Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Bannu University Research Journal in Islamic Studies > Volume 3 Issue 1 of Bannu University Research Journal in Islamic Studies

الغرر في العقود, دراسة فقهية مقارنة بين المذاهب الأربعة |
Bannu University Research Journal in Islamic Studies
Bannu University Research Journal in Islamic Studies

Article Info
Authors

Volume

3

Issue

1

Year

2016

ARI Id

1682060029336_544

Pages

168-195

PDF URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/113/104

Chapter URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/view/113

Subjects

Betray Trade Four Schools Qura’n Sunnah

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

المقدمة

الإسلام يسعى للاقتصاد العادل، ويحض على استخدام جميع المواد استخداماً مثالياً دون إسراف وتبذير، ويعطي اقتصاداً شاملاً لحياة الإنسان الأولى والأخرى. فالإسلام يريد إنتاجاً طبيعياً بحيث يتمكن الإنسان من استثمار خيرات الأرض، ويريد إنتاجاً عقلياً وعلمياً يصنع المواد ويخلق المنافع.


في عصرنا الحالي أصبح الناس يتعاملون على أساس المنفعة ولو كان ذلك على حساب الأضرار على الآخرين، والسوق هو الإطار الذي تتم فيه عمليات البيع والشراء، والأنواع المختلفة من المعاملات، ونظراً لأهمية السوق وتأثيره على الاقتصاد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ببناء السوق الإسلامي في المدينة بديلاً عن السوق اليهودية الذي كانت تجري فيه معاملات محرَّمة وغير محرَّمة، وبينَّ النبي صلى الله عليه وسلم أصول ودساتير هذا السوق، ومن أهم أصول السوق الإسلامي أن تكون العقود خالية من الغرر والجهالة والخداع، ليأخذ المسلم الحذر والحيطة حول كل ما يضر به ويؤدي لضياع أمواله أو النزاع. وبين فقهاؤنا إجلاء صور الغرر ومواقعه، ووضحوا جزئياته وأمثلته وضوحاً تاماً.

ويعيش العالم الآن على فوهة بركان، إذ أنّ الخبطات الاقتصادية المتمثلة بنظام البورصات في النظام الرأسمالي التي تتحكم بمصير العالم، ويمكن أن تنقلب كل الموازيين والمعادلات في يوم واحد وتنهار الدول باقتصادها وأنظمتها، كما حدث مؤخراً في بعض المؤسسات، وكثيراً ما يكون سبب الانهيار هو الغرر والجهالة.

وسأبين صور الغرر ومواقعه في العقود وفق المذاهب الأربعة. والحمد لله رب العالمين.

الغرر لغة واصطلاحا:

الغرر في اللغة: الخطر، والتغرير، التعريض للهلاك، وأصل الغرر في اللغة: هو ما له ظاهر محبوب، وباطن مكروه، ولذلك سميت الدنيا متاع الغرور([1]).

أصل الغرر: هو ما طوي عنك علمه وخفي عليك باطنه وسره، وهو مأخوذ من قولك: طويت الثوب على غره، أي على كسره الأول، وكل بيع كان المقصود منه مجهولا غير معلوم، ومعجوزا عنه غير مقدور عليه فهو غرر وذلك: مثل أن يبيعه سمكاً في الماء، أو طيراً في الهواء، أو لؤلؤة في البحر، أو عبداً آبقاً، أو جملاً شارداً، أو ثوباً في جراب لم يره ولم ينشره، أو طعاماً في بيت لم يفتحه أو ولد بهيمة لم يولد، أو ثمر شجرة لم تثمر في نحوها من الأمور التي لا تعلم ولا يدرى هل تكون أم لا؛ فإن البيع مفسوخ فيها, وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه البيوع تحصينا للأموال أن تضيع، وقطعا للخصومة والنزاع أن يقعا بين الناس فيها.

فالغرر هو تعريض المرء نفسه أو ماله للهلاك من غير أن يعرف. وقال الصنعاني: الغرر: بمعنى مغرور اسم مفعول، وإضافة المصدر إليه من إضافته إلى المفعول ومعناه الخداع الذي هو مظنة أن لا رضا به عند تحققه فيكون من أكل المال بالباطل، ويتحقق في صور إما بعدم القدرة على تسليمه كبيع العبد الآبق، والغرس النافر، أو بكونه معدوماً أو مجهولاً أو لا يتم ملك البائع له، كالسمك في الماء الكثير، ونحو ذلك من الصور، وقد يحتمل بعض الغرر، فيصح معه البيع إذا دعت الحاجة إليه، كالجهل بأساس الدار، وكبيع الجبة المحشوة وإن لم ير حشوها، فإن ذلك مجمع عليه، وكذا على جواز إجارة الدار، والدابة شهراً مع أنّه قد يكون الشهر ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين وعلى دخول الحمام بالأجرة مع اختلاف الناس في استعمالهم الماء، وكذا على جواز الشرب في السقاء بالعوض مع الجهالة([2]).

الغرر عند الفقهاء:

قال السرخسي الحنفي: الغرر ما يكون مستور العاقبة ([3]) وقال ابن القيم: هو ما لا يقدر على تسليمه، سواء أكان موجوداً أو معدوماً كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد، وإن كان موجوداً([4]), هو البيع الذي يتضمن خطراً يلحق أحد المتعاقدين، فيؤدي إلى ضياع ماله هو بيع الأشياء الاحتمالية غير المحققة الوجود أو الحدود، لما فيه من مغامرة وتغريريجعله أشبه بالقمار. والغرر الذي يبطل البيع: هو غرر الوجود , وهوكل ما كان المبيع فيه محتملاً للوجود والعدم. الغرر إذن: هو الخطر بمعنى أن وجوده غير متحقق، فقد يوجد وقد لا يوجد. وبيع الغرر: بيع ما لا يعلم وجوده وعدمه، أو لا تعلم قلته وكثرته، أو لا يقدر على تسليمه. وقال الشيرازي الشافعي: الغرر ما انطوى عنه أمره وخفي عليه عاقبته([5]). وقال القرافي المالكي: أصل الغرر هو الذي لا يدري هل يحصل أم لا كالطير في الهواء، والسمك في الماء([6]). وقال ابن حزم: ما لا يدري المشتري ما اشترى، أو البائع ما باع ([7]). فبيع الغرر يحتمل الخطر على أحد المتعاقدين، فيضيع المال، وهو يشبه القمار أيضاً بل إنّه عين الغش، والخدع، والخطر، فعند جميع الفقهاء إن الغرر يشمل ما لا يدري حصوله ولذلك ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:« نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»([8]).

فمواقع الغرر كثيرة جداً، وقد يكون الغرر مُفسداً العقد باتفاق أئمة المذاهب كما في بيع المزابنة، والمنابذة، والحصاة، وبيع المضامين والملاقيح، وبيع ضربة القانص والغائص، وبيع معجوز التسليم والمعدوم والمجهول.

وقد يكون الغرر مفسداً العقد عند بعض الفقهاء ولا يُفسد عند بعض الفقهاء الآخرين، بأن يمكن القضاء على التنازع بسبب آخر كبيع المزارعة، وبيع الغائب، والجعالة والمساقاة. وقد لا يكون الغرر مُفسد العقد وذلك مما يدخل في البيع تبعاً لا يمكن تجريده، أو بسبب احتياج الناس إليه، أو ما يتسامح الناس عادةً في التعامل بغرر يسير، وكل ذلك أبيِّنه بالتفصيل في مبحثين إن شاء الله:

المطلب الأول في العقود التي فيها الغرر الفاحش.

المطلب الثاني في العقود التي فيهاالغرر اليسير.

المطلب الأول

في العقود التي فيها الغرر الفاحش وبذلك اتفق الفقهاء ـ أو الجمهور ـ على منعها

1.      بيع الحصاة:

بيع الحصاة الذي يشبه بيع اليانصيب اليوم، كأن يقول: ارم بهذه الحصاة، فعلى أي ثوب وقعت فهو لك، أو بعتك من هذه الأرض ما انتهت إليه الحصاة في الرمي. ولفظ الغرر يشملها، إلا أنها أفردت في الحديث بالنهي كما نلاحظ، لكونها كانت مما يبتاعها أهل الجاهلية ([9]). وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:« نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ»([10]).

ويشبه هذا البيع أيضا بما يجري في المسابقات في الملهى والملعب بأن يدفع المشتري قيمة استخدام الآلة والأداة التي يرميها على البضائع المتنوعة والأسعار لكل واحد تختلف من الآخر، وحينما تمّ استخدام الأداة وعلى أيّ شيء وقعت الرمي فهو له، وفي هذا غرر وجهالة وقمار.

2.      بيع المنابذة:

وهو أن يشترط البائع إذا نَبذتُ (طرحتُ) هذه السلعة إلى المشتري فيلزم البيع من غير تأمل في البيع والثمن، مثلاً يقول البائع: متى نبذت هذا الثوب فهو لك بكذا ([11]). إن أو متى نبذت هذا، أو أي ثوب نبذته لك (أي طرحته) فهو لك بكذا. قال ابن عابدين: «وهو أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر، ولا ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه على جعل النبذ بيعاً»([12]) وكذلك أن يلقي حجراً أو حصاة على البضائع المختلفة فإذا وقع على أية بضاعة فيكون البيع بلا تأمل وروية، وينقطع الاختيار. وفي عصرنا هذا يشبه يا نصيب بيع المنابذة ما فيه من الغرر والجهالة.

3. بيع المزابنة:

وهو بيع الرطب أو العنب على النخل أو الكرمة بتمر مقطوع، أوزبيب مثل كيله خرصاً أي بتقديره حَزراً أو تخميناً. وهو بيع مجهول بمعلوم أو من جنسه بأن يبع الثمر بالتمر، وبيع زبيب بمثله تخميناً وبيع صندوق فاكهة بمثله دون أن يعرف قدر كل منهما، وبيع الحنطة في سنبلها بحنطة وفي كل ذلك غرر وجهالة([13]) وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال:« نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ»([14]).

4. بيع الملامسة:

وهو أن يبيع شيئاً على أنّه متى لمسه وقع البيع بدون مشاهدة وتأمل، وينقطع خيار الرؤية وخيار المجلس بأن تكون البضاعة في ظلمة([15]) أو تكون مطوية أو في صندوق أو في علبة وقال: متى فتحت هذه العلبة أو الصندوق أو متى أنزلت هذه البضاعة من مكان فلان فيقع البيع، وسبب حرمة ما فيه من الغرر والجهالة وورد في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: « نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ»([16]).

فلا يصح التصرف بالمجهول جهالة فاحشة: وهي التي تفضي إلى المنازعة. ويكون العقد فاسداً عند الحنفية، باطلاً عند غير الحنفية، وتغتفر الجهالة اليسيرة، وهي التي لا تؤدي إلى المنازعة ويتسامح الناس فيها عادة.

ولا يصح التصرف بما يشتمل على الغرر ولا توجد الجهالة بدون الغرر([17]). وهذا الشرط مطلوب في المعاوضات المالية كالبيع والإيجار باتفاق الفقهاء، أما اشتراطه في غيرها فمحل اختلاف: فالشافعية والحنابلة يشترطونه في عقود المعاوضات المالية وفي غير المالية كعقد الزواج، وفي عقود التبرعات كالهبة والوصية والوقف ([18]). وقصره الحنفية على المعاوضات المالية وغير المالية، ولا يشترطونه في عقود التبرعات كالوصية والكفالة، فيصح التبرع مع جهالة المحل؛ لأن الجهالة فيه لا تؤدي إلى النزاع، كأن يوصي شخص بجزء من ماله، ويكون البيان متروكاً للورثة. وكأن يقول الكفيل: أنا ضامن ما على فلان من مال([19]).

واكتفى المالكية باشتراطه في عقود المعاوضات المالية فقط، فأبطلوا كل عقد بيع مثلاً إذا كان مشتملاً على جهالة المبيع أو الثمن. ولم يشترطوا هذا الشرط في عقود المعاوضات غير المالية، وفي عقود التبرعات، فأجازوا الزواج المشتمل على غرر قليل لا كثير كأثاث بيت، لا على شيء شارد أو ضائع؛ لأن القصد من المهر هو المودة والألفة فأشبه التبرع فاغتفرت فيه الجهالة اليسيرة، لا الفاحشة؛ لأن في الزواج شبهاً بالمعاوضات، وصححوا التبرع بالمجهول جهالة فاحشة؛ لأن القصد منه الإحسان بالصرف والتوسعة على الناس، ولا يترتب على ذلك نزاع ([20]).

5- بيع المعدوم:

فلا يصح التعاقد على معدوم كبيع الزرع قبل ظهوره لاحتمال عدم نباته، ولا على ماله خطر العدم، أي احتمال عدم الوجود لاحتمال عدمه بكونه انتفاخاً، وكبيع اللؤلؤ في الصدف، ولا يصح التعاقد على مستحيل الوجود في المستقبل، كالتعاقد مع طبيب على علاج مريض توفي، فإن الميت لا يصلح محلاً للعلاج، وكالتعاقد مع عامل على حصاد زرع احترق، فكل هذه العقود باطلة.

وهذا الشرط مطلوب عند الإمام أبي حنيفة والشافعي، سواء أكان التصرف من عقود المعاوضات أم عقود التبرعات([21])، فالتصرف بالمعدوم فيها باطل، سواء بالبيع أو الهبة أو الرهن، بدليل نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حبَل الحبلة    لأن المبيع فيها وقت التعاقد معدوم واستثنى هؤلاء الفقهاء من هذه القاعدة العامة في منع التصرف بالمعدوم عقود السلَم والإجارة والمساقاة و الاستصناع مع عدم وجود المحل المعقود عليه حين إنشاء العقد، استحساناً مراعاة لحاجة الناس إليها، وتعارفهم عليها، وإقرار الشرع صحة السلم والإجارة، والمساقاة  ونحوها.

واكتفى المالكية([22]) باشتراط هذا الشرط في المعاوضات المالية، أما في عقود التبرعات كالهبة والوقف والرهن فأجازوا ألا يكون محل العقد موجوداً حين التعاقد، وإنما يكفي أن يكون محتمل الوجود في المستقبل. وأما الحنابلة([23]): فلم يشترطوا هذا الشرط، واكتفوا بمنع البيع المشتمل على الغرر, الذي نهى عنه الشرع.اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع المعدوم لأنّ له خطر هل يوجد أم لا وفي ذلك غرر، وورد في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «نهى رسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر»([24])، وأمثلة بيع المعدوم وشبهه كثيرة منها:

أ _ بيع المضامين: وهو ما في أصلاب الذكور أي سيوجد من ماء الذكور([25]).

ب -.بيع حبل الحبلة: التاء فيه للتأكيد والمبالغة وهي الحبل، أي لا يجوز بيع ولد الحبلى وهو نتاج النتاج بأن يقول: بعت ولد هذه الحبلى، أو ولد ولد الناقة مثلاً([26]) ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه:«نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ»([27]).

ج بيع عسب الفحل: وهو ضرابه، وهو عند العقد معدوم، أما نفس العسب وهو جائز بالإعارة([28])، وورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه :« نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ»([29]).

د بيع ضربة الغائص: بأن يقول: أغوص غوصة فما أخرجته اللآلئ أو الأحجار فهو لك بكذا([30]).

ه بيع ضربة القانص: بأن يقول البائع: بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة بكذا.

و بيع الملاقيح: وهو ما في بطون الإناث من الأجنّة أو ما في البطن من المني، وهذا البيع كان معروفاً في الجاهلية، وورد في الحديث: « نَهَيْ عَنِ الْمَضَامِينِ، وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ»([31]).

ز بيع الدقيق في الحنطة: ومثله الزيت في الزيتون، والدهن في السمسم، والعصير في العنب، والسمن في اللبن، بيع البزر في البطيخ، والنوى في التمر، وبيع اللحم والشحم في الشاة الحية لأنها تصير لحماً بالذبح، والسلخ فكان بيع المعدوم([32]).

ح بيع المؤشرات: المؤشر هو رقم حسابي قياسي يعكس تطور التعامل في سوق معينة، سواء بالزيادة أو النقصان، ويعرف منه حجم التغير في السوق من الأسواق العالمية ويباع المؤشر ويشترى، ولا يجوز بيعه لأنه شيء خيالي لا وجود له في الحقيقة([33]).

ط بيع اللبن في الضرع: لأنّه مجهول الصفة والمقدار وأحياناً يكون معدوماً لأنّ قد يرى امتلاء الضرع من السمن أو النفخ فيظن أنّه لبن وقد لا يكون اللبن صافياً ولا يناسب للشرب بل كدر بسبب الحمل وقال الإمام مالك رحمه الله: يجوز بيع اللبن في الضرع في الغنم السائمة التي لا يختلف لبنها وعرف قدره، أمّا لبن المرضع فيجوز بيعه للحضانة وهي حاجة([34]).

ي بيع الثمار الزروع قبل الظهور: لأنهما معدومان وفيهما غرر أما قبل بدو صلاحهما فاختلف الفقهاء([35])، سأبين مفصلاً في محلهما إن شاء الله. يشترط باتفاق الفقهاء توافر القدرة على التسليم وقت التعاقد، فلا ينعقد العقد إذا لم يكن العاقد قادراً على تسليم المعقود عليه، وإن كان موجوداً ومملوكاً للعاقد. ويكون العقد باطلاً. وهذا الشرط مطلوب في المعاوضات المالية باتفاق العلماء وفي التبرعات عند غير الإمام مالك([36])، فلا يصح بيع الحيوان الشارد ولا إجارته ورهنه وهبته ووقفه ونحوها، ولا يصح التعاقد بيعاً أو إجارة أو هبة على الطير في الهواء والسمك في البحر والصيد بعد فراره والمغصوب في يد الغاصب والدار في الأرض المحتلة من العدو، لعدم القدرة على التسليم.

وأجاز الإمام مالك أن يكون معجوز التسليم حال التعاقد محلاً لعقد الهبة وغيره من التبرعات. فيصح عنده هبة الحيوان الفارّ وإعارته والوصية به، لأنه في التبرع لا يثور شيء من النزاع حول تسليم المعقود عليه؛ لأن المتبرع فاعل خير ومحسن، والمتبرع له لا يلحقه ضرر من عدم التنفيذ، لأنه لم يبذل قليلاً ولا كثيراً، فلا يكون هناك ما يؤدي إلى النزاع والخصام الذي يوجد في المعاوضات المالية([37]).

6 - بيع الطعام قبل قبضه:

لا يجوز بيع الطعام قبل قبضه لأنّ هذا البيع مشتمل على الغرر لاحتمال فسخه بهلاك البيع المعقود عليه قبل القبض، وهذا مفض إلى النزاع وكل بيع يفضي إلى النزاع بسبب الجهالة أو الغرر فاسد، وصور القبض كثيرة منها: نقل أو تحويل أو يكون باستيفائه من كيل أو بوزن أو عدّ، وفي ذلك ورد أحاديث كثيرة، وروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه»، قال: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ»([38])، عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»([39]).

7ـ بيع الإنسان ما لم يقبض وبيعه ما ليس عنده

قال صاحب بدائع الصنائع: القبض في بيع المشترى المنقول فلا يصح بيعه قبل القبض لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ما لم يقبض , والنهي يوجب فساد المنهي؛ ولأنه بيع فيه غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه؛ لأنه إذا هلك المعقود عليه قبل القبض يبطل البيع الأول فينفسخ الثاني؛ لأنه بناه على الأول، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فيه غرر , وسواء باعه من غير بائعه؛ لأن النهي مطلق لا يوجب الفصل بين البيع من غير بائعه وبيع البيع من بائعه، وكذا معنى الغرر لا يفصل بينهما فلا يصح الثاني والأول على حاله، ولا يجوز إشراكه وتوليته؛ لأن كل ذلك بيع([40]).

8 - البيعتان في بيعة:

هو أن يجمع بيعتين في عقد واحد بأن يقول بعتك هذا الكتاب بكذا على أن تبيعني قلمك أو يقول بعتك بألفين نقداً على أن تبيعني هذا مؤجلاً([41])، وقد روي في تفسير بيعتين في بيعة وجه آخر: وهو أن يقول: بعتك هذا العبد بعشرة نقدا أو بخمسة عشر نسيئة، أو بعشرة مكسرة أو تسعة صحاحا، هكذا فسره مالك والثوري وهو أيضا وهو قول الجمهور؛ لأنه لم يجزم له ببيع واحد فأشبه ما لو قال: بعتك هذا أو هذا؛ ولأن الثمن مجهول فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول؛ ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم، فلم يصح كما لو قال: بعتك أحد عبيدي، وقد روي عن بعض التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يقول: أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا فيذهب على أحدهما، أو يقول بعتك آلة الحاسوب بألف دولار نقداً وألف ومائة دولار إلى أجل ويفترق المتعاقدان قبل التعين أحد منهما، وعلة الحرمة هي الجهالة والغرر بسبب جهل مقدار الثمن، فإن المشتري لا يعرف وقت تمام العقد ما هو الثمن وإن عيّن قبل التفرق جاز البيع وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه:« نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ»([42]).

9 - التأمين:

عقد التأمين من عقود الغرر، العقود الاحتمالية المتردّدة بين وجود المعقود عليه وعدمه، قد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر ويقاس عليه عقود المعاوضات المالية، فيؤثر الغرر فيها كما يؤثر في عقد البيع، وعقد التأمين مع الشركات من عقود المعاوضات المالية، فيؤثر فيه الغرر، كما يؤثر في سائر عقود المعاوضات المالية، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، وقد وضعه رجال القانون تحت عنوان (عقود الغرر) لأنّ التأمين لا يكون إلا من حادث مستقبل غير محقق الوقوع، أو غير معروف وقوعه، فالغرر عنصر لازم لعقد التأمين، والغرر في التأمين كثير، لا يسير ولا متوسط، لأنّ من أركان التأمين (الخطر) والخطر هو حادث محتمل لا يتوقف على إرادة العاقدين([43]), التأمين بجميع أنواعه مشتمل على الجهالة والغرر ومن جهة أخرى ميسر وقمار، وكذلك يندرج تحت الربا الصريح دون شك.

ومن المعروف أن المشترك يدفع الأقساط لسنوات ثم هو لا يأخذ منها شيئاً بسبب عدم التعرض لأية حادثة، وقد يدفع قسطاً واحداً ويتعرض لحادثة طارئة ويأخذ في عوضه قدراً كبيراً، وهذا من حساب الناس الذين كانوا مشتركين في الشركة منذ سنوات طويلة. وكذلك عقد التأمين يدفع الناس إلى عدم المبالاة، حيث يعلمون أن عند تعرض الحادثة ستدفع لهم شركات التأمين وفي هذا إتلاف المال والنفس فتعم الفوضى واللامبالاة.

فالتأمين بجميع أنواعه صور احتيالية لأكل أموال الناس بطريقة غير شرعية، وقد ثبت بالإحصائيات الدقيقة التي جرت أحد خبير الألمان أن نسبة ما يعاد إلى المشتركين ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9 ?، وأسجل هذا الاستطلاع في الرأي العام الذي قام به أحد الباحثين في مصر، وألمانيا، وأوربا، وأمريكا وكانت النتيجة ما يلي([44]): 55 ? تقريباً يقولون: أنّ شرّ التأمين يغلب خيره، و 25 ? يقولون: أنّه شر لا خير فيه، و 15 ? يقولون: إن خيره يساوي شرّه، و 5  فقط هم الذين يغلِّبون خيره على شرّه.

وقرر المجمع الفقهي تحريم التأمين المتعارف عليه اليوم بأنواعه في مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/ 4/1397 هـ من التحريم للتأمين بأنواعه وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال، كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم.

10- بيع الثمار والزرع قبل بدو الصلاح و قبل أن تخلق:

وحرم بيع الثمر قبل بدو صلاحه لما فيه من ظلم لأحد العاقدين فروي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهي أن يباع الثمرة حتى تشقح قيل وما تشقح؟ قال تحمر او تصفر ويؤكل منها , وفى حديث أخر قال: إن بعث من أخيك تمراً فأصابته جائحه فلا يحل لك ان تأخذ منه شيئاً لم تأخذ مال أخيك بغير الحق. ورغم عن الإسلام أحل البيع وجعله من ضرويات الحياه ولكنه أمر بأن يكون عن تراضي وحتى يكون البيع صحيحاً ترتاح له النفوس وتطمئن له القلوب وتدوم الألفة بين الناس وقبل ذلك يكون المال حلال نقياً رغب الإسلام فى أن يكون المعاملة مبنية على الوضوح والتسامح الذي لا غرر فيه ولا غموض بل جعل الإسلام من حق كلا الطرفين فى حالة عدم التراضي فسخ العقد, ليس بمجلس العقد فقط بل حتي بعد إنعقاد مجلس العقد وهو ما يعرف فى الشريعة الاسلامية بالخيار ومن الخيار.

لا خلاف بين الفقهاء على عدم جواز بيع الزرع والثمار قبل أن تخلق لأنّه بيع المعدوم وفيه جهالة وغرر، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الغرر، لأنّه قد تخلق وقد لا تخلق، وأيضاً مجهول المقدار إن وجد، وورد في الحديث عن جابر رضي الله عنه:« نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ»([45])، بيع السنين: هو أن يبيع ثمر النخلة لأكثر من سنة في عقد واحد لأنّ فيه غرر، وبيع المعاومة: هي بيع الشجر أعواماً.

11 - الخيارات المشروعة بسبب الغرر:

ورغم عن الإسلام أحل البيع وجعله من ضروريات الحياة ولكنه أمر بأن يكون عن تراضي وحتى يكون البيع صحيحاً ترتاح له النفوس وتطمئن له القلوب وتدوم الألفة بين الناس وقبل ذلك يكون المال حلال نقياً رغب الإسلام في أن يكون المعاملة مبنية على الوضوح والتسامح الذي لا غرر فيه ولا غموض بل جعل الإسلام من حق كلا الطرفين فى حالة عدم التراضي فسخ العقد, ليس بمجلس العقد فقط بل حتي بعد إنعقاد مجلس العقد وهو ما يعرف فى الشريعة الإسلامية بالخيار ومن الخيار ما يلي:

خيار الغبن: والغبن لغة: النقصان غبن البيع أي قل ونقص وغبن الرجل إذا مر به ولم يلتفت إليه.

وفي اصطلاح الفقهاء الغبن: أن يأخذ البائع من المشتري ثمناً زائنا على الثمن على الثمن المتعارف عليه في السوق وهما يطلق عليه ثمن المثل ويسمى من وقع عليه الغبن مغبون ويثبت له فسخ العقد.

خيار الشرط: وهو أن يقول احدهما أريد ثلاثة أيام مثلاً لإتمام الصفقة فإن غيرت رأى انحل العقد يطلبه البائع أو المشتري ويجب ان يكون هذا الشرط في صلب العقد ويشترط أن يكون لأجل معلوم.

خيار التدليس: إذا اكتشفت أحد العاقدين أن الأخر وضع شيئاً في السلعة ليزيدها جمالاً ليزيد في سعرها عما تستحق فإن ثبت التدليس فله خيار الفسخ وقد ورد في السنة ما يسمي التصرية وهو ترك الناقة فلا تجلب أياماً ثم تباع وضرعها مملوء حتى يقال ناقة حسوب وعندما يحلبها المشتري أول مرة ثم ثاني مرة يفاجأ بأنها كانت مصراة فهذا تدلي وغش يفسخ به العقد وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تصروا الإبل والغنم فمن إتباعها فهو بخيار بعد أن يحلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصالح من تمر.

خيار العيب: فإذا ظهر فى السلعة عيبا أخفاه البائع مع العلم أنه تم الإتفاق على الشراء بدون هذا العيب بما يعني عدمه فله الحق في خيار العيب بفسخ العقد أو أخذ التعويض وهو قيمة الفارق بين السلعة بدون عيب والسلعة بعيبها.

المطلب الثاني

في العقود التي فيها الغرر اليسير وبذلك اختلف الفقهاء بين الجواز و عدمها

قد ذكرنا مما تقدم أنه يشترط لصحة العقود أن يكون المعقود عليه والثمن معلومين للبائع والمشتري، وكل جهالة تفضي إلى النزاع بين المتبايعين فلا يصح بيعه، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء، ولكنهم قد اختلفوا في بعض الصور التي لم يكن المبيع فيها واضحاً من جميع جهاته، والتي يكون فيها المبيع مجهولاً، ولكن يمكن القضاء على التنازع بسبب آخر منها:

1 - بيع اللوز والجوز والباقلا في قشرها:

ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية بجواز الحنطة في سنبلها، والباقلا، والجوز، واللوز في قشره، وكذلك الأرز، والسمسم، وبيع الطلع قبل تشققه مقطوعاً على وجه الأرض وفي شجره، لأن يروي ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:« نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ»([46]).

فمفهوم هذا الحديث إذا بدأ صلاحه، وابيض سنبله جاز البيع، لأنّه مستور بحائل من أصل خلقته كالرمان، والبيض، وكذلك الحيوان المذبوح في سلخه لأنّ يجوز بيعه قبل الذبح وكذلك إذا ذبح، كما الرمانة يجوز بيعها قبل الكسر، وكذلك إذا كسرت([47]).

فقال الشافعية: لا يجوز حتى ينزع عنه قشره الأعلى، واحتجوا بأنّه مستور، ولا مصلحة فيه، وكذا لا يجوز بيع الحيوان المذبوح في سلخه، وفي كل هذا جهالة وغرر ونُهينا عن بيع الغرر لأنه يفضي إلى النزاع([48]).

2 - البيع بالصفة أو بالعينة (النموذج):

العين الغائبة: هي العين المملوكة للبائع والموجودة في الواقع، ولكنها غير مرئية، أو نقول: هو غيبة العين عن البصر بحيث لم تجرّ رؤيتها عند العقد سواء كانت غيبة عن مجلس العقد أم كانت موجودة ولكنها مستورة في وقت العقد.

يشترط في العقد أن يكون محل العقد معروفاً لطرفيه ومعيناً، بحيث لا يكون فيه جهالة تؤدي إلى الغرر والنزاع بين المتعاقدين. وهذا شرط متفق عليه بين الفقهاء. وتحصل المعرفة برؤية المبيع حال العقد، أو رؤية بعضه (رؤية النموذج) أو بيان أوصافه الأساسية.

اختلف الفقهاء في الجواز وعدمه و في شروطه:

وقد أجاز البيع بالصفة فقهاء الحنفية والمالكية، والشافعية. جاء في المادة (320) من المجلة: «من اشترى شيئاً ولم يره، كان له الخيار إلى أن يراه، فإذا رآه: إن شاء قبله، وإن شاء فسخ البيع، ويقال لهذا الخيار: خيار الرؤية».

وفي المادة (324): «الأشياء التي تباع على مقتضى أنموذجها تكفي رؤية الأنموذج منها فقط». ويثبت للمشتري عند فقهائنا [الحنفية] حق خيار الوصف بعد رؤية المبيع، فإن شاء أنفذ البيع، وإن شاء رده، سواء أكان موافقاً للصفة أم لا. وقال المالكية: إذا جاء المبيع على الصفة صار العقد لازماً.

فعند الحنفية: بيع العين الغائبة من غير وصف جائز، وللمشتري أن يثبت خيار الرؤية أو خيار فوات الوصف المرغوبة، ولكن ذلك يصح بشرطين:

الأول: أن يكون المبيع مملوكاً للبائع لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه -: «لا تبع ما ليس عندك» ([49]).

الثاني: أن يبينه بما يرفع الجهالة الفاحشة عنه، فإن كان حاضراً في المجلس ولكنه مستتر عن نظر المشتري فينبغي بيانه بالإشارة إليه بأن يقول مثلاً: بعتك آلة الحاسوب الموجودة في كابينة كابين فلان. وإن كان المبيع غائباً عن المجلس فينبغي أن يبينه إما بالإشارة إلى مكانه، أو بوصفه، أو بذكر حدوده، أما الجهالة اليسيرة فلا تضره لأنها ترفع بخيار الرؤية، لأن خيار الرؤية يثبت بغير شرط([50]). ولكن إذا تم الشراء على أساس النموذج، ولم يختلف المبيع عنه، فليس للمشتري خيار الرؤية.

مذهب الشافعية: يصح بيع الغائب الموصوف سواء كان المبيع غائباً عن مجلس العقد أو كان موجوداً مستتراً، ولكن يصح العقد بشروط السَّلم، وسموا السَّلم الحال، وإن تم البيع بدون وصف لا يصح البيع ولم يجز خيار الرؤية ولا خيار الوصف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه:« نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»([51]). وفي هذا البيع غرر([52]).

مذهب المالكية: إن باع المبيع الغائب ولم يره المشتري ففي ذلك حالتان:

أـ أن يكون غائباً عن رؤية المشتري ولكنه حاضر في مجلس العقد، كالقمح والرز والسكر في الكيس، وفي هذه الحالة لا يصح البيع إلا برؤية البيع ما لم يكن في فتحه ضرر أو فساد.

ب ـ أن يكون المبيع غائباً عن مجلس العقد، سواء كان في البلد أو خارجه، وفي هذه الحالة يصح بيعه بدون رؤية. وعلى كلتا الحالتين يصح البيع بدون رؤية إذا تحقق أحد الأمرين التاليين:

أ‌-                   أن توصف السلعة بما يعين نوعها وجنسها ووصفها.

ب- أو يشترط خيار الرؤية.

وإذا وجد أحد الأمرين صح البيع وإلا فسد العقد لأن فيه جهالة وغرر، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر المفضي إلى النزاع([53]). مذهب الإمام أحمد رحمه الله: يصح بيع الغائب بشرطين:

أـ أن يكون المبيع عن الأشياء التي يصح فيها السلم أي من الأشياء التي يمكن تعيينها بالوصف كالمكيلات والموزونات فإنه يمكن ضبطها بالكيل والوزن.

ب ـ أن يوصف المبيع بالصفات التي تضبطه. وهي الأوصاف التي يترتب على ذكرها أو عدم ذكرها اختلاف في الثمن غالباً، فإذا باع بضاعة غائبة فيجب أن يذكر جنسها، تمراً أو قمحاً مثلاً، ثمّ يذكر نوعها بأن يقول تمر إيراني أو باكستاني أو مدني، ثمّ يصف وصفاً دقيقاً لو وجد، بأنّ الحبّة صغيرة أو كبيرة، وإذا لم يوصف البيع أصلاً أو وصف وصفاً ناقصاً لا يصح بيعه([54]).

3 - بيع الثمار والزروع بعد بدو الصلاح:

بيع الثمار والزروع بعد بدو الصلاح حكمها كما كان قبل بدو الصلاح وهاك الموجز:

أ ـ إن باع بشرط القطع في الحال جاز بالإجماع.

ب ـ وإن باع بشرط الترك لا يجوز بالإجماع.

ج ـ وإن باع مطلقاً بدون أي شرط جاز عند الحنفية ولا يجوز عند الجمهور. ولكن الفقهاء قد

اختلفوا في تحديد تعريف بدو الصلاح.

فذهب الحنفية أنّ بدو الصلاح: أن تؤمن العاهة والفساد([55]).

4 - بيع ما في رؤيته مشقة أو ضرر:

قد تكون برؤية البيع مشقة أو يلحق الضرر كالأدوية المعبأة في القوارير والأواني المختومة والغازات، والسوائل، والأطعمة المحفوظة أو كالمغيب في الأرض مثل الجزر، والبطاطا واللفت فيجوز عند الحنفية والمالكية كبيع العين الغائبة لأنّ البيع معلوم بالعادة والغرر فيه يسير فيثبت الخيار للمشتري إذا خالف الوصف المعروف مخالفة فاحشة([56]), وذهب الشافعية والحنابلة بإبطاله لأنّ لا يمكن وصفه ففيه الجهالة والغرر المنهي عنهما([57]).

5 - بيع الأعمى وشراؤه:

ذهب الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة) بصحة بيع الأعمى وشراؤه، ويصح كل العقود كالإجارة، والرهن، والهبة، ويكون له الخيار بما يفيد معرفته بالمبيع كالحبس، والشم، والذوق، والوصف في الثمار على رؤوس الأشجار والعقارات لأن الله تعالى قال: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]. وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:« إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ»([58]) فالأعمى قد رضي في البيع وهو كالأخرس في تمييز البيع كما الأخرس يقوم بإشارة في البيع، هكذا الأعمى يدرك باللمس والشم، والذوق([59]).

وذهب الشافعية إلى عدم صحة بيع الأعمى وشراؤه لأنّه لا يميز الجيد والرديء في حقّه كالمجهول إلا إذا كان قد رأى مبيعاً قبل العمي مما لا يتغير([60]).

6 - عقد الجعالة:

الجعالة لغة: هي ما يجعل الإنسان على فعل، أو ما يُعطاه الإنسان على أمر يفعله، وتسمى عند القانونيين: الوعد بالجائزة.

اصطلاحاً: الجعالة: هي التزام جعل أو أجر معين لمن يقوم بعمل معين، بدون تحديد أمد معين، أو التزام عوض معلوم على عمل معين أو مجهول، عسر علمه , وهي عقد جائز غير لازم كتقديم مكافأة لمن يرد متاعاً ضائعاً، أو يبني حائطاً أو يحفر بئراً يصل إلى الماء، أو ينجح نجاحاً متفوقاً في امتحان، أو يحقق نصراً حربياً على العدو، أو يشفي مرضاً معيناً، أو يبتكر علاجاً ناجعاً، أو يخترع اختراعاً صناعياً، أو يحفظ القرآن الكريم.، بأن يقول: من ردّ عليّ ساعتي، أو كتابي، أو قلمي، أو دابتي، أو من خاط لي قميصاً فله جائزة كذا أو له أجرة كذا([61]). أو يقول: من ردّ عليّ دابة فله نصفها أو ثلثها أو ربعها، أو من يجلب الزبائن فله عشر في المائة من سعر المبيع أو يقول: من يشفي المريض أو أدّى الشهادة أو من كان من الأوائل الناجحين المتسابقين فله كذا. عقد الجعالة لا يجوز عند الحنفية لأنّ فيه غرر وجهالة العمل لأنّ العامل لا يعرف هل يستطيع أن يؤدّي العمل أو يردّ الضالة أم لا، والاحتمال بالنسبة للملتزم وبالنسبة للقائم بالعمل الذي لا يدري ما يحتاجه من مجهود لإنجاز العمل. وكذلك إنّ الجعالة لم توجّه إلى شخص معيّن، ولم يوجد فيها من يقبل العقد فانتفى العقد([62]).

وتجوز الجعالة شرعاً عند الشافعية والحنابلة والمالكية([63]) بدليل قوله تعالى في قصّة يوسف عليه السلام مع إخوته: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وما جاء في الحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حنين:« مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ»([64]).

7 - بيع العرايا:

وهو عند الشافعية بيع الرطب على النخل خرصاً (حدساً) بتمر في الأرض كيلاً، أو بيع العنب على الشجر خرصاً بزبيب في الأرض كيلاً، فيما دون خمس أوسق أي (653 كغ) بشرط التقابض في المجلس عند الفقهاء ما عدا المالكية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا. وأما الحنفية فقد أجازوا بيع العرايا للضرورة فقط، وذكر الشوكاني أن أبا حنيفة منع صور بيع العرايا كلها، وقصر العرية على الهبة: وهي أن يهب صاحب البستان لرجل ثمر نخلات معلومة من بستانه، ثم يتضرر بدخوله عليه، فيخرصها، ويشتري رطبها منه بقدر خرصه بتمر معجل أي بقدر ما وهبه له من الرطب بما يساويه تخميناً من التمر. ويلاحظ أن هذه البيوع غير الصحيحة بسبب الغرر، فعند الحنفية لا يجوز العرايا إلا عند الضرورة بسبب الجهالة والغرر، ويبقى خيار الرؤية للمشتري، وقال الجمهور يجوز مطلقاً بما فيه غرر يسير، لأن تعارف الناس عليه واستدلوا بحديث «أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي بَيعِ العَرَايَا تُبَاعُ بِخِرصِهَا»([65]).

8 - بيع المزارعة:

المزارعة في اللغة: مفاعلة من الزرع، وهو الإنبات.

وفي عرف الشرح([66]):

عند الحنفية: عبارة عن العقد على المزارعة ببعض الخارج بشرائطه الموضوعة له شرعاً.

عند الشافعية: تسليم الأرض لرجل يزرعها ببعض ما يخرج منها، والبذر من المالك.

عند المالكية: هي عقد على الشركة في الزرع.

عند الحنابلة: دفع أرض وحبّ لمن يزرعه ويقوم عليه.

مشروعيتها: قال الإمام أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز المزارعة لأنّ ورد النهي في الحديث، عن جابر - رضي الله عنه - قال: « نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ»([67]). (والمخابرة هي المزارعة) ولأنّ الاستئجار ببعض الخارج من النصف والثلث والربع، إمّا معدوم لعدم وجوده عند العقد، أو مجهول، وقد لا تخرج الأرض شيئاً، وإذا أخرجت يكون الناتج مجهولاً، وفي كل هذه غرر الذي مفسد للعقد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:« نُهِيَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ " زَادَ عُبَيْدُ اللهِ " وَعَنْ قَفِيزِ الطِّحَانِ»([68])، والاستئجار ببعض الخارج من المزارعة في معناه، والمنهي عنه غير مشروع، فيكون الاستئجار ببعض الخارج غير مشروع كذلك.

أمّا حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة صيانة لدلائل الشرح عن التناقض، والدليل على أنّه لا يمكن حمله على المزارعة([69])، أنه صلى الله عليه وسلم  قال فيه: وقال عمر عن النبي  صلى الله عليه وسلم « أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ»([70]).

وجاء في حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: كنّا نخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر أنّ بعض عمومته أتاه، فقال: نهى رسول - صلى الله عليه وسلم - عن أمرٍ كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا وأنفعُ، قال قلنا: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ، وَلَا يُكَارِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا بِرُبُعٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى»([71]).

قال الشافعية والصاحبان من الحنفية، والمالكية في المشهور: يجوز المزارعة قياساً على المساقاة للحاجة، والدليل أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع، هو عقد شركة مثل المضاربة، واستدلوا بالسنة عن ابن عمر رضي الله عنه:« أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ»([72]).

9 - المساقاة:

لغة: مأخوذ من سقي، لما فيها من السقاية، وتسمى المعاملة أيضاً.

وفي الاصطلاح: عبارة عن العقد على العمل ببعض الخارج مع سائرشرائط الجواز([73]).

أو نقول: أن يعامل غيره على طماطم، أو تفاحة، أو العنب يتعهده بالسقي، والتربية على أن الثمرة لهما.

أجاز جمهور الفقهاء (المالكية، والشافعية، والحنابلة، والصاحبان من الحنفية، وهو الراجح عند الحنفية) واستدلوا ما عامل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، عن ابن عمر رضي الله عنه:« أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ»([74])، وهو عمل الخلفاء الراشدين وأجمع عليه الصحابة جميعاً ويقاس على المضاربة([75])، وذهب الإمام أبو حنيفة وزفر رضي الله عنهما إلى عدم جواز المساقاة لأنّهما استئجار ببعض ما تنبت الأرض، مستدلاً بحديث رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعَهَا وَعَجَزَ عَنْهَا، فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، وَلَا يُؤَاجِرْهَا إِيَّاهُ»([76]). واستدلوا بحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم:« نُهِيَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ... وَعَنْ قَفِيزِ الطِّحَانِ»([77]).

وقالوا: أن في المساقاة غرر وجهالة، لأنّ لا يعرف المتعاقدان هل تظهر الثمرة أم لا، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر.

10 - الاستصناع:

الاستصناع في اللغة: هو مصدر من استصنع الشيء: إذا طلب الصنع.

في الاصطلاح: هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل. أي هو عقد مع صانع على عمل شيء معيّن في الذمة بأن يقول المشتري أو المستصنع لصانع أن يصنع له حذاء أو يجلّد له الكتاب، أو يصنع له باباً من عنده بثمن كذا، ويبيّن نوعه ما يعمل، وقدره وصفته، فيقول الصانع: نعم أو ما يدل على قبوله.

اختلف الفقهاء وقال بعضهم: هو مواعدة وليس بيع، وقال الحنفية: هو بيع وله أحكام تميزه من السّلم وتخفف من شروط السلم وقيوده وأحواله. وقال بعض: إنه لو كان عقداً لم يصح؛ لأنه بيع معدوم؛ فلا نسلم أن بيع المعدوم منهي عنه شرعاً، فإن النهي هو عن الغرر وعن بيع الإنسان ما لا يملك. فأما الغرر: فكما في المزابنة والمحاقلة؛ لأنه لا يدري هل ينبت ذلك المكان أم لا، أما الاستصناع فإنه يغلب على الظن وجوده بصفته في وقت طلبه؛ لتوفر أدواته وآلاته وقدرة الصانع على صناعته. وأما بيع الإنسان ما لا يملك: فإذا على كان البيع حالّاً معيناً كما في حديث حكيم بن حزام مرفوعاً:« لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»([78]) حيث كان يبيع الناسَ السلعةَ ثم يدخل السوق فيشتريها لهم، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - , لوجود الغرر وإفضاءه إلى النزاع إذا علم البائع الأول أنه باعها بأعلى - بعد شرائها مباشرة -، أما الاستصناع فليس كذلك إذ هو بيع آجل موصوف في الذمة ويغلب على الظن إمكان إيجاده وقته طلبه، ففرق فيما بينهما.

ولو سلمنا بالنهي عن بيع المعدوم؛ فإن إلحاق الاستصناع بالسلم أقيس من إلحاقه ببيع المعدوم المنهي عنه؛ إذ إن الاستصناع كالسلم في كونه بيع آجل موصوف في الذمة يغلب على الظن وجوده وقت التسليم، فإلحاقه به أولى. على أن بعض الفقهاء - ممن منع بيع المعدوم - أجاز بيع المعدوم عند القدرة على تسليمه؛ لانتفاء الغرر عن المشتري، وانتفاع البائع بالمال لعدم قدرته على تحصيل ذلك المعدوم، ففيه من المصلحة ما لا يخفى.

11. عقد السَّلم:

السَّلم في اللغة: التسليف، وسمي سلماً لتسليم الثمن دون عوض في الحال، لأن المبيع يؤجل فيه.

في الاصطلاح: هو بيع شيء موصوف مؤجل في الذمة، وعرّف البعض: هو بيع يتقدم فيه رأس المال ويتأخر المبيع لأجل.

حكمه: وهو بيع شيء معدوم لا يجوز قياساً لأن فيه غرر وجهالة، ولكن جاز مما فيه حاجة الناس إليه وتعارفوا وتعاملوا فيه، ولرفع الحرج عن الناس، واستدلوا بكتاب الله عز وجل:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾[البقرة: 2/ 282] قال ابن عباس رضي الله عنه: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمىً قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه ثمّ قرأ هذه الآية([79]).

وأيضاً روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال:« مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ»([80]).

12. المضاربة:

المضاربة في اللغة: على وزن مفاعلة من الضرب، وهو السير في الأرض، سواء للسفر أو للتجارة.

في الاصطلاح: عقد شركة في الربح بمال من رجل وعمل من رجل آخر. وعرّفها الدكتور سامي حمّودة بأنها: تعاقد ثنائي بين طرفين، يقدم فيه الطرف الأول (واحد أو أكثر) المال ويقوم الطرف الثاني (واحد أو أكثر) بالعمل فيه على نحو ما يتفق عليه شروط العمل وأقسام الربح. فالمضاربة الشرعية هي التلاقي بين المال والعمل، وهي إحدى وسائل الاستثمار الرئيسية في الاقتصاد الإسلامي لمن يملك المال ومن يستطيع العمل فيه، وخاصة المضاربة المشتركة التي تلائم الاستثمار الجماعي المتعدد، والمستمر في حركته ودوران المال فيه([81]).

مشروعيته: اتفق جميع الفقهاء على جوازها، وبمقتضى القياس لا يجوز لأنها استئجار بأمر مجهول أو معدوم، وهي مستثناة من الغرر والإجارة المجهولة، وتجوز على وجه الرخصة وللضرورة التي دعت إليها([82])، يُستدلُّ بما جاء في كتاب الله: {وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] والمضارب يبتغي فضل الله تعالى بما ضرب في الأرض. وجاء في الحديث وهو حديث ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:« كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِذَا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً اشْتَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَسْلُكَ بِهِ بَحْرًا، وَلَا يَنْزِلَ بِهِ وَادِيًا، وَلَا يَشْتَرِيَ بِهِ ذَاتَ كَبِدٍ رَطْبَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ، فَرَفَعَ شَرْطَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجَازَهُ»([83])، فأقر عليها الصحابة أيضاً، وكانوا يتعاملون بها.

13. مندوب المبيعات:

في بعض الشركات التجارية يوجد نظام ترويج بضاعتها، فتعرض الشركة على الزبون بأن يبيع مصنوعاتها ومنتجاتها فله نسبة معينة من ربح المبيعات، وإذا لم يستطيع أن يبيع شيئاً فلا يحصل في مقابله شيئاً. هذه السياسة من المبيعات والذي تنتهجه بعض الشركات لا حرج فيها، إذ ليس فيه إلا أن الشركة جاعلت الزبون على ترويج قدر معين من مبيعاتها، فإنه باعه استحق المبلغ المجاعل به، وإن لم بيعه فلا شيء له، وهذه المسألة تدخل في باب الجعل، وكون الزبون قد لا يتمكن من بيع القدر المعين كاملاً، مما قد يسبب له التعب بدون فائدة تعود عليه، لا يمنع من جواز هذه العملية، إذ من المعروف أن الجعالة يجوز فيها من الجهالة والغرر ما لا يجوز في الإجارة.

14. التصرف في المبيع وفي الثمن قبل القبض:

قال الحنفية: لا يجوز التصرف في المبيع المنقول قبل القبض بلا خلاف، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ما لم يقبض , عن حكيم بن حزام، قال: « قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ هَذِهِ الْبُيُوعَ وَأَبِيعُهَا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا، وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ: «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ»([84]) والنهي يوجب فساد المنهي عنه، ولأنه بيع فيه غرر لتعرضه إلى الانفساخ بهلاك المعقود عليه، فيبطل البيع الأول، وينفسخ الثاني، وقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فيه غرر.

وأما العقار: فيجوز التصرف فيه قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف استحساناً استدلالاً بعموم آيات البيع من غير تخصيص، ولا يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد. ولا غرر في العقار، إذ لا يتوهم هلاك العقار، ويندر هلاكه في الغالب، فلا يكون في بيعه غرر([85]). وقال محمد وزفر والشافعي: لا يجوز بيع العقار قبل القبض لعموم النهي عن البيع قبل القبض، ولعدم وجود القدرة على التسليم، ولتحقق الغرر.

15. بيع الجزاف:

في اللغة: الجزاف مأخوذ من قول: جزف له في الكيل إذا اكثر، والجزف في الأصل: الأخذ بكثرة.

وفي الاصطلاح: وهو بيع الشيء بلا كيل، ولا وزن، ولا عدد، بل يخمّن بعد مشاهدة المبيع، دون معرفة القدر تفصيلاً.

مشروعيته: اتفق الفقهاء على جواز الجزاف والصبرة (هي كومة الطعام) والأصل فيه هو المنع، لأنّ شروط العقد أن يكون المبيع معلوماً، ومجرّد إحضار المبيع لا يكفي في العقود كما ذكرنا، ولكن رخّص الفقهاء بما فيه غرر يسير وحاجة الناس إليه واعتيادهم، ويعتمدون على تخمين أهل النجرة، وصحة التقدير، وقلة الخطأ فيه وهو معلوم بالرؤية، وكذلك لا يشترط في المبيع أن يكون معلوماً من كل جهة، بل يكفي أن يكون معلوماً موصوفاً، واستدلوا بحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: «من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه»، قال: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ»([86]).

الخاتمة

الغرر يحتمل الخطر على أحد المتعاقدين، فيضيع المال، وهو عين القمار ويا نصيب اليوم فيه الغش، والخدع، والخطر. فعند جميع الفقهاء إن الغرر يشمل ما لا يدري حصوله ولذلك ورد في الحديث: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر». وقد يكون الغرر مُفسداً العقد باتفاق أئمة المذاهب كما في بيع المزابنة، والمنابذة، والحصاة، وبيع المضامين والملاقيح، وبيع ضربة القانص والغائص، وبيع معجوز التسليم والمعدوم والمجهول. وقد يكون الغرر مفسداً العقد عند بعض الفقهاء ولا يُفسد عند بعض الفقهاء الآخرين، بأن يمكن القضاء[1] على التنازع بسبب آخر كبيع المزارعة، وبيع الغائب، والجعالة والمساقاة. وقد لا يكون الغرر مُفسد العقد وذلك مما يدخل في البيع تبعاً لا يمكن تجريده، أو بسبب احتياج الناس إليه، أو ما يتسامح الناس عادةً في التعامل بغرر يسير، لأن الشريعة الإسلامية تتوخى دائما رفع الحرج عن الناس, وقال الله تعالى:﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[ الحج: 22/78].

الھوامش والمصادر و المراجع

 


 


(1) انظر: القاموس المحيط: محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (817 هـ)، د , ط , مؤسسة الرسالة بيروت , د , ت: 1/ 577.

([2]) سبل السلام شرح بلوغ المرام: محمد بن الأمير الصنعاني (1182)، ترقيم: محمد عبد العزيز الخولي , دار الجيل، بيروت: 3/ 807.

([3]) كتاب المبسوط: شمس الدين السرخسي، دار المعرفة، بيروت، ط 3، 1978 م: 12/ 194.

([4]) أعلام الموقعين: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية, ط 1، 1423 هـ, قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان: 2/ 9.

([5]) المهذب: أبي إسحاق إبراهيم الشيرازي، دار الفكر، بيروت, د , ط: 1/ 262.

([6]) الفروق: شهاب الدين القرافي: بتحقيق: علي جمعة , أحمد سراج, دار السلام , بيروت: 3/ 265.

([7]) المحلي: ابن حزم الأندلسي , (456 هـ) تعليق: الشيخ أحمد محمد شاكر , دار الفكر: 8/3964.

([8]) صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري (261 هـ) دار الكتب العلمية، بيروت، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي, كتاب البيوع, باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر: 3/ 1153.

([9]) يُنظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار: محمد أمين ابن عابدين (1252 هـ)، مكتبة البابي الحلبي وأولاده بمصر , ط 2, 1966 م: 5/ 65؛ المغني: أبومحمد عبد الله بن قدامة المقدسي (620 هـ)، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض: 4/ 229 ؛ كشاف القناع: منصور البهوتي، دار الفكر، بيروت، د ط، 1982 م: 3/ 167،؛ بداية المجتهد و نهاية المقتصد: محمد بن أحمد رشد القرطبي (595 هـ)، دار الفكر، دمشق: 2/ 111 وما بعدها؛ فتح القدير: لإمام كمال الدين محمد ابن الهمام (593 هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت: 6/ 55.

([10]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر: 3/ 1153

([11]) يُنظر: ابن عابدين: 5/ 65؛ كشّاف القناع: 3/ 166.

([12]) يُنظر: ابن عابدين: 5/ 65؛ بداية المجتهد: 2/ 111 وما بعدها

([13]) ينظر: ابن عابدين: 5/ 65.

([14]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا, رقم الحديث(1542): 3/ 1171.

([15]) ابن عابدين: 5/ 65؛ ينظر: المغني: 4/ 229؛ كشاف القناع: 3/ 166؛ وفتح القدير: 6/ 55.

([16]) صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل البخاري، دار ابن كثير، دمشق، ط 3، 1978 م, كتاب البيوع, باب بيع المنابذة, رقم الحديث(2146): 3/ 70.

([17]) الفروق للقرافي المالكي: 265/ 3

([18]) مغني المحتاج: : محمد بن أحمد الخطيب الشربيني( ت 620 هـ) مكتبة الرياض الحديثة, الرياض: 16/ 2، المهذب: 263/ 1،266، المغني: 209/ 4، 234.

([19]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: أبو بكر بن مسعود الكاساني، (587 هـ) دار الكتاب العربي، بيروت، ط 2، 1982 م: 158/ 5، فتح القدير: 113/ 5، 222، الدر المختار: 30/ 4، 125.

([20]) القوانين الفقهية: أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي (المتوفى: 741هـ), د ط: ص 269.

([21]) البدائع: 138/ 5 ومابعدها، المبسوط: 194/ 12 ومابعدها، فتح القدير: 192/ 5، مغني المحتاج: 30/ 2، المهذب: 262/ 1.

([22]) القوانين الفقهية: ص 367؛ الشرح الصغير: 305/3؛ بداية المجتهد: 324/2:

([23]) أعلام الموقعين: 8/2 ومابعدها، المغني: 200/4، 208.

([24]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر: 3/ 1153.

([25]) يُنظر: بدائع الصنائع: 5/139؛ ابن عابدين: 5/62؛ المجموع: 9/325 وما بعدها .

([26]) بدائع الصنائع: 5/139 1982م؛ ابن عابدين: 5/62؛ بداية المجتهد: 2/111؛  المجموع شرح المهذب: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) دار الفكر: 9/322؛ المهذب: 1/262 .

([27]) صحيح البخاري, كتاب البيوع, باب بيع الغرر وحبل الحبلة, رقم الحديث(2143): 3/ 70.

([28]) بدائع الصنائع 5/139 .

([29]) سنن ابن ماجه: للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، المتوفى 275 هـ، ت: محمد فؤاد عبد الباقي, 1395 هـ  1975 م, دار إحياء التراث العربي، بيروت, أبواب التجارات, باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل, رقم الحديث(2159): 23/ 288.

([30]) بدائع الصنائع: 5/163؛ فتح القدير: 5/53 .

([31]) المصنف عبد الرزاق: عبد الرزاق الصنعاني (210 هـ) المكتب الإسلامي، ط 2، 1403 هـ, رقم الحديث(14137): 8/21.

([32]) ينظر: بدائع الصنائع: 5/139؛ ابن عابدين 5/92 وما بعدها .

([33]) ينظر بورصة الأوراق المالية من منظور الإسلامي شعبان محمد البرواري,دار الفكر ,دمشق, ط,1, 2002 م, ص242 وما بعدها.

([34]) وبداية المجتهد: 2/111 .

([35]) ينظر: بدائع الصنائع: 5/139 .

([36]) البدائع الصنائع: 187/4، 147/5، 119/6، الشرح الصغير: 22/3، بداية المجتهد: 156/2، المهذب: 262/1، مغني المحتاج: 12/2، المغني: 200/4 ومابعدها.

([37]) الشرح الصغير: 142/4.

([38]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع المبيع قبل القبض, رقم الحديث(1527): 3/ 1161.

([39]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع المبيع قبل القبض, رقم الحديث(1161): 3/.1526

([40]) بدائع الصنائع: 7/3097 ـ 3098.

([41]) كشاف القناع: 3/175 .

([42]) سنن الترمذي: أبو عيسى محمد الترمذي (279 هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت, كتاب التجارة, باب ما جاء عن  النهي في بيعتين في البيعة, رقم الحديث(1231): 3/ 525

([43]) تكملة المجموع: 351/11، 360؛ مغني المحتاج: 86/2، 89، 91 ومابعدها؛ المغني: 80/4، 87، 89 ومابعدها؛ غاية المنتهى: 68/2 ومابعدها و بداية المجتهد: 148/2 ومابعدها؛ القوانين الفقهية: ص261

([44]) حقيقة التأمين، د. سليمان بن إبراهيم، مجلة البيان: 148 ، 1420هـ.

([45]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، وعن المخابرة، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وعن بيع المعاومة وهو بيع السنين, رقم الحديث(1536): 3/ 1175.

([46]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع, رقم الحديث(1535): 3/ 1165.

([47]) ينظر: ابن عابدين: 4/559؛ المغني: 4/104 وما بعدها؛ فتح القدير: 5/106؛ المجموع: 9/305 وما بعدها؛ المهذب: 1/264 .

([48]) ينظر: الإقناع: 2/16 وما بعدها؛ المغني: 4/104 وما بعدها؛ بداية المجتهد: 2/163؛ المجموع: 9/305.

([49]) جامع الترمذي, كتاب التجارة باب نهي عن الملامسة والمزابنة 5/ 232، السنن الكبرى للبيهقي: للحافظ أبي بكر أحمد بن حسين بن علي البيهقي (458 هـ) دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1352 هـ, في البيوع باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك 1232 .

([50]) ينظر: ابن عابدين 4/262 وما بعدها؛ بدائع الصنائع: 5/163؛ فتح القدير: 5/173 .

([51]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر: 3/ 1153.

([52]) مغني المحتاج: 2/18؛ المجموع: 9/299 وما بعدها .

([53]) ينظر: بداية المجتهد: 2/116؛ الشرح الكبير: 3/25 وما بعدها.

([54]) المغني: 3/580 وما بعدها.

([55]) ينظر: ابن عابدين: 4/596 وما بعدها؛ بداية المجتهد: 2/114 وما بعدها.

([56]) ينظر: الدر المختار مع ابن عابدين: 4/106؛ بداية المجتهد: 2/156؛ المجموع: 9/296 وما بعدها .

([57]) ينظر: المغني: 4/91؛ المجموع: 9/296.

([58]) ابن ماجة, كتاب التجارات,  التجارات باب بيع الخيار, رقم الحديث(2185): 2/737.

([59]) ينظر: المغني: 4/210؛ بدائع الصنائع: 5/164؛ حاشية الدسوقي: شمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقي، دار الفكر، بيروت: 3/64؛ ابن عابدين: 4/600؛ كشاف القناع: 3/165؛ المجموع: 9/302.

([60]) ينظر المجموع: 9/302؛ المهذب: 1/264 .

([61]) ينظر: كشاف القناع: 4/202 وما بعدها .

([62]) بدائع الصنائع: 6/203.

([63]) الشرح الصغير للدردير: 79/4 ومابعدها؛ بداية المجتهد: 2/177؛ مغني المحتاج: 429/2 ومابعدها؛ المغني: 507/5 ومابعدها.

([64]) صحيح مسلم, كتاب الجهاد, باب استحقاق القاتل رقم الحديث(1751): 3/ 1370.

([65]) النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي, ط 5 ,دار المعرفة بيروت ,1420 هـ, بَاب بَيعِ العَرايَا بِخِرصِهَا تَمرًا, رقم الحديث حديث(4521): 7/308.

([66]) بدائع الصنائع 6/175 ، والإقناع 2/77 ، والشرح الكبير 3/292 وما بعدها .

([67]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب النهي عن المزابنة والمحاقلة, رقم الحديث(1536): 3/ 1174.

([68]) السنن الكبرى للبيهقي, باب النهي عن عسب الفحل, رقم الحديث(10854): 5/ 554.

([69]) ينظر: بدائع الصنائع: 6/175؛ الإقناع: 2/77؛ الشرح الكبير: 3/292 وما بعدها.

([70]) صحيح البخاري, كتاب الجزية, باب إخراج اليهود من جزيرة العرب: 3/1150.

([71]) سنن أبي داود: أبو داود سليمان السجستاني (275 هـ)، ترقيم: محمد محي الدين عبد الحميد ,المكتبة العصرية، بيروت, كتاب البيوع باب في تشديد ذلك(3395): 3/ 259.

([72]) صحيح مسلم, كتاب المساقات والمعاملة, رقم الحديث(1551): 3/ 1186.

([73]) بدائع الصنائع: 6/185 .

([74]) صحيح مسلم, كتاب المساقات والمعاملة, رقم الحديث(1551): 3/ 1186.

([75]) ينظر: بدائع الصنائع: 6/185 وما بعدها؛ كشاف القناع: 3/532 وما بعدها، بداية المجتهد: 2/184 .

([76]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب كراء الأرض, رقم الحديث(1536): 3/ 1176.

([77]) السنن الكبرى للبيهقي, باب النهي عن عسب الفحل, رقم الحديث(10854): 5/ 554.

([78]) السنن الكبرى للبيهقي, باب من قال لا يجوز بيع العين, رقم الحديث(10422): 5/267.

([79]) جامع البيان في تفسير القرآن: أبوجعفر محمد الطبري (310 هـ)، دار المعرفة، بيروت، ط، 1983 م: 3/77 .

([80]) صحيح مسلم, كتاب المساقات, باب السلم, رقم الحديث(1604): 3/ 1226.

([81]) بورصة الأوراق المالية من المنظور الإسلامي لشعبان محمد البرواري: ص167 .

([82]) ينظر: بدائع الصنائع: 6/79 ؛ كشاف القناع: 3/507 .

([83]) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب القراض, رقم الحديث(11611): 6/ 184.

([84]) المعجم الكبير: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني(320 هـ) مكتبة العلوم والحكم الموصل العراق, ط 2 , 1404 / 1983, رقم الحديث(3108): 3/196.

([85]) فتح القدير: 5/ 264، البدائع الصنائع: 5/ 180 ومابعدها، ص 234، رد المحتار لابن عابدين: 4/ 169 ومابعدها.

([86]) صحيح مسلم, كتاب البيوع, باب بطلان بيع المبيع قبل القبض, رقم الحديث(1527): 3/ 1161.

Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...