الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نَبيِّنا محمد، وعلى آلهِ وصحبه، ورَضِي الله عن التَّابعينَ لهم وتَابعيهم بإحسانٍ إلى يوم القيامة، وبعد:

فالتَّعقُّباتُ نَوعٌ من أنواعِ التَّصنيفِ، دَرَجَ عليه العُلماءُ^[1]، يَكشفُ فيها المتأخرُ مِنهم عَمَّا وقعَ فيه المُتقَدِّمِ من السَّهوِ والخَطأ والوَهمِ الذي هو من لوازمِ التَّصنيفِ والتأليف، ولا يَسلم منه إنسان، ويَكونُ تَارةً في الحفظ، وتارة في القول، وتارة في الكتابة^[2].

بل إنّ المُصَنّفين أنفسَهم حَرَصوا على مُراجعةِ ما يَكتبون، ومُعاودةِ النَّظرِ فيما يؤلفون، كما عَرضَ بَعضُهم ما كَتَبه على أئمةِ عصرهِ يَطلبون منهم تَنقيةَ كُتُبهم وتَصفيتها مما وَقَع فيها من أخطاءٍ وأوهام، لئلا يُتَابَعَ المؤلفُ في وهمِه وخطئه.

ولا زالَ العُلماءُ يُولونَ الكتبَ المُهِمّة المُصنَّفة قَبلهم العنايةَ بتنقيحِها والاستدراكِ عليها، وصَنَّفوا فيها مُصنَّفاتٍ مُستقلةٍ، وليسَ في ذلك انتقاصٌ من مَكانةِ من استُدرِكَ عليه، ولا قَدْرِ ومَنزلةِ من تُعُقِّبَ في كلامِه، فلم يَسلم من الْخَطَأ والغلطِ كَبِيرُ أحدٍ من الْأَئِمَّة مَعَ حِفْظِهم^[3]، وليسَ القَصدُ سوى بيان الحقِّ لا كَثرة القَال^[4].

والعلائيُّ وإنْ كان عَالمًا مُحَدّثًا إلا أنَّه يَبقى كغيرهِ ليسَ مَعصومًا من الزللِ أو السهو، لذا كانَ أمرُ التَّنبيهِ على ما أخطأ فيه حَقًّا واجبًا على من أتى بَعده، ومِن هنا جاء اختيارُ موضوعِ تعقباتِ ابنِ العراقي التي وصلت إلى نَحوِ مائتي تعقب، وتَجليةُ مَنهجِه، والمصطلحاتِ التي استخدمَها في التَّعاملِ مع أخطاءِ العلائي في كتابِه جامع التحصيل، والكشفِ عن مَدى دِقَّتِه في هذه التعقبات، وبيانِ وجهِ الصوابِ في ذلك^[5].

ويَزيدُ مِن ضَرورةِ عَرْضِ تعقباتِ ابن العراقي، وبَيانِ ما اشتملت عليه، مع قِلَّتِها بالنِّسبة لمجموعِ الرُّواة الذين ضَمَّهم كتابُ جامع التحصيل، أنّي لم أقفْ على من تَتبعها أو أشارَ إليها من العُلماء الذين جاءوا بَعد العلائي.

وفي هذه الدراسةِ تَعرُّفٌ على شَخصيةِ ابنِ العراقي النَّقديةِ، وعلى مَدى اعتمادِه على غيرِه مِن العلماءِ في تَعقُّباتِه واستدراكاته.

فالحافظ العلائي نَصَّ في كتابِه في أغلبِ مَن أوردَهم من الرُّواة الثقات المرسلين^[6]، والبالغ عددهم (1039) نفسًا^[7]، على نَقْلِه عبارة الحافظِ المزي في كتابِه "تهذيب الكمال" في إثباتِ إرسالِ أولئك الرُّواة عن شيوخٍ معينين، وعدمِ سماعهِم منهم، أو عدمِ لقاءٍ أو إدراكٍ لِبعضهم، أو كانَ الحكمُ على روايتِهم بالإرسال مُطلقًا، أو في حديثٍ مخصوص.

ومن عباراتِه التي يُرددها في تَضاعيفِ تَراجِمه: قاله أو ذكره أو حكاه شيخُنا المزي في التهذيب، أو جزم في التهذيب، أو جعل، ونحوها، مع أنَّه بيَّن في خاتِمة كتابه بعد سَردِه لأسماءِ المرسِلين، أنَّ اعتمادَه فيما أورَده إنَّما هو على شيخِه الحافظ الذهبي من خَطِّه في كتابه تذهيب التهذيب^[8]، الذي اختصرَ فيه كتابَ التهذيب كما هو معلوم^[9].

ويَبدو أنَّ العلائي اقتصرَ فعلًا في نُقولاتِه على مُختصر الذهبي، ولم يَرجِع إلى أصلِ ذلك المُختصر، وهو تهذيب الكمال، الذي هو لأحدِ أشهرِ شيوخِه الذينَ أخذَ عنهم علمَ الحديث، وقد تنازلَ له المزي عن مَشيخةِ دارِ الحديثِ الحِمْصية^[10]، وعند وفاتِه صَنَّفَ فيه العلائي جزءًا، سمّاه: "سلوان التَّعَزي بالحافظ أبي الحجاج المزي"^[11].

وقرأ على العلائي كتابَه عددٌ من تلامذته، ومن أشهرهم الحافظ سراج الدين ابن المُلَقِّن، كما كتبَ ذلك بِخطِّه^[12].

والعَلائيُّ الذي نُبرِزُ تعقُّباتِ ابنِ العراقي عليه هنا، كان تَعقَّبَ العلماءَ في تَضاعيف مُصنَّفاته، وهي كثيرةٌ في الرُّواةِ المُرْسلينَ، يَكفي أنْ أُمثِّلَ له بِمَا نَقَله عن الحاكمِ في ترجمة عَمرو بن دِينار المَكِّي، أنَّ أحاديثَه عن الصَّحابة غير مَسْموعة، فتعقبه، بقوله: وهذا مُجازفةٌ منه واهيةٌ جدًّا، فقد صَحَّ في أحاديثَ كثيرةٍ التَّصريحُ بالسَّماعِ من ابنِ عمر ومن جابر وغيرهما ... إلى أنْ قال: وإنَّما نَبَّهتُ عليه؛ لئلا يُغْتر بكلامِ الحاكم^[13].

أمَّا ابن العراقي في تَعقباتِه واستدراكاته^[14]، فمرجِعُه هي النَّصوصُ الواردةُ في تهذيب المزي، وهذا غالبًا، وأحيانًا أقوال أئمةٍ سابقين في مُصنَّفاتهم؛ لِيُبَيَّن الأوهامَ والأخطاءَ التي وقعَ فيها العلائي، وفي النَّادرِ يَرجِع إلى تَذهيب الذهبي، حين يَكشفُ عن خطأٍ وقعَ فيه الذهبي أيضًا، ورُبما كان هذا التَّصرُّف الأخير أخَذَه من تَحْشيةِ والدِه الحافظ العراقي على جامع التحصيل^[15].

وبعد دراستي لتعقبات ابنِ العراقي، وَجدتُّ العلائيَّ وقعَ في أوهامٍ مُتعددة ومُتنوعة مُخالفًا المزي؛ لاعتماده تذهيب الذهبي، أو مخالفًا للإمامين، وربما كانت المخالفة لأئمةٍ آخرين في أقوالٍ لهم خارج الكتابين، من إغفالِ ما يَنبغي إثباتُه، أو تَغيير أو زيادةِ عبارة، أو قراءةٍ خاطئة، أو أوهامٍ في العزو، أو تَصحيف، إلى غير ذلك مما سَيجلِّيه بحثي هذا الذي عَنونته:

"تَعقُّبات ابن العراقي واستدراكاته في تحفة التحصيل على العلائي في جامع التحصيل"

ولا أميلُ في تَرتيبي لموضوعاتِ البحثِ ومسائِله إلى تَقسيمِه لمباحثَ ومطالبَ كما اعتاد كثيرٌ مِن الباحثينَ في أعمالِهم العِلمية؛ بل أجعلُ ما أُوردُه من تعقباتٍ مُتنوعةٍ متسلسلةً تحتَ عناوينَ جانبيةٍ، نَتعرّفُ مِن خلالِها على ما وقعَ فيه العلائي من أوهامٍ ومخالفاتٍ لكتابِ المزي، أو كانت المخالفةُ للكتابين، أو لأقوالِ بعض العلماءِ خارج الكتابين، وخَتمتُ بما تَوافق عليه العلائي وابن العراقي من وَهْمٍ وتتابعا فيه.

ولا أذكرُ رأيي بعد كُلِّ تعقبٍ لابنِ العراقي كما هي عادة الباحثين في الرسائلِ والأطاريح، حتى لا تتكرر عباراتي، بل سُكوتي على التَّعقُّبِ بَعد نقلِه له دليلٌ على صِحَّةِ ما ذهبَ إليه، وموافقتي له، فإنْ خالفتُه، أو احتاجَ الأمرُ لذكرِ فائدةٍ أو تعليقٍ، ذكرتُ رَأيي في أصلِ البحثِ أو في الحاشيةِ، ووضَّحتُ ما يَنبغي تَوضيحه.

ولذا لم أتَّبع الطريقةَ المشهورة في هذا النوعِ من الدراسات والبحوثِ العلمية، وذلك بنقلِ النص من الكتاب المُتَعَقَّبِ عليه، ثم نقل عبارة المتعقِّب، ثم رأي الباحثِ في كل تعقُّبٍ، بل صياغة تدلُّ على المقصود بأخصرِ عبارة.

وجميع من أذكرهم تحتَ عُنوانٍ واحد، أُرَتبهم غالبًا على حروف الهجاء للتلاميذ.

والآن إلى الدراسة

أولًا: وَهْمُ العلائيِّ بتركِه ذِكْرَ إرسالِ الراوي عن الشيخ:

الأول: تَرْكِه ذِكر إرسال الراوي عن الشيخِ تبعًا للذهبي الذي أهملَه في كتابه التذهيب، مع أنَّ المزي ذكره في التهذيب:

ويَجدر التَّنبيه هنا إلى أنِّي رجعتُ إلى جميعِ المواضعِ مَظانِّ العبارات التي تَركها العلائي في كلٍّ مِن تَهذيب المزي ومختصره تذهيب الذهبي، وأحيانًا أرجعُ إلى تُحفةِ الأشراف، ولكني لم أشأ صِياغةَ عباراتٍ تَدلُّ على إهمالِ الذهبي ذِكرَ إرسال هؤلاء الرواة، أو توثيق مواضع تراجمِهم وتراجمِ شيوخهم في التذهيب، حتى لا يَطول البحث.

فلاعتماد العلائي على الذهبي كما أَسْلَفتُ، ومتابعته له، تَرَك كثيرًا ممن رَووا عن شيوخٍ لم يَسمعوا منهم، كانَ المزي ذكرَهم في التهذيب أو تحفة الأشراف، وأهملهم الذهبي.

فاستدركَ عليه ابنُ العراقي، وسمى كثيرًا من أولئك التلاميذ، نَاقلًا عبارة المزي، ومُعتمدًا عليه، في بيانِ الإرسال بينَ التلميذ والشيخ، نُبَيِّنُهم فيما يلي:

لم يُشِر العلائي إلى ما ذكره المزي في التهذيب:

1. أنَّ إبراهيمَ بنَ أبي عَبْلَةَ روى عن عُتْبَةَ بنِ غَزْوان، ولم يُدْرِكه^[16].
2. وأنَّ إبراهيمَ بنَ يزيدَ النَّخَعَي روى عن الأشعث بن قيس، ولم يسمع منه^[17].
3. وأنَّ جُبَيرَ بنَ نُفَيرٍ الحَضْرمي روى عن عمر بن الخطاب، وفي سماعه منه نَظَر^[18].
4. وأنَّ جُوَيريةَ بنَ أسماء روى عن عَبدِ الملكِ بن يَعلى الليثي، قاضي البصرة، مرسلًا^[19].
5. وأنَّ روايةَ حَبيبِ بنِ عُبَيد الحِمْصي عن عائشة، مرسل^[20].
6. وأنَّ حسَّان بنَ عَطيَّةَ الدمشقي روى عن أبي الدرداء ولم يُدْركه.

وعن أبي واقد الليثي، ولم يَسمع منه، وأنَّ بينهما مُسْلِمَ بنَ يزيد^[21].

1. وأنَّ أبا ظِبيان حُصَين بنَ جُنْدب روى عن أبي أيوب، وقيل: عن أشياخ له عنه^[22].
2. وأنَّ روايةَ حُمَيد بنِ عبد الرحمن بن عوف عن بَشِير بن سعد والد نُعمان في سنن النسائي، وذكره ابنُ أبي عاصم فيمن مات سنة ثلاث عشرة، فتكون روايته عنه مرسلة^[23].
3. وأنَّ حُمَيدَ بنَ هلال روى عن عبد الرحمن بن سَمُرة، والصحيح أنَّ بَينَهما رجلًا، وهو هِصّان بن كاهن، كذا هو في عمل اليوم والليلة للنسائي، وسنن ابن ماجه^[24].
4. وأنَّه روى عن عُتْبَةَ بنَ غَزْوان فيما قيل، والصحيح أنَّ بَينهما خالد بن عُمَير، وكذا هو في صحيح مسلم^[25].
5. وأنَّ خِلَاسَ بن عَمرو الهَجْري لم يَسمع من حذيفة. وكانوا يَخشونَ أنْ يكونَ خِلاس يُحدِّث عن صحيفةِ الحارث الأعور. قالهما أبو داود^[26].

قلت: وقول أبي داود نقله المزي ضمن أقوال النُّقَّاد في خِلاس، وليس في الشيوخ والتلاميذ.

1. وأنَّ زيدَ بنَ أَسْلم روى عن خَوّات بنِ جُبَيْر، وأنَّه لم يُدْرِكه.

وروى عن عبدِ الله بنِ رَوَاحة، مرسلًا^[27]. قال ابن العراقي عن الأخير: وهو واضح الإرسال.

1. وأنَّ سعيد بن أبي عَروبة روى عن عبد الرحمن بن بُجَيد، مرسلاً^[28].
2. وأنَّ سعيدَ بنَ فيروز أبو البَخْتَري الطَّائي روى عن ابنِ أُمِّ مَكْتُوم الصَّحابِي الأعمى، وأنَّه لم يُدْرِكه^[29].
3. وأنَّ روايةَ أبي حازمٍ سلمةَ بنِ دِينار عن عبد الله بن عمر في سنن أبي داود وابن ماجه، وعن عبد الله بن عمرو في سنن ابن ماجه، ولم يسمع منهما^[30].
4. وأنَّ روايةَ سليمان بن يسار عن الفضلِ بن عباس في سنن النسائي، ولم يسمع منه^[31].
5. وأنَّ عامرَ الشعبي روى عن خَبَّابِ بن الأرَت، مرسلًا^[32].
6. وأنَّ أبا الزِّناد عبدَ الله بنَ ذكوان روى عن علقمةَ بنَ قيس، وأنَّه مُرسَل^[33].
7. وأنَّ روايةَ أبي سلمةَ عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف عن عُبَادة بن الصامت في سنن ابن ماجه، ولم يلقه^[34].
8. ولمَّا ذكر العلائي أنَّ عبدَ الله بن أبي زكريا الخُزَاعي روى عن أبي الدرداء وعُبَادة بن الصَّامت وسلمان الفارسي رضي الله عنهم، وذلك مرسل، وقال: قاله شيخنا المزي في التهذيب.

تعقبه ابن العراقي، بأنَّه لم يُشِر إلى أنَّ المزي ذكر في التهذيب مع هؤلاء الثلاثة، معاوية بن أبي سفيان، وأنَّه قال في روايتِه عن الأربعة، يقال: مرسل^[35].

1. وأنَّ عبدَ الله بنَ عون البَصري روى عن مُعاذ بن الحارث القاري، ولم يُدْركه^[36].
2. وأنَّ عبدَ الجبار بن وائل بن حُجْر روى عن أُمِّه أُمِّ يَحيى، وقيل: لم يسمع منها^[37].
3. وأنَّ عبد الحميد بن جعفر روى عن شقيق بن ثور وعبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، ولم يدركهما^[38].
4. وأنَّ عبدَ خَير الهمْداني روى عن أبي بكر الصديق، ولم يُدرك سماعًا منه^[39].
5. وأنَّ روايةَ عبدِ الرحمن بنِ عائذ الأزدي عن عُقْبَةَ بنِ عامر في سنن ابن ماجه، وقيل: بينهما رجل^[40].
6. وأنَّ عبدَ الرحمن بنَ عمرو الأوزاعي روى عن صالح بن جُبَير الصُّدائي، والصحيح أنَّ بينهما أسِيد بن عبد الرحمن^[41].
7. وأنَّ عثمانَ بن عمرو بن ساج روى عن وهب بن مُنَبِّه، مرسلًا^[42].
8. وأنَّ روايةَ عُروةَ بنِ الزُّبير عن عبدِ الله بن الأرْقم في السنن الأربعة. وقيل بينهما رجل^[43].
9. وأنَّ عَزرةَ بنَ عبد الرحمن لم يسمع من البراء في قولِ علي بن المديني^[44].

قلت: وقول ابن المديني نقله المزي ضمن أقوال النقاد في عَزْرة، وليس في الشيوخ والتلاميذ.

1. وأنَّ روايةَ عطاء بن أبي رباح عن الفضل بن العباس في الشمائل للترمذي، وعن كعب الأحبار في سنن النسائي. وقيل: لم يسمع منهما.
2. وأنَّ روايتَه عن يَعْلى بن أمية في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، والصحيح أنَّ بينهما صفوان بن يَعْلى بن أمية^[45].
3. وأنَّ عطاءَ بنَ يسار روى عن عبد الله بن رواحة، مرسلًا^[46].قال ابن العراقي: وهو واضح الإرسال.
4. وأنَّ عكرمة مولى ابن عباس روى عن عبد الله بن رواحة، مرسلًا^[47]. قال ابن العراقي: وهو واضح الإرسال.
5. وأنَّ روايةَ عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر الجُهَني في سنن ابن ماجه، ويقال مرسل^[48].
6. وأنَّ رواية عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق عن عمر بن الخطاب في سنن النسائي، ولم يدركه، والصحيح عن أبيه عنه^[49].
7. وأنَّ روايةَ أبي إسحاق السَّبِيعي عمرو بن عبد الله عن شُرَيح بن النُّعمان الصَّائدي في السنن الأربعة، ويقال: إنَّه لم يَسمع منه، إنَّما سمع من ابن أَشْوَع عنه.

وروى عن أسامة بن زيد، وقيل لم يسمع منه عندي، وقد رآه.

وروايته عن علي في سنن أبي داود، لم يسمع منه، وقد رآه.

وروى عن المغيرة بن شعبة، قيل لم يسمع منه، وقد رآه^[50].

1. وأنَّ العلاء بن زياد أرسل عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت^[51].
2. وأنَّ علقمة بن نَضْلة روى عن أبي سفيان بن حرب، وهو مرسل^[52].
3. وأنَّ رواية عَيَّاش بن عَبَّاس القِتْباني عن جُنَادة بن أبي أُميَّة في سنن النسائي، ولم يدركه^[53].
4. وأنَّ عيسى بن عاصم الكوفي روى عن عبد الله بن عَيَّاش بن أبي رَبيعة، مرسل^[54].
5. وأنَّ رواية القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن ابن مسعود في سن النسائي، ولم يدركه^[55].
6. وأنَّ محمد بن عليِّ بن الحسين، أبو جعفر الباقر روى عن كعب بن مالك، ولم يدركه، ذكره في ترجمة كعب^[56].
7. وأنَّ محمد بنَ قيس المدني روى عن جابر بن عبد الله، يقال: مرسل^[57].
8. وأنَّ محمد بن كعب القُرَظِي روى عن عمرو بن العاص، يقال: مرسل.

ونقل المزي عن البخاري، قوله: لا يُعْرف لمحمد بن كعب سماع من شَبَث بن ربعي.

وعن البخاري أيضًا، قوله: لا يُعرف سماعه من محمد بن خُثَيم^[58].

1. وأنَّ محمد بن المنكدر روى عن أبي رافع مولى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو مرسل^[59].
2. وأنَّ مجاهد بن جبر روى عن خَبَّاب بن الأرَت مرسلاً.

وروايته عن السائب بن أبي السائب المخزومي في عمل اليوم والليلة للنسائي، وقيل عن قائد السائب عنه، وهو الذي في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه. قال المزي وهو المحفوظ.

وروى عن أم مبشر الأنصارية، ويقال: إنَّه مرسل^[60].

1. ولمّا نقل العلائي عن المزي أنَّ معبد الجُهَني روى عن عمر وعثمان وحذيفة وطائفة من الصحابة رضي الله عنهم، وهو مرسل، لم يلقهم.

تعقبه ابن العراقي، بأنَّه لم يُشِر إلى أنَّ المزي ذكر في التهذيب مع هؤلاء الثلاثة، الصَّعب بن جَثَّامةَ، وذكر أنّ روايتَه عن الأربعةِ مرسلة، ولم يقل: لم يلقهم^[61].

1. وأنَّ المغيرةَ بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي روى عن خالد بن الوليد، مرسلًا^[62].
2. وأنَّ روايةَ مكحول الدمشقي عن أُبَيّ بن كعب في سنن ابن ماجه، وروايته عن ثوبان في سنن النَّسائي، ولم يدركهما^[63].

ولكنَّ ابنَ العراقي نقل عن أبيه أنَّ في مسند الشاميين للطبراني التصريح بسماع مكحول من ثوبان.

قلت: لم أقف في مسند الشاميين على سماع مكحول من ثوبان، بل إمَّا بينهما رجل أو روى عنه بالعنعنة، وأقصى ما فيه: سُئِل ثوبان، أو قال: قيل لثوبان.

1. وأنَّ موسى بن أبي عائشة روى عن سليمان بن صُرَد، وعمرو بن حُرَيث الصحابي، يقال: مرسل^[64].
2. وأنَّ النَّزَّال بن سبرة روى عن أبي بكر الصديق، يقال: مرسل^[65].
3. وأنَّ يحيى بن سعيد الأنصاري روى عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: بينهما عراك بن مالك، وكلاهما في سنن النسائي^[66].
4. وأنَّ روايةَ يَحيى بن عبد الله البابْلُتّي عن الأوزاعي في عمل اليوم والليلة للنسائي، وذكرها البخاري في صحيحه تعليقًا، وحكى عن يحيى بن معين أنَّه لم يسمع منه، وحكى عنه أنَّه قال: لقيت الأوزاعي سنة ست وستين ومائة، قال ابن عساكر: لا أخال هذا التاريخ محفوظًا، فإنّ الأوزاعي مات سنة سبع وخمسين، فإنْ كان محفوظًا من قول البابلتي، فَيَدُل على أنَّه لم يَلق الأوزاعي ولم يسمع منه، ويشهد لقول ابن معين بالصحة^[67].
5. وأنَّ يحيى بن أبي كثير روى عن جابر، ولم يسمع منه.

وروايته عن الحكم بن ميناء في سنن ابن ماجه، وقيل: لم يسمع منه.

وروايته عن علي بن أبي طالب في سنن النسائي، وهو مرسل^[68].

1. وأنَّ يَحيى بن وَثَّاب الأسدي روى عن أبي هريرة، ويقال: إنَّه مرسل^[69].
2. وأنَّ يَزيد بن أبي حَبيب روى عن عُبَيد بن عُمَير المَكي، يقال: إنَّه مرسل^[70].
3. وأنَّ روايةَ يزيد بن مرثد الهمداني عن معاذ وأبي ذر وأبي الدرداء، مرسلة.

وعن عبد الرحمن بن عوف، يقال: مرسل.

ثم حكى عن أبي حاتم أنَّه روى عن معاذ وأبي الدرداء، مرسلاً^[71].

1. وأنَّ يَسار المكي روى عن مَخْرمة بن نوفل والد المِسْوَر بن مخرمة، مرسلاً.

وروى عن قيس بن سعد بن عبادة، يقال: إنَّه مرسل^[72].

1. وأنَّ يوسف بن ماهك روى عن أبي بن كعب، مرسلاً^[73].
2. وأنَّ أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام روى عن أبي معقل الأسدي، روايته عنه في سنن النسائي، ولم يدركه^[74].
3. وأنَّ أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم روى عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حديث "أنَّه تصدق على أبويه ثم توفيا، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ميراثًا"، رواه النسائي، ولم يدركه.

وروايته عن أبي حَبَّةَ البدري في الصحيحين، وذكر بعضهم أنَّه استشهد يوم أحد، حكاه ابن عبد البر، فإنْ صَحَّ ذلك، فروايته عنه مرسله^[75].

قلت: وروى عن جدة عمرو بن حزم في سنن ابن ماجه. قال المزي: مرسل^[76].

1. وأنَّ فاطمة بنت الحسين روت عن بلال المؤذن مرسلًا^[77].

الثاني: تَركِه ذِكر إرسال الراوي عن الشيخ مُخالفًا المزي والذهبي:

فالمزي وصف الراوي بالإرسال عن الشيخ، والذهبي تَبِعه في ذلك، ولكنَّ العلائي خالفهما، فتركَ ذِكرَ ذلكَ الإرسال.

وهنا أنوّه إلى أنّي أُوثّقُ في الهامش مواضعَ تراجمِ أولئكَ الرُّواة في كلٍّ من تهذيب المزي وتذهيب الذهبي.

وأتابعُ ابنَ العراقي في ذكرِ عبارة المزي الدالة على الإرسال، فإنْ خالفَه الذهبي في عبارته بَيَّنتُ ذلك في الهامش أيضًا. ونُبَينهم فيما يلي:

لم يُشِر العلائي إلى ما ذكره المزي في التهذيب، والذهبي في التذهيب:

1. أنَّ إبراهيم بن يزيد التيمي روى عن عائشة في سنن أبي داود والنسائي، مرسل^[78].
2. وأنَّ خالد بن مَعْدان الحمصي روى عن أبي ذر، ولم يسمع منه^[79].
3. وأنَّ روايةَ سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن حابس بن سعد في سنن ابن ماجه، ولم يدركه^[80].
4. وأنَّ حديث صالح بن أبي مريم، أبي الخليل عن سَفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل، في سنن النسائي وابن ماجه^[81].
5. وأنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب روى عن عوف بن مالك الأشجعي، مرسلًا^[82].
6. وأنَّ رواية عَطاء بن أبي رَباح عن أوس بن الصَّامت في سنن أبي داود، يقال مرسل^[83].

وأبو داود روى حديث عطاء عن أوس: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. ثم قال: وعطاء لم يدرك أوسًا، وهو من أهل بدر قديم الموت، والحديث مرسل^[84].

1. وأنَّ روايةَ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن زينب بنت جحش عند النسائي، وهو مرسل^[85].

الثالث: تَرْكِه ذِكر إرسال الراوي عن الشيخ تَبعًا للذهبي، مع أنَّ المزي نقل عن العلماء وصفه بالإرسال. ونُبَيّنهم فيما يأتي:

أنَّ عبد الرحمن بن ملٍّ أبو عثمان النَّهدي روى عن أبي ذر، وروايته عنه عند الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقد قال علي بن المديني: لم يسمع منه.

قلت: والعلائي تَبِع الذهبي الذي لم يَنقل كلام ابن المديني، ولم يَذكر إرسالًا لأبي عثمان عن أبي ذر. أمَّا المزي، فنقلها عن ابن المديني في تَضاعيف ترجمةِ أبي عثمان، ونقلها قبله ابن عساكر.

وكان ابن المديني قال عن أبي عثمان: روى عن مطرف بن عوف عن أبي ذر^[86].

وأنَّ عطاء بن أبي مُسْلِم الخُرَاساني لم يُدْرِك المُغيرة بن شعبة. قاله أبو داود في سننه.

قلت: تبع الذهبي الذي قال: أرسل عن المغيرة بن شعبة، ولكنه لم يَذكرْ كلام أبي داود. أمَّا المزي، فنقلَ العبارةَ في التهذيب، بعد ذكره الحديث، وعزا القول إلى أبي داود. وفي التُّحفةِ في العنوان: عطاء بن أبي مسلم الخُراساني عن المُغيرة بن شعبة، لم يدركه، ثم ذكر حديث أبي داود، ونقل كلامه.

وكان أبو داود قال عبارته بعد روايته حديث عبد العزيز بن عبد الملك القرشي، عن عطاء، عن المغيرة، مرفوعًا: لَا يُصَلِّ الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يَتَحَوَّلَ^[87].

وأنَّ يزيدَ بنَ أبي حَبيب: قال أبو محمد بن حزم في المُحَلى: لا يَعلمُ أحدٌ من أهلِ الحديثِ سماعه من أبي الطُّفَيل عامر بن واثلة.

ولكنَّ الحافظ أبو محمد عبد الكريم بن عبد النور الحلبي تَعقبه بأنَّ يزيدَ ثقةٌ، وقد روى عنه مع انتفاء التدليس عنه، فهو محمول على الاتصال.

لكّن المزي لما ذكر روايته عنه، قال: إنْ كان محفوظًا.

وأنَّه أيضًا روى عن عُبَيد بن فيروز، والصَّحيح أنَّ بَينهما سليمان بن عبد الرحمن، كذا رواه الترمذي^[88].

الرابع: تَرْكِه ذِكر إرسال الراوي عن الشيخ تبعًا للذهبي والمزي، مع أنَّ العلماء قَبْلَهما وصفوه بالإرسال.

فالمزي في التهذيب أو تحفة الأشراف لَمْ يَنُص على نَفِي سماع الراوي عن الشيخ وإرساله عنه، فترك الذهبي في مختصره ذِكرَ ذلك؛ لاعتماده على كتاب المزي غالبًا.

ولأنَّ العلائي اعتمد على الذهبي كما أسلفت، وتابعه، ولم يخرج عنه إلا في النادر، ترك كثيرًا ممن رووا عن شيوخ لم يسمعوا منهم.

فاستدرك ابن العراقي عليه إهمال ذكرهم، وسمى عددًا من أولئك التلاميذ، ناقلًا عبارةَ العلماء في بيان الإرسال بين التلميذ والشيخ.

ويَجدر التنبيه هنا إلى أنِّي رجعتُ إلى جميعِ المواضعِ مَظانِّ العبارات التي تركها العلائي في كلٍّ من تهذيب المزي ومختصره تذهيب الذهبي، وأحيانًا أرجع إلى تحفة الأشراف، ولكني لم أشأ صياغةَ عبارات تَدلُّ على إهمال كلٍّ من المزي والذهبي ذكر إرسال هؤلاء الرواة، أو توثيق مواضع تراجمهم وتراجم شيوخهم في التهذيب والتذهيب، حتى لا يَطول البحث. ونُبَيّنهم فيما يلي:

لم يُشِر العلائي إلى ما ذكره العلماء:

أنَّ إبراهيمَ بنَ عبد الرحمن لم يثبت له سماع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنّما يقال: إنَّه رآه. قاله البيهقي^[89].

وأنَّ أبا ظِبْيان حُصَين بن جُنْدب لم يَلق معاذًا ولا أدركه. قاله ابن حزم^[90].

وأنَّ حديثَ أبي نَصر حُمَيد بن هلال بن هُبَيرة عن أبي ذر، رواه البزار، وقال: لم يسمع منه^[91].

وأنَّ خالدَ بن دُرَيك لم يدرك أبا الدرداء. قاله المنذري^[92].

وأنَّ رِبْعي بن حِراش لم يسمع من أبي ذر. قاله أبو القاسم الدمشقي في أطرافه^[93].

وأنَّ سُليمان بن مهران الأعمش لم يسمع من أبي سفيان طلحة بن نافع. قاله البزار^[94].

ونقله ابن العراقي، ثم قال: وهذا غريب جدًّا، فإنَّ روايتَه عنه في الكتب الستة^[95]، وهو مَعروفٌ بالروايةِ عنه، كما ذكر المزي روايةَ الأعمش عنه، قال: وهو راويته^[96].

قلت: وكذا الهيثمي، قال مُعَقِّبًا على البَزار في كشف الأستار: عَجبتُ من قولِه لم يسمع الأعمش من أبي سفيان^[97].

والصحيح أنَّه سَمع منه، وإنْ أَشْكَلَ قول ابن حبان في ترجمة أبي سفيان في الثقات: كان الأعمش يدلس عنه^[98]، فلا يلزم من عبارته نَفْي السَّماع مُطلقًا، فرواية الأعمش عنه في الصحيحين وغيرهما، وصَرَّح بالسَّماع منه في صحيح مسلم^[99]، فلعلَّها سبق قلم من البزار، والمقصود: رواية أبي سفيان عن جابر، أو أنَّ البزار أراد حديثًا بعينه، فالله أعلم. ومع ذلك اعتمدها مغلطاي، وكررها في مصنفاته^[100].

1. وأنَّ سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد. قاله عياض.

وذكره ابن العراقي في معرض الرد على العلائي الذي نصَّ على سماعه جماعة من الصحابة، وذكر منهم المقداد بن الأسود. فتعقبه بقوله: لا يمكن سماعه من المقداد؛ لأنَّ الجمهور على أنَّه مات سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فيكون مولده سنة أربع وثلاثين أو نحوها^[101].

قلت: ويؤيده قول ابن عبد البر في التمهيد: سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولم يَره، فمولده سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وعشرين، ولا خلاف أنَّ المقداد توفي سنة ثلاث وثلاثين^[102].

1. وأنَّ سليمان بن يسار أيضًا لم يسمع من عائشة. قاله البزار.

ذكره ابن العراقي، ثم اعترض عليه، قائلًا: قال صاحب الإمام – يعني: ابن دقيق العيد: ليس الأمر كما قال؛ ففي صحيح البخاري عن سليمان بن يسار، قال: سألت عائشة عن المنيّ يصيب الثوب، فقالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث، وفي صحيح مسلم في هذا الحديث: حدثتني عائشة رضي الله عنها^[103].

قلت: وكان الشافعي نَفَى سماع سليمان من عائشة^[104]، وخالفَ كلٌّ من أحمد وابن حبان وابن حجر فأثبتوه^[105]. وهو الصواب.

1. وأنَّ شهرَ بن حوشب لم يسمع من معاذ بن جبل. قاله البزار^[106].
2. وأنَّ أبا عمار شداد بن عبد الله عن عائشة. قال البيهقي: مرسل، لا أراه أدركها^[107].
3. وأنَّ عباد بن منصور النَّاجي لم يسمع من عكرمة. قاله البزار^[108].
4. وأنَّ أبا سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عَوف لم يدرك عمر. قاله النووي^[109].
5. وأنَّ رواية عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، رواها النسائي في خصائص علي، وقال: ما علمتُ أنّ ابن جريج يسمع من ابن حرب^[110].
6. وأنَّ البزار روى في مسنده من رواية عروة بن الزبير عن أبي ذر قصة شق الصدر، وقال: لا أعلم لعروة سماعًا من أبي ذر^[111].
7. وأنَّ عطاء بن يسار لم يُدرِك معاذ بن جبل. قاله الترمذي في جامعه، وعبد الحق صاحب الأحكام

وقال البزار: لا نعلم لعطاء من معاذ سماعًا.

وقال الذهبي في مختصر المستدرك: ما أحسبه أدرك أبا ذر^[112].

وابن العراقي يُوضِّحُ ذلك، بأنَّ عطاء ولد سنة تسع عشرة، ومات معاذ سنة ثماني عشر.

1. وأنَّ عكرمة مولى ابن عباس لم يسمع من أم حبيبة بنت جحش. قاله الخطابي.

وقال المنذري: في سماعه من حَمْنة بنت جحش نظر^[113].

قلت: وحَمنة هي أم حبيبة، والذهبي لم يذكرها في شيوخ عكرمة. ولكنه قال في ترجمتها: وهي التي كانت تستحاض، ثم قال: رواه عنها عكرمة مرسلًا^[114]. ويقصد هنا أنَّه مقطوع، من رواية عكرمة، ولم يذكرها فيه.

1. وأنَّ عَمرو بن ميمون الأودي روى عن خُزيمة بن ثابت في سنن ابن ماجه، وقيل: بينهما أبو عبد الله الجدلي. رواه الترمذي^[115].
2. وأنَّ القاسم بن محمد لم يَلق أسماء. قال أبو الفتح ابن دقيق العيد في كتابه الإمام في روايته عنها حديث نفاسها في حجة الوداع: هذا منقطع عندهم.

ولكن ابن حزم كان قال في حجة الوداع: لا يُنْكَر سماعه منها^[116].

1. وأنَّ القعقاع بن حكيم لم يسمع من عائشة. قاله البيهقي في الخلافيات^[117].
2. وأنَّ معاويةَ بن قُرَّةَ لم يلحق ابن عمر. قاله أبو زرعة.

ونقله ابن العراقي عندما ذكر رواية ابن ماجه من طريق معاوية بن قرة عن ابن عمر "توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة الحديث"^[118].

1. وأنَّ موسى بن أبي عائشة عن أنس منقطع. قاله أبو حاتم الرازي.

قال ابن العراقي: وروى الحاكم في المستدرك من رواية موسى بن أبي عائشة عن أنس، قال: رأيت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته، وقال: إنّ حديث أنس صحيح، وقد بين ابن أبي حاتم في العلل انقطاعه، فذكر عن أبيه، قال: كنا نظن أنَّه غريب ثم تبين لنا علته، ترك من الإسناد رجلين، فإنَّه عن موسى عن رجل عن يزيد الرقاشي عن أنس، والخطأ من محمد بن مروان الطاطري^[119].

1. وأنَّ هشيم بن بشير لم يسمع من خالد بن سلمة. قاله يحيى بن معين^[120].
2. وأن رواية يَحيى بن يَعْمَر البصري عن عائشة في صحيح البخاري، وقال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: سمع من عائشة؟ فقال: لا^[121].
3. وأنَّ أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أورد ابن حزم في المحلى حديثًا من روايته عن أبي مسعود البدري في مواقيت الصلاة، وقال: لم يولد أبو بكر إلا بعد موت أبي مسعود.

قال ابن العراقي: وفيما قاله ابن حزم نَظَر، ولعلَّه أدركَه ولم يسمع منه، والحديث المذكور وجدت الطبراني في المعجم الكبير رواه من رواية أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة عن أبي مسعود، والظاهر أنَّ إسقاط عروة وهم من ابن حزم، فلم يرو أبو بكر عن أبي مسعود بالكلية^[122].

1. وأنَّ أبا الحسن مولى بني نوفل: روى عن عبد الله بن رواحة مرسلاً، روايته عنه في الناسخ والمنسوخ لأبي داود^[123].

ثانيًا: وهم العلائيِّ بوصفِ الراوي بالإرسالِ عن الشيخ:

الأول: وصف الراوي بالإرسال عن الشيخ تبعًا للذهبي، وعزوه للمزي الذي لم يذكره:

والعلائي هنا يعزو الأقوال لشيخه المزي في التهذيب دون الرجوع إليه، بل عمدته تذهيب الذهبي، فيتعقبه ابن العراقي بتوضيح ما في التهذيب للمزي، وأنّه لم يذكر غالبًا إرسالًا للتلميذ عن شيخه المذكور، إنَّما ذكر روايته عنه ساكتًا عليها. ونَبَيّنهم فيما يلي:

فالعلائي يعزو لشيخه المزي في التهذيب:

1. أنَّ رواية حميري بن بشير الحميري عن أبي الدرداء، مرسل.

فتعقبه ابن العراقي أنَّ المزي سكت على روايته عن أبي الدرداء.

قلت: يبدو أنَّ الذهبي وقع في الوهم، حين ظن أنَّ المزي أتبع أبي ذر بأبي الدرداء في إرسال حميري عنهما، والأمر ليس كذلك، فلفظ مرسل يعود على أبي ذر فقط^[124].

1. وأنَّ رواية شُرَيح بن عُبَيْد الحَضرمي عن أبي الدرداء، مرسلة.

فتعقبه: ذكرها المزي ساكتًا عليها، ورقم عليها علامة ابن ماجه^[125].

1. وأنَّ سليمان بن موسى الدمشقي روى عن جابر وأبي أمامة ومالك بن يَخَامر السكسكي، وذلك مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي إنّما ذكر إرسال روايته عن جابر وابن يَخَامر، وأما روايته عن أبي أمامة، فذكرها ساكتًا عليها.

قلت: تبع الذهبي الذي نص على إرسال سليمان عن الثلاثة^[126].

1. وأنَّ شهر بن حوشب روى عن تميم الداري وأبي ذر وسلمان، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يذكر في التهذيب أنَّ روايته عن هؤلاء مرسلة.

قلت: إلا أنَّ المزي قال في ترجمة سلمان: روى عنه شهر في سنن ابن ماجه، وفي سماعه منه نظر. واعتمد العلائي على الذهبي الذي ذكرهم في شيوخ شهر، ثم قال: وروايته عنهم مرسلة^[127].

1. وأنَّ رواية عبد الله بن عبيدة الرَّبَذي عن عقبة بن عامر، مرسلة.

فتعقبه بأنَّه لم يره في التهذيب، بل ذكر روايته عن عُقبةَ ساكتًا عليها.

قلت: يبدو أنَّ العلائي ظنَّ أنَّ قول الذهبي مرسلًا يعود على كلٍّ من عقبة وجابر. والصواب أنَّها تعود على جابر فقط، وعبارته في ترجمة ابن عبيدة: عن عقبة، وجابر مرسلًا^[128].

1. وأنَّ عبد الله بن عروة بن الزبير عن الحسن بن علي، مرسل، لم يدركه، ولا أمثاله.

فتعقبه: لم أر ذلك في التهذيب، بل ذكر روايته عن الحسن بن علي ساكتًا عليها.

قلت: نقلها عن الذهبي، وعبارته: أرسل عن الحسن بن علي وغيره. فغيَّر العلائي العبارة الموجودة عند الذهبي، وزاد كذلك عبارة "لم يدركه"^[129].

1. وأنَّ عبد الواحد بن قيس السلمي عن أبي هريرة وأبي أمامة، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي قاله في روايته عن أبي هريرة، وأما روايته عن أبي أمامة، فذكرها ساكتًا عليها^[130].

1. وأنَّ عبد الوهاب بن بُخْت المكي عن أبي هريرة وابن عمر، وهو مرسل.

فتعقبه بأنَّ عبارة المزي في روايته عن أبي هريرة: يقال: مرسل^[131].

1. وأنَّ عثمان بن عمرو بن ساج روى عن عطاء بن أبي رباح والزهري، ولم يسمع منهما، بل ذلك مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يذكر له رواية عن عطاء بالكلية^[132].

1. وأنَّ عطاء بن أبي مسلم الخراساني أرسل عن أبي الدرداء والمغيرة بن شعبة ومعاذ بن جبل وأبي مسلم الخولاني.

فتعقبه بأنَّه لم ير ما حكاه عن التهذيب في أبي مسلم^[133].

1. وأنَّ عطية بن قيس الكلابي عن أبيّ بن كعب وأبي الدرداء، مرسلًا.

فتعقبه بأنَّه لم يره في التهذيب، بل ذكر روايته عنهما ساكتًا عليها^[134].

1. وأنَّ عقبة بن وساج عن أبي الدرداء وغيره، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي ذكر روايته عن أبي الدرداء ساكتًا عليها، ولم يذكر أنَّه أرسل عنه ولا عن غيره^[135].

1. وأنَّ عيسى بن طلحة بن عبيد الله عنَّ معاذ بن جبل، ولم يلقه.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يقله في التهذيب، ثم قال: لكنّ الظاهر ما قال من أنَّه لم يلقه^[136].

1. وأنَّ محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أرسل عن أسامة بن زيد وأسيد بن حضير، ولم يسمع منهما.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يذكر أنَّه أرسل عن أسامة، وإنَّما قال: روى عن أسامة، وأسيد مرسل، فتوهم العلائي عوده لهما وليس كذلك، وإنّما وهو عائد إلى أسيد فقط.

ثم قال: نعم الحديث الذي في سنن ابن ماجه من رواية التيمي عن أسامة لم يسنده إليه فليس بمتصل.

قلت: وعبارة الذهبي في ترجمة محمد بن إبراهيم كما ذكر ابن العراقي. وذكره في تلاميذ أسيد، وقال: لم يدركه^[137].

1. وأنَّ رواية محمد بن سيرين عن حذيفة وأبي الدرداء، مرسلة.

فتعقبه: ذكر روايته عنهما ساكتًا عليها^[138]، وروايته عن حذيفة في سنن أبي داود وابن ماجه، وعن أبي الدرداء في سنن النسائي^[139].

1. وأنَّ المسيب بن رافع أرسل عن سعد بن أبي وقاص.

فتعقبه: ذكرها ساكتًا عليها^[140].

1. وأنَّ معبد بن سيرين عن عمر، مرسل.

فتعقبه بأنَّه لم يره في التهذيب، بل ذكر روايته عنه ساكتًا عليها^[141].

1. وأنَّ مقاتل بن سليمان أرسل عن أنس وغيره.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يذكر روايته عن أنس أصلاً^[142].

1. وأنَّ المنذر بن مالك، أبو نضرة العبدي روى عن علي وأبي ذر وغيرهما من قدماء الصحابة، وذلك مرسل.

فتعقبه بأنّه لم ير ما حكاه عن التهذيب من أنَّ روايته عن علي وأبي ذر مرسلة^[143].

1. وأنَّ موسى الكاظم بن جعفر الصادق روى عن عبد الله بن دينار، ولم يدركه، ثم قال: وهو كذلك؛ لأنَّ ابنَ دينار مات سنة سبع وعشرين ومائة، ومولد موسى سنة أربع وعشرين.

فتعقبه بأنَّه ليس في التهذيب أنَّه لم يدركه، بل ذكر روايته عنه ساكتًا عليها. ثم قال: وإنْ كان الواقع أنَّه لم يدركه، وقد قال أبو بكر الخطيب: يقال: إنَّه ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، ولم يَحكِ المزي في التهذيب سواه، وهو أبعد له من الإدراك مما حكاه العلائي في مولده^[144].

1. وأنَّ نصر بن عاصم عن عمر، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يذكر أنَّه مرسل، بل ذكر روايته عنه ساكتًا عليها^[145].

1. وأنَّ رواية نُمَير بن أوس الأشجعي عن أبي الدرداء مرسلة.

فتعقبه بأنَّه لم ير في التهذيب أنّ روايته عن أبي الدرداء مرسلة، بل ذكر روايته عنه ساكتًا عليها^[146].

1. وأنَّ يعقوب بن أبي سلمة الماجشون لم يدرك ابن عباس وابن عمر.

فتعقبه بأنَّه لم يذكر ذاك في التهذيب، بل ذكر روايته عنهما ساكتًا عليه^[147].

1. وأنَّ أبا المنيب الجُرَشي روى عن معاذ، وهو مرسل.

فتعقبه بأنَّه لم ير في التهذيب أنَّه مرسل، بل ذكر روايته عنه ساكتًا عليها^[148].

1. ويلحق به وصف الراوي بالإرسال عن شيخ تبعًا للذهبي ومخالفًا المزي، والصواب سماعه منه.

فابن العراقي يعترض على الذهبي بحكمه على رواية إبراهيم بن أبي عبلة عن ابن عمر بالإرسال بعبارة محتمله، مع تصريحه هو برؤيته^[149]، وتصريح البخاري بسماعه منه^[150]، وأنَّه لم يجد للذهبي سلفًا في هذا الحكم، وليس بإنصاف منه. وكأنَّه فهم ذلك من قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: رأى ابن عمر، ولم يقل سمع ولا روى^[151].

واعترض كذلك على العلائي بنقله كلام الذهبي، فليس له سلف في ذلك سواه، وأعجب منه زيادة قوله: لم يدركه، ولم ير ابن العراقي ذلك في التهذيب^[152].

الثاني: وصف الراوي بالإرسال عن الشيخ وعزوه للمزي، وليس فيه ولا في مختصره:

أنَّ عطاء بن أبي رباح أرسل عن معاذ.

فتعقبه: لم أر في التهذيب ذكر روايته عن معاذ أصلًا. قلت: والذهبي لم يذكره^[153].

وأنَّ يحيى القطان ذكر ما معناه أنَّ المُسْتَمِر بن الرَّيَّان لم ير أنسًا.

فتعقبه بأنَّ المزي، قال: رأى أنسًا. ولم يذكر له الذهبي إرسالًا عن أحد^[154].

ويتبعه القراءة الخاطئة لكلام الذهبي، فيصف الراوي بالإرسال، ويعزوه للمزي، وليس فيهما كذلك.

فالعلائي يعزو للمزي أنَّ عاصم بن بَهدلة روى عن شهر بن حوشب والحارث بن حسان البكري، وأنَّه قال: والصحيح أنَّ بينهما أبا وائل.

فتعقبه، بقوله: إنَّما ذكر في التهذيب ذلك في الحارث بن حسان، وأما شهر بن حوشب فإنَّه ذكر روايته عنه ساكتًا عليها، ولم يذكر أنَّ بينهما أحدًا، ورقم عليها علامة النسائي في اليوم والليلة وابن ماجه.

قلت: كأنه أُلبس على العلائي، فعمدته في النقل الذهبي، الذي سمى بعض شيوخ عاصم، آخرهم شهر بن حوشب، ثم قال: والحارث بن حسان البكري، والصحيح أن بينهما أبا وائل^[155].

ثالثًا: وهم العلائيِّ بتغيير العبارة:

الأول: تغيير عبارة المزي تبعًا للذهبي

فالعلائي الذي يُكرر في كتابه بما يَشي رجوعه لتهذيب للمزي كما ذكرنا، إنَّما يَتبع عبارات الذهبي الذي ذكرها في التذهيب، مُخَالفًا أحيانًا نص عبارات التهذيب.

وابن العراقي الذي يَعلم ذلك تَعقَّب العلائي بأنَّ عبارة المزي مختلفة عمَّا ذكرها. ونُبينهم فيما يلي:

1. أنَّ روايةَ إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن فَضالة بن عُبيد وغيره، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يُصَرِّح بإرسال روايته عنه، بل قال: وفي سماعه منه نظر.

قلت: عبارة الذهبي في ترجمة إسماعيل: أرسل عن فَضَالة بن عبيد وغيره^[156].

1. وأنَّ الحكم بن عُتَيبة أرسلَ عن زيد بن أرقم، ولم يسمع منه.

فتعقبه بأن عبارة المزي: قيل: لم يسمع منه^[157].

1. وأنَّ رواية حميري بن بشير الحميري عن أبي ذر، مرسل.

فتعقبه بأنَّ عبارة المزي: لم يسمع من أبي ذر^[158].

1. وأنَّ عبد الله بن أبي سَلَمة الماجِشُون أخرج له النسائي عن عائشة وأم سلمة، وما أظنه أدركهما.

فتعقبه بأنَّ عبارة المزي: قيل لم يسمع منهما^[159].

1. وأنَّ عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام روى عن أبي هريرة وأم سلمة، وأنّ ذلك مرسل.

فتعقبه بأنَّ الذي في التهذيب روى عن أبي هريرة على خلاف فيه، وروايته عنه في عمل اليوم والليلة للنسائي، وعن أم سلمة إنْ كان محفوظًا، والصحيح عن أبيه عنها، وروايته عنه عند النسائي في سننه^[160].

1. وأنَّ عُروةَ بنَ رُوَيم أرسل عن جابر بن عبد الله وثوبان وأبي ذر وأبي ثعلبة.

فتعقبه بأنَّ الذي في التهذيب روى عن ثوبان وجابر وأبي ثعلبة، يقال: مرسل، وعن أبي ذر، ولم يدركه^[161].

1. وأنَّ محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني روى عن همام بن منبه، ولم يدركه.

فتعقبه: إنّما قال المزي، يقال: مرسل^[162].

1. وأنَّ موسى بن وَرْدان عن أبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص وكعب الأحبار وغيرهم، وذلك مرسل، قاله في التهذيب.

فتعقبه بأنَّ عبارة التهذيب، يقال: مرسل^[163].

1. وأنَّ رواية نافذ أبي مَعبد عن الفضل بن عباس، مرسل.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يجزم في التهذيب بأنّ روايته عن الفضل مرسلة، بل حكى ذلك قولًا، وهي عند النسائي في سننه.

قلت: إنما ذكر عبارة الذهبي في ترجمتي الفضل ونافذ^[164].

1. وأنَّ وهيب بن الورد عن عطاء بن أبي رباح، قيل: إنَّه لم يلقه.

فتعقبه بأنَّ عبارة التهذيب: يقال مرسلًا^[165].

الثاني: تغيير عبارة المزي والذهبي

فالعلائي الذي يَعزو للمزي، ورجوعه إنَّما هو للذهبي كما عَرَفْنا، يُخالف هنا الاثنين في نَصِّ عباراتهما الدَّالة على إرسال الراوي عن الشيخ. فيتعقبه ابنُ العراقي بأنّه خالف عبارةَ المزي، ولمّا رجعت إلى التذهيب وجدتُّه يخالف أيضًا الذهبي، فبينته. نبينهم فيما يلي:

1. أنَّ رواية ثابت بن ثوبان العنسي عن أبي هريرة، قوله: لم يسمع منه.

فتعقبه ابن العراقي بأنَّ عبارة المزي: لم يدركه.

قلت: وعبارة الذهبي: أرسل عن أبي هريرة^[166].

1. وأنَّ رواية مالك بن الحارث السَّلَمِيّ عن عمار بن ياسر، قوله: لم يدركه.

فتعقبه بأنَّه لم ير ذلك في التهذيب، بل ذكر روايته عن عمار ساكتًا عليها.

قلت: وعبارة الذهبي: أرسل عن عمار^[167].

1. وأنَّ حديث يحيى بن جابر الطائي عن عوف بن مالك وجبير بن نفير والمقدام بن معدي كرب وعبد الله بن حوالة وأبي ثعلبة النهدي والنواس بن سمعان، مرسل، لم يلقهم.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يقل: لم يلقهم، بل اقتصر على قوله مرسل، إلا في جبير بن نفير، فإنَّه إنّما قال: والصحيح أنّ بينهما عبد الرحمن بن جبير بن نفير.

قلت: واقتصر الذهبي على ذكر إرساله عنهم. وخالفهما العلائي، وزاد عبارة: لم يلقهم^[168].

1. وأنَّ يحيى بن أبي عمرو السِّيْبَاني روى عن عبد الله بن الديلمي وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، ولم يلقهما.

فتعقبه بأنْ ليس في التهذيب، لم يلقهما.

وأما الذهبي، فذكرهما في شيوخه، وقال: مرسلًا^[169].

1. وأنَّ يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني روى عن معاوية وأبي أيوب، ولم يسمع منهما، وهو مرسل.

فتعقبه بأنَّ عبارة التهذيب لمَّا ذكر روايته عن معاوية: وفي سماعه منه نظر.

قلت: وفي الموضع نفسه لما ذكر روايته عن أبي أيوب الأنصاري، اقتصر على قوله: مرسل.

والذهبي، قال: عن معاوية مرسلًا، وأبي أيوب كذلك^[170].

1. وأنَّ أبا عثمان الأنصاري المدني روى عن أبيّ بن كعب، وهو مرسل، لم يلقه.

فتعقبه: لم يقل في التهذيب: لم يلقه، بل اقتصر على أنَّه مرسل^[171].

الثالث: الزيادة على المزي والذهبي عبارة "لم يدركه"، أو "لم يلقه".

نبينهم فيما يلي:

1. أنَّ إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة لم يدرك ابن عباس.

فبين ابن العراقي وهمه في هذا النقل، بأنَّ الذي في التهذيب عن أبي حاتم أنَّ روايته عنه مرسلة، ولم يقل إنَّه لم يدركه لا من عند نفسه، ولا نقلًا عن غيره.

قلت: وعبارة الذهبي في ترجمة إسحاق: أرسل عن ابن عباس^[172].

1. وأنَّ خالد بن اللجلاج العامري يروى عن عمر وابن عباس مرسلًا، ولم يدركهما.

فتعقبه أنَّ الذي في التهذيب: روى عن ابن عباس فيما قيل، والمحفوظ عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي وعن عمر بن الخطاب مرسلاً. ثم حكى عن البخاري أنَّه سمع عمر بن الخطاب.

قلت: وعبارة الذهبي: أرسل عن عمر وابن عباس. ليس فيه: لم يدركهما، بل هي من كيس العلائي^[173].

1. وأنَّ العلاء بن زياد روى عن معاذ بن جبل وأبي ذر، مرسل، لم يدركهما.

فتعقبه بأنْ ليس في التهذيب لم يدركهما.

قلت: اقتصر المزي على لفظة مرسل. والذهبي على أنه أرسل عنهما. ولم يذكرا عبارة: لم يدركهما^[174].

1. وأنَّ محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكَانة روى عن جبير بن مطعم، وذلك مرسل، لم يدركه.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يقل: لم يدركه، بل اقتصر على أنَّه روى عنه مرسلًا. والذهبي لم يَذكر عبارة: لم يدركهما، بل اقتصر على أنَّه روى عنه مرسلًا^[175].

1. وأنَّ محمد بن علي بن عبد الله بن عباس روى عن جده، وذلك في السنن الأربعة، هو مرسل، لم يُدْركه.

فتعقبه بأنَّ عبارة المزي: يقال مرسل، ولم يقل: لم يدركه. والذهبي اقتصر على عبارة: روى عنه مرسلًا^[176].

1. وأنَّ محمد بن كَعب القُرَظِي روى عن عليٍّ والعباس وابن مسعود وأبي ذر وأبي الدرداء، وذلك مرسل، لم يلقهم.

فتعقبه أنَّ الذي في التهذيب: يقال مرسل. والذهبي يقتصر على أنَّه روى عنهم، يقال: مرسل^[177].

1. وأنَّ المِسْوَر بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف روى عن جده رضي الله عنه أخرجه النسائي، وأنَّ ذلك مرسل، ولم يدركه.

فتعقبه بأنَّه لم يقل: لم يدركه، نعم صرح بذلك البزار، فقال: إنَّه لم يلقه، وقال النسائي بعد إخراجه: هذا مرسل، وليس بثابت. والذهبي يقتصر على عبارة: روى عنه مرسلًا^[178].

1. وأنَّ مَيمون بن مِهْرَان روى عن عمر والزبير، مرسل، لم يدركهما.

فتعقبه بأنَّ المزي لم يقل: لم يدركهما.

قلت: في ترجمة ميمون بين المزي أنَّه روى عن الزبير وعمر مرسل. ولكنه ذكر ميمون في تلاميذ عمر، وقال: لم يدركه. والذهبي اقتصر على عبارة روى عنهما مرسلًا^[179].

1. وأنَّ يحيى بن حسان البكري الفلسطيني الرملي عن عبادة بن الصامت: لم يدركه، وهو مرسل.

فتعقبه بأنَّ الذي في التهذيب: مرسل. والذهبي يقتصر على عبارة: روى عنه مرسلًا^[180].

رابعًا: أوهام العلائي في العزو الخطأ للأحاديث مخالفًا المزي والذهبي

الأول: عزو الحديث لغير كتابه:

1. يَعزو العلائي حديث إياس بن عبد الله بن أبي ذباب مرفوعًا (لا تضربوا إماء الله)، إلى السُّنن الثلاثة. والمزي يَنص على الثلاثة، وهم: أبو داود والنسائي وابن ماجه. وأمَّا الذهبي فلم يذكر شيئًا في ذلك.

فتعقبه ابن العراقي أنَّ مواضعَ الحديث كما ذَكَر المزي، وأنَّ قولَ العلائي يوهم أنَّ منهم الترمذي دون ابن ماجه^[181].

1. ويقول: عُقْبَة بن أوس السدوسي عن عبد الله بن عمر أو عبد الله بن عمرو في السُّنن الثلاثة. والمزي في روايته عن ابن عمرو وقيل ابن عمر يَرمز للثلاثة، أبو داود والنسائي وابن ماجه. ولم يُشِر الذهبي إلى شيء من ذلك.

فتعقبه أنَّ روايته عن عبد الله بن عمرو في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، وأنَّ قولَ العلائي السنن الثلاثة لا يفهم ذلك، وأما روايته عن ابن عمر فليست في شيء من الكتب الستة^[182].

1. ويقول: حديث ممطور الأسود، أبو سلام الحبشي عن ثوبان عند النسائي. وكذا رمز المزي، ولكن الذهبي رمز لابن ماجه فقط.

فتعقبه أنَّ روايته عن ثوبان إنّما هي عند الترمذي وابن ماجه^[183].

الثاني: عزوه حديث خطأ إلى كتاب، وليس فيه.

1. فالعلائي عزا حديث أزداد بن فَسَاءة، ويقال: يزداد مرفوعًا: "إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثًا" إلى سنن أبي داود. وأمَّا المزي فأشار إلى المراسيل، وليس السنن، والذهبي لم يشر إلى موضعه في كتب السنة.

فبين ابنُ العراقي وهم العلائي، وقال: لم يخرج أبو داود هذا الحديث في سننه، إنَّما أخرجه في المراسيل^[184].

1. ويقول: حديث سعيد بن المسيب عن أبي بكر في سنن ابن ماجه.

فتعقبه، بقوله: قال والدي فيما وجدتُّه ليس له عنه ابن ماجه رواية عن أبي بكر فيما علمت، وإنَّما ذكر له المزي في الأطراف من عند أبي داود حديثًا عن أبي بكر وهو وهم، إنّما رواه ابن المسيب مرسلًا، ليس فيه عن أبي بكر^[185].

الثالث: عزوه إسناد حديث لكتابٍ ليس فيه.

1. فقال العلائي في ترجمةِ عبدٍ المُزَني حديث أيوبَ بنِ موسى عن يزيدَ بنِ عبد المزني عن أبيه مرفوعًا: يُعقُّ عن الغُلام، ولا يمس رأسه يوم ولد". أخرجه ابن ماجه.

وكذا نَصَّ المزي في التهذيب، والذهبي في التذهيب، أنَّ رواية ابن ماجه هي من حديث ابنه يزيد بن عبدٍ عن النَّبِّيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَقل عن أبيه.

ولذا تَعقَّبه ابنُ العراقي، بقوله: إنَّما رواه ابن ماجه من روايةِ يزيد بن عبد المزني عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر أباه عبدًا المذكور^[186].

1. وفي ترجمة أبي عثمان وليس بالنَّهدي: يقال اسمه سعد، قال: أخرج النسائي وابن ماجه من طريق ابن المبارك عن سليمان التَّيمي عن أبي عثمان عن مَعْقِل بن يَسَار، حديث: "اقرأوا يس على موتاكم"^[187].

ورواه أبو داود من طريق ابن المبارك أيضًا، وقال فيه: عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل^[188]، فتبين بذلك أنَّ الأولى مرسلة.

وأشار المزي إلى روايةِ أبي عثمان عن أبيه عن مَعْقِل بن يَسار عند أبي داود وابن ماجه، وروايته عن معقل، ليس فيه عن أبيه عند النسائي في عمل اليوم والليلة، في ترجمة معقل. ولم يشر الذهبي إلى طرق الحديث ومواضعه.

فتعقبه: بإثبات أبيه في روايةِ ابن ماجه كرواية أبي داود، خلاف ما حكاه العلائي^[189].

الرابع: عزوه إسناد إلى الصحيح، وليس فيه.

فالعلائي جعلَ رواية إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن جَدّه (يقصد: أبا إسحاق السبيعي) في الصحيح.

فبين ابن العراقي وهمه، وقال: روايته عن جده ليست في الصحيح، ولا في شيء من الكتب الستة، وهي بعيدة من الاتصال.

وكان الذهبي، قال: "إبراهيم لم يدركْ جَدَّهُ أبا إسحاق"^[190].

قلت: وهو كما قالَا، فبينَ وفاتيهما أكثر من سبعينَ عامًا^[191]، وجميعُ رواياته في الصحيحينِ هي عن أبيهِ عن جَدِّهِ أبي إسحاق. وقد روى له البخاري عن أبيه أربعةَ عشرَ حديثًا^[192]، وافقَه مسلم في حديثين منها^[193].

ولم يَذكر المزي ولا الذهبي أنَّ روايتَه عن جَدِّه في الصحيح. فلعلَّ العلائي ظَنَّ أنَّ الذهبي يَقصد في الصحيح حين قال: روى عن أبيه وجَدِّه!!

خامسًا: أوهام العلائي في تعيين الرواة مخالفًا المزي والذهبي:

الأول: وهمه بِظَنِّه راوٍ آخرَ

1. نقلَ العلائي عن ابنِ عساكر أنَّ مُسْلمَ بنَ يسار الجُهَني روى عن ابن عباس وعبادة بن الصامت وأبي الأشعث الصَّنعاني، مرسلًا.

فتعقبه ابن العراقي أنَّ الراوي عن هؤلاء الثلاثة مرسلًا ليس هو الجهني، إنّما هو مسلم بن يسار البَصري، وقيل: المَكي، مولى بني أمية، وقيل: مولى طلحة، وقيل: مولى مزينة، فهو الذي ذكر المزي أنَّه روى عن عبادة بن الصامت مرسلاً، وذكر روايته عن ابن عباس وأبي الأشعث الصنعاني ساكتًا عليها، وأفرد ترجمته عن الجهني.

وكذا هو البصري الذي ذكر الذهبي أنَّه روى عن عبادة بن الصامت مرسلاً، وذكر روايته عن ابن عباس وأبي الأشعث الصنعاني ساكتًا عليها.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ ابن عساكر لم يَذكر أنَّ روايتَه عن الثلاثة مرسلة، بل اقتصرَ على عُبادة بن الصامت^[194].

1. وأنَّ المُهَلَّبَ بنَ أبي صُفْرةَ العَتَكي تابعي متأخر له رؤية من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو غلام، ولا صُحبةَ له أصلًا^[195].

فتعقبه ابن العراقي أنَّ الذي له رؤية من أبي بكر هو أبو صُفْرة لا المُهَلَّب.

قلت: وما قاله ابنُ العراقي هو الصواب، ذكرهُ ابنُ سعد في الطبقات، ونقله عنه المزي في التهذيب، واختصره الذهبي^[196].

الثاني: وهمُه بجعله الراوي الواحد اثنين مُتَّبعًا ابن أبي حاتم في المراسيل:

قال ابن العراقي: كذا غَاير ابنُ أبي حاتم وتبعه العلائي بين العلاء النَّهدي أبو محمد، والعلاء بن بدر المتقدم ذكره، وهُمَا واحدٌ، وهو العلاء بن عبد الله، أبو محمد النهدي، فليعلم ذلك.

قلت: هو شخص واحد كما قال ابن العراقي، وهو العلاء بن عبد الله بن بَدر العَنَزِي، ويقال: النَّهدي، أبو محمد البصري، وقد يُنْسَب إلى جَدِّه.

ولكن ابن أبي حاتم ترجم له في المراسيل في موضعين، فتبعه العلائي.

مع أنَّ ابن حاتم ترجم له في الجرح والتعديل في موضعٍ واحد، وكذا هو في موضع واحد في التهذيب للمزي، وفي التذهيب للذهبي^[197].

الثالث: يترجم الراوي مرتين:

1. فسعيد بن عمرو بن أَشْوَع. يُكرره العلائي مرتين، الأولى مَنسوبًا إلى جَدِّه.

وأمَّا المزي فتَرجمه في موضعٍ واحد، وتبعه الذهبي. ولذا بعدما كرره ابنُ العراقي، قال في الموضع الثاني: قد ذكره العلائي قبل ذلك مَنسوبًا الى جَدِّه، فلا مَعنى لإعادته وذِكْره مرتين^[198].

1. وعبد الرحمن بن أبزى. ترجمه العلائي بهذا الاسم مرتين، قال في إحداهما: إنَّه مولى نافع بن عبد الحارث، ومُختلفٌ في صحبته. ونَقل في الثاني ما قاله ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنَّه عن عمر رضي الله عنه مرسل. ثم قال: ينبغي أنْ يكون هذا غير الذي قبله، لأنّ ذلك لقى عمر، وقال عبد الرحمن بن أبزى ممن رفعه الله بالقرآن، وقصة استعمال مولاه إياه على مكة أيام عمر، وإعلامه بذلك صحيحة.

فتعقبه ابن العراقي، بقوله: الظاهر أنَّهما واحد، ولا يوافَق أبو زرعة على أنَّ روايته عن عمر مرسلة، وقال الحاكم في المستدرك: صَحَّ عندنا أنَّه صلى مع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلا أنّ أكثر روايته عن أُبيّ بن كعب والصحابة^[199].

قلت: يُرَجَّح عندي ما قاله ابن العراقي، وهو المترجم عند المزي، والذهبي، وروايته في الكتب الستة.

الرابع: أخطأ في اسم الراوي مُخالفًا المزي والذهبي:

ولكنه يُعْذر، ويُمكن لابن العراقي تَرك التعقيب.

فالراوي فَرْوةُ بن مُجَالد. جاء في الجامع "ابن مجالد"، باللام، فتعقبه ابن العراقي أنَّ الذي في التهذيب: فروة بن مجاهد، بالهاء، وكذا هو عند أبي داود.

قلت: إنْ كان على العلائي تَعقيب، فلأنَّه جاء في كتاب الذهبي الذي اعتمده العلائي "ابن مجاهد"، وأما المزي عنون له "ابن مجاهد"، فذكر أنّه باللام عند البخاري.

وكذا هو باللام عند ابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن عبد البر، الذي نقل عنه العلائي عبارة "أكثرهم يجعل حديثه مرسلًا، يعني: لا يثبتون صحبته".

وقد بين ابن عساكر أنَّهما واحد، ولذا قال ابن حجر في عنوان ترجمته: فروة بن مجاهد أو مجالد^[200].

الخامس: القراءة الخاطئة لكلام الذهبي، فيَجعل تلميذَ الراوي شيخًا له.

فإبراهيم بن عبد الله القاري. جعل العلائيُّ يزيدَ بنَ عبد الله بن خُصَيفة شيخًا له، ثم قال: وقيل: بينهما رجل، وعزا القول للمزي. وعبارته: حكاه شيخنا الحافظ أبو الحجاج في كتابه التهذيب.

فغلطه ابن العراقي، وبين أنَّ المزي ذكره على الصواب، وهو أنَّ يَزيد هذا تلميذ لإبراهيم، وليس شيخًا، وكذا هو في عمل يوم وليلة للنسائي، وقيل بينهما يزيد بن عبد الله الكندي.

قلت: وجاء على الصَّواب كذلك في مختصر للذهبي الذي هو عُمْدة العلائي في إيراده للرواة المرسلين.

ولعلَّ الذي أوقع العلائي في الوهم، عبارة الذهبي: وقيل بين ابن خُصَيفة وبينه [يعني إبراهيم] رجل.

وابن خُصَيفة، ذكره ابن العراقي في موضعه، وقال: روايته عن إبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري في عمل اليوم والليلة للنسائي، وقيل بينهما يزيد بن عبد الله الكندي^[201].

السادس: شَكُّه في تعيين الراوي:

1. نقل ابنُ أبي حاتم قولَ ابن المديني أنَّ عبدَ الله بن الحارث لم يَسمع من ابنِ مسعود، وقول أبيه أنَّ حديثَ عبد الله بن الحارث عن ابنِ مسعود، مرسل.

فترجم العلائي لعبد الله بن الحارث بن نوفل الملقب (ببّه) ولم ينقل قولي ابن المديني وأبي حاتم، ثم تَرجم لعبد الله بن الحارث آخر، ونقل قول ابن المديني، ثم قال: كذا وجدتُّه بِخطِّ الحافظ الضياء لم يزد على ذلك، وكذلك هو في المراسيل عنه وعن أبي حاتم أيضًا، وأظنه ببّه المتقدم، أو الزُّبَيدي الكوفي وهو معدود في الرواة عن ابن مسعود.

فتعقبه ابنُ العراقي بأنْ أضافَ قولي ابن المديني وأبي حاتم لترجمة (ببه)، ثم قال في ترجمة عبد الله بن الحارث الآخر: ذكر المِزي كلام ابن المديني وأبي حاتم في ترجمة ببّه^[202]، وهو الظاهر كما تَقَدَّم.

1. وترجم ليزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني، وبعده بثلاث تراجم، نقل ما في المراسيل لابن أبي حاتم من ترجمة ليزيد بن أبي مالك، ثم قال: أظنُّه يزيد بن عبد الرحمن المتقدم.

فابن العراقي الذي تبعه في تكرار الترجمة، قال: هو كذلك بلا شك^[203].

السابع: تصحيف في اسم الراوي

وذلك في عَبَّاس بن جُلَيد الحَجْري: قال ابن العراقي: وهم العلائي فسماه عَبَّادًا.

قلت: في المراسيل: عباس بن خُلَيد، وفي الجامع: عباد بن خليد، والصواب ما ذكرته كما في التهذيب والتقريب^[204].

سادسًا: أوهام العلائي في العزو الخطأ للكتب

الأول: يعزو للمتأخر وهو في كتب المتقدمين

1. نقل العلائي عن ابن عساكر في تاريخه أنَّ زيدَ بن أرطاة الفَزَاري روى عن أبي الدرداء وأبي أمامة، وهو مرسل.

فتعقبه أنَّ ابنَ أبي حاتم ذكره في الجرح والتعديل في ترجمة زيد بن أرطاة، وأنَّ عزوه إليه أولى^[205].

قلت: وابن عساكر رواه بسنده إلى ابن أبي حاتم.

والذي في التهذيب: روى عن أبي أمامة الباهلي في سنن الترمذي، يقال: مرسل، وأبي الدرداء في سنن أبي داود والترمذي والنسائي مرسل، بينهما جبير بن نفير^[206].

واقتصر الذهبي في تلخيصه على ذكر أبي أمامة وجبير بن نفير فيمن روى عنهم، ولم يذكر إرسالًا^[207].

1. وقال العلائي: وبِخطِّ الحافظِ الضياء أنَّ عبدَ الله بن زيد، أبو قِلابة الجَرمي لم يَسمع من أبي ثَعلبة الخُشَني.

فتعقبه بأنَّ إرسالَ روايته عن أبي ثعلبة قاله الترمذي في السير من جامعة والدارقطني في العلل والبيهقي في سننه، فلا حاجة إلى عَزْوِه إلى الضِّياء^[208].

1. ويعزو العلائي قول أبي داود: لم يُدرك شداد، مولى عِياض بن عامر بلالًا إلى التهذيب.

فيبين ابنُ العراقي أنَّ المزي نقله عن أبي داود، وأنَّ أبا داود صَرَّح بذلك في سننه، وحكاه عنه البيهقي وغيره.

وفي مختصر الذهبي: عن بلال، ولم يدركه^[209].

1. وقال العلائي: لا يُعرَف لعبد الله بن راشد الزَّوْفِي سماع من عبد الله بن أبي مُرَّةَ، وجدته كذلك بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي.

فتعقبه، بقوله: حكى ابنُ أبي حاتم هذا عن محمد بن إسحاق، أنَّه قال: لا يُعْرَف سماعه من ابنِ أبي مُرَّةَ، وكذا قال البخاري: إنَّه لا يُعرَف سماعه منه، وقال ابن حبان: إسنادٌ منقطع، وحكاه في التهذيب، فلا حاجة لإبعاد النَّجعة في ذلك^[210]. ولم يذكره الذهبي في مختصره

1. وقال العلائي: وبخط الحافظ الضياء أنَّ عبدَ الرحمن بن أبي ليلى لم يَسمع من معاذ بن جبل.

فتعقبه: هذا الذي ذَكرَ العلائي أنَّه وَجَدَ بِخطِّ الضياء، حكاه الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنذري عن الترمذي وابن خزيمة، وقال المنذري: وهو ظاهر جدًّا.

وقال البيهقي: إنَّه لم يُدرك مُعاذًا، ولا عبد الله بن زيد، ثم رَوى عن ابن خزيمة أنَّه لم يسمع منهما.

وفي العلل للدارقطني أنَّه قيل له: يَصح سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من معاذ؟ فقال: فيه نظر؛ لأنّ معاذًا قديمَ الوفاةِ، مات في طاعون عَمْواس.

والمزي والذهبي ذكرا معاذًا في الشيوخ، ولم يذكرا إرسالًا^[211].

1. وقال العلائي: أرسل محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر عن جديه الحسن والحسين وجده الأعلى وعائشة وأبي هريرة وجماعة، قاله في التهذيب.

وفي كتاب ابن ماجه له عن أم سلمة حديث "الحج جهاد كل ضعيف"، والظَّاهر أنَّه مرسل، وأرسل عن عمر أيضًا، قاله الذهبي.

فتعقبه، بقوله: وفي كلامِه قُصور لكونِه نَقَل أنَّ روايتَه عن عليٍّ وعائشةَ مرسلة عن المزي، وأنّ روايتَه عن عمر مرسلة عن الذهبي، وبحثَ من عندِ نفسِه أنَّ روايتَه عن أمِّ سلمةَ مرسلة، وقد عَرَفت أنَّ ذلك كلَّه مَنقول نَقلًا قديمًا، وكأنَّه لم يُراجع في هذا الموضِع كتاب ابن أبي حاتم، وهو الأم في هذا الباب^[212].

ثم ما حكاه عن التهذيب لم أره فيه،فلم يَذكر في تَرجمتِه إرسال روايته عن أحدٍ سوى علي بن أبي طالب^[213].

وفي الترجمة نفسها، قال ابن العراقي: ووجدت بخط والدي أنّ محمدَ بنَ عليٍّ أرسل عن حفصة أيضًا، وروايته عنها في الشمائل للترمذي، وروى ابن حبان في صحيحه من رواية أبي جعفر عن أبي هريرة مرفوعًا "أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه ... الحديث"، ثم قال ابن حبان: أبو جعفر هذا هو محمد بن علي بن الحسين.

قال: وقال والدي: هذا مُخالفٌ لقول الترمذي وأبي أحمد الحاكم وغيرهما أنّ أبا جَعفر هذا لا يعرف اسمه، قال: وإنْ كان كما ذكره المصنف فالحديث منقطع؛ لأنّ محمد بن علي لم يسمع من أبي هريرة؛ لكونه متقدم الوفاة على أم سلمة على الصحيح، وقد قال أحمد وأبو حاتم: أنَّه لم يسمع منها كما تقدم، وقد صرّح أبو جعفر هذا بسماعه من أبي هريرة في حديث النزول كما رواه النسائي في عمل اليوم والليلة.

هذا كلام والدي بمعناه^[214].

الثاني: عزو الكلام لغير قائله.

1. وذلك في سعيد بن المسيب، قال العلائي: قال يحيى القطان: عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز.

فوَهَّم ابنُ العراقي العلائيَّ بأن حكى هذا الكلام عن يحيى القطَّان، وغيَّرَه إلى أبي حاتم، وقال: كذا رأيتُه في المراسيل لابن أبي حاتم^[215].

1. وفي سليمان بن موسى الدمشقي. فالذهبي ينقل عن المُفَضَّل بن غسان الغَلَّابي، قوله: لم يدرك سليمان بن موسى أبا سيّارة ولا كثير بن مرة ولا عبد الرحمن بن غنم.

وينقلها العلائي كما هي، فتعقبه ابن العراقي بأنَّ الذي في التهذيب: قال الأحوص بن المُفَضَّل بن غسان الغَلَّابي عن أبيه، قال أبو مسهر: لم يدرك سليمان بن موسى كثير بن مرة ولا عبد الرحمن بن غنم. ثم قال المفضَّل: ولم يلق سليمان بن موسى أبا سيّارة، والحديث مرسل. ثم قال: فظهر بذلك أنَّه لم يقله في كثير بن مرة وعبد الرحمن من عند نفسه، وإنّما حكاه عن أبي مسهر.

قلت: وقد نُقِلت العبارة على الصواب في مواضع أخرى عند الذهبي وعند غيره^[216].

الثالث: عزو عبارة إلى كتاب خطأ، متبعًا الذهبي، ومخالفًا المزي:

يَعزو العلائي إلى ابنِ حبان عبارة: أمَّا روايات الضَّحاكِ بنِ مُزاحمٍ الهلالي عن أبي هريرةَ وابنِ عباس وجميع مَن روى عنه ففي ذلك كُلِّه نَظر وإنَّما اشتهر بالتفسير.

فَتَعَّقبه بأنَّ هذا الكلام الذي حَكاه عن ابنِ حِبّان، إنَّما حكاه المِزي في التهذيب عن ابن عدي.

قلت: هو عن ابن عدي كما في الكامل، ولكنه جاء عن ابن حبان في التذهيب، ولَعلَّه سَبق قَلَم من الذَّهبي، فنَقلها عنه العلائي دون تحقق^[217].

سابعًا: أوهام متنوعة

الأول: لم يُشِر إلى تَصريحِ الراوي بالسماع من شيخه

1. لمَّا نَفي أحمدُ بنُ حنبلٍ سماع أبان بن عثمان من أبيه، اقتصر العلائي على قوله: له عن أبيه في صحيح مسلم حديث: "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ".

وكأنَّ مُجَرّد العَزو للروايةِ إلى صَحيحِ مسلم تَكفي، مع تِكراره القول: إنَّ قاعدةَ مسلم هو الاكتفاء بالمعاصرة.

فبيَّن ابنُ العراقي أنَّ أبانًا صَرَّح بالسماع من أبيه في حديث مسلم المذكور، وكذا عند أبي داود فيه. ثم ذكر حديثًا آخر صَرَّح فيه أبان بالسماع من أبيه، وهو حديث: ضَمْد المحرم عينيه بالصبر.

فكأنَّ ابنَ العراقي يرى أنَّ على العلائي الإشارة إلى تَصريحِ أبَان بالسماع من أبيه.

قلت: وكانت عبارة ابن حجر في التهذيب أصوب في رده على كلام الإمام أحمد، حين قال: حديثه في صحيح مسلم مصرح بالسماع من أبيه.

ولم يَنقل المزي ولا الذهبي كلام أحمد في نفي السماع^[218].

1. ونقل العلائي عن الدارقطني، قوله: لا نعلم إسماعيل بن أُميَّة روى عن عياض بن عبد الله شيئًا، وأنَّ بعضَهم أدخل بينهما الحارث بن أبي ذباب، مع إشارته إلى رواية مسلم له عن عياض عن أبي سعيد في صدقة الفطر.

وكان المزي ذَكَر عياضًا في شيوخ إسماعيل، وإسماعيل في تلاميذ عياض عند مسلم، ولم يُشِر إلى إرسال، ولكنه نَقل كلامَ الدارقطني في زكاةِ الفِطر، وأنَّ الحديثَ محفوظٌ عن الحارث، ولا نعلم إسماعيل روى عن عياض شيئًا.

أمَّا الذهبي، فلم يذكر عياضًا في شيوخ إسماعيل، ولا إسماعيل في تلاميذ عياض.

أمَّا ابنُ العراقي فبيَّنَ أنَّ الروايةَ في صحيح مسلم، قال فيها إسماعيل: أخبرني عياض، وذلك صريح في سماعه منه.

فكأنَّ ابن العراقي يَرى أنَّ على العلائي الإشارة إلى تصريحِ إسماعيل بالسماع من عياض.

وكانَ النووي، قال: إسماعيل بن أُمَيَّةَ صحيحُ السماعِ عن عياض.

ورأى ابن حجر أنَّ تصريحَ إسماعيل بالسماع فيه ردٌّ لقول الدارقطني^[219].

الثاني: تمثيله بحديث على أنَّ في إسناده إرسال، ولا علاقة للحديث بالإرسال

يُمثل العلائي بحديث جرير بن حازم عن ثابتٍ عن أنسٍ مرفوعًا: إذا أقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروني. بأنَّ حمادَ بن زيد أنكره، وقال: إنّما سمعه جرير من حَجاج الصَّوّاف، عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت، وظَنَّ أنَّه سمعه من ثابت.

فتعقبه ابن العراقي: ليس هذا من المراسيل في شيء، وغاية ما فيه أنّ جريرًا وهم في إسناد هذا الحديث، وقد ذكره ابنُ الصلاح مثالاً لما انقلب إسناده على راويه من غير قصد^[220].

الثالث: التسوية بين أنْ وعن

ففي دراسته للألفاظ المحتملة للسماع نقل العلائي عن الإمام أحمد بن حنبل تفريقَه بين "أن" التي تَدل على الإرسال وبين "عن"، فاللفظتين ليستا سواء^[221].

وفي ترجمة سليمان بن يسار نقلَ ما ذكره ابنُ أبي حاتم من سؤال الأثرم للإمام أحمد عن حديثين، وأنَّ جَوابَه يَشي بالتفريق بينهما. ثُمَّ عَقَّبَ، بقوله: تَقدَّم عن أحمد بن حنبل أنَّ أنْ لا يقتضي الاتصال بخلاف عن، وهذان من ذاك.

فقال ابنُ العراقي: ليسا من ذاك كما أوضحه والدي في ألفيته وشرحها^[222].

الرابع: ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكره العلائي

1. نقلَ ابنُ العراقي قولَ أبي زرعة: محمد بن عمرو الذي يروي سَعْدان بن يحيى عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيدة عن محمد بن عمرو، حديثه عن عليٍّ مرسل.

ثم قال: لم يتعرض له العلائي.

قلت: وعبارة المزي: إنْ كان محفوظًا، يعني: محمد بن عمرو بن علي، عن علي^[223].

1. وبَيَّنَ ابنُ العراقي أنَّ يَحيى بن طلحة بن عبيد الله أغفله العلائي، ثم نقل أنَّ المزي لما ذكر رواية يحيى عن عمر، قال: والصَّحيح عن أُمِّه سُعدى عن عمر، وكلاهما في عمل اليوم والليلة للنَّسائي، وإثبات سُعدى في سنن ابن ماجه أيضًا^[224].
2. ونقلَ ابنُ العراقي عن أبي زرعة أنَّ أبا بكرٍ الهُذَلي عن عليٍّ رضي الله عنه، مرسل، ثم قال: أغفله العلائي. ولم يذكر ذلك المزي أو الذهبي^[225].

الخامس: يُرجِّحُ العلائي لقاءَ الراوي بالشيخ، ويُخالفه ابن العراقي:

ففي تَرجمة نافع بن جُبَير بن مُطْعِم، قال العلائي: ذكره ابن المديني فيمن لم يَثبت له سماع من زيد بن ثابت، وقال في موضع آخر: أصحاب زيد بن ثابت الذين كانوا يأخذون عنه ويُفْتون بفتواه اثنا عشر رجلًا، فذكر منهم نافع بن جبير، وهذا يحتمل أنْ يكون مع عدم اللقاء، ويُحتمل أنْ يكون تبين له لقاؤه، ولعلّ هذا هو الأرجح، فإنَّه يروي عن علي والعباس وطائفة من كبار الصحابة رضي الله عنهم.

فخالفه ابن العراقي، بقوله: لما ذكر ابن المديني كلامه المُتقدم، قال: منهم من لَقِيه ومنهم من لم يَلْقه، وذكر آخرهم نافع بن جبير، وهذا يُرَجح الاحتمال الأول، والله أعلم^[226].

السادس: سهو وقع فيه العلائي على الأرجح:

وذلك في بُثينة بنت الضحاك بن خليفة. يقال: نَبيهة بالنون، قاله ابن المديني.

فذكر ابنُ العراقي أنَّ العلائي، قال: ولدتُ على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي التي كان النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يطاردها لينظرَ إليها، وكان أراد أنْ يتزوجها، ولا يذكر لها صحبة ولا رؤية.

ثم تعقبه، بقوله: هذا وهم قبيح، فالمُطارِد لهذه المرأة إنما هو محمد بن مسلمة^[227].

قلت: كذا وجدتُّه في نسختين مختلفتين لمخطوط الجامع، الأولى: نسخة الظاهرية، وهي التي اعتمدها العراقي الأب وابنه، والثانية: نسخة مكتبة راغب باشا.

أما نسخة مكتبة المدرسة القادرية بالعراق التي اعتمدها المحقق الشيخ حمدي السلفي، فجاءت على الصواب، الذي يتوافق مع أصحاب الكتب الذين ترجموا لها، أنَّ محمدَ بن مَسْلمة هو الذي كان يَتَخفى لينظر إليها.

فربما كان السهو من العلائي، وربما من الناسخ، فالله أعلم.

ثامنًا: توافق العلائي وابن العراقي في الوهم:

الأول: يتوافقا في التصحيف

نقل العلائي قولَ البَرديجي: لم يسمع قَتادة من الشعبي، يُحدّث عن عروة عن الشعبي. وتَبِعه ابنُ العراقي في العبارة.

قلت: والصواب: عَزرة، وهو ابن عبد الرحمن، وليس عروة.

ولم يَذكر المزي عدم سماع قتادة من الشعبي، وروايته عنه في صحيح مسلم والسنن^[228].

الثاني: يَتوافقا في العزو الخطأ والتخريج

1. قال أبو حاتم: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تَدْرُس لم يسمع من عائشة.

فتعقبه العلائي، ونقلَ كلامَه ابنُ العراقي موافقًا له أنَّ مُسْلمًا روى حديث أبي الزبير عن عائشة في صحيحه.

قلت: ليسَ فيه حديثٌ مُستقلٌّ من حديثِ أبي الزُّبَيْرِ عن عائشة، ولَعلَّهم يريدون ما رواه مسلمٌ من حديث مَطر بن طَهْمَان الوَرَّاق، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ ... الحديث.

وجاء في آخره: قَالَ مَطَرٌ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: "فَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا حَجَّتْ صَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"^[229].

1. وَهِمَ العلائي بعزوِ حديثٍ مُعَلَّقٍ عند البخاري، ظانًّا أنَّه مُتَّصل، وتَبعه ابن العراقي في الوهم.

فالعلائي، في ترجمة أبي إسحاق السَّبيعي، يقول: أخرج البخاري من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عـبد الرحـمن السلمـي، عن عثمـان رضي الله عنه، حديـث: "لا يَحـلُّ دم امرئ مسلم"، وذلك ممـا يـَدل على سمـاعه منه؛ لما علم من قاعدته.

فنقله ابن العراقي كما هو موافقًا له^[230].

قلت: حديث "لا يَحلُّ دم امرئ مسلم" في البخاري، جاء من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّةَ، عن مَسروق، عن عبد الله بن مسعود، برقم (6878).

أما الطريق التي ذكـرها العلائي، ونقلهـا عنه ابن العراقي، فهي لحديثٍ مُعَلَّقٍ عند البخاري، برقم (2778)، في حَفرِ بئر رُومة، وتَجهيزِ جيش العُسْرة.

الثالث: وهم وقع فيه الجميع:

بَعدما نقلَ العلائي عن أبي حاتم أنَّ حديثَ نافعٍ مولى ابن عمر عن عائشةَ مرسل، قال: حديثه عن عائشة في الصحيحين. ونقله ابنُ العراقي عن العلائي دون تعقيب.

قلت: وعزو حديث نافع عن عائشة في الصحيحين، ذكره المزي في التهذيب والتحفة، والذهبي في التذهيب، ولم يُشِرْ أيٌّ منهما إلى إرسال، ولم يَنقلا كلام أبي حاتم في ذلك.

ويظهر أنَّهم جميعًا وقعوا في وهم، فالرواية التي عنوها ليس فيها أنَّه يروي عن عائشة، إنما روايته فيها عن ابن عمر عن أبي هريرة وعائشة.

وحـتى يَتّضحَ لنا ذلك أكـثر، أُوردُ الروايةَ كـاملةً، وهي: قـال الإمام البخاري:

"حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: حُدِّثَ ابنُ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، يَقُـولُ: مَنْ تَبـِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَقَـالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا. فَصَدَّقَتْ – يَعْنِي عَـائِشَةَ – أَبَا هُرَيْرَةَ، وَقَـالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ".

ويُزيلُ الإشكـال إنْ وُجد ابنُ حجر في شَـرحِه لهذا الحديث، بأنّ ابنَ عمر وأبا هريرة ذهبَا إلى عـائشة يسألاها، وإنَّما عرفَ ذلك من ابن عمر فحسب.

وقد نقل ابن حجر في التهذيب كلام أبي حاتم في أنَّ روايةَ نافع عن عائشة مرسلة^[231].

وأختم بتوافقهما على الصواب في مخالفة ابن أبي حاتم الذي جعل الراوي الواحد اثنين

فالعلائي، قال في القاسم مولى عبد الرحمن بن يَزيد بن معاوية: كأنَّه القاسم أبو عبد الرحمن المتقدم، ولكن ابن أبي حاتم جعلهما اثنين.

فأكَّده ابن العراقي، بقوله: الصَّواب أنَّه رجل واحد^[232].

خاتمة:

وبعد، فحاولت من خلال هذه الدراسة التَّعرُّف إلى مَنهج العلائي في كتابه جامع التحصيل، وطريقة ابن العراقي في تعقباته عليه.

ومن خلال مُقدمة البحث التي أشرت في هامشها إلى أنَّ تذهيب الذهبي الذي اعتمده العلائي كما نصَّ هو على ذلك، مع أهمية إضافاته على تهذيب المزي، إلا أنّه أهمل كثيرًا من أقوال النُّقَّاد في الرواة، وترك كثيرًا مما ينبغي ذكره من تعريف بشيوخ الراوي وتلاميذه، وأغفل أحيانًا ما فيه بيان لعدم سماع الراوي من الشيخ، لذا كانت المؤاخذات على العلائي في التَّعريفِ بالرُّواة المرسلين.

ولم أفهم تِكرار العلائي في تَضاعيف كتابه العبارات التي تَشي برجوعه إلى تهذيب شيخه المزي، مع أنّه في ظَنِّي لم يرجع إليه، ولو إلى موضع واحد. خلصت إلى الآتي:* يُهمل العلائي ذكر إرسال الراوي مع أنَّ المزي يذكره في التهذيب، أو يذكره العلماء قبلهما.

• ويَصف الراوي بالإرسال ويَعزوه للمزي، وليس فيه، بل ليس في مختصره أحيانًا.

• ويَصوغ عبارات تَدلُّ على عدم السماع، لم يذكرها المزي ولا الذهبي، وربما زاد عليهما من عنده عبارة "لم يدركه أو "لم يلقه".

• ويعزو الحديث إلى كتاب، وليس فيه، مخالفًا المزي والذهبي.

• ويَهم في تعيين الرواة، بِظَنِّه راوٍ آخرَ، وبجعلِه الواحد اثنين، وقد يُخطئ في اسم الراوي، أو يصحفه، أو يَشك في تعيينه، وربما جعلَ تلميذ الراوي شيخًا له؛ لقراءة خاطئة لكلام الذهبي.

• ويُحيل في عبارته إلى كتابٍ خطأ، أو الكلام لغير قائله، أو للمتأخر وهو في كتب المتقدمين.

• ومما يؤخذُ عليه أيضًا:

عدمُ تصريح الراوي بالسماعِ من شَيخِه، مع أهميتِه في نَفي الإرسال.

وتَمثيله لحديثِ أنَّ في إسناده إرسال، ولا علاقة للحديث بالإرسال.

ويُسوّي بين أنْ وعن.

ويُهمل ذكر بعض الرواة الذين أوردَهم ابن أبي حاتم في المراسيل.* وأخيرًا، مِن خِلال دِراستي لِكُتب الرُّواةِ المُرسلين، وقفتُ على تَعقُّباتٍ واستدراكات لابن العراقي على غير العلائي، وزياداتٍ مُهِمَّةٍ وإضافاتٍ أخذَ بعضَها عن والده، وأوهامٍ وقعَ فيها، مخالفًا العلماءَ متقدمين ومتأخرين، أو إغفالٍ لبعضِ الأقوالِ المُهمَّة، تَحتاجُ لدراسةٍ مُفَصَّلةٍ خاصةً، تَكشف عن مَزيدٍ من مَنهجه في التُّحفة، ولكني اقتصرت في بَحثي هذا على ما توافق فيه العلائي وابن العراقي في الوهم، ومنه التَّصحيف في اسمِ راوٍ، والخطأ في العزو والتخريج.

• وأَخْتم بتوافقهما على الصَّواب في مُخالفة ابن أبي حاتم الذي جَعل الراوي الواحد اثنين.

وإنْ كان لي من تَوصيةٍ في خِتام بحثي، فإنِّي أدعو إلى مَزيدِ اهتمامٍ من المُشتغلين بالحديثِ وعلومِه بكلِّ ما يَصنَع عَقلية باحثٍ يُؤيدُ ويُعارضُ ويُناقش ويُرجِّح ويُضيف، ويَكشف ما غَمض من عبارات العلماء، ويَحلُّ ما أَشكلَ من أقوالهم، ويُجَلِّي ما وقعَ فيه المُصنِّفون مِنْ أوهامٍ وأخطاء، إلى غيرِ ذلك مما يَتضمن تَوضيحًا لمناهجهم في مصنفاتهم.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.

 

حوالہ جات