Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Bannu University Research Journal in Islamic Studies > Volume 6 Issue 1 of Bannu University Research Journal in Islamic Studies

موقف إلحاق الورق النقدي بالفلوس: دراسة فقهية نقدية |
Bannu University Research Journal in Islamic Studies
Bannu University Research Journal in Islamic Studies

Article Info
Authors

Volume

6

Issue

1

Year

2019

ARI Id

1682060029336_1175

Pages

91-117

PDF URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/165/156

Chapter URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/view/165

Subjects

Paper currency ᾽illat ur Ribā Ṣarf Fulūs.

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فإنه قد اختلف العلماء في حقيقة الورق النقدي وتكييفه منذ بداية نشأته، وهذا لعدم ظهور حقيقته في بداية الأمر، وبعد شيوعه ورواجه رأى أكثر العلماء المعاصرين أن الورق النقدي مثل الذهب والفضة سواء بسواء، ويجري عليه سائر الأحكام التي تجري على الذهب والفضة، وذلك لأنهم رجحوا في علة الربا في الذهب والفضة أنها الثمنية المطلقة، فبهذا يدخل في الربا جميع ما يعدّ ثمناً.

وكان في ضمن الآراء القديمة أن الورق النقدي ملحق بالفلوس، ولكن هذا الرأي كانت فيه ملاحظات ومناقشات قوية من منظور التكييف والآثار المترتبة عليه، ولذلك لم يبق من يقول به.

غير أن علماء شبه القارة سلكوا مسلكاً آخر، وذلك لأنهم لما رأوا أن علة الربا في الذهب والفضة عند الحنفية هي الوزن مع الجنس، والوزن لا يتأتى في الورق النقدي، فلا يمكن إجراء أحكام الصرف على الورق النقدي.

وبعد ذلك كان عندهم عدة خيارات:

الأول: أن يرجّحوا الثمنية المطلقة كعلة للربا في الذهب والفضة، ولكنهم لم يفعلوا ذلك.

الثاني: أن يُلحقوه بالفلوس لعدة أمور جامعة بينهما.

وبعد إلحاقه بالفلوس، لما رأوا أن فقهاء الحنفية اختلفوا في الفلوس، فالإمام أبو حنيفة وأبو يوسف يريان رأياً والإمام محمد يرى رأياً آخر، فلو قالوا برأي الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف لانفتح باب الربا مطلقاً.

فلم يبق لديهم إلا أن يرجّحوا في الفلوس رأي الإمام محمد ويُلحقوا الورق النقدي بالفلوس بناء على هذا الرأي.

وبعد هذا الإلحاق لم يسلَم هؤلاء من بعض المناقشات والإيرادات، فلكشف حقيقة هذا الرأي وبيان موقف القائلين به ولذكر الإيرادات والمناقشات الواردة عليه والبحث عما قالوه في الإجابة عنها، والموازنة بين هذا الرأي وبين رأي جمهور المعاصرين أردت أن أكتب فيه مقالاً بعنوان: "موقف إلحاق الورق النقدي بالفلوس -دراسة فقهية نقدية".

وقبل أن نخوض في غمار الموضوع، لا بد من بيان بعض الأمور التمهيدية، وهي: بيان حقيقة الفلوس مختصراً، ثم رأي الإمام محمد في الفلوس بالتفصيل، وبيان ما يترتب عليه من أحكام، ثم ذكر رأي من يلحق الورق النقدي بالفلوس، ورأي جمهور المعاصرين مع مناقشة الأدلة وترجيح ما هو الراجح.

حقيقة الفلوس، وتاريخها

الفلوس جمع فلس ومنه الإفلاس، والجمع في القلة أفلس، وفلوس في الكثير، وبائعُه فلَّاس، وأفلس الرجل صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم، وأفْلَسَ الرجل: صار مُفْلِساً، كأنَّما صارت دراهمه فُلوساً وزُيوفاً، وقد فلَّس الحاكم تفليساً حكم بإفلاسه([1]).

وفي الاصطلاح هي: "قطع مضروبة من النحاس كان يتعامل بها([2])". وعرفها الدكتور نزيه حماد فقال: "ما ضرب من المعادن من غير الذهب والفضة سكة وصار نقداً في التعامل عرفاً وثمناً باصطلاح الناس ([3]).

وكانت الفلوس في بداية نشأتها تستعمل لشراء الأشياء الحقيرة التي لا تبلغ قيمتها الدينار أو الدرهم([4])، ويعلم من كلام الفقهاء أن الفلوس كانت في بدايتها نقوداً مساعدة ولم تصل إلى درجة النقد الرئيسي، يقول المقريزي: "إنها لم تقم أبداً في هذه الأقاليم بمنزلة أحد النقدين قط([5])".

ذكر آراء من ألحق الورق النقدي بالفلوس

هناك عدد من الفقهاء يرون أن الورق النقدي ملحق بالفلوس، وفيما يلي ملخص آراءهم.

الرأي الأول: يرى الشيخ أحمد الخطيب عدم جريان الزكاة والربا مطلقاً في الأوراق مثل الفلوس، لا ربا الفضل ولا ربا النسيئة، فقال: "إن النوت كالفلوس النحاسية في جميع أحكامها ... فيباع ويقرض متساوياً ومتفاضلاً بأجل وغيره، لعدم وجود علة الربا فيها([6])".

الرأي الثاني: ويرى الشيخ عبد الله البسَّام أن ربا الفضل لا يجري فيها فيجوز بيعها بجنسها متفاضلاً، ويحرم فيها ربا النساء. فقال: والحق أن الأنواط بأنواعها فيها شبه قوي من النقدين وفيها أيضا شبه من بيع الصكوك التي فيها دين وفيها بعد، ولكن شبهها بالقروش ونحوها أقوى وأقرب؛ لأنها بنفسها ليست ذهباً ولا فضة، إنما هي أثمان تتغير كما تتغير القروش بالكساد والرواج وتقرير الحكومات، فالأحسن أن تلحق بالقروش، وحكم القروش عند العلماء السابقين معروف، فإن الصحيح في مذهب الإمام أحمد أن القروش يجري فيها ربا النسيئة ولا يجري فيها ربا الفضل فكذلك يجري مجراها الورق بأنواعها، فيجوز بيع بعضها ببعض وبيع شيء منها بأحد النقدين، سواء كانت بمثل ما قدِّرت به أو أقل أو أكثر بشرط التقابض في مجلس العقد، ولا يصح بيع بعضها ببعض وبيع شيء منها بأحد النقدين إلى أجل لأنه يجري فيها ربا النسيئة([7]).

ورجَّحه الشيخ عبد الرحمن السعدي في فتاواه أيضاً وجعله أصحَّ الأقوال، فمنع من بيع عشرة بإثني عشر إلى أجل، وأجاز بيع بعضها ببعض حاضراً ويداً بيد سواء تماثلت أم لا([8]).

الرأي الثالث: وألحق الشيخ مصطفى الزرقا الأوراق بالفلوس في التكييف لا في الأحكام، فحرم فيها ربا الفضل وربا النساء كليهما وأجرى عليها أحكام الصرف مثل النقدين سواء بسواء.

فقال: "إن الصفة السندية فيها قد تنوسيت بين الناس وفي عرفهم العام، وأصبحوا لا يرون في هذه الأوراق إلا نقوداً مكفولة حلَّت محلَّ الذهب في التداول تماماً، فوجب لذلك اعتبارها بمثابة الفلوس الرائجة من المعادن غير الذهب والفضة ... فتبديل جنس منها بجنس آخر يعتبر مصارفة كالمصارفة بين الذهب والفضة والفلوس المعدنية الرائجة على السواء، والقاعدة في هذه المصارفة أنه عند اختلاف الجنس يجوز التفاضل ويجب التقابض منعاً للربا، فهي ليست من قبيل بيع الدين بالدين وإنما هي مبادلة بين نقود ونقود فيها تحويل وصرف في وقت واحد([9])".

فملخّص رأي الشيخ الزرقا أنه ألحق الأوراق بالفلوس في التكييف فقط لا في الأحكام فأجرى عليها أحكام النقدين.

وذُكر مثلُه في موسوعة فتاوى المعاملات المالية التي صدرت من مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية بمصر، حيث رُجِّح فيها بعد ذكر الآراء أن إعطاء النقود الورقية حكم الفلوس قريب من الصواب، ولكن مع ذلك أُجري عليها أحكام النقدين من وجوب التقابض([10]).

الرأي الرابع: ويرى الشيخ أحمد رضا خان البريلوي في الأوراق حكم الفلوس بمثل ما يراه أبو حنيفة وأبو يوسف حيث يريان جواز بيع الفلس بالفلسين عند التعيين، فأباح التفاضل والنساء كليهما في الأوراق([11]).

الرأي الخامس: وهو رأي الشيخ تقي العثماني وجمهور علماء شبه القارة المعاصرين.

ولا يهمّنا من هذه الآراء إلا الرأي الخامس، فإن الآراء الأولى لم يبق من يقول بها، أما الرأي الخامس فهو رأي أكثر علماء شبه القارة، فهم يرون أن الورق النقدي ملحق بالفلوس وفق قول الإمام محمد، ولبيان هذا الموقف وما له وما عليه لا بد من بيان خلاف الفقهاء في الفلوس مختصراً مع بيان رأي الإمام محمد بالتفصيل.

خلاف الفقهاء في حكم الفلوس

ترجع أقوال الفقهاء في الفلوس إلى عدة آراء:

الأول: أن الفلوس ثمن، ويجري عليها ما يجري على النقدين من أحكام فلا يجوز بيع الفلس بالفلسين ولا بيع الفلوس بالدراهم نسيئة؛ لأن الكل أثمان، ولأن علة الربا في النقدين هي الثمنية المطلقة، وهذا ما ارتضاه ابن تيمية([12])، وابن القيم([13])، وهو مقتضى قول الزهري([14])، ويحيى بن سعيد وربيعة([15]).

الثاني: أنها ثمن لكن لا يجري عليها أحكام النقدين بتمامها؛ لأن العلة في النقدين هي الوزن أو الثمنية الغالبة، فيجوز بيعها بأزيد منها وبيعها بالدراهم والدنانير نسيئة، وهو مقتضى قول إبراهيم النخعي([16])، ومجاهد([17])، وطاووس([18])، وحماد([19]).

الثالث: وهو ما ذهب إليه الإمام محمد أن الفلوس ثمن في جميع الأحوال، وعلة الربا عنده الوزن، لكن مع ذلك لا يجيز بيع فلس بفلسين لوجود فضل خال عن العوض، ويجوز عنده بيع الفلوس بالدراهم نظرة، وهذا هو الرأي الذي يراه جمهور علماء شبه القارة في الأوراق النقدية([20]).

الخلاف بين الحنفية في حكم الفلوس

ولا بد من الإشارة إلى أن منشأ الخلاف بين الحنفية في حكم الفلوس هو أن الفلوس هل يغلب عليها أصلها وهو العرضية، فلا تجري عليها أحكام الثمن، أم يغلب عليها عامل الثمنية فتجعل ثمناً، وبعد جعلها ثمناً، هل تجري عليها أحكام النقدين بتمامها أم لا؟ وهل الثمنية لازمة لها في جميع الأحوال بحيث لا يمكن أن تتخذ عروضا إلا إذا ترك المعاملة بها رأساً أم يجوز للعاقدين إبطال ثمنيتها ولو لم يترك الناس المعاملة بها؟([21]).

ويتبين آراءهم في الفلوس عن موقفهم عن بيع الفلس بالفلسين، وبيع الفلوس بالدراهم نسيئة، وعن علة الربا في النقدين.

فاختلف أئمة الحنفية في بيع فلس بعينه بفلسين بأعيانهما حسب ما يلي:

1- يرى الإمام أبو حنيفة والإمام أبو يوسف أن الفلوس وإن كانت ثمناً لكن الثمنية غير لازمة لها في جميع الحالات، فللعاقدين أن يصطلحا على إبطال الثمنية، وبالتالي تتعين الفلوس، فيجوز بيعها بأزيد منها([22]).

2- ويرى الإمام محمد أن الثمنية لازمة لها في جميع الحالات؛ لأن الثمنية ثابتة باصطلاح الكل، فلا يجوز للعاقدين إبطالها حتى يصطلح الكل علىه، فلا تتعين بالتعيين، فبيعها بأزيد منها حرام لأن الزيادة فضل خال عن العوض([23]).

استدل الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف بأن الثمنية في حق العاقدين تثبت باصطلاحهما؛ إذ لا ولاية لغيرهما عليهما، وما ثبت باصطلاحهما في حقهما يبطل باصطلاحهما كذلك، فكأنهما اصطلحا على إبطال ثمنيتها، فصارت بمنزلة العروض فتتعين بالتعيين، فيجوز بيعها بأكثر منها([24]).

ووضح السرخسي دليلهما بأن العاقدين قصدا تصحيح العقد، ولا وجه لتصحيح العقد إلا بأن تتعين الفلوس وتخرج من أن تكون ثمناً رائجاً في حقهما، فيجعل كأنهما أعرضا عن ذلك الاصطلاح، والدليل على أن معنى الثمنية في الفلوس بالاصطلاح أنه يصلح ثمن الخسيس من الأشياء دون النفيس، وأنه يروج في بعض الأشياء دون البعض، ويروج في بعض المواضع دون البعض، بخلاف الذهب والفضة([25]).

واستدل الإمام محمد بأن الثمنية في الفلوس تثبت باصطلاح الكلّ، وما يثبت باصطلاح الكلّ لا يبطل باصطلاح العاقدين فقط؛ لعدم ولايتهما على غيرهما، فبقيت أثماناً، وهي لا تتعين بالاتفاق، فلا فرق بينه وبين ما إذا كانت بغير أعيانها وصار كبيع الدرهم بالدرهمين([26]).

يقول الكاساني موضِّحاً دليل الإمام محمد: "دلالة الوصف عبارة عما تقدَّر به مالية الأعيان، ومالية الأعيان كما تقدر بالدراهم والدنانير تقدر بالفلوس، فكانت أثماناً ... وإذا كانت ثمناً فالثمن لا يتعين وإن عُيِّن كالدراهم والدنانير، فالتحق التعين فيهما بالعدم، فكان بيع الفلس بالفلسين بغير أعيانهما، وذا لا يجوز؛ ولأنها إذا كانت أثماناً فالواحد يقابل الواحد فبقي الآخر فضل مال لا يقابله عوض في عقد المعاوضة، وهذا تفسير الربا([27])".

ولكن هذا الخلاف كان في زمن لم تكن الفلوس تستعمل إلا قليلاً، وكانت تستعمل لشراء الأشياء الحقيرة، أما الأوراق فهي بخلافها، فلو جعلنا الأوراق في حكم الفلوس على مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف، انفتح باب الربا مطلقاً، ولذلك اختار المعاصرون من الحنفية قول الإمام محمد([28]).

قال الشيخ تقي العثماني: "لو كان هؤلاء الأئمة أحياء في هذا الزمان لأفتوا بحرمة الفلس بالفلسين، وقد رأينا ذلك فعلاً من بعض الفقهاء المتقدمين؛ إذ حرم مشايخ ما وراء النهر التفاضل في العدالي والغطارفة([29])، وهي النقود التي كان يغلب عليها الغش، ولم تكن فيها الفضة إلا بنسبة ضئيلة، وكان أصل مذهب الحنفية في مثل هذه النقود جواز التفاضل، صرفاً للجنس إلى خلاف الجنس، ولكن مشايخ ما وراء النهر أفتوا بحرمة التفاضل فيها، وعلّلوا ذلك بقولهم: إنها أعز الأموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيها ينفتح باب الربا([30])".

وقال: "ودليل محمد أيضاً قوي؛ لأن إبطال الثمنية لا معنى له، وما ذلك إلا حيلة؛ لأنها يرغب فيها لثمنيتها، نعم، يمكن أن يتصور قول الشيخين في الفلوس التي يقصد اقتناؤها من حيث موادها وصنعتها، ولا يقصد التبادل بها([31])".

ونقل ابن الهمام عن الإسبيجابي قوله: "الصحيح أن عقد الشركة على الفلوس يجوز على قول الكل؛ لأنها صارت ثمناً باصطلاح الناس، ولهذا لو اشترى شيئاً بفلوس بعينها لم تتعين تلك الفلوس حتى لا يفسد العقد لهلاكها" ثم قال ابن الهمام بعد النقل: "وعلى ما ذكر من مبسوط الإسبيجابي يجب أن يكون قول الكل الآن على جواز الشركة والمضاربة بالفلوس النافقة وعدم التعيين وعلى منع بيع فلس بفلسين([32])".

ويرد على قول محمد أن رأيه في علة الربا هي الكيل أو الوزن مع الجنس، والفلوس ليست وزنية ولا كيلية بل هي من المعدودات([33])، فينبغي أن يجوز بيعها بجنسها متفاضلاً ونسيئة.

وأجيب بأن الربا هو فضل خال عن العوض، والفلوس الرائجة أمثال متساوية؛ لاصطلاح الناس على إهدار قيمة الجودة منها، فيكون أحد الفلسين في صورة بيع الفلس بالفلسين فضلاً خالياً عن العوض مشروطاً في العقد وهو الربا، فلا يجوز، وإلا أمسك البائع الفلس المعيَّن وطالبه بفلس آخر أو سلَّم الفلس المعين وقبضه بعينه منه مع فلس آخر لاستحقاقه فلسين في ذمته فيرجع إليه عين ماله ويبقى الفلس الآخر خالياً عن العوض([34]).

وبعد ما تبين أن الراجح قول الإمام محمد لا بد أن نذكر بعض الآثار المترتبة عليه، لأن المعاصرين من علماء شبه القارة يلحقون الورق النقدي بالفلوس وفق رأي الإمام محمد.

الآثار المترتبة على رأي الإمام محمد في الفلوس

1- النساء في بيع الفلوس بمثلها

إذا بيعت الفلوس بجنسها لم يجز التفاضل عند محمد لوجود الفضل الخالي عن العوض كما مر.

وهل يجوز النساء؟ اختلفت فيه الروايات:

- ففي الدر المختار: "باع فلوساً بمثلها أو بدراهم أو بدنانير، فإن نقد أحدهما جاز، وإن تفرقا بلا قبض أحدهما لم يجز([35])".

فأباح النساء عند بيع الفلوس بمثلها أيضاً، لكن هذا مخالف للأصول؛ فإن الأصل أنه لا يجوز النساء عند اتحاد الجنس([36])، والجنس متحد ههنا، فينبغي أن يجب التقابض في المجلس عند محمد، وتدل عليه عبارة الكاساني، حيث قال ما نصه: "إذا تبايعا فلساً بعينه بفلس بعينه فالفلسان لا يتعينان ولو قبض أحد البدلين في المجلس فافترقا قبل قبض الآخر، ذكر الكرخي أنه لا يبطل العقد؛ لأن اشتراط القبض من الجانبين من خصائص الصرف وهذا ليس بصرف، فيكتفى فيه بالقبض من أحد الجانبين؛ لأن به يخرج عن كونه افتراقاً عن دين بدين، وذكر في بعض شروح مختصر الطحاوي أنه يبطل لا لكونه صرفاً، بل لتمكن ربا النساء فيه؛ لوجود أحد وصفي علة ربا الفضل وهو الجنس، وهو الصحيح([37])".

قال الشيخ رشيد أحمد اللديانوي: "لعل مستند قول صاحب الدر هو قول الكرخي الذي ذكره الكاساني؛ لأن هذه العبارة مذكورة في الكتب الأخرى بدون قوله "بمثلها"([38]).

فثبت أنه لا بد من التقابض في البدلين في بيع الفلوس بمثلها عند الإمام محمد، وهذه المسألة يتفرع عنها بيع الأوراق النقدية بجنسها.

2- بيع الفلوس بالدراهم نسيئة

وإذا بيعت الفلوس بغير جنسها من الدراهم أو الدنانير الخالصة أو المغشوشة، فيجوز التفاضل، وهذا مما لا لبس فيه؛ لعدم اتحاد الجنس.

وبقي أنه هل يجوز النساء أم لا؟ فالجواب أنه يجوز النساء كذلك؛ إذ حرمة النساء تتوقف على وجود أحد الشيئين: الجنس أو القدر، والجنس منتف كما مر، والقدر أيضاً منتف؛ لأن الفلوس ليست كيلية ولا وزنية، بل من المعدودات كما سبق.

وهذا ما صرّح به السادة الحنفية، فقال السرخسي: "وإذا اشترى الرجل فلوساً بدراهم ونقد الثمن، ولم تكن الفلوس عند البائع، فالبيع جائز ... وبيع الفلوس بالدراهم ليس بصرف([39])". وفي الدر المختار: "باع فلوساً بمثلها أو بدراهم أو بدنانير فإن نقد أحدهما جاز وإن تفرقا بلا قبض أحدهما لم يجز([40])". وورد التصريح به في كثير من كتب المذهب، ولم يخالفه أحد إلا ما ذكره العلامة سراج الدين قارئ الهداية في فتاواه من اشتراط التقابض حيث قال: "لا يجوز بيع الفلوس إلى أجل بذهب أو فضة؛ لأن علماءنا نصوا على أنه لا يجوز إسلام موزون في موزون([41])". وردَّ الحانوتي كلام قارئ الهداية لمّا سُئل عن بيع الذهب بالفلوس نسيئة، فأجاب بأنه يجوز إذا قبض أحد البدلين، قال: ولا يغترّ بما في فتاوى قارئ الهداية من أنه لا يجوز بيع الفلوس إلى أجل بذهب أو فضة([42]).

فلا يصح قول العلامة قارئ الهداية، قال الشيخ أحمد رضا خان البريلوي: هي فتوى من دون سند ولا نعلم له سلفاً فيها وهو لم يستند لنقلٍ([43]). على أن العلامة قارئ الهداية علَّل لما ذكره أنه إسلام موزون في موزون وهذا لا يصح؛ لأن الفلوس ليست وزنية حتى عند من يقول ببطلان ثمنيتها عند التعيين فهي من المعدودات كما سبق.

وذكر بعضهم محملاً لكلامه فحمله على السلم؛ لأن السلم في الفلوس لا يجوز عند محمد في رواية، قال في النهر: مراده بالبيع السلم، والفلوس لها شبه بالثمن ولا يصح السلم في الأثمان ... ([44]). وردّه ابن عابدين([45]).

فالملخَّص أن كتب المتون متفقة على أنه لا يشترط التقابض عند بيع الفلوس بالدراهم أو بالعكس، وهو موافق للأصول أيضا؛ لانتفاء الجنس والقدر كليهما.

3- السلم في الفلوس عند الإمام محمد

هذه المسألة ورد فيها اختلاف في بيان رأي الإمام محمد.

واتفق أئمة الحنفية على أنه يجوز إسلام الذهب والفضة في سائر الموزونات وأنه لا يجوز العكس، فلا يجوز إسلام سائر الموزونات في الذهب والفضة؛ لأن الذهب والفضة لا يتعينان بالتعيين، ومن شرط المسلم فيه أن يكون مما يتعين بالتعيين، قال في الاختيار: "ولا يجوز السلم في ما لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير، لأن البيع بها يجوز نسيئة فلا حاجة إلى السلم فيهما([46])".

بقي السلم في الفلوس؛ فذهب الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف إلى جواز السلم فيها؛ لأنها تتعين بالتعيين.

أما الإمام محمد فنصّ في الأصل([47]) والجامع الصغير([48]) أنه لا بأس بالسلم في الفلوس عدداً، فاختلف أئمة الحنفية:

1- فقال بعضهم يجب أن يكون هذا على قول الشيخين، أما الإمام محمد فمقتضى قوله أن لا يجوز السلم عنده؛ لأن الفلوس لا تتعين بالتعيين عنده.

فقال في تحفة الفقهاء: "وأما السلم في الفلوس فقد ذكر في الأصل وقال: إنه يجوز، ولم يذكر الاختلاف، ويجب أن يكون ذلك على قول أبي حنيفة و أبي يوسف؛ لأنها عندهما ليس بثمن مطلق بل يحتمل التعيين في الجملة، وعلى قول محمد لا يجوز؛ لأنه ثمن مطلق على ما عرف في بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما([49])".

وقال الكاساني: "السلم في الفلوس عدداً جائز عند أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف؛ لأن الفلوس مما تتعين بالتعيين في الجملة عندهما حتى جوَّزا بيع فلس بفلسين بأعيانها، وعند محمد لا يجوز السلم فيها كما لا يجوز في الدراهم والدنانير؛ لأنها أثمان عنده؛ ولهذا لم يجز بيع واحد منها باثنين بأعيانهما([50])".

ونقل مثله في المحيط، وقال أيضاً: "قالوا: وقد روى أبو الليث الخوارزمي عن محمد نصاً: أن السلم في الفلوس لا يجوز([51])".

2- بينما يرى الآخرون أن السلم في الفلوس يجوز عند محمد أيضاً، فالجواز موضع اتفاق بين أئمة الحنفية على هذا الرأي:

- ففي البحر الرائق: "يصح السلم في الفلس؛ لأنه عددي يمكن ضبطه فيصح السلم فيه، وقيل لا يصح عند محمد؛ لأنه ثمن ما دام يروج، وظاهر الرواية عن الكل الجواز([52])".

- وفي رد المحتار: "قيل: وفيه خلاف محمد لمنعه بيع الفلس بالفلسين إلا أن ظاهر الرواية عنه كقولهما وبيان الفرق في النهر وغيره([53])". وورد مثله في العناية([54]) والمحيط([55]) وفتح القدير([56]).

والشيخ تقي العثماني رجح رواية الجواز عن الإمام محمد، وبنى عليه جواز السلم في الأوراق، وبعد ذكر نصوص الفقهاء علَّل للجواز بأنه يجوز فيها البيع المؤجل كما مر مثاله فينبغي أن يجوز السلم أيضاً.

لكني أرى أن في إباحة السلم بناءً على هذه الرواية نظراً، والفرق بين السلم والبيع عند محمد غير مستقيم كما فصّلته في بحثي الموسوم بـ "السلم في الأوراق النقدية بين الشريعة والتطبيق المصرفي"([57]).

رأي الشيخ تقي العثماني وعلماء شبه القارة

بعد ذكر رأي الإمام محمد بالتفصيل، نقول باختصار: يرى أكثر علماء شبه القارة أن الورق النقدي ملحق بالفلوس وفق رأي الإمام محمد، مع بعض الفروق التي لا بد منها سدًّا لذريعة الربا.

وهذا ما يراه الشيخ المفتي تقي العثماني([58])، وتبعه في ذلك أكثر علماء شبه القارة، ونفصله في ضمن ما قاله الشيخ في مختلف مصنفاته.

1- الرأي والقائلون به:

يرى الشيخ العثماني أن الأوراق لها ما للفلوس من أحكام عند الإمام محمد بلا فرق، فإذا بيعت بجنسها يجري عليه ما يجري على الفلوس عند البيع بجنسها، وإذا بيعت بأوراق دولة أخرى أو بالذهب والفضة يجري عليها ما يجري على الفلوس إذا بيعت بالذهب والفضة([59]).

وعُرِض هذا الرأي للمناقشة والبحث في مجلس عقده مجمع الفقه الإسلامي بالهند، فتفرق الأعضاء فريقين، ورجَّح أكثرهم موقف الشيخ، فكان منهم:

1- الشيخ مفتي محمد زيد، 2- الشيخ بدر الحسن القاسمي، 3- الشيخ حبيب الله القاسمي، 4- الشيخ شمس بير زاده، 5- الشيخ محمد حنيف، 6- الشيخ جميل أحمد نذيري، 7- الشيخ محمد جنيد عالم ندوي قاسمي، 8- الشيخ المفتي نظام الدين، 9- الشيخ المفتي حبيب الرحمان خير آبادي، 10- الشيخ شاه عون أحمد قادري، 11- الشيخ القاضي عبد العزيز، 17- الشيخ المفتي محمد يحيى قاسمي، 18- الشيخ زبير أحمد قاسمي، 19- الشيخ المفتي أحمد بيمات، 20- الشيخ شبير أحمد، 21- الشيخ محمد أفضال الحق قاسمي، 22- الشيخ نسيم أحمد قاسمي، 23- الشيخ المفتي بشير أحمد، 24- الشيخ المفتي سراج أحمد ملي، 25- الشيخ أختر إمام عادل، 26- الشيخ المفتي محمد أختر قاسمي، 27- الشيخ المفتي إسماعيل بهدكودرائي، 28- الشيخ المفتي زكريا، 29- الشيخ محمد أبو الحسن، 30- الشيخ عبد الرحمن قاسمي، 31- الشيخ المفتي محمد عبد الرحيم، 32- الشيخ محمد حبيب الرحمن ميواتي، 33- الشيخ محفوظ الرحمن، 34- الشيخ نور عالم خليل أميني، 35- الشيخ المفتي عمار أحمد، 36- الشيخ محمد صدر الحسن ندوي، 37- الشيخ محمد علاؤ الدين ندوي، 38- الشيخ محمد سعد الدين قاسمي، 39- الشيخ محمد بشير أحمد، 40- الشيخ سيد مصطفى رفاعي ندوي، 41- الشيخ المفتي شمس الدين، 42- الشيخ المفتي رحمت الله قاسمي، 43- الشيخ المفتي محمد علي قاسمي، 44- الشيخ إعجاز أحمد أعظمي، 45- الشيخ عبيد الرحمن أعظمي، 46- الشيخ أبو الكلام، 47- الشيخ عبيد الله أسعدي، 48- الشيخ المفتي أحمد خانبوري، 49- الشيخ سعيد أحمد بالنبوري، 50- الشيخ محمد مصطفى مفتاحي، 51- الشيخ محمد أرشد قاسمي([60]).

وبعد النظر في آراء العلماء أصدر المجمع قراراً في دورته الرابعة المنعقدة في أغسطس 9-12 سنة 1992م حسب ما يلي:

"إن هذا الاجتماع من مجمع الفقه الإسلامي، بعد النظر في الرأيين يقرّر أن يعمل بالاحتياط في مبادلة عملتين مختلفتي الجنس نسيئة، ولكن يمكن أن يُعمل بالرأي الآخر في حالة حاجة وضرورة واقعية([61])".

فرجّح المجمع رأي الشيخ العثماني، ولكن قرّر أنه لا ينبغي أن يعمَّم فيه، فالعمل بالأحوط أليق.

2- ما يترتب على هذا الرأي:

  1. تجب الزكاة في الأوراق النقدية إذا بلغت نصاباً.
  2. وتتأدى الزكاة بها من دون شرط.
  3. ويجوز أن تكون رأس مال للسلم أو العقود الأخرى المالية.
  4. ويجوز بيع الذهب والفضة والحلي بها نسيئة.
  5. ويجري الربا فيها عند البيع بجنسها، فلا يجوز التفاضل ولا النساء.
  6. ويجوز التفاضل والنساء كلاهما في صورة البيع بخلاف جنسها([62]).

وبعض هذه الآثار تحتاج إلى تفصيل، فنفصلها فيما يلي:

1- المبادلة بين الأوراق متفقة الجنس:

الفلوس إذا بيعت بمثلها يجب فيها التماثل والتقابض كلاهما عند الإمام محمد كما سبق.

ويرى أصحاب هذا الرأي نفس هذا الحكم في الأوراق إذا بيعت بجنسها، فيجب فيها التماثل والتقابض في مجلس العقد.

2- مبادلة عملات الدول المختلفة:

عملات الدول المختلفة أجناس مختلفة، وهذا أمر متفق عليه بين أكثر الفقهاء المعاصرين([63])، وبعد كونها أجناساً مختلفة يجوز التفاضل فيها عندهم.

وهل يجوز النساء؟ هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل.

فقد سبق بنا في مسألة بيع الفلوس بالدراهم أو الدنانير أنه يجوز التفاضل والنساء كلاهما عند الإمام محمد؛ لفقدان القدر والجنس كليهما؛ لأن علة الربا في الأثمان هي الوزن مع الجنس، وبالتالي لا تجري أحكام الصرف إلا على الذهب والفضة.

والأوراق تجري في ذلك مجرى الفلوس عند القائلين بهذا الرأي، فمبادلة الأوراق بخلاف جنسها ليس بصرف، فلا يشترط فيها التقابض في مجلس العقد، نعم، يشترط قبض أحد البدلين لئلا يلزم بيع دين بدين؛ لأن الأوراق لا تتعين بالتعيين بل تتعين بالقبض، فيجب قبض أحدهما.

ويمكن تخريجه على قاعدة السلم أيضاً عند الشيخ العثماني، لأن السلم في الفلوس جائز عند الإمام محمد على ما ذكره الشيخ؛ لأنها عددية غير متفاوتة تنضبط بالضبط، فيجب حينئذ أن تراعى شروط السلم([64]).

ومن هنا يرِد على رأي الشيخ إيراد قوي، وهو أن القول بجواز التفاضل والنساء كليهما عند بيع العملات بخلاف جنسها يفتح باب الربا، فمثلاً: لو أراد زيد أن يستقرض من عمرو مائة ألف روبية باكستانية التي تساوي ألف دولار حسب سعر السوق، وأراد أن يدفع عليه فائدة ربوية، فتحايلا لذلك وباع عمرو ألف دولار بدل مائة وخمسة آلاف روبية من زيد إلى أجل، فبعد حلول الأجل سيؤدي زيد مائة وخمسة آلاف التي تساوي ألف وخمسين دولار، فكأنه أدي خمسين دولاراً ربا، ولكنهما تحايلا للجواز.

وأجاب الشيخ عن ذلك بأنه يمكن سدُّ هذا الباب بأن نقول: إن الخيار للعاقدين في تعيين القيمة عند بيع الدولار بالروبيات إذا كانت المعاملة نقداً، أما إذا كانت نسيئة اشترط في المبادلة أن تتم بسعر السوق السائد عند العقد؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى الربا، وبهذا ينسد هذا الباب؛ لأن اشتراط ثمن المثل في عقود النسيئة يقطع الاحتيال على الربا.

واستدل له الشيخ بقاعدة سد الذرائع؛ إذ الوسائل لها حكم المقاصد، وهذه وسيلة إلى الربا، وبالتالي فهي حرام، أما إذا كانت نقداً فالخيار للعاقدين في تعيين القيمة أياً مّا كانت؛ لأنه لا يفضي إلى الربا.

واستدل له كذلك بحديث ابن عمر، حيث قال: "كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه"، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شىء"([65]). فاشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم في صرف ما في الذمة أن يكون بسعر السوق يوم الوفاء، مع أن بيع الدنانير بالدراهم يجوز فيه التفاضل لاختلاف الجنس، فلم يصدر هذا الاشتراط من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سداً لذريعة الربا، فكذا هذا([66]).

ملخص الرأي

وملخص هذا الرأي أنه مبني على علة الحنفية في النقدين، وقول الإمام محمد في الفلوس، فله مستند من آراء المتقدمين، وهذا الرأي لما يُسمع في أول وهلة يُرى أن إلحاق الورق النقدي بالفلوس يفتح باب الربا؛ لأن أكثر من ذهب إلى إلحاقها بالفلوس لم يضعوا لرأيهم معالم ولم يحدّدوا فيه حدوداً تمنع من الربا، فكان في الأصل ترجيحاً لرأي الجمهور عن الفلوس.

أما رأي الشيخ العثماني فمع إلحاقه للورق بالفلوس ليس فيه فتح باب الربا، لا في بيعها بجنسها، ولا بغيرها، فلا يمكن ردّه بأنه يفتح باب الربا، مع ما فيه من اليسر في بعض المسائل، وهذا الرأي بحث عنه الشيخ في مختلف مصنفاته كما سبقت الإشارة إليه، وبحث عنه الشيخ الدكتور عصمت الله في رسالته([67])، ورجّحه بعض العلماء باختصار في البحوث الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي بالهند([68])، وهذا جميع ما كُتب عن هذا الرأي، فهو لم ينل حقه من النقاش والبحث في المجامع الفقهية والمباحث العلمية، ولذايستغربها كل من يسمعها لأول مرة.

قال الشيخ العثماني: "إن هذا الموقف لم يأخذ حقه من النقاش والتعمق في المؤتمرات العالمية التي عقدت في هذا الموضوع، ولعلَّ سببَه أنه فور ما قيل إن الأوراق النقدية في حكم الفلوس يتبادر إلى الذهن أنه ترجيح للموقف الأول الذي يفتح باب الربا في الأوراق النقدية، ولكن الأمر ليس كذلك؛ لأنه لو أخذت الأوراق النقدية حكم الفلوس على مذهب الإمام محمد، لم يجز فيها التفاضل، فلا يلزم منه هذا المحظور، وأما ما يخشى من الاحتيال على الربا في جواز النسيئة فقد ينسدّ بابه باشتراط سعر المثل يوم العقد كما بينّا، فهذا الموقف موافق لما هو كالبديهي في الفرق بين الأثمان الحقيقية والأثمان الاصطلاحية، وجامع للمصالح من سدّ الربا والتيسير في مبادلة العملات بين البدلين([69])".

ولكن مع ذلك كله ترِد على أدلة هذا الرأي مناقشات وإيرادات نشير إليها في ما يلي.

الأدلة ومناقشتها

ونتعرض فيما يلي لأدلة من ألحق الورق النقدي بالفلوس، ونركز فيها على أدلة رأي الشيخ تقي العثماني:

1- إن أهم أدلة هذا الفريق أنهم يرجحون رأي الحنفية في علة الربا، فهي عندهم الوزن مع الجنس في النقدين([70])، والأوراق ليست وزنية بل هي عددية، فلا يمكن إلحاقها بالنقدين بدون علة متعدية وجامعة بينهما.

2- واستدلوا بالفروق التي ذكروها بين الأوراق النقدية والذهب والفضة،فمنها:

  1. الذهب والفضة أثمان بالخلقة، وثمنيتهما لا تحتاج إلى حكم حاكم أو اصطلاح أحد، بينما الأوراق بخلافها، فثمنيتها تحتاج إلى حكم حاكم أو إلزام سلطان، أي: الأوراق النقدية سلعة بالأصل ثمن بالاصطلاح، والنقدان ثمن بالأصل.
  2. الذهب والفضة موغلان في الثمنية حتى أجرى الشارع حكم الأثمان على تبرهما ومسكوكهما ومصوغهما، فيعلم منه أن هذه الأحكام خاصة بالنقدين حيث ما كانا، وأن فيهما خواصّ لا توجد في غيرهما.
  3. الأوراق لا تبقى ثمناً بعد الكساد أو إبطال التعامل بها، بينما النقدان بخلافها، فهما يبقيان ثمناً بعد الكساد أيضا.
  4. ومنها خلاف المعدن أيضاً؛ فالنقدان معدن، والأوراق كاغذ.
  5. الفلوس أولى بأن تلحق بالنقدين من الأوراق؛ إذ الفلوس معدن كالنقدين، وتبقى قيمتها الأصلية بعد الكساد، أما الأوراق فلا قيمة لها بعد الإلغاء، ومع ذلك لم ير الجمهور إلحاق الفلوس بالنقدين، فالأوراق أولى بعدم الإلحاق منها ([71]).

فهذه الفروق وغيرها تمنع إلحاقها بالنقدين.

3- الأوراق النقدية أكثر شبهاً بالفلوس من النقدين لأسباب تالية:

  1. كل منهما سلعة بالأصل ثمن بالاصطلاح.
  2. كل منهما يحتاج في الثمنية إلى إلزام سلطان أو اصطلاح.
  3. لا تبقى القيمة النقدية لكلٍّ منهما بعد الإلغاء ([72]).

4- واستدلوا كذلك بأنه إن جرت عليها أحكام الصرف فمعناه أن شراء الذهب والفضة بالأوراق صرفٌ، ويستغرب في مثل تلك الحالة أن مبادلة الذهب والفضة بالدراهم التي يغلب عليها الغش لا تكون صرفاً إلا بمقدار الفضة فيها، والأوراق التي لا فضة فيها أصلاً تعتبر صرفاً([73]).

5- ولو ألحقنا الأوراق النقدية بالذهب والفضة أدَّى ذلك إلى مشقة وحرج كبير، فإنه يحرِّم جميع صور بيع الذهب والفضة التي يكون الدفع فيها مؤجلاً، ويحرِّم كذلك جميع صور التحويلات المصرفية التي يكون قبض أحد البدلين فيها مؤجلاً، وهذه قد عمَّت بها البلوى في كل بلاد المسلمين، وقلَّ من لم يتعامل كذلك([74]).

فهذا القول وسط بين من لا يُجري على الأوراق أحكام الربا مطلقاً فيفتح بابَه، وبين من يجعلها في حكم النقدين، فيُوقِع الناس في الحرج، وخير الأمور أوساطها.

مناقشة الأدلة

1- أما الإلحاق بالفلوس، فنوقش بالفروق الأساسية بين الأوراق والفلوس، فهناك فروق جوهرية بينهما التي تمنع إلحاقها بالفلوس، فمنها:

  1. الفلوس ليست لها قوة إبراء غير محددة، وليست إلزامية، بخلاف الأوراق النقدية، فالدائن يحق له أن يرفض قبول الفلوس الرائجة، أما الأوراق النقدية فلا يحقُّ لأحد أن يرفضها بمقتضى القانون الموجِب التعاملَ بها([75]).
  2. الفلوس كانت عملة مساعدة لا نقوداً رئيسية، بمعنى أنها كانت تستخدم لشراء الأشياء الرخيصة التي لا تقوّم بدرهم ولا بدينار([76])، بخلاف الأوراق النقدية؛ فإنها بمثابة نقد رئيسي.
  3. الأوراق النقدية موغلة في الثمنية إيغالاً تقصر دونه الفلوس؛ ولذا لم يختلف أحد من المعاصرين في كونها ثمناً، والفلوس اختُلِف فيها كثيراً، حتى رآها الجمهور من العروض، ولم يروها محلًّا للربا.
  4. الأوراق انتقلت من أصلها العرضي إلى الثمنية انتقالاً لا تعود إلى أصلها، فهي إذا ألغيت لا تكون لها القيمة رأساً، فهذا يدل على أنها تجردت عن أصلها وأصبحت ثمناً بالرواج، وأما الفلوس فليست فيها قوة مثل الأوراق، فتكون لها قيمتها العرضية بعد الإلغاء كسائر العروض.
  5. وفي زمن الفلوس لم تكن الصفقات الكبيرة تتم بها، والأوراق بخلافها كما هو مشاهد([77]).

فهذه الفروق يترشح منها أن الفلوس والأوراق كليهما ثمن، ولكن هناك فرق كبير بين ثمنيتهما، فوصف الثمنية في الأوراق النقدية ظاهر بخلاف الفلوس؛ إذ لها شبه قوي بالعروض؛ ولذا لم يعدّها فقهاء الشافعية ثمناً مع قولهم بعلية الثمنية الغالبة، ولما اعترض عليهم بالفلوس أجابوا بانتفاء الثمنية الغالبة عن الفلوس وبشبهها بالعروض([78])، وهذا مع كونها ثمناً للمحقرات من الأشياء كما يدل عليه عبارات الفقهاء([79])، ولذا لم تلحق مع النقدين في الأحكام.

2- وبعد قياس الأوراق النقدية على الفلوس ينبغي اختيار قول الإمام مالك في الفلوس، سداًّ لذريعة الربا، إذ الفلوس في حكم الذهب والفضة في رأي عند الإمام مالك([80]).

3- والفروق التي ذكرت بين الورق النقدي والنقدين لا تمنع الإلحاق؛ لأنها متفقة مع النقدين في الثمنية حال قيام سلطتها، وهذا يكفي للقياس، على أنه لا يصح قياسها على الفلوس أيضاً للفروق التي ذُكرت.

رأي جمهور المعاصرين

وبإزاء هذا الرأي هناك رأي آخر يراه جمهور العلماء المعاصرين، فلا بد من ذكره مع الإشارة إلى الآثار المترتبة عليه وأدلته حتى يتضح المقصود، ونسلك في ذلك سبيل الإيجاز؛ لأن القصد من وراء كتابة البحث هو إيضاح رأي إلحاق الورق النقدي بالفلوس فقط، على أن الرأي الثاني كتب عنه كثيرون، فلا حاجة إلى البسط فيه مثل الرأي الأول.

فيرى جمهور العلماء المعاصرين أن الورق النقدي نقد مستقل بذاته، ويجري عليه جميع ما يجري على الذهب والفضة من أحكام؛ كجريان الربا فيه بنوعيه ووجوب الزكاة وصحته رأس مال للسلم والشركة والمضاربة؛ قياساً عليهما، ولاندراجه تحت علة الربا في النقود وهي الثمنية على ما قررّوه.

وذهب إلى هذا الرأي الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع([81])، والشيخ عبد الرحمن الساعاتي([82])، والدكتور وهبة الزحيلي([83])، وجمهور المعاصرين، وهو فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية([84])، وصدر بشأنه قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي([85])، و مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي([86])، والمجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ([87]).

وليعلم أن هذا القول يستلزم القول بعلِّية الثمنية المطلقة أو الغالبة، فمن رجّح هذا الرأي يلزم عليه أن يرجِّح مذهب المالكية في علِّية الثمنية المطلقة أو مذهب الشافعية في ترجيح الثمنية الغالبة، ولا يمكن القول بإجراء جميع أحكام النقدين على الأوراق بدون ذلك.

2- ما يترتب على هذا الرأي

يترتب على القول بإلحاق الأوراق النقدية بالنقدين أحكام تالية:

  1. جريان الربا بنوعيه في النقود.
  2. لا تجوز النسيئة في معاملة الأوراق بأي حال، فلا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة نسيئة مطلقاً، فلا يجوز مثلاً بيع ريال سعودي بعملة أخرى بدون تقابض في المجلس.
  3. لا يجوز التفاضل في الجنس الواحد، سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية بأحد عشر ريالاً سعودياً.
  4. جواز التفاضل إذا بيعت بخلاف جنسها بشرط التقابض.
  5. جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات([88]).

3- أدلة هذا الرأي

1- إن أهم أدلة أصحاب هذا الرأي أنهم رجحوا في علة الربا الثمنية المطلقة. وعلية الثمنية المطلقة قال بها الإمام مالك([89])، وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة([90])، والزهري([91])، وابن تيمية([92])، وصححه ابن العربي من المالكية([93]).

وعليه فإن أي ثمن يتخذ فيلحقه الحكم المتعلق بالنقدين، ما لم تثبت الخصوصية.

2- واستدلوا ثانياً بأن وظائف النقد -من كونه مقياساً للقيم، وواسطة للتبادل العام، ومخزناً للقيمة- توجد في الأوراق، فتقاس بها القيمة وتقضى بها الحاجات، فالأوراق وإن كانت سلعة باعتبار الأصل لكنها صارت ثمناً لهذه الوظائف([94]).

ولقد همّ عمر رضي الله عنه فيما نقله البلاذري أن يضرب من جلود الإبل دراهم، فقيل له: "إذاً لا بعير"، فأمسك([95]). فيدل عزم عمر على أن النقدية غير مختصة بالذهب والفضة، بل كل شيء تعتبره الحكومة نقداً -من أي مادة كان- يكون نقداً بعد استجماعه للوظائف السالفة.

3- رجحوا في تعريف النقد أنه شامل لكل ما يتعامل به كمعيار للأموال، ولا يتحتم أن يكون من الذهب والفضة، وأما كونهما خلقا للثمنية فالأدلة لا تثبته، ومن قال به لم يأت بدليل صريح يدل على ما يراه.

واستدلوا على تعريف النقد بقول الإمام مالك حيث قال: "ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى تكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة([96])".

وبقول ابن تيمية، حيث قال: "وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معياراً لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها ولهذا كانت أثماناً، بخلاف سائر الأموال فإن المقصود الانتفاع بها نفسها، فلهذا كانت مقدرة بالأمور الطبعية أو الشرعية، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت([97])".

الموازنة بين الرأيين في الآثار المترتبة عليهما

لو نظرنا إلى رأي الشيخ تقي العثماني ورأي جمهور المعاصرين نجد أن الفرق بينهما ليس كبيراً مثل الفرق بين قول جمهور المعاصرين وبين قول من يراها في حكم الفلوس غير الشيخ تقي العثماني، فإن من يراها في حكم الفلوس جوَّز كل أنواع الربا فيها، أو على الأقل جوَّز ربا الفضل فيها، وهذا خلاف ما يقصده الشرع من سدّ باب الربا، وأما موقف الشيخ العثماني فلا فرق بين رأيه وبين رأي الجمهور في:

  1. أن العملات الورقية تجب فيها الزكاة وتتأدى بها.
  2. ويجوز أن تصبح رأس مال في السلم والعقود المالية الأخرى.
  3. ويجري فيها الربا عند البيع بجنسها فلا يجوز التفاضل ولا النساء.

والفرق بين الرأيين إنما يتمحض في الصور الآتية:

  1. يجوز النساء في بيع الروبيات الباكستانية بالدولارات الأمريكية مثلاً عند الشيخ العثماني بشرط أن يكون بسعر اليوم([98])، ولا يجوز عند الجمهور.
  2. يجوز السلم في الأوراق النقدية عند الشيخ تقي العثماني، ولا يجوز عند جمهور المعاصرين، وقد أفردنا ذلك ببحث مستقل باسم: "السلم في الأوراق النقدية بين الشريعة والتطبيق المصرفي".
  3. كما أنه يجوز شراء الذهب والفضة بالأوراق نسيئة عند الشيخ العثماني ولا يجوز عند الجمهور.

الترجيح:

وبعد ذكر ما سبق من الأدلة ومناقشتها أرى -والله أعلم- أن رأي الجمهور هو أولى وأجدر بالقبول؛ لأن رأيهم لا ترد عليه مناقشات قوية ورأيهم يتوافق مع القياس، ولأن علة الثمنية المطلقة هي التي يقتضيها القياس، ويناسب مع ما شدّد به في أمر الأثمان.

وفيما يلي ذكر أسباب الترجيح.

1- إن أهم ما يذكر لتأييد هذا الرأي هو أن علة الثمنية هي وصف مناسب بالنقدين، فينبغي تعليلهما بها، وعلية الثمنية المطلقة قال بها الإمام مالك وجمع من المحققين كما سبق.

2- كما أن العلة التي يراها أصحاب هذا الرأي في الربا هي أنها الوزن مع الجنس، ولا وزن في العملات الورقية، فينبغي أن يجوز التفاضل في الأوراق عند اتحاد الجنس كذلك، كما هو مقتضى العلة، ولكن الشيخ حرّم ربا الفضل فيها قائلاً بأن جواز التفاضل يفضي إلى الفضل الخالي عن العوض، وهو الربا الذي منع عنه القرآن، كما قاله الإمام محمد في الفلوس.

ويرِد على هذا بأن هذا يقتضي فساد العلة، إذ الحكم موجود مع عدم العلة، والحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً.

3- ولو نظرنا إلى الأحاديث التي وردت في الربا، نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر في بعضها ستة أشياء، وفي بعضها الذهب والفضة فقط، فيعلم منها أن في النقدين اختصاصاً لا يوجد في الأشياء الأربعة الأخرى، وأن هناك نقطة داعية لاختصاصهما بالذكر، ولذلك فرّق الحنفية بين النوعين في معنى القبض، فمنعوا النساء في سائر الأشياء الربوية، أما بيع الغائب بالناجز([99]) فمنعوه في النقدين فقط بخلاف الأشياء الأخرى لمزيد اختصاصهما بالورود في أحاديث أخرى.

فهذا يدل على وجود فرق مؤثر بين الفريقين من الأشياء الستة، ولو تفكرنا هنيهة لوجدنا أنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت الأشياء الأربعة مأكولة ومبيعة والنقدان ثمناً، فالعقل يقتضي أن يفرق بين النوعين، ثم يعلّل كل فريق بما يناسبه، فتعلّل الأشياء الأربعة بعلة، والنقدان بعلة أخرى مستقلة مناسبة خاصة بالنقدين بحيث لا تتعدى إلى غيرهما إلا إذا كان مثلهما، وهذا منتف في جعل الوزن علة لهما وللموزونات الأخرى، ولو نظرنا إلى كون الذهب والفضة موزونين، لوجدنا أن هذا الوصف اتفاقي محض لا يصلح لأن يجعل مدار الحكم.

4- ويغلب على الظن أن الفقهاء كانوا يلاحظون في العلة أن تشمل غير المنصوص عليه، والنقد الغالب إذ ذاك كان هو الذهب والفضة فقط، فرأوا أنه ليس في التعليل بالثمنية فائدة؛ إذ لا ثمن سواهما، فلم يكن داع إلى جعل النقدين صنفاً خاصاً مستقلاً عن الأشياء الأخرى وتعليلهما بعلة مستقلة، وأما الفلوس فرأوا شبهها بالعروض أقوى، ولم تكن هناك علامات لوجود شيء مثل الأوراق النقدية في المستقبل، فلم يروا في التعليل بالثمنية فائدة، ولكن بعض الفقهاء تفطّنوا لذلك فعلّلوا النقدين بعلة مستقلة يمكن تعديتها إلى الأوراق النقدية، ولو رأى الفقهاء القدامى الحالة التي نحن عليها الآن من تغلّب الأوراق على الأسواق والتغيرات الاقتصادية التي حدثت بعدهم، فيغلب على الظن أنهم وافقوا القائلين بعلية الثمنية ولم يخالفوهم.

5- والذهب والفضة يمكن أن نقول: إنهما خُلقا للثمنية للمزايا التي لا توجد في غيرهما، ولكن هذا لا يعني أن غيرهما لا يصلح للثمنية مثل النقدين، ولقد همّ عمر أن يضرب من جلود الإبل دراهم ثم أمسك خوفاً من قلة الإبل([100]).

على أن الغرض ليس في أصلها وجوهرها بل في ما تؤديه من وظائف، والأوراق لا تؤدي وظائف الفلوس، بل تؤدي وظائف النقدين.

6- بل لو نظرنا إلى الحالة الراهنة التي نحن عليها اليوم وجدنا أن النقدين صارا مبيعاً بعد ما كانا ثمناً، وهما تقدر بالأوراق بعد ما كانت الأشياء تقدر بهما، ومن يختزنهما لا يختزنهما لأجل ثمنيتهما بل لأجل التحلي بهما أو لأجل بيعهما عند ارتفاع السعر، والوظائف التي كانت تؤدى بالذهب والفضة في وقت، أصبحت الآن تؤدى بالنقود تماماً.

7- وأما القول بأن الأوراق ثمن بالعرف ولا تبقى ثمناً بعد الكساد، فالجواب أولاً: أن البحث فيها حال قيام سكّتها وكونها ثمناً، وأما البحث فيها بعد الكساد فإنه خروج عن محل النزاع، وثانياً: أن الغرض ليس في صورتها وشكلها الخاص، بل في ما تؤديه من وظائف، فلو كسدت فلا بدّ وأن تطبع مكانها أوراق أخرى، على أن الأوراق الكاسدة تعطي الحكومة بدلها أوراقاً جديدة.

8- والقول بأن أحكام الصرف لا تجري على الأوراق مخالف لمقاصد الشارع في الأثمان؛ لأنا نجد أن النصوص الواردة في شأن الذهب والفضة اشترطت فيهما ما لم يُشترط في باقي الأشياء وشدّدت في شأنهما، وقصد الشارع بها أن لا تستخدم الأثمان كالسلعة، فلم يرخَّص في المتاجرة فيها بشكل كبير، ولم يجوّز السلم فيها ولا أبيحت فيها الرخص الأخرى التي وردت في باقي الأشياء من بيع المعدوم في السلم والاستصناع، ومن إباحة الخيار فيها، ومن إباحة بيع الغائب بالناجز فيها.

فمقصود الشارع من جميع هذه الأحكام أن لا تجعل الأثمان مجعل العروض أو السلعة بل تستخدم كشيء آخر مستقل وألا يتخذ عينها متجراً وتخصص بأحكام لم يُعهد من الشارع مثلها في سائر الأشياء.

فقال ابن القيم في إعلام الموقعين في معرض بيان العلة: "وسرّ المسألة أنهم منعوا من التجارة في الأثمان بجنسها لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأثمان ومنعوا من التجارة في الأقوات بجنسها لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأقوات([101])".

إذا تبين هذا أمكن لنا القول بأن الأحكام التي تجري على الأوراق النقدية وفق هذا الرأي من حرمة التفاضل والنساء عند اتحاد الجنس وإباحة كليهما عند فقدان الجنس هي عين ما يجري على السلع، فلا فرق إذن بين سائر السلع والأثمان، وإباحة هذه الرخص في الأثمان يخالف مقصد الشارع والحكمة التي لاحظها عند منع المتاجرة في الأثمان وتخصيصها بالشرائط التي لم يخصّ بها سائر الأشياء.

بل نقول إن الشارع شدّد في الأثمان ورخّص في السلع، وآثار هذا الرأي بخلافه، حيث لا يجوز عند أصحاب هذا الرأي بيع الحنطة بالشعير نسيئة، ويجوز عندهم بيع الروبيات بالدولار نسيئة، فكأنه رُخّص في الأثمان أكثر من السلع، ونسلّم أن هذا حصل للعلة، ولكن هذا يشعر بضعف العلّة حيث تؤدي إلى خلاف مقاصد الشريعة.

9- والشيخ تقي العثماني بنفسه قد نبّه بنفسه على ضعف مذهب الحنفية في علة الربا وقوة مذهب المالكية في كتابه القيم النفيس "تكملة فتح الملهم" ، فقال: "والذي يظهر لهذا العبد الضعيف -عفا الله عنه- أن تعليل المالكية أظهر وأولى من جهة النظر ومن جهة العمل عليه"، ثم وضّح ذلك بالتفصيل، مبيناً وجه ترجيح رأي المالكية من جهة النظر ومن جهة العمل، ومشيراً إلى المشاكل العملية التي يؤدي إليها رأي الحنفية في العلة، كما أشار إلى أن كون الشيء مكيلاً أو موزوناً يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة، وقال في الأخير: "وأما على تعليل المالكية فلا تحدث هذه المشاكل العملية، فإن علتي الثمنية والاقتيات مما يجعل أحكام ربا الفضل مرتبطة متناسقة، ويقربها إلى حكمتها المنصوصة من تدرجه إلى ربا النسيئة([102])".

10- على أن الاحتياط يقتضي أن يقال بجريان أحكام الربا والصرف على الأوراق النقدية.

الخاتمة:

ظهر مما مضى من البحث الأمور التالية:

  1. الورق النقدي نقد قائم بذاته، له ما للنقدين من أحكام الربا والصرف.
  2. الورق النقدي ينبغي إلحاقه بالذهب والفضة في التكييف.
  3. بين الفلوس والأوراق النقدية فروق تمنع إلحاقها بالفلوس.
  4. الراجح في علة الربا في النقدين هو الثمنية المطلقة كما ذهب إليه الإمام مالك.
  5. ما ذهب إليه الحنفية في مبحث علة الربا لا يتفق مع ما يقتضيه القياس والأصول من المناسبة بين العلة والحكم.
  6. رأي إلحاق الورق النقدي بالفلوس يقوم على رأي الحنفية في علة الربا إلا أنه لا يخلو عن المناقشات، فينبغي الأخذ برأي الجمهور.

هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، آمين يا رب العالمين.

حوالہ جات

  1. - ينظر: محمد بن مكرم بن منظور (م: 711هـ)، لسان العرب، دار صادر بيروت، الطبعة الأولى، 6/165. مرتضى الزبيدي (م: 1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، طبعة وزارة الإعلام في الكويت، سنة 1391هـ، 16/344. مجد الدين الفيروز آبادي (م: 817هـ)، القاموس المحيط ، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثامنة 1426هـ، ص: 563.
  2. - ينظر: الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي (م: 1436هـ)، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر دمشق، الطبعة الرابعة، 5/3610. الشيخ محمد عليش (م: 1299هـ)، منح الجليل شرح مختصر خليل، دار الفكر بيروت، سنة 1409هـ ، 4/531.
  3. - دكتور نزيه حماد، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1429هـ، ص: 355.
  4. - يقول السرخسي: والدليل على أن معنى الثمنية في الفلوس بالاصطلاح أنه يصلح ثمن الخسيس من الأشياء دون النفيس، وأنه يروج في بعض الأشياء دون البعض، ويروج في بعض المواضع دون البعض، بخلاف الذهب والفضة، شمس الأئمة محمد بن أحمد السرخسي (م: 483هـ)، كتاب المبسوط، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى 1421هـ، 12/326.
  5. - تقي الدين أبو العباس المقريزي (م: 845هـ)، إغاثة الأمة بكشف الغمة، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الهرم، الطبعة الأولى 1427هـ، ص: 141.
  6. - الشيخ أحمد الخطيب، إقناع النفوس بإلحاق أوراق الأنوات بعملة الفلوس، المطبعة الأهلية في بيروت، سنة 1330هـ، ص: 48. وينظر: عبد الله بن سليمان بن منيع، الورق النقدي: حقيقته تاريخه قيمته حكمه، طبعة المصنف، الطبعة الثانية 1404هـ، ص: 65.
  7. - ينظر: ستر بن ثواب الجعيد، أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى مكة المكرمة، سنة: 1405- 1406هـ، ص: 173. عبد الله بن سليمان بن منيع، الورق النقدي، ص: 68، عن جريدة حراء، عدد 223 في 10/6/1378هـ.
  8. - ينظر: الشيخ عبد الرحمن السعدي (م: 1376هـ) ، الفتاوى السعدية، مكتبة المعارف الرياض، الطبعة الثانية 1402هـ، ص: 316-318، و: 327.
  9. - عبد الله بن سليمان بن منيع، الورق النقدي، ص: 147، قال: "رأي سماحة الأستاذ الكبيرالشيخ مصطفى الزرقا في الأوارق النقدية، كما هو مسجل لفضيلته في الموسوعة الفقهية الكويتية قسم الحوالة، حيث يغلب على الظن أنها من إعداده ...".
  10. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، فقه البيوع على المذاهب الأربعة مع تطبيقاتها المعاصرة مقارنا بالقوانين الوضعية، مكتبة معارف القرآن كراتشي، الطبعة الأولى 1436هـ، ص: 2/740.
  11. - كتب الشيخ أحمد رضا خان رسالة عن الورق النقدي وسماها "كفل الفقيه الفاهم في أحكام قرطاس الدراهم" للجواب عن أسئلة وجهت إليه من علماء مكة المكرمة، والرسالة مطبوعة ضمن الفتاوى الرضوية، جامعه نظاميه رضويه لاهور، سنة: 1420هـ، ص: 17/395-505.
  12. - فقال في فتاواه: فإذا صارت الفلوس أثماناً صار فيها المعنى فلا يباع ثمن بثمن إلى أجل، ص: 29/472. وقال كذلك: والأظهر المنع من ذلك (أي صرف الفلوس بالدراهم نظرة) فإن الفلوس النافقة يغلب عليها حكم الأثمان وتجعل معيار أموال الناس، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (م: 728هـ)، مجموع الفتاوى، دار الوفاء مصر، الطبعة الثالثة 1426هـ، ص: 29/469.
  13. - ينظر: شمس الدين ابن قيم الجوزية (م: 751هـ)، إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الجيل بيروت سنة 1973م، ص: 2/156. الشيخ ابن منيع، الورق النقدي: 87.
  14. - ينظر: أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (م: 235هـ)، المصنف، كتاب البيوع والأقضية، باب في رجل يشتري الفلوس، طبعة الدار السلفية الهندية القديمة، ص: 7/267، رقم الأثر: 23532.
  15. - ينظر: الإمام مالك بن أنس (م:179هـ)، المدونة الكبرى رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم، دار الكتب العلمية، ص: 3/5-6.
  16. - ينظر: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (م: 458هـ)، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب لا ربا فيما خرج من المأكول والمشروب والذهب والفضة، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة 1424هـ، ص: 5/470، رقم: 10527. الإمام محمد بن إدريس الشافعي (م: 204هـ)، الأم، دار المعرفة بيروت، الطبعة الثانية 1393هـ، ص: 3/98.
  17. - ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف، كتاب البيوع والأقضية، باب في الفلس بالفلسين، ص: 7/120، رقم الأثر: 22996.
  18. - ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف، المرجع السابق، رقم الأثر: 22997.
  19. - ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف، المرجع السابق، رقم الأثر: 22998.
  20. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، دار القلم دمشق، الطبعة الثانية 1424هـ، ص: 146-172.
  21. - يقول الكاساني: "الكلام فيها مبني على أصل، وهو أن الفلوس الرائجة ليست أثماناً على كل حال عند أبي حنيفة وأبي يوسف ؛ لأنها تتعين بالتعيين في الجملة، وتصير مبيعاً بإصطلاح العاقدين حتى جاز بيع الفلس بالفلسين بأعيانها عندهما، وعند محمد الثمنية لازمة للفلوس النافقة، فكانت من الأثمان المطلقة، ولهذا أبى جواز بيع الواحد منها باثنين، فتصلح رأس مال الشركة كسائر الأثمان المطلقة، علاء الدين الكاساني (م: 587هـ)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 1406هـ، ص: 6/59. وقال ابن عابدين: الفلوس لها حكم العروض من وجه، وحكم الثمن من وجه، محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين (م: 1252هـ)، رد المحتار، دار الفكر بيروت، الطبعة الثانية 1412هـ، ص: 5/180.
  22. - ينظر: علي بن أبي بكر المرغيناني (م: 593هـ)، الهداية شرح بداية المبتدي، دار إحياء التراث العربي بيروت، ص: 3/63. محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط: 12/326. علاؤ الدين الكاساني، بدائع الصنائع : 5/185. أكمل الدين البابرتي، العناية شرح الهداية، ص: 7/20. محمود بن أحمد برهان الدين البخاري (م: 616هـ)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1424هـ، ص: 6/322.
  23. - ينظر: أبو بكر المرغيناني، الهداية: 3/63. محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط: 12/326. علاؤ الدين الكاساني، بدائع الصنائع : 5/185. أكمل الدين البابرتي، العناية شرح الهداية، ص: 7/20. برهان الدين البخاري، المحيط البرهاني، ص: 6/322. ويعلم من هذا التفصيل أن أئمة الحنفية متفقون على ثمنية الفلوس ولذا أجمعوا على حرمة التفاضل فيها في صورة عدم التعيين، والخلاف في أنه هل يجوز للعاقدين إبطال ثمنيتها في صورة بيع فلس بفلسين بأعيانها، وهل تتعين بالتعيين أم لا؟ فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف لهما ذلك، فلا تجري أحكام الصرف والربا على الفلوس، فيجوز بيعها متفاضلاً وبيعها بالدراهم نسيئة، بينما الإمام محمد يرى عدم تعينها فلا يجوز بيعها متفاضلاً، ولكن تجوز النسيئة فيها إذا بيعت بالدراهم أو الدنانير كما سيأتي.
  24. - ينظر: زين الدين بن إبراهيم، ابن نجيم المصري (م: 970هـ)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثانية، ص: 6/143.
  25. - ينظر: محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط، ص: 12/326.
  26. - ينظر: أكمل الدين البابِرتي (م :786هـ)، العناية شرح الهداية، دار الفكر بيروت، ص: 7/21.
  27. - علاؤ الدين الكاساني، بدائع الص نائع: 5/185.
  28. - ينظر: غلام قادر النعماني، القول الراجح (ترجيح الراجح بالرواية في مسائل الهداية)، طبعة دار الإفتاء بدار العلوم الحقانية نوشهره باكستان، الطبعة الخامسة، ص: 2/59، ورجَّحه الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي في "جديد فقهي مباحث"، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية كراتشي، سنة 2009م، 2/561.
  29. - نوع من الدراهم المغشوشة، والغطارفة دراهم منسوبة إلى غِطرِيف بن عطاء الكندي أمير خراسان أيام الرشيد، والعَدالِي هي الدراهم المنسوبة إلى العدال وكأنه اسم ملك. ابن نجيم، البحر الرائق: 6/218.
  30. - القاضي محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة،ص: 166.
  31. - القاضي محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة،ص: 167.
  32. - كمال الدين ابن الهمام (م: 681هـ )، فتح القدير شرح الهداية، دار الفكر بيروت، ص: 6/170.
  33. - كما قال المرغيناني: ولا يعود (أي الفلس) وزنيا لبقاء الاصطلاح على العدّ، الهداية: 3/63.
  34. - ينظر: أكمل الدين البابِرتي، العناية شرح الهداية، ص: 7/20، كمال الدين ابن الهمام، فتح القدير، ص: 7/21. محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط: 12/326.
  35. - علاء الدين الحصكفي (م: 1088هـ)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، دار الفكر بيروت، سنة: 1386هـ، ص: 5/179.
  36. - قال ابن نجيم: إن الجنس بانفراده يحرم النساء، البحر الرائق: 6/139.
  37. - علاؤ الدين الكاساني، بدائع الصنائع، ص: 5/237.
  38. - مفتي رشيد أحمد لدهيانوي، أحسن الفتاوى، ايج ايم سعيد كمبنى كراتشي، الطبعة السابعة 1425هـ، ص: 7/90.
  39. - محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط، ص: 14/41.
  40. - علاؤ الدين الحصكفي، الدر المختار، ص: 5/179.
  41. - سراج الدين عمر بن علي الحنفي (م: 829هـ)، فتاوى قارئ الهداية، جمعها محمد بن عبد الله الخطيب التمرتاشي (م: 1004هـ)، مخطوط بمكتبة جامعة الملك سعود، رقم 1039، لوحة رقم 13. ونقله ابن عابدين كذلك عن فتاواه في رد المحتار، ص: 5/180.
  42. - ينظر: ابن عابدين، رد المحتار، ص: 5/180.
  43. - ينظر: الشيخ أحمد رضا خان، الفتاوى الرضوية، ص: 17/438.
  44. - ينظر: ابن عابدين، رد المحتار، ص: 5/180.
  45. - ينظر: ابن عابدين، رد المحتار، ص: 5/180.
  46. - عبد الله بن محمود الموصلي الحنفي (م: 683هـ)، الاختيار لتعليل المختار، مطبعة الحلبي القاهرة، سنة: 1356هـ، ص: 2/36، وقال في المحيط: الشرط السابع: أن يكون المسلم فيه يتعين بالتعيين حتى لا يجوز السلم في الأثمان. محمود بن أحمد البخاري، المحيط البرهاني، ص: 7/161. ومثله عند علاء الدين السمرقندي (م: 540هـ) في تحفة الفقهاء، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1405هـ، 2/11.
  47. - ينظر: الإمام محمد بن الحسن الشيباني (م: 189هـ) ، كتاب الأصل المعروف بالمبسوط، عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ، كتاب البيوع والسلم، 5/11.
  48. - ينظر: الإمام محمد بن الحسن الشيباني (م: 189هـ)، الجامع الصغير، إدارة القران والعلوم الإسلامية كراتشي، سنة: 1411هـ، ص: 322.
  49. - علاؤ الدين السمرقندي، تحفة الفقهاء، ص: 2/11.
  50. - علاؤ الدين الكاساني، بدائع الصنائع، ص: 5/212.
  51. - محمود بن أحمد البخاري، المحيط البرهاني، ص: 7/78.
  52. - ابن نجيم، البحر الرائق، ص: 6/170.
  53. - ابن عابدين، رد المحتار، ص: 5/210.
  54. - ينظر: أكمل الدين البابِرتي، العناية شرح الهداية، ص: 7/75.
  55. - ينظر: محمود بن أحمد البخاري، المحيط البرهاني، ص: 7/78.
  56. - ينظر: كمال الدين ابن الهمام، فتح القدير، ص: 7/75.
  57. - "السلم في الأوراق النقدية بين الشريعة والتطبيق المصرفي" منشور في مجلة الدراسات الإسلامية، الصادرة من مجمع البحوث الإسلامية، بالجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد، المجلد 53، العدد 2، أبريل-مايو 2018م.
  58. - وضح الشيخ تقي العثماني موقفَه في كتبه التالية:
    1. فتاوى عثماني، مكتبة معارف القرآن كراتشي، سنة 1431هـ، ص: 3/141-160.
    2. فقه البيوع، ص: 2/896-770.
    3. فقهي مقالات، ميمن اسلامك پبلشرز كراتشي، سنة 2011م، ص: 1/13-43.
    4. بحوث في قضايا فقهية معاصرة،ص: 146-172.
    5. اسلام اور جديد معاشي مسائل (الإسلام والمسائل الاقتصادية الجديدة)، إداره إسلاميات لاهور، الطبعة الأولى 1429هـ، ص: 2/69-87.
    6. تكملة فتح الملهم، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة الأولى 1426هـ، ص: 1/484-488، و: 1/547-550.
  59. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة،ص: 143-172. فقه البيوع، ص: 2/733-736.
  60. - ينظر: مجمع الفقه الإسلامي بالهند، جديد فقهي مباحث، ص: 4/55 فما بعدها إلى آخر المجلد الرابع.
  61. - مجمع الفقه الإسلامي بالهند، جديد فقهي مباحث، ص: 4/600.
  62. - ينظر: محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 733.
  63. - وهذا لأن اختلاف الجنس يتأتى باختلاف الاسم والمقصود، قال ابن نجيم: واختلاف الجنس يعرف باختلاف الاسم الخاص واختلاف المقصود فالثوب الهروي والمروي جنسان لاختلاف الصنعة وقيام الثوب، ابن نجيم، البحر الرائق، ص: 6/138. والورق النقدي يختلف في قيمته ورواجه وهيئته وشكله من ورق دولة أخرى. وصدر بشأنه قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، ونصه: "إن هيئة كبار العلماء تقرر بأكثريتها أن الورق النقدي يعتبر نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته"، هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، أبحاث هيئة كبار العلماء، طبعة الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الرياض، الطبعة الأولى 1409هـ، 1/57.
  64. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، بحوث في قضايا فقهية معاصرة،ص: 170.
  65. - الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث السِّجِستاني (م: 275هـ)، السنن، دار الرسالة العالمية دمشق، الطبعة الأولى 1430هـ، كتاب البيوع، باب في اقضاء الذهب من الورق، 5/242، رقم الحديث: 3354. أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي (م: 303هـ)، سنن النسائي (المجتبى)، مكتب المطبوعات الإسلامية حلب، الطبعة الثانية 1406هـ، كتاب البيوع، باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، 7/281، رقم: 4582.
  66. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 745-746. بحوث في قضايا فقهية معاصرة: 171.
  67. - ينظر: دكتور عصمت الله، دراسة الورق النقدي من الناحية الشرعية (زر كا تحقيقي مطالعه شرعي نقطه نظر سي)، إدارة المعارف كراتشي، سنة 1430هـ.
  68. - ينظر: مجمع الفقه الإسلامي بالهند، جديد فقهي مباحث، المجلد الثاني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية كراتشي، سنة 2009م.
  69. - محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 748 بلفظه.
  70. - ينظر: ابن نجيم، البحر الرائق: 6/137. كمال الدين ابن الهمام، فتح القدير، ص: 7/4. علاؤ الدين الكاساني، بدائع الصنائع: 5/183. فخر الدين الزيلعي (م: 743 هـ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، المطبعة الكبرى الأميرية القاهرة، الطبعة الأولى 1313هـ، ص: 4/86.
  71. - ينظر: ستر بن ثواب الجعيد، أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي، ص: 192. محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 745.
  72. - قال الشيخ تقي العثماني: "إن هناك فرقاً كبيراً بين الذهب والفضة والورق النقدي، من حيث إن الذهب والفضة يعتبران أثماناً منذ أول نشأتهما حتى الآن ولذلك قيل: إنهما أثمان خلقية، وإن صفة الثمنية فيهما لا تبطل بالعرف والاصطلاح، أما النقود الورقية فإنها صارت أثماناً بالاصطلاح، وثمنيتها ليست دائمة، فيمكن في أي حين أن تبطل ثمنيتها بمحض إصدار حكم من الحكومة أنها لم تعد عملة قانونية، ومن هذه الجهة فإنها أشبه بالفلوس منها بالدراهم الفضية أو الدنانير الذهبية، ولكن لو أجرينا عليها أحكام الفلوس على مذهب الشافعية أو الحنابلة أو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف لانفتح باب الربا، فإن الفلوس في زمنهم كانت تستعمل في مبادلات بسيطة، أما النقود الورقية اليوم فأصبحت هي العملة الوحيدة الرائجة في معظم المعاملات، فالحل الوحيد إذن في قول الإمام محمد الذي لا يجوِّز التفاضل في بيع الفلوس بعضها ببعض". محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 733-734.
  73. - ينظر: محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/741. فتاوى عثماني: 3/143.
  74. - قال الشيخ العثماني: "إن الذين جعلوا مبادلة الأوراق بعضها ببعض صرفاً، وأجروا عليها أحكام الصرف من اشتراط التقابض، اضطروا إلى تأويلات مختلفة وتسامح، فجعلوا من التقابض ما ليس تقابضاً حقيقة"، محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 745.
  75. - ينظر: الدكتور أحمد حسن، الأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي قيمتها وأحكامها، مقالة دكتوراه،دار الفكر دمشق، الطبعة الأولى 1420هـ، ص: 197.قال الشيخ عبد الحي اللكنوي: إن الورق النقدي وإن لم يكن ثمناً حقيقة لكنه في حكم الثمن عرفاً، بل عين الثمن؛ لأن الدائن لا يحق له أن يرفض قبولها عند سداد الدين ويجبر على قبوله، وهذا بخلاف الفلوس إذ لو وجبت الروبيات (الفضية) في الدين وأراد المدين دفع الفلوس (النحاسية) يحق للدائن أن يرفض ولا يجبر على القبول؛ فالفلوس وإن كانت ثمنا إلا أنها ليست عين الثمن الحقيقي، بخلاف الورق النقدي. محمد عبد الحي اللكنوي (م: 1304هـ) ، مجموعة الفتاوى اردو ترجمه، شهزاد پبلشرز لاهور، 2/154-156. ومثله في مجموع الفتاوى (فارسي) بهامش خلاصة الفتاوى للبخاري، مكتبه رشيديه كوئته، ص: 3/15-17.
  76. - ينظر: الدكتور أحمد حسن، الأوراق النقدية، ص: 197.
  77. - ينظر: عبد الله بن سليمان بن منيع، الورق النقدي، ص: 70.
  78. - ينظر: أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (م: 450هـ)، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي (شرح مختصر المزني)، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ، ص: 5/93. ومثله في المجموع شرح المهذب ليحيى بن شرف النووي(م: 676هـ)، دار الفكر، 9/393.
  79. - قال الشوكاني: "والمفلس شرعاً من يزيد دينه على موجوده، سمي مفلساً، لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك لأنه يمنع التصرف إلا في الشيء التافه كالفلوس، لأنهم ما كانوا يتعاملون بها في الأشياء الخطيرة"، محمد بن علي الشوكاني (م: 1250هـ)، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، دار الحديث مصر، الطبعة الأولى 1413هـ، ص: 5/287. وثبت في كتب الحديث أن أبا ذر رضي الله عنه كان يرى حرمة اكتناز النقود (محمد بن إسماعيل البخاري (م: 256هـ)، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، دار الشعب، القاهرة، الطبعة الأولى 1407هـ، ص: 2/133، رقم: 1406)، ومع هذا كان يكتنز الفلوس. فروى أحمد بن حنبل في حديث عبد الله بن الصامت أن أبا ذر أمر جاريته أن تشتري بعطائه فلوساً، قال عبد الله بن الصامت: فقلت له: لو ادخرته لحاجة تنوبك أو للضيف ينزل بك، قال: إن خليلي عهِد إليَّ أن أيما ذهب أو فضة أوكي عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله عز و جل (أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الإمام (م: 241هـ)، المسند، مسند أبي ذر، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1416هـ، ص: 5/156، رقم: 21421)، فصنيع أبي ذر هذا له دلالته على أن الفلوس لا تبلغ مبلغ النقدين. وقال الماوردي في الجواب عن ما أورد على علة الشافعية نقضا بالفلوس: "وأما الجواب عما ذكروه من نقض علتنا في الطرد بالفلوس وفي العكس بالأواني، فهو أن علتنا سليمة من النقض في الطرد والعكس؛ لأنها جنس الأثمان غالباً، والفلوس وإن كانت ثمنا في بعض البلاد فنادر، فسلم الطرد". علي بن محمد الماوردي، الحاوي الكبير، ص: 5/176.
  80. - حيث قال في المدونة: قلت: أرأيت إن اشتريت فلوسا بدراهم فافترقنا قبل أن نتقابض، قال: لا يصلح هذا في قول مالك وهذا فاسد، قال لي مالك في الفلوس: لا خير فيها نظرة بالذهب ولا بالورق، ... قلت: أرأيت إن اشتريت خاتم فضة أو خاتم ذهب أو تبر ذهب بفلوس فافترقنا قبل أن نتقابض، أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: لا يجوز هذا في قول مالك؛ لأن مالكاً قال: لا يجوز فلس بفلسين، ولا تجوز الفلوس بالذهب والفضة ولا بالدنانير نظرة، الإمام مالك، المدونة الكبرى: 3/5. ينظر كذلك: ستر بن ثواب الجعيد، أحكام الأوراق النقدية، ص: 174-176.
  81. - ينظر: عبد الله بن سليمان بن منيع، الورق النقدي، ص: 113-127.
  82. - ينظر: أحمد عبد الرحمن الساعاتي (م: 1377هـ)، بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، دار إحياء التراث العربي بيروت، 8/251.
  83. - ينظر: الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي (م: 1436هـ)، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر دمشق، الطبعة الرابعة، 5/ 3672.
  84. - ينظر: هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، أبحاث هيئة كبار العلماء، 1/57.
  85. - ينظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، طبعة الرابطة، القرار السادس: حول العملة الورقية، من الدورة الخامسة سنة 1402هـ، ص: 101-102.
  86. - ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي الصادرة عن منظمة المؤتمر الاسلامي بجدة، العدد الثالث، قرار رقم: 9، ص: 23.
  87. - ينظر: هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية 1431هـ، رقم المعيار: 1، ص: 4.
  88. - ينظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ص: 101-102. أبحاث هيئة كبار العلماء، ص: 1/57.
  89. - ينظر: الشيخ علي العدوي (م: 1189هـ)، حاشية العدوي، مطبعة محمد آفندي مصطفى مصر، ص:3/441، وقال: هو خلاف المشهور. أحمد بن غنيم النفراوي (م: 1126هـ)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1418هـ، ص: 2/119. الإمام مالك بن أنس، المدونة الكبرى، ص: 3/5.
  90. - يعلم ذلك من منعهم عن صرف الفلوس بالدراهم إلا يداً بيد. ينظر: الإمام مالك بن أنس، المدونة الكبرى، ص: 3/5.
  91. - ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف، كتاب البيوع والأقضية، باب في رجل يشتري الفلوس، ص: 7/267، رقم الأثر: 23532.
  92. - حيث قال: والأظهر أن العلة في ذلك هو الثمنية ؛ لا الوزن كما قاله جمهور العلماء، تقي الدين ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ص: 29/471.
  93. - ينظر: محمد بن عبدالله، أبو بكر ابن العربي (م: 543هـ )، عارضة الأحوذي شرح الترمذي، دار الكتب العلمية، ص: 5/310.
  94. - قال الشيخ الساعاتي: "فالذي أراه حقاً، وأدين الله عليه: أن حكم الورق المالي كحكم النقدين في الزكاة سواء بسواء؛ لأنه يتعامل به كالنقدين تماما؛ ولأن مالكه يمكن صرفه وقضاء مصالحه به في أي وقت شاء"، أحمد عبد الرحمن الساعاتي، الفتح الرباني: 8/251.
  95. - ينظر: أحمد بن يحيى البلاذري (م: 279هـ) ، فتوح البلدان، القسم الخامس، مؤسسة المعارف بيروت، 1407هـ، ص: 659.
  96. - الإمام مالك، المدونة الكبرى، ص: 3/5.
  97. - ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ص: 19/251-252.
  98. - ينظر: محمد تقي العثماني، فقه البيوع، ص: 2/ 739.
  99. - ووضح الشيخ تقي العثماني الفرق بين النساء وبيع الغائب بالناجز حيث قال ما معناه: إن معنى النسيئة أن يكون فيها الأجل، ومعنى الغائب بالناجز أن لا يكون فيه الأجل بل يكون البيع حالاً ولكن أحد العاقدين يقول مثلاً: الحنطة عندي في البيت وأعطيكها الليلة، فهذا جائز؛ لأن الحنطة تتعين بالتعيين، فإذا تعينت بدون الأجل صحّ العقد، فإذا قال: اشتريت منك هذه الحنطة بالحنطة التي عندي في البيت وقع العقد وتعينت الحنطة التي في البيت، وليس هذا نسيئة بل بيع الغائب بالناجز، لأن النسيئة يكون فيها الأجل ولا يحق للطالب المطالبة قبل حلول الأجل، أما ههنا فللبائع حق المطالبة في أي وقت شاء، وأما الأثمان فإنها لا تتعين بالتعيين بل تتعين بالقبض فقط، فلا يجوز فيه كلاهما، القاضي محمد تقي، الإسلام والمسائل الاقتصادية المعاصرة (اسلام اور جديد معاشي مسائل)، ص: 2/44.
  100. - ينظر: أحمد بن يحيى البلاذري، فتوح البلدان، ص: 659.
  101. - ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ص: 2/159.
  102. - ينظر: القاضي محمد تقي العثماني، تكملة فتح الملهم: 1/543-544.
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...