Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Rahat-ul-Quloob > Volume 2 Issue 2 of Rahat-ul-Quloob

آداب الحوار في القرآن الكريم والسنة النبوية صلى الله عليه وسلم |
Rahat-ul-Quloob
Rahat-ul-Quloob

Article Info
Authors

Volume

2

Issue

2

Year

2018

ARI Id

1682060029185_327

Pages

311-336

DOI

10.51411/rahat.2.2.2018.48

PDF URL

https://rahatulquloob.com/index.php/rahat/article/download/48/345

Chapter URL

https://rahatulquloob.com/index.php/rahat/article/view/48

Subjects

Dialogue Ethics Islamic Law Qur’an Sunnah Dialogue Ethics Islamic Law Qur’an Sunnah

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنامحمدخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله تبارك وتعالى عن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. إن الإسلام دين الحوار ولا توجد ملة من الملل اعطت للحوار أهمية ووضعت له قواعده وضوابطه وآدابه كملة الإسلام. ولن يعدم المحاور قاعدة منطقية للحوار إلاوجدد ليلهامن كتاب الله وسنة رسول اللهﷺ. فإن الإسلام يعتبر الحوار امرا ضروريا بين الناس لأنه وسيلة من أهم وسائل التواصل بينهم ولا يمكن للإنسان أن يستغنى عن التواصل مع غيره، لأن طبيعة الحياة وتبادل المصالح والمنافع بين بني البشرامرلامناص منه.

 

إن الاختلاف بين الناس في شئون دنياهم أودينهم أمر قديم وسيبقى قائما ولذا جاءت الشريعة الإسلامية من المبادئ والآداب ما ينظم هذه الخلافات التي تحدث بين الناس. فنحن بحاجة شديدة إلى معرفة أحكام الحوار وآدابه للتحاور في مجالسنا، أو في محاضراتنا، أو في مجال الدعوة إلى الله جل وعلا، فالحوار ليس مقتصرا على المراكز التي تقام لأجله، ولا الحوار ينحصر في المناقشات التي تكون بين الأشخاص في مجالسهم فقط، بل الحوار يشمل كذلك المناقشات التي تكون في مجال الدعوة إلى الله عزوجل فعندما تلتقي مع شخص عنده فكرة مخالفة للشرع، سواء كان ذلك في العقائد، أو في الاخلاق، أو في العبادة، وتريد أن تناقشه، وأن تبعد ما في ذهنه من فكر سيء، فلا بد أن تلتزم بآداب الحوار.

 

يشتمل هذاالبحث من مقدمة واربعة مباحث وخاتمه وتوصيات وذلكعلى النحوالتالي:

 

المبحث الأوّل: مفهوم الحوار واهميته ومشروعيته

اولاً: تعريف الحوار

الحوار لغة: أصله من الحور-بفتح الحاء وسكون الواو، وهو الرجوع عن الشئ، وإلى الشئ. ويقال:

 

حار بمعنى رجع. وهم يتحاورون أي يتراجعون، وحاورته: راجعته الكلام، والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وكلمته فماحار جواباً[1]. فالحوار هو المراجعة في الكلام. فال القرطبي:) والله يسمع تحاوركما) [2] تحاورك أي تراجُعك الكلام[3]. ويقول الإمام الزمحشري: يحاوره أي يراجعه الكلام من حار يحور إذا رجع. وسألته فما أحار كلمة، ومنه قوله تعالى:) إنه ظن أن لن يحور) [4]أي يرجع إلى ربه[5]. ويأتي الحوار بمعنى المجاوبة. والتحاور التجاوب. ويقال كلمته فما أحار إلى جوابا، وما رجع إلى حويراء ولا محورة ولا حوارا. أي ما رد جوابا وفي القاموس المحيط: الحاورة: الجواب، وتحاوروا: تراجعوا الكلام بينهم، والتحاور التجاوب. ويأتي الحوار بمعنى المخاطبة، ويقول الطبري: قوله تعالى: (وهو يحاوره) [6]: وهو يخاطبه ويكلمه[7].

 

الحوار في الإصطلاح:

هوالحديث بين اثنين أو أكثر، يتم فيه تبادل الكلام بينهما بطرقة متكافئة فلايستأثربه أحدهمادون الآخر. ويغلب عليه الهدوء والبعدعن الخصومة والتعصب[8]. والحوار: حديث بين طرفين أوأطراف عدة لعرض وجهات النظربينهم حول مسألة متنازعة عليها، بقصد التوصل إلى حل مناسب، أو نتيجة مناسبة[9].

 

ثانيا: الفرق بين الحوار والمناظرة.

ان ثمة توافقا أن الحوار والمناظرة، في كون كل واحد منهما محادثة بين طرفين. ويفارق الحوار المناظرة نفي كونه لايقوم على وجودالتضاد بين المتناظرين، والخصومة. وإنما المناظرة هي التي تقوم على وجود التضادبين الطرفين، للاستدلال على إثبات أمر يتخاصمان فيه نفياوإيجابا، بغية الوصول إلى الصواب. والحوار بمفهومه الواسع، يضم المناظرة وغيرها، بمعنى أن المناظرة فرع من المحاورة، فالمحاورة في أصلها، مجردعرض لوجهتي نظر[10]. المناظرة قريبة من معنى الحوار إلا ان المناظرة أدل في النظر والتفكر، كما أن الحوار أدل في مراجعة الكلام[11]. ويرى الدكتور القرضاوي: أن كلمة المناظرة، توحي باتحدي، وإرادة الغلبة، ومحاولة كل طرف أن يصيب الآخرفي مقتل[12]. وبناء

 

على كلام القرضاوي فالمناظرة تكون أقرب للجدال من الحوار.

 

ثالثا: الفرق بين الجدال والحوار:

الحوارو الجدال يلتقيان في أنهما حديث أومناقشة بين طرفين، ولكنهما يفترقان بعد ذلك. فالجدال في الأغلب هواللد في الخصومة، وما يتصل بذلك، من العناد والتمسك بالرأي والتعصب، بخلاف الحوار، فهو مراجعة الكلام منخلال الحديث بين طرفين. ينتقل من الأول إلى الثاني ثم يعود إلى الأول وهكذا دون أن يكون بين هذين الطرفين ما يدل بالضرورة على وجودالخصومة فالحوار والجدال بينهما عموم وخصوص.

 

وفي القرآن الكريم ما يدل على الفرق بينهما، حيث ذكر الجدال في مواضع غير محمودة كقوله تعالى: ولاتجدلو أهل الكتب[13]. . . . . .) . وقوله: ومن الناس من يجدل في الله بغيرعلم ولا هدى[14]. . .) بخلاف المحاورة التي وردت في القرآن الكريم محمودة في كل المواضع.

 

أهمية الحوار:

إن الحوار بصفته ضرورة بشرية من حاجة الناس إلى فهم بعضهم البعض، فعن طريق الحوار يفهم بعضهم بعضا، ونتحاور مع الآخرين، فنتحاور مع أبنائنا، ونحاور مع أهل الكتاب، كما قال تعالى: (قل ياأهل الكتاب تعالو إلى كلمة سواء بيننا) [15]. فإن الإنسان لايستطيع العيش دون اتصال بالآخرين فترة طويلة؛ لأن الإتصال يحقق له وجوده بصفته كائنا اجتماعيا، ويسمح بتبادل الأفكار ونقلها بين جميع الأطراف، إما بالعطا أو بالأخذ والتلقي.

 

والإختلاف بين البشر أمر فطري، وحقيقة بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، كما قال تعالى (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن) [16]. والخلاف واقع في الأمة، كما قال سبحانه وتعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين) [17]وإن الحوار يعالج قضية الإختلاف من خلال كشفه مواطن الإتفاق ومثارات الإختلاف؛ لكتون محل النقاش والجدل بالتي هي أحسن لمعرفة ما هو أقوم للجميع، ولذلك كان من أبرز أهداف الحوار تأكيد أن الغاية الأساس منه ليست الوصول بالطرف الآخر إلى قناعة المحاور وإلغاء قناعة الطرف الأول الفكرية، وإنما هي إظهار الحق المدعم بالبراهين والأدلة[18].

 

إن الحوار الهادف يسمو بالأمة، ويرتقي بأبنائها وأفرادها على اختلاف حالاتهم و مستوياتهم، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، حكاما ومحكومين، معلمين ومتعلمين، آباء او أبناء، أمهات وبنات. كل ذلك من أجل بناء النفس البشرية وتنمية الشخصية، التي تعد أكثر أهمية من بناء المباني والعمران، وتشييد القصور والجسور. إن الاتصال بالناس أمر بالغ الأهمية، يتوقف عليه النجاح والتوفيق أو الإخفاق، فلو سألت رجال القانون أوالمهندسين أومحللي النظم أو السكرتارية عن السبب وراء كل إحباط وفشل، هل هو الجانب الفني في وظائفهم أم هوالتعامل مع الناس؟ فسيجمعون على أنه التعامل مع الناس، ذلك الأمر الذي يتسبب كل يوم في العديد من المشكلات. ونجاح الإتصال بالناس مرهون بالرسالة التي يرسلها الإنسان، وتلك التي يستقبلها. مرهون بما يقول ويسمع، وبكل ما يظنه بالآخرين[19].

 

مشروعية الحوار

أولا: الحوار في القران الكريم:

عني القرآن الكريم بالحوار عناية بالغة، لذا لم تكن غريبة على لغة القران الكريم، فقد وردت في ثلاثة مواضع: اثنافي سورة الكهف: في قوله تعالى: (فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) [20] و في قوله تعالى: (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا) [21]. أما الموضع الثالث في صدر سورة المجادلة: (قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا) [22] . وقد تعددت و تنوعت أشكال الحوار و صوره و نماذجه في القرآن الكريم، ومنها:

 

الحوار ما بين الله سبحانه و تعالى مع الرسل:

قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ    مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[23]

 

الحوار بين الله سبحانه والملائكة:

قال تعالى: (  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ . . . . . وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [24]

 

الحواربين الله سبحانه وإبليس:

قال تعالى: (وَلَقَدخَلَقناكُم ثُمَّ صَوَّرناكُم ثُمَّ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ لَم يَكُن مِنَ السّاجِدينَ. . . . . . . لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُم أَجمَعينَ) [25]

 

الحواربين الرسل والأقوام:

قال تعالى: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ  قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ    قالَ ياقَومِ لَيسَ بي سَفاهَةٌ وَلـكِنّي رَسولٌ مِن رَبِّ العالَمينَ) [26]

 

وما إلى ذلك من نماذج الحوار في كتاب الله تعالى، كحوار بين أهل الجنة والنار[27]، وحوارالإنسان مع الطير[28]، و حوار الأنبياء مع الطغاة و الحكام و الجبابرة: [29]

 

ثانيا: الحوار في السنة النبوية:

و إذا انتقلنا إلى سيرة النبيﷺوأحاديث الشريفة وجدناها زاخرة بالحوار الهادف البناء المعطاء، ولا عجب في ذلك فإنه معلم الخير المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق، المرسل بالإسلام، في شريعته الجديدة المديدة، الإنسانية العالمية، فلابدله من أن يحاور الشرائع التي سلفت، وأن يحاور الناس المتصدين لدعوته، وأن يحاور أصحابه ليوطد بكل ذلك قواعد رسالته، ويبين طريق دعوته، ومن هذه الحوارات:

 

الحوار بين رسول الله والنساء:

عَنْ  [http: //library. islamweb. net/hadith/RawyDetails. php?RawyID=3260 أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِﷺ فِي أَضْحًى أَوْفِطْرٍإِلَى الْمُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ, فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ  تَصَدَّقُوا، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَامَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَأَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَارَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَارَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّاصَارَإِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ يَارَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ زَيْنَبُ، فَقَالَ: أَيُّ الزَّيَانِبِ، فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: نَعَمْ ائْذَنُوا لَهَا، فَأُذِنَ لَهَا، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّﷺ: صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِم". [30]

 

الحوار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم و الصحابة:

(عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا) قَالَ أَنَسٌ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَالَ أَنَسٌ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مَدْخَلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ النَّارُ. فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ. قَالَ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي سَلُونِي، فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِﷺ حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّي فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) [31]==۔ ==وهناك عدة نماذج توجد في سيرة رسول الله كحوار رسول مع عتبة بن ربيعة[32]. وحواره مع معاذ رضي الله عنه[33]. 

 

آداب الحوار:

إن لفنّ الحوار آدابا ينبغي الإلمام بها ولا أن آداب الحوار منثورة من القرآن الكريم والسنة النبويةﷺ وهي كثيرة متنوعة. ولافرق إن كان هناك حوار بين المسلم وغير المسلم، هنا عرض هذه الآداب في ثلاثة مباحث:

 

المبحث الأول: آداب الحوار النفسية:

آداب الحوار النفسية التي تتعلق بنفسية المحاور وشخصه، وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحورا فتؤثر عليه تأثيرا سلبيا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يتحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته:

 

أولًا: تهيئة الجو المناسب للحوار:

فلابدمن الابتعاد عن الأجواء الجماعية والغوغائية، لأن الحق قد يضيع في مثل هذه الأجواء. كما ينبغي اختيار المكان الهادئ وإتاحة الزمن الكافي للحوار. كما ينبغي مراعاة الظرف النفسي والاجتماعي للطرف الآخر، فلا يصلح أبدًا أن يتم الحوار مع شخص يعاني من الإرهاق الجسدي أو النفسي، لأن هذه الأمور ستؤثر في الحوار.

 

ومن الوسائل في تهيئة الجو المناسب للحوار: # التعارف بين الطرفين.

  1. طرح أسئلة في غير موضوع الحوار لتهيئة نفسية الطرف الآخر.
  1. التقديم للحوار بكلمات مناسبة ومقدمات لطيفة تلفت انتباه الطرف الآخر. [34]

 

 

 

ثانيًا: الإخلاص وصدق النية:

ينبغي للمحاور أن يدخل العملية الحوارية وهو متأكد أولا: من أن نيته لله عز وجل، وهذا شرط الفلاح والنجاح، لذا ينبغي أن يحذر من الرياء أو الحرص على ثناء الناس وإعجابهم به، كأن يقال: (فلان بارع أو مثقف، فهذا محبط للعمل) فقد روي أن أحد الأبناء قال لأبيه يا أبت أراك تنهانا عن المناظرة وقد كنت تناظر فقال له أبوه: يا بني كنا نتناظر وكأن على رأس أحدنا الطير مخافة أن يزل صاحبه وأنتم تتناظرون وكأن على رأس أحدكم الطير مخافة أن يزل هو فيغلبه صاحبه. [35]

 

ولقد ساق الإمام الغزالي في كتابه"إحياء علوم الدين" جملة من الآداب التي يجب أن يتحلى بها المتناظران في مسألة معينة، فقال: " السادس: أن يكون - أي المتحاوران – في طلب الحق كناشد الضالة، لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لاخصمًا ويشكره إذاعرفَّه الخطأ، وأظهر له الحق. . . فهكذا كانت مشاورات الصحابة، حتى أن امرأة ردت على عمر رضي الله عنه: ونبهته على الحق وه في خطبته على ملأ من الناس، فقال: (أصابت امرأة وأخطأ عمر) [36]. فكل عمل في الإسلام صغيرا أو كبيرالا بدّ فيه من النية الخالصة لله عزوجل لقوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ) [37] ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) [38] والحوار عمل من الأعمال ولا بد فيه من نية خالصة لله تعالى.

 

ثالثًا: الإنصاف والعدل:

ومن الآداب الأساسية في الحوار هو العدل والإنصاف، والإنصاف لون من العدل الذي أمرنا به حتى مع المخالفين، قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [39] وقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) [40]. ومن تمام الإنصاف قبول الحق من الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة، ومن نماذج الإنصاف ما ذكره الله تعالى في وصف أهل الكتاب: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) [41].

 

رابعًا: التواضع وحسن الخلق:

التواضع خلق كريم، يزيد صاحبه رفعة وعزًا، ويحببه إلى قلوب الآخرين، إذ من تواضع لله رفعه، ومن تكبر عليه أو على عباده أذله ووضعه، لأن الكبرياء من أخص صفات الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الحديث (قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) [42] وقد فسر النبيﷺ الكبر بأنه (من بطر الحق وغمط الناس) [43] لذا فإن الحوار أو النقاش الذي يدور بين الناس إذا كان يقوم على التواضع والاحترام المتبادل بين الأطراف، وعلى الأسلوب المهذب الخالي من كل مالا يليق، فإن نتائجه تكون طيبة وآثاره حميدة. . .، أما الحوار أو النقاش الذي يكون مبعثه الغرور والتعالي والتفاخر والتباهي بالأقوال، فمن المستبعد أن يأتي بنتيجة توصل إلى حق أو حقيقة. والتكبر أمر مذموم وهو مرض إبليس الذي أخرجه إلى الكفر، والناس لا يقبلون من متكبر أنا كان موقعه أو منصبه أو مكانته، فإن قبلوا منه لمكانة له أو سلطان فعلى مضض وكره وتربص إلى حين. . ولذا أوصى لقمان ابنه بقوله (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [44]

 

والمحاور المتواضع يحمله تواضعه على احترام الآخر مسلمًا كان أم كافرًا، فالإسلام يأمرنا أن ننزل الناس منازلهم"فإذا كان الحوا مع شخص مهم أو كبير في السن أو يحتل منصبًا مهمًا سياسياَ أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا ينبغي أن نحفظ له حرمة المنزلة التي يحتلها حتى لو كان مسيحيًا أو يهوديا أًو وثنيًا ونختار الألفاظ المناسبة لمكانته ونجامله بالحق ونثني عليه على ما فيه من جوانب إيجابية، وهذا كله لا ينافي عزة المؤمن. وأن للإنسان من حيث هوإنسان كرامة وفضل بخلق الله له بيديه ونفخ فيه من روحه كما قال سبحانه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [45] وكان النبيﷺ يظهر الإحترام الكبير لكل من خالفه في الدين إذا لم يكن منه أذى أو اعتداء. و أدب قرآني ولاغرو فقد كانت أخلاقه هو أخلاق القرآن العليا.

 

خامسًا: الحلم والصبر:

يجب على المحاور ان يكون حليما صبورا، والمحاور الناجح هو الذي يتسلح بالصبر وسعة الصدر، إذا خالفه الآخر بالرأي، والصبر يعني المرونة والإيجابية في التعامل والقدرة على استيعاب الرأي الآخر مهما بدا غريبًا أو شاذًا. فمن أهم آثار الصبر وسعة الصدر القدرة على منح الآخر فرصته في التعبي عن رأيه أ موقفه بكل حرية، كذلك كفالة حق الرد له بعيدًا عن أية ممارسة قهرية أو مصادرة استبدادية "واكتساب هذه النفسية مشروط بداية بنزع دعاوى احتكار الحقيقة والحق، تلك الدعاوى التي إذا هيمنت على ذهنية أحد دفعته إلى رفض إمكانية أن يشارك الآخرون في امتلاك الحقيقة أو الحق أو بعض أطرافها[46]. وقد جاءت الشريعة بالترغيب في الحلم وبيان فضله، قال النبيﷺ لأشجّ عبد القيس (إنّ فيك خصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة) [47].

 

سادسا: العفو والصفح:

ومن الآداب الإسلامية العفو والصفح، وإذا اعتدى أحد المتحاورين على الآخر؛ فيستحب للآخر أن يصفح عن خطأ مقابله، وأن يتجاوز عن خطئه، وأن يعفو عنه، فإن العفو والصفح من الأخلاق الإسلامية التي رغّبت فيها الشريعة، قال تعالى (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [48] وقال (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‏ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [49] ثم بين الله –جل وعلا- أنه أعدّ لهذا الصنف جنات يوم القيامة. وقد أمرالله نبيه عليه السلام بأخذ العفو وإعذار الناس وترك الإغلاظ عليهم كما في قوله (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [50]. والعفو والصفح أبلغ من كيد الغيظ ورد الغضب، لأن العفوترك المؤاخذة، وطهارة القلب والسماحة عن المسيء، مغفرة خطيئته. وأعظم من ذلك هو دفع السيئة بالحسنة، ومقابلة فحش الكلام بليّنه، والشدة بالرفق وردالكلمة الجارحة بالكلمة الطيبة العذبة، والسخرية والإحتقار بالتوقير والإحترام، وهذه منزلة لا يصل إليها إلا من صبر وكان ذا حظ عظيم: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [51]

 

سابعا: الرحمة والشفقة:

إن المحاور المسلم المخلص الصادق يحرص على ظهور الحق، ويشفق على خصمه الذي يناظره من الضلال، ويخاف عليه من الإعراض والمكابرة والتولي عن الحق. فالرحمة والشفقة أدب مهم جدًا في الحوار، لأن المحاور يسعى لهداية الآخرين واستقامتهم فلذلك يبتعد عن كل معاني القسوة والغلظة والفظاظة والشدة. فلا يكون الحوار فرصة للكيد والانتقام، أو وسيلة لتنفيس الأحقاد، وطريقة لإظهار الغل والحسد، ونشر العداوة والبغضاء.

 

والرحمة جسر بين المحاور والطرف الآخر، ومفتاح لقلبه وعقله وكلما اتضحت معالم الرحمة

 

على المحاور كلماانشرح صدر الخصم، واقترب من محاوره وأذعن له واقتنع بكلامه. يقول سبحانه مخاطبًا نبيه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [52] ولذلك كان الأنبياء في حوارهم مع أقوامهم يصرحون بالخوف والحرص والشفقة عليهم. ومن نماذج ذلك تصريح مؤمن آل فرعون لقومه بالرحمة والشفقة والخوف عليهم في أكثر من موضع. قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ) [53] ولاشك أن النصوص قدوردت بالترغيب في رحمة الخلق، يقول النبيﷺ (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) [54] ويقول: (من لايرحم الناس لايرحمه الله) [55].

 

ثامنا: حسن الإستماع:

إن حسن الإستماع للآخرين يشعرهم بأهمية ما يقولونه والجدية في التحاور معهم والثقة في الوقت ذاته فيما عندنا، هذا هو فن الإستماع للآخر وعدم الحرص على الكلام بدلا منه لأن هذا الطمع يزهدنا في حديث الآخرين. [56] والمتحدث البارع هو المستمع البارع، الذي لا يقاطع من يحاوره، بل يشجعه على الحديث ويصغي إليه باهتمام، "إن كثيرًا من الناس يخفقون في ترك أثر طيب في نفوس من يقابلونهم لأول مرة لأنهم، لا يصغون إليهم باهتمام، إنهم يستمعون بنصف أذن، إنهم يحصرون همهم فيماسيقولونه لمستمعهم، فإذا تكلم المستمع لم يلقوا له بالا، علمًا بأن أكثر الناس يفضلون المنصت الجيد على المتكلم الجيد. [57] لابد للمحاور الناجح أن يتقن فن الاستماع، فكما أن للكلام فنًا وأدبًا، فكذلك للاستماع، وليس الحوا من حق طرف واحد يستأثر فيه بالكلام دون محاوره، ففرق بين الحوار الذي فيه تبادل الآراء وبين الاستماع إلى خطبة أومحاضرة. ومما ينافي حسن الاستماع: مقاطعة كلام الطرف الآخر، فإنه طريق سريع لتنفير الخصم إضافة إلى مافيه من سوء أدب، كما أنه سبب في قطع الفكرة ممايؤثر على تسلسل الأفكاروترابطها، ويؤدي إلى اضطرابهاونسيانها. وقدذكر العلماء في آداب المتناظرين: ألايتعرض أحدهما لكلام الآخرحتى يفهم مراده من كلامه تمامًا، وأن ينتظركل واحدمنهما صاحبه حتى يفرغ من كلامه، ولايقطع عليه كلامه من قبل أن يتمه. والاستماع إلى الطرف الآخر وحسن الإنصات، تهيئ الطرف الآخرلقبول الحق، وتمهد نفسه للرجوع عن الخطأ[58]

 

آداب الحوار العلمية:

وأعني بها الأداب التي تتعلق بمادة الحوار الأصلية ومضوعاته الأساسية، والضوابط والأصول العلمية من حيث إيرادالمعلومات وترتيبهاوتقريرها أو ردهاوما يتعلق بذلك من أسس يجب اتباعها ومحاذير يجب اجتنابها حتى ينظبط الحوار، ويحقق نتيجته، ومنها:

 

أولا: العلم:

ومن آداب الحورالعلمية أن لا يتكلم الإنسان إلا بعلم، فلا يقول شيئا إلا وهو يعلم مستنده، ويعرف دليله، لئلا يكون ممن يتكلم في أمور لا يعرف الحق فيها، ولا يسندها إلى علم صحيح، قال سبحانه ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[59]، وخصوصًا إذا كان ذلك فيما يتعلق بشرع الله ودينه، فإن القول على الله – جل وعلا – بغير علم من أعظم الذنوب وأكبرها، قال – جل وعلا – ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾[60]، يعني أنه لا يوجد أحد أعظم إثما ممن يفترون على الله الكذب، وينسبون إلى الله ما لا يجوز نسبته إليه، وقال – جل وعلا – ﴿وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى﴾[61].

 

فعلى الإنسان أن يحذر من أن ينسب إلى شرع الله ما ليس منه، فإن ذلك من أعظم الذنوب، ولما ذكر الله عز وجلا لمحرمات قال سبحانه ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[62]. وقال جل وعلا ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[63]، فهذا يدعو الإنسان إلى الحذر من الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبه، فيجادل عنها، ويتكلم بها، ويحاور من أجلها، فهذا كله مخالف للشرع، ومن أعظم الذنوب، قال جل وعلا ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾[64] والعلم شرط أساس لنجاح الحوار وتحقيق غايته، وبدونه لا ينجح حوار، ويهدر الوقت ويضيع الجهد. فيجب على المحاور ألا يناقش في موضوع لا يعرفه، ولا يدافع عن فكرة لم يقتنع بها، فإنه بذلك يسيء إلى الفكرة والقضية التي يدافع عنها، ويعرض نفسه للإحراج وعدم التقدير والاحترام. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التأكيد على ضرورة العلم وأهميته لمن يتصدى للحوار: "وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل، كما ينهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجًا قويًا من علوج الكفار، فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعة[65].

 

ثانيا: البدء في الحوار بالنقاط المشتركة وتحديد مواضيع الإتفاق:

إذا كان المتحاوران مختلفين اختلافاً كبيراً فلا بد للمحاور الناجح من الابتداء بالنقاط المشتركة ليجذب الطرف الآخر وينشطه للتحاور، فمحاورة أهل الكتاب تبدأ من تقرير حقيقة أن هناك إلهاً خالقاً أرسل أنبياء من قبل. . هذا الاقتناع لا خلاف عليه بيننا وبين أهل الكتاب فهم يؤمنون بوجود الله وببعثة الرسل، ومن ثم نبدأ معهم في التحاور بذلك لأنه أصل مشترك. . ثم يتطرق الحوار بعد ذلك إلى خروجهم عن مقتضى الوحدانية بزعمهم أن لله تعالى أولاداً، كما قالت اليهود في عزير والنصارى في المسيح، وكإنكارهم بعثة النبي. . إلخ، إن الحوار " إذا بدأ بما هو موضع خلاف أو نزاع أو وجهات نظر متعارضة، فإن ذلك قد ينسف الحوار من أوله، أو على الأقل يغير القلوب ويكدّر الخواطر، إن المحاور الذي يبدأ بتقديم نقاط الاتفاق بينه وبين الطرف الآخر إنما يبدأ في الحقيقة بكـسب ثقته، ويبني معه جسـراً من التفاهم. . "[66].

 

ثالثا: التدرج والبدء بالأهم:

إن ترتيب موضوعات الحوار ومعرفة الأهم فالأهم وتحديده بوضوح يسهل كثيرا من مهمة المحاور كما يتضح ذلك في بدء الأنبياء عليهم السلام في دعوة قومهم بأهم قضية وهي الدعوة إلى الله وحده لا شريك له، فكان كل نبيّ يدعو قومه بقوله (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ) [67]. قالها نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام. كذلك يوسف عليه السلام عندما سأله صاحبا السجن كان جوابه بالأهم من ذلك فقال ([http: //quran. ksu. edu. sa/tafseer/tabary/sura12-aya39. html يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ] [http: //quran. ksu. edu. sa/tafseer/tabary/sura12-aya40. html مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ]) . [68] فيوسف عليه السلام بدأ معهما بالقضية الأهم وهي الأمر بتوحيد الله وعبادته يتدرج معهم فيها خطوة خطوة، ويعرضها بموضوعية فبدأ بسؤال مجرد يهز به فطرتهم ويوقظها (أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) وفي هذا السؤال جوابه فلا شك أن الواحد القهار خير وهو الذي له العبادة وحده[69].

 

إن المحاور الناجح هو الذي يصل إلى هدفه بأقرب طريق، ولا يضيع وقته فيما لا فائدة منه، ولا علاقة له بأصل الموضوع، فمعرفة الأهم والبدء به يختصر الطريق. و أوضح أمثلة على ذلك فيبدء الأنبياء عليهم السلام في دعوة قومهم بأهم قضية وهي الدعوة إلى الله وحده لا شريك له كما أسلفنا. ومع التأكيد على هذا الأدب - البدء بالأهم - فقد يحتاج المحاور إلى أن يتدرج ويتنازل مع خصمه، ويسلم له ببعض الأمور تسليمًا مؤقتًاحتى يصل إلى القضية الأم والمسألة الأهم. ومن نماذج هذا الأسلوب ما اتبعه إبراهيم مع قومه ليصل بهم إلى التوحيد وإبطال الشرك، كما قال سبحانه (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَارَبِّي) [70]  وهذا على وجه التنزل مع الخصم، أي ربي -بزعمكم- (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ) [71]  فبطلت عبادة الكواكب، ثم فعل مثل ذلك لما رأى القمر ولما رأى الشمس حتى وصل بهم إلى حد إبطال ما هم عليه من الشرك[72].

 

رابعا: التسلح بالدليل الناصع والبرهان الساطع:

إن أقوى ما يتسلح به المحاور الناجح هو البرهان والمنطق السليم، والذي من شأنه أن يلقم المكابر أو المعاند الحجة ويجعله لا يستطيع أن يمضي في جداله. وهذا هو منهج القرآن الكريم (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) [73]وقوله (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) [74] "والعقلاء دائمًا عندما تتضح لهم الحجة، ويظهر لهم البرهان، ويرون الدليل الساطع على صحة المسألة يقتنعون بذلك، ويعترفون بالحق، أما السفهاء والجهلاء والمغرورون، فإنهم يصرون على باطلهم ويجحدون الحق عن علم به، لسوء نواياهم، وضعف عقولهم، وانطماس بصائرهم. "[75] ومن الأمثلة القرآنية على ذلك ما حكاه الله عن إبراهيم عليه السلام وبين الملك الكافر الظالم في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) . [76].

 

خامسا: التدعيم بالأمثلة والحقائق:

إن المحاورالناجح والمتحدث الذكي هو الذي يحسن ضرب الأمثلة، وهو يستخدم هذا الأسلوب حينما يريد الزيادة في تأكيد المعنى الذي يريده، والتمثيل هو إلحاق أحد الشيئين بالآخر وذلك بأن نقيس الأمر الذي نريد إثباته على معروف عند المخاطب، أو على أمر بدهي لا تنكره العقول وتظهر الجهة الجامعة بينهما[77]. وللأمثلة دور كبير في تقريب المعاني والإقناع بها، ولقد اعتنى بها القرآن كثيرا، وأشار إلى أهميتها وبيان هدفها في قوله (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [78].

 

من فوائد ضرب الأمثلة: * وسيلة لإقناع المحاور بالفكرة الصحيحة.

  • وسيلة لتقريب وجهات النظر والتعبير عن المعاني وشرحها، والأمثلة الجيدة تزيد المعنى وضوحا.
  • تيسير الفهم وتثبيت المعنى في الذهن.

 

 

 

سادسا: الإعتراف بالحق والإقرار بالخطأ:

إن من أهم الآداب والصفات التي يتميز بها المحاور الصادق أن يكون الحق ضالته، فحيثما وجده أخذه، والعاقل هو الذي يسلم بخطئه، ويعود إلى الصواب إذا تبين له، ويفرح بظهوره، ويشكر لصاحبه إرشاده ودلالته إليه. والتسليم بالخطأ صعب على النفس، خاصة إذا كان في مجمع من الناس، فهو يحتاج إلى تجرد لله وصدق وإخلاص، وقوة وشجاعة[79]. من الأمور التي تنصف الخصم وتساعد على قبوله للحق -إن كان من أهله - أن يعترف المحاور بالخطأ ويقدم الإعتذار إن كان ثمة ما يوجب ذلك، وهو أدب قرآني تأدب به موسى عليه السلام في محاورة فرعون (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [80] لقد أعطى موسى النّصفة من نفسه وأقرّ بالخطأ، وهو أمر محمود بين للمحاور أنك صاحب حق تدافع عنه، ولا تبغي عن الحقيقة بديلا، ولا تدافع عن أهواء عنّت لك من هنا وهناك، إنك إذا صاحب قضية مؤمن بها منافح عنها، وهدفك في النهاية هو انتصار الحقيقة[81].

 

سابعا: إقامة الحجة على الخصم والتجنب عن الإفحام والتحدي:

فالهدف من الحوارهو الوصول إلى الحق على يد أحد المتحاورين، فإذا تجنب المحاور أسلوب الإفحام والتحدي من البداية فإنه يستطيع الوصول إلى هدفه دون أن يبغضه صاحبه لأنه قد يفحم الحصم ويعجزه عن الجواب وفي نفس الوقت يترك في نفسه حقدا وغيظا، وربما كسب القلوب أهم من كسب المواقف، وقد يحتاج المحاور أحيانا إلى التحدي والإفحام إذا كان يتحاور مع من همهم الجدال والاستهزاء وإثارة الشبه وتضليل الآخرين والإسائة إلى الفكرة؛ فلا بأس بالهجوم الحاد على مثل هذه النوعية لتوضيح وهن أفكارهم واضطراب اقوالهم وإزالة لددهم، لأنهم يريدون بذلك معارضة من خالف هواهم دون تدبر للحقائق، وهذا ما فعله سيدنا إبراهيم عليه السلام عند محاجته للنمرود، فاستعلى وامتنع عن قبول الحق، قال تعالى (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَر) . [82] وبذلك وقف وانقطعت حجته واضمحلت شبهته وبان كذب دعواه.

 

إن تحدي الآخرين وإفحامهم ولو كان بالحجة والبينة يثير البغضاء ويولد الضغينة في النفوس، ولاسيما إذا كان ذلك أمام ملأ من الناس. ولما كان الحوار لكسب العقول والقلوب معًا ينبغي على المحاور أن يتخلق بالرفق واللين فضلا عن البرهان المبين، فإن ذلك أوقع في القلوب، لذلك ينبغي على المحاور أن يبتعد عن أسلوب التحدي لأن كسب القلوب أهم من كسب المواقف، ولهذا تعتبر المعاملة الحسنة من الأساليب الاقناعية الناجحة لما لها من أثر جيد في لين الطرف الآخر وإقناعه، فهي تدخل شغاف القلوب وترققها وتعمق المشاعر وترطب الفكر وترخي السمع، وتشد الإنتباه. [83]. قال تعالى مخاطبًا نبييه الكريمين موسى وهارون عليهما السلام في شأن فرعون (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) . [84] قال القرطبي: " فإذا كان موسى أُمر بأن يقول لفرعون قولا لينًا فمن دونه أحرى بأن يقتدي بذلك في خطابه وأمره بالمعروف في كلامه". ([85]) وهكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى يتحبب إلى عدوه فرعون ويطالب رسوليه هارون وموسى بمخاطبته بالقول اللين رجاء أن يتخلى عن كفره ويؤمن بالله.

 

آداب الحوار اللفظية:

وأعني بها الآداب التي تتعلق بالألفاظ المختارة، والكلمات المنتقاة، والعبارات المناسبة. وحيث إن الحوار - غالبًا - ما تصاحبه الرغبة في الظهور على الخصم، والخوف من الانهزام أو الإحراج أمام الآخرين، فربما انعكس أثر ذلك على ألفاظ المحاور، فيزل لسانه، ويلقي كلمة خشنة. فلا بد للمحاور أن يدقق ألفاظه ويراعي كل عبارة يتفوه بها، حتى يستقيم الحوار، ويحقق نتائجه، ويؤتي ثماره. وأهم الآداب اللفظية:

 

أولا: الكلمة الطيبة والقول الحسن

لقد أمر الله عز وجل بدعوة الناس بالحكمة والموعظة حسنة، فقال سبحانه: ٱدعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوعِظَةِ ٱلحَسَنَةِ‌. [86]ومن القول الحسن أيضًا: حسن المناداة للطرف الآخر واختيار أحب الأسماء إليه، وقد تأدب الأنبياء بهذا الأدب في خطابهم لأقوامهم، فقد كان يقول الرسول لخصومه المعاندين: (ياقوم) في تودد وسماحة وتذكير بالروابط التي تجمعهم، ليستثير مشاعرهم، ويطمئنهم فيما يدعوهم إليه. إن حسن اختيار بعض الجمل أو العبارات المناسبة في بعض الأحيان يحل مشكلات ويفض اشتباكات. ومن الحوار الحسن: حسن البيان ببساطة العبارة بلفظ موجز، من غيرإطالة ولا تكرار، حتى لايخل بعض الكلام ببعض وكم ضاع حق بسوء عبارة، وظهر باطل بحسن طلاوة. ومن البيان ألا يسرع المحاور بعرض أفكاره فيعجز الطرف الآخر عن ملاحقته وأن ألا يبطء حتى لا يمل منه ويتركه. ومن البيان: أن يعرف متى يتكلم، ومتى ينصت، ومتى يجيب، وأن يطرّز كلامه بشواهد الشعر والنثر والحكايات بضرب الأمثال.

 

وهناك بعض الكلمات التي تفتح مغاليق القلوب وتعمل فيها فعل السحر مثل: * المناداة بالاسم الذي يحبه او بكنيته او بلقبه المستحق.

  • يطيب لي.
  • معذرة اسمح لي.
  • إن شهادتك العالية وعقليتك المتفحتة تجعلني أتكلم معك بصراحة.
  • تحدث في هذا الموضوع شخص فأبدى رأيه قائلا. . حبذا لو أخذنا من كلامه!
  • أقترح كذا.
  • نحن متفقان في غالب الأمور، واختلافنا في أمور فرعية.
  • إنني أحترم وجهة نظرك.
  • أشكرك على هذه الفكرة ولعلي وأضيف فيها إضافة صغيرة.
  • كنت سعيدا بالحوار مع شخص مثك، وأتمنى أن يكون بيننا لقائم مستمر.

 

 

 

وهناك كلمات قد تفسد الحوار: (أنا، نحن، رأيي، تجربتي، خبرتي، بيّن لي. . .) لأن استعمال ضمير المتكلم قد يوقع في مدح النفس، والتأكيد على الخيرة والعلم قد يوقع في فساد النية، ويترك انطباعا سلبيا لدى السامع يجعله ينفر منه، والإنسان بطبيعته يكره من يتعالى عليه. [87]

 

ثانيًا: التعريض والتلميح بدًلاعن التصريح

إن لفت النظر إلى الأخطاء من طرف خفي، وتجنب اللوم المباشر، وعدم تخطئة الطرف الآخر بعبارة صريحة، كل ذلك له أثره في تسليم الخصم للحق والرجوع عن الخطأ، فالنفوس غالبًا لا تتحمل أن تواجه بقوة وصرامة، وهناك من الألفاظ الموحية والكلمات اللطيفة والتي تؤدي الغرض نفسه، دون جرح لمشاعر الآخرين، أو إشعارهم بالذل والهزيمة. (ومن دقائق صناعة التعليم:   "أن يزجر المتعلم عن سؤ الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ولا يصرح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ، فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة، ويرث الجرأة على الهجوم بالخلاف، ويهيج الحرص على الإصرار؛ ولأن التعريض أيضاً يميل النفوس الفاضلة والأذهان الذكية إلى استنباط معانيه، فيفيد فرح التفطن لمعناه رغبة في العلم به ليعلم أن ذلك مما لا بعزب عن فطنته) . [88]

 

ولقد استعمل هذا الأسلوب كثيرا في الكتاب والسنة، فمن القرآن كنموذج:

 

أن موسى عليه السلام عرض بقومه حين ترددوا في ذبح البقرة وأجابوا في سفاهة وسوء أدب، واتهموا نبيهم بأنه يسخر منهم ويستهزئ بهم (قالوا أ تتخذنا هزوا؟) وكان رد موسى عليه السلام على هذه السفاهة أن يستعيذ بالله، وأن رد عليهم بالرفق والتعريض والتلميح، إلى جادة الأدب الواجب في جانب الخالق جل فلاه، وأن يبين لهم أن ما ظنوه به لا يليق إلا بجاهل بقدر الله لا يعرف ذلك لأدب ولا يتوخاه (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) [89].

 

ثالثًا: ثناء المحاور على نفسه أو على خصمه بالحق:

إن الكلام عن النفس ومدحها والثناء عليها، مذموم غالبًا، ولا يحب الناس أن يسمعوا ممن يملأ آذانهم بمناقبه وسيرته وأحواله وتقلباته، بل إن من يفعل ذلك ويفرح به ويكثر منه، يعد ناقصًا في عقله، أو ربما فاسدًا في نيته وقصده. وكما قال الإمام مالك: (إن الرجل إذا ذهب يمدح نفسه ذهب بهاؤه) . [90] وقد نهى الله عز وجل عن تزكية النفس والتمدح بطهارتها فقال سبحانه: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) . [91]وعاب أناسًا فعلوا ذلك فقال فيهم: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يمظلمون فتيلا) [92]. وفي المقابل فإن مدح الآخرين وإطراءهم والثناء عليهم بما ليس فيهم، وتجاوز الحد في ذلك، كل هذا مذموم ممقوت أيضًا. ولكن قد تكون هناك حالات يحتاج فيها المحاور إلى أن يثني على نفسه بالحق، لتحقيق غرض معين، كأن يشعر خصمه بمقدار علمه في موضوع الحوار أوفي مسألة من مسائله، أو لينفي عن نفسه تهمة أو طعنًا في صدقه وأمانته أو نحو ذلك، فهنا قد يسوغ ذكر شيء من محاسن النفس بقدر وبحق. وكذا قد يحتاج المحاور إلى أن يثني على الطرف الآخر-بالحق-لتحقيق غرض معين، كأنه يكون القصد إشعاره بالتقدير والاحترام، والاعتراف بفضله أو علمه. [93].

 

رابعًا: محاذيرلفظية:

إن للسان سقطات، وللكلام زلات، والمسلم مأمور بحفظ لسانه، كما أنه مأمور بطيب الكلام، وأن يقول خيرًا فيغنم، أو يسكت فيسلم، ويسلم الآخرون منه، وهناك أمور قد يقع فيها اللسان فتورد صاحبها الموارد، وقد تهوي بالحوار وتعطل سيره أو تحوله إلى جدل عقيم، أو تبادل سباب وشتائم، ولذلك ينبغي للمحاور أن يحذرها، فمن هذه المحاذير:

 

١ - اختيار الألفاظ والمعاني التي تقود إلى الجدل، أو تستثير الفتن والمشكلات.

 

٢ - إظهار التفاصح والتشدق في الكلام، تيهًا على الغير واستعلاء.

 

٣ - الغيبة: فإن المناظر لا ينفك عن حكاية كلام خصمه ومذمته، فيحكي عنه ما يدل على قصور كلامه وعجزه ونقصان فضله، وهو الغيبة.

 

٤ - الكذب: ربما لا يقدر المناظر على محاورة خصمه، فيلجأ إلى الكذب عليه، فينسبه الى الجهل والحماقة وقلة الفهم، تغطية لعجزه فيقع في الكذب.

 

٥ - تزكية النفس والثناء عليها بالقوة والغلبة والتقدم على الأقران، كقوله: لست ممن يخفي عليه أمثال هذه الأمور ونحو ذلك مما يتمدح به على سبيل الادعاء.

 

٦ - الاستئثار بالكلام دون الطرف الآخر، والإطالة الزائدة عن حدها وعدم مراعاة الوقت في أثناء الكلام.

 

٧- اللوم المباشر عند وضوح خطأ الطرف الآخر، كقوله: "أخطأت"، "سأثبت لك أنك مخطئ جاهل" ونحو ذلك مما يجرح الطرف الآخر.

 

٨- رفع الصوت أكثر مما يحتاج إليه السامع، ففي ذلك رعونة وإيذاء.

 

٩- الهزء والسخرية، وكل ما يشعر باحتقار الطرف الآخر.

 

١٠- استعمال الألفاظ الغريبة، والأساليب الغامضة، والعبارات المحتملة تلبيسا على الطرف الآخر، تمويها للحقيقة. إلى غير ذلك من المحاذير التي يجب على المحاور أن يبتعد عنها. [94].

 

الخاتمه

بعد الحمد لله تعالى والصلاة والسلام على سيد الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله واصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فقد توصلت إلى النتائج والتوصيات التالية.

 

==اهم النتائج==* قد اهتم الاسلام اهتماماً بالغاً بأدب الحوار واصوله وضوابطه ضماناً لسلامته من الشوائب وسعياً لتحقيق الاهداف المنشوده منه.

  • ان الحوار وسيلة من وسائل الدعوة لا يمكن الاستغناء عنها.
  • إن الادب في الحوار امرضروري ومبدأ أساسي لنجاح الحوار لان فقدان الادب وعدم مراعاة الظروف والمواقف قد يؤدي الى نتائج سلبية والتنافر والاختلاف بين المتحاورين.
  • لابدللمحاوران يكون متصفابآداب الحوارسواء نفسيه، علمية اولفظيه وانطباقاالشروط اللازمة عليه
  • ولاشك ان الحوار طريق صحيح ومنهج سليم الى اصلاح كثير من الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وشؤون الحرب والسلم وغيرها.
  • ان شواهد القرآن الكريم والسنة النبوية في الحوار من اهم الشواهد بها في الحوار.
  • الاهتمام والاتبعاء عن مخطوراته هو الشرط الاساسي لجمع كلمة الامة الإسلامية.
  • وجوب الاخذ بادب الحوار مع المسلمين و غير المسلمين.
  • إن الاصل في اختلاف وجهات النظران لايؤثرذلك على الاخوة والمودة بين المسلمين۔

 

التوصيات

اوصى في ختام هذا البحث بالتالي: # إعداد العلماء مؤهلين للحوار، ملتزمين بآدابه، يملكون قدرة الإقناع والرد.

  1. إعداد المحاضرات والدورات التدريبية من قبل الجامعات التعليمية.
  1. عقد الندوات والمؤتمرات العلمية في موضوع الحوار وآدابه.
  1. العمل على جعل الحوار مادة تدرس في الكليات والجامعات والمدارس الدينية.
  1. طباعة منشورات في الحوار وتوزيعها على المؤسسات التعليمية.
  1. إنشاءمركزفي الجامعات الاسلامية لخدمة الحوارالإسلامي اوتنظيم لجنة تقوم على تنظيم الحوار
  1. إصدار مجلة لخدمة الحوار في الجامعات الإسلامية بعنوان "مجلة الحوار".
  1. منع الدعاة المسيئين لأدب الحوار من الحوار مع المسلمين وغير المسلمين.


وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

حوالہ جات

  1. لسان العرب، محمدبن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دارالنشر: دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، مادة: ح و ر و القاموس المحيط، [http: //library. islamweb. net/newlibrary/display_book. php?ID=1&idfrom=1&idto=8553&bk_no=123 مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ]، دارالجیل، مادة، ح و ر
  2. المجادلة 1: 58
  3. تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري أبو جعفر، دار النشر: دار الفكر، بيروت، 1405، سورة المجادلة، 1: 58
  4. الإنشقاق14: 84
  5. تفسير الكشاف سورة الإنشقاق، 14: 84
  6. الكهف 37: 18
  7. تفسير الطبري، سورة الكهف: 37
  8. في أصول الحوار، إعداد: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ط1، دارالتوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة 1419هـ، صـ 11
  9. الحوار لغة الضعفاء أم الأقوياء، د. محمد علي جعلوك، دار الرتب الجامعية، ط1، 1999م، صـ 114
  10. الحوار والمناظرة في القرآن الكريم، خليل عبد المجيد زيادة، دار المنار، 1986م، صـ 18
  11. كيف تحاور د. طارق علي الحبيب، دارالمسلم للنشروالتوزيع، ط. الأولى، 1414ه صـ 8
  12. أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة، د. القرضاوي، مؤسسة الرسالة، ط. 12، 1411ه.، صـ 172
  13. العَنکبوت 46: 29
  14. الحَجّ3: 22
  15. آل عمران3: 64
  16. المائدة5: 48
  17. هود11: 118-119
  18. فقه الحوار مع المخالف في ضوء السنة النبوية، د. رقية طه جابر العلواني، مؤسسة جائزة نايف، المدينة المنورة، 1426 هـ، صـ 163
  19. الحوار: آدابه ومتطلباته وتربية الأبناء عليه، محمد شمس الدين خوجة، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالرياض 2008م، صـ 45
  20. الكهف 18: 34
  21. الكهف 18: 37
  22. المجادلة1: 58
  23. المائدة5: 116 – 117
  24. البقرة2: 30–ـ 33
  25. الاعراف7: 11- 18
  26. الاعراف7: 65- 67
  27. الاعراف7: 50
  28. النمل27: 20 – 25
  29. الشعراء26: 23 - 29
  30. صحیح البخاري، كتاب الزكاة، باب: 44، حديث: 1462
  31. صحیح البخاري، كتاب الاعتصام، باب: ما يكره من كثرة السؤال و تكلف ما لا يعنيه، و صحیح مسلم، كتاب الفضائل باب: توقيره صلى الله عليه وسلم و ترك إكثار سؤاله
  32. السيرة النبوية لابن هشام، عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، دار النشر: دار الجيل، بيروت، 1411، الطبعة الأولى، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، 1: 313، و حسن إسناده الألباني في تخريجه فقه السيرة للغزالي، ص 13
  33. البخاري، ابوعبد الله محمد بن اسماعیل، صحیح البخاري، دار النشر: دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، 1407ھ-1987ء، الطبعة الثالثة، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، كتاب الجهاد و السير، باب: الفرس و الحمار، و سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، كتاب الإيمان، باب: ما جاء في افتراق هذه الأمة
  34. الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة ليحيى بن محمد زمزمي، دار التربية مكة المكرمة، رمادي للنشر، دمام1414هـ، صـ 117
  35. في أصول الحوار، ص 37
  36. تفسير ابن كثير: تفسير سورة النساء
  37. الأنعام 6: 6
  38. صحیح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
  39. النساء 4: 135
  40. المائدة 8: 5
  41. آل عمران3: 113
  42. سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، دار النشر: دار الفكر، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، كتاب اللباس، باب: ما جاء في الكبر
  43. صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، كتاب البر والصلة، باب: تحريم الكبر وبيانه
  44. لقمان31: 18
  45. الإسراء17: 70
  46. التربية الحوارية، علي القرشي، المسلم المعاصر، العدد 88، ص 101
  47. صحيح مسلم،   [http: //hadith. al-islam. com/Loader. aspx?pageid=194&BookID=25&TOCID=9 كتاب الإيمان] ،   باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين
  48. النور24: 22
  49. آل عمران3: 133-134
  50. الأعراف7: 199
  51. فصلت41: 34
  52. آل عمران 3: 159
  53. غافر40: 31-33
  54. سنن الترمذي، كتاب البر والصلة و سنن أبي داود في كتاب الأدب
  55. صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب: رحمة الناس والبهائم
  56. الحوار في الإسلام، أ. د. عبد الله بن الحسين الموجان، ط1، 1427، جدة، صـ 86
  57. فنون الحوار والإقناع، محمد ديماس، إصدارمركزالتفكيرالإبداعي، دارابن الجوزي، ط. الأولى، 1420ه، صـ 35
  58. الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحى بن محمد الزمزي، صـ 236-246
  59. الإسراء17: 36
  60. الأنعام6: 21
  61. طه 20: 61
  62. الأعراف7: 33
  63. البقرة2: 168-169
  64. الأنعام6: 121
  65. درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ط1، 1401هـ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 7: 173 - 174
  66. في أصول الحوار، صـ56
  67. الأعراف7: 59، 65، 73، 85
  68. يوسف12: 39-40
  69. الحوار في الإسلام، صـ 91
  70. الأنعام6: 76
  71. الأنعام6: 76
  72. الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة للزمزمي، ص296-308
  73. النمل27: 64
  74. الأنعام6: 148
  75. أدب الحوار في الإسلام للدكتور محمد سيد طنطاوي، دارنهضة مصرللطباعة والنشر والتوزيع، 1997م، صـ 27
  76. البقرة 2: 258
  77. الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، صـ 302
  78. الحشر59: 21
  79. الحوار وقواعد الإختلاف، عمر عبد الله كامل، قدم هذا البحث في المؤتمرالعالمي حول موقف الإسلام من الإرهاب بجامعة الإمام محمدبن سعود الإسلامية الرياض، صـ 13
  80. الشعراء26: 19-20
  81. الحوار في السيرة النبوية، د. سيد علي خضر، رابطة العالم الإسلامي، مكة، صـ 206
  82. البقرة 2: 258
  83. فنون الحوار والإقناع، محمد ديماس، صـ 85.
  84. طه20: 44
  85. الجامع لأحكام القرآن، أبوعبدالله محمد الأنصاري القرطبي، تفسير سورة طه، 20: 44
  86. النحل 16: 125
  87. الحوار في الإسلام، عبد الله بن حسين الموجان، مكتبة الملك فهد الوطنية، مكة المكرمة، ط1، 1427ه، ص 106- 107
  88. إحياء علوم الدين، محمد بن محمد الغزالي أبو حامد، دار النشر: دار االمعرفة، بيروت، 1: 57
  89. البقرة 2: 67
  90. سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، مؤسسة الرسالة بيروت، 1412ه، 8: 109
  91. النجم 53: 32
  92. النساء4: 49
  93. الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، صـ 289 - 288
  94. نفس المرجع، صـ 296-297
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...