسون في الكتابة ونشد الشعر. واحد من هؤلاء المتقنين في الفنين شاعرنا الخطير أمير شعراء العرب قاطبةً: أحمد شوقي؛ كان يكتب النثر ويصنع الشعر فنزل الفنان المختلفان عنده بمزاياهما المختلفة في اتجاهات متنوعة حتى اجتمعت الشعراء لديه اعترافا بمكانته العالية الشامخة في الشعر العربي في حياته سنة 1927م. وهذا كان في دار أوبرا للاعتراف منهم بمكانته ولوضع التاج على مفرق رأسه تاج الإمرة الشعري. وقال كل هؤلاء الشعراء بكونه شاعر الشعب العربي الجميع حتى وضعوا تاج الإمرة للشعر العربي على هامة رأسه متفقين بيد حافظ إبراهيم[1] فقال:

أمير القوافي قد أتيت مبايعاًوهذي وفود الشرق قد بايعت معي[2]

فكانت هذه مكانته عندهم في الشعر. وأما ممارسته في صناعة النثر فكان يكتب منذ بداية شبابه حتى الموت لكن ما نال حظاً في النثر كحظه المرتفع في شعره. وصنع النثر حتى اجتمع لديه ذخرة وفيرة قد ملأ فراغ المكتب العربي بسبعة كتب نثرية بين الرواياتِ، والقصص القصيرة والطويلة، والأمثال ضمن بعض الكتب، والخطب والسيرة الذاتية وغيره.

لا شك أن الدارسين على وشك الإهمال لنثره الفني ولا نجد غير رجلين كتبا عن نثره بحق وهما شوقي ضيف وأصيل عبد الوهاب عطعوط حين تناول نثره في مقالته العلمية بعنوان: أحمد شوقي ناثراً. وتلك الإهمال صار رغم أن أثمر الأدب بنثره الجذاب للقلوب إلى نفسه لكن غطّى شعره على نثره حتى– بقول بعض الأدباء- قتله عند الصيت العام ؛ إما جهلا به، وإما يحسبونها منه من اللا ضرورية عندهم، وإما زعماً منهم على هذا الشاعر الباهر بأن النثر ليس من مجاله، وإما لعدم معرفتهم بها، وإما هي مفقودات، فلم يتطرقوا إليها وأسقطوها من واجهات كتبه الأدب النثري التي أنتجها لتنمية الأدب واللغة، على كل حالٍ ما جعلوا لها حظا وافيا يستحقه إلا بعد مرور مدة طويلة تحتوي على أربع وأربعين سنةً.[3]

وفي التالي نتناول ما التقطه أدبه النثري من بين موضوعاته وميزاته التي تأبط النثر وتقدم بها إلى التكميل. فأولاً نذكر اتجاهاتٍ جديدةً في نثره:

أولاً: دراسة موضوعية لاتجاهات جديدة في نثره:

اتجاه الدين:

عندما ندرس نثر شوقي فيظهر لنا إسهامه في ترقية فنون الأدب النثرية وضوحاً كاملاً، وأنه ذهب بنثره إلى أعلى المراتب وأثمنها. وكانت ممارسته في النثر في عدد من فنونه بين الروايات والحكايات والمسرحيات والسيرة الذاتية وما إلى ذلك كما أن نثره قد احتوى بشتى الديانات السالفة في العالم؛ منها: المجوسية التى كانت عند الفرس، وهي تبدو لنا من روايته "ورقة الآس"، الرواية النثرية له، وتجري الديانة من حين إلى حين في الرواية بطريقة هادئة، لا نشعره إلا أن نغوص في بحرها.

وديانة ثانية نجدها في نثره هي اعتقاد بالسِحر في الأمور، وهي تبدو لنا من خلال دراسة مسرحية له: عذراء الهند النثرية.[4]

وقد أخذ شوقي تناول ديننا الإسلام فكتب من العبادة والمعاملة والجرائم، بحيث كتب عما يقتضيها الإسلام؛ من بذورها إلى أوراقها الخضراء؛ فأتى بأُسسها الخمس؛ الشهادتين إلى المبنى الخامس الحجّ لله على الناس من استطاع إليه سبيلاً؛ وقد ابتدأ فيها من الشهادة قائلاً:

"مطلعها الله ومقطعها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، كلمة هي الدين، وهي كنه اليقين، وهي الحق المبين."[5]

ثم عاد فذكر الطهارة لكونه مبنىً للصلاة كما ذكر الصلاة نفسها والصوم والزكاة والحجّ. وقد نراه ينشر طيب الأحكام في كتابه. من بين هؤلاء الأحكام خطيب المسجد والطلاق وضجيح الحجيج وما إلى ذلك.[6]

اتجاه اللغة والتشكيل:

قد سلك أحمد شوقي كغيره من الأدباء مسلكاً بارزاً في صناعة النثر، وأتى بمادّة غزيرة تدل على عبقريته وغزارة علمه في أدب اللغة العربية وعنايته بها. ومن هنا تشابكت لديه الكلمات بحيث لا تقلّ عن انسجام الموضوعات النثرية.

وأما عن منهجه الذي سار عليه فهو يختلف بموضع عن موضع حسب ما يقتضيه الحال. وهو يستخدم كلماتِ في رواياته ومسرحياته بحيث لا تسهل لعامّة العوام كما هو الحال في أبرز آثاره النثرية، أعني: أسواق الذهب، أو السيرة الذاتيه له. ونعثر على هذا في الشوقيات لما نشرت لأول مرة في عام 1898م- وهو يكتبها "بأسلوب رشيق، وأكثرها مصوغ في كلام مرسل يتخلله سجع طبيعي مقبول، وهي من سهلة الممتنع، ولعلها خير ممثل للأسلوب النثري الشوقي."[7]

ومما تقدّم يبدو لنا أن شوقياً يتّبع الأدباء المتقدمين في اقتطاف الكلمات التي فيه شدّة الأداء وينتخب مفردات مذهّبة ملوّنة بين المرسل والمسجع. والنوع أيضاً نجده في كتابه المذكور آنفاً. ولذا اختلف الأدباء عنه في تشكيل نثره وصياغة انطلاقه ونالوا من شأن نثره، لأن هذا العصر الجاري عصر سكبٍ وتطليقٍ لا عصر سجعٍ ولا تقييدٍ مُغلقٍ.[8]* ===اتجاه الفن:===

يُكثر الكتّاب الفنّانون بممارسة في فنون الكثيرة فيطرقون في أطراف أدبية مختلفة. فهذا يكتب عن سيرة قومٍ وما يحدث فيهم وعن ثقافتهم العالية، وذاك الكاتب يتحدث عن أدبهم، وينشأ لهم صداهم في المسرحيات والروايات والقصص. فاعتاد شوقي كذلك، وسجل الأدب تأديباً للعرب عامتهم ومصر خاصتهم في صورة الرواية، والحكمة، والسيرة الذاتية له، والحوار، والمسرحية، وعن طرق الحياة الأخرى[9]. وكذلك شمل كتابته إلى تخطيط الرسائل الرسمية مثل الأدباء المتخصصين بصنعة الإنشاء الرسمي فقط. ونجده في هذا الصدد عندما كان سكرتيراً في داخل الخديوية. وهي تُعد من مساعيه المقتدرة في النثر الأدبي. * ===اتجاه المحتوى والموضوع:===

الأدب للأدب يُعدّ من أبلغ مقاصد النثر والشعر عند طائفة من الأدباء في القديم والحديث، حينما وحيثما يريد الأديب أن يكتب فهو يريد في أول الوهلة تقوية لغة يكتب فيها وتصلّبَ أدبٍ ينسخ له. ونفس الحالة نجدها مجراة لدى شوقي حينما جمع أحشاد النثر وتلقّى الأدب، ولكن ليس فيه بضاهئ للأدباء الآخرين أن يمارس مثلهم في موضوع ومفهوم واحد، فهو حيناً يكتب عن زهروات الحياة وآخر يبحث عن حياة الإنسان وقت النزع والموت، ويقف وقفةً يسيرة عن وصف الشمس. فالإنسان يطالع في نثره تنوعات الأفكار الساذجة والأخيلة الملوّنة بعد مشي قليل، ثم اجتمعت الموضوعات لديه وتعدّدت؛ فمنها: حول الوطن والجندي والشباب والخير والظلم ووصف الأسد والكاتب العمومي والشيخ المهندم والحج واليوم الغد وغيرها.[10]

رغم أن تلك الموضوعات لم تترتب في شكل خاصّ وزيّ معين إلا أنها تُعين القارئ على مطلوب المنهل الذي خطا فيه شوقي. وهي كغيرها من الشوقيات متداخلة هذا في ذاك.[11]

اتجاه السياسة

ولا نبالغ لو قلنا إن شوقياً قد عرّف للعرب أدب السياسة وخاصة نثر السياسة؛ - وكان جديراً به - ومن أبلغ الدلالات عليها أنه كان في أول الأمر سكرتيراً للخديوية، وما زال يكتب لهم حتى نفي إلى الأندلس تعقيباً له لمحاباته الخديويين. ويوجد سهم كبير من الأدب السياسي في نثره، وفي هذا الأدب انتقد النظام السياسي لمصر كانت أم لحكومات مجاورة لمصر.

قد انتقد شوقي أنظمة الحكومات المتنوعة وأصحابها في العصور المختلفه في رواياته بحيث كيف ترقّت الحكومات وما هي أسباب تنزلهم وكيف التحق بهم الفساد، وكيف ذهبت ريحهم ؟ وينتقد مختلف النظام السياسية حين يتطرق أبواب المسرحيات ليقيّدها في قراطيس الكتب؛ على سبيل المثال روايته أميرة الأندلس يذكر فيها عصر المماليك الذين غلبت عليهم مصالحهم الذاتية دون مراعاة المملكة، وكذا يلتمس ذكر اليونان والفرس والهند ومصر في مسرحياته ورواياته المختلفة، ويجمع أحوال سُكانها وينتقدهم نقداً لاذعاً. وقد تستقل تلك الأنواع السياسية بعناوين متعدّدة مثل: الوطن، والجندي المجهول، وقناة السويس من خلال كتابه: أسواق الذهب، وهي عبارة خلَص عن السياسة وما يدور حولها. * ===اتجاه التاريخ: ===

قد تناول شوقي في نثره كعادته السارية تاريخَ من سبقنا مشياً بعد مشي؛ ففي روايته النثرية أميرة الأندلس سجل تاريخ ملوك الأندلس بإسبانيا الغربية، ووعى فيه ما كانت لدى سكانه من اعتلاء وانهباط وانهيار. وما زال هذا شأنه في كتابة أبواب النثر حتى احتشم لديه كثيرة من تواريخ السلف وتاريخ من عاصره، مثلاً: هو يُقيد تاريخ مصر القديم بأن كان بعضهم يأخذون عن الطيور ويقولون بحكاية وقائعهم بلسان الطيور؛ بأنه يتخيل له أنه هدهد، ويتعلم من بنتاؤر الذي تمكن من إلقاء الشيطان فيه، ففي هذه الطريقة يحتفظ بتاريخ وطنه الكريم. [12]وكذا يذكر أحوال اليونان القديم في نثره الروائي من خلال لادياس، ويعي ما سقطت من أوراق التواريخ أو استبقه الأقل من الشعراء. وهي الحالة لديه في استبقائه بماضي الفارس - عظيمة الاجتماع وإحدى الطاقتين العظيمتين في العالم – وكان هذا عندما أراد وضع خططٍ لرواية له: ورقة الآس.[13]

تجاه الاجتماع:

وما أدب قومٍ إلا تسجيل أحداثهم وأحوالهم التي تنشأ وتحدث في مجتمعهم كل يوم. فقد يلتقط أحدٌ الأدب ويحتفظ في ذهنه كما هو الحال في صفحات بعض المجلات، بأن يأخذ الأديب قلمه ليعي بصريره بطولات قومه ومفاخرهم ومآثرهم وأمجادهم مع عدم انصرافه عن هبوطهم وانهيارهم. فالنثر لا يزال ينحدر مع تلك الأحوال ويستوي ويستقيم ويسقط. فكذا إذا ما نقرأ نثره نجده يتناول شتى الأمور التي تتعلق ببيئة الإنسان. وقد وصف لنا بعض الأشياء ما كانت أهلاً لها مثل: الصبر والخير وبعض أحكام الإسلام[14]، وانتقد البعض ما رآها معيباً ثم صوّرها للقارئين بشكل ضئيل يحتاج إلى ترقيع أو إنشاءٍ في صورة جديدة[15]. وكذا قد مارس شوقي أن يجدّد النثر بحيث رسم فيه تصوير عِشرات متنوعة وما حدث فيها من أسباب اعتزال الناس عن شؤون اجتماعية.

ثانياً: منظور الأدباء من خصائص نثره:

لكل أديب منهج يتبعه ويسلك عليه، إما يكون المنهج مبتكرا وإما يكون مأخوذا عن أدباء متبوعين معلومين بمناهجهم الخاصّة وهذا بأن يضع أديب بنفسه قواعد ثم اتّبعها بنفسه ويكون المنهج مخترعاً. فإن كان مبتكراً جذاباً في منهجه فيتلقاه الناس ويصغون إليه بمصاحبة العدّ إياه من ميزاته ويتفوّق بها على متقدميه وإلا فلا يتبادرون إليه القراء الذين يفهمون الكتابة والقراءة.

إن شاعر العرب الجميع شوقياً كذلك يمتاز نثره عن النثور كما قلنا في البحث عن اتجاه الشكل والموضوع. ومع ذلك لم ينل نثره حظوة كاملة تليق بمعاصريه من الأدباء والكتّاب، ومع اعتراف مني بأن عصره لا ينتصره في النثر مثل انتصاره في الشعر، كما قال عنه الدكتور شكري فيصل:

".....نرى أننا نستطيع أن نقول في الشعر: هذا عصر شوقي في كثير من الاطمئنان، ولكننا لا نملك بحال أن نقول في النثر: هذا عصر شوقي، فللنثر أمرآؤه الآخرون."[16]

ثم يذكر الدكتور شكري أسماء بعض الكتّاب التي تعاصره، ولهم شهرة وصيت عامٌ بإضافتهم في تنمية النثر العربي الحديث. ولا حرج عليه في هذا لأنه كان شاعراً كاملاً لا ناثراً مُجيداً.

ثم شوقي لا يندب أمور العرب فحسب في شعره، بل كثيراً مّا يأتي على أقوام أخرى فيتناول بيئته وثقافاته وتاريخه، كما يتناول سكان مصر قبل تمكن الإسلام منهم في مصر وقبل قدومه إليها، فكذا يتحول إلى قيد أحوال جيرانهم قريببهم وبعيدهم من الهنادكة واليونان والفرس وأهل الأندلس.

وفيما يلي نقتطف بعض المزايا لنثره وهي ما امتاز بها، وهي:* الإكثار من الكلام المسجوع:

أنه قد أكثر بالسجع من خلال نثره، وإن نقض من تشكيل كلماته، مثلاً: هو يصف الشمس فيقول:

"سل الشمس من رفعها ناراً، ونصبها مناراً، وضربها ديناراً ؟ ومن علّقها في الجوساعةً، يدبّ عقرباها إلى يوم الساعة، ومن الذي آتاها معراجها، وهداها أدراجها، وأجلها أبراجها، ونقل في سماء الدنيا سراجها ؟" [17]

نحن نشاهد إكثارشوقي من كلام مسجوع في هذه الفقرة، وهو في غير واحد من المواضع حتى لنظنّه لا يعرف شيئاً غير السجع. وهو الأمر الذي اضطرّ النقاد إلى قدحه بها حتى قال شكري فيصل:

".... ومن هذا، فيما أحسب، كان أعظم الغبن الذي لحق نثر شوقي. وإذا كانت مواضعات العصر ومقاييسه هي التي ألقت على نثر شوقي؛ أعني على النثر المسجوع، هذه الظلالَ الكثيفة التي تحول بيننا وبين أن نتذوقه، وبيننا وبين أن نستجيب له، وبيننا وبين أن نتفاعل معه." [18]* توافر الموضوعات:

قد توافرت الموضوعات المتنوعة في نثره. هو لا يكتفي بموضوع واحد في كتاب واحد، بل يبدأ عن شيء فتسربل عنه إلى موضوع آخر. نعثر على خير مثيله في كتابه: أسواق الذهب. وقد أشرنا إليه من قبل.* تداخل الشعر في النثر:

عندما يقرأ قارئ نثره ويسير شيئاً، فلا يدري أهو بصدد قراءة الشعر أم النثر، لأنه أكثر ما يتداخل إحدى موضوعاته، ويتراءى أنه نثره لبِس ثياب الشعر بحيث لا يتميّز أحدهما عن الأخر. وأظنّ هذا التدخل لحق بنثره لأنه شاعرٌ مُجيد وكثيراً ما رأينا الشعراء يتكلمون بكلمات مسجوعة حتى وفي محاوراتهم المعتادة. وهذا شيء آخر دفع النقاد إلى تنقيص الشأن في نثره.[19]* الجمع بين تاريخي القديم والحديث:

قد تشتّتت بيان التواريخ القديمة والحديثة في كتبه وخاصة رواياته ومسرحياته. ونشاهده يحتشد لديه تواريخ العجم والعرب كليهما، وقبل بدأ الإسلام في مختلف قارّات الأرض.* سرد الأدب بلسان الطيور أو أدب الحيوان:

هذا يعتقد من القديم أن الطيور والحيوانات كانت تتكلم ويفهمها عامة الناس. ونعلم أن نبي الله داؤد وسليمان عليهما السلام أيضاً كانا يفهمان منطق الطيور، والقرآن المجيد يصدّق العقيدة. فشوقي الشاعر يسرد الأدب بلسان الطيور والحيوانات كما فعل في مسرحيته الشهيرة: مذكرات بنتاؤر. * الإصلاح بالأدب:

عندما نخوض نثر شوقي لنقرأه فنلتقيه ينتقد مجتمعاتٍ لم تر بالاً بمصالح رعياتهم، ولعل السبب من الانتقاد أن يعرف أصحاب القدرة ما كان يحتاجونه من إصلاح الرعية ومرافقهم. وخير مثيل لهذا روايته الشهيرة: أمير الاندلس بحيث انتقد فيه حرص الرجال في اكتساب مالٍ من الأميرة. ولو لم ينالوا شيئاً.[20] * حشد الأنواع البيانية البلاغية:

من المعلوم أن شوقياً من منطقة يعصرون الكلام وينتخبون كلماتٍ تناسب المقام. وكان يحفظ في جلسة واحدة صفحات كثيرة من كتب اللغة. فهو يتلعب بفروع البيان؛ ينصرف من التكلم من الخطاب فمن الغيابة إلى الحضور. معنى أنه متبوع في " الالتفات" البلاغية. وهو شأن الأدباء المتقنين. مثلاً هو يقول:

"والوطن لا يتمّ تمامه. ولا يخلص لأهله زمامه، ولا يكون الدار المستقلة، ولا الضيعة الخالصة الغلّة. ولا يقال له البلد السيد المالك، وإن تحلّى بألقاب الدول والممالك، حتى يُجيل العلْمُ في يد العمارة، ويجمع له بين دولاب الصِناعة وسوق التجارة...."[21].

وهذا هو الأمر الذي جعله في حقل الناثرين وإن كان لا يوافقه في كون النثر من مجاله.

ثالثاً: خلاصة المقال:

لقد ذهب شوقي بثره على درب غير درب الأدباء الناثرين المجيدين لأن لكل ميدان فارسه وما كان شوقي من فرسان النثر العربي وإن كانت صيته غطّى العالم بضجاجته الشعري وقرع أسماع من استمع إليه. وكان نثره يشمل لاتجاهات جديدة تجتمع بين خصائص النثر القديم والحديث بين المجتمع والدين، والسياسة والتاريخ. ويحشد نثره أشتات الأغراض التي لا يسع لكثير من الأدباء. فأدب نثره يملأ شتات المقاصد المتبوعة بعده أو التابعة لمن سبقه في الماضي. وما كان المقصود من الأدب في الماضي فلم يزل لديه في عصره حتى أصلح العوام برجوعهم إلى تاريخهم الفاخر. وقد احتوى نثره بكثير من المزايا بين الراسبة والناجحة فقد رسب بالراسبة حيناً وانتقده الأدباء لتلك المزايا الراسبة، وآخرَ نجح كما يتمنى الرجل أن توصله تلك المزايا إلى الفلاح في مجاله. إضافة إلى هؤلاء الخصائص قد احتشد لديه موضوعات بين النظرية والتطبيقة الاجتماعية الخصائص لأنه سار على درب الناثرين الأمويين قليلاً فتركه وتحول منه إلى أسلوب العباسيين فإلى أسلوب التركيين الذين صار كل اهتماهم بقوافي الجمل وأسجاع الكلمات فقط دون العناية بمعانيها المعبّرة لها. وتلك هي مجموع أسلوبه ومزايا نثره ما أدت النقاد إلى أن يعترفوا بفشل نثره وإخراجه عن قوائم النثر المثمر مع اعتراف شعراء العرب بمكانته السامية المرموقة بين زملائه.

حوالہ جات

  1. الهوامش: محمد حافظ بن إبراهيم فهمي، المهندس، الشهير بحافظ إبراهيم: شاعر مصر القومي، ومدون أحداثها نيفا وربع قرن. ولد في ذهبية بالنيل سنة 1287هـ، وتوفي أبوه بعد عامين من ولادته. ثم ماتت أمه بعد قليل، وقد جاءت به إلى القاهرة، فنشأ يتيما. ونظم الشعر في أثناء الدراسة. ولما شب أتلف شعر الحداثة جميعا. ولقب بشاعر النيل، وطار صيته واشتهر شعره ونثره. وكانت مصر تغلي وتتحفز، ومصطفى كامل يوقد روح الثورة فيها، فضرب حافظ على وتيرته، فكان شاعر الوطنية والاجتماع والمناسبات الخطيرة. وانقطع للنظم والتأليف زمنا. توفي بالقاهرة سنة 1351هـ. وله ديوان شعر. [الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2002م، ج6، ص76]
  2. مهرجان أحمد شوقي، المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، القاهرة، مصر، ط1، 1960م، ص77.
  3. كتب إبراهيم فيومي رسالة عن نثره بموضوع: "أحمد شوقي ناثراً" لنيل شهادة الماجستير، سنة 1976م.
  4. انظر للتفصيل: عذراء الهند، أحمد شوقي، تقديم: أحمد الهواري، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، ط1، 2005م، ص87؛ روايات شوقي المجهولة؛ عذراء الهند، تقديم: محمود علي، المجلس الأعلى للنشر، مصر، ط2، 2007م، ص145-146؛ أحمد شوقي، دراسة في أعماله الروائية، أصيل عبد الوهاب عطعوط، رسالة لنيل شهادة الماجستير، جامعة النجاح الوطني، فلسطين، 2010م،ص32-43، 71-87.
  5. الموسوعة الشوقية، جمع وترتيب، إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1995م، ج6، ص80.
  6. المرجع نفسه، ج6، 80-93.
  7. العودة إلى شوقي أو بعد خمسين عاماً، عرفان شهيد، دار البرّ، مصر، ط1، 2009م، ص421.
  8. انظر: مهرجان أحمد شوقي، ص261- 265.
  9. انظر: نفس المرجع، ص22- 26؛ الموسوعة الشوقية، ج6، ص1-377، 449-531.
  10. انظر: فهرس كتابه: أسواق الذهب، مكتبة الهلال، مصر، ط بدون، 1932م.
  11. انظر للتفصيل: مقالة للدكتور شكري فيصل بموضوع: نثر شوقي، المهرجان، ص261.
  12. انظر: الموسوعة الشوقية، ج4، 73.
  13. انظر: أحمد شوقي، دراسة في أعماله الروائية، أصيل عبد الوهاب، ص60-61، ملخصاً.
  14. انظر: أسواق الذهب، أحمد شوقي، ص51، 57، 75-91.
  15. انظر للتفصيل: رواياته المختلفة، مثل: أميرة الأندلس، وورقة الآس، وعذراء الهند، ولادياس؛ انظر أيضا: أسواق الذهب، ص52، 56.
  16. مهرجان أحمد شوقي: ص264.
  17. أسواق الذهب، ص40.
  18. المرجع السابق، ص263.
  19. قد ذكر هذه الميزة له أصيل عبد الوهاب يوسف عطعوط في مقالته: "أحمد شوقي، دراسة في أعماله الروائية"، انظر: ص25.
  20. من أراد التفصيل فليراجع رواياته عامةً والرواية النثرية له: أميرة الأندلس خاصةً.
  21. أسواق الذهب، أحمد شوقي، ص16.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...