Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Rahat-ul-Quloob > Volume 2 Issue 2 of Rahat-ul-Quloob

حرية الفكر والتعبير عند الإمام بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله |
Rahat-ul-Quloob
Rahat-ul-Quloob

Article Info
Authors

Volume

2

Issue

2

Year

2018

ARI Id

1682060029185_746

Pages

268-288

DOI

10.51411/rahat.2.2.2018.46

PDF URL

https://rahatulquloob.com/index.php/rahat/article/download/46/343

Chapter URL

https://rahatulquloob.com/index.php/rahat/article/view/46

Subjects

Imam An-Naurasi human progress rights Imam An-Naurasi human progress rights

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

يبدو أن مفهوم الحرية ما زال يثير جدلاً كبيراً، فما زالت الرؤى تتعدد وتتنوع لتفسير معنى الحرية. . . قيدها البعض حتى جعلوها لا تتعدى الحركة في مساحة غرفة النوم، وبالغوا في جعلها مباحة على الاطلاق بلا قيود ولا موانع. [1]

 

الحرية فى اللغة:

الحرية اسم، والجمع حريات وهى الخلوص من الشوائب أو الرق. . والمصدر: حر والحرية: حالة يكون عليها الكائن الحى الذى لايخضع للقهر أو القيد أو قيود. .، ويتصرف طبقا لإرادته وطبيعته، خلاف عبودية.

 

==ومنها: حرية الاتجاه الفكرى: == حرية التعليم أو طلب العلم أو مناقشة بصراحة دون قيود أو تدخل.

 

==حرية الكلام: == القدرة على التصرف بملء الارادة والاختيار.

 

والحرية مذهب سياسىي يقرر وجوب استقلال السلطة التشريعية والسلطة القضائية عن التنفيذية ويعترف للمواطنين بضروب مختلفة من الضمان تحميهم من التعسف التى تمارسه الحكومات، نقيض مذهب الاستبداد بالسلطة==. ==

 

==ومنها تعريفات لكل مصطلح==: فالحرية الاقتصادية تعنى الاشارة إلى مذهب اقتصادى يبيح إعفاء التجارة الدولية من القيود والرسوم. حرية اقتصادية. حرية دينية. . وأخرى سياسية. . والحرية أن ذاك تتنوع معانيها. . . وهذا ما ذهب اليه المعجم الوسيط. وهذا التنوع يخضع للأغراض المتنوعة سواء الأجتماعية منه أو السياسية. فيراها قوم أنها إلغاء الضوابط غير الضرورية التي تفرضها سلطة ما. . وهذا من تفسيرات الثورة الفرنسية 1789م. وطالما

 

استعملت الحرية كوسيلة لاستقطاب الناس الي توجه سياسي معين باسمها.

 

تطور معني الحرية:

ثم تطورالبحث ليؤكد أن الحرية هي التحررمن القيودالتي تكيل طاقات الإنسان وانتاجه، سواء كانت قيوداً مادية أوقيوداًمعنوية، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة أو للذات، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص مالتنفيذ غرض ما، والتخلص من الإجبار والفرض[2]. لكن هناك تفسيرات متعددة للحرية، فهناك من قسمها إلى الحرية السالبة والموجبة، والحرية الخارجية والحرية الداخلية، وحرية الفرض الفردية والاجتماعية. . . وكلٌ قد أدلى بدلوه في مفهوم الحرية بصورة متفاوضة.

 

مفهوم الحرية عند الغرب:

نضع فى اعتبارنا أن الثورة الصناعية التى غمرت أوروبا وكان لها مردود اقتصادى. . قد سبقها عصر العلمانية الذى فصل الدين عن الحياة فأفرز ملحدين وقد كان مفكروا الثورة الفرنسية من الملحدين كما يقول المؤرخ (موسى الشريف) فى محاضراته الصوتية عن الثورة الفرنسية - على الشبكة العنقودية الالكترونية. أما جون لوك (1624-1714م) فيرى أن الحرية الكاملة هي التحرك ضمن القوانين الطبيعية وإمكانية إتخاذ القرارات الشخصية والقرارات بشأن الملكية الخاصة دون قيود، كما يريد الإنسان و دون أن يطلب هذا الإنسان الحق من أحد و دون التبعية لإرادات الغير أيضاً. ويرى فولتر1694-1778) م (فيلسوف الثورة الفرنسية الشهير أنه قد لا يؤمن برأي المخالفين، ولكنه يؤمن بأنه قد يقاتل لأجل حقك في التعبير عن رأيك. أما إيما نويل كانت الألماني ( (1724 – 1804 فهو يرى أن الحرية ليست (كما يؤمن آخر ويعتقد أن هذا هو الأفضل لي وللآخرين) إنها سعادتي فيما أرى أنا.

 

يقول "جولد تسهير": "إن الإسلام لم يعرف الحرية لأنها مصطلح حديث لم يطرح على الأفق إلا مؤخراً" وهو بذلك يتهم الإسلام بأنه لم يدرك الحرية إلا مؤخراً. [3]

 

وتتنوع التفسيرات للحرية وكلهم يلتمس عدم الإجبار وعدم القهر. . . . [4]

 

وغيرها من الآراء المتعددة والمتنوعة والتي تفسر الحرية ولكن وفق تفسيرات وأحوال كل منهم. . . فمثلاً شخصية جون لوك يرى من واقع الأحداث التي عاشها (الثورة الصناعية في أوربا) فقد نرها تأثر بالتفسير المادي للحرية حيث تأثر بالإقتصاد، ونرى "فولتين" وهو يفسر الحرية وفق رؤية الثورة الفرنسية. . . وفولتير كان ملحداً، يرفض القيود حتى على الدين ولكن يضمن رأيه، قال بأنه سوف يهاجم كل من يمنع رأيا. . . أما الألماني "إيما نويل كانت" فأنه واكب تكوين الاتحاد الألماني وكان قريب عهد به، لذلك فسّر الحرية بناء على الأحداث التي عاصرها. . . وهنا يمكن أن نقول أن الأحداث التاريخية لعبت دورها لدى كل هؤلاء وجعلت كل واحد منهم يفسر الحرية وفق ذلك.

 

تفسيرات أخرى للحرية:

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه40) قبل الهجرة -24ه (ـ: متى استعبدتم الناس، وقد ولد تهم أمهاتهم أحراراً؟ [5]. لكن الحرية التي علق عليها عمر بن الخطاب رضى الله عنه تخص حرية الإنسان منذ مولده، فلم ينتظر عمر أن تأتي أحداث لتحكم عليه فيتأثر بها. . . وإنما كان مؤمناً بأن كل بني آدم يولدون أحراراً. . . ونلاحظ استخدامه للفظ (متى) كأنه رضي الله عنه يقول: من أي زمن جعلتم الإنسان الذي خلقه الله حراً، جعلتموه عبداً. . . [6]

 

إذا يتبين لنا أن الحرية لا يتفهمها إلامن يَحيا بها، وهي مرتبطة بالحدث التاريخي أما في الإسلام فإنه الحرية ضد العبودية، والإنسان حر منذ خلق الله آدم عليه السلام.

 

ويؤيد هذا الرأي"سلامه موسى" (1887– 1958) أحد كتاب العلمانية في الشرق– معللاً ذلك بوجود الاحتلال. . . [7]والظاهر أن المسلمين قد اهتموا بمفهوم الحرية في مواجهة الاحتلال ومقاومة أهدافه ووسائل استبداده، ورفعوا شعار الوطنيات ليكون ضد الغرب الصليبي المحتل لدول المسلمين. [8]

 

والذي يطالع ذلك يظن أن رأي جولد تسهير قد وافق عليه البعض ومنهم أنور الجندي، وهذا غير صحيح لأن الحرية قد عاشها المسلمون قديماً ولم يكونوا بحاجة إلى تدوينها أو البحث فيها،

 

فهم يعيشون الحرية ليل نهار. أما ظهورها في "العصر الحديث فلأن الاحتلال قد قهر الدول الإسلامية ونشر فيها أمراض الاستبداد حتى خلق أجيالاً لم تفهم معنى الحرية لأنهم لم يعيشوا ذلك.

 

مفهوم الحريه عند المسلمين

يحسب للفلاسفة المسلمين الأوائل أنهم قد تكلموا عن الحرية الفردية والاجتماعية والذي ساعدهم على ذلك ما يسمى بحرية العقيدة. وقد يستلزم الامر الاستعانة برأي فيلسوف الإسلام ابن رشد (520 -595ه) الفيلسوف الإسلامي الشهير بالأندلس, إن ابن رشد وجد ان المتكلمين قد أفسدوا مفاهيم الحرية, لذلك وجه نقده الي فئة الجبرية الذين يرون, أن الانسان مجبر علي كل شئ وليس له دخل فيما يحدث منه. . ورد ابن رشد عليهم بأن الإنسان لو كان مجبرا علي كل الأفعال التي تتم بمقتضى المشيئة والقدرة الإلهية لسقطت المسؤلية والتكاليف وأصبح الإنسان مثل الجمادات وهذا غيرصحيح.

 

والتزم ابن رشد الوسطيه لذلك رد علي المعتزله الذي اطلقوا العنان لمفهوم الحريه ورأوا ان الانسان خالق افعاله، وهذا ايضالم يعجب ابن رشد لان لله دخل في الكون. ثم شرح ابن رشد معني الحريه فابن رشد معني الحريه فابن رشد رأي ان افعال الانسان ليست جبريه تماما وليست اختياريه تماما لكنهاتجمع بين الجبروالاختيار، وابن رشدهنا يوفق بين عالم الاراده الداخلي وعالم الاراده الخارجي

 

==فالداخلي: == متروك امره للانسان يختار فيه ماشاء من افعال بحريه تامه في حدود الاسباب المقدره سلفا.

 

==والخارجي: ==عباره عن الاسباب والعوائق والظروف التي اقدرها الله علي عباده جميعاوهي تسيروفق نظام محكم ومقدرسلفاوهذا م يعرف باسم القضاء والقدر عند ابن رشد. ثم رأي ابن رشد ان ارتباط عالم الاراده الداخلي، بعالم الارأده يحققان حريه الانسان دون تعارض مع القضاء والقدر.

 

الحرية عند فلاسفة المسلمين والاصلاحين في العصر الحديث:

لا شك أن أشهر من تناول الحرية من مفكري الإسلام هو عبدالرحمن الكواكبي (1855-

 

1902م) الذي نجح في بيان أحوال الاستبداد والمستبدين. [9]

 

إن الإسلام كان يَحيا بالحرية لذلك كان من الغريب أن نجد من يسيئ استخدام الحرية، الأمر الذي أغضب عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً". ومن اهم الاصلاحين الامام محمدعبده الذي يقول ان الانسان حرا بشهادة العقل و الشريعة. . . . . فالامام محمد عبده يعتبر أن العقل السليم يدرك بالبداهة دون الحاجة الي دليل او برهان أن الانسان حرا في اختيار افعاله لأن الانسان يختار افعاله بعقله ويقدر نتائجهابعقليه ومن هنا تنسب الافعال لصاحبها ويتحمل مسؤلية نتائجها دون الحاجة الي بحث او نظر. . . . ولذلك يري الامام محمد عبده ان الشريعة الاسلامية قامت علي مبداء الحرية الفردية لانها جاءت بالاوامر والتكاليف التي تضمن حرية الفرد انظرالي قوله تعالي (من عمل صالحافلنفسه ومن اساء فعليها) [10]ومن ثم فالامام محمد يري ان حريه الانسان ليست مطلقه وانما محدودة ومتناهية وهذا بشهادة العقل ايضا لان الانسان كما يختار من الافعال بحرية فانه مع هذا يشعران هناك ارادة اخري او قوة اخري تحيط به وتحد من حريتة المطلقة وبهذا فان الحرية المطلقة لا تتحدد الا بالذات الالهية، ولم يسترح مجمد عبده لأراء الجهمية وغيرهم في اعتبارهم ان حرية الإنسان في اختيار افعالة ليست شركا بالله. وصحح الإمام محمد عبده ان الشرك بالله يعني ان يعتقد الإنسان بوجود قوة اخري تفوق قدرة الله سبحانه. والقضاءوالقدر عند الإمام محمد عبده لا يعني الجبر والقهر والإلزام، ولا يتعارض مع حريةالإنسان. . ويمكن أن نعتبر أن الإمام محمد عبده جاء بمفهوم جديد بالنسبه للقضاء والقدر وهو أسبقيه العلم الإلهي، وان الله جل شأنه يحيط علما مسبقا بما يصدر عن الإنسان من افعال وأن العلم الإلهي لا يمنع خرية الإنسان لان كل ما يدخل في علم الله يتحقق بالضرورة. وفي طريق تصحيح المفاهيم. . . فان الإمام محمد عبده رأي ان التوكل ليس جبريه واستكانة وانما ثقة بالله جل شأنه.

 

ولذلك فرق بين التواكل والتوكل. . . ان التواكل لايعتمد علي اي عمل. . ومن ثم فهو سلوك قوم لا يأخذون بالاسباب التي انزلها الله !! ولذلك قام الإمام محمد عبده بالتاكيد علي معني التوكل واكد ان التوكل لايعني الجبر والقهر والإلزام والجمود والقعود عن العمل ولكن معناه الثقه بالله في السعي للعمل وفقا للعقل واراد الإمام محمد عبده من ذلك ان يستنهض المسلمين من اجل السعي للعمل والبحث عن الرزق وترك الخمول والكسل تحت شعار الدين وانهم فهموا حديث الرسول) " لو ان تتوكلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير في السماء تغدوا خماصا وتروح بطانا) . " [11]فهما خاطئا مما ادي الي تواكلهم وعدم السعي والبحث عن الرزق فان العقل والإراده الحرة التي تدفع الانسان الي السعي والبحث عن الرزق. [12]

 

الحرية في القرآن:

ورد معنى الحرية في القرآن الكريم، قد يأتي اللفظ نادراً وقد يأتي المعنى كثير، وهذه المواضع تؤسس لمعنى الحرية في كل شيء. ففي العقيدة يقول تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"[13] ويقول أيضاً: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"[14]وكذلك قوله عزوجل: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ۔ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ۔وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد۔ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ۔ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ۔ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين" [15]

 

وهذه الآيات – وغيرها – تفيد حرية العقيدة، وإن كان المرء قد أخذ حرية العقيدة فهل يقيد في غيرها؟! أن العقيدة هي أغلى ما في حياة الإنسان. وهناك آيات تدل على أن الإنسان حر، ولكنه سوف يسأله ربه عن عقيدته ومسلكه في الحياة، ومن هذه الآيات "قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ "[16]

 

وفي الإسلام آيات عديدة تبين أن هناك تعددية في الفهم والآراء، وأن المرء له اتباع ما يؤمن به، فإن الله تعالى لم يخلقهم ليجبرهم على رأي واحد، وإنما الاختلاف بين الناس هو في طبيعتهم، والله بعث الأنبياء والرسل وأنزل الكتاب حتى يحكموا فيما الاختلاف. قال تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"[17]"ومعنى هذا وجود حرية فيما يميل به وإليه الإنسان حسب ما يرى. ونجدها أيضاً في قوله عزوجل: "وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ

 

الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"[18].

 

ومن مجموعة الآيات وغيرها أيضاً قال الفلاسفة: إن الحرية في مفهوم الإسلام، ووفق المعاييرالإسلامية هي حرية مقيدة لبعض القيود، لأن الحرية المطلقة تعنى الفوضى المطلقة وتعنى الفساد المطلق، فلذلك جعلت هناك ضوابط تحجم سوء الانطلاق والإجابة للأنانيات والمطامع.

 

والذين يقرأون قوله تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى. . . . [19]" يجدون أن كلمة الحر تأتي عكس العبد، وبما أن العبدمقيدبأمر سيدة فإن الحر لا مانع له في شيء. . . فهو يفعل كل شيء إلاماكان في حدود الإضرار بالآخرين.

 

ولذلك وضع الفقهاء والفلاسفة المسلمين بعض الضوابط للحرية منها: * ألا تؤدي الحرية الفردية أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتفويض أركانه.

  • ألا تفوت حقوقاً أعظم منها، وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها.
  • ألا تؤدي حريته إلى الإضرار بحرية الآخرين[20].

 

 

 

الحرية في مفهوم النورسي:

أما الشيخ بديع الزمان النورسي فإن له رأياً في الحرية وهذا الرأي منبعه رؤية بديع الزمان النورسي فهي رؤية مستوحاة من روح الإسلام وتتلامس مع مفهوم الحرية عند مفكري الإسلام، فمفهوم الحرية عند النورسي هي الحياة التي يحياها الإنسا موافقة للشريعة المبنية على أساس مرتكزات ومبادئ الدين الإسلامي. [21]

 

والحرية كما قال فلاسفة الإسلام إن لم يوجد لها ضوابط كانت هي الفوضى بعينها[22] لذلك فإن النورسي يرى أن هذه الضوابط هي الإسلام لكن يحذر أن يفهم الناس

 

أن الإسلام قيد على الحرية، لا، ولكنه قيد على الفوضى والفساد.

 

يرى النورسي أن "الحرية الشرعية التي ترشد البشرية إلى سبيل التسابق والمنافسة الحقة نحو المعالي والمقاصد السامية، والتي تمزق أنواع الاستبداد وتشتتها والتي تهيج المشاعر الرفيعة لدى الإنسان، تلك المشاعر المجهزة بأنماط من الأحاسيس كالمنافسة والغبطة والتيقظ التام والميل إلى التجدد والتطلع إليها". [23]فالنورسي يرى أن المؤمنين في ظل الإسلام في سباق نحو العليا"وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ. . . . " [24]فهو يرى أن الحركة والانطلاق هي حرية، وداخل إطارها الشرعي كماحددها رب العالمين۔ ومن ثم النورسي يعتبرالحرية في هذا النطاق

 

هي ركيزة من ركائز النورسي التي يرى بها إقامة الحضارة وعلو شأن الإسلام.

 

إن النورسي هنا لا يتصور حياة بعيدة عن منهج إليه فالمفروض أن الحياة لا تكون مستقيمة إلا في معية الله وتحت شرعه وما كانت الأمم الأخرى لتحيا الحرية مطلقاً لأنها ستكون وفق الهوى. . . إن الثورة الفرنسية التي قامت في أوربا 1789م استمرت حوالي عشر سنوات تبحث عن شعار يستمر فكان شعارها (الحرية. . . .) ولكن لأجل هذا سألت دماء لا حصر لها ولا يمكن أن تحصى الدماء ولم ير لها حتى الآن توصيفاً، فبعضهم يراها ثورة سياسية شعبية، وبعض الفلاسفة من تلاميذ الغرب والعلمانيين يرونها ثورة لأجل التنوير. [25]إلا أن معالم الحرية لدى النورسي معروفة أنها مستوحاة من قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. "[26]. ويمكن لنا أن نلقى الضوء على رؤية النورسي للحرية من خلال تحليل النص السابق فهو يرى لأن* التسابق نحو المعاني والأقوم وهذا هو الجانب الروحي في الحضارة الإسلامية. [27]

  • مقاومة الاستبداد والقضاء عليه بقوة التسلح بالأخلاقيات والمبادئ الطاهرة،

 

 

 

الأمر الذي يعود على الاستبداد – بكل أنواعه – إلى التشتت والتمزق. [28] لأن الاستبداد لا خلق له أمام المبادئ والقيم إذا تحلوا بها المصلحون الصادقون. * أن أصحاب المعاني الخلقي هم الذين يقومون بحركات الإصلاح والتجديد.

 

 

 

أهمية الحرية الشرعية عند الإمام النورسي:

ثم يزيد النورسي الأمر إيضاحاً بقوله "أن الحرية الشرعية تعنى التحلي بأسمى ما يليق بالإنسانية من درجات الكمال والتشوق والتطلع إليها". [29]

 

ولم تكتمل الصورة النهائية للحرية عندالنورسي. . . . فقد زادمنهاتوضيحاً فيقول: "إن الحرية الشرعية عطية الرحمن، وتجل من تجليات الخالق الرحمن الرحيم، وهي خاصة من خصائص الإيمان". [30]

 

وهو هنا يرسل رسالة إلى أهل الإيمان يؤكد عليهم أن يحافظوا عليها ويعيشوا وفقها فهي تستنشق كالهواء.

 

والذي يريد الحرية ويطالب بها فإن الله حتما سيسانده ويدعمه ويمنحه إياها لأنها نعمة الله الأولى للإنسان الذي لا بد وأن يحيا بها. [31]

 

ولعل ما ذهب إليه النورسي يدعم رؤية البعض بأن الحرية للإنسان مقدمة على أي شيء، ولو لا الحرية لما استطاع الإسلام أن يؤسس دولة له، ولا يبني حضارة زاعت بين أرجاء الدنيا. . . . [32] وهذه الغاية. . . هي التي يصبوا إليها النورسي فمفهوم الحرية لديه لا بد وأن يكون في الإطار الشرعي فهي ضمان لعزة الإنسان وكرامته التي خلقها الله معه ومع كيانه، حين كرمه فوق الخلائق أجمعين بالعلم.

 

وهنا يقارن النورسي الحرية لدى الغرب أو لدى أصحاب الأهواء الذين يريدون الحرية بمعنى الفوضى كنموذج الثورة الفرنسية والتي كان روادها ملحدين[33]وبين الحرية الإسلامية. . . لا سيما وأن بلاده تركيا قد ظهرت فيها جمعية الاتحاد والترقى التي كانت مثل السرطان نهش في جسد الخلافة العثمانية، وكان الإسلام أبعد شيء عنهم. [34]

 

يقول النورسي "إنني عارضت الاتحاد والترقى المستبدة هنا، تلك التي أذهبت شوق الجميع وأطارات بنشوتهم وأيقضت عروق النقاق والتحيز وسببت التفرقة بين الناس، وأوجدت الفرق والأحزاب القومية، وتسمت بالمشروطية، بينما مثلت الاستبداد في الحقيقة، بل حتى لطخت اسم الاتحاد والترقى. ولكني لأنني قد عاهدت المشروطية الحقيقية المشروعة سأصنع الاستبداد إن قابلته في أي لباس كان، حتى لو كان لابساً ملابس المشروطية أو تقليد اسمها، وفي اعتقادي أن أعداء المشروطية هم أولئك الذين يشوهون صورتها بإظهارها مخالفة للشريعة، وأنها ظالمة فيكثرون بهذا أعداء الشورى أيضاً". [35]

 

ا==لإمام النورسي و عدم اقتناعه بالنظم البرلمانية من حيث منح الحريات: ==

 

وهنا نرى النورسى لم يقتنع بالنظم البرلمانية التى تزعم أنها تمنح الحرية. . فالحرية تحت ظلال النظم الاستبدادية ليست حرية. . إنها شبيهه بمن يقع فى السجن ثم نقل له من الممكن أن نتحرك ولكن في إطار حدود هذا السجن وتلك الحجرة. وجمعية الاتحاد والترقى لم تكن أبدا ترعى الإسلام وإنما جاءت لمحو هذا الدين وإسقاط الخلافة واقتلاعها من الجذور [36]وما قامت به من أكاذيب الحريات لم يرق لمستوي الاحترام. . فهى نظم فائمة- بالكذب – على إقامة الحريات ولكنها فى الواقع نظم غاية فى الاستبداد[37].

 

ويقف النورسى مليا ليبين الفرق بين مفهوم الحريات على أساس من الخلق والدين. . وبين أنه منبع الحريات هو قوله تعالى" وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ"[38]، وقوله تعالى " وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ"[39]، ، وهذاهومنبع الحرية فمن السهل أن ندرك أن الشرع ملزم وكان من الممكن الاعتماد على شرع الله دون أن يعترض أحد إلا أن الله أمر أن تفتح مجلات الشورى حيث المشاورات وإبداء الأراء وفق المصلحة الكبرى العامة، لكن الرؤية الغربية ترى القصور البرلمانى. . ويبين خطورة ذلك وإن كان الظاهرهو المصلحة العامة. . وهذا مايحير الكثيرمن أنصارالرؤية الفاسدة الذين يعطون الحرية كل المباحات وهب أن برلمان من هؤلاء وجد ضرورية إباحة الخمر، أو الربا أو فتح أبواب بيوت الخفا والعلاقات الحرام وكان هذاالقرار بموافقة هيئة برلمان ينطق بالحريات فما هذا إلا إفساد فى الأرض[40].

 

وبالطبع فإن رؤية بديع الزمان هنا فى مثل هذا الحال لاترى فى الحرية – التى على هذا النوع إلا الحرام. . الأمر الذى يجعل الأخريين يرويد النورسى ضد الحرية!! وهذا عجيب. . إن النورسى هنا يرى " أن أصحاب الأفكارالفاسدة يريدون الاستبداد و المظالم تحت ستارالحرية فلأجل الا نشاهد مرة أخرى تلك الاستبدادات التى دفنت فى حفرالماضى، ولاتللك المظالم التى جرت فى سبل الزمان أريد أن أقيم سدا حديديا بين الماضى والحاضر، وذلك بإيضاح تاريخ حياة الحرية وهى كالأتى:

 

الإمام النورسي ودور نظام الشورى في منح الحرية:

إن هذا الإنقلاب (الاتحاد و الترقي) لو أعطى الحرية التي أولدها إلى أحضان الشورى الشرعية لتربيتها، فستبعث أمجاد الماضى لهذه الأمة قوية حاكمة، بينما لو صادفت تلك الحرية الأغراض الشخصية فستنقلب إلى استبداد مطلق، فتموت تلك المولدة فى مهدها"[41].

 

أنه كمئات من الناس وقف منتظرا ظانين من جمعية الاتحاد والترقى أن تنهض بالأمة بعد كبوتها، ويجددوا انتصارات وأمجاد المسلمين السابقين. . وقد خُدع الشاعر أحمد الشوقى فى أتاتورك وافتتح قصيدته قائلا:

 

الله أكبر كم في الفتح من عجبيا خالد الترك جدد خالد العرب

 

وظن شوقى فيه خيرا فقال فى القصيدة نفسها:

 

ولا أزيدك بالإسلام معرفة كل المروءة فى الإسلام والحسب

 

لقد ظن الناس وقتها بفضل الإعلام المضلل أن راية الإسلام ونشره للحرية سوف يعود وأمجاد الدين فإذا بأحمد شوقى ير المصيبة الكبرى قد وقعت وسقطت الخلافة العظمى فالقى قصيدة يرثى فيها الخلافة قائلا:

 

عادت أغانى العرس رجع نواحٍ ونعيت بين معالم الأفراح

 

كُفنت فى ليل الزفاف بثوبه ودُفنتِ عند تبلج الإصباح

 

إلى أن وصف حال الشعوب الإسلامية بعد سقوط الخلافة قائلا:

 

الهند والهة ومصر حزينة تبكى عليك بمدمع سحاح

 

تحذير الإمام النورسي من حرية الديمقراطية الكاذبة:

إن النورسي قد تنبه منذ الوهلة الأولى أن أهل الفساد يغلفون الحرية باثواب ملوثة. . فإذا به يرضى بالمشروطية والتحولات الديمقراطية الكاذبة بالحرية ولكن مع بقاء الإسلام وبقاء حياته فيقول: " فأنا أنشر اليوم ذلك الخطاب لأنقذ المشروطية من التلوث و اُنجي أل الشريعة من اليأس، وأخلص أبنا العصر من هم الجهل والجنون، وانتشل الحقيقة من الأوهام والشبهات"[42].

 

وهنا نلاحظ على رأى النورسى بعص النقاط: * أنه استمر فى دعوته للدين فى أحلك الظروف وأصعبها.

  • إنه مازال يؤمن بالحرية خالصة دون شوائب وأغراض خبيثة.
  • إن المسلمين الذين عاشوا يأملون فى النصر وجدوا أنفسهم من المهزومين وهى سُنة كونية (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْن النَّاسِ [43]، لذلك فقد خاف على هؤلاء، وفى منهج الدعوة لابد من الداعى أن يقوي العزائم ويجدد الثقة.
  • أنه أراد إيقاظ المغفلين الذين صفقوا لهذا الانقلاب وعاشوا فى أوهام كاذبة واشتبه عليهم أن هذا الانقلاب فى صالح الاسلام.
  • محاولته إزالة الجهل والجنون من رؤس هؤلاء.

 

 

 

والنورسى هنايقوم بمجهود مركب مضعف. يفهم أولئك المخدوعين، من العلمانين وغيرهم فى الوقت ذاته يقوى عزم المؤمنين الذين يملأون قلوبهم بالحزن على ضياع الخلافة وتفكك العالمالإسلامى. .

 

الإمام النورسي و المشروطية المشروعة و الحرية:

وهذه الكارثة لم تجعل النورسى يكفر بالحرية. . بل ازداد إيمانه بها فنراه يقول: ". . إن سبب افتتانى بمحية معنى المشروطية هو أن المدخل الأول لتقدم آسيا والعالم الإسلامى فى المستقبل هو المشروطية المشروعة والحرية التى هي ضمن نطاق الشريعة، و أن مفتاح حظ الإسلام وسعده ورقية موجود فى الشوري التى فى المشروطية. . . فلتعش المشروطية المشروعة ولتندم الحرية النيرة المسترشدة بتربية حقيقية الشريعة"[44].

 

وهنانلمح ذكاءالنورسى فى عمل توازن منطقى. إن هناك بعض الأفكارتكره الديمقراطية ويرونها حراما لأنها مورد الغرب وصلت إلينا عن طريقهم. . وهذه أفكار جامدة لم تحقق التوافق الذى يراد للإسلام[45].

 

فالنورسى ليس من أولئك الذين وقعوا فى هذا اللبس، ورأى أن الديمقراطية مطلوبه للحفاظ على الإسلام. . فيقول". . إن المسلك الحقيقى للشريعة، إنما هو حقيقة المشروطية المشروعة بمعنى: أننى رضيت بالمشروطية بالدلائل الشرعية، وليس كما رضى بها بعض دعاة المدنية الغربية، إذ قبلوها تقليدا، وفهموها خلافا للشريعة. . لذا فلم أتنازل عن الشريعة ولم أعطها أتاوة لشئ"[46].

 

ونلاحظ أن النورسى هنا يثبت أن قبوله للمشروطية التى ألقيت علينا من الغرب لم يكن قبولا نظنه فيها صلاحاً بل لأنه أقام عليها الأدلة الشرعية ولم يكن قبوله لها من باب المواءمة أو قبوله لقهر النظم الجديدة.

 

تحذيرالإمام النورسي من التفسير الخاطئ للحرية:

من الواقع أن النورسى منذ اللحظة الأولى لإعلان المشروطية الثانية فى الدولة العثمانية فى تموز1908م صرف جل همه إلى إلقاء الخطب، وكتابة المقالات مبيناً فيها مفهوم الحرية فى الإسلام، وتأثيره الإسلام فى الحياة السياسية، ومطالبا بتحكيم الشريعة الغراء ومحذرا من التفسير الخاطئ للحرية حيث شعر بأن هناك محاولات خبيثة وأيدٍ خفية تحاول أن تستفيد من هذه (المشروطية) لخدمة أغراض مناهضة للإسلام[47].

 

وتأكيدا لذلك يقول: ". . بني وطنى لا تُسيئوا تفسير الحرية كي لا تذهب من أيديكم لا تصبوا العبودية العفنة فى قوالب براقة وتسقونا من علقمها، إن الحرية لا تتحقق ولا تنمو الاّ بتطبيق أحكام الشريعة ومرعاة آدابها"[48]. . إنه هنا يسعى لا نقاذ الحرية من سوء المفسرين لها، وسوء الاعتقاد فيها. . ثم يتطرق النورسى إلى مسألة الهجوم على الإسلام ويرى أن هناك مسؤلية مشتركة فى هذاالطعن. . ثم يجد فئة من المسلمين اعتقدوا- كما اعتقد لأوربيون- أن الشريعة هى الاستبداد وهذا ضد المشروطية وينتقد هؤلاء بشدة لأنهم تبنوا الموقف الراهن بالهجوم على الاسلام. . يقول النورسى"إن أوربا تظن الشريعة هى التى تمد الاستبداد بالقوة وتعينه! حاش وكلا. . إن الجهل والتعصب المتفشيان فينا قد ساعدا أوربا لتحمل ظنا خاطئا من أن الشريعة تعين الاستبداد.

 

"لذا تألمت كثيرا من أعماق قلبى على ظنهم السئ بالشريعة فكما أننى أكذب ظنهم فقد رحبت بالمشروطية باسم الشريعة قبل أى شخص. . لذا صرخت من أعماقي. . وقلت" أفهموا المشروطية فى ضوء المشروعية وتلقوها على أساس ولقنوها الأخرين على هذه الصورة كي لا تلوثها اليد القذرة لاستبداد جديد متستر ومحلد باتخاذ ذلك الشئ الطيب المبارك تُرسا لأغراضه الشخصية.

 

قيَّدُوا الحرية بآداب الشرع لأن عوام الناس والجاهلين يصبحون سفهاء وعصاة وقطاع طرق، فلا يطيعون، بعد أن ظلوا أحرارا سائبين بلا قيد وشرط"[49]. . .

 

الإمام النورسي و قاعدة "خذ ما صفا و دع ما كدر":

وهنا يظهر رأى النورسى بوضوح بأننا قد نكره كل ما يأتى من جهة الغرب. . وهذا خطأ فى التصور والاعتقاد إذ لا بد من وجود فلتر تجاه ما يأتى من الغرب. ويستخلص من الرأى السابق للنورسى بعض النقاط!* الرد على الغرب بأن الشريعةالإسلامية داعية للاستبداد والتشدد.

  • توجيه اللوم للأراء التى يصدرها الغرب ضد الإسلام وتوجيه اللوم لأولئك الذين يتبنون أراء الغرب
  • من بنى جلدتنا ويرددونها بلا وعى.
  • أن هناك تعصبا غربياً بغيظا ضد الإسلام جعل أوربا تحمل الظن الخاطئ فى المسلمين والإسلام.
  • أن المسلمين عليهم أن يقبلوا المشروطية بوعى الإسلام وليس بفهم الغرب ويقيدوها بتعاليم وأخلاق الإسلام حتى لا تكن فوضى خلقية تنهار معها القيم و الاخلاقيات.

 

 

 

وهذا التصور للحرية الغربية وتخليقها باخلاقيات الاسلام هى نقطة انطلاق فكرية واعية

 

جدا ترشد العقل المسلم. . إن الاسلام يكره الاستبداد عامة والاستبداد السياسى خاصة ولا معنى لوجود الدين فى حياة استبدادية[50].

 

الأمر الآخر. . أننا نلاحظ أن النورسى قد تعامل مع الواقع. . والواقع المكشوف أن أوربا والغرب فى سبيلهما للسيق الحضاري- سواءا اعترف المسلمون بذلك أم لا-وحتما هم يملكون المؤشر الدولى الموجه فى العالم اليوم وليس من حكمة الدعوة رفض كل ما يأتى من الغرب[51].

 

وهناك نقطة مهمة تخص مقر الخلافة (تركيا) وهى أن تركيا تقع بين أوربا والاحتكاك الحضاري حاصل لا بأس فلا بد من إيجاد صيغة للتعامل والتوازن وهذا هو الاعتدال الإسلامى الراشد. .

 

إن فئات المستقبلين للمشروطية. . فهناك مجموعة بدأت يفسر الحرية بالصورة التى تروق لها، وفئة أخري بدأت تهتف للحرية بغرض سياسى يسعى لفرض مزيد من القيود على الدولة العثمانية لفرض القيود على انطلاقها. . وفئة تشاهد ولا تتحرك أمام المتغيرات الدولية التى تحدث!!

 

الحرية سبيل وحيد لتحرير المسلمين لدى الإمام النورسي:

وبالعودة إلى النورسى فنجده قد وجد الحرية هى السبيل لتحرير ملايين المسلمين من شتى بقاع الأرض، و الحرية التى ينشدها النورسى ليست هى الحرية التى يسير على طريقها الغرب. . ومن ثم فإن المسلمين لن يتمكنوا من إقامة حريتهم إلا بعد التضحيات المتلاحقة. . لذلك يقول: ". . إن الحرية هى العلاج الوحيد لإنقاذ ثلاثمائة مليونا من المسلمين من الأسر- فحتى لو تضررنا هنا- بفرض محال- عشرون مليونا من الناس فى أثناء إرساء الحرية، فليكن ذلك فداء، إذنأخذ ثلاثمائة بدفع عشرين"[52]. .

 

والأن تظهرفكرة المشروطية عند النورسى بضوء ملاحظ إنه يؤمن أن الحرية هى طريق الحياة النظيفة التى يمكن لهم فيها تطبيق شرع الله. . . والحرية إذاً أو المشروطية هى طريق المسلمين إلى الشورى التى وردت فى القرآن الكريم، وليس العمل فى إطار المشروطية كبديل للحرية بمفهومها الغربى.

 

الإمام النورسي وفقه الأولويات:

ونلاحظ هنا أن النورسى كان يدرك تماماً أن المسلمين قد يتعرضون للأذى بيد أن الشعوب لا تتحرر إلا بتضحيات الكبري. وهنا نلمح فقه الأولويات عند النورسى حيث يقدم فى الفكر ما هو أولى بالتطبيق و ما يستحق التأخير فى العمل[53].

 

والواقع أن رؤية النورسى لم تبعد عن رؤية الاصلاحين فى العالم الإسلامى أمثال الكواكبى والأفغانى وقد يكون النورسى قد جمع الفكرتين فى قالب واحد شهدت بذلك مؤلفاته. . فهو ضد الاستبداد بكل صوره وقد تشابه فيه مع الكواكبى. . وهو مع الحريات التى نادى به جمال الدين أفغانى وقد طاف بها الشرق.

 

الإمام النورسي مشكلة حرية الصحافة ودورها الفعال في تنشأةالجيل:

وتأتى مشكلة حرية الصحافة. . ففى عصر انقلاب أتاتورك. . كانت الصحافة التى تتبنى الخروج على كل ما هو إسلامى بنشر كل سوء. . وتطورت الكتابة حتى هاجمت أدبيات الدين الاسلامى وكان هذا على حساب الخلق والمبادئ وكان النورسى يخاطب كتاب الصحافة الذين ينشرون ويكتبون ما يُرسخ الانحلال الخلقى ويهين الفضيلة والذوق لذا راح يخاطب المتحللين من المبادئ الإسلامية فيقول لهم" يا أرباب الصحف. . على الأدباء أن يلتزموا بالأداب، وعليهم أن يتأدبوا بالأداب اللا ئقة بالإسلام[54].

 

وهذه المشكلة تعانى منها دول إسلامية كبرى فى العالم الإسلامى، فهم فى تشدد قوى فى

 

الانحلال ويفعلون ذلك باسم الحرية. . وكم من قصص كتبت تحمل أفكارا سامة، وتحتوى على إباحات يحرمها الدين ويمنعها الخلق الرفيع[55]. . وخاطب النورسى هؤلاء بقوله" من الواضح أن هؤلاء فهموا الحرية فهما فوضوياً لا يقيم حسابا لغير الذات والأهواء الفردية ويرتقى بقيم الانحراف والشذوذ"[56].

 

وهنايحتفظ النورسى بالأسس التربوية والقيم الإسلاميةويحرص على الصحة النفسية للأمة الإسلاميةإن هناك أجهزة رقابية على كل ما يتم تصنيفة من الأعمال القصصية والأدبية حتى لا تتعدي حدود أدب المجتمع.

 

نوع آخر من ==الحريات== عند النورسي المستنبط== من الصراع الرأسمالي: ==

 

ويتناول النورسى نوعاً أخر من الحريات استنبطه من الصراع الرأسمالى. . لأن وجود قيود او ضوابط أخلاقية على المال يحمى المجتمع من الفساد المالى. . وبين أن الإسلام مثلا- حين شرح تحريم الاحتكار كان يرى عدم الاضرار بالناس فكان هذا النوع إنما هو لصالح المسلمين وحمايتهم من مغبة رأس المال[57].

 

والنورسى بعد تجربة الحرية وجد الذين صفقوا لها سواء المؤمنين أو الملحدين. . كلاهما كا مؤيدا ولكن هناك تباينا شديدا، فالمصلحون رأوها (الحرية) داعمة للفضيلة وانصياع لروح الشرع، أما الملاحدة وأعوانهم رأوا الحرية هى التحلل من كل شئ و التحلل من الأحكام السابق ولذلك كان أثر هؤلاء بحريتهم سئ المستوى على النطاق الأخلاقى [58].

 

ومن ثم لم يلتزم النورسى الصمت وإنما كرس الجهود لأجل الخطب والمقالات يحذر فيها من مغبة إطلاق الزمام للنوازع باسم الحرية لأن نتاج ذلك هو انعدام إنسانية الإنسان يسعى بجد الي وقف نزيف إهدار مكارم الاخلاق بتعديل الفهم وترشيد الأفهام وضبط الدوافع بضوابط الشريعة فيقول" قيدوا الحرية بأدب الشرع لأن عوام الناس والجاهلين يصبحون سفهاء وعصاة وقطاع طرق، فلا يطيعون بعد أن ظلوا أحرار سائبين بلا قيد"[59].

 

الإمام النورسي و حرية القيم:

إن من الواضح والظاهر أن النورس كان يريد الحرية التى تتنفس فيها الأمة هي حرية القيم التى تتسامى بالروح وتكفل لها النهج الذى يعطى لحياة المسلم معنى وبرنامجا ناهضا يعيد للفرد حيويته وللأمة مجدها فهى حرية تلتزم بالدين لأنه وسيلة رشادها والحافظة للإنسان من مغبة الميوعة والخور، والوقوع بين براثن الرذيلة [60].

 

مكانة تجربة الإمام النورسى مع الحرية:

ولقد كانت تجربة النورسى مع الحرية تجربة راشدة لها قيمتها ولذلك نجده يجيب عن أحد الأسئلة: بأن الذين فسروها هكذا ما أعلنوا الإ عن سفاهاتهم ورذائلهم على رؤوس الأشهاد فهم يهدرون متذرعين كحجج واهية كالصبيان لأن الحرية الحسناء ما هى إلا تلك المتأدبة بآداب الشريعة والمتزينة بفضائلها، و ليست تلك التى فى السفاهة والرذائل، بل تلك حيواينة وبهيمية وتسلط شيطانى ووقوع فى أشر النفس الأمارة بالسوء. . إن الحرية العامة هى المحصلة الناتجة من حريات الأفراد، ومن شأن الحرية عدم الإضرار سواء بالنفس أو بالآخيرين على أن كمال الحرية، أن لا يتفرعن وأن لايستهزئ بحرية غيره، إن المراد حق لكن المجاهدة ليست فى سبيلها"[61].

 

ويضيف تعليقا. . بأن القلب أو الوجدان الذي لم يتزين بالفضائل الإسلامية لا ترجى من الحمية الحقة والوفاء الصادق والعدالة الخالصة، ولكن لأن الصنعة غير الفضيلة، فقد يقوم الفاسق يرعى الأغنام رعيا جيدا، وقد يصلح شارب الخمر ساعة بإتقان حين يكون سكران، لكن وأسفى على ندرة الذين جمعوا النورين معا: نور القلب ونور الفكر[62].

 

وبعد فإن الحرية التى تسير تحت القيم الإسلامية والمبادئ المربية الداعمة للاسلام هى بحق الحرية التى يصبو إليها المجتمع الاسلامي الحق. . لقدم عاش المجتمع المسلم الأول فى ظروف شديدة اليأس حين تعرض المسلمون للتعذيب والقهر اضطروا إلى الحبشة هجرة أولى و ثانية هذا فضلا عن مصادرة الأموال والقتل وغير ذلك من السوء الذى لحق بالمسلمين. ثم التهديد بالقتل حين مكر المشركون بالنبى ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه ويعيش المسلمون معه تحت التهديت والتنكيل والتعذيب النفسي. . ولما فتح بات الرحمة وهاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فتح باب الحريات وأطلق الحرية بكامل عناصرها تأخذ طريقها. . فتح حرية الفكر وحرية العقيدة وحرية الزواج والأخيتار وحرية العبارة والماليات والرأى وغير ذلك. . واعتبر الإسلام أن أثمن ما يحافظ عليه الناس هي الحرية. و صل الله على سيدنا محمد و على آله وسلم.

 

حوالہ جات

  1. انظر سيمون بون، سيمون بوليفار ناطق الحرية، ترجمة علي عبود، طبعة بيروت 1968م، ص 50-51
  2. انظررأي نلسون مانديلافي الحرية: راغب سعيد، الحريات في أفريقيا، طرابلس، ليبيا، 1990م، ص80-82
  3. للمزيد انظر جولد تسهير، العقيدة والشريعة، ترجمة محمد موسى، دار الكتب المصرية، 1967ء، ص18
  4. انظر: راغب سعيد، الحريات، ص20، 32
  5. انظرمحمد يوسف لكاندهلوي، حياة الصحابة، ج 2، باب عدل النبي وأصحابه، ص88، طبع ناشران قرآن لميتد اردو بازار لاهور
  6. للمزيد أنظر محمد الغزالي، الإسلام والاستبداد السياسي، دار النهضة, الطبعة 4م، 1998 ص61-62
  7. سلامة موسى، حرية الفكر وأبطالها في التاريخ، دار الكتب والوثائق القومية مصر 1964م، 180
  8. أنور الجندي، مشكلات الفكر المعاصر في ضوء الإسلام، سلسلة البحوث الإسلامية، طبعة مجمع البحوث الإسلامية، 1996م، ص67
  9. انظر: عبدالرحمن الكواكبي، طبائع الاستبداد، تحقيق د. محمد عمارة، دار الشروق، 1989م، ص70
  10. سورة الجاسيه، الآية: 15
  11. 11سنن ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، باب التوكل و اليقين، ص: 631، مطبوعه آفتاب عالم پریس 13هسپتال روڈ لاهور باكستان، س: 1984م
  12. راجع في ذلك محمد عمارة (الاسلام وفلسفة الحكم (دار الشروق 1989) فصول متنوعة بتصرف
  13. سورة الأنعام، الآية: 104
  14. سورة يونس، الآية: 99
  15. سورة الكافرون، الآيات: 1-6
  16. سورة البقرة، الآية: 256
  17. سورة هود، الآية: 118
  18. سورة النحل، الآية: 64
  19. سورة البقرة، الآية: 78
  20. للمزيد أنظر: عبدالرحمن بدوي، دراسات ونصوص في الفلسفة والعلوم عند العرب طبعة المؤسسة المتحدة، الأردن، 1996م، ص98، وما بعدها
  21. د. عزت قرني، العدالة والحرية، ص140
  22. انظر محمد عمارة، رفاعة الطهطاوي، طبعة دار الشروق، 1980م، ص216
  23. النورسي، صيقل الإسلام، ص500
  24. سورة آل عمران، الآية: 122
  25. انظر: محمد عمارة، التنوير، طبعة دار النهضة العربية، 1996م، ص26
  26. سورة الأنعام، الآية: 162
  27. عن تقسيم الحضارة الإسلامية ما يبين المادية والروحية، انظر: د. أحمد شلبي، الحضارة الإسلامية والتربية الإسلامية، طبعة دار نهضة مصر، 1975م، ص29 وما بعدها
  28. المعروف عن الاستبداد أنه سيئ الخلق ولا يمكن لأصحابه أن يبنوا حضارة، للمزيد انظر: الكواكبي، طبائع الاستبداد، ص28 / د. محمد الغزالي، الإسلام والاستبداد السياسي، طبعة القاهرة، 1960م، ص65-66
  29. النورسي، صيقل الإسلام، ص56
  30. النورسي، صيقل الإسلام، ص514
  31. بوعزيزة غادير، ديوان الحرية، طبعة بنياس، 1996م، ص86
  32. د. سعيد عبدالفتاح عاشور، المدنية الإسلامية، طبعة دار الأنجلو المصرية، 1970م، ص60-61
  33. موسى الشريف، الثورة الفرنسية، طبعة الكويت، 2001م، ص70، المشروطية هو إعلان النظام البرلماني
  34. انظر: د. مصطفى رمضان – العثمانيون وسقوط الخلافة، طبعة القاهرة، 1980م، ص25-26
  35. النورسي، صيقل الإسلام، ص452-453
  36. 36أنظر للمزيد د. عبد العزيز الشناوي، الدولة العثمانية دولة اسلامية مفتري عليها، طبعة دار الانجلو المصرية، 1980م، ج 4ص 211
  37. 37المرجع السابق-ص 212
  38. 38 آل عمران آية 159
  39. 39سورة الشورى آية 38
  40. 40د. عبد الودود شلبى – الغزو الفكري – طبعة دار الفكر العربى القاهرة 1980م – ص 73-74
  41. 41النورسى –سيرة ذاتية – ص 81، 82
  42. 42 النورسى – صيقل الإسلام – ص 440
  43. آل عمران آية 140
  44. النورسى- صيقل الإسلام – ص 462
  45. انظر: سعيد رمضان البوطى، السلفية مرحلة زمنية مباركةه لا مذهب إسلامى، طبعة دار الشروق الأردن 1985م، ص 77
  46. النورسى، سيرة ذاتية، ص 82
  47. احسان قاسم الصالحى، بديع الزمان سعيد النورسى، مؤسسة كلمات للنشر، استانبول 1987م، ص30
  48. إحسان قاسم الصالحي، سعيد النورسى، ص31
  49. سعيد النورسى، صيقل الإسلام، ص440-443
  50. محمد الغزالى، الاسلام والاستبداد السياسى، ص 80
  51. للمزيد انظر محمد الغزالى، ظلام من الغرب، طبعة دار الدعوة بالاسكندرية 1980م، ص83، 84
  52. النورسى، سيرة ذاتية، ص 83، مع الوضع فى الاعتبار أن عدد المسلمين الآن تجاوز المليارين
  53. للمزيدعن فقه الأولويات أنظر د. يوسف القرضاوى، فقه الأولويات، دار وهبة، القاهرة 1998م، ص 17
  54. النورسى، صيقل الإسلام، ص 444، وانظر أيضا أشرف عبد الرافع، الحرية مفهومها وأصولها، طبعة دار سوزلر للنشر، ج. م. ع-2014م- ص269
  55. انظر محمدعمارة، سقوط الغلوالعلمانى، طبعة دارالشروق 1998م ص 28، وانظر أيضا، محمد عقل، المقدس والمدنس فى الأدب العربى، طبعة دارمصر بالاسكندرية 1999م، ص 38، 39
  56. عشراتى، سليمان، النورسى فى رحاب القرآن، طبعة دار سوزلر القاهرة، 1999م، ص 269
  57. راجع فى ذلك، محمد الغزالى، الاسلام والأوضاع الاقتصادية، ص 78
  58. د. أشرف عبد الرافع، الحرية، ص 269
  59. النورسى، صيقل الإسلام، 442، 444، أشرف عبد الرافع، الحرية، ص 268
  60. د /عشراتي سليمان، النورسى فى رحاب القرآن، ص300
  61. النورسى، صيقل الإسلام خ هامش، ص 392
  62. النورسى، صيقل الإسلام، ص292، 293
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...