Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > The International Research Journal Department of Usooluddin > Volume 1 Issue 2 of The International Research Journal Department of Usooluddin

دراسة قصيدة ياسالكا لمخدوم محمد هاشم التتوي رحمه الله: دراسة تحليلية وأدبية |
The International Research Journal Department of Usooluddin
The International Research Journal Department of Usooluddin

ملخص البحث:

إن هذا البحث يتعلق بقصيدة، والتي هي عبارة عن سبعة أبيات فما فوقها، وإن كان عدد الأبيات أقل من سبعة، فينطر بين أقصى عدد أبيات وأقلها، فإن كان عددها من بين ثلاثة إلى ستة، فيقال له: قطعة، وإن كان أقل من هذا، حيث إنه محتو على بيت واحد، والذي هو عبارة عن كلام متألف من أجزاء منته بقافية، فيقال له: مفردا ويتيما، وإذا صارت بيتين فيقال له: نتفة، فعلى هذا الأساس يقال لــ " قصيدة يا سالكا" قصيدة، لأنها ليست منضوية على بيتين أم ثلاث فحسب، بل هي مجموعة الأبيات في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وثناءه عليه الصلاة والسلام.

 

 

أهمية القصيدة:

ولا غضاضة أن هذه القصيدة لها أهمية خاصة، والتي تبدو من أنها قصيدة خاصة في مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذي قالها هو ليس رجلا عاديا، بل هو عاشق من عشاقه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد كتب هذه الأبيات بمشاعر قلبية صادقة، والتي تنبعث من الأبيات، والجدير بالذكر أنه ليس عربا كما يظن البعض من أبياته، بل هو رجل أعجمي، غير أنه قد أجاد صياغة هذه القصيدة، وذلك لأن الشاعر يجب أن يكون ملما بقواعد تلك اللغة.[1] التي يقصد كتابة الأبيات بها، فإن كان هو ناويا بصياغة الأبيات باللغة الأردية فيجب عليه معرفة قواعد اللغة الأردية حتى يتمكن من صياغتها حسب القواعد والضوابط، وإن كان يريد صياغة الكتابة باللغة غير الأردية فإنه يجب عليه إلمام قواعد تلك اللغة، ليتمكن من صنع الأبيات حسب القواعد والضوابط، وهلم جرا...وبما أن هذه القصيدة كانت بالعربية، فإن كاتبها قد تمهر في قواعد اللغة العربية، وألم بها، حتى نال المهارة والبراعة في جميع الفنون من صرف، ونحو، ومعان، وبيان، وبديع، ولغة، واشتقاق، وتاريخ، وعروض، فلذا صاغ أبيات "قصيدة يا سالكا" بأجمل الصور والشكل، وحسب قواعد صناعة الأبيات.

 

قائلها:مخدوم محمد هاشم بن عبدالغفور بن عبدالرحمن بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن خيرالدين السندي البتورائي، ثم البهرامفوري، ثم التتوي.[2] أما نسبته إلى "السند" فكونه من سكانها، ونسبته إلى "البتورائي" لأنها كانت مسقط رأسه، أما كونه بهرامفوري" فإنها هي القرية التي قدم إليها العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ بعد فراغه من العلوم الدينية، لخدمة الدين ولإحيائه، ونسبته "تتوي" فهي لأنه استوطنها بعد مغادرة "بهرامفور" ومكث فيها بقية حياته إلى وفاته، وبذل قصارى جهده لإعلاء كلمة الله ولإحياء الدين. ولد ليلة الخميس في العاشر من ربيع الأول عام ألف ومائة وأربع للهجرة الموافق التاسع عشر من نوفمبر عام ألف وست مائة واثنين وتسعين للميلاد في بلدة بتورة.[3] لقب الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ بـ "المخدوم" تكريما له، وليس هو وحده معروفا بهذا اللقب، بل آنذاك العلماء الكبار في السند كانوا يلقبون بهذا اللقب.[4] ونشأ العلامة محمد هاشم السندي ـ رحمه الله تعالى ـ منذ طفولته في بيئة علمية، وتربى في حجر أبيه الذي كان عالما بارعا، وله ثلاثة أولاد، فمنهم ابنان: عبد الرحمن وعبداللطيف، وبنت، فربى أولاده تربية حسنة، حيث حفظهما القرآن الكريم وعلمهما العلوم الشرعية.[5]

 

كان الإمام العلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ بارعا في شتى العلوم والفنون، فكان فقيها في مجال الفقه، ومجتهدا في مجال الاجتهاد، ومفتيا في مجال الإفتاء، ومحدثا في ميدان الحديث، ومفسرا عظيما في مجال التفسير، فإذا تخطى خطوة في مجال التاريخ فكان مؤرخا دقيقا، ولم يكن هذا فحسب، بل هو شاعر في مجال الشعراء، ومجيد بثلاث لغات.وكان شاعرا في العربية والفارسية والسندية، وله قصائد، ومنظومات متعددة، لكن أغلب شعره بالسندية، ولقد كتب قصائد عديدة في مدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومدح الخلفاء الراشدين ـ رضوان الله عليهم أجمعين.[6] ومن تلك القصائد "قصيدة يا سالكا" التي كتبها العلامة ـ رحمه الله تعالى ـ وهو ما زال في شكل المخطوط، وذكر فيه المؤلف الأبيات العربية مع الترجمة السندية. وفي هذا البحث لم نقلت أبيات تلك القصيدة العربية سوى الترجمة.

 

الأبياتيا سالكا طُرقَ المدينة طيبة بلِّغْ تحياتي إلى ساكن الحرم

 

فإذا قَدِمْتَ بها يقول ملائك أهلا وسهلا مرحبا خيرَ مَقْدَم

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكار يقول العلامة التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في هذه الأبيات مخاطبا للمسافر إلى الحرمين الشريفين بأنه يبلغ سلامه إلى ساكن الحرم، ثم يبين كيفية استقبال الملائكة لزوار المدينة بكلمات ترحيبية.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:يخاطب مسافر الحرمين ويكلفه بإبلاغ سلامه: يقول العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأبيات المذكورة مخاطبا للذي سافر إلى المدينة المنورة قائلا: يا سالك طرق المدينة المنورة أوصل سلامي إلى ساكن الحرم، أي حبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

 

ماذا يقول الملائكة لزوار المدينة حين وصولهم إليها: ولما تصل إلى المدينة المنورة يقول لك الملائكة: أهلا وسهلا ومرحبا أي أتيت سعة وأتيت أهلا فقدومك خير ومبارك.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب نظرا إلى أبيات العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ يمكن القول: إن ألفاظها سهلة وجميلة وليست خالية من فصاحة حيث إنها بعيدة عما يخل في فصاحتها من الغرابة والتنافر ومخالفة القياس[7]. ثم تأليف كلمات بعضها ببعض وتركيبها أيضا يحتاج إلى صاحب فن الصياغة. وهذا ما لوحظ في أبياته ـ رحمه الله تعالى ـ حيث إن تأليف أبياته جميل. فعلم من هنا أن له مهارة في فن صياغة الأشعار والأبيات. ثم لو تعمق في نهاية البيت الأول والثاني لوجد أن كليهما مسجعان حيث إن البيت الأول ينتهي بـ "ميم" في قوله: الحرم"، والبيت الثاني أيضا ينتهي بـنفس الحرف أي "ميم"، في قوله: "مقدم".

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة نظرا إلى أبيات العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ علم أن هذه الفكرة ليست مأخوذة من الكتب. وإنما هي فكرة مستقلة من قبل العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ ولقد أبدى خياله الواسع في كلمات عديدة، وأنشد هذه الأبيات من عاطفته الصادقة التي هي مطلوبة في كل شعر وبيت، فيبدو أثره على نفوس السامعين والمخاطبين. فالعلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أولا يتصور ويتخيل أحدا بدأ يسافر إلى الحرمين الشريفين ثم يخاطبه بعاطفته الصادقة مخاطبا بكلمات مؤثرة، فيدخل أثره مباشرة في قلوب السامعين. فهذا دليل واضح على مدى قوة عشقه ومحبته للمدينة المنورة التي هي منبع راحة قلوب المؤمنين والمسلمين. فتنسيقه هذا يوحي إلى أنه كان مبدعا ومبتكرا في صياغة الأبيات والأشعار. وأضيف إلى ذلك أنه كان أديبا محترفا.

 

الأبياتمتى دخلت مُدْخَل صِدْقٍ صِرْتَ مُؤْتَمَنًا دارُ الحبيبِ أَمانُ الْخَلْقِ كُلِّهِمِ

 

إذا ما رَأَتْ عَيْنَاكَ حُجْرَةَ أَحْمَد فَقُمْ خَاشِعًا مُتَضَرِّعًا ثُمّ صَلِّ وَسَلِّم

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكارذكر العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في هذه الأبيات أن مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي مدينة الأمان والسلامة. فالزائر ما إن يدخلها يكون في أمان وسلامة، ثم بين آداب زيارة حجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن الذي يزور بيته ـ عليه الصلاة والسلام ـ فينبغي أن يكون متواضعا خاشعا ومتضرعا أمام حجرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم يصلى على الحبيب المصطفى سيد الكونين والثقلين وسيد الأنام نبينا وحبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها: مدينة الأمان والسلامة: يقول العلامة التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قائلا: ما إن تدخل المدينة المنورة إلا وأصبحت في أمان، وحفظ وسلامة. وذلك لأنها دار وبيت حبيبنا ونبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وداره وبيته يكون أمانا للخلق كله. فأنت أيضا تكون مأمونا ما دمت فيها.

 

آداب زيارة بيت الحبيب صلى الله عليه وسلم: يقول المخدوم التتوي رحمه الله تعالى: وقم عند زيارة الحجرة المباركة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم متواضعا خاشعا ومتضرعا، ثم صل وسلم على أحمد خير الأنام ـ صلى الله عليه وسلم

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب من الأمور التي تجعل الأبيات والأشعار فصحية هو فصاحة الكلمات، أعني أن تكون تلك الكلمات والألفاظ بعيدة عن التنافر والغرابة ومخالفة القياس. فهذه الأمور ملحوظة في ألفاظ الأبيات المذكورة وكلماتها. فلذا يمكن القول: إن البيتين المذكورين هما فصيحان.

 

والأمر الثاني هو حسن الأبيات وجمالها، فهو عادة يبدو في تأليف الكلمات بعضها ببعض وتركيبها بتركيب حسن. وهذا ما لوحظ في الأبيات المذكورة حيث إن الكلمات وضعت في أماكن تناسبها.

 

والأمر الثالث هو السجع،[8] فإنه قلما يوجد بيت من الأبيات يكون خاليا منه إلا البعض. فالبيتان مذكوران هما مسجعان حيث إن نهاية البيت الأول كانت بـ "ميم" في قوله: "كلهم"، وكذلك نهاية البيت الثاني أيضا كانت بـ "ميم" في قوله: "وسلم".

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة لا يشك شاك في الأبيات المذكورة أنها صادرة من العاطفة الصادقة، حيث إنها تجعل الأبيات تؤثر في قلوب السامعين. فالعلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ حين قال هذه الأبيات: كأنه تصور حجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم كان ينطق هذه الكلمات، فيرسم صورة زائره ـ صلى الله عليه وسلم ـ في إطار الأبيات. ومن إبداعه أنه يتخيل أولا في ذهنه أحد الزوار ثم وكأنه يخاطبه، ويعلمه آداب الزيارة في الأبيات المذكورة، فهذا يشير إلى براعته في فن صياغة الأبيات والأشعار، ولا سيما في الأبيات والأشعار العربية. أما لو حصل نفس المهارة في الأبيات السندية فإنه أيضا لا يخلو من كامل مهارة، لكنه لا يساوي مثل مهارته في الأبيات العربية، وذلك لأن السندية هي لغته الأم أما العربية فهي ليست له لغة الأم، ومع ذلك حصل الخبرة الكاملة، فهذا يعني أنه كان أديبا بارعا في الأدب العربي.

 

الأبيات وقل بين قبر للنبي و منبر عليك صلوات الله يا صاحب العَلَمِ

 

عليك صلوات الله يا داعي الهدى عليك سلام الله يا خير مُعْتَصِمِ

 

عليك صلوات الله يا دارَ حكمة عليك سلام الله يا جامع الكَلِمِ

 

عليك صلوات الله يا آية الرضى عليك سلام الله يا مَفْخَرَ النَّسَمِ

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكار يُعَلِّمُ العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ في الأبيات المذكورة صيغ الصلاة والسلام للزائر، و يصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأوصاف كثيرة، فينجلي من الأبيات عشقه مع الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:صيغة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم : لما تقوم بين قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنبره، الذي يقال عنه: ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة[9]، فصل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقول: عليك رحمة الله يا داعي الخير، وعليك سلام الله يا خير معتصم أي معصوم ومحفوظ عن الأخطاء، وتقول: عليك صلاة الله يا منبع الحكمة والعلم، وعليك سلام يا جامع الكلم، أي ألفاظه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قليلة لكنها تحتوي على معان كثيرة، وعليك صلاة الله بكامل الرضى، وعليك سلام الله يا مفخر النسم.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبياتأولا: الألفاظ والتراكيب لا شك أن كلمات الأبيات هي منقولة من الأحاديث، فلا حاجة إلى الكلام في فصاحتها وعدم فصاحتها، وذلك لأن هذا الأمر بديهي حيث إن الأحاديث كلها فصيحة. ثم تركيبها وتأليفها في صورة الأبيات وفي إطارها أمر مستحسن، ويدل على قوة الأديب ومهارته في هذا الفن.

 

والأمر الذي نال الإعجاب هو أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد سجع جميع الأبيات حيث إن نهاية كل بيت من الأبيات الأربعة واحدة أعني تنتهي جميع الأبيات بـ "ميم"، كما هو ملحوظ من الأبيات.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة كما أشير سابقا إلى أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد أنشأ فكرة مستقلة في تأليف هذه الأبيات، وطواها في صورة الأبيات والأشعار، ثم لم تكن الكلمات والعبارات فحسب، وإنما وضع فيها عاطفة صادقة مؤثرة. والعبارة تشير إلى أن المؤلف كان يتصور ويتخيل ثم كان يكتب الأبيات، كما هو دأب الشعراء الجاهلية.

 

الأبيات عليك صلوات الله يا صاحب اللِّوَى عليك سلام الله يا مَعْدِن الحكم

 

عليك صلوات الله يا ملجأ الورى عليك سلام الله يا زَيْنَ زَمْزَمِ

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكارذكر العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ المزيد من صيغ الصلاة والسلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووصف فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأوصاف عديدة.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:صيغة الصلاة والسلام: عليك يا نبينا صلاة الله، فأنت صاحب اللوى، وعليك سلام الله فأنت أصل الحكم ومنبعها، وعليك صلاة الله فأنت ملجأ الورى للعصاة، وعليك سلام الله فأنت مزين بماء زمزم.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبياتأولا: الألفاظ والتراكيبولا يشك شاك في فصاحة كلمات الأبيات لما فيها بعد عن التنافر والغرابة ومخالفة القياس. ثم إنها متداولة وسهلة، أما تأليفها وتركيبها فهو أجمل تأليف وتركيب، حيث لاحظ العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في وضع الكلمات وتنسيقها حتى لا تكون مخلة في فهمها. ولم يترك العلامة التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ السجع في الأبيات حيث إن المصراع الأول من البيت الأول والثاني ينتهيان بـ "ألف مقصورة" في قوله: " اللوى" و"الورى".

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلةمما لا بد من الإشارة أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أخذ فكرة مستقلة وأبداها في إطار الأبيات، ثم ليست الأفكار فحسب، بل كتب الأبيات بمشاعر صادقة وعاطفة صادقة. وهو عنصر أساسي في الأبيات، والأسلوب في الأبيات هو وصفي، وفي نفس الوقت سردي، لأنه وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأوصاف حميدة عديدة، والعبارة فيها سهلة الفهم وسلسة. فهنا يمكن القول: إن ما لوحظ في أبياته من الأمور الأدبية يدل على قوة أدبه ومهارته في صياغة الأبيات.

 

الأبيات: أيا نسيم صَبًا إِنْ زُرْتَ رَوْضَتَهُ سَلِّم على المصطفى صاحبِ النِّعَمِ

 

وقِفْ عِنْدَ مَضْجَعِه في مُوَاجَهَةٍ وبلغ صلواتي وتسليمي على روح أكرم

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكار ينجلي من الأبيات المذكورة قوة حبه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكما أن العاشق لا يضيع أية فرصة لإبلاغ سلامه إلى محبوبه، كذلك أن المؤلف أيضا لم يضيع فرصة إيصال سلامه إلى الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال للهواء التي كانت تهب إلى المدينة المنورة أنها تبلغ سلامي إلى حبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:قوة حبه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخطابه للهواء لإبلاغ السلام: يقول المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأبيات مخاطبا للهواء التي تهب من جهة الشرق قائلا: يا الريح التي تهب من جهة الشرق إن زرت بعد وصولك إلى المدينة روضة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأوصل تحياتي وسلامي إلى الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقف عند مكانه للنوم والراحة في مواجهته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوصل صلواتي وسلامي وتحياتي علي حبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبياتأولا: الألفاظ والتراكيب لا ريب أن الألفاظ والكلمات في الأبيات المذكورة فصيحة، أي أنها ليست متنافرة ولا غريبة ولا مخالفة للقياس. ثم تنسيقه أيضا جيد حيث إنها منسقة بتنسيق أحسن، ومؤلفة بأحسن تأليف ومركبة بأجمل تركيب. فهذه الأمور كلها تشير إلى قوة أدب العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة يرى من عبارة البيت أن العلامة كان متحمسا عند كتابة هذه الأبيات حيث إنه أخذ فكرة وأدمجها في إطار الأبيات، متخيلا أن الهواء التي تهب إلى تجاه المدينة المنورة فهي تبلغ رسالته إلى دار الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخاطبها مكلفا بأنها تنقل رسالته إلى الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهذا يعني أنه كتب الأبيات بعاطفة صادقة. فلذلك يُرى أثر تلك الأبيات على مسامع السامعين.

 

الأبيات وقل يا رسول الله عَبْدٌ مُقَصِّرٌ غَرِيْقٌ في بِحَارِ السَّيِّآتِ ومَظْلَمِ

 

يَلُوْذُ إِلَى جَنَابِكَ مستغيثا ويشكو ذنوبا كالجبال الأَعَاظَمِ

 

دراسة الأفكار أولا: ملخص الأفكار يعترف العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأبيات المذكورة بأن العبد مقصر وغريق في الآثام والذنوب، لكنه حضر إلى خدمة جناب رحمة للعالمين، مستغيثا شاكيا على كثرة الذنوب.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها: الندامة على تصرفاته، وكيفية الدعاء: قل: يا رسول الله، إن العبد مقصر ومتهاون ومتكاسل في أداء الواجبات، وغريق في بحار السيئات والآثام والذنوب، وفي ظلماتها حتى لا يقوى على الخروج منها، فجاء إلى جنابك لائذا ملتجأ ومستغيثا، مستنصرا، رافعا للشكاوى بأن ذنوبه قد كثرت إلى درجة كأنها جبال ضخمة ومرتفعة وأعاظم. 

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب لا غرو أن الكلمات كلها فصيحة حيث إنها بعيدة عن التنافر والغرابة ومخالفة القياس. وهذا ما جعلها فصيحة. ثم إنها سهلة ومتداولة. أما تأليفها وتركيبها فهو جميل حيث إن الكلمات وضعت في أماكن تناسبها.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة لا شك أن العاطفة لو كانت صادقة تصبح الأبيات مؤثرة على المسامع، وهذا ما حدث بالضبط في أبيات محمد هاشم التتوي رحمه الله تعالى حيث إنه كون فكرة، ثم ألبسها لباس التصور والخيال، وأدخل فيها عاطفة صادقة حيث إن السامع عند ما يسمع فمباشرة يتأثر من أبياته، ويفهم أنها صادرة من مشاعره الصادقة، وهذا هو المطلوب في الأشعار والأبيات. ولقد لوحظ في أبياته حيث إنه شبه كثرة الذنوب بالبحار في الكثرة، ثم شبه ذنوبا بالجبال، لكنه لم يكتف بذكر الجبال، فحسب، بل وصفها بصفة أعاظم. فهذا يعني أنه ـ رحمه الله تعالى ـ كان دقيق الملاحظات في صياغة الأبيات والأشعار. وهذا لا يمكن من أحد إلا إذا يكون أديبا وماهرا في فن الأدب.

 

الأبيات: أيا فَخْرَ أرضِ الله نورَ سمائِه نفسي و قلبي في هَوَاك و مَغْرَمِ

 

جَرَتْ مُقْلَتِيْ شَوْقًا إليكَ ولَوْعَةً وتَقَطَّعَتْ كَبَدِيْ مِنْ جَوًى وتَضَرُّمِ

 

دراسة الأفكار أولا: ملخص الأفكار بين فيها شدة حبه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذكر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخر للأرض بل للجميع، وعيناه تشتاقان لزيارته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدم القدرة على مفارقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي مدينته.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها: إظهار شدة الحب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدم القدرة على مفارقته -عليه الصلاة والسلام-: يخاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه فخر أرض الله حيث إن الأرض بدأت تفتخر بوجوده ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسماء منورة بنوره ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ونفسي وفؤادي في هواك وحبك حيث إنني لا أقدر على مفارقتك، وبدأت عيناي تشتاقان إليك وتظهر فيها حرقة الحب وشدته، وكبدي أصبحت متقطعة من شدة عشق وحزن.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب لا شك أن الألفاظ سهلة واضحة في دلالتها على المعاني المطلوبة، وخالية من الغرابة، وبعيدة عن التنافر ومخالفة القياس، إضافة إلى ذلك أنه قد حافظ على التوازن بين الكلمات حيث إن كلمة "مغرم" و"تضرم" تقريبا متساويتان في التوازن، فأستطيع القول: إنهم مسجعان، وهذا يعني أنه دليل على قوة أدبه.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة لا شك أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد وضع روحه في هذه الأبيات وكتبها من مشاعر صادقة وعاطفة صادقة، وأتى بكلمات تدل على شدة الحب. ويمكن القول: إن كل كلمة تترجم عن مشاعره الصادقة وتدل على شدة حبه وعدم القدرة على المفارقة، حيث قال: وتقطعت كبدي من جوى وتضرم. أما الأسلوب الغالب في الأبيات هو أسلوب سردي، ووصفي، بأنه يصف شدة حبه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكلمات خاصة وبأسلوب مؤثر، والعبارة تتقوى بترابط الألفاظ والكلمات وتنسيقها.

 

الأبيات ولكنَّ أوزاري وذنبي تعاظمَتْ فصَارَتْ ممانعة و كثرةُ مَأْثَمِ

 

عَجَزْتُ عَنْ حَمْلِهَا ثقلت خطيئاتي فالنفس في خجل والعين عَيْنُ دَمِ

 

دراسة الأفكار أولا: ملخص الأفكاريذكر العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأبيات المذكورة أن أوزاره وذنوبه صارت عظيمة حيث إنها أصبحت مانعة وهو عاجز عن حملها، وليس هذا فقط، بل نفسه خجلة والعين تسيل بدموع الدم، وكأن الشيخ أظهر ندامته وعجزه في الأبيات المذكورة.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:العجز عن حمل كثرة الآثام الذنوب: بدأت آثامي وذنوبي وأوزاري تزداد شيئا فشيئا وكبرت، حتى أصبحت تلك الآثام والذنوب مانعة وحاجبة، فالنفس عاجزة ونادمة بسبب كثرة العصيان، وخجلة، والعين كأن عيون الدم بدأت تسيل منها.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب ألفاظ البيت متداولة وسهلة وفي نفس الوقت فصيحة حيث إنها ليست متنافرة وليست غريبة ولا مخالفة القياس. أما تأليفها وتركيبها فهو أيضا جميل حيث لوحظ من خلاله أن كل كلمة وضعت في مكانها المناسب، وهذا ما يفعل الأدباء والكاتبون.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة لا غرو أن الأديب يختار أسلوبا حسب ما يقتضيه المقام، فالعلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أيضا اختار أسلوب الندامة، لأن هذا المقام هو مقام الندامة. ويمكن القول: إن فكرة العلامة ـ رحمه الله تعالى ـ تبدو من كلمات الأبيات حيث إن كل كلمة تدل على شدة الحزن وشدة الندامة، فهذا هو أسلوب الأدباء والشعراء حين يريدون وصف شيء فيأتون بكلمات مناسبة لذاك المقام. فالعلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أيضا أتى بما يناسب هذا المقام من الكلمات والألفاظ والعبارات.

 

الأبيات إن كان عَفْوُ كَريمٍ قد أفاد رَجَاءً ولكنْ نَّجَاسَةُ نَفْسِيْ مَنْشَأُ الذم/النَّدَمِ[10]

 

فالناس لا يتركون كلابا في مساجدهمولا نجسًا في مَوضعٍ طَاهرٍ حَرَمِ

 

دراسة الأفكار أولا: ملخص الأفكاريبين العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأبيات المذكورة شدة تواضعه، حيث وكأنه يقول: إنه نجسة بكثرة الذنوب والنجاسة ليست ظاهرة وإنما يقصد باطنة، فكيف لي أن أدخل في مكان أطهر بقاع الأرض كلها رغم أن الناس لا يتركون كلابا في المساجد، وذلك لأنه نجس، فكأن هاهنا شبه نفسا نجسة بكلاب نجس.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها: تشبيه نفس نجسة بكلاب نجس في عدم الدخول في أماكن طاهرة: لاشك أن عفو ومسامحة كريم قد يفيد رجاء ويحدث أملا، ولكن نفسي نجسة وأنا في ظلمات النجاسة، ومع ذلك أنا نادم على تصرفاتي، فالناس لا يتركون كلابا و لا شيئا نجسا في المساجد، ولا في مكان طاهر، فكيف أن أدخل الحرم المدني الذي هو أطهر الأماكن.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب ألفاظ البيت سهلة وفصيحة حيث إنها بعيدة عن الغرابة والتنافر ومخالفة القياس وفي نفس الوقت متداولة. وتأليفها وتركبيها بعضها ببعض أيضا لا مثيل له، حيث إن العلامة المخدوم محمد هاشم التتويرحمه الله تعالىقد سجع بيتين، وذلك لأن نهاية البيت الأول كانت بـ"ميم"في قوله: "الندم"، ونهاية البيت الثاني كانت بـ "ميم" في قوله: "حرم". أما الأسلوب الذي سلك به في الأبيات المذكورة هو سردي وصفي، وأتى بالعبارة سلسلة وسهلة الفهم، ونسق الكلمات فيها حيث إنه وضع كل كلمة في مكانه الخاص بها.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة من مهارة أدب العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ هو أنه شبه نفسا نجسة بكلاب نجس في عدم سماحة الدخول في الأماكن الطاهرة مثل: مساجد وغير ذلك مما سواها، وكأنه جلب منظرا عجيبا في الأبيات حيث كأنه واقف خارج المدينة ونادم على تصرفاته وتذكر ماضيه ويخاطب نفسه أنك نجسة فكيف بي أن أدخل في أطهر مكان بقاع الأرض، أي الحرم المدني. فيمكن القول: إن مثل هذا التشبيه يدل على قوة صياغته الأشعار والأبيات، ويثبت أن العلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ كان أديبا وبارعا في فن صياغة الأشعار والأبيات. 

 

الأبيات كيف الوصول إلى الحبيب ودونه قليل شوامخُ من جبالٍ مُعْظمِ

 

ألا يا رسول الله يا كنز رحمة يا من لديه دواء الداء والألم

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكار يتمنى الوصول إلى بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومدينته لكن بما أن المسافة بعيدة بينه وبين مدينته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدأ يتوسل إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ ويتضرع بالدعاء أن يوفقه بوسيلة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن كانت المسافة بعيدة نظرا إلى الأسباب الظاهرة لكن في الحقيقة هذا الأمر لا يحتاج إلى الأسباب الظاهرة عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:الدعاء إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بتوسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتوفيق لزيارة داره ودار حبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ : كيف لي أن أصل إلى دار الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي وراء جبال شامخة مرتفعة معظمة، ألا يا رسول الله، يا كنز رحمة، يا من لديه دواء المرض والداء والألم أتوسل بك إلى الله ـ عز وجل ـ أن يوفقني بالوصول إلى دارك، لأن الموفق هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنت المستجاب إذا دعوت.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب نظرا إلى كلمات البيت وألفاظه يمكن القول: إنها ليست متنافرة ولاغريبة ولا مخالفة القياس، بمعنى أنها فصيحة، تأليفها وتركيبها أيضا جيد، علما إلى أنها متداولة وسهلة وسلسة. ولقد حاول العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ الحفاظ على توازن الأبيات حيث لم يترك السجع فيما أرى وهذا هو ملحوظ في نهاية البيت الأول والثاني حيث نهايتهما على حرف"ميم"في قوله:"معظم"وفي قوله:"والألم".

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة إن الأبيات المذكورة تشير إلى أنها صادرة من عاطفة صادقة ومشاعر صادقة حيث بدأت تؤثر على مسامع السامعين، فهذا هو من مقتضيات الأدب. ثم إن العلامة التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ لم يكتف بذكر الألفاظ بل وضع فيها روحه وتخيل عند ما كان يكتب تلك الكلمات والعبارات حيث وكأنه أمام الروضة وينطق تلك الكلمات. وهذا هو أسلوب الشعراء الجاهلية في صياغة الأبيات حيث إنهم أولا يتصورون مكانا محبوبا ثم ينشدون الأبيات والأشعار.

 

الأبيات انظر بعين الشفاعة نحو مذنب واسئل خلاصي من الله ذي الكرم

 

فإنك مرجو وأنت وسيلة وقد سماك ربي شافع الأمم

 

دراسة الأفكار أولا: ملخص الأفكاريتخيل العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ وكأنه يدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمام روضة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشفاعته أن ينقذه من بحر السيئات والآثام والذنوب، لأن شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقبولة عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ وذلك لأنه شافع الأمم وهذا ما سماه خالقنا وربنا.


ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها: يريد الخلاص من بحر الذنوب بشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: التفت بعين الشفاعة صوب المذنب الحاضر على روضتك، واسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ خلاصي ونجاتي إنقاذي من بحر الذنوب بشفاعتك ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 

شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقبولة عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ: فإن شفاعتك يرجى قبولها عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ باليقين، لأن الله ـ عز وجل ـ قد سماك بشافع الأمم.

 

وسيلة بين الخالق والمخلوق هو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وقد جعلك الخالق ـ جل وعلا ـ وسيلة بين الخالق والمخلوق.


دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب

 

من فصاحة الكلمات والألفاظ أن تكون بعيدة عن التنافر والغرابة ومخالفة القياس. فهذه الأمور الثلاثة متوفرة في كلمات الأبيات المذكورة فلذا يمكن القول: إنها فصيحة، ثم هي سهلة وسلسة وفي نفس الوقت متداولة. الأسلوب الذي مشى به في الأبيات المذكورة هو سردي ووصفي، وأظهر فيها ندامته على تصرفاته وتضرع أمام الله ـ عز وجل ـ أن يخلصه من الذنوب والآثام بشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة إن الأبيات هي صادرة ومنبعثة من عاطفة صادقة حتى بدأت تؤثر على مسامع السامعين، ثم يبدو من أبياته أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ حينما كان يقول هذه الكلمات أو يكتبها فكان يتصور ويتخيل وهذا ما فعل في هذه الأبيات. وهذا هو أسلوب الأدباء الجاهلية كما ذكرت سابقا.

 

الأبيات كلتا يديك غِيَاٌث عَمَّ نَفْعُهُمَا حُزْتَ الْخَلَائِقَ بالإحسان كَالدِّيَمِ

 

أيا صاحب الوجه المَلِيْحِ حبيبنا ارفع نِقَابًا عن جَبِيْنٍ مُكَرَّمِ

 

دراسة الأفكارأولا: ملخص الأفكار وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصفات وذكر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أحسن إلى الأمة واستفادت الأمة بنفعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشبه نفعه بالمطر، كما أن المطر يفيد الجميع وكذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفاد الجميع ونفعهم.

 

ثانيا: الأفكار الرئيسية وما يتفرع منها:إحسان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكرمه على الأمة: وقد جعل الله ـ عز وجل ـ كلتا يديك مثل الغيث، إذا مطر فعم نفعه، وقد ضممت المخلوق كله (الثقلين) إلى نفسك بالإحسان والكرم والمن كالمطر المستمطر من الله ـ سبحانه وتعالى ـ. أيا صاحب الوجه الجميل حبيبنا وسيدنا ومرشدنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتضرع إليك برفع قناع ـ حائل بين جنابك ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين عاص جان من أمتك عن جبينك المكرم، ليتوسل بك إلى ربك ـ عز وجل ـ.

 

دراسة أدبية لأسلوب الأبيات أولا: الألفاظ والتراكيب مما لا بد من الإشارة إلى أن كلمات البيت تدل على فصاحتها وبلاغتها وذلك لأنها خالية من التنافر والغرابة ومخالفة القياس، ثم تنسيقها وتأليفها أيضا جيد حيث إن كل كلمة وضعت في مكانها المناسب، وهذا ما يقتضي من الأدباء عند صياغة الأبيات والأشعار. أما الأسلوب الذي سلك به في الأبيات المذكورة هو أسلوب سردي ووصفي حيث إن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصفات عديدة، وجاء لهذا المقصد بكلمات مناسبة. فهذا دليل على قوة أدبه ومهارته في فنه.

 

ثانيا: المعاني والصور والأخيلة البيت يدل على أنه صادر من عاطفة صادقة ومشاعر صادقة، ولذا بدأ يؤثر على مسامع السامعين، ثم لم يكتف بهذا وإنما شبه نفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمطر، وكأنه يقول: كما أن المطر يفيد الجميع وكذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفاد الجميع ونفعهم. فمثل هذا التشبيه الدقيق لا يمكن إلا إذا يكون الأديب بارعا، فثبت من هنا أن العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ كان بارعا وماهرا في فن الأدب.

حوالہ جات

  1. الحواشي والهوامش

     

    - ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان: 24.
  2. -بذل القوة في حوادث سني النبوة، المخدوم محمد هاشم التتوي، (1104هـ ـ 1174هـ)، تحقيق: حق النبي السندي الأزهري، دار الفتح للدراسات والنشر، ط: الأولى، عام 1437هـ /2016م، مصر.: ص 41.
  3. - بذل القوة في حوادث سني النبوة: ص 41.
  4. - المرجع السابق: ص 11.
  5. - المصدر نفسه: ص 157.
  6. - كفاية القاري، محمد هاشم بن عبدالغفور الحارثي، (1104هـ - 1174هــ)، تحقيق: الدكتور عبد القيوم بن عبدالغفور السندي، المكتبة الإمدادية، ط: الأولى عام 1428هـ / 2007م، مكة المكرمة.: ص 16.
  7. - الإيضاح في علوم البلاغة، محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي، جلال الدين القزويني الشافعي، المعروف بخطيب دمشق (المتوفى: 739هـ)، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل بيروت، ط: الثالثة، لبنان: 1/21.
  8. - الرسائل الأدبية، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)، دار مكتبة الهلال، ط: الثانية، عام 1423هـ، بيروت ـ لبنان: 243.
  9. - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، أبو محمد الحارث بن محمد بن داهر التميمي البغدادي الخصيب المعروف بابن أبي أسامة (المتوفى: 282هـ)، تحقيق: د. حسين أحمد صالح الباكري، ، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية - المدينة المنورة، ط: الأولى، 1413 – 1992: 1/471.
  10. - في النسخة الأصلية بلون أحمر "الذم" لكن مباشرة تحت تلك الكلمة كتب "الندم".

     

    المصادر والمراجع
Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...